logo

logo

logo

logo

logo

العقم

عقم

sterility - stérilité



العقم

 

الدكتور سعد نانو

 الفيزيولوجيا والعوامل المؤثرة في الخصوبة الطبيعية

أسباب عدم الخصوبة وطرق تقييمها

تدبير عدم الخصوبة

الإخصاب المُساعَد طبياً

 

يُعدّ مصطلح عدم الخصوبة infertility أكثر دقة من تعبير العقم sterility ولاسيما بعد ظهور الطرائق العلاجية وتطورها في تدبير الكثير من الحالات المرضية التي كانت تعوق حدوث الحمل. ويفضل أن يقتصر استعمال تعبير العقم على الحالات القليلة التي يستحيل فيها حدوث الحمل، كغياب الرحم الخلقي أو عدم تنسج المبيضين أو عدم تكوّن النطاف في الخصيتين. وعدم الخصوبة هو بالتعريف عدم حدوث الحمل بعد انقضاء عام كامل من الجماع بين الزوجين بالطريقة الصحيحة ومن دون استخدام وسيلة أو طريقة لمنع الحمل.

يعاني 10 ـ 15% من الأزواج من عدم الخصوبة. لا توجد دراسات إحصائية دقيقة تظهر ارتفاع عدد الأزواج الذين يعانون من نقص الخصوبة عالمياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ولكن حدثت خلال هذه الفترة تغيرات مهمة جداً أثرت في مفهوم نقص الخصوبة أهمها اكتشاف تقنيات الإخصاب المُساعَد طبياً assisted reproductive technologies (ART) وتطورها واعتمادها في علاج الكثير من حالات عدم الخصوبة. كما أن ازدياد عدد الزوجات اللواتي يسعين إلى الحصول على حمول في أعمار متقدمة وما ينطوي عليه هذا التأخير من نقص احتمال الخصوبة لديهن أدى إلى انتباه الأفراد والأزواج واهتمامهم بموضوع عدم الخصوبة وازدياد الرغبة العامة في التعرف إلى تفاصيل طرائق علاجه الحديثة.

الفيزيولوجيا والعوامل المؤثرة في الخصوبة الطبيعية

لا تخلو سيرة التكاثر والخصوبة البشرية الطبيعية من التعقيد وهي ترتكز على توافر عدة مقومات وعوامل أساسية.

العامل الذكري male factor: يجب أن يوجد السائل المنوي عند عنق الرحم أو بتماسه في أثناء فترة الإباضة، وأن يحتوي النطاف القادرة على الوصول إلى قناتي البوقين وعلى إلقاح البيوض.

العامل المبيضي ovarian factor: إن حدوث الإباضة وتحرر بيوض ناضجة شرط ضروري ويفضل أن يكون منتظماً ودورياً.

العامل العنقي cervical factor: يجب أن يكون عنق الرحم قادراً على التقاط السائل المنوي وتصفيته لتحرير النطاف المتحركة والسوية ودخولها إلى داخل الرحم ومن ثم إلى قناتي البوقين.

العامل البوقي tubal factor: يجب أن يتصف البوقان بالقدرة على التقاط البيوض المتحررة من الأجربة المبيضية وعلى نقل النطاف من جوف الرحم وعودة البيوض الملقحة إليها.

العامل الرحمي uterine factor: يجب أن تكون الرحم مهيأة لتعشيش الجنين وقادرة على دعم نموه وتطوره.

درجة الخصوبة في الجنس البشري أقل مما هي في بقية الثدييات، يحدث الحمل لدى 20 ـ25% من الأزواج خلال الشهر الأول من محاولة الحمل، وتتجاوز النسبة 50% بعد مرور ثلاثة أشهر، وتزيد على70% بعد مرور ستة أشهر لتصل بنهاية السنة الأولى إلى حوالي 85% من الأزواج.

