logo

logo

logo

logo

logo

الحوالة المصرفية

حواله مصرفيه

bank draft - chèque bancaire

 الحوالة المصرفية

الحوالة المصرفية

هيثم الطاس

 مفهوم الحوالة المصرفية

الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية

أحكام الحوالة المصرفية

   

يُعدّ القطاع المصرفي من أهم القطاعات الاقتصادية في العالم، فهو يؤدي دوراً بارزاً في النشاط الاقتصادي لأي دولة من دول العالم، وتعد علاقة القطاع المصرفي مع القطاعات الأخرى علاقة تكاملية، بمعنى أن القطاع المصرفي يؤثر في القطاعات الاقتصادية المختلفة ويتأثر فيها، ويمكن القول إن تقدم الأمم يقاس بمدى تطور قطاعها المصرفي الذي يؤدي دوراً أساسياً في عمليات التنمية الاقتصادية لقيامه بتمويل أنشطة القطاعات المختلفة.

ويتجلى النشاط المصرفي من خلال عملياته المختلفة، ومنها الحوالة المصرفية فهي تقدم فائدة كبيرة لعملاء المصارف، إذ يؤدي إلى نقل الحقوق المالية من دون اللجوء إلى نقل النقود حسياً، ذلك أن تسوية المستحقات تتم من خلال المصارف المتداخلة في تنفيذ الحوالات.

وتتميز الحوالات المصرفية من غيرها من أساليب الدفع لكونها غير مكلفة وسريعة التنفيذ وسهلة الاستخدام من قبل المتعاملين، إضافة إلى ما تتمتع به من أمان نتيجة إجراءات المراقبة المتطورة لدى المصارف عند التنفيذ.

ومن هنا تأتي أهمية الخوض في تفاصيل الحوالة من خلال دراسة ماهيتها والبحث في آلية تنفيذها وآثارها وفقاً لما يلي:

أولاً- مفهوم الحوالة المصرفية:

لتحديد مفهوم الحوالة المصرفية لا بد من تعريفها ومعرفة أطرافها ومن ثم تناول التكييف القانوني لها.

1- تعريف الحوالة المصرفية:

عرّف قانون التجارة السوري رقم 33 لعام 2007 في المادة 203منه الحوالة المصرفية بأنها:«عملية محاسبية يقيد بموجبها، بناء على طلب طالب التحويل، مبلغ من النقود في حسابين مختلفين مفتوحين لشخص واحد أو لشخصين مختلفين لدى مصرف واحد أو مصرفين مختلفين وذلك على حساب طالب التحويل ولحساب المستفيد».

إذاً الحوالة المصرفية هي عملية قانونية يتم بموجبها تحويل مبلغ من النقود من حساب عميل أحد المصارف إلى حساب عميل آخر في المصرف نفسه أو في مصرف آخر، ويطلق على هذه العملية مسميات مختلفة تدل على المضمون ذاته، مثل: النقل في الحسابات، التحويل الحسابي، وهذا العمل مألوف لدى المصارف في أوربا منذ العصور الوسطى.

وغرض هذه العملية هو توفير استعمال النقود بأن تغني عن تداولها بالمناولة وانتقالها من يد إلى يد على نحو تكفي معه عملية القيد بالحسابات من دون حاجة إلى إخراج النقود وإدخالها من وإلى المصارف. وضمن مفهوم معنى الحوالة المصرفية نتصور أن هناك حسابين، أمر صاحب الحساب الأول المصرف أن ينقل منه مبلغاً معيناً إلى الحساب الثاني، فهذه العملية تسمى التحويل المصرفي على نحو يمكن تعريف التحويل المصرفي بأنه: «تصرف قانوني يصدر عن المصرف ويقيد كأثر له مبلغاً من النقود في الجانب المدين من حساب عميل له بناء على طلبه». وأنه إذا كان التحويل إلى حساب شخص آخر في مصرف آخر فتستطيل عملية التحويل إلى صدور تصرف قانوني عن المصرف الذي يتعامل معه المستفيد ليقيد المبلغ ذاته أو ما يساويه في الجانب الدائن.

وتتم عملية التحويل المصرفي بصور متعددة أبسطها أن تتم بواسطة مصرف واحد، ويفترض في هذه الصورة وجود حسابين للآمر بالتحويل والمستفيد في مصرف واحد، وبذلك تتم العملية بأن يقيد هذا المبلغ في حساب المستفيد زيادة في ذمته. وهذا ينطبق على أن يكون للآمر بالتحويل حسابان ويطلب أن يحول من أحدهما إلى الثاني مبلغاً معيناً، وهو ما جرى عليه العرف المصرفي والتعامل مع العملاء الذين يتعاملون بأكثر من حساب يخصص أحدها لأغراض خاصة.

وتتم عملية التحويل المصرفي أيضاً بواسطة مصرفين وبهذه الصورة يكون حساب الآمر وحساب المستفيد في مصرفين مختلفين غالباً ما تربطهما علاقة تعاون مباشرة، وعند ذلك يتم تحويل المبالغ التي أمر العميل بتحويلها بإحدى وسيلتين، هما: المقاصة والقيد الحسابي، وعملية القيد الحسابي بين مصرفين تتم عن طريق قيام مصرف الآمر بالتحويل بالقيد في الجانب المدين من حساب الآمر والجانب الدائن من حساب المصرف الذي به حساب المستفيد، ويخطر بذلك مصرف المستفيد الذي يجري فيه قيد المبلغ المطلوب تحويله في الجانب الدائن من حساب المستفيد والجانب المدين من حساب مصرف الآمر بالتحويل، وبعد إتمام عملية التحويل تسوى العلاقة بين المصرفين لأنه يفترض وجود حساب ومعاملات بينهما، وبغير ذلك تتم التسوية عن طريق مصرف ثالث يكون لكل منهما حساب لديه عن طريق غرف المقاصة.

أما الصورة الثالثة لعملية التحويل المصرفي فتتم بواسطة مصرف ثالث، وبها لا تكون هناك علاقة مباشرة بين مصرف الآمر بالتحويل ومصرف المستفيد، مما يتعين معه تدخل مصرف ثالث يقوم بتنفيذها على النحو الذي ذُكر سابقاً بالمقاصة أو القيد الحسابي.

الأصل أن يرد النقل على نقود وهو المألوف، لكن ليس هناك ما يمنع من أن ينصب على مثليات أخرى كالأوراق المالية؛ متى كانت غير معينة بذاتها أو كانت لحاملها.

أما القانون السوري فقد قرر أن التحويل المصرفي لا يرد إلا على مبلغ من النقود.

2- الرضا في الحوالة المصرفية:

يرى بعض الفقهاء أن عملية التحويل المصرفي رضائية بحتة، تتم بمجرد تراضي أطرافها الثلاثة (المصرف - المستفيد - الآمر) من دون الحاجة إلى إجراء مادي معين، وما القيد في الحساب إلا تنفيذ لعملية التحويل المصرفي.

ويرى فريق آخر من الفقهاء أن التحويل المصرفي عمل قانوني شكلي يرتب آثاره نتيجة قيود كتابية، فهو في نظرهم ليس عملية رضائية ولا عقداً، وإنما هو وسيلة لتنفيذ عقدين قائمين وسابقين على إجراء التحويل، وهما الوديعة أو فتح الاعتماد القائم بين المصرف والآمر من جهة، والاتفاق بين الآمر والمستفيد من جهة أخرى، ولهذا عندما يأمر الآمر المصرف بإجراء النقل، فإن المصرف لا يقبل النقل المعروض عليه، بل ينفذ التزاماً عليه أمام دائنه، وكذلك فإن المصرف عندما ينفذه لا يقبل إيجاباً ليبرم عقداً مع الآمر، وإنما ينفذ التزاماً عليه يفرضه العقد القائم بينه وبين عميله، أما المستفيد فيلزم أن يصرح بقبول النقل الحاصل بوصفه وسيلة لتسوية المعاملات بينه وبين الآمر.

والرأي الراجح أن الرضا إلزامٌ على جميع الأطراف، فرضا الآمر بالنقل من حسابه إلى حساب آخر يظهر بمجرد صدور أمر النقل عنه، ولو لم يكن قد وصل إلى علم المصرف، من دون أن يشترط شكلاً معيناً لهذا الأمر فقد يكون شفوياً وقد يتم إفراغه في محرر إذني آو سند اسمي أو قابل للتداول.

