logo

logo

logo

logo

logo

عقد الإيجار

عقد ايجار

lease contract - contrat de bail

 عقد الإيجار

عقد الإيجار

فواز صالح

مفهوم عقد الإيجار

أركان عقد الإيجار

آثار عقد الإيجار

انتهاء عقد الإيجار

 

أولاًـ مفهوم عقد الإيجار:

1ـ تعريف العقد: عقد الإيجار Le contrat de bail، بموجب المادة (526) مدني، عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم.

2ـ خصائص العقد: يتميز عقد الإيجار، إضافة إلى أنه عقد مسمى، خصه المشرع بأحكام خاصة به، بالخصائص الآتية:

أ ـ عقد رضائي: ينعقد عقد الإيجار بمجرد توافر الرضا، أياً كانت الوسيلة التي اختارها المتعاقدان للتعبير عن إرادتيهما، كالكتابة أو اللفظ أو الإشارة المتداولة عرفاً أو اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود.

ب ـ عقد ملزم للجانبين: إذ يرتب بمجرد انعقاده التزامات متبادلة على عاتق المتعاقدين.

ج ـ عقد معاوضة: لأن كل متعاقد يأخذ مقابلاً لما يعطي، فالمستأجر يأخذ منفعة المأجور مقابل الأجرة التي يعطيها؛ والمؤجر يعطي هذه المنفعة مقابل الأجرة التي يأخذها. وهو من العقود المحددة، إذ كل متعاقد يعرف لحظة انعقاد العقد ما يأخذ وما يعطي.

د ـ عقد يرد على المنفعة: يترتب على عقد الإيجار انتقال منفعة المأجور إلى المستأجر خلال مدة العقد. ويترتب على ذلك أن ملكية المأجور تبقى للمؤجر خلال هذه المدة، كما تعود له منفعة المأجور بعد انتهاء مدة الإيجار.

هـ ـ عقد زمني مستمر: يعد عقد الإيجار من عقود المدة، إذ المدة ركن فيه.

و ـ عقد لا يرد إلا على الأشياء غير القابلة للاستهلاك: يلتزم المستأجر برد المأجور للمؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار، ومن ثم فإن عقد الإيجار لا يرد إلا على الأشياء غير القابلة للاستهلاك.

ز ـ من عقود الإدارة: يعد الإيجار من عقود الإدارة لا من عقود التصرف، ومن ثم، فإن الأهلية اللازمة لإبرامه هي الأهلية المطلوبة لأعمال الإدارة لا تلك المطلوبة لأعمال التصرف. 

3ـ تمييز عقد الإيجار من غيره من العقود: يرد عقد الإيجار على منفعة الشيء خلال مدة معينة لقاء أجرة متفق عليها، وبذلك يتميز عقد الإيجار من العقود الأخرى المشابهة له.

أ ـ عقد الإيجار وعقد البيع: البيع، بموجب المادة (386)، عقد يلتزم فيه البائع بنقل ملكية شيء أو حق مالي آخر للمشتري مقابل ثمن نقدي. ويقترب الإيجار من البيع إذا وقع العقد على ثمرات الشيء أو منتجاته. ويرى الفقه أن العقد، من حيث المبدأ، إذا وقع على الثمرات يكون إيجاراً، لأن الثمرات دورية تتجدد بلا انتقاص؛ أما إذا وقع على المنتجات فيعد بيعاً، لأن المنتجات غير دورية وتتناقص حتى تنفد. وفي جميع الأحوال العبرة في مثل هذه الحالات لبيان ما إذا كان العقد بيعاً أم إيجاراً هي نية المتعاقدين التي يمكن أن تستخلص من ظروف التعامل. كما يقترب الإيجار من البيع في حالة الإيجار الساتر للبيع الذي يتوقف فيه نقل الملكية على دفع القسط الأخير. وقد عدت المادة (398) مدني هذا العقد بيعاً لا إيجاراً.

ب ـ عقد الإيجار وعقد العارية: عقد العارية، بموجب المادة (602) مدني، عقد يلتزم بموجبه المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعملـه بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين بشرط أن يرده بعد الاستعمال. ويتبين من ذلك أن عقد العارية يتفق مع عقد الإيجار من حيث أن كليهما يهدفان إلى تمكين أحد المتعاقدين من الانتفاع بشيء خلال المدة المتفق عليها في العقد. ومع ذلك يختلف عقد الإيجار عن عقد العارية بأنه عقد معاوضة، أما العارية فهي من عقود التبرع؛ ويلتزم المؤجر في عقد الإيجار بصيانة العين المؤجرة بعناية الرجل المعتاد، أما في عقد العارية فإن المستعير يلتزم في سبيل المحافظة على الشيء المعار ببذل العناية التي يبذلها في سبيل المحافظة على ماله من دون أن يقل ذلك عن عناية الرجل المعتاد، وفق ما نصت عليه المادة (607) مدني.

ج ـ عقد الإيجار وعقد الوديعة: عقد الوديعة، بموجب المادة (684) مدني، عقد يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين أن يتسلم شيئاً من المتعاقد الآخر على أن يتولى حفظه ومن ثم رده عيناً. ويتبين من ذلك أن عقد الوديعة يتفق مع عقد الإيجار في أن تصرف الوديع والمستأجر في العين دون إذن المالك يعد من قبيل التبديد. ولكنهما يختلفان في أن المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة، في حين لا ينتفع الوديع بالعين المودعة لديه؛ ومسؤولية الوديع أخف من مسؤولية المستأجر، إذ يلتزم برد العين إلى المودع بمجرد طلبها ولو لم ينقض الأجل، أما المستأجر فلا يلتزم برد العين، من حيث المبدأ، إلا بعد انقضاء مدة الإيجار. وقد يدق أحياناً التمييز بين العقدين، كالعقد الذي يبرمه مصرف مع أحد عملائه ويلتزم بموجبه أن يضع تحت تصرفه خزانة حديدية يحفظ فيها ما يخشى عليه من ممتلكاته في مقابل أجر معين يدفعه العميل، إذ يشبه الإيجار، من حيث أن المصرف يلتزم بتمكين العميل من الانتفاع بالخزانة ويتقاضى أجرة مقابل ذلك؛ وهو يقترب من الوديعة، من حيث التزام المصرف بحراسة الخزانة وتمكين العميل من استرداد ما أودعه فيها. ويعد قانون التجارة السوري الجديد رقم /33/لعام 2007 هذا العقد إيجاراً فيخضعه لأحكام إيجار الأشياء، وفقاً لما نصت عليه المادة (226) منه.

د ـ عقد الإيجار وعقد العمل: عقد العمل، بموجب المادة (640) مدني، عقد يلتزم فيه أحد المتعاقدين بالعمل في خدمة المتعاقد الأخر وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر يلتزم بتقديمه المتعاقد الآخر. ويقترب عقد العمل من عقد الإيجار، عندما يتعهد رب العمل بتوفير مسكن خاص للعامل، فإذا لم تحدد أجرة مستقلة يدفعها العامل مقابل الانتفاع بالمسكن، فإن هذا الانتفاع يعد أجراً عيناً، وفي هذه الحالة يعد العقد عقد عمل، ومن ثم لا تطبق عليه أحكام الإيجار.

هـ ـ عقد الإيجار وعقد المقاولة: عقد المقاولة، بموجب المادة (612) مدني، عقد يلتزم فيه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يلتزم به المتعهد الآخر. ويتبين من ذلك أن عقد المقاولة يرد على عمل المقاول، في حين أن عقد الإيجار يرد على الانتفاع بالشيء المؤجر. وقد يلتزم المتعهد بتمكين المتعاقد الآخر من الانتفاع بالشيء حتى يتمكن من القيام بالتزامه الأصلي الذي يرد على عمل، وفي مثل هذه الحالة يقترب عقد المقاولة من عقد الإيجار، كأن يلتزم شخص بتقديم المقاعد المخصصة لمشاهدة عرض مسرحي أو فيلم سينمائي.

و ـ عقد الإيجار وحق الانتفاع: الانتفاع، وفق ما نصت عليه المادة (963) مدني، حق عيني يخول صاحبه حق استعمال واستغلال شيء يخص الغير، ويسقط هذا الحق حتماً بموت المنتفع. ويختلف عقد الإيجار عن حق الانتفاع بأمور عدة، أهمها: حق المنتفع حق عيني أما حق المستأجر فهو حق شخصي؛ ويسقط حق المنتفع حتماً بوفاة صاحبه، أما حق المستأجر فينتقل إلى ورثته، إلا إذا كان عقد الإيجار يقوم على الاعتبار الشخصي للمستأجر؛ ومصدر حق المنتفع هو أي سبب من أسباب كسب الحقوق العينية باستثناء الميراث، أما مصدر حق المستأجر فهو دائماً العقد؛ ولا يشترط أن يكون حق المنتفع بعوض، أما حق المستأجر فيشترط أن يكون بعوض.

ثانياًـ أركان عقد الإيجار:

 أركان عقد الإيجار هي الرضا والأهلية، والمحل، والسبب.

1ـ الرضا والأهلية:

أ ـ الرضا: الرضا في عقد الإيجار هو توافق إرادتي المؤجر والمستأجر. وتشكل هاتان الإرادتان الإيجاب والقبول. ويمكن التعبير عنهما صراحة بالكتابة أو اللفظ أو الإشارة المتداولة عرفاً أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود، أو ضمناً. كما يجب أن يكون الإيجاب والقبول متطابقين، ويجب أن يحصل هذا التطابق أولاً في الأمور الجوهرية في الإيجار، وهي العين المؤجرة والأجرة ومدة الإيجار. وإذا تم التطرق إلى الأمور الفرعية أيضاً أثناء انعقاد العقد، فيجب أن يتطابق الإيجاب والقبول في هذه الأمور أيضاً وإلا لا ينعقد العقد. أما إذا لم يتم التطرق إلى هذه الأمور في أثناء انعقاد العقد، ثم حصل خلاف بشأنها بعد انعقاد العقد، فلا يؤثر هذا الخلاف في انعقاده. ويمكن للمحكمة أن تفصل في هذا الخلاف وفقاً لطبيعة الإيجار وأحكام القانون والعرف والعدالة.

كما يجب أن يكون الرضا سليماً كي ينعقد العقد صحيحاً. أما إذا كان الرضا معيباً فينعقد الإيجار، ولكنه يكون معيباً ومن ثم قابلاً للإبطال لمصلحة المتعاقد الذي شاب إرادته عيب من عيوب الإرادة وهي الغلط والتدليس والإكراه والغبن الاستغلالي.

ب ـ أهلية المتعاقدين: يجب أن تتوافر الأهلية المطلوبة في المتعاقدين وقت انعقاد العقد، ولا عبرة لها بعد ذلك. فإذا كان الشخص أهلاً لإبرام عقد إيجار وقت انعقاد العقد، ثم فقد أهليته في أثناء تنفيذ العقد، فلا تأثير لذلك في صحة العقد، إذ العبرة في توافر الأهلية وقت انعقاد العقد.

(1)ـ أهلية المؤجر: الإيجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف، ومن ثم يكفي أن تتوافر في المؤجر أهلية الإدارة حتى يكون إيجاره صحيحاً. والفرق بين أعمال التصرف وأعمال الإدارة هو أن أعمال التصرف تؤدي إلى إخراج جزء من رأس مال الشخص من ذمته أو إلى إنشاء حق عيني عليه، في حين أن أعمال الإدارة لا تؤدي إلى ذلك. ويترتب على ذلك أنه إذا كان المؤجر راشداً غير محجور عليه يستطيع تأجير أملاكه. وقد حددت المادة (162) من قانون الأحوال الشخصية لعام 1953 وتعديلاته هذه السن بثماني عشرة سنة. وإذا كان المؤجر عديم الأهلية يمكن للنائب القانوني، كالولي أو النائب القضائي كالقيم والوصي، أن يحل محله في إبرام العقد. ويشترط في مثل هذه الحالة توافر النيابة وقت إبرام العقد. وإذا كان النائب ولياً، كالأب والجد العصبي، فله حق التصرف والإدارة في أموال القاصر وفق أحكام المادة (172) أحوال، ومن ثم يحق له تأجير أملاك القاصر من دون أن يقيده المشرع بمدة معينة. أما إذا كان النائب وصياً، فقد قيد المشرع سلطته في تأجير أملاك القاصر، إذ لا يجوز له من دون أذن خاص من المحكمة المختصة تأجير عقار القاصر مدة تزيد على ثلاث سنوات في الأراضي الزراعية وعلى السنة في المباني، طبقاً لما نصت عليه المادة (182/د) أحوال. ويسري هذا الحكم على القيم والوكيل القضائي، وذلك بدلالة المادة (206) أحوال. وإذا كان النائب وكيلاً اتفاقياً وكانت وكالته عامة لا تخوله هذه الوكالة إلا الحق في القيام بأعمال الإدارة لمصلحة الموكل، ويعد الإيجار من هذه الأعمال بشرط ألا تزيد مدته على ثلاث سنوات، وفق ما نصت عليه المادة (667) مدني. وكذلك الحال إذا كان النائب حارساً قضائياً، إذ أجازت له المادة (695) مدني القيام بأعمال الإدارة. وتقيد المادة (527) مدني سلطة من لا يملك إلا حق الإدارة بعدم جواز إبرام عقد إيجار لمدة تزيد على ثلاث سنوات إلا بإذن من السلطة المختصة.