يؤثر العمر في الخصوبة في المرأة, فتكون الخصوبة عادةً في أوجها بعمر 20 ـ24 سنة، وتنخفض قليلاً وعلى نحو تدريجي حتى عمر 34 سنة لتصبح بنسبة 25 ـ45% مابين عمر 35 ـ39 سنة، وربما لا تتجاوز الخصوبة في المرأة نسبة 5 ـ10% بعد عمر 40 سنة. أما قدرة الرجل على الإخصاب وإنتاجه الأندروجيني ونوعية السائل المنوي لديه فتتناقص تناقصاً طفيفاً وتدريجياً مع تقدم العمر، ومع تأثير هذا التقدم في الوظيفة الإنجابية عنده، إلا أن هذا التأثير أقل وضوحاً مما هو عند المرأة.

إن لنمط الحياة اليومية والعادات والعوامل البيئية تأثيراً مهماً في درجة الخصوبة.

قد تترافق زيادة الوزن (مشعر الكتلة الجسمية BMI ـbody mass index  <52) أو البدانة (مشعر الكتلة الجسمية<03) أو نقص الوزن (مشعر الكتلة الجسمية> 71) مع اضطرابات في إفراز الحاثات تحت المهادية gonadotropin ـreleasing hormone (GnRH) والهرمونات  النخامية المنمية للأقناد gonadotropins في المرأة في حين لا يبدو هذا الترافق واضحاً في الرجل. يعد التدخين أكثر العوامل شيوعاً في التأثير السلبي في القدرة الإخصابية،  ومن العوامل الأخرى الكحول والمخدرات والإفراط في الكافئين، كما قد تؤثر طبيعة بعض المهن سلباً في القدرة الإنجابية للزوجين كما في حالات التعرض لارتفاع درجات الحرارة (سائق، مواد مشعة حرارية) أو التعرض لمواد كيميائية خاصة (المبيدات الحشرية، الملونات التجارية، مواد التنظيف وغيرها).

أسباب عدم الخصوبة وطرق تقييمها

يعود عدم الخصوبة إلى أسباب أنثوية (40 ـ50%) أو ذكرية (30 ـ40%) وقد يكون مجهول السبب (10 ـ15%).

يبدأ تقييم الزوجين بتسجيل القصة المرضية وإجراء الفحص السريري. يراعى في القصة المرضية معرفة مدة عدم الخصوبة وعدد الحمول والولادات السابقة، والاختلاطات المرافقة، ومدة الدورة الطمثية وصفاتها وتواتر الجماع وعسرته واضطراباته. كما يستفسر عن سوابق الإصابة بداء حوضي التهابي أو بأي من الأمراض المنتقلة بالجنس، أو اضطرابات غدية (خلل وظيفة الدرقية أو ثر الحليب أو الشعرانية). ومن الضروري معرفة جميع السوابق الجراحية والمرضية والتحسسية، واضطرابات النمو والبلوغ، والسوابق الجراحية والرضية على الخصية أو التهاب البربخ النكافي أو قصة خصية هاجرة أو فتق مغبني. ويجب عدم إهمال القصة العائلية كالتشوهات الخلقية أو التأخر العقلي أو فشل الخصوبة والضَّهى المبكر, وتدوين بعض العادات كتناول الأدوية والكحول والتدخين وطبيعة المهنة المزاولة, كما يجب أن يسأل عن حصيلة التقييمات والعلاجات السابقة.

يكون الفحص السريري للزوجين عاماً ويشمل بشكل خاص في الزوجة الأعضاء التناسلية الظاهرة ومحاولة جس أي كتل أو ضخامات أعضاء حوضية أو كشف موجودات مهبلية أو عنقية أو مفرزات أو ضائعات غير طبيعية، وملاحظة أي أعراض غدية كضخامات درقية أو إفرازات من الثدي أو أعراض فرط أندروجينية (ذكورة) مع معرفة مشعر الكتلة الجسمية, أما عند الزوج فيرتكز هذا الفحص بشكل خاص على ملاحظة خصائص الصفات الجنسية الثانوية كمظهر الجسم العام وتوزع الأشعار وتطور الأثداء. ويتم فحص العضو التناسلي الذكري وتَوَضُّع فوهة صماخ البول وجس الخصيتين وتقدير قياسهما والتأكد من وجود البربخين والأسهرين ومحاولة كشف وجود دوالي الخصية وقد يجرى المس الإصبعي لجس البروستات. ونتيجة لتقييم الزوجين يتم التوجه نحو تحديد الأسباب المرجحة لنقص الخصوبة الأنثوية أو الذكرية.

