logo

logo

logo

logo

logo

النواسير التناسلية

نواسير تناسليه

genital fistulas - fistules génitales



النواسير التناسلية

 

الدكتور صادق فرعون

التصنيف

آلية الحدوث

الأعراض

معالجة النواسير

 

يُعرّف الناسورfistula  بأنه ممرٌ أو اتصال شاذٌ ما بين عضوين باطنين، أو ما بين عضوٍ باطن وسطح الجسم. والنواسير التناسليةgenital fistulae   هي الممرات الشاذة ما بين الرحم أو المهبل من جهةٍ وبعض الأحشاء المجاورة، مثل المثانة أو المستقيم rectum أو الإحليل urethra أو الحالب ureter من جهة ثانية. أغلبها مشاهدةً النواسير المثانية  ـ المهبلية تليها النواسير الشرجية ـالمهبلية، أما البقية مثل الناسور الإحليلي ـالمهبلي والحالبي ـالمهبلي والمثاني ـالصفاقي vesico ـperitoneal فأقلّ حدوثاً. في بعض الحالات قد يوجد أكثر من ناسورٍ واحدٍ في المريضة نفسها. قد يكون الناسور صغيراً وقد يكون واسعاً يترافق بضياعٍ ماديٍ كبير في النُسج.

تنجم معظم النواسير  ـبنحو 85% في بلدان العالم الثالث ـ عن مخاضٍ مسدود أو عن مداخلات مهبلية عسيرة وراضّة، وتُدعى النواسير الولادية، و15% فقط تنتج من عملياتٍ جراحية أو معالجة شعاعية وتدعى النواسير النسائية. أما في بلدان العالم المتطوّر فالحال معكوس. في دراسة إحصائية نشرتُها عن النواسير التناسلية البولية في دمشق بلغت نسبة النواسير الولادية المنشأ (76%) والنسائية (24%). وقد كانت هذه النسبة في الأعوام (1964 ـ1979) (90.5%) و (9.5%) بالترتيب. أما في الفترة الأخيرة (1980 ـ2005) فكانت (43%) و(57%) بالترتيب، أي إن النواسير النسائية المنشأ قد ازدادت على حساب النواسير الولادية المنشأ في السنين الأخيرة.

التصنيف

تصنّف النواسير البولية في ثلاثة أنماط: النواسير العالية وهي التي تتوضّع في مثلث المثانة trigone وأعلى المَوصِل المثاني الإحليليvesico ـurethro ـjunction ، والنواسير المتوسطة وهي التي تتوضّع وتكتنف المّوصل المثاني  ـ الإحليلي، وأخيراً النواسير الواطئة وهي التي تصيب الإحليل. أما النواسير المعوية التناسلية فهي أقلّ مشاهدة، ويغلب أن تتلو مداخلاتٍ جراحية ولاسيما الجراحات السرطانية أو التي تتلو معالجة تشعيعية أو إثرَ رضٍّ جراحي لم يُنتبه له في أثناء العملية وأدى إلى ظهور ناسور معوي تناسلي. أغلبها يحدث ما بين المستقيم وقبة المهبل نتيجة لرضحٍ trauma جراحي أو لوجود آفات سرطانية حوضية أو التهاب حوضي أو انتباذ بطاني رحمي endometriosis. غالباً ما تنفتح هذه النواسير على قبو vault المهبل. أما أغلب النواسير الهضمية المشاهدة في بلدان العالم الثالث فهي النواسير المستقيمية المهبلية التالية لولادات عسيرة ومديدة والتي تترافق بتنخر النسج الحوضية الذي ينجم عن انضغاطها وهي المهبل والمستقيم والمثانة، والذي يؤدي تخشّرها sloughing إلى انطراح هذه النسج المتموتة وظهور فتحة أو فتحات ما بين المستقيم والمهبل في قسمه العلوي في العمليات الجراحية، أو السفلي في الولادات والمداخلات المهبلية العسيرة والراضّة.