وإذا كان المؤجر قاصراً يبلغ الخامسة عشرة من عمره وأذن له القاضي، وفق أحكام المادة (164) أحوال، بتسلم جانب من أمواله لإدارتها، يحق له مباشرة أعمال الإدارة وما يتفرع عنها، كبيع الحاصلات وشراء الأدوات، طبقاً لما نصت عليه المادة (165) أحوال. ومن ثم يعد أهلاً لتأجير الأموال التي تسلمها، لأن الإيجار من أعمال الإدارة. ولكن لا يجوز له بغير موافقة القاضي إبرام عقد إيجار لمدة تزيد على سنة. وكذلك القاصر الذي يبلغ الثالثة عشرة من عمره وكان يكسب من عمله الخاص، فيحق له إدارة أمواله التي يكسبها من ذلك العمل، ولكنه لا يعد ضامناً لديونه المترتبة على هذه الإدارة إلا بقدر المال الذي كسبه طبقاً لما جاء في المادة (169) أحوال. ومن ثم يحق له تأجير تلك الأموال. أما المحجور عليه للسفه أو الغفلة، فإن إيجاره يكون قابلاً للإبطال لمصلحته إذا كان قد أبرم بعد صدور قرار الحجر عليه للسفه أو الغفلة، وسجل هذا. ولكن المادة (201) أحوال استثنت من ذلك الحالة التي يأذن فيها القاضي المحجور عليه للسفه أو الغفلة بتسلم جانب من أمواله لإدارتها، فتسري عليه أحكام القاصر المأذون، فيحق له تأجير الأموال التي تسلمها بشرط ألا تزيد مدة العقد على السنة، وفي حال الزيادة يحتاج إلى موافقة خاصة من القاضي.

ويبقى الإيجار الصادر عن المالك نافذاً بحق الغير، حتى لو زالت ملكيته بعد ذلك بأثر رجعي لأي سبب من الأسباب، كإبطال سند ملكيته أو فسخه، أو كانت الملكية معلقة على شرط فاسخ وتحقق الشرط وفق ما نصت عليه المادة (269/2) مدني. وإذا كان المال مملوكاً على الشيوع، فتكون إدارته من حق الشركاء مجتمعين إلا إذا وجد اتفاق يخالف ذلك، وفق ما نصت عليه المادة (782) مدني. فإذا قام جميع الشركاء بتأجير المال المملوك على الشيوع كان الإيجار نافذاً بحقهم. كما يحق لأغلبية الشركاء أن يقوموا بتأجير المال المملوك على الشيوع، ويكون الإيجار نافذاً بحق جميع الشركاء، طبقاً لما جاء في المادة (783) مدني. وإذا تولى أحد الشركاء، وهو لا يملك أغلبية المال الشائع، إدارة هذا المال وقام بتأجيره من دون اعتراض من بقية الشركاء، يعد وكيلاً عنهم ويسري العقد الذي أبرمه بحق جميع الشركاء بشرط ألا تزيد مدة الإيجار على ثلاث سنوات. وإذا قام المالك بتأجير عقاره، ثم اتخذت ضده بعد ذلك إجراءات نزع الملكية، فإن عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه تنفذ في حق الحاجزين والدائنين والراسي عليه المزاد، وذلك من دون إخلال بالأحكام المتعلقة بعقود الإيجار الواجبة الشهر. أما عقود الإيجار غير الثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فلا تنفذ في حق من ذكروا إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة، وفق ما نصت عليه المادة (384) من قانون أصول المحاكمات المدنية.

ولا يشترط أن يكون المؤجر هو المالك، وإنما يحق لصاحب حق الانتفاع أن يقوم بتأجير الشيء محل الانتفاع، إذ يخول هذا الحق صاحبه، طبقاً لما نصت عليه المادة (936/1) مدني، استعمال واستغلال شيء مملوك للغير، وينتهي حتماً بموت المنتفع. ومن ثم تنقضي الإجارة الصادرة عنه بانقضاء حقه ما لم يجزها مالك الرقبة، بشرط أن تراعى المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل محصول السنة، وفق ما جاء في المادة (528) مدني.

(2)ـ أهلية المستأجر: ترى أغلبية الفقه أن الاستئجار، يدخل ضمن أعمال الإدارة، ومن ثم يكفي أن تتوافر في المستأجر الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة. وذلك لأن المستأجر لا يتصرف برأس ماله وإنما يستغله، فهو غالباً ما يدفع الأجرة من ريع أمواله أو من ريع العين التي يستغلها. ويرى فريق آخر أن الاستئجار يدخل ضمن أعمال التصرف، لأنه يؤدي إلى التصرف بالدخل أو الريع. ومن ثم يشترط هذا الفريق توافر أهلية التصرف في المستأجر وهي إتمام الثامنة عشرة من العمر راشداً. ويترتب على ذلك أن القاصر البالغ الخامسة عشرة المأذون له أو القاصر البالغ الثالثة عشرة من عمره والذي يكسب من عمله الخاص يكون إيجاره قابلاً للإبطال إذا كان مستأجراً. ويذهب فريق ثالث إلى أن الاستئجار يمكن أن يكون عملاً من أعمال الإدارة، كما لو استأجر شخص مسكناً ليسكنه ويدفع الأجرة من دخله؛ كما يمكن أن يكون عملاً من أعمال التصرف، كمن يستغل ماله في استئجار أرض زراعية، لأن هذا العمل يحمل على المضاربة. ويمكن أن يكون المستأجر أصيلاً، أو نائباً اتفاقياً أو قضائياً أو قانونياً، وذلك على غرار المؤجر. كما يمكن أن يكون مالك الرقبة.

2ـ محل الإيجار: عقد الإيجار من العقود الزمنية أو المستمرة، ومحله هو منفعة الشيء المؤجر والأجرة ومدة المنفعة.

أ ـ الشيء المؤجر: يشترط في الشيء المؤجر أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود؛ وأن يكون معيناً أو قابلاً للتعين؛ وأن يكون داخلاً في التعامل؛ وأن يكون غير قابل للاستهلاك عن طريق الاستعمال، وهذا تطبيق للقواعد العامة في العقد.

أنواع الشيء المؤجر: في الحقيقة، لا يرد عقد الإيجار على الشيء ذاته، وإنما يرد على الحق الذي يكون للمؤجر عليه. وهذا الحق في الغالب يكون حق ملكية، ومن ثم يمتزج الحق بالشيء المأجور، ويكون المأجور هذا الشيء المادي عقاراً كان أو منقولاً. ويمكن أن يكون العقار مباني أو أراضي زراعية، وقد يكون محاجر أو مناجم. وأما المنقول، فيمكن أن يكون سيارة أو طائرة أو باخرة أو آلات ميكانيكية أو مفروشات أو أجهزة كهربائية أو ملابس وغيرها من المنقولات. كما يمكن أن يكون الحق حقاً عينياً، كحق الانتفاع؛ أو حقاً شخصياً كحق الإيجار؛ أو أن يكون حقاً معنوياً، كحق الملكية الفكرية وحق إيجار المتجر.

ب ـ مدة الإيجار: الإيجار عقد زمني تقاس فيه منفعة الشيء المؤجر بالزمن، فهو عقد مؤقت. وتحدد هذه المدة بموجب اتفاق المتعاقدين، فيمكن أن تكون دقائق معدودة أو ساعة أو يوماً أو شهراً أو سنة…، إذ لم يحدد المشرع، من حيث المبدأ، حداً أقصى ولا حداً أدنى لمدة الإيجار، ومن ثم يستطيع المتعاقدان تحديد أي مدة بشرط ألا تجعل الإيجار مؤبداً، أو بشرط عدم مخالفة القانون عندما ينص على سبيل الاستثناء على تحديد هذه المدة، ومثال ذلك المادة (527) مدني التي حددت مدة الإيجار بثلاث سنوات حداً أقصى للإيجار الذي يعقده من لا يملك إلا حق الإدارة ما لم ترخص له السلطة المختصة بمدة أطول. ولكن لا يجوز أن يتفق المتعاقدان على أن يكون الإيجار مؤبداً، إذ الإيجار بطبيعته عقد مؤقت، كما لا يجوز لهما الاتفاق على مدة طويلة تجعل الإيجار في حكم المؤبد. ويترك تقدير هذه المدة للسلطة التقديرية للقاضي وفق ملابسات كل دعوى. ويرى الفقه في مصر أنه لا يجوز أن تزيد مدة الإيجار على ستين عاماً وإلا كان في حكم الإيجار المؤبد، وذلك قياساً على عقد الحكر، إذ حددت المادة (999) من القانون المدني المصري هذه المدة بستين سنة. وبالمقابل يجوز الاتفاق على أن يكون الإيجار لمدة حياة المستأجر أو لمدة حياة المؤجر، ولا يكون هذا الاتفاق بحكم الإيجار المؤبد. وجزاء الإيجار المؤبد هو بطلان المدة التي تزيد على الستين سنة، أو على المدة التي يعدها القاضي حداً للتوقيت. أما إذا أبرم الإيجار من دون اتفاق على مدة، أو أبرم لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، فيعد الإيجار منعقداً للمدة التي دفعت أو حددت عنها الأجرة وفق ما نصت عليه المادة (531) مدني. ومن ثم ينتهي الإيجار بانقضاء هذه المدة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو أخطر المتعاقد الآخر بالإخلاء قبل نصفها الأخير بشرط مراعاة الأحكام الآتية: تعد مدة الإيجار في الأراضي الزراعية سنة زراعية على الأقل، ويكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقاً للعرف؛ وفي المنازل والدكاكين والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك تعد مدة الإيجار سنة واحدة على الأقل ويكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر؛ وفي المساكن والغرف المفروشة تعد مدة الإيجار شهراً واحداً على الأقل. ولا تعد هذه الأحكام من النظام العام، ومن ثم يجوز الاتفاق على خلافها بدلالة المادة (531) مدني ذاتها.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع السوري تدخل، على سبيل الاستثناء، من أجل تحديد مدة إيجار العقارات وذلك بداية بموجب القانون رقم 464 لعام 1949 الذي نص على تمديد مدة الإيجار لمصلحة المستأجر سواء كان العقار مؤجراً للسكن أم لأعمال تجارية أو صناعية أو مهنية أو للجهات العامة. ومدد العمل بهذا القانون حتى عام 1950. وعند صدور المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 المتضمن قانون إيجار العقارات حدد الحالات التي يجوز فيها إخلاء المأجور على سبيل الحصر من دون أن يذكر من بينها انتهاء مدة الإيجار. ولكن محكمة النقض قررت أن هذا المرسوم التشريعي يعد عقد الإيجار مجدداً حكماً عند انتهاء مدته لمدة غير محددة لا يستطيع المؤجر إنهاءه إلا للأسباب التي حددها القانون على سبيل الحصر (نقض مدني، قرار رقم 2926، تاريخ 26/12/1965). وعند صدور القانون رقم /6/ لعام 2001 أعاد عقد الإيجار لغاية السكن إلى نطاق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في العقود التي تبرم بعد تاريخ نفاذه في 21/2/2001. أما العقود المبرمة قبل تاريخ نفاذه أو تلك المبرمة بعد تاريخ نفاذه ولكن لغايات تجارية أو صناعية أو مهنية فتبقى خاضعة لمبدأ التمديد الحكمي. إلا أن القانون رقم /10/ لعام 2006 نص على إخضاع جميع عقود إيجار العقارات المبرمة بعد تاريخ نفاذه  في 9/3/2006 أياً كانت الغاية منها لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين. ويترتب على ذلك أن عقود الإيجار المبرمة لغايات تجارية أو صناعية أو مهنية والمبرمة قبل تاريخ 9/3/2006 تبقى وحدها خاضعة لمبدأ التمديد الحكمي.

ج ـ الأجرة: الأجرة، قبل أن تكون التزاماً على عاتق المستأجر، هي ركن من أركان العقد، إذ تشكل مع منفعة العين المؤجرة والمدة ركن المحل في عقد الإيجار.

(1) ـ تحديد الأجرة:

> المبدأ تحديد الأجرة اتفاقاً: الأصل في تقدير الأجرة هو اتفاق المتعاقدين، وفق ما نصت عليه المادة (530) مدني، ومن ثم يخضع تقدير الأجرة لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين. فإذا كان المأجور منقولاً، فللمتعاقدين مطلق الحرية في تقدير أجرته. وكذلك الحال إذا كان المأجور عقاراً معداً للسكن، ومؤجراً بعد تاريخ نفاذ القانون رقم 6 لعام 2001 المتعلق بإيجار العقارات، طبقاً لما جاء في المادة (1/أ) منه، أو كان عقاراً معداً لغايات تجارية أو صناعية أو مهنية ومؤجر بعد تاريخ نفاذ القانون رقم 10 لعام 2006، الذي عدل أحكام المادة (1) من القانون رقم /6/ لعام 200. وإذا لم يتفق المتعاقدان على تقدير الأجرة صراحة لا يعد عقد الإيجار باطلاً، وإنما يجب في مثل هذه الحالة اعتبار أجر المثل.

> الاستثناء: تحديد الأجرة قانونياً: أخضع المشرع بعض أنواع الإيجار لقاعدة تحديد الأجرة، فاستثناها من مبدأ حرية المتعاقدين في تحديد الأجرة، وهذا ما نص عليه قانون إيجار العقارات الجديد رقم /6/ لعام 2001 المعدل بالقانون رقم /10/ لعام 2006. فالعقارات المؤجرة قبل تاريخ 7/9/1970، زادت المادة (2/أ) من القانون رقم /6/ لعام 2001 بدلات إيجارها إلى خمسة أمثالها على ألا تقل عن الأجر الحالي، ولا يحق لطرفي العقد الادعاء بالغبن إلا بعد مرور خمس سنوات اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون، أي اعتباراً من 21/2/2006. واستناداً إلى ذلك، يجب على مدعي الغبن أن يبين في استدعاء دعواه، التي يجب أن يرفعها اعتباراً من تاريخ 21/2/2001، الأجر النافذ قبل تاريخ 7/9/1970، ومقدار هذا الأجر بعد الزيادة الطارئة عليه بموجب المادة (2/أ) من القانون ذاته، حتى يتبين للقاضي ما إذا كان لحقه غبن أم لا. وأما العقارات المؤجرة للسكن بعد تاريخ 7/9/1970، فتخضع للتخمين وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم /24/ لعام 1965، ومن ثم فإن أجورها كانت تزداد أو تنقص رضائياً أو قضائياً بموجب دعوى تخمين يؤخذ بالحسبان فيها قيمة العقار بتاريخ الادعاء، ثم يحدد بدل الإيجار وفق نسبة مئوية من هذه القيمة. وكان يجوز للمؤجر رفع دعوى التخمين مرة كل ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ آخر زيادة رضائية أو قضائية. أما المستأجر فكان يحق له الادعاء بالغبن عن طريق رفع دعوى تخمين إذا كان بدل الإيجار يتجاوز النسب المحددة بالقانون مباشرة فور انعقاد عقد الإيجار. ولكن المادة (12/أ) من القانون رقم /6/لعام 2001 حرمت المستأجر من حق رفع دعوى التخمين مباشرة فور انعقاد العقد، واستناداً إلى ذلك يجب على المدعي في دعوى التخمين أن يبين في استدعاء دعواه الأجر المطبق بتاريخ الادعاء، وتاريخ بدء العمل به بين الطرفين رضائياً أو بموجب قرار قضائي. وإذا لم يبين ذلك فعلى المحكمة أن ترد دعواه شكلاً.

