logo

logo

logo

logo

logo

أورام الأمعاء الدقيقة

اورام امعاء دقيقه

small intestine tumors - tumeurs d’intestin grêle



أورام الأمعاء الدقيقة

عرفان العوا

الأورام السليمة

الأورام الخبيثة

 

تعدّ الأورام السليمة أو الخبيثة في الأمعاء الدقيقة small intestine tumors نادرة الحدوث؛ إذ تقدر بنحو 1-3% فقط من أورام الجهاز الهضمي، وهي تنشأ من خلايا الظهارة (الورم الغدي adenoma  والسرطانات الغدِّية adenocarcinomas) أو النسيج اللمفاوي (الورم اللمفي lymphoma) أو النسج الضامة والعصبية في الجدار (أورام السدى stromal tumors والأورام العضلية الملساء leiomyomas والأورام الشحمية lipomas والأورام الوعائية hemangiomas والعصبية schwannomas). ومن الأورام الأخرى المشاهدة الأورام السرطاوية carcinoids والنقائل metastases من سرطانات أخرى (الجدول 1).

الحدوث

تشاهد هذه الأورام عند الذكور أكثر منها عند الإناث بنسبة 3 : 2،  ويكون ذلك غالباً في العقدين السادس والسابع من العمر.

يُشاهد نحو 20% من أورام الأمعاء الدقيقة في العفج (الاثنا عشري) و30% في الصائم و50% في اللفائفي. وباستثناء السرطانات الغدِّية التي تكثر مشاهدتها في العفج فإن الأورام الخبيثة الأخرى تميل إلى الانتشار في الأقسام البعيدة من الأمعاء الدقيقة.

التظاهرات السريرية

غالباً ما تكون أعراض أورام الأمعاء الدقيقة غير وصفية: ألم بطني، نقص وزن، فقر دم، غثيان، قياء. ولهذا فإن كلاً من الأورام السليمة أو الخبيثة في الأمعاء الدقيقة غالباً ما تُشخص في وقت متأخر، وذلك في سياق جراحة إسعافية بسبب انسداد أمعاء ناجم عن الورم أو بسبب مضاعفات الورم كالنزف أو الانثقاب. ويمكن تلخيص أكثر التظاهرات السريرية شيوعاً في (الجدول 2).

 

التواتر %

الأورام السليمة Benign tumors

 

الأورام العضلية الملساء leiomyomas GIST

40-50

الورم الشحمي lipoma

13-24

الورم الغدي adenoma

11-18

الورم العابي hamartoma

0-6

الورم الوعائي hemangioma

0-6

الأورام الخبيثة Malignant tumors

 

السرطانة الغدية adenocarcinoma

29-50

الورم السرطاوي carcinoid

10-49

الورم الليفي (اللمفوما) lymphoma

13-42

الساركوما العضلية الملساء leiomyosarcoma

8-27

(الجدول رقم1) أورام الأمعاء الدقيقة البدئية حسب نسب التواتر.

النسـبة %

 

 

الأورام السليمة Benign tumors

47-60

لا عرضي

24-50

الألم البطني

29-44

النزف الهضمي الحاد

28-58

فقر الدم

12-28

الانسداد المتقطع

 

الأورام الخبيثة Malignant tumors

6-12

لا عرضية

62-83

الألم البطني

38-55

نقص الوزن

23-64

الغثيان و القياء

6-31

النزف الهضمي الحاد

12-38

فقر الدم

5-23

كتلة بطن

(الجدول رقم2) التظاهرات السريرية لأورام الأمعاء الدقيقة البدئية.

 

التشخيص

هنالك وسائل تشخيصية عدة لأورام الأمعاء الدقيقة، من أهمها ما يأتي:

1- التصوير الظليل للأمعاء: يُعطى المريض عن طريق الفم مادة ظليلة كالباريوم أو مادة ظليلة منحلة بالماء مثل الغاستروغرافين Gastrografin في حالات الانسدادات المعوية لرسم الأمعاء الدقيقة. إن كفاءة هذه الطريقة في تشخيص أورام الأمعاء الدقيقة منخفضة؛ إذ يمكن أن تظهر الأورام على شكل مناطق نقص امتلاء للمادة الظليلة ضمن لمعة العروة المعوية المصابة.