1 ـ الأسباب الأنثوية وطرق تقييمها: تقدر اضطرابات الإباضة بنحو 40% من الأسباب الأنثوية ويتم تقييمها بطرق مختلفة قد تكون بسيطة وغير مكلفة تعتمد على بعض الأعراض والعلامات المرافقة (الألم الإباضي، وتبدلات مخاط عنق الرحم)، أو تسجيل مخطط حرارة الجسم الأساسية وارتفاعه خلال الطور اللوتئيني. وقد تكون الطرق المستخدمة أكثر كلفة ودقة كإجراء فحوص متكررة بالأمواج فوق الصوتية لمتابعة قياسات الأجربة المتطورة وعددها  والتحقق من حدوث الإباضة أو عدم حدوثها، أو يُلجأ أحياناً للمعايرات الهرمونية الدموية كارتفاع مستوى هرمون  البروجسترون في المصل بعد حدوث الإباضة، أو محاولة كشف دفقه هرمون LH في المصل أو في البول التي قد تشير إلى قرب حدوث الإباضة.  

يعد العامل البوقي والصفاقي (البريتواني) الحوضي الذي يقدر أيضاً بنحو 40% من الأسباب الشائعة لنقص الخصوبة وذلك نتيجة تغيرات تشريحية مرضية أو التصاقات تمنع التقاء النطاف مع البويضة. وقد ينجم ذلك عن الإصابة بداء حوضي التهابي أو انفجار زائدة دودية أو إسقاط نتن أو سوابق جراحية حوضية أو بوقية أو حمل هاجر أو حالات الانتباذ البطاني الرحمي endometriosis.

تفيد صورة الرحم والبوقين الظليلة في إظهار التجويف الرحمي وتبدلاته المرضية كما توضح ارتسام البوقين ودرجة نفوذهما. يمكن اللجوء إلى تنظير البطن بوصفه تقييماً نهائياً لحالة البوقين والسماح برؤية واسعة للأعضاء الحوضية والرحم والمبيضين والبوقين والسطوح الصفاقية والإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي مع كشف أي التصاقات حوضية أو بوقية والتأكد من نفوذية البوقين وحالهما.

هناك أيضاً أسباب غير شائعة تقدر بنحو 10% من الأسباب الأنثوية. فقد تؤدي العوامل العنقية إلى اضطراب في مخاط عنق الرحم مما يؤثر في دوره الطبيعي في لقط السائل المنوي وتصفيته ويعوق مرور النطاف الطبيعية والمتحركة إلى داخل الجوف الرحمي فالبوقين. وقد تعود هذه العوامل العنقية إلى إصابات رضية أو خمجية أو مناعية. ويمكن الكشف عن ذلك بالفحص السريري واختبار ما بعد الجماع postcoital test والفحص المجهري أو الزرع الخلوي وبعض الفحوص المناعية الدموية. تعد العوامل الرحمية سبباً غير شائع لعدم الخصوبة، ولاتزال تثير جدلاً في آلية تأثيرها، ومن هذه العوامل وجود تشوهات تشريحية رحمية ولاديةcongenital uterine malformations  أو وجود ورم عضلي ليفي أملس uterine leiomyoma تحت الطبقة المخاطية، إضافة إلى التصاقات أو سليلة (مرجَّل) باطن الرحم endometrial polyp وخمج بطانة الرحم المزمن chronic endometritis. وهنا يكون للتصوير بالأمواج فوق الصوتية ولاسيما عبر المهبل إضافة إلى الصورة الظليلة للرحم شأن في كشف هذه العوامل، وقد يلجأ أحياناً إلى تنظير باطن الرحم للتأكد من التشخيص.