أما فيما يتعلق بالمستفيد فالأمر يختلف نوعاً ما، لأن عملية النقل قد تتم من دون علمه، كأن يرسل الآمر أمر التحويل إلى المصرف، فيقوم المصرف بقيد الأمر في الجانب المدين لحساب الآمر، ومن ثم يقيده في الجانب الدائن لحساب المستفيد، وبعد ذلك يرسل إشعاراً إلى المستفيد بحصول عملية التحويل، وهنا تظهر إرادة المستفيد، فإذا رفض المستفيد عملية التحويل، عدّت كأنها لم تكن، أما إذا وافق عليها صراحةً أو ضمناً، فقد تمت العملية من تاريخ القيد في الجانب الدائن لحساب المستفيد.

ويختلف الأمر فيما لو كان الآمر قد سلّم طلب التحويل للمستفيد نفسه، ليقوم هذا الأخير بطلب تنفيذه من المصرف، فموافقة المستفيد تكون مفترضة حتماً في هذه الحالة من طلب تنفيذ الحوالة.

أما المصرف فرضاه يكون بتنفيذ الأمر هو أمر لازم، يستفاد من تنفيذه عملية الحوالة، ولكن يثور فيما يتعلق برضا المصرف أن الرضا هنا ليس حراً، فالمصرف ليس حراً حرية كاملة وإنما ملزم بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من الآمر بمقتضى العقد المبرم بينهما، والذي يحدد شروط تنفيذ هذه الأوامر، ومنها مثلاً: كفاية الرصيد ومقدار مبلغ التحويل وشكل أمر التحويل وغيرها.

ومما لاشك فيه أن رضا المصرف لازم في كل عملية تحويل على حدة، فإذا رفض المصرف إجراء التحويل، عدّ مخلاً بالتزامه تجاه الآمر، وهو التزام بالقيام بعمل. في هذه الحالة يحل أمر القاضي محل القيد في تنفيذ الحوالة.

بيد أن القانون السوري قد عدّها عملية شكلية وذلك يستفاد من الوقت الذي حدده المشرع لاتمام العملية.

3- أطراف الحوالة المصرفية:

أ- طالب إصدار الحوالة Applicant: هو الشخص أو الجهة التي تأمر بنقل مبلغ معين من المال إلى المستفيد، ويكون عادة عميلاً للمصرف ويحتفظ بحساب لدى هذا المصرف، وقد يكون العميل مديناً للمستفيد وقد لا يكون كذلك، ويتم ذلك إما حسماً من حسابه لدى المصرف وإما بإيداع مبلغ مباشرة، ويسمى طالب التحويل آمراً. وهذا الطلب هو بمنزلة العقد بين طالب التحويل والمصرف المحول وهو الذي يحدد مسؤولياتهما حيال هذه الحوالة. ويوضح الطالب طريقة التحويل سواء أكانت بريدية أم تلكسية أم برقية أم هاتفية مع بيان واف عن الحوالة من حيث مقدارها ونوع العملة واسم المحول إليه وعنوانه، ويقوم طالب التحويل عادة بتوفير مقابل الحوالة سواء بدفعه مبلغاً نقدياً يقدمه إلى المصرف المحول أم بالطلب إلى المصرف بقيدها على حسابه الجاري/مدين أو في حسابه الجاري/الطلب.

ب- المصرف المحول Remitting bank: هو الذي يتلقى أمر الحوالة، فيقبض المبلغ المطلوب تحويله من عميله، ثم يقوم بتسليم ذلك مباشرة إلى المستفيد؛ أومن خلال مصرف آخر مراسل له يأمره بالسداد، ويعدّ وكيلاً عن طالب إصدار الحوالة ومسؤولاً عن تنفيذ تعليماته، ويعدّ مسؤولاً في حال تأخير الحوالة أو عدم إرسالها إذا تم ذلك بسبب إهمال واضح. ولكنه لا يعدّ مسؤولاً في حال التأخير إذا تم ذلك وفق الإجراءات المتبعة حسب العرف المصرفي.

ج- المصرف الدافع Paying bank: إذا كان حساب كل من طالب التحويل والمستفيد في المصرف ذاته؛ فإن عملية التحويل تتم بوساطة مصرف واحد، ويكون المصرف الآمر هو المصرف الدافع. أما إذا كان كل منهما له حساب في مصرف مختلف؛ فإن المصرف الدافع هو الذي يقوم بتسليم مبلغ الحوالة للمستفيد بناءً على طلب المصرف الآخر. وهناك علاقات متبادلة مصرفية بين المصرف المحول والمصرف الدافع وترتيبات ضرورية؛ وهو وجود مفتاح أرقام سرية متبادلة بينهما، وبوساطة هذا المفتاح يتم التأكد من التلكسات المتبادلة بينهما. كذلك هناك تبادل لشروط التعامل بينهما، وهذه الشروط تحدد العمولات بينهما والفوائد التي تستوفيها حسب الشروط الموضحة.

د- المصرف المغطي Covering bank: هناك مصرف مغطٍ في الحوالات الصادرة الموجهة إلى مصرف لدفع الحوالة حين لا يوجد حساب للمصرف المحول لدى المصرف الدافع. لذلك يصدر المصرف المحول أمر دفع إلى المصرف المغطي بدفع قيمة الحوالة إلى المصرف الدافع، وعادة يحتفظ المصرف المحول بحساب يتم الدفع من خلاله.

وتعدّ مسؤوليات المصرف المغطي تجاه المصرف المحول كمسؤوليات المصرف المحول تجاه طالب الحوالة. وليس ثمة التزامات على المصرف المغطي تجاه المصرف الدافع؛ وإنما المصرف المحول يلتزم تجاه المصرف الدافع بدفع قيمة الحوالة التي دفعها بناءً على تعليمات المصرف المحول إلى المستفيد.

هـ- المستفيد Beneficiary: هو الطرف الذي سوف يتسلم القيمة من المصرف الدافع، وتعد العلاقة بين طالب التحويل والمستفيد مستقلة عن تنفيذ الحوالة، وقد يكون المستفيد هو طالب الحوالة نفسه أو شخص ثالث، وقد تكون الحوالة في البلد نفسه الذي يقيم فيه كل من طالب الحوالة والمستفيد فيتسلمها المستفيد بالعملة نفسها، كما يمكن أن يتسلمها بعملة أخرى أجنبية إذا كان مقيماً في بلد أجنبي.

ثانياً- الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية:

اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية لهذه العملية باختلاف الأسس التي استندوا إليها، فمنهم من استند في تبيان الطبيعة القانونية إلى نظريات القانون المدني، ومنهم من استند في ذلك إلى أصول العرف المصرفي.

ولعل سبب ذلك الاختلاف هو النتائج التي استقر القضاء على ترتيبها في عملية التحويل المصرفي، ومنها الصفة النقدية لعملية التحويل التي تقتضي أن تكون علاقة المستفيد بالمصرف مستقلة عن أي علاقات أخرى سابقة بين ذوي الشأن، وكذلك أن تقع نتائج الغلط في التنفيذ أو التأخير على المصرف باعتبار المصرف هو الطرف المتخصص في الأعمال المصرفية، ويتحمل بالتالي مسؤولية صحة تنفيذ هذه العملية وفقاً لما تقضي به الأعراف المصرفية.

وفيما يلي أهم النظريات التي استند إليها الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية:

1- نظرية حوالة الحق:

يجوز للدائن أن يحول حقه إلى شخص آخر؛ إلا إذا حال دون ذلك نص القانون؛ أو اتفاق المتعاقدين؛ أو طبيعة الالتزام، وتتم الحوالة من دون الحاجة إلى إرضاء المدين.

وفيها يتفق الدائن مع أجنبي على أن يحول له حقه الذي في ذمة المدين، فيحل الأجنبي محل الدائن في هذا الحق نفسه بجميع مقوماته وخصائصه، ويسمى الدائن محيلا؛ً لأنه يحيل الأجنبي بالحق الذي له على المدين، ويسمى الأجنبي - وهو الدائن الجديد - محالاً إليه؛ لأن الدائن أحال إليه الحق، ويسمى المدين محالاً عليه؛ لأن الدائن الأصلي أحال عليه الدائن الجديد.