وأما العقارات المؤجرة لغير السكن، فتنص المادة (1/ب) من القانون رقم /6/ لعام 2001 المعدلة بالقانون رقم /10/ لعام 2006على أنه: "بـ تبقى العقارات المؤجرة في ظل أحكام المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1952 وتعديلاته خاضعة لأحكام التمديد الحكمي وتحديد بدل الإيجار". وتحدد بدلات إيجار هذه العقارات وفقاً للأسس المحددة في الفقرة (ج) من المادة ذاتها، وفق أحكام تخمين المأجور.

(2) ـ زمان ومكان دفع الأجرة: المبدأ، وفق أحكام المادة (554/1) مدني، هو أن تحديد زمان دفع الأجرة يخضع لاتفاق الطرفين. وإذا سكت العقد عن ذلك، فيطبق عرف الجهة في تحديد هذه المواعيد. وقد جاء المشرع بحكم خاص، عندما تكون العين المأجورة عقاراً، نصت عليه المادة (1/د) من القانون رقم /6/ لعام 2001 وتعديلاته مفاده أنه لا يجوز تقاضي بدل الإيجار مسبقاً عن مدة تزيد على ثلاثة أشهر تحت طائلة بطلان المدة الزائدة. كذلك الحال في تحديد مكان دفع الأجرة، إذ المبدأ أن يخضع أيضاً لاتفاق الطرفين، وفق ما نصت عليه المادة (554/2) مدني، فإن لم يكن هناك اتفاق، فيحدد مكان الدفع تبعاً للعرف. وإذا لم يوجد عرف فيكون الوفاء بالأجرة في موطن المستأجر.

(3) ـ كيفية دفع الأجرة: يتم دفع الأجرة، وفقاً للطريقة التي نص العقد عليها، للمؤجر أو المالك أو من ينوب عنهما أصولاً في ذلك. ويلتزم المستأجر بدفع الأجرة المتفق عليها في العقد، أو المحددة بموجب حكم قضائي صادر في دعوى التخمين، أو بحسب أجر المثل. ويلتزم المستأجر بدفع أجر مثل العقار إذا لم يبين عقد الإيجار مقدار الأجرة، أو في حالة إشغال العقار بصورة غير مشروعة، كغصبه أو البقاء فيه بعد انتهاء مدته. ويمكن أن تدفع الأجرة نقداً باليد للمؤجر لقاء إيصال خطي (نقض سوري قرار رقم 297، تاريخ 12/3/2002). كما يمكن أن تدفع بحوالة بريدية مسجلة. ولا يعد إهمال المؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة خلال فترة من الزمن دليلاً على براءة ذمة المستأجر (نقض سوري، قرار رقم 784/ أساس 739 تاريخ 5/6/2002). ويجب على المستأجر إثبات تسديده للأجور ما دامت العلاقة الإيجارية ثابتة وما دام يشغل العقار وهذا الإشغال ثابت. وتطبق القواعد العامة في قانون البينات لعام 1947 وتعديلاته على إثبات دفع الأجرة. وبما أن التزام المستأجر بدفع الأجرة هو التزام تعاقدي ناجم عن عقد الإيجار فإنه لا يجوز إثبات القسط الواحد من الأجرة بالشهادة إذا تجاوزت قيمته 500 ليرة سورية، طبقاً لما جاء في المادة (54/1) من قانون البينات. ولكن إذا ثبت أن المستأجر أوفى بقسط من الأجر يعدّ ذلك الوفاء قرينة على الوفاء بالأقساط التي تسبقه إلى أن يثبت خلاف ذلك، طبقاً لما جاء في المادة (555) مدني.

(5) ـ ضمانات الوفاء بالأجرة: يتمتع المؤجر بنوعين من الضمانات التي تكفل له الوفاء بالأجرة، وهما: ضمانات تخولها القواعد العامة، وضمانات خاصة لمؤجر العقار.

> الضمانات التي تخولها القواعد العامة: إذا أخل المستأجر بتنفيذ التزامه بدفع الأجرة فإن القواعد العامة في القانون تمنح المؤجر ضمانات عدة لاستيفاء الأجرة، فإذا أراد المؤجر التمسك بالعقد، يمكنه أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ ويمتنع عن تنفيذ التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة إلى حين تنفيذه التزامه بدفع الأجرة. كما يُمكنُ المؤجرَ، بعد إنذار المستأجر، المطالبة بالتنفيذ العيني لالتزام المستأجر بدفع الأجرة، أو المطالبة بفسخ عقد الإيجار. كما يحق له في الحالتين السابقتين أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة عدم تنفيذ المستأجر لالتزامه بدفع الأجرة.

> الضمانات الخاصة لمؤجر العقار: منح المشرع مؤجر العقار، إذا أخل المستأجر بتنفيذ التزامه بدفع الأجرة، ضمانات خاصة على المنقولات التي يملكها المستأجر والموجودة في العقار المأجور، وهذه الضمانات هي: حق الامتياز على المنقولات، إذ تمنح المادة (1122/1) مدني مؤجر المباني والأراضي الزراعية امتيازاً يضمن الأجرة المستحقة كلها عن سنتين على الأكثر؛ وحق المؤجر في حبس المنقولات الموجودة في العين المؤجرة وفقاً لما نصت عليه المادة (556) مدني؛ وتوقيع الحجز الاحتياطي وفق أحكام المادة (313) أصول.

ثالثاً ـ آثار عقد الإيجار:

عقد الإيجار عقد ملزم للجانبين ينشئ التزامات متقابلة على عاتق الطرفين، إذ تعد التزامات كل طرف حقوقاًً للطرف الآخر والعكس صحيح. وعلى الرغم من أن عقد الإيجار لا ينقل ملكية الشيء المؤجر إلى المستأجر، وإنما يمنحه حق انتفاع به، إلا أنه ثار خلاف بين الفقهاء حول طبيعة حق المستأجر.

1ـ التزامات المؤجر: نص القانون المدني السوري على التزامات المؤجر في المواد من (532) حتى (546) منه. وترتب هذه المواد أربعة التزامات على عاتقه، وهي:

أ ـ التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة: تطرق المشرع إلى التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة في ثلاث مواد من القانون المدني وهي المواد (532 و533 و534).

(1) ـ محل الالتزام بالتسليم: يلتزم المؤجر، بموجب المادة (532) مدني، أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة طبقاً لما نص عليه العقد أو لطبيعة العين. ويطبق على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها، وفقاً لما جاء في المادة (534) مدني.

> العين المؤجرة: إذا كانت العين المؤجرة شيئاً معيناً بالذات وعين عقد الإيجار مقداره، فيجب على المؤجر أن يسلم العين ذاتها وبالمقدار ذاته المذكور في العقد. فإذا كانت العين المؤجرة عقاراً أو أرضاً زراعية، وحدد العقد مساحتها، فيجب على المؤجر أن يسلم المستأجر المساحة ذاتها المذكورة في العقد. وفي حال نقص العين المؤجرة، يطبق ما نص عليه العقد بهذا الشأن. أما إذا سكت العقد عن ذلك، فيجب العمل بما يقضي به عرف المكان في التعامل، فإذا كان العرف قد جرى بالتسامح في هذا النقص، فلا يحق للمستأجر الرجوع على المؤجر بشأن هذا النقص. أما إذا كان النقص جسيماً بحيث لا يتسامح العرف فيه، فعندئذ يحق للمستأجر الرجوع بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة ذلك النقص على المؤجر. ولا يجوز للمستأجر أن يطلب في مثل هذه الحالة فسخ عقد الإيجار إلا إذا أثبت أنه لو كان يعلم بذلك النقص أثناء التعاقد لما أتم العقد، عندئذ يحق له المطالبة بفسخ العقد، وفقاً لما نصت عليه المادة (401/1) مدني بدلالة المادة (534) منه.

وكذلك الحال في حالة زيادة العين المؤجرة، إذ يطبق عليها قبل كل شيء ما نص عليه العقد بهذا الخصوص. أما إذا سكت العقد عن ذلك، فينبغي تمييز حالتين، وهما: حالة ما إذا كانت الأجرة مقدرة بحساب الوحدة، كألف ليرة لكل هكتار، فإذا كانت العين المؤجرة قابلة للتبعيض فلا تدخل الزيادة في الإيجار ويسترد المؤجر المقدار الزائد من العين المؤجرة. أما إذا كانت العين المؤجرة غير قابلة للتبعيض، فيجب على المستأجر أن يدفع أجرة زائدة بمقدار الزيادة في العين المؤجرة، فإذا كانت الزيادة جسيمة عندئذ يحق للمستأجر طلب فسخ العقد. والحالة الثانية هي حالة ما إذا كانت الأجرة مقدرة جملة واحدة، أياً كانت طبيعة العين المؤجرة من حيث التبعيض، فلا يلزم المستأجر بدفع الزيادة وإنما يأخذ العين المؤجرة مع الزيادة بالأجرة المتفق عليها في العقد، وتعليل ذلك أن مقدار الشيء يعد في حالة تحديد الأجرة جملة واحدة وصفاً لا أصلاً، وكما هو معلوم في القانون فإن الوصف لا يقابله أي شيء من الأجرة. أما عندما تكون الأجرة مقدرة بحساب الوحدة، فعندئذ يعد مقدار الشيء أصلاً لا وصفاً، والأصل تقابله الأجرة، طبقاً لما نصت عليه المادة (402/2) مدني بدلالة المادة (534) منه.

> ملحقات العين المؤجرة: لا يقتصر التزام المؤجر بالتسليم على العين المؤجرة فقط، وإنما يشمل أيضاً ملحقات هذه العين. ويرجع في تحديد هذه الملحقات إلى طبيعة الأشياء وعرف المكان وقصد المتعاقدين، وفقاً لما نصت عليه المادة (400) مدني بدلالة المادة (534) منه.

(2) ـ الحالة التي يجب أن تكون عليها العين المؤجرة: يلتزم المؤجر، بموجب المادة (532) مدني، بتسليم العين المؤجرة للمستأجر صالحة لأداء الغرض الذي أعدت له، أو لأداء ما أعدت له من منفعة. ولمعرفة الغرض الذي أعدت له العين المؤجرة، يرجع أولاً إلى العقد، فإذا حدد العقد هذا الغرض بالسكن مثلاً، فعلى المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة صالحة للسكن. أما إذا لم يحدد العقد الغرض الذي أعدت له العين المؤجرة، فيرجع في مثل هذه الحالة إلى طبيعة العين المؤجرة لتحديده، فقد تكون العين المؤجرة داراً للسكن، أو مخزناً للتجارة، أو سيارة لنقل البضائع، ومن ثم يجب على المؤجر في جميع هذه الحالات أن يسلم المستأجر العين المؤجرة صالحة للغرض الذي أعدت له.

وإذا حصل نزاع حول تنفيذ المؤجر التزامه بتسليم العين المؤجرة صالحة للغرض الذي أعدت له، فيقع على عاتق المؤجر إثبات أنه نفذ التزامه على نحو سليم. ولا تعد أحكام المادة (532) مدني من النظام العام، ومن ثم يجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلافها.

(3) ـ كيفية التسليم وزمانه ومكانه:

> كيفية التسليم: تسليم العين المؤجرة، بموجب المادة (403) مدني بدلالة المادة (534) منه، على نوعين، وهما: التسليم الفعلي، ويكون بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها من دون عائق، حتى لو لم يستول عليها استيلاءً مادياً ما دام المؤجر قد أحاطه علماً بذلك. وتطبيقاً لذلك يعد إعطاء المفاتيح للمستأجر تسليماً فعلياً للعين المؤجرة إذا كانت منزلاً للسكن. وإذا كانت العين المؤجرة منقولاً يكون تسليمه للمستأجر عادة بوضعه تحت يده، ويمكن أن يكون أيضاً، إذا كان موجوداً في مكان ما، بإعطاء المستأجر مفاتيح هذا المكان. والتسليم الحكمي، وهو تصرف قانوني ويتم بمجرد اتفاق المؤجر والمستأجر على أن العين المؤجرة قد تم تسليمها من الأول إلى الثاني. ويكون التسليم الحكمي في حالتين، وهما: حالة ما إذا كانت العين المؤجرة في حيازة المستأجر قبل انعقاد عقد الإيجار على سبيل الإعارة أو الوديعة ثم انعقد عقد الإيجار، أو تكون في حيازته بإيجار سابق، ثم انعقد عقد إيجار جديد صريح أو ضمني؛ وحالة بقاء العين المؤجرة في حيازة المؤجر بعد انعقاد عقد الإيجار كمستأجر ثانوي أو على سبيل الإعارة أو الوديعة بموجب اتفاق بين الطرفين. ويتم التسليم غالباً بموجب محضر يبين الحالة التي سلمت عليها العين المؤجرة للمستأجر كما يبين أوصافها ومشتملاتها، ويكون ذلك في إيجار المنازل بوجه عام.