2 ـ الأسباب الذكرية وطرق تقييمها: يعد فحص السائل المنويsemen analysis من أهم طرق تقييم العامل الذكري على أن يجرى بعد فترة انقطاع عن الجماع مدة ثلاثة أيام ولمرتين على الأقل بفاصل أربعة أسابيع. توصي منظمة الصحة العالمية  باعتماد المعايير التالية للسائل المنوي الطبيعي: حجم السائل volume 1.5 ـ5 ميلي لتر، درجة الحموضة pH تزيد على 7.2، لزوجة viscosity طبيعية، عدد نطاف sperm concentration يزيد على 20 مليون نطفة/ميلي لتر مع تعداد كلي total sperm number يتجاوز 40مليوناً، حركة motility تتجاوز 50%، أشكال طبيعية  normal morphology تتجاوز 40% (لاتزيد الأشكال الشاذة على 14% وفق المعايير الأكثر صرامة)، وعدد خلايا مدورة round cells يقل عن 5 مليون/ميلي لتر.

تقدر اضطرابات نوعية السائل المنوي abnormalities of semen quality بنحو 85% من أسباب عدم الخصوبة الذكرية، وتتمثل هذه الاضطرابات بقلة النطاف oligospermia أو وهنها asthenospermia أو زيادة أشكالها الشاذة teratospermia التي تكون في معظمها مجهولة السبب. وقد تنجم هذه الاضطرابات في بعض الحالات عن خمج في الغدد التناسلية الملحقة، أو عن دوالي الحبل المنوي، أو عن معالجة دوائية، أو عن أسباب جينية المنشأ.

قد تكون اللانطفية azoospermia أي عدم وجود أي نطاف في السائل المنوي سبباً للعقم الذكري في نحو 5% من الحالات، ويحدث ذلك في مستويات ما قبل الخصية إما لسبب مجهول وإما بسبب متلازمة كالمان، وإما نتيجة الإفراط في استعمال الستيروئيدات وإما عقب أذية الخصية الناجمة عن الهجرة أو الرض أو الخمج أو المعالجة الكيميائية والشعاعية. وقد تعود اللانطفية أحياناً إلى سبب انسدادي كغياب قنوات الخصية الناقلة للنطاف الخلقي، أو كارتكاس ليفي تالٍ لجراحة أو خمج (المندثرات، النيسريات البنيِّة، النكاف). يتم تقييم هذه الحالات بالمعايرات الهرمونية المصلية وأحياناً بالفحص المجهري لعينة خزعة أو رشافة الخصية والبربخ.

قد تؤثر الأضداد الذاتية المضادة للنطاف في وظائف السائل المنوي بسبب خمجي أو رضي ويتم تحري ذلك من خلال التراص agglutination الملاحظ في أثناء فحص السائل المنوي أو بعض الفحوص المصلية المناعية.

يعد الجماع غير الفعال سبباً ذكرياً قليل الشيوع  لعدم الخصوبة (5%)، وذلك في حالة القذف الطبيعي نتيجة ضعف الانتصاب أو القدرة الجنسية أو وجود إحليل تحتي، أو في حالة القذف الراجع retrograde ejaculation بسبب الجراحة في عنق المثانة أو الداء السكري أو معالجة دوائية، أو في حالة فشل القذف نتيجة إصابة عصبية نخاعية أو مركزية أو حوضية وذلك ما توضحه شكوى الرجل والقصة السريرية.

3 ـ عدم الخصوبة المجهولة السبب: يقدر عدم الخصوبة غير المفسر  بـ(10%) من حالات نقص الخصوبة وذلك في حال توفر سائل منوي بمعايير طبيعية مع إثباتات واضحة على حدوث الإباضة ووجود جوف رحمي طبيعي ونفوذية بوقين ثنائية الجانب.