ويقول الفقهاء الذين يفسرون الحوالة المصرفية بحوالة حق إن الآمر يأخذ وضع المحيل، في حين يؤدي المصرف دور المحال عليه، ويكون المستفيد بمنزلة المحال إليه.

ويؤخذ على هذه النظرية أنها تستلزم لإتمام التحويل اتخاذ إجراءات حوالة الحق المنصوص عليها في القانون المدني، وهذا يتناقض مع التبسيط الذي تستلزمه الحوالة المصرفية، كما أنها تسمح للمصرف أن يتمسك حيال المستفيد بالدفوع التي كانت له قبل الآمر فيما لو عُدّت حوالة حق.

وهذا ما يجعل هذه النظرية غير صالحة لتفسير الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية مما أدى إلى هجرها.

2- نظرية الإنابة الكاملة:

تتم الإنابة إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي يلتزم بوفاء الدين مكان المدين، ولا تقتضي الإنابة أن تكون هناك مديونية سابقة ما بين المدين والأجنبي،  فإذا اتفق المتعاقدون في الإنابة على أن يستبدلوا بالتزام سابق التزاماً جديداً؛ كانت هذه الإنابة تجديداً للالتزام بتغيير المدين، ويترتب عليها أن تبرئ ذمة المنيب قبل المناب لديه، على أن يكون الالتزام الجديد الذي ارتضاه المناب صحيحاً؛ وإلا يكون المناب معسراً وقت الإنابة.

فالإنابة تفترض اشتراك ثلاثة أشخاص:

المُنيب وهو المدين الذي ينيب شخصاً أجنبياً ليفي الدين إلى الدائن، المناب وهو الشخص الأجنبي الذي ينيبه المدين ليفي الدين إلى الدائن،المناب لديه وهو الدائن الذي يُنيب المدين الشخص الأجنبي لديه ليفي له الدين.

فيمثل الآمر تبعاً لهذه النظرية دور المنيب، والمستفيد هو المناب لديه، أما المصرف فهو المناب، وعدّوا أن هذه الإنابة إنابة كاملة، فهي إذ تجدد الدين، فلا يكون للمناب (المصرف) التمسك حيال المناب لديه (المستفيد) بأي دفوع سابقة، وفي هذه الحالة يبرأ المنيب (الآمر) من دينه حيال المناب لديه المستفيد، ويحل المصرف محله ويصبح مديناً للمستفيد.

لكن اختلاف مركز المصرف في عملية التحويل المصرفي عن مركز المناب يقدح في صحة هذه النظرية، فالمصرف هنا لا يلتزم التزاماً إضافياً كما هو وضع المناب، وإنما يقتصر دوره على نقل المبلغ موضوع العملية من حساب إلى آخر من دون أن يطرأ أي تغيير على وضعه المالي، خلافاً لما هو الأمر عليه في الإنابة، كما أن هذه الفكرة تعجز عن تبرير خضوع حق المستفيد الناشئ من النقل المصرفي لقواعد الوديعة المصرفية، وتعجز عن تبرير الطبيعة القانونية في حالة الحوالة بين حسابين لشخصين مختلفين في مصرفين مختلفين؛ إذ إن مصرف الآمر لا يعدّ مناباً، لأنه لا يلتزم بشي حيال المستفيد، وإنما يقتصر دوره على أن يطلب من مصرف المستفيد أن يقيد مبلغ الحوالة في الجانب الدائن لحساب المستفيد لديه. أما مصرف المستفيد فهو ليس مناباً؛ وذلك لانتفاء العلاقة بينه وبين الآمر فهو ليس مديناً له.

3- نظرية الوكالة:

الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل ويكون الوكيل ملزماً بتنفيذ الحوالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة ويفرق أنصار نظرية الوكالة في تفسير الحوالة المصرفية بين حالة النقل بين حسابين لشخصين في مصرفين وبين حالة النقل الذي يتم بين حسابين لشخص واحد

أ- بفرض أن العملية تتم بين حسابين لشخصين في مصرفين: يأخذ النقل المصرفي أحد شكلين:فهو إما أن يتم عبر تسوية مباشرة بين المصرفين المعنيين، أو أن يتم عبر حسابين لكل من المصرفين لدى مصرف ثالث.

ذهب الفقه في هذا الصدد إلى أن مصرف الآمر هو الملتزم الأساسي في هذه العملية، فهو يقدم المبلغ لمصرف المستفيد، ويعدّ هنا مصرف المستفيد بمنزلة وكيل عن مصرف الآمر في تمام العملية.

أما في حالة كون النقل تم عن طريق حسابين لدى مصرف ثالث، يطلب مصرف الآمر من المصرف الوسيط إجراء تحويل بالمبلغ من حسابه إلى حساب مصرف المستفيد، وهنا يقع على مصرف المستفيد أن يقوم بقيد المبلغ المنقول في الجانب الدائن لحساب المستفيد لديه، أي إن مصرف المستفيد يعدّ وكيلاً عن المستفيد.

وقد تعرضت هذه النظرية لعديد من الانتقادات، منها أن مصرف الآمر لا يعدّ وكيلاً عن الآمر، وإنما ينفذ التزاماً تجاهه، يفرضه عليه عقد الحساب، وكذلك الأمر في الحالة الثانية، إذ إن مصرف المستفيد ينفذ التزاماته تجاهه بمقتضى عقد الحساب أيضاً.

ب - بفرض أن النقل يتم بين حسابين لشخص واحد: قد يكون هذا النقل بين حسابين لشخص واحد لدى المصرف نفسه، وقد يكون بين حسابين لشخص واحد لدى مصرفين مختلفين.

ففي الحالة الأولى لا تثور مشكلات، إذ يقوم المصرف بنقل المبلغ من أحد الحسابين لديه إلى حساب آخر لديه أيضاً، فإذا كانت هذه العملية مسموحاً بها بمقتضى العلاقة بين المصرف وعميله، فالأمر هنا مبرر، والقصد منه تجديد الدين، ويقتصر دور المصرف في هذه الحالة على القيام بدور الوكيل عن الآمر.

أما في حالة كون الحسابين لدى مصرفين مختلفين، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن عملية النقل تتضمن عمليتين: الأولى يقوم بمقتضاها مصرف الآمر بدور المناب، ويكون الآمر منيباً، والمصرف الثاني بمنزلة مناب لديه. والعملية الثانية يكون المصرف الثاني بمنزلة مناب، من قبل المنيب (الذي هو الآمر نفسه)، ولعل هذا الرأي يقوم على الإفراط في اللجوء إلى نظرية الإنابة لتبرير الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية، في حين يمكن عدّ كل من المصرفين بمنزلة وكيل عن صاحب الحسابين، فينفذ المصرف الأول ما طلبه الآمر منه، وينفذ المصرف الثاني ما طلبه منه المستفيد (الذي هو الآمر نفسه) من دون الحاجة إلى الدخول في تعقيدات نظرية الإنابة.

4- النظرية الشكلية:

ذهب جانب من الفقه إلى ما يؤيده بعض الفقهاء والقضاء الحديث؛ من أن أياً من نظريات القانون المدني لا تصلح لشرح الطبيعة القانونية للحوالة المصرفية، فهي عملية تخضع تماماً لأصول الفن المصرفي وأعرافه، إذ إن جوهر العملية هنا هو نقل مبلغ من حساب إلى آخر، وهذا النقل يتم بمجرد القيد كما سبق ذكره، فالأمر يتعلق بكيفية تداول النقود القيدية، والقواعد المصرفية التي تحكم هذا التداول هي التي تحكم العلاقة بين الأطراف ذوي الشأن، فعملية التحويل المصرفي في هذا المعنى ليست عملية رضائية ، وإنما هي عملية شكلية تتم بالقيود الكتابية التي تعدّ أساس العملية كلها، وقد شبه الفقهاء ذلك بالنقود الحقيقية، فلا ينصرف حق أي من الأطراف إلا بالتسليم، فالقيد هو بمنزلة التسليم.