> زمان التسليم: لم ينص القانون المدني على حكم خاص بزمان التسليم لا في عقد البيع ولا في عقد الإيجار، ومن ثم يجب الرجوع إلى الأحكام العامة لنظرية العقد فيما يتعلق بزمان التسليم، التي نصت عليها المادة (344) مدني. ووفقاً لهذه الأحكام يتم تسليم العين المؤجرة في الوقت الذي اتفق عليه المتعاقدان، فإن لم يكن هناك اتفاق على زمن التسليم، فيتم التسليم وفقاً للعرف.

> مكان التسليم: على غرار زمان التسليم، لم يعتمد المشرع حكماً خاصاً لمكان التسليم في عقد الإيجار، لذلك تطبق الأحكام العامة لنظرية العقد بشأن مكان التسليم، والمنصوص عليها في المادة (345) مدني. وطبقاً لهذه الأحكام فإذا كان الشيء المؤجر معيناً بالذات، يجب على المؤجر تسليمه للمستأجر في المكان الذي كان موجوداً فيه وقت انعقاد عقد الإيجار، ما لم يتفق المتعاقدان على مكان آخر. وإذا كانت العين المؤجرة منقولاً يصدره المؤجر للمستأجر، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه، أي يتم التسليم في مكان الوصول، هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك، وفقاً لما نصت عليه المادة (404) مدني بدلالة المادة (534) منه.

(4) ـ جزاء عدم تنفيذ الالتزام بالتسليم: يتبين من نص المادة (533) مدني أنه إذا أخل المؤجر بالتزامه بتسليم العين المؤجرة يحق للمستأجر أن يطالب بالتنفيذ العيني، إذ يحق له أن يطلب من القاضي إجبار المؤجر على تسليم العين المؤجرة، بشرط أن يكون التنفيذ لا يزال ممكناً، وألا يمنع من ذلك حق للغير يرجح على حق المستأجر. كما يمكن للمستأجر أن يطالب، إضافة إلى التنفيذ العيني، بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة تأخر المؤجر في تنفيذ التزامه بخطأ منه. ولا يستحق المستأجر التعويض إلا بعد إعذاره المؤجر أصولاً. كما يمكنه أن يطالب بإنقاص الأجرة، وذلك بالقدر الذي يتناسب مع النقص الحاصل في الانتفاع بالعين المؤجرة. ويحق له أخيراً أن يطالب بفسخ عقد الإيجار طبقاً للقواعد العامة للفسخ المنصوص عليها في المادة (158) مدني، ولكن هذا الطلب لا يلزم القاضي من حيث المبدأ. زد على ذلك أن المادة (533) مدني جاءت بحكم خاص بفسخ عقد الإيجار، إذا كانت العين المؤجرة في حالة من شأنها تعريض صحة المستأجر أو من يقيمون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، يحق له المطالبة بفسخ العقد، حتى لو كان قد سبق له أن تنازل عن هذا الحق. وإذا ثبت للمحكمة هذا السبب، فعليها أن تحكم بالفسخ من دون أن يكون لها أي سلطة تقديرية في ذلك. ويحق أيضاً للمستأجر أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة فسخ العقد.

ب ـ الالتزام بصيانة العين المؤجرة: يلتزم المؤجر بصيانة العين المؤجرة طوال مدة الإيجار. ويميز المشرع في المادة (535) مدني بين عدة أنواع من الترميمات وهي:

> الترميمات الضرورية: وهي إما أن تكون ضرورية لحفظ العين، وهي ترميمات عاجلة تهدف إلى حفظ العين من الهلاك، ومثالها إصلاح الجدار المهدد بالسقوط، وتقوية الأساسات، كذلك ترميم السقف الموشك على الانهيار؛ وإما أن تكون ضرورية للانتفاع بالعين، وتهدف إلى تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين وفقاً للغرض الذي أعدت له انتفاعاً كاملاً، ومثال هذه الترميمات إصلاح المصعد، وتجهيز دورة المياه. وتقع هذه الترميمات على عاتق المؤجر. زد على ذلك أن المادة (535/3) قد ألقت على عاتق المؤجر تكاليف أخرى لا تعد من قبيل الترميمات الضرورية، ومثال ذلك دفع الضرائب المستحقة على العين المؤجرة، وثمن المياه إذا قدر جزافاً.

> الترميمات الكمالية والبسيطة: يلتزم المستأجر بإجراء الترميمات الكمالية، وذلك بصراحة نص المادة (550) مدني، ومثال هذه الترميمات زخرفة الجدران والأسقف، وإكساء الجدران بالورق المذهب. أما الأعمال اللازمة للسقوف من تجصيص أو بياض، فيلتزم بها المؤجر طبقاً لنص المادة (535/2) مدني. وبالمقابل لا يلتزم المؤجر بالترميمات البسيطة، وتسمى أيضاً بالترميمات التأجيرية، ومثالها إصلاح الأبواب والنوافذ، وصنابير المياه، وجرى العرف أن يقوم المستأجر بهذه الترميمات.

ولا تعد أحكام المادة (535) من النظام العام، فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلافها.

(1) ـ جزاء الإخلال بالالتزام بالصيانة: يتبين من نص المادة (536) مدني أنه إذا أخل المؤجر بالتزامه بصيانة العين المؤجرة يحق للمستأجر أن يطالبه بالتنفيذ العيني، وإجباره على تنفيذ التزامه بإجراء الترميمات الضرورية، فتحكم المحكمة له بطلبه وتحدد ميعاداً للمؤجر لتنفيذ التزامه، بشرط ألا تكون نفقات الترميمات باهظة بحيث لا تتناسب مع الأجرة، وذلك استناداً إلى أحكام المادة (204) مدني. فإذا كانت النفقات باهظة يخير المستأجر بين الجزاءين الآخرين وهما إنقاص الأجرة أو فسخ العقد، مع المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى. وأجازت المادة (536/1)، للمستأجر أن يحصل على ترخيص من المحكمة المختصة بإجراء الترميمات الضرورية، وذلك عندما يتأخر المؤجر عن القيام بها على الرغم من إعذاره وفقاً لأحكام القانون. ويستوفي المستأجر قيمة هذه الترميمات حسماً من الأجرة.

أما إذا كانت الترميمات مستعجلة، أو بسيطة مما يلتزم به المؤجر، أجازت الفقرة (2) من هذه المادة للمستأجر القيام بإجراء هذه الترميمات، من دون ترخيص من المحكمة المختصة، ويستوفي قيمتها حسماً من الأجرة.

(2) ـ حق المؤجر في القيام بإجراء الترميمات الضرورية لحفظ العين: منح المشرع المؤجر، في المادة (538) مدني، الحق في القيام بإجراء الترميمات الضرورية من تلقاء ذاته إذا توافرت الشروط الآتية: أن تكون الترميمات ضرورية لحفظ العين من الهلاك؛ وأن تكون مستعجلة، أي لا يمكن تأجيلها إلى ما بعد انتهاء عقد المستأجر. أما إذا كان بالإمكان تأجيلها، فلا يحق للمؤجر القيام بها من دون موافقة المستأجر. ويقع على عاتق المؤجر إثبات أن الترميمات كانت مستعجلة؛ وإخطار المستأجر برغبته في القيام بالترميمات قبل إجرائها بمدة كافية. وإذا أجاز المستأجر للمؤجر القيام بإجراء الترميمات الضرورية لحفظ العين المؤجرة، وأدى ذلك إلى إخلال كلي أو جسيم بحقه في الانتفاع بها، يمكنه أن يطلب فسخ العقد. ولكن إذا بقي المستأجر في العين المؤجرة إلى أن تتم الترميمات يسقط حقه في طلب الفسخ. أما إذا لم ينجم عن إجراء تلك الترميمات سوى إخلال جزئي بحق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة، فيحق له أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر يتناسب مع النقص الحاصل في المنفعة، ولا يحق للمستأجر، من حيث المبدأ، أن يطلب في الحالتين السابقتين الحكم له بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة استناداً إلى أحكام المادة (538) مدني. ولكن يمكنه أن يطالب بهذا التعويض استناداً إلى الأحكام العامة في المسؤولية المدنية، كأن يثبت أن الترميمات التي قام بها المؤجر أخذت وقتاً أكثر من الوقت اللازم، أو أنها نفذت بطريقة أضرت به، في حين أنه كان يمكن المؤجر أن يتجنب ذلك الضرر.

(3) ـ هلاك العين المؤجرة في أثناء مدة العقد: تميز المادة (537) مدني نوعين من الهلاك، وهما:

> الهلاك الكلي: وهو على نوعين: مادي، ومثاله حريق المنزل ودماره كلياً، أو زلزال يدمر المنزل، أو غرق السفينة؛ أو قانوني، ومثاله استملاك العقار للمنفعة العامة. ويؤدي هلاك العين المؤجرة هلاكاً كلياً إلى انفساخ عقد الإيجار بحكم القانون من وقت الهلاك. ويترتب على ذلك انقضاء التزام المستأجر بدفع الأجرة واسترداد المعجل منها، وانقضاء التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة. وتهلك العين المؤجرة على حساب المؤجر إذا كان الهلاك بفعله أو بسبب قوة قاهرة، إلا إذا نص العقد على خلاف ذلك. وإذا كان الهلاك بخطأ من المؤجر، فيحق للمستأجر أن يرجع عليه بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة فسخ العقد قبل انتهاء مدته. أما إذا كان الهلاك الكلي بخطأ من المستأجر، فيتحمل تبعة ذلك، ويحق للمؤجر أن يطالبه بالتعويض عن الضرر الذي لحق به بسبب فسخ العقد قبل انتهاء مدته. وإذا تسبب الغير بهلاك العين المؤجرة فيعد مسؤولاً عن ذلك، ويحق لكل من المؤجر والمستأجر مطالبته بالتعويض عن الضرر الذي أصاب كلاً منهما.

> الهلاك الجزئي: إذا هلكت العين المؤجرة هلاكاً جزئياً، ولم يكن للمستأجر يد فيه، بحيث أصبحت العين المؤجرة غير صالحة للانتفاع بها في الغرض الذي أجرت من أجله، أو أدى ذلك إلى نقص في الانتفاع بها، فيحق للمستأجر إما أن يقوم بإجراء الترميمات وفقاً لأحكام المادة (536) التي سبق شرحها، أو أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة، إذا رفض المؤجر إصلاح العين المؤجرة في ميعاد مناسب. أما إذا كان الهلاك الجزئي بسبب المستأجر، فيبقى الإيجار قائماً حتى نهاية مدته، ولا يحق له الرجوع على المؤجر لإصلاح العين وإعادتها إلى حالتها الأصلية. وبالمقابل يحق للمؤجر الرجوع عليه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة هلاك العين المؤجرة هلاكاً جزئياً.

ج ـ الالتزام بضمان التعرض: ويشمل هذا الالتزام التعرض الشخصي للمؤجر، وكذلك تعرض الغير.

(1) ـ ضمان المؤجر التعرض الصادر عنه: التعرض الشخصي الصادر عن المؤجر إما أن يكون مادياً وإما أن يكون قانونياً، وذلك بموجب المادة (539) مدني. ويتحقق التعرض المادي إذا قام المؤجر بأعمال مادية محضة تؤدي إلى منع المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة أو إلى الإخلال بهذا الانتفاع، كأن يقوم المؤجر بهدم العين المؤجرة أو جزء منها، أو أن يحدث تغييراً فيها أو في ملحقاتها، أو يمنع المستأجر من استخدام المصعد، أو يمنع المستأجر من استقبال زواره. أما التعرض القانوني، فيتحقق إذا ادعى المؤجر حقاً على العين المؤجرة من شأنه أن يخل بانتفاع المستأجر بها، ومثال ذلك أن يؤجر شخصاً شيئاً لا يملكه، ثم بعد ذلك تنتقل ملكية هذا الشيء إليه قانوناً فيطالب المستأجر باستردادها.

ولا يتحقق التعرض الشخصي، بنوعيه المادي أو القانوني، إلا إذا توافرت الشروط التالية: أن يقع التعرض بالفعل؛ وأن يقع في أثناء مدة الإيجار، الأصلية أو مدة التجديد أو المدة التي يمنحها القاضي للمستأجر؛ وأن يؤدي التعرض إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة أو الإخلال بانتفاعه بها؛ وعدم استناد المؤجر في تعرضه إلى سند قانوني. ولم ينص المشرع في المادة (539) مدني على الجزاء المترتب على التعرض الشخصي الصادر عن المؤجر، ومن ثم يخضع هذا التعرض للقواعد العامة التي تقضي بأنه إذا تعرض المؤجر للمستأجر فيحق لهذا الأخير أن يطلب وقفه، وهذا هو التنفيذ العيني، أو يطلب فسخ العقد، أو إنقاص الأجرة. كما يمكنه في جميع هذه الأحوال طلب التعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة ذلك التعرض إذا تحققت شروطه.

ولا تعد الأحكام المتعلقة بالتزام المؤجر بضمان تعرضه الشخصي من النظام العام، ويجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلافها.

(2) ـ ضمان التعرض الصادر عن الغير: وهذا التعرض يمكن أن يكون مادياً، أو قانونياً. ولا يضمن المؤجر، بموجب المادة (543) مدني، للمستأجر التعرض المادي الصادر عن الغير إذا لم يستند إلى حق يدعيه. وإنما على المستأجر أن يدفعه بنفسه، ومثال ذلك أن يخرق الغير حرمة المكان المؤجر، أو يتلف المزروعات في الأرض المؤجرة. زد على ذلك أنه إذا صدر تعرض مادي عن الغير لا يستند إلى حق يدعيه، وكان من شأنه الاعتداء على العين المؤجرة، يجب على المستأجر أن يبادر في أسرع وقت ممكن إلى إخطار المؤجر بذلك حتى يتمكن من الدفاع عن مصالحه ويوقف هذا التعدي. فإذا قصر المستأجر في واجبه بالإخطار، وأضر التعرض المادي الصادر عن الغير بالعين المؤجرة فيسأل المستأجر تجاه المؤجر عن ذلك الضرر بسبب تقصيره في التزامه بإخطار المؤجر.