آلية الحدوث

تحدث معظم النواسير ما بين المهبل أو الرحم وعضوٍ مجاور هو في الأغلب المثانة (الناسور المثاني  المهبلي) أو ما بين المستقيم والمهبل (الناسور المستقيمي المهبلي)، أما الأقل مشاهدة فهي النواسير الحالبية المهبلية وتشاهد في الأكثر إثر العمليات القيصرية أو عمليات استئصال الرحم. وإن نسبة كبيرة من هذه النواسير هي ولادية المنشأ في بلدان العالم الثالث (85%) مقابل (15%) نسائية المنشأ، في حين تنقلب هذه النسب أي (85%) نسائية المنشأ وفقط (15%) ولادية في بلدان العالم المتطور. كانت هذه النواسير تشاهد في العقود السالفة إثر ولادات عسيرة ومديدة ولاسيما حين يضغط الرأس المتقدم جدر المهبل مع المثانة أو الإحليل في الأمام أو جدار المستقيم في الخلف  ـ ولمدة زمنية طويلة  ـ مؤدياً إلى حدوث تنخر إقفاري ischemic necrosis وظهور الناسور بعد (5  ـ14) يوماً أي حين سقوط التخشّر، أو أن يحدث الناسور آنياً بفعل عمليات توليدية مهبلية راضة وعنيفة مثل تطبيق ملقط الجنين المتوسط ومحاولة تدوير رأس الجنين داخل الحوض مما قد يؤدي إلى رضحٍ مباشر وتمزق فوري في جدر المهبل وإلى ظهور ناسور مثاني مهبلي في الأمام أو إلى ناسور مستقيمي مهبلي في الخلف، أو إلى كليهما. تناقصت معدلات حدوث هذه النواسير مؤخراً في بلدان العالم الثالث بسبب إحجام الأجيال الجديدة من المولدين عن إجراء معظم هذه المداخلات المهبلية وتفضيل الإكثار من اللجوء إلى العملية القيصرية والتي نجم عنها ظهور المزيد من النواسير المثانية المهبلية العالية والنواسير الحالبية المهبلية ولاسيما عندما تتكرر هذه القيصريات، مع العلم أن المداخلات التوليدية المهبلية المدرسية يندر أن تسبب أي نواسير ولاسيما عندما تجرى بطريقة فنية مُتقنة ومن دون أي حركات عنيفة ومؤذية. أما النواسير التي قد تحدث في عواقب المعالجة الشعاعية irradiation فغالباً ما لا تظهر قبل مرور عامٍ أو أكثر بعد هذه المعالجة.     

الأعراض

تشكو المريضة من سيلان البول أو الغائط سيلاناً لاإرادياً ولاسيما حين تكون فوهة الناسور واسعة وعندها يكون كشف فوهة الناسور أمراً سهلاً. أما إذا كانت فوهة الناسور صغيرة فقد تشكو المريضة من سيلان متقطعٍ مع بقاء قدرتها على إفراغ مثانتها أو مستقيمها. يساعد اختبار وضع ثلاث قطائل swabs قطنية في المهبل ـ الواحدة تحت التي تسبقها، لمعرفة أيٍ من المستويات الثلاثة هي التي تتبلل فيها القطيلة بالبول وذلك بعد حقن زرقة الميتيلين في المثانة وفحص قبو المهبل وجداره الأمامي ـ على تحديد موقع الناسور، ومن المفيد إجراء تنظير المثانة لتحديد موقع الناسور بدقة وعلاقته بفوهتي الحالبين. أما بالنسبة إلى النواسير المستقيمية فمن المفيد أيضاً أن تتناول المريضة حبوب الفحم مدة يومين أو ثلاثة  وعندها يمكن كشف فوهة أي ناسور مستقيمي صغير مكان ظهور التلوث الأسود، كذلك يفيد إجراء المس الشرجي وتنظير المستقيم.

معالجة النواسير

هي في الأغلب جراحية ترميمية، ومع ذلك إذا تمّ الانتباه لحدوث بول غير إرادي مباشرة فمن المفيد وضع قثطرة دائمة لنزح البول وتركها مدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع؛ إذ إن هناك احتمال انغلاق الناسور الذاتي إذا كانت الفوهة صغيرة، أما إذا لم يتمّ هذا الشفاء العفوي فلا يبقى إلا اللجوء إلى الترميم الجراحي. من الضروري الإشارة إلى الفوارق ما بين النواسير الولادية والنواسير النسائية أي الجراحية، ففي الأولى ينجم الناسور عن تخشّر نسجٍ متموتةٍ ومرضوحة وغالباً ما تكون حوافها إقفارية مما يجعل احتمال اندمالها العفوي أمراً مستبعداً، أما النواسير النسائية أي الجراحية فغالباً ما تكون حوافها سليمة نسبياً ولاسيما عندما تنجم عن جروح قاطعة، لذا فإن احتمال اندمالها وانغلاقها الذاتي أعلى من نظيرتها السابقة، ولهذا فمن المفيد وضع قثطرة دائمة من فور الانتباه لوجود أي سيلان بولٍ لاإرادي مدة أسبوعين على الأقل أملاً بانتهاء هذه المشكلة بأبسط وسيلة، وهو ما قد يساعد الطبيب على عدم تعرضه للمقاضاة في حال آخفقت هذه الطريقة. ومن الملاحظ أن الحالات التي لا يتوقف فيها سيلان البول بعد أسبوعين من وضع القثطرة الدائمة يندر أن تنغلق فيما إذا استمرّ النزح الدائم للبول مدة أطول.