ثالثاً- أحكام الحوالة المصرفية:

دراسة أحكام الحوالة المصرفية يعني البحث في آلية تنفيذها التي تختلف باختلاف نوعها، وإمكانية وقف تنفيذ أمر التحويل، وتحديد وقت إتمام عملية النقل المصرفي، ومن ثم آثارها. وسيتناول البحث أيضاً الحوالة المصرفية في حالة الإفلاس، ومن ثم يتطرق بإيجاز إلى موقف المصارف الإسلامية من الحوالة المصرفية.

1- أنواع الحوالات المصرفية وتنفيذها:

الحوالات إما أن تكون صادرة وأما واردة وأما دورية، كما يمكن التحويل بأسلوب الشيكات المصرفية.

أ- الحوالات الصادرة: هي أمر دفع يصدر عن أحد المصارف بناء على طلب عميله إلى أحد فروعه أو أي مصرف آخر داخل الدولة أو خارجها ويسمى المصرف الدافع؛ إذ يقوم الأخير بدفع مبلغ من المال إلى شخص آخر يسمى المستفيد.

(1) الحوالات الصادرة الداخلية: هي أوامر الدفع أو التحويل التي يتلقاها المصرف المحلي من عملائه لدفع مبالغ معينة إلى طرف آخر؛ أي المستفيد في البلد نفسه، أي إن كلاً من الآمر والمستفيد يقيم في البلد نفسه. ويتم دفع هذه المبالغ بأحد أسلوبين:

- إما عن طريق فرع آخر للمصرف نفسه.أو عن طريق فرع لمصرف آخر يختلف عن مصرف الفرع المحول.

- دفع الحوالات من خلال فروع المصرف نفسه: قد يكون المستفيد محتفظاً بحساب لدى فرع المصرف وقد لا يكون لديه حساب لدى أي من الفروع ولكنه يتواجد في مكان فرع آخر للمصرف المحول نفسه. وتتم تسوية هذه الحوالات من خلال المركز الرئيسي للمدفوعات (DPC) حيث تحتفظ جميع فروع المصرف بحسابات لديه، وتتم تسوية هذه الحوالات من خلال نظامين:

ŸŸ النظام اليدوي: يستعمل هذا النظام في حال عدم ربط الفروع بعضها ببعض offline إذ تتم العملية يدوياً على أن يرسل الفرع المحول إشعاراً خطيا ً إلى المركز الرئيسي للمدفوعات DPC يتم من خلاله قيد القيمة من قبل المركز الرئيسي على حساب الفرع المحول (-) ولحساب الفرع الدافع (+)، كما يرسل المصرف المحول تعليمات مفصلة إلى المصرف الدافع عن تنفيذ الحوالة.

ŸŸ النظام الآلي: نتيجة لانتشار أساليب ربط الفروع بعضها ببعض نتيجة التقدم التقني أصبح بالإمكان ربط الفروع إلكترونياً on-line وبتكاليف أقل من النظام اليدوي. إن عدم ربط الفروع إلكترونياً يؤدي إلى البطء الشديد في تنفيذ الحوالات وعدم إصدار البطاقات الإلكترونية ATM، مما يؤدي إلى فقدان جزء كبير من العملاء. وبموجب هذا النظام يستطيع أي فرع أن يقيد الحوالات على حساب (-) أو لحساب (+) أي عميل لدى أي فرع آخر وذلك من خلال مركز المدفوعات المحلي DPC الذي يربط جميع الفروع بجهاز الكمبيوتر الرئيسي. ويتحدد عدد مراكز المدفوعات المحلية وفقاً لحجم عمليات الفروع، فمثلاً يمكن تقسيم الفروع إلى عدة مراكز بحيث يرتبط عدد معين من الفروع بمركز واحد يربط بينها جهاز كمبيوتر رئيسي، وهذا الجهاز يمكن ربطه بمصارف أخرى أو بالمصرف المركزي وذلك لإجراء المقاصة بين المصارف.

- الحوالات التي تدفع من خلال فروع مصارف أخرى: في هذه الحالة يكون المستفيد متواجداً في مكان آخر وليس هناك فرع للمصرف الآمر فيه، أو أن المستفيد لديه حساب لدى المصرف الآخر. ويتم تنفيذ هذه الحوالة إما بوساطة النظام اليدوي وإما بوساطة النظام الآلي كما يلي:

ŸŸ النظام اليدوي: يعتمد ربط المصارف على مدى تطور نظام المدفوعات الوطني الذي تطبقه السلطات النقدية (المصرف المركزي)، وقد أصبح تحديث هذا النظام ضمن الأولويات التي تطرحها السلطات الوطنية لما لها من علاقة وطيدة بتطور أسواق المال وأسواق رأس المال. وتتم تسوية قيمة هذه الحوالات المحلية حسب هذا النظام وفقاً للعلاقة المصرفية بين مصرف الفرع الآمر ومصرف الفرع الدافع وذلك بأحد الأسلوبين:

الأسلوب الأول:

- وجود حساب لأحد المصرفين لدى المصرف الآخر:وتتم بأن يرسل فرع المصرف المحول إشعاراً خطياً إلى مركز مدفوعاته الرئيسي؛ والذي بدوره يرسل إشعاراً خطياً إلى مركز المدفوعات الرئيسي للفرع الدافع يعلمه بقيد المبلغ لحسابه، وبعدها يرسل هذا المركز التعليمات إلى فرعه بدفع الحوالة إلى المستفيد؛ وأنه قيد الحوالة لحسابه بالمركز.

الأسلوب الثاني:

- عدم وجود حساب بين المصرفين: وتتم تسوية الحوالات من قبل المراكز الرئيسية للمدفوعات في هذه الحالة بواسطة المصرف المركزي (سلطة النقد) الذي تحتفظ جميع المصارف المحلية بحسابات لديه.

ŸŸ النظام الآلي: إن أحد التحديات التي تواجه الدول النامية هو تحول نظام المدفوعات الوطني إلى نظام آلي يتلاءم مع حاجات الأسواق المالية المتطورة وتلبي حاجات العملاء. وتعتمد المؤسسات المالية لتسوية المدفوعات المالية أدوات مثل: الشيكات وأوامر التحويل وعمليات البطاقات الإلكترونية. وقد نشأت عدة أدوات لتسديد عمليات الدفع بسبب التطور في أجهزة الكمبيوتر بحيث أدخلت تطوراً في طرق تسديد عمليات الدفع وكذلك في أنظمة التسجيل وبث المعلومات، وأهم هذه الطرق مايلي:

أ - تسلّم أوامر خطية وإصدار إشعارات خطية نتيجة التنفيذ: إن أساس هذا الأسلوب هو استعمال نموذج معدّ لهذه الغاية مثل نموذج التحويل والشيك الذي تسجل المعلومات الواردة فيه إلكترونياً بواسطة ترميز coding، هذه المعلومات تسجل في سطر واحد يطبع في أسفل النموذج، وهذا النموذج يعتمد على تحويل المعلومات الواردة في المستندات إلى رموز يتم قراءتها من قبل الأنظمة الآلية مثل نظام (OVR) Optical Voucher Reader ويتم تنفيذها آلياً.

ب - تسلّم أوامر خطية وتنفيذها بوساطة التصوير الإلكتروني: يعتمد هذا الأسلوب على تصوير المستندات بوساطة أجهزة إلكترونية، وتنفذ هذه المعلومات المصورة في وحدة مراقبة وتظهر على شاشات الكمبيوتر لأغراض عمليات التصحيح. وهذا الأسلوب يعتمد على التصوير ولا يحتاج إلى عمليات الترميز أو استعمال برامج (OVR).

ج- تسلّم الأوامر إلكترونياً وتنفيذ الحوالة إلكترونياً: يتم هذا الأسلوب عن طريق بث أوامر الدفع إلكترونياً إلى مراكز الدفع الرئيسية للمصارف وذلك من خلال غرفة المقاصة، وتنفذها برامج تدعى (DCE) Data Carrier Exchange.

د- تسلّم أوامر الدفع بوساطة سويفت: يمكن استعمال نظام سويفت نظام مقاصة آلياً لأوامر الدفع بين المصارف المحلية، وقد استعمل نظام السويفت في بعض أنظمة المقاصة الأوربية؛ أي بين الدول الأوربية وليس فقط بين المصارف المحلية.