ويحق للمستأجر، استثناءً، الرجوع على المؤجر إذا تعرض له الغير مادياً في حقه بالانتفاع بالعين المؤجرة في حالتين، وهما: الاتفاق على ضمان المؤجر للتعرض المادي الصادر عن الغير، لأن أحكام ضمان المؤجر ليست من النظام العام، من حيث المبدأ؛ وإذا أدى التعرض المادي الصادر عن الغير إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، طبقاً لما نصت عليه المادة (540/2) مدني. يجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يطلب، تبعاً للظروف، فسخ عقد الإيجار أو إنقاص الأجرة.

أما التعرض القانوني الصادر عن الغير، فلا يتحقق إلا إذا توافرت الشروط التي تنص عليها المادة (540) مدني، وهي: أن يقع التعرض بالفعل، كأن يرفع الغير دعوى على المؤجر باسترداد العين المؤجرة مدعياً أنه المالك الحقيقي لها، ويطلب إدخال المستأجر فيها بصفة مدعى عليه، وذلك من أجل أن يصدر الحكم بحضوره؛ وأن يقع التعرض من الغير، والغير هو كل شخص أجنبي عن عقد الإيجار. فإذا وقع التعرض من المؤجر أو صدر من أحد أتباعه، فلا يعد التعرض صادراً عن الغير؛ وأن يقع التعرض في أثناء مدة العقد، وتشمل هذه الفترة مدة التمديد والتجديد مثلما سبقت الإشارة إليه في حالة التعرض الصادر عن المؤجر نفسه أو عن أتباعه؛ وأخيراً أن يدعي الغير حقاً يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر، ويتحقق هذا الشرط بمجرد الادعاء بالحق، حتى لو لم تكن دعواه قائمة على أي أساس قانوني، بشرط أن يكون الحق المدعى به من قبل الغير متعلقاً بالعين المؤجرة ومتعارضاً مع حق المستأجر. ويلتزم المؤجر، في حال تحقق شروط التعرض القانوني، تنفيذ التزامه بالضمان عيناً، وذلك بوقف التعرض الصادر عن الغير، وهذا هو ضمان التعرض، أما إذا لم يكن التنفيذ العيني ممكناً أو عجز المؤجر عنه، وكسب الغير دعواه، فيلتزم المؤجر بتنفيذ التزامه بالضمان عن طريق فسخ العقد أو إنقاص الأجرة مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى، وهذا هو ضمان الاستحقاق.

د ـ الالتزام بضمان العيوب الخفية: العيب، في مجال التزام المؤجر بضمان العيوب الخفية، هو حالة تخلو عنها العين المؤجرة عادة تؤدي إلى الحؤول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، أو إلى إنقاص هذا الانتفاع إنقاصاً كبيراً.

(1) ـ الشروط الواجب توافرها في العيب في العين المؤجرة: تستلزم المادة (544) مدني توافر شروط عدة في العيب، وهي: أن يحول العيب دون الانتفاع بالعين المؤجرة أو ينقص منه انتقاصاً كبيراً، أي أن يكون العيب مؤثراً؛ وأن يكون العيب خفياً، أي لا يستطيع المستأجر أن يكتشفه بنفسه عند فحص العين المؤجرة ببذل عناية الرجل المعتاد في ذلك الفحص؛ وأن يجهل المستأجر وجود العيب، ويقع عبء إثبات علم المستأجر بالعيب على المؤجر. وبالمقابل لا يشترط في العيب أن يكون قديماً، على خلاف ضمان العيوب الخفية في عقد البيع. ومن ثم يضمن المؤجر جميع العيوب الخفية في العين المؤجرة سواء أكانت موجودة قبل التسليم أم بعده.

(2) ـ الجزاء المترتب على ضمان العيوب الخفية: إذا توافرت شروط العيب الخفي فيمكن المستأجر أن يطالب المؤجر، وفق أحكام المادة (545) مدني، بالتنفيذ العيني لالتزامه بضمان العيب الخفي، ويتمثل بإصلاح العيب، أو أن يطالب بفسخ عقد الإيجار أو إنقاص الأجرة، مع التعويض في جميع هذه الحالات إن كان له من مقتضى. ولا يتحقق ضمان المؤجر للعيب إلا إذا أعذره المستأجر بذلك. ولا تسقط دعوى الضمان التي يحق للمستأجر رفعها إلا بمرور خمسة عشر عاماً من تاريخ انعقاد العقد.

2ـ التزامات المستأجر: نص المشرع على التزامات المستأجر في (المواد 547 حتى 559) مدني. ويقع على عاتق المستأجر أربعة التزامات جوهرية بموجب هذه المواد، وهي:

أ ـ التزام المستأجر بدفع الأجرة: يعد هذا الالتزام من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق المستأجر، وهو يقابل التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة انتفاعاً كاملاً وهادئاً وسليماً. وأهمية الأجرة في عقد الإيجار كأهمية الثمن في عقد البيع. والتزام المستأجر بدفع الأجرة يثير مسائل قانونية عدة سبق بيانها في معرض الحديث عن الأجرة بصفتها محلاً لعقد الإيجار.

ب ـ التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة بحسب ما أعدت له: يمنح عقد الإيجار المستأجر حق الانتفاع بالعين المؤجرة. ولكن هذا الحق ليس مطلقاً، وإنما هو حق مقيد، إذ يجب على المستأجر أن يستعمل العين المؤجرة على النحو المتفق عليه في العقد، وفق ما نصت عليه المادة (547) مدني. وبالمقابل لا يجوز للمؤجر أن يتعسف في استعمال حقه ويمنع المستأجر من استعمال العين المؤجرة في مهنة أخرى غير تلك التي ذكرت في العقد، ما دام ذلك لا يلحق ضرراً بالمؤجر، أو يمنعه من إضافة تجارة أخرى إلى التجارة التي نص العقد على استعمال العين المؤجرة في مباشرتها، إذا جرى العرف بإضافة التجارة الأخرى إلى تلك التي نص عليها العقد. وإذا لم يبين العقد كيفية استعمال العين المؤجرة، يلتزم المستأجر باستعمالها حسب ما أعدت له. وفي هذه الحالة تدل الظروف والقرائن على كيفية استعمال العين المؤجرة. ويمتنع على المستأجر أيضاً، وفقاً لأحكام المادة (548) مدني، إحداث تغيير ضار في العين المؤجرة من دون موافقة المؤجر. أما إذا لم يؤد التغيير إلى إلحاق ضرر بالمؤجر، فيحق للمستأجر أن يقوم به حتى من دون موافقة المؤجر بشرط أن يعيد العين المؤجرة إلى أصلها بتاريخ انتهاء الإيجار، وألا يتضمن العقد نصاً يمنع المستأجر من إحداث مثل هذه التغييرات. ومثال التغيير الذي لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمؤجر هو تقسيم غرفة كبيرة إلى غرفتين بوساطة حاجز خشبي يمكن إزالته بسهولة عند انتهاء الإيجار. وإذا أثبت المؤجر أن المستأجر أحدث تغييراً في العين المؤجرة، فيقع على عاتق المستأجر إثبات أن التغيير لم يلحق أي ضرر بالمؤجر. وإذا أخل المستأجر بالتزامه بعدم إحداث تغيير ضار في العين المؤجرة من دون موافقة المؤجر أو إذا أحدث تغييراً يؤثر في قيمة العين خلافاً لما نص عليه العقد، يجوز إلزامه بإعادة العين المؤجرة إلى الحالة الأصلية التي كانت عليها. ويمكن للمؤجر أن يطالبه بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء ذلك، طبقاً لما جاء في الفقرة /2/ من المادة (548) مدني. وأجازت المادة (549) مدني للمستأجر صراحة أن يضع بالعين المؤجرة أجهزة لتوصيل المياه والنور الكهربائي والهاتف والمذياع وما إلى ذلك ما دامت الطريقة التي توضع بها هذه الأجهزة لا تخالف الأصول المرعية، وذلك ما لم يثبت المؤجر أن وضع هذه الأجهزة يهدد سلامة العقار. ويجوز للمستأجر أن يقتضي من المؤجر التدخل إذا كان تدخله لازماً لإتمام شيء من ذلك، على أن يتكفل المستأجر بما ينفقه المؤجر.

ج ـ التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة:

(1) ـ العناية الواجبة على المستأجر في سبيل المحافظة على العين المؤجرة: يلتزم المستأجر برد العين المؤجرة عند انتهاء مدة الإيجار، وحتى يتمكن من ردها، يجب عليه أن يحافظ عليها طوال مدة الإيجار، فهو مسؤول من حيث المبدأ عن سلامة العين المؤجرة. والعناية المطلوبة من المستأجر، وفقاً لأحكام المادة (551) مدني، في المحافظة على العين المؤجرة، وكذلك في استعمالها، هي عناية الرجل المعتاد. ويترتب على ذلك أن معيار العناية معيار موضوعي وليس شخصياً. وتتطلب هذه العناية، في بعض الأحيان، أن يقوم المستأجر بإخطار المؤجر بالأمور التي تتطلب تدخله، وفق ما نصت عليه المادة (553) مدني. وتشمل مسؤولية المستأجر في المحافظة على العين المؤجرة وفي استعمالها استعمالاً مألوفاً الأعمال التي يقوم بها تابعوه أيضاً. ولا تعد هذه الأحكام من النظام العام، ويجوز الاتفاق على خلافها. ويجب على المستأجر أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على العين المؤجرة وذلك بإثبات أنه استعملها استعمالاً مألوفاً، وأنه اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للمحافظة عليها، وهذا ما يستفاد من المادة (551/2) مدني، التي جعلت المستأجر مسؤولاً عما يصيب العين المؤجرة في أثناء انتفاعه بها من تلف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالاً مألوفاً.

(2) ـ مسؤولية المستأجر في حالة حريق العين المؤجرة: اعتمد المشرع نصاً خاصاً، وهو نص المادة (552) مدني، لمسؤولية المستأجر في حالة حريق العين خرج فيه عن القواعد العامة المطبقة على هلاك العين المؤجرة أو تلفها والتي سبقت الإشارة إليها. ويميز هذا النص حالتين، وهما: حالة المستأجر المنفرد، وحالة تعدد المستأجرين. ففي الحالة الأولى، يعد المستأجر مسؤولاً عن حريق العين المؤجرة ما لم يثبت إن الحريق ناشئ من سبب أجنبي. ويترتب على ذلك أن التزام المستأجر في مثل هذه الحالة هو التزام بتحقيق غاية، فلا يستطيع أن يدفع المسؤولية عن نفسه بأن الحريق غير ناجم عن خطئه الشخصي، أو أنه بذل عناية الشخص المعتاد في سبيل توقي الحريق ومع ذلك شب الحريق بالعين المؤجرة. ولا يستطيع المستأجر أن يدفع المسؤولية عن نفسه، في مثل هذه الحالة، إلا إذا استطاع أن يثبت أن الحريق ناجم عن سبب لا يد له فيه، كقوة قاهرة مثلاً. ويجوز له إثبات ذلك بجميع وسائل الإثبات، كأن يثبت أن الحريق ناجم عن صاعقة، أو عن فعل الغير، أو أن الحريق وقع بفعل المؤجر أو أحد تابعيه، أو أن النار امتدت من منزل مجاور. وتعد مسؤولية المستأجر، بموجب المادة (552) مدني ذات طبيعة عقدية سواء كان المؤجر مالكاً للعين المؤجرة أو صاحب حق انتفاع عليها فقط. وفي الحالة الأخيرة تقتصر مسؤولية المستأجر العقدية على قيمة حق الانتفاع، أما مسؤولية المستأجر تجاه المالك إذا لم يكن هو المؤجر فهي مسؤولية تقصيرية. وإذا كان المؤجر شريكاً على الشيوع، فتقتصر مسؤولية المستأجر العقدية تجاهه فقط، أما تجاه بقية الشركاء على الشيوع فهي مسؤولية تقصيرية. وتكون مسؤولية المستأجر عقدية تجاه المؤجر سواء كان مستأجراً أصلياً أو مستأجراً ثانوياً. ولا تعد أحكام هذه المسؤولية من النظام العام، ومن ثم يجوز الاتفاق على تشديدها أو تخفيفها أو الإعفاء منها. ولكن لا يجوز الاتفاق على إعفاء المستأجر من المسؤولية إذا كان الضرر ناشئاً من غشه أو من خطئه الجسيم.

أما في حالة تعدد المستأجرين، فإذا احترقت العين المؤجرة كان كل منهم مسؤولاً عن الحريق بنسبة الجزء الذي يشغله. ويشترط من أجل تعدد المستأجرين أن تكون أجزاء العين المؤجرة، ويفترض أن تكون عقاراً، مؤجرة لأشخاص متعددين. وتطبق أحكام المسؤولية عن الحريق في حال تعدد المستأجرين إذا كان المستأجر الأصلي للعقار قد أجر جزءاً من العقار بموجب عقد إيجار ثانوي لمستأجر ثانوي، وكان المؤجر قد قبل ذلك صراحة أو ضمناً، ومن ثم يكون كل من المستأجر الأصلي والمستأجر الثانوي مستأجراً لجزء من العقار. ولا يعد المستأجرون المتعددون مدينين متضامنين تجاه المؤجر، وذلك لأن التضامن لا يقوم في المسؤولية العقدية إلا بموجب نص أو اتفاق. وإذا كان المؤجر يشغل العقار معهم فيسأل عن الحريق بنسبة قيمة الجزء الذي يشغله. فإذا كان العقار مؤلفاً من عدة طبقات، وكان المؤجر يسكن إحداها ثم احترق العقار بكامله، كان المؤجر مسؤولاً عن حريق الطبقة التي كان يسكنها. ويستطيع المستأجرون المتعددون أن يدفعوا المسؤولية عن أنفسهم في مثل هذه الحالة بعدة طرق، فإما أن يثبت أحدهم أن الحريق شب نتيجة خطأ ارتكبه أحد المستأجرين، أو أن يثبت أحدهم أن الحريق وقع نتيجة قوة قاهرة أو إذا أثبت أحدهم أن النار ابتدأت في الجزء الذي يشغله مستأجر آخر. ولكن لا يستطيع أحد المستأجرين أن يدفع المسؤولية عن نفسه بإثبات أنه لم يخطئ وذلك بإثبات أن النار لم تبدأ بشبوبها في الجزء الذي يشغله.