تدبير عدم الخصوبة

إن معالجة الأسباب التي تؤدي إلى عدم الإباضة كتصحيح اضطراب إفراز الغدة الدرقية أو ارتفاع هرمون البرولاكتين غالباً ما تؤدي إلى إعادة حدوث الإباضة على النحو السوي والدوري وإلى حدوث الحمل. يلجأ في نحو 80% من حالات اللاإباضية إلى تحريض الإباضة بمادة سيترات الكلوميفين التي تعد مادة مضادة للإستروجين مما يسمح بإنقاص التأثير الإستروجيني المثبط لإفراز الحاثة تحت المهادية GnRH المحرضة لإفراز الهرمونات المنمية للأقناد follicle ـstimulating hormone (FSH) & luteinizing hormone (LH). وحين يخفق هذا العلاج يتم تحريض المبيضين بالهرمونات المنمية للأقناد التي كانت تستخلص خلال العقود الماضية من بول السيدات بعد سن الضَّهَى وتنقى بدرجات متفاوتة, واستبدل بها بعد ذلك مواد أخرى تركيبية صنعية، وتستعمل هذه الهرمونات وفقاً لنظام تحريض دقيق ومحدد وذلك لتجنب بعض التأثيرات غير المرغوب فيها مثل حدوث الحمل المتعدد أو أخرى خطيرة كفرط استثارة المبيض الذي قد يكون مهدداً لحياة المريضة.

وقد يكون العلاج بالحاثة تحت المهادية GnRH بحقنها وريدياً وبشكل نبضاني، إلا أن هذه الطريقة مكلفة جداً وتحتاج إلى دقة عالية في المتابعة ولذلك يندر استعمالها.

 ـ استعملت الجراحة التصنيعية أو الإصلاحية reconstructive surgery في تدبير العامل البوقي بوصفه سبباً لعدم الخصوبة، ولكن مع انتشار تقانات الإخصاب المساعد وتطوره اقتصر استعمالها على بعض الحالات البسيطة من الالتصاقات البوقية والحوضية على أن يتم ذلك عبر تنظير البطن الجراحي. ويبقى الإخصاب المساعد طبياً عبر الإلقاح في المختبر in vitro fertilization الخيار العلاجي الناجح لمعظم الآفات البوقية والحوضية المسببة عدم الخصوبة.

 ـ قد تفيد المعالجة الدوائية في الحالات الخمجية المؤثرة في مخاط عنق الرحم, في حين ينصح عادة بالإخصاب المساعد عن طريق حقن النطاف داخل الرحم(IUI) intrauterine insemination  بعد تحضير السائل المنوي للزوج في معظم الحالات التي يشك فيها بوجود العامل العنقي سبباً لعدم الخصوبة.

 ـ تتم معالجة الأسباب الرحمية في حالات طول مدة عدم الخصوبة وتقدم الزوجين في العمر نسبياً خصوصاً بعد نفي بقية الأسباب الأكثر شيوعاً على أن يتم الموازنة بين فوائد هذه العلاجات ومخاطرها. يمكن إصلاح بعض تشوهات الرحم الشكلية ويمكن استئصال الأورام العضلية الليفية الرحمية تحت المخاطية أو المشوهة للتجويف الرحمي جراحياً، كما يمكن فك الالتصاقات داخل الرحم واستئصال سليلات باطن الرحم عبر تنظير باطن الرحم مما قد يسهم في حدوث الحمل لاحقاً، وغالباً ما يفيد ذلك في حدوث الحمل وتطوره بعد اللجوء إلى الإخصاب المساعد.