(2) الحوالات الصادرة الخارجية: الحوالة الصادرة الخارجية هي أمر دفع يصدر من قبل المصرف المحلي بناءً على طلب عميله إلى مصرف مراسل في الخارج لدفع مبلغ معين إلى مستفيد محدد.ويلاحظ أن هذه الحوالة تختلف عن المحلية بأنها - تستعمل العملات الأجنبية والأكثر شيوعاً كالدولار والإسترليني واليورو والفرنك السويسري والين الياباني - مكان المستفيد في الخارج، ويتم دفعها بوساطة مصرف في الخارج.

أساليب دفع الحوالة الأجنبية (الخارجية)

- وجود حساب للمصرف المحلي مع المصرف المراسل (الدافع) بالعملة نفسها: يدفع المصرف المراسل قيمة الحوالة إلى المستفيد؛ وبالمقابل يقيد القيمة نفسها على حساب المصرف المحلي (-) طالب إصدار الحوالة.

- عدم وجود حساب للمصرف المحلي مع المصرف المراسل: في هذه الحالة يصدر المصرف المحلي الرسائل التالية:

- أمر تحويل إلى المصرف المراسل الموجود في بلد المستفيد لدفع الحوالة.

- أمر تحويل إلى المصرف الذي يوجد لديه حساب للمصرف المحلي بعملة الحوالة لدفع القيمة إلى المصرف المراسل الذي وجهت إليه الحوالة. وهذا المصرف الذي يحول القيمة إلى المصرف الدافع هو المصرف المغطي، والرسالة التي وجهت إليه - أي أمر التفويض بالدفع - تسمى برسالة التغطية.

- وجود حساب للمصرف المحلي مع المصرف الدافع بعملة مختلفة: في هذه الحالة يتم مايلي:

- أمر تحويل إلى المصرف المراسل الموجود في بلد المستفيد لدفع الحوالة للمستفيد، وفي الوقت نفسه تفويضه بقيد القيمة المقابلة لقيمة الحوالة بعملة الحساب المفتوح لديه على حسابه (-)؛ أي على حساب المصرف المحول.

- أمر تحويل إلى المصرف الذي لديه حساب للمصرف المحلي بعملة الحوالة لدفع المبلغ إلى المصرف المراسل الذي وجهت إليه الحوالة. وهذا المصرف هو المصرف المغطي، وهو الذي يدفع مبلغ الحوالة للمصرف المراسل بموجب رسالة تغطية.

ب- الحوالات الواردة: يكون فيها المصرف الذي وردت إليه هو المصرف الدافع، ذلك لأنه يقيد قيمتها لحساب المستفيد. وبالتالي هي أوامر دفع متسلمة من مصرف أجنبي أو محلي لدفع مبلغ معين إلى مستفيد مبين اسمه وعنوانه ورقم حسابه مع المصرف الذي يتعامل معه، وهي قسمان:

(1) الحوالات الواردة الداخلية: هي التي ترد إلى المصرف من أحد الفروع داخل حدود الدولة أو من خارجها. فقد أنشأت المصارف مراكز مستقلة لإصدار الحوالات واستقبالها، وتختلف المصارف فيما بينها من حيث الربط بين جميع الفروع من جهة وبين المصارف المحلية المختلفة من جهة أخرى آلياً on-line وهذا يعتمد على مستوى التطور في نظام المدفوعات الوطني المطبق بإشراف السلطات النقدية (المصرف المركزي). وهناك عدة أساليب لتسلم الحوالات وتنفيذها وهي كما يلي:

q تسلّم الحوالة وتنفيذها يدوياً:

يتسلم مركز الحوالات في المصرف أوامر الدفع الواردة من فروع المصرف أومن مصارف أخرى ويتم تنفيذها كما يلي:

qq أوامر الدفع الواردة من الفروع: إذا كان أمر الدفع سينفد من خلال الفرع عندها يصدر المركز أمراً خطياً للفرع لإجراء الدفع وإذا كان أمر الدفع سينفد من خلال مصرف آخر؛ فإن المركز يصدر أمراً خطياً إلى مركز هذا المصرف لإجراء الدفع من خلال فرعه أو الفرع الذي يحتفظ المستفيد لديه بحساب.

qq أوامر الدفع الواردة من المصارف: يتسلّم مركز الحوالات في المصرف الحوالات الواردة ويصدر مقابلها أوامر دفع إلى الفرع المكلف لدفع القيمة للمستفيد. ويقوم هذا الفرع بقيد القيمة لحساب المستفيد (+) إذا كان لديه حساب في هذا الفرع، أو يرسل إليه إشعاراً خطياً إن لم يكن لديه حساب في هذا المصرف.

q تسلّم الحوالة وتنفيذها آلياً: إن تنفيذ الحوالة آلياً يعني أن تتم من خلال الكمبيوتر الذي يعمل على ربط مركز المصارف والفروع المختلفة بعضها ببعض.

q تسلّم الحوالات من الفرع: (المصرف نفسه) ينفذ الفرع الحوالة كما طلب عميله، ويدخل هذه المعلومات المتعلقة بالحوالة في برامج الكمبيوتر، وتنتقل هذه المعلومات تلقائياً إلى مركز الحوالات لينفذها الفرع إلى الفرع الآخر، وبعدها يتم قيدها على حساب المستفيد وذلك من خلال معرفة رقم حسابه. وفي حال عدم وجود رقم حساب لدى الفرع المعني فإن القيمة تحول إليه من خلال الكمبيوتر وتوضع في حساب مؤقت حوالات واردة معلقة.

- دفع الحوالات من خلال مصارف محلية: إذا كان المستفيد يحتفظ بحساب لدى مصرف آخر أو متواجد في دائرة فرع مصرف آخر؛ فإن المصرف الذي تسلم الحوالة سوف يدفعها من خلال مركز المصرف الآخر، وتتم هذه العملية يدوياً في حال عدم الربط الإلكتروني بين المصارف؛ وفي حال وجود الربط تتم آلياً من خلال غرفة المقاصة.

(2) الحوالات الواردة الخارجية أو الأجنبية:

وهي التي ترد من خارج حدود الدولة إلى المصرف الدافع، وهي ذات عائد كبير للعملات الأجنبية لتأثيرها في ميزان المدفوعات. تتسلم المصارف المحلية الحوالات الأجنبية بواسطة سويفت بالعملة الأجنبية أو المحلية ويتم التأكد قبل تنفيذ الحوالة مما يلي:

¦ رسائل سويفت متسلمة على نحو صحيح.

¦ صحة تفاصيل الحقول وخاصةً الحقل المخصص للمصرف المتسلم. - وجود اسم المستفيد وعنوانه ورقم حسابه.

¦ وجود رصيد كافٍ للمصرف المرسل إذا كان يحتفظ بحساب لدى المصرف الدافع.

- تنفيذ الحوالة الواردة الأجنبية: هذه الحوالات يتم دفعها إما من خلال فرع المصرف متسلم الحوالة أومن خلال مصرف آخر، ففي الحالة الأولى يقوم المركز بإصدار أمر خطي إلى الفرع لإجراء الدفع، وفي الحالة الثانية يصدر المركز أمراً خطياً إلى مركز هذا المصرف الآخر لإجراء الدفع من خلال فرعه أومن خلال مركز إصدار الحوالات وتسلّمها. أما إذا كان هناك ربط آلي ففي الحالة الأولى ينتقل الأمر عبر الكمبيوتر آلياً إلى مركز الحوالات لينفذها إلى الفرع الآخر. ويتم قيدها على حساب المستفيد إذا كان له حساب ،وإن لم يكن له حساب يتم قيدها في حساب مؤقت حوالات واردة معلقة. وإذا كان المستفيد له حساب لدى مصرف آخر فإن المصرف الذي تسلّم الحوالة سوف يدفعها من خلال مركز الفرع الآخر، ويتم ذلك من خلال الربط الآلي عن طريق المقاصة. فإذا وردت بالعملة المحلية فإن المصرف المحلي يطلب من المصرف الأجنبي قيد القيمة المقابلة بالعملة الأجنبية لحسابه.