د ـ التزام المستأجر برد العين المؤجرة: نص المشرع على هذا التزام في (المواد 557 و558 و559) مدني. ولم تبين هذه المواد كيفية رد العين المؤجرة، لذلك تطبق القواعد العامة المتعلقة بتسليم العين المؤجرة، كتلك المتعلقة بتسليم المبيع. ويكون الرد بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من وضع يده عليها من دون أي عائق. ولا يشترط في الرد أن يستولي المؤجر استيلاءً مادياً على العين المؤجرة، بل يكفي مجرد إعلامه بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه. ورد العين المؤجرة، على غرار تسليم المبيع، إما أن يكون فعلياً وإما أن يكون حكمياً. ويجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة، وفقاً لنص المادة (557)، عند انتهاء الإيجار. وينتهي عقد الإيجار، من حيث المبدأ، بانقضاء المدة المنصوص عليها في العقد أو بفسخ العقد قبل انقضاء المدة لسبب من الأسباب المنصوص عليها في القانون. وقد يكون الرد قبل انقضاء مدة العقد، وذلك إذا هجر المستأجر العين المؤجرة واستولى عليها المؤجر خشية إلحاق الضرر بها. زد على ذلك أنه يمكن للمستأجر في بعض الحالات أن يمتنع عن رد العين المؤجرة حتى بعد انتهاء مدة العقد، وذلك إذا كان قد ترتب له في أثناء العقد التزامات على المؤجر ولم يقم بتنفيذها، فإذا طالب المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار برد العين المؤجرة، يحق له أن يمتنع قانوناً عن الرد إلى أن يقوم المؤجر بتنفيذ الالتزامات المترتبة عليه، وهذا الامتناع يكون استناداً إلى مبدأ الدفع بعدم التنفيذ. وتنص المادة (572) مدني على حالة خاصة بتطبيق هذا المبدأ في مجال عقد الإيجار.

وإذا لم ينص المشرع بنص خاص على تحديد المكان الذي يجب أن يرد فيه المستأجر العين المؤجرة للمؤجر، تطبق في مثل هذه الحالة القواعد العامة المتعلقة بمحل الوفاء المنصوص عليها في (المـادة 345) مدني، والتي تقضي بأنه إذا كانت العين المؤجرة شيئاً معيناً بالذات وجب على المستأجر ردها في المكان الذي كان موجوداً فيه وقت انعقاد عقد الإيجار، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك. وإذا كانت عقاراً فيجب على المستأجر رده في المكان الذي يوجد فيه. كما لم يبين المشرع من يتحمل نفقات الرد، وهنا أيضاً تطبق القواعد العامة، التي تقضي بأن المدين بالالتزام يتحمل نفقات الوفاء. وهنا المدين برد العين المؤجرة هو المستأجر، فهو الذي يتحمل نفقات الرد، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك. وإذا أخل المستأجر بالتزامه برد العين المؤجرة فيملك المؤجر ضده ثلاث دعاوى لإجباره على تنفيذ التزامه بالرد، وهي: دعوى الاستحقاق، بحسبانه مالكاً للعين المؤجرة وهي دعوى عينية؛ ودعوى الإخلاء، بصفته مؤجراً وهي دعوى شخصية تستند إلى عقد الإيجار؛ وأخيراً دعوى جزائية وهي دعوى التبديد إذا كانت العين المؤجرة منقولاً وبددها المستأجر. والتزام المستأجر برد العين المؤجرة هو التزام غير قابل للانقسام، ويترتب على ذلك أنه إذا استأجر عدة أشخاص العين المؤجرة، فيحق للمؤجر أن يطالب أياً منهم برد العين المؤجرة كاملة. وكذا لو مات المستأجر وترك ورثة متعددين، فيحق للمؤجر أن يرجع على أي منهم برد العين المؤجرة كاملة. وبالمقابل فإن حق المؤجر في التعويض، في مثل هذه الحالات، قابل للانقسام. ومن ثم يجب على المؤجر أن يرجع على كل واحد منهم بمقدار حصته في التعويض، حتى لو كان من يرجع عليه مستعداً لرد حصته من العين المؤجرة. إلا أنه يجوز لمن كان مستعداً لرد حصته من العين المؤجرة أن يرجع، بما دفع من تعويض للمؤجر، على من كان مقصراً في رد حصته من العين المؤجرة.

ويلتزم المستأجر، بموجب المادة (558) مدني، برد العين المؤجرة إلى المؤجر بالحالة التي تسلمها عليها عند انعقاد العقد. وفي حال غياب محضر تسليم أو بيان في العقد، فيعد المستأجر قد تسلم العين بحالة جيدة. ولكن هذه القرينة القانونية ليست قاطعة وإنما هي بسيطة وتقبل إثبات العكس، ولكن عبء الإثبات يقع على المستأجر. ويحق للمستأجر، عند انتهاء عقد الإيجار، أن يمتنع عن رد العين المؤجرة إذا لم يؤد له المؤجر المصروفات الضرورية التي أنفقها في سبيل المحافظة على العين المؤجرة. وإذا كانت العين المؤجرة منقولاً، فيكون للمستأجر، الذي أنفق مصروفات ضرورية لحفظه، حق امتياز عليه، استناداً إلى المادة (1119) مدني.

3ـ طبيعة حق المستأجر والتصرف به:

أ ـ طبيعة حق المستأجر: يمنح عقد الإيجار المستأجر حقاً مالياً يتمثل في استعمال العين المؤجرة واستغلالها. وتذهب أغلبية الفقهاء إلى أن حق المستأجر هو حق شخصي، يحق له بموجبه مطالبة المؤجر بتنفيذ التزاماته الناجمة عن عقد الإيجار. ولكن يذهب قسم أخر منهم إلى أن هذا الحق هو حق شخصي وعيني في الآن ذاته. ويبدو أن القانون المدني يعتمد الاتجاه الأول مع الاعتراف لهذا الحق ببعض المزايا التي تقربه من الحق العيني، إذ  يعرف عقد الإيجار في المادة (526) منه بأنه: "…عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم". زد على ذلك أن المشرع خصص القسم الثاني من القانون المدني للحقوق العينية، وقسمها إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية، ولم يشر فيها إلى حق المستأجر. وهذا يدل على أن حق المستأجر ليس حقاً عينياً وإنما هو حق شخصي. وتترتب على الطبيعة الشخصية لحق المستأجر النتائج الآتية:

(1) ـ يعد حق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة حقاً منقولاً في جميع الأحوال، سواء كانت العين المؤجرة منقولاً أم عقاراً، وينجم عن ذلك ما يأتي: لا يحق للمستأجر أن يرهن حقه رهناً تأمينياً، وذلك لأن الرهن الرسمي لا يرد، من حيث المبدأ، إلا على عقار، طبقاً لأحكام المادة (1071) مدني، ولكن يجوز للمستأجر أن يرهن حقه رهن حيازةٍ، وذلك لأنه جائز في المنقول؛ وتطبق أحكام الحجز على المنقولات، المنصوص عليها في (المواد من 323 حتى 357) أصول مدنية على الحجز على حق المستأجر؛ يخضع تنازل المستأجر عن حقه للغير لأحكام حوالة الحق، طبقاً لأحكام (المواد 303 حتى 314) مدني، ولا يخضع هذا التنازل للتسجيل في السجل العقاري؛ والمحكمة المختصة بالنظر في دعاوى الإيجار هي محكمة الصلح التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، طبقاً لأحكام (المادتين 63، فقرة أ، و81) أصول مدنية.

(2) ـ لا يحق للمستأجر رفع الدعاوى العينية المتعلقة بالعين المؤجرة، وذلك لأنه ليس له صفة فيها. كما لا يمكن للمستأجر أن يرجع بدعوى الإخلاء على المستأجر القديم الذي يشغل العقار، وإنما عليه الرجوع على المؤجر ومطالبته بتنفيذ التزامه بتسليم العين وإخلاء المستأجر القديم.

ب ـ التنازل عن الإيجار والإيجار الثانوي: يحق للمستأجر، وفقاً لما نصت عليه المادة (560) مدني، التنازل عن حقه الذي يمنحه عقد الإيجار وذلك بالبيع أو الهبة؛ كما له أن يؤجره إيجاراً ثانوياً.

(1) ـ الفرق بين التنازل عن الإيجار والإيجار الثانوي: التنازل عن الإيجار هو تصرف يحول بموجبه المستأجر حقوقه والتزاماته الناجمة عن عقد الإيجار إلى المتنازل له. ومن ثم فإن هذا التنازل يكون حوالة حق إذا كان يتعلق بحقوق المستأجر، أما تنازل المستأجر عن التزاماته فيخضع لأحكام حوالة الدين. وبما أن التنازل عن حق الإيجار هو تصرف، لذلك يجب أن تتوافر في المستأجر أهلية التصرف. ولا يملك المستأجر في التنازل عن الإيجار حق امتياز على ما قد يوجد في العين المؤجرة من منقولات للمتنازل له. أما الإيجار الثانوي، أو الإيجار من الباطن، فهو عقد إيجار يخضع لأحكام الإيجار لا لأحكام حوالة الحق أو حوالة الدين، فهو يسري في حق الغير إن كان له تاريخ ثابت. وما دام المستأجر الأصلي في عقد الإيجار الثانوي يقوم بعمل من أعمال الإدارة، فإن الأهلية المطلوب توافرها هي أهلية الإدارة. زد على ذلك أنه لا يشترط أن تتماثل شروط الإيجار في العقدين، فقد تختلف شروط الإيجار بين المؤجر والمستأجر الأصلي عن شروط الإيجار بين المستأجر الأصلي والمستأجر الثانوي. وفي الإيجار الثانوي للمستأجر الأصلي حق الامتياز على منقولات المستأجر الثانوي الموجودة في العين المؤجرة.

(2) ـ الشرط المانع من التنازل أو من إيجار ثانوي: إذا نص عقد الإيجار على منع المستأجر من عقد إيجار ثانوي، فإن ذلك يقتضي منعه أيضاً من التنازل عن الإيجار، والعكس صحيح، وفقاً لما جاء في المادة (561/1) مدني، باستثناء ما لو نص العقد صراحة على أن يقتصر الشرط المانع على إحدى الحالتين، كأن ينص العقد على منع المستأجر من التنازل عن الإيجار فقط. ففي هذه الحالة يجوز له أن يؤجر إيجاراً ثانوياً. ويجب عدم التوسع في تفسير الشرط المانع، وذلك لأنه استثناء، والأصل جواز تنازل المستأجر عن حقه. وإذا أخل المستأجر بالشرط المانع من التنازل أو من عقد الإيجار الثانوي المنصوص عليه صراحة في العقد أو المستفاد ضمناً من شروط التعاقد يحق للمؤجر أن يطالب المستأجر بتنفيذ التزامه عيناً. فإذا كان الشرط المانع مطلقاً، أو مقيداً بموافقة المؤجر ولم تصدر هذه الموافقة، فللمؤجر أن يطلب إخلاء المستأجر الثانوي أو التنازل له عن الإيجار من العين المؤجرة؛ أما إذا كان الشرط المانع مقيداً مثلاً بدفع أجرة أعلى عند التنازل أو الإيجار الثانوي فيحق له أن يطالب المستأجر بهذه الأجرة. وقد استثنت المادة (561/2) مدني من ذلك العقار الذي أنشئ عليه مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر. وجاءت المادة (8/ج) من قانون الإيجارات الجديد لعام 2001 لتؤكد هذا الحكم. وتقضي هذه المادة بأنه يجوز إخلاء المستأجر من العقار الخاضع للتمديد الحكمي إذا أجر أو تنازل عن المأجور من دون موافقة خطية من المؤجر، واستثنت من ذلك العقار الذي أنشئ عليه مصنع أو متجر أو صيدلية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانوناً أو حرفة.