 ـ لم تثبت المعالجة الدوائية نجاحاً في تحسين معايير السائل المنوي في حالات عدم الخصوبة الذكرية المنشأ والمجهولة السبب. تعد الحالات الخاصة المترافقة مع هبوط مستوى الهرمونات المنمية للأقناد من الحالات التي قد تفيد فيها المعالجة الدوائية. قد تكون المعالجة الجراحية مفيدة في بعض حالات عدم الخصوبة الذكرية كإصلاح دوالي الحبل المنوي حين وجود اضطراب في معايير السائل المنوي، أو إعادة مفاغرة القنوات الناقلة للنطاف في بعض الآفات الانسدادية أو إنزال الخصية الهاجرة وتثبيتها.

 ـ إن اتباع تقنيات الإخصاب المساعد يعد العلاج الأكثر تطوراً والأكثر نجاعة لمعظم حالات عدم الخصوبة الذكرية. ويمكن الحصول على النطاف بجمع عينة السائل المنوي أو بسحب هذه النطاف برشافة أو خزعة من الخصية كما في حالات اللانطفية لإتمام عملية الإخصاب المساعد. 

 ـ وفي حالات عدم الخصوبة مجهولة السبب قد يفيد تحريض الإباضة وإجراء حقن النطاف داخل الرحم في حدوث الحمل، وإذا أخفقت هذه الطريقة بعد تكرارها عدة مرات ينصح الزوجان بالانتقال إلى تقانات الإخصاب خارج الجسم.

الإخصاب المُساعَد طبياً

تُعد تقنيات الإخصاب المُساعَد طبياً من أفضل الوسائل العلاجية لحالات العقم في الزوجين. وتتضمن هذه التقنيات الإخصاب داخل الجسم in vivo أو خارجه in vitro.

 ـ يتضمن الإخصاب داخل الجسم حقن النطاف داخل الرحم (IUI) لتصل النطاف مباشرة إلى الرحم متجاوزة عنق الرحم ومخاطيته. وهي طريقة لا تحتاج إلى استشفاء، وتستطب في حالة عدم وجود أسباب واضحة للعقم في المرأة، أو وجود خلل طفيف في خصائص السائل المنوي أو اضطراب في آلية خروج النطاف من القناة التناسلية الذكرية، أو عندما يشكل عنق الرحم ومخاطيته عائقاً لوصول النطاف إلى البويضة بسبب توليده لأضداد ضد النطاف. كما تستعمل هذه التقنية في بعض الحالات الخمجية التناسلية أو حالات الانتباذ البطاني الرحمي. ويتطلب إجراء هذه الطريقة التأكد من وجود الإباضة، ومن أن تكون إحدى قناتي البوقين مفتوحة. وفي حال إخفاق حدوث الحمل بهذه الطريقة يُنْصَح الزوجان باستعمال طرائق الإخصاب خارج الجسم .

 ـ يتم الإخصاب خارج الجسم على مراحل متتالية، تبدأ عادة بالتحريض الهرموني للإباضة للحصول على عدد كافٍ من الأجربة المبيضية. ويتم في المختبر انتقاء البويضات الناضجة لإلقاحها. ويحضر السائل المنوي للزوج لانتقاء النطاف الطبيعية والمتحركة. تلقح البويضات بنطاف الزوج إما بالإلقاح التقليدي (IVF) in vitro fertilization وإما بالإلقاح المجهري (ICSI) intracytoplasmic sperm injection، وتوضع في شروط مناسبة من درجة حرارة وغاز ثاني أكسيد الكربون من أجل حدوث الإخصاب وتطور الجنين المبكر.

تُطبق عادة تقنية الإلقاح التقليدي في المختبر  (IVF) في حالات عدم الخصوبة الأنثوية وحالات عدم الخصوبة الذكرية غير الشديدة. وتتم هذه الطريقة خارج الجسم، حيث توضع البويضات على تماس مع النطاف في وسط زرع خاص وبشروط ملائمة.