ج- الحوالات الدورية: يحتاج المرء أحياناً إلى تحويل مبالغ شهرية أو بتواريخ محددة وفقاً لمتطلبات حاجاته، فيطلب من المصرف أن يقدم له خدمة مصرفية في بند الحوالة تتضمن أن يحول مبالغ نقدية شهرياً أو في تاريخ معين من كل شهر؛ بموجب تفويض موقع منه يبين فيه موعد التحويل ومقدار الحوالة واسم المستفيد وعنوانه وأي تفاصيل أخرى، وتمثل هذه الحوالات في الغالب من الأحيان رواتب موظفي الشركات في الخارج، أو مخصصات الطلاب من أولياء أمورهم أو مخصصاتهم من الجهة الموفدة لهم إذا كانوا في بعثة علمية.

ولا تختلف إجراءات تنفيذ الحوالات الدورية الخارجية أو الداخلية الصادرة أو الواردة عن الإجراءات التي ذُكرت آنفاً.

وهذه الحوالات تتم بأوامر مستديمة يصدرها العميل عندما تنصب على عدة عمليات يحدد مواعيدها، وقد يصدر العميل أمراً واحداً يتضمن تفويض المصرف بإجراء تحويلات منتظمة في مواعيد يحددها، وقد يصدر عدة أوامر ينفذ كل واحد منها بالموعد المحدد فيه.

ويمكن للعميل الاحتفاظ بحقه بوقف تنفيذ الأمر في أي وقت يشاء إلا أن يكون في ذلك حق المستفيد، كأن يكون الآمر بالدفع أو المصرف الدافع قد أخطر المستفيد بأمر التحويل، وعندما يكون هذا الأمر مكتوباً فيه عدد المرات التي أمر العميل أن يجريها؛ فإنه بهذه الحالة لا يجوز للآمر أن يرجع عن أمره، وإن فعل وطلب من المصرف المأمور بالدفع ألا يدفع؛ يتعين على هذا الأخير رفض الطلب.

د- التحويل بأسلوب الشيكات المصرفية: إن تلبية طلبات عملاء المصارف بدقة وسرعة تعد وسيلة من وسائل تسويق الخدمات المصرفية، وتلبي المصارف طلبات عملائها عن طريق قسم الحوالات عندما تصدر لهم شيكات مصرفية تصرف من فروع المصرف أو من مصارف أخرى.

والمصرف الذي يلبي رغبة عميله ويصدر شيكاً على مؤسسة مصرفية أخرى داخل حدود الدولة أو خارجها يعد بمقتضى هذا الشيك ساحباً، والمصرف الذي سيدفع هو المسحوب عليه، والمستفيد هو الطرف الثالث في هذه العملية.

ويعرّف الشيك المصرفي بأنه أمر دفع غير معلق على شرط يصدره المصرف الساحب، ويوجه هذا الأمر إلى أحد فروعه في الداخل أو الخارج أو إلى أحد مراسليه ويأمره بأن يدفع مبلغاً من النقود عند الاطلاع.

ويفضل العملاء اللجوء إلى هذه الوسيلة بدلاً من عملية التحويل؛ ذلك لأن الشيكات المصرفية سيسهل تداولها وصرفها عن طريق التظهير، وتؤدي الدور ذاته الذي تؤديه الحوالة، ويجري العمل لغايات إصدار الشيكات المصرفية بحسب ما إذا كان عميل المصرف هو الذي سيرسل هذه الشيكات إلى المستفيد أم المصرف سيتولى ذلك، والغالب أن تسلم الشيكات إلى المشتري (طالب التحويل) ليقوم بدوره بإرسالها إلى المستفيد.

وتحكم علاقات الأطراف في الشيكات المصرفية ذات القواعد القانونية التي وردت في قانون التجارة، ومنها التسطير والتظهير والتقادم.

وبخصوص الإجراءات المتبعة لإصدار شيك مصرفي فلا تختلف عن إجراءات إصدار الحوالة والتي تبدأ بتحرير نموذج طلب إصدار شيك يتضمن جميع التفاصيل مع تحديد إقامة المستفيد وبعد ذلك إجراء القيود الدفترية لغايات محاسبية. ثم ينظم الموظف إشعاراً بسحب الشيك إلى المصرف المسحوب عليه حسب نموذج معدّ لهذه الغاية يعلمه بسحب الشيك عليه، ويسجل عملية إصدار الشيك في سجل خاص، وبعد ذلك يتم توقيع الشيك من المخولين بالتوقيع ويسلم إلى المشتري (طالب الإصدار) الذي يرسله بدوره إلى المستفيد إذا لم يكن هو المستفيد من الشيك.

ويختلف الشيك المصرفي عن الشيك المصدق في أن الأول ورقة تجارية يعدّ الساحب فيها المصرف ذاته؛ في حين أن الساحب بالشيك المصدق هو أحد عملاء المصرف، وبناء على طلب المستفيد من الشيك يلجأ الساحب (عميل المصرف) إلى المصرف المسحوب عليه ليطلب منه ضماناً للشيك بأن رصيده محجوز إلى حين تقديم الشيك للوفاء، وبهذه الحالة يعلق المصرف من حساب عميله قيمة الشيك الذي صدقه على نحو يعدّ المصرف بذلك مديناً أصلياً للمستفيد من الشيك.

ويختلف الشيك المصرفي عن الحوالة في أن المستفيد من الشيك يستطيع صرفه من أي مصرف يختاره، في حين لا تصرف الحوالة إلا من المصرف المرسلة إليه (المصرف الدافع) أو (المصرف المغطي)، كما أن الشيك يمكن تظهيره ونقل ملكية الحق الثابت به إلى الغير؛ في حين لا يمكن تظهير الحوالة وتصرف للمستفيد فقط.

والشيك لا يصرف بعد انتهاء مدة تقديمه للوفاء إلا بموافقة المصرف المسحوب عليه؛ في حين يمكن صرف الحوالة في أي وقت، والشيك يتضمن بيانات إلزامية ورد النص بشأنها في القانون، أما الحوالة فليس لها شكل محدد وتأتي بأي نص ولا يشترط أن يكون خطاباً مكتوباً، وبخصوص الشيك المصرفي فإن إرساله إلى المستفيد يتم بواسطة طالب الإصدار (المشتري)، أما الحوالة فترسل إلى المستفيد بوساطة المصرف الدافع.

أ- وقف تنفيذ أمر التحويل: يجوز للآمر الرجوع عن أمر التحويل الذي وجهه إلى المصرف، إذا لم يكن قد نفذ الأمر بعد، وفي حال أفلس الآمر فإن ذلك لا يحول دون تنفيذ الأمر إذا قدمه المستفيد للمصرف قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس.

أما في الحالة التي يكون فيها الرصيد في حساب الآمر غير كافٍ، وكان أمر النقل موجهاً مباشرة إلى المصرف؛ فقدجاز للمصرف عندئذ أن يرفض تنفيذ الأمر على أن يخطر الآمر مباشرة بهذا الرفض.

أما إذا تقدم عدة مستفيدين إلى المصرف جملة واحدة، وكانت قيمة الأوامر التي قدموها تزيد على رصيد الآمر، كان من حقهم أن يطلبوا توزيع هذا الرصيد الناقص فيما بينهم بنسبة حقوقهم قسمة الغرماء، وليس للمصرف أن يقوم بهذا التوزيع إلا في يوم العمل التالي ليوم تقديم هذه الأوامر.

أما الحالة الثانية المتعلقة بحالة عدم كفاية رصيد الآمر من جرّاء تقديم عدة طلبات للتحويل دفعة واحدة؛ فقد أضافت عبارة ضرورة دعوة الآمر إلى تكملة رصيده في يوم تقديم الطلبات.

ب - تاريخ إتمام النقل المصرفي: لتحديد تاريخ إتمام عملية التحويل أهمية كبيرة، تبدو حال إفلاس أحد أطراف العملية، الأمر الذي قد يؤثر في صحتها أو في نفاذها، إذ إنه لا ينفذ الأمر الذي يكون قد أصدره آمرٌ شُهر إفلاسه، قبل أن تتم عملية التحويل بتلاقي إرادات أصحاب الشأن في النقل، وكذلك قد تنشأ بين المصرف والآمر علاقات قانونية تخول المصرف أن يرفض إتمام تنفيذ التحويل، كما لو أصبح دائناً للآمر قبل إتمام التحويل وأراد التمسك بالمقاصة.