رابعاًـ انتهاء عقد الإيجار:

1ـ انتهاء عقد الإيجار بوجه عام: وهو على نوعين، هما:

أ ـ انتهاء الإيجار بانقضاء مدته: ينتهي عقد الإيجار بانقضاء مدته. وقد يتفق المتعاقدان على تحديد هذه المدة، كسنة أو ثلاث سنوات أو خمس سنوات، في العقد، فإن انقضاءها يؤدي إلى انتهاء العقد من دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء ما لم يشترط العقد ذلك، وهذا ما نصت عليه المادة (565) مدني. وإذا بقي المستأجر، بعد انقضاء المدة المتفق عليها في العقد، في العين المؤجرة من دون رضاء المؤجر فيعد بحكم المغتصب، ويجوز الحكم عليه بالإخلاء، إضافة إلى التعويض المقدر بأجرة المثل عن المدة التي شغل فيها المستأجر العين المؤجرة بعد انتهاء الإيجار بلا سند قانوني. وقد يتفق الطرفان في العقد على تحديد المدة، ويشترطان إضافة إلى ذلك ضرورة قيام المؤجر بالتنبيه بالإخلاء قبل انقضاء المدة بفترة معينة، وإلا تجدد الإيجار مدة أخرى. ولا يتوقف انتهاء العقد، في مثل هذه الحالة، على مجرد انقضاء المدة المتفق عليها، وإنما لا بد من قيام المؤجر بالتنبيه بالإخلاء في الأجل المحدد. فإذا قام المؤجر بالتنبيه، فينتهي عندئذٍ الإيجار بانقضاء المدة. أما إذا لم يقم المؤجر بالتنبيه بالإخلاء أصلاً، أو قام به بعد فوات الأجل المحدد، فيمتد الإيجار إلى المدة المتفق عليها والتي يمكن أن تكون معادلة للمدة الأصلية أو أطول أو أقصر منها. وينتهي الإيجار بانقضاء المدة الثانية من دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء. وإذا بقي المستأجر في العين المؤجرة بعد ذلك برضاء المؤجر فيعد ذلك تجديداً ضمنياً للإيجار لا امتداداً له. ومدة التجديد الضمني هي مدة دفع الأجرة مع التقيد بالتنبيه بالإخلاء في المواعيد المحددة بالقانون. أما إذا لم يتفق المتعاقدان على مدة، أو إذا عقد الإيجار لمدة غير معينة، أو تعذر إثبات المدة المدعاة، فيعد الإيجار في هذه الحالات منعقداً للمدة التي دفعت أو حددت عنها الأجرة، ومن ثم فإنه ينتهي بانتهاء هذه المدة، وفق ما ذهبت إليه المادة (531) مدني. ويشترط إضافة إلى انقضاء تلك المدة، تنبيه أحد المتعاقدين الآخر بالإخلاء في الأجل الذي حدده القانون، وهذا الأجل هو في الأراضي الزراعية ثلاثة أشهر، وفي المنازل والدكاكين والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن ثلاثة أشهر أيضاً، وفي المساكن والغرف المفروشة شهر واحد على الأقل. وإذا بقي المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة، بعد انتهاء الإيجار، بعلم المؤجر ومن دون اعتراض منه، يعد الإيجار "قد تمدد بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معينة، وتسري على الإيجار إذا تمدد على هذا الوجه أحكام المادة (531)"، طبقاً لما نصت عليه المادة (566) مدني. ويؤخذ على المشرع استخدام كلمة "تمدد"، وذلك لأن العقد في مثل هذه الحالة لا يمدد وإنما يجدد، والتجديد هنا ضمني. وهناك فرق بين تجديد العقد وبين تمديده. فالتجديد هو عقد جديد، في حين أن العقد الممدد هو استمرار للعقد ذاته؛ ويتفقان في أن شروط كل منهما هي شروط العقد الأصلي ذاتها من حيث الأجرة والتزامات المتعاقدين. وبالمقابل فإنهما يختلفان في المدة، إذ إن مدة التجديد هي دائماً مدة دفع الأجرة مع وجوب التنبيه في الآجال المحددة قانوناً. أما مدة التمديد، فهي المدة المتفق عليها في العقد، وعند عدم الاتفاق يمدد العقد مدة غير معينة. ويترتب على ذلك أنه يشترط في تجديد العقد توافر الأهلية اللازمة لعقد الإيجار في المتعاقدين وقت التجديد، ولا يكفي توافرها حين انعقاد العقد السابق، في حين أنه في امتداد العقد يكفي توافر الأهلية وقت انعقاد العقد السابق. وينعقد التجديد الضمني بشروط العقد السابق ذاتها باستثناء شرط المدة. وتنتقل التأمينات العينية التي قدمها المستأجر، مع مراعاة قواعد الشهر العقاري؛ أما التأمينات التي قدمها الغير فلا تنتقل إلا برضائه. وأخيراً ينعقد التجديد الضمني لمدة غير معينة، وتسري عليه أحكام المادة (531) مدني.

ب ـ انتهاء الإيجار قبل انقضاء مدته: نص القانون المدني على حالات انتهاء عقد الإيجار قبل انقضاء مدته وذلك في (المواد من 568 حتى 576). ويمكن تصنيف هذه الحالات في زمرتين، وهما:

(1) ـ انتهاء الإيجار بانتقال ملكية العين المؤجرة: إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة بالبيع فإن ذلك يؤدي إلى انتهاء الإيجار، حتى لو لم يتضمن عقد البيع نصاً خاصاً بذلك، إذا كان عقد الإيجار يوجب على المستأجر إخلاء العين المؤجرة عند حصول البيع حتى لو كان عقد الإيجار ثابت التاريخ وسابقاً على البيع. كما يمكن أن يكون هذا الاشتراط بعد انعقاد الإيجار وفي اتفاق لاحق بين المؤجر والمستأجر. ويجوز للمشتري أن يطلب من المستأجر إخلاء العين المؤجرة بالاستناد إلى الاتفاق الذي تم بين المؤجر والمستأجر، بموجب أحكام الاشتراط لمصلحة الغير. ولكن يجب على المشتري أن ينبه المستأجر بالإخلاء في الأجل المحدد في المادة (531) مدني، وذلك بدلالة المادة (572) مدني. أما إذا لم يتفق على مصير الإيجار في حالة انتقال ملكية العين المؤجرة فإن مصير الإيجار يختلف تبعاً لما إذا كان ذا تاريخ ثابت أم لا. فإذا كان الإيجار ذا تاريخ ثابت سابق على انتقال ملكية العين المؤجرة، فيكون نافذاً في حق من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة، وفق ما ذهبت إليه المادة (571/1) مدني. وهذا الحكم هو تطبيق خاص لمبدأ الاستخلاف وانصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص المنصوص عليه في المادة (147) مدني. أما إذا لم يكن للإيجار تاريخ ثابت سابق على انتقال ملكية العين المؤجرة، فإن متلقي الملكية له الخيار، وفق أحكام المادة (571/2) مدني، بين أن يتمسك بعقد الإيجار على الرغم من عدم سريانه في حقه، ولا يتوقف ذلك على موافقة المستأجر، أو أن يتمسك بعدم نفاذ الإيجار بحقه، ويجبر المستأجر على الإخلاء بعد التنبيه بذلك في المواعيد المبينة في المادة (531) مدني. ويلتزم المؤجر، في مثل هذه الحالة، أن يدفع للمستأجر تعويضاً ما لم يتفق على غير ذلك، ولا يجبر المستأجر على الإخلاء إلا بعد أن يتقاضى التعويض من المؤجر أو ممن انتقلت إليه الملكية نيابة عن المؤجر أو بعد أن يحصل على تأمين كاف للوفاء بهذا التعويض.

(2) ـ انتهاء الإيجار بعذر طارئ:

> المبدأ العام: إذا وقعت ظروف خطرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار مرهقاً، جاز لكل من المتعاقدين طلب إنهاء الإيجار محدد المدة قبل انقضاء مدته طبقاً لما نصت عليه المادة (575) مدني، على أن يراعي مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة (بالمادة 531) مدني، وعلى أن يعوض الطرف الآخر تعويضاً عادلاً. وهذا الحكم تطبيق لمبدأ نظرية الظروف الطارئة التي نصت عليها المادة (148/2) مدني.

ـ بعض التطبيقات الخاصة لانتهاء عقد الإيجار بالعذر الطارئ: وأهم هذه التطبيقات هي:

< موت المستأجر: المبدأ هو أن موت المستأجر أو موت المؤجر لا يعد من أسباب انتهاء الإيجار، وذلك لأن عقد الإيجار لا يقوم، من حيث المبدأ، على الاعتبار الشخصي للمتعاقد؛ ولكن استثناءً يمكن أن يكون موت المستأجر سبباً من أسباب انتهاء الإيجار، كما يستفاد من المادتين (568 و589) مدني في حالتين، وهما: إذا أثبت ورثة المستأجر أنه بسبب موت مورثهم أصبح العقد مرهقاً لهم أو مجاوزاً حدود حاجتهم، ويجب عليهم أن يطلبوا إلى المؤجر إنهاء عقد الإيجار في مدة ستة أشهر على الأكثر من موت المستأجر؛ وإذا كان الإيجار قد انعقد بسبب حرفة المستأجر أو كان يقوم على اعتبارات شخصية خاصة به.

< إعسار المستأجر: تنص المادة (570) مدني على أنه: " لا يترتب على إعسار المستأجر أن تحل أجرة لم تستحق. ومع ذلك يجوز للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار إذا لم تقدم له في ميعاد مناسب تأمينات تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل. وكذلك يجوز للمستأجر إذا لم يرخص له في التنازل عن الإيجار أو في عقد إيجار ثانوي أن يطلب الفسخ على أن يدفع تعويضاً عادلاً". وقد خرج المشرع في هذا النص عن القواعد العامة لشهر الإعسار المنصوص عليها في المادتين (255/1 و273/1) مدني واللتين تقضيان بأن شهر الإعسار يؤدي إلى سقوط حق المدين في الأجل وحلول كل ما في ذمة المدين من ديون مؤجلة.

< تغيير الموظف أو المستخدم لمحل إقامته: يجوز للموظف أو المستخدم، إذا استلزم عمله تغير محل إقامته، أن يطلب إنهاء إيجار مسكنه إذا كان هذا الإيجار معين المدة، بشرط أن يراعي المواعيد المبينة في المادة (531)، ويقع باطلاً كل اتفاق على غير ذلك، وفق ما نصت عليه المادة (576 مدني).

2ـ الأحكام الخاصة بإنهاء عقد إيجار العقارات: جاءت القوانين المتعاقبة في هذا المجال، وآخرها القانون رقم 6 لعام 2001 المعدل بالقانون رقم 10 لعام 2006، بأحكام خاصة تتعلق بفسخ العقد. أما فيما يتعلق بزوال عقد الإيجار بالإبطال، فإن بطلان عقد إيجار العقارات أو قابليته للإبطال يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني. كانت المادة الأولى من القانون رقم 464 لعام 1949 تنص على أنه: "خلافاً لكل اتفاق سابق تمدد لمصلحة المستأجر إلى 31 كانون الأول 1949 عقود إيجار العقارات المأجورة للسكن أو لأعمال تجارية أو صناعية أو لمهنة حرة أو للحكومة والبلديات والدوائر الرسمية والتي ينتهي أجلها قبل التاريخ المذكور وفقاً لعقد الإيجار أو بمجرد تجديده أو تمديده بمقتضى أحكام القوانين السابقة. وأما العقارات المعدة لأعمال زراعية وتوابعها مبنية كانت أو غير مبنية فيظل إيجارها حراً". فقد اعتمدت هذه المادة مبدأ التمديد القانوني لعقد إيجار العقارات وأخرجته من نطاق مبدأ سلطان الإرادة وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين. أما المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 المتعلق بإيجار العقارات، فلم يتعرض صراحة إلى مسألة التمديد القانوني لعقد الإيجار. إلا أنه نص في المادة (5) منه على تحديد الحالات التي يمكن فيها الحكم بالتخلية على مستأجر عقار، ولم يذكر من بينها حالة انتهاء مدة الإيجار. واستناداً إلى ذلك قررت محكمة النقض السورية بأن العقد يمدد حكماً لمدة غير محددة، ولا يتجدد لمثل مدة العقد الأصلية. (نقض مدني رقم 2926، تاريخ 26/12/1965). وسارت المحاكم على هذا المبدأ إلى أن صدر قانون الإيجارات الجديد رقم /6/ لعام 2001 الذي اعتمد هذا الاجتهاد القضائي في المادة (1/ب)، في العقارات المؤجرة في ظل أحكام المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 وتعديلاته وقبل تاريخ نفاذ القانون الجديد لعام 2001، أما العقود التي تبرم بعد نفاذ هذا القانون، أي بعد تاريخ 21/2/2001، فإن القانون ميز بين زمرتين من هذه العقود. زمرة أخضعها لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وهذا حكم جديد جاء به هذا القانون، وزمرة ثانية أبقاها القانون خاضعة لمبدأ التمديد القانوني. وبعد ذلك صدر القانون رقم 10 بتاريخ 26/2/2006 وأخضع جميع عقود إيجار العقارات المبرمة بعد تاريخ نفاذه لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين ملغياً التمييز الذي أجراه القانون رقم /6/ لعام 2001.

أ ـ مبدأ العقد شريعة المتعاقدين: استلزمت المادة (1/ب) القانون رقم /6/ لعام 2001 المعدل بالقانون رقم /10/ لعام 2006 توافر جملة من الشروط اللازمة لتطبيق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في نطاق تأجير العقارات، وهذه الشروط هي:

(1)ـ أن يكون العقار معداً للسكن أو للاصطياف أو للسياحة أو للاستجمام، أو يكون العقار مأجوراً من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية أو من الدوائر الرسمية أو من إحدى الجهات المحددة في المادة (1/أ) من القانون رقم /6/ لعام 2001. وبعد ذلك جاء القانون رقم /10/ لعام 2006 الذي أخضع لهذا المبدأ العقارات المأجورة لممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو حرفية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانوناً.

(2)ـ أن يكون عقد الإيجار مبرماً بعد نفاذ القانون رقم /6/ لعام 2001 في 21/2/2001 تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. العقارات المذكورة في المادة (1/أ) من القانون رقم /6/ لعام 2001، والمؤجرة قبل نفاذه فقد أخضعتها المادة (1/ب) من هذا القانون لمبدأ التمديد القانوني. إلا أن المادة (2) أعطت الحق للمالك في استرداد العقار مقابل التعويض على المستأجر بشروط معينة. وأما العقارات المعدة لممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو حرفية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانوناً، فيشترط أن يكون عقد الإيجار مبرماً بعد نفاذ القانون رقم /10/ تاريخ 26/2/2006، في 9/3/2006.

(3)ـ أن يسجل العقار في الوحدات الإدارية ويتضمن البيانات المطلوبة وفقاً لأحكام المادة (3) من القانون رقم /6/ لعام 2001.

(4)ـ أن يكون عقد الإيجار محدد المدة، وهذا ما يستفاد من المادة (4/أ)، من القانون ذاته.

ويعد عقد الإيجار المشمول بأحكام المادة (1/أ) المسجل وفق المادة (3) من هذا القانون سنداً تنفيذياً، وفق ما نصت عليه المادة (4/أ) منه، ويحق للمؤجر استرداد عقاره عند انتهاء المدة المحددة في عقد الإيجار عن طريق دائرة التنفيذ. ومن ثم لا يخضع مثل هذا العقد لقاعدة التمديد القانوني ولا لقاعدة خضوع بدل الإيجار للتخمين. وإضافة إلى خضوع عقود الإيجار المشمولة بأحكام المادة (1/أ) من القانون رقم /6/ لعام 2001، المعدل بالقانون رقم /10/ لعام 2006 والمسجلة أصولاً طبقاً لأحكام المادة (4) منه لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، فإنها تخضع للقواعد العامة لإنهاء العقد المنصوص عليها في القانون المدني.