2- التصوير الطبقي المحوسب computed tomography: تفيد هذه التقانة في التشخيص والتقييم المرحلي staging في حالات الأورام الخبيثة، وذلك بتحري وجود نقائل إلى العقد اللمفاوية أو مناطق أخرى من جسم المريض مثل الكبد أو غيره. يمكن أن يفيد هذا الإجراء في حالات الانسداد المعوي للتعرف إلى مكان الانسداد، ويمكن أيضاً استخدام هذه التقنية لتوجيه إبرة للحصول على خزعة من ورم مشتبه به بغية فحصها مجهرياً، ويُعرف ذلك باسم CT-guided needle biopsy.

3- التنظير الداخلي endoscopy: تستخدِم هذه الطريقة أنبوباً مرناً مضاءً مع آلة تصوير فيديوية في نهايته، وهذه الآلة موصولة بجهاز فيديو، يتيح استخدامها إمكانية مشاهدة أي كتلة في ظهارة الأجهزة الهضمية. وإذا وجدت كتلة أو أكثر تُؤخذ خزعات منها للفحص المجهري الدقيق ووضع التشخيص النسيجي. ولأن أنبوبة التنظير لا تستطيع الدخول مسافة بعيدة ضمن الأمعاء الدقيقة بسبب التفافاتها؛ فقد بدأ الأطباء بالتوجه نحو التنظير باستخدام المحفظة (الكبسولة) اللاسلكية wireless capsule endoscopy؛ إذ يستخدم الأطباء هذه التقانة لتنظير القناة الهضمية؛ ولاسيما الأمعاء الدقيقة بغية التعرف إلى حالة ظهارتها. وتستعمل لذلك محفظة فيديوية فيها عدسة ومصدر إضاءة، يبتلعها المريض بسهولة بعد امتناعه عن الطعام فترة مناسبة، وفي أثناء مرورها ضمن القناة الهضمية تبث صوراً فيديوية موجهة إلى جهاز تسجيل يحمله المريض على جسمه نحو 8 ساعات، ومن ثم يقرأ حاسوب خاص الصور التي تم جمعها، ويقوِّمها. ولا يحتاج المريض إلى التوقف عن ممارسة أنشطته المعتادة أو البقاء في عيادة الطبيب في فترة استخدام هذه التقنية.

4- التنظير الداخلي بالبالون المزدوج double balloon endoscopy: وهي تقانة حديثة تم تطويرها؛ لأن التنظير الداخلي العادي لا يستطيع أن يدخل أكثر من نحو مترين ضمن الأمعاء الدقيقة الكثيرة الالتفاف. تستخدِم هذه الطريقة أنبوبين أحدهما ضمن الآخر؛ الداخلي منهما هو منظار يدخل نحو ربع متر في الأمعاء الدقيقة ومن ثم يُنفخ بالون دقيق في نهايته لتثبيت الأنبوب، وبعد ذلك يُحرك الأنبوب الخارجي إلى الأمام حتى يقترب من نهاية الأنبوب الداخلي، ويُثبت أيضاً بوساطة بالون ثان. تكرر هذه العملية عدة مرات فيستطيع الطبيب أن يدرس ظهارة الأمعاء الدقيقة وأن يحصل على خزعة إذا رغب بذلك.

5- تنظير البطن: وهو فحص التجويف البطني بوساطة المنظار، حيث يكون المريض تحت التخدير العام. ويُجرى بعمل شق صغير في البطن في منطقة السرة عادة. ومن ثم يُدخل منظار إلى التجويف البطني للبحث عن الأورام، وأخذ الخزعات لفحصها نسيجياً. تستخدم هذه الطريقة أيضاً في دراسة مرحلة الورم staging

عوامل الخطورة

لقد ثبت وجود علاقة بين العوامل التالية وحدوث أورام الأمعاء الدقيقة:

- داء كرون Crohn’s disease: وهو التهاب مزمن للقناة الهضمية؛ وغالباً الأمعاء الدقيقة والقولون، ويزيد من خطر الإصابة بسرطاناتها إذ إنها أكثر بست مرات في المصابين بداء كرون