وتعددت الآراء في مجال تحديد تاريخ إتمام الحوالة، فقد ذهب فريق إلى أن عملية التحويل تحتاج إلى تراضٍ بين الأطراف؛ وإجراء قيود كتابية في الحسابين، فالآمر يبدي رغبة في النقل ثم يليه رضا المصرف وبعده رضا المستفيد، لكن أحياناً يقدم رضا المستفيد على المصرف، وذلك عندما يأخذ المستفيد أمر النقل بنفسه إلى المصرف، لكن لو رفض المستفيد النقل عندها لا يكون للنقل أي أثر، ويعدّ كأنه لم يكن، حتى لو كان الرفض بعد موافقة المصرف.

والغالب هنا أن القبول يعتمد على وقت إجراء القيد باعتبار المصرف وكيلاً عن المستفيد، لأن الحساب المفتوح باسم العميل يقبل بطبيعته دخول أي مبلغ فيه. أما إذا تدخل في تنفيذ النقل مصرفان؛ فإن العملية تتم في وقت قبول المصرف الثاني، أي مصرف المستفيد، أي من وقت قيدها في حساب المستفيد. والمصرف الثاني لا يقوم بإجراء هذا القيد إلا عندما يقبل أن يكون مديناً أمام المستفيد، أي عندما يتلقى قيمة القيد من المصرف الآمر.

أما إذا حصلت العملية بين فرعين لمصرف واحد، فتكون قد تمت بمجرد قيدها في الجانب المدين لحساب الآمر، وهذا يعود إلى أن المصرف واحد، وبالتالي فإن رضاه يتم بمجرد إجرائه القيد في حساب الآمر، فبذلك يخرج المبلغ من ذمة الآمر. أما القيد في حساب المستفيد فهو عملية داخلية للمصرف ويلزم إخطار المستفيد به.

وقد حسم المشرع السوري تضارب الآراء هذا فعدّ أن المبلغ المحول ينتقل إلى المستفيد عند قيده على حساب طالب التحويل.

3- الحوالة المصرفية والإفلاس:

الحوالة المصرفية عملية محاسبية تتم بتدخل ثلاثة أطراف، وكل منهم معرض للإفلاس، وتتأثر هذه العملية بإفلاس أحد هؤلاء الأطراف، ويختلف الأمر فيما إذا كان المفلس هو الآمر أو المصرف أو المستفيد، كما يختلف إذا ما كان قد شهر الإفلاس قبل إتمام عملية التحويل أم بعدها.

أ- إفلاس الآمر: من المعروف أنه بمجرد شهر إفلاس التاجر ترفع يده عن إدارة أمواله، ويمتنع عليه القيام بأي تصرف، ويعدّ أمر التحويل المصرفي من الأعمال التي يمتنع عليه القيام بها، سواء كان التحويل وفاءاً لدين مترتب في ذمته أم كان مقصوداً به التبرع.

فإذا أصدر الآمر للمصرف أمراً بتحويل مبلغ من النقود من حسابه إلى حساب المستفيد، وشُهر إفلاس الآمر قبل أن تتم عملية النقل هذه؛ يتعذر هنا تنفيذ العملية، ولا ينفذ الأمر نتيجة للإفلاس الواقع بين إصدار الأمر من جهة؛ وإتمام العملية بتلاقي إرادات الأطراف أصحاب الشأن بالنقل من جهة أخرى؛ إذ إنه يترتب على المصرف تنفيذ طلبات التحويل الواردة إليه قبل اليوم الذي يصدر فيه الحكم بشهر إفلاس الآمر طالب التحويل.

أما التحويل المصرفي الحاصل في أثناء إجراءات الصلح الواقي، فتخضع للأحكام العامة للإفلاس، إذ لا تسري بالنسبة إلى الدائنين الهبات وغيرها من التصرفات المفقرة والكفالة التي يعقدها المدين في أثناء إجراءات الصلح الواقي.

أما النقل المقصود به الوفاء بدين حال فهو صحيح، لأن النقل المصرفي في نظر الفقه الحديث يعدّ وفاء حقيقياً.

وإذا كان التحويل بين حسابين لشخص واحد في فترة الريبة، والحساب الثاني مضموناً، كان النقل بمنزلة تقرير تأمين لدين سابق. ويكون هذا النقل بمنزلة وفاء لدين لم يحل بعد؛ إذا كان النقل من حساب له أجل إلى حساب برصيد يستحق عند الطلب وبالتالي لا ينفذ في مواجهة الدائنين.

ب - إفلاس المصرف:

(1) حالة النقل بين حسابين في مصرف واحد: عندما ينفذ المصرف حوالة بأمر من الآمر، فإن ذلك يعدّ وفاء من المصرف لدين للآمر في ذمته فيما لو كان مديناً له، أو إقراضاً من المصرف للآمر فيما لو لم يكن هذا الأخير دائناً للمصرف، وبالتالي لا يستطيع المصرف المفلس تنفيذ هذا النقل.

ويعدّ النقل الذي ينفذه المصرف في فترة الريبة باطلاً، إذا انطوى على غش، وإلا عدّ صحيحاً لأنه وفاء بنقود لو تم بحسن نية.

(2) حالة النقل بين حسابين لدى مصرفين مختلفين: لا يؤثر إفلاس مصرف الآمر في عملية التحويل إذا تمت بصورة نهائية وتم قيدها في حساب مصرف المستفيد قبل شهر إفلاس المصرف الآمر؛ إذ إن القيد الذي يجريه الأخير في حساب مصرف المستفيد لديه يعدّ قيداً في حساب وكيل المستفيد، الذي يعدّ بالتالي أنه تلقى المبلغ.

وعلى العكس يمتنع إتمام العملية فيما لو شهر إفلاس مصرف الآمر قبل قيدها في حساب مصرف المستفيد؛ إذ يعدّ مصرف الآمر هو الذي يجري العملية في الحقيقة.

وكذلك فإن إفلاس مصرف المستفيد يمنع إتمام العملية، إذا شهر الإفلاس قبل قيد المبلغ في حساب المستفيد، وتتم صحيحة ومنجزة إذا كان شهر الإفلاس بعد هذا القيد، ما لم يرفض المستفيد عملية التحويل فيما بعد، الأمر الذي يهدم عملية التحويل من أساسها وكأنها لم تكن، ويعود الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل أمر التحويل.

ج- إفلاس المستفيد: بمجرد إفلاس المستفيد ترفع يده عن إدارة أمواله أيضاً، ويستبدل به وكيل التفليسة الذي يحل محله في قبول التحويل وتلقي الوفاء.

ويعدّ التحويل الحاصل في فترة الريبة صحيحاً، لأن الوفاء الحاصل في هذه الفترة صحيح قانوناً، فيبقى المدين قائماً بإدارة أمواله ويثابر على القيام بجميع الأعمال العادية والمختصة بتجارته، ومنها قبول الوفاء أو التحويل المصرفي، وذلك تحت إشراف المفوض وإدارة القاضي المنيب.

4- آثار الحوالة المصرفية ومسؤولية المصرف:

وبعد دراسة أنواع الحوالة وآلية تنفيذها؛ واختلاف آلية تنفيذها فيما إذا كان التحويل يتم عن طريق مصرف واحد أو مصرفين، فإنه يمكن التطرق إلى آثار تنفيذ الحوالة وخاصة في علاقة الآمر بالمصرف وعلاقة المستفيد بالمصرف.

أ- آثار الحوالة المصرفية:

(1) علاقة الآمر بالمصرف: من ناحية أولى فإن للتحويل المالي أثر في علاقة الآمر بالمصرف؛ إذ يعدّ التحويل المالي من قبل المصرف بمنزلة وفاء نقدي للآمر، ولهذا ينقص الرصيد الدائن المقيد في حساب الآمر بقدر المبلغ المنقول الذي يقيد في الجانب المدين منه، أما في حالة عدم كفاية رصيد الآمر فإن المصرف هنا يكون بمنزلة مقرض فيما لو نفذ النقل من دون اعتراض، ويكون على الآمر أن يدفع باقي قيمة التحويل الذي قام بتحويله، ولا يجوز للمصرف أن يبطل التحويل إذا لم يكن قد اعترض.