المعالجة الجراحية: تعتمد هذه الجراحة على الأسس التالية:

1 ـ يجب الانتظار حتى تزول علامات الالتهاب والتخشّر الموضعي، ويفيد في تسريع هذه المرحلة استعمال الغسولات والتحاميل المهبلية والنظافة العامة.

2 ـ متى زالت هذه الارتكاسات الموضعية وتمّ تحضير المريضة للترميم الجراحي، من المفيد زرع البول وتحرّي وجود خمج بولي ومعالجته قبل العمل الجراحي، وكذلك بالنسبة إلى النواسير المستقيمية بوصف مطهرات معوية.

3 ـ أهم عوامل نجاح الترميم هو العرض الجيد لموضع الناسور. معظم النواسير تعنو للترميم عن طريق المهبل ، وحين وجود تضيق في مولج المهبل introitus يمكن إجراء بضع فرجٍepisiotomy  لتحسين الرؤية. على العموم يفضّل الجراحون النسائيون ترميم النواسير عن طريق المهبل في معظم الحالات، في حين يميل الجراحون البوليون إلى اللجوء إلى طريق البطن.

4 ـ أهم الأسس التي تحقق نجاح الترميم هو تسليخ نسج المهبل عن نسج المثانة أو المستقيم وتنضير حواف الناسور الندبية والمتليفة لأنها تكون شحيحة التروية الدموية وبالتالي سيئة الاندمال، ومع ذلك لا يجوز المبالغة في هذا الاستئصال كيلا تكبر فوهة الناسور.

5 ـ يجب أن تتم خياطة حواف الناسور وتقريبها من دون أن يحتاج الأمر إلى شدٍّ هذه الحواف، ولا يتحقق ذلك إلا إذا تمّ تسليخ هذه الطبقات بصورة كافية.

6 ـ يحسن ألا تشمل القُطب مخاطية المثانة. هناك من يفضّل استخدام القطب المتفرقة وآخرون يفضلون القطب المتواصلة (الشُلالة) وذلك لأنها كتيمة watertight.

7 ـ من المهم أن يتمّ نزح البول مدة لا تقلّ عن أسبوعين، أما النواسير الغائطية فمن الضروري أن تتبع المريضة فيها حمية قليلة الألياف مع تناول مادة ملينة كي تكون كتلة الغائط رخوة لا تؤذي الخياطة الجراحية.

8 ـ يُفضّل أن تتم هذه الجراحات في وحدات متخصصة يقوم عليها اختصاصيون مندفعون في هذه المهمات لكي تكون معدلات الشفاء عالية. 

وأخيراً إن معظم النواسير التناسلية علاجية المنشأ iatrogenic؛ ولذا فهي تُعرّض الطبيب في معظم الحالات للمقاضاة ولاسيما أنها تسبب مصاعب حياتية للمريضة ولأهلها قد تمنعها من متابعة عملها ويجعل من الصعب على الطبيب أن يدافع عن نفسه. لذا يجب على الطبيب بذل كل جهد لعدم رضّ النسج وكشف أي أذية حشوية حالاً والمبادرة إلى ترميمها مباشرة. وإن أول قاعدة في قسَم  أبقراط هي «أولاً لا تؤذِ» Primum non nocere ومن البديهي إذا حدثت أذية فالمسارعة إلى إصلاحها هو الأفضل والأسلم للمريضة وللطبيب.

 

 

علينا أن نتذكر

إن ظهور أي ناسور تناسلي هو دليل على منشأ علاجي؛ أي على خروج الطبيب على القواعد الطبية المدرسية مع احتمال تعرّضه للمقاضاة. لذا فالوقاية خير من ألف علاج، وإذا حدث أي رضحٍ وتمزق لأي حشا (مثانة، مستقيم، حالب) فالأمثل اكتشافه مباشرةً وترميمه بالمقصد الأول، أما إذا لم يتحقق ذلك فيبذل كامل الجهد لكي يكون الترميم ناجحاً من المحاولة الأولى. يندر لأي طبيب مولد ألا يصادف حالة ناسور أو حالتين في حياته الطبية أما السعيد فهو من لا يصادف أي حالة!.

 

 

 


التصنيف : نسائية
النوع : نسائية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 83
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 578
الكل : 29663666
اليوم : 43676