ويلجأ إلى طريقة الحقن المجهري للنطفة في هيولى (سيتوبلازما) البويضة ICSI في حالات عدم الخصوبة الذكرية الشديدة المتعلقة بعدد النطاف أو حركتها أو أشكالها أو حالات وجود أضداد ضد النطاف أو في حالات إخفاق الإلقاح التقليدي. وتعتمد هذه الطريقة على استخدام أجهزة ذات دقة عالية جداً لحقن البويضة بالنطفة. ويتم الحصول على النطاف إما من السائل المنوي وإما بسحبها من بربخ الخصية (PESA) وإما من داخل الخصية (TESA) وإما تستخرج جراحياً عن طريق خزعة من الخصية (TESE). ويتم تقييم تطور الأجنة الناتجة بالاعتماد على معايير خاصة تسمح بانتقاء أفضل الأجنة لتنقل إلى رحم الزوجة في اليوم الثالث أو الخامس من الإلقاح. ويتم تحري نجاح المحاولة وحصول الحمل بعد 12 ـ14 يوماً من نقل الجنين وذلك بمعايرة هرمون الحمل ßHCG. وتعتمد نسبة النجاح على عدد الأجنة المنقولة ونوعيتها وجاهزية بطانة الرحم لاستقبال الأجنة وسهولة عملية الإرجاع.

يعد عدم الخصوبة سبباً رئيساً لطلب الاستشارة الطبية في جميع أنحاء العالم؛ لذلك ينبغي على الفريق الطبي القيام بخطوات مهمة تتعلق بالتثقيف الصحي السليم، وتصحيح الأفكار الخاطئة المتداولة مع تقييم دقيق لسبب عدم الخصوبة ومحاولة علاجه، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والعاطفي الدائم للزوجين اللذين يعانيان عادة من خيبة الأمل في حدوث الحمل. إن اتباع هذه الخطوات يؤدي إلى حدوث الحمل في أغلب حالات عدم الخصوبة. وبالرغم مما قدمته جميع الطرق المستخدمة في معالجة العقم من معالجة دوائية وجراحية والتطور الكبير في مجال الإخصاب المساعد يبقى عدد محدود من حالات عدم الخصوبة غير قابل للعلاج، ونسبة ضئيلة من الحالات (1 ـ4%) يحدث فيها حمل عفوي وطبيعي من دون أي تداخل علاجي.  

 

 

علينا أن نتذكر 

> العقم ليس مرضاً وإنما هو نتيجة لمرض أو أكثر من مرض.

> يستحسن استعمال اصطلاح نقص الخصوبة بدلاً من اصطلاح العقم، وإبقاء هذا الأخير للحالات التي يستحيل فيها حدوث الحمل لأسباب لا يمكن التغلب عليها.

> ينجم نقص الخصوبة عن أسباب في الزوجة بنسبة 40 ـ 45%، وأسباب في الزوج بنسبة 35 ـ 40% ويبقى 10 ـ 15% من الحالات مجهولة السبب.

> أكثر ما ينجم نقص الخصوبة في الزوجة عن اضطرابات الإباضة وعن أسباب في البوقين والصفاق، ثم عن أسباب أخرى كاضطراب مخاطية عنق الرحم وتشوهات الرحم وعمر المريضة.

> وأكثر ما يحدث نقص الخصوبة في الزوج عن اضطراب السائل المنوي بانعدام النطف أو نقص عددها أو ضعف حركتها أو سوء شكلها… وهناك أسباب أخرى أقل أهمية كالأسباب المناعية وبعض التشوهات الخلقية.

> لتشخيص سبب نقص الخصوبة يجب إجراء استجواب مفصل وفحص سريري دقيق ثم استعمال كل الوسائل المعروفة من فحوص نسيجية وخلوية وشعاعية وتنظيرية.

> يكون تدبير نقص الخصوبة بكشف السبب ومعالجته إن أمكن.

> في الحالات مجهولة السبب والحالات المعندة يعد الإلقاح في الزجاج بأنواعه المختلفة الحل الناجع في نسبة جيدة من الحالات.

 

 


التصنيف : نسائية
النوع : نسائية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 155
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 487
الكل : 31256183
اليوم : 4371