(2) علاقة المستفيد بالمصرف: للمستفيد حق ضد المصرف بمجرد القيد في حسابه، كما لو كان المستفيد قد تلقى من المصرف مبلغاً نقداً، ثم قام بإيداعه لديه، وعليه فإن حق المستفيد ضد المصرف مستقل عن حق الآمر، وبالتالي يمكن القول إن التحويل عملية مجردة، ولذلك ليس للمصرف التمسك بأي دفع متعلق بأصل الحق بين الآمر والمستفيد.

هذا يعني أنه ليس للمصرف الرجوع عن القيد الذي قام به متى قام بعملية النقل وأجرى القيد في الجانب الدائن لحساب المستفيد.

وفي حالة رفض المستفيد للحوالة الجزئية بالرصيد المتوافر في حساب الآمر لدى المصرف فلا يحبس هذا الرصيد لمصلحته.

3- علاقة الآمر بالمستفيد:

أما في علاقة الآمر بالمستفيد؛ فإن الآمر يوفي دينه للمستفيد إذا كان مديناً له وذلك عند قبول المستفيد للتحويل، أما عندما يكون هدف الآمر من التحويل هو التبرع للمستفيد؛ فإن القيد في حساب الآمر يعدّ تسليماً للهبة إليه.

4- التحويل بين حسابين لشخص واحد لدى المصرف:

تتم هذه الحالة عندما يكون هناك حسابان لشخص واحد لدى المصرف نفسه، ويتم النقل بين هذين الحسابين، إذ تعدّ عملية النقل عملية محاسبية لا ترتب أثراً قانونياً، وهذا التكييف يكون صحيحاً عندما يكون الحسابان هما قسمان لحساب واحد.

لكن ماذا لو قام المصرف بعملية نقل مصرفي من دون أن يتلقى أمراً بذلك، أو تنفيذاً لأمر صادر عمن لا يملك رصيداً كافياً في حسابه، أو ممن لا يملك صلاحية إصداره.

 مسؤولية المصرف عن التحويل المصرفي: قد تثور مسؤولية المصرف نتيجة تنفيذه لأمر نقل عن طريق الخطأ، أو نتيجة تأخره في تنفيذه، أو قد تنعقد مسؤوليته أيضاً بسبب إجرائه نقلاً تنفيذاً لأمر مزور.

أ) المسؤولية عن الغلط: يظهر الغلط إذا نفذ المصرف تحويلاً من دون أن يتلقى أمراً بذلك، أو قد ينفذ التحويل بناء على أمر تلقاه بمبلغ زائد عما ورد في الأمر، وللمصرف أن يطلب إبطال القيد الحاصل غلطاً للمستفيد، وذلك بإجراء قيد عكسي في الجانب المدين لحساب المستفيد بالمبلغ الذي قيد خطأً في الجانب الدائن منه، وليس للمستفيد أن يعترض على ذلك، إلا إذا كان قد سحب المبلغ بالفعل من حسابه، فهنا يجوز للمصرف مطالبته برده؛ لأنه يكون في يده بلا سبب، ولا فرق فيما إذا كان المستفيد دائناً للآمر أم غير دائن له، فالعبرة هنا لمركز المستفيد من المصرف وليس من الآمر.

كذلك قد يظهر خطأ المصرف في تحويل مبلغ إلى المستفيد بناء على أمر تلقاه من آمر لا يملك رصيداً كافياً، فللمصرف استرداد المبلغ من المستفيد متى أثبت غلطه في تنفيذ الأمر على هذا النحو، لأنه يجوز للمصرف الامتناع عن تنفيذ هذه الحوالة ذات الرصيد غير الكافي على أن يبلغ الآمر بذلك مباشرة.

وقد يرتكب الآمر خطأً في ذكر رقم حساب يطلب إلى المصرف أن ينفذ تحويلاً إليه، فللمصرف أن يجري قيداً عكسياً لاسترداد المبلغ، وإن تعذر ذلك كان الآمر مسؤولاً عن خطئه أمام المصرف، وقد يكون ثمة محل للمشاركة بين المصرف والآمر في المسؤولية، إذا ثبت أن كلاً منهما تسبب في وقوع الضرر، كما لو كانت تعليمات الآمر غير دقيقة، ولم يحاول المصرف استيضاحها منه، فطبقها تطبيقاً غير صحيح.

ب) المسؤولية عن التأخير: عندما يقوم المصرف بفتح حساب لعميله؛ فإنه يتعهد ضمناً أن ينفذ أوامر النقل الصادرة بشأن هذا الحساب، والتي تتوافر فيها الشروط القانونية والشروط التي يقضي بها العرف المصرفي، وعلى المصرف أن ينفذ أمر النقل الصادر من دون تأخير، ولا يعني أن ينفذ الأمر مباشرة، على خلاف الشيك، بل يلتزم بألا يتأخر من دون مبرر، فإذا حصل تأخير وتسبب بضرر؛ كان المصرف مسؤولاً عن التعويض، ويعود تحديد فيما إذا كان هناك تأخير غير مبرر أم لا لقاضي الموضوع فهي مسألة من مسائل الواقع، ينظر فيها قاضي الموضوع كل قضية على حدة.

ج) المسؤولية عن تنفيذ أمر نقل مزور: تقع تبعة تنفيذ أمر نقل مزور على عاتق من يثبت وقوع الخطأ من جانبه، والذي أدى إلى هذا التنفيذ، والغالب أن يحكم القضاء في مثل هذه الحالة بوقوع الخطأ من جانب المصرف، على اعتبار أنه محترف، واعتادت المصارف على تطبيق إجراءات مشددة لتأكيد التواقيع والتحقق منها، فيفترض هنا تقصير المصرف وإهماله القيام بهذه الإجراءات، لكن قد يكون الخطأ من جانب العميل أيضاً، كأن يعطي دفتر الأوامر إلى أحد موظفيه بعد أن يوقعها على بياض، ويقوم الموظف بإساءة استخدامه وخيانة الأمانة التي منحه إياها العميل.

لكن ماذا لو لم يثبت وقوع الخطأ من جهة المصرف ولا من جهة العميل، فمن يتحمل نتيجة النقل المصرفي هذا؟

يطبق بعض الشرّاح أحكام الشيك في هذه الحالة، في حين يرى آخرون أن المصرف يتحمل نتيجة هذا النقل، وذلك لأنه مادام العميل لم يرتكب خطأً فلا يمكن أن يسأل؛ وذلك لأن الوفاء - ولو من دون خطأ - لا يبرئ ذمة المدين، إلا إذا تم من الشخص ذي الصفة في اقتضائه أو أقره أو أفاد منه.

مراجع للاستزادة:

- علي جمال الدين عوض، عمليات المصارف من الوجهة القانونية (دار النهضة العربية. القاهرة 1989).

- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثالث (دار النهضة).

- جاك يوسف الحكيم، الحقوق التجارية، الطبعة الرابعة (منشورات جامعة دمشق1994).

- عبد الرحمن قرمان، عمليات المصارف (دار النهضة العربية، القاهرة 2000).

- عكاشة عبد العال، قانون العمليات المصرفية الدولية (دار المعارف الجديدة للنشر، بيروت 1993).

- علي البارودي، العقود وعمليات المصارف (الدار الجامعية. بيروت 1986).

- سميحة القليوبي، عمليات المصارف والأوراق التجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1986).

- محمد سمير الشرقاوي، القانون التجاري، الجزء الثاني (دار النهضة العربية، القاهرة 1984).

- محسن شفيق، الوسيط في القانون التجاري، الجزء الثاني (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1957).

- محمد سليم العرقسوسي، العمليات المصرفية (تسهيلات وخدمات).

- محمد موفق بشير، «الحوالة المصرفية»، المجلة الاقتصادية (جامعة الجزائر).

- قانون التجارة السوري رقم 33 لعام 2007.

- القانون المدني السوري الصادر بتاريخ 18/5/1949 وتعديلاته.

 


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 345
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 45616186
اليوم : 16869