أما عقود الإيجار المشمولة بحكم المادة (1/أ) من القانون المذكور وغير المسجلة أصولاً، فتخضع أيضاً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، وفقاً لما نصت عليه المادة (4/ب) من القانون ذاته، بشرط إثباتها وفقاً للقواعد القانونية النافذة. فيجب أولاً إثبات أن تاريخ عقد الإيجار غير المسجل، والذي هو محل نزاع، هو لاحق لتاريخ نفاذ القانون الجديد والواقع في 21/2/2001 إذا كان لغاية السكن؛ أو أن تاريخه لاحق لتاريخ نفاذ القانون رقم /10/ لعام 2006 الواقع في 9/3/2006 إذا كان الإيجار لغايات تجارية أو مهنية. ويسهل إثبات هذه الأمور إذا كان هناك عقد خطي بين الطرفين. فإذا أبرز المؤجر عقد إيجار خطياً غير مسجل ولكنه مؤرخ، عندئذ يجب على المستأجر إثبات عكس ذلك بالطرق المقبولة قانوناً. فإذا حكمت المحكمة لمصلحة المؤجر واكتسب الحكم الدرجة القطعية فإنه يعد سنداً تنفيذياً يمكن بموجبه أن يطلب المؤجر إلى رئيس دائرة التنفيذ المختصة استرداد عقاره من المستأجر وإخلائه من العين المؤجرة. أما إذا لم يكن هناك عقد خطي، واكتفى الطرفان بعقد شفوي، فيجب في مثل هذه الحالة، على المؤجر رفع دعوى أمام المحكمة المختصة من أجل إثبات العلاقة الإيجارية، وإثبات أن العقد انعقد بعد تاريخ نفاذ القانون الجديد، فإذا استطاع إثبات ذلك كله، تصدر المحكمة حكمها بإثبات العلاقة الإيجارية، ويعد حكمها بعد اكتسابه الدرجة القطعية سنداً تنفيذياً يمكن الاستناد إليه لاسترداد العقار.

ب ـ إنهاء عقد الإيجار وفقاً لأحكام المادة 2/ب من القانون رقم /6/ لعام 2001: اعتمدت هذه المادة حكماً خاصاً لإنهاء عقد إيجار العقارات المؤجرة للسكن والخاضعة في الأصل لمبدأ التجديد الحكمي، وهو حق المالك في إنهاء العقد بشروط معينة. وهذا النص في الواقع ما هو إلا تعزيز للعادة وللتعامل الرضائي الحاصل خلال السنوات السابقة لصدوره بين المالكين والمستأجرين. وصاحب الحق في طلب فسخ العقد وفقاً لنص هذه المادة هو مالك العقار المأجور فقط، سواءٌ كانَ هو المؤجر أم لا. أما المؤجر فلا يجوز له أن يطلب فسخ العقد استناداً إلى تلك الفقرة إلا إذا كان هو مالك العقار المأجور. وقد دخلت هذه الفقرة حيز النفاذ اعتباراً من تاريخ 21/2/2004، بحيث يمكن اعتباراً من ذلك التاريخ أن يستعمل المالك حقه في الفسخ قضاءً، وفي مثل هذه الحالة لا تملك المحكمة أي سلطة تقديرية وإنما يجب عليها الحكم بفسخ العقد. وما دام  الأمر يتعلق بإنهاء علاقة إيجارية، فإن طلب الفسخ يقدم إلى محكمة الصلح المدنية، طبقاً لأحكام المادة (63/أ) أصول مدنية، (والمادة 5/أ) من قانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001. وإذا كان العقار المأجور مملوكاً على الشيوع، فإن الحق في إنهاء العلاقة الإيجارية مع دفع تعويض للمستأجر بموجب المادة (2/ب) من قانون الإيجارات الجديد هو لمالك أكثرية الأنصبة بواقع 51% وفق ما ذهبت إليه محكمة النقض، مسوغة قرارها بأن عقد الإيجار هو عمل من أعمال الإدارة المعتادة، وإنهاؤه يكون كذلك. (نقض مدني، الغرفة الإيجارية، قرار رقم 372، تاريخ 13/3/2006). وهذا القرار منتقد؛ لأن إنهاء عقد الإيجار في مثل هذه الحالة يدخل ضمن أعمال الإدارة غير المعتادة، لأنه يهدف إلى تحسين الانتفاع بالعقار المأجور، هذا التحسين الذي يتطلب فرض أعباء إضافية ومرهقة على المالكين. ومن ثم يمكن للشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع العقار المأجور على الأقل أن يطلبوا إنهاء العلاقة الإيجارية مع دفع تعويض للمستأجر وفقاً لأحكام المادة (2/ب) من قانون الإيجارات الجديد، وذلك بالاستناد إلى أحكام المادة (784) مدني. وإذا كان العقار مملوكاً على الشيوع وكان المستأجر أحد الشركاء على الشيوع، فلا يحق في مثل هذه الحالة للشركاء الذين يملكون النصاب القانوني طلب إنهاء الإيجار استناداً إلى أحكام المادة (2/ب) من قانون الإيجارات الجديد، لأن من شأن هذه الدعوى أن تؤدي إلى نزع ملكية الشريك المستأجر رغماً عن إرادته، وهذا فيه مخالفة لأحكام المادة (15) من الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية لعام 1973 التي تضمن الحق في الملكية. وقد استقر الاجتهاد القضائي على أنه لا تقبل دعوى إنهاء العلاقة الإيجارية إلا من المالك الذي يجب عليه إثبات ملكيته بقيود السجل العقاري. وهذا ما قررته محكمة النقض بشأن دعوى المالك المؤجر بطلب الإخلاء لعلة السكن. (نقض سوري، قرار رقم 299/ أساس مخاصمة 692 لعام 1996). فإذا أراد الورثة المطالبة بفسخ عقد الإيجار المبرم من قبل مؤجرهم استناداً إلى المادة (2/ب) من قانون الإيجارات الجديد، فيجب أن يتم ذلك بعد نقل ملكية العقار إلى أسمائهم في السجل العقاري، ويجب عليهم تقديم الدعوى بصفتهم الشخصية، ولا حاجة إلى إقامتها إضافة إلى تركة مؤرثهم، باعتبارها من الدعاوى الشخصية. (نقض مدني رقم 548 لعام 1970). والمالك الذي يملك حق إنهاء عقد الإيجار طبقاً لأحكام المادة (2/ب) من قانون الإيجارات الجديد هو مالك حق الانتفاع لا مالك حق الرقبة، وذلك لأن مالك حق الانتفاع يملك سلطة استغلال العقار المأجور واستثماره والإيجار يدخل ضمن استغلال العقار المأجور.

وأما العقارات المشمولة بحكم المادة (2/ب) من قانون الإيجار لعام 2001، فهي العقارات المؤجرة للسكن والمشمولة بأحكام التمديد القانوني، أي العقارات المؤجرة للسكن قبل تاريخ 21/2/2001. وجاءت هذه المادة مطلقة في عباراتها، إذ لم تقيد حق طلب إنهاء العلاقات الإيجارية بمالك العقارات المسجلة في السجل العقاري أو في قيود مؤسسات أو جمعيات مماثلة في قوتها لقيود السجل العقاري، ومن ثم يمكن القول إن هذه المادة تشمل أيضاً العقارات المؤجرة للسكن التي تقع خارج المخطط التنظيمي والمملوكة على الشيوع، والتي جرى بناء للسكن عليها من دون أي ترخيص رسمي من الجهات المعنية. وكذلك تشمل العقارات المؤجرة للسكن والمسجلة في سندات تصرف، أي الأراضي الأميرية.

وأما المقصود بالمستأجر، في مفهوم المادة (2/ب) فهو المستأجر الذي تعاقد مع المؤجر والذي يشغل العقار المأجور للسكن بموجب عقد إيجار يخضع للتمديد الحكمي. وإذا دخل المستأجر إلى العقار المأجور مع أفراد أسرته فإنه يكون مستأجراً أصلياً عن نفسه، ويعد في الآن ذاته نائباً عن أفراد أسرته حتى لو دخلوا العقار المأجور بعد بدء العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر الأصلي. وفي حالة وفاة المستأجر الأصلي تنتقل آثار عقد الإيجار الذي أبرمه مع المؤجر إلى ورثته. ويجب تحديد تاريخ الوفاة من أجل معرفة من هم الورثة الذين تنتقل إليهم العلاقة الإيجارية. فإذا توفي المستأجر قبل 21/2/2001، وهو تاريخ نفاذ قانون الإيجار الجديد، فإن العلاقة الإيجارية تنتقل منه إلى من كان يقيم معه من أفراد أسرته وأقربائه، عند بدء العلاقة الإيجارية حتى تاريخ وفاته، الذين حددتهم المادة (2) من القانون رقم /464/ لعام 1949. ويجب، في هذه الحالة، على المالك أن يرفع دعوى إنهاء العلاقة الإيجارية وإخلاء المستأجر ضد أفراد أسرة المستأجر المتوفى المقيمين معه حين الوفاة فقط. أما إذا توفي المستأجر بعد تاريخ 21/2/2001 فإن تحديد ورثة المستأجر المتوفى يتم وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني بشأن عقد الإيجار، وذلك لأن قانون الإيجار الجديد رقم /6/ لعام 2001، الذي دخل حيز النفاذ اعتباراً من 21/2/2001، نص صراحةً في المادة (17/أ) منه على إنهاء أحكام القانون رقم /464/ لعام 1949. ومن الرجوع إلى تلك القواعد يتبين أن المادة (568) مدني تقضي بأن الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر، ومن ثم فإنه ينتقل إلى ورثته بعد وفاته. ويترتب على ذلك أنه يجب على المالك أن يرفع دعوى إنهاء العلاقة الإيجارية على جميع ورثة المستأجر المتوفى سواء الذين كانوا يقيمون معه وقت وفاته أم الذين خرجوا من العقار قبل وفاته. وفي حال تعدد المستأجرين، إذا كان عقد الإيجار بين المؤجر المالك وبين عدة مستأجرين فإنه يجوز للمالك أن يرفع دعوى واحدة ضد جميع المستأجرين من أجل إنهاء العلاقة الإيجارية، ويقسم التعويض المستحق لهم بموجب هذه المدة بالتساوي فيما بينهم، إلا إذا كان عقد الإيجار يحدد نصيب كل منهم في الإيجار. أما إذا تعاقد المؤجر المالك مع كل مستأجر بموجب عقد إيجار مستقل، فيجب عليه في مثل هذه الحالة أن يرفع دعوى مستقلة ضد كل مستأجر يطالبه فيها بالإخلاء وفقاً لأحكام المادة (2/ب) مع التزامه بدفع التعويض المستحق لكل واحد منهم بموجب هذه المادة. والتعويض المتوجب بحكم هذه المادة هو مبلغ يعادل نسبة 40% من قيمة البناء المأجور شاغراً وبوضعه الراهن بتاريخ الكشف والخبرة على العقار المأجور من قبل المحكمة المختصة. والتعويض هنا هو تعويض قانوني لأنه محدد بنص في القانون. وتشمل كلمة البناء العقار المأجور بكامل عناصره المادية والمعنوية أرضاً وبناءً. (نقض سوري، هيئة عامة، قرار رقم 148/ أساس 1609، تاريخ 23/5/2006).

ج ـ الحكم بالإخلاء على المستأجر: العقارات التي كانت مؤجرة في ظل المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 وتعديلاته، نص المشرع على أنها تبقى خاضعة لأحكام التمديد الحكمي وتحديد بدل الإيجار، مع مراعاة أحكام المادة (2، فقرة ب منه)، والتي سبق بيان أحكامها. وكذلك العقارات التي تم تأجيرها، قبل نفاذ التعديل الجديد لقانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001، والصادر بالقانون رقم 10 لعام 2006، لأعمال تجارية أو صناعية أو حرفية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانوناً فهي أيضاً تخضع لأحكام التمديد الحكمي وتحديد بدل الإيجار. وقد أجاز القانون فسخ عقد الإيجار والحكم بالتخلية على المستأجر في العقارات الخاضعة للتمديد الحكمي في حالات ذكرت على وجه الحصر في المادة (8) منه.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ خالد المالكي، شرح قانون الإيجار رقم 6 تاريخ 15/2/2001 (مؤسسة النوري، دمشق 2002).

ـ سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، في العقود المسماة، عقد الإيجار، المجلد 8، الطبعة الرابعة (دار الكتب القانونية شتات والمنشورات الحقوقية صادر، 1999).

ـ سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، قانون إيجار الأماكن، المجلدان 9 و10، الطبعة التاسعة (دار الكتب القانونية شتات والمنشورات الحقوقية صادر 1990، والمجلد العاشر، 1992).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الإيجار والعارية، الجزء السادس ـ المجلد الأول (بلا تاريخ).

ـ محمد زحيلي، القانون المدني المقارن بالفقه الإسلامي، العقود المسماة، الطبعة الخامسة (منشورات جامعة دمشق، 1997ـ 1998).

ـ محمد بشير جزائرلي، "القواعد القانونية الجديدة في قانون الإيجار الجديد رقم 6 لعام 2001"، مقال منشور في مجلة "المحامون" الصادرة عن نقابة المحامين في سورية، العددان 3و4 لعام 2004، السنة 39، ص210.

ـ محمد عرفان الخطيب وفواز صالح، عقد الإيجار (منشورات جامعة دمشق ـ مركز التعليم المفتوح، مطبعة الروضة، دمشق 2005/2006).

ـ محمد علي فينو، الملحق الأول لكتاب أضواء على أحكام قانون الإيجار الجديد رقم 6 لعام 2001.

ـ مصباح نور المهايني، صيغ الدعاوى المدنية، دعاوى الإيجارات، الجزء الأول، الطبعة الأولى (مؤسسة النوري، دمشق 2003).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 383
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 507
الكل : 29638404
اليوم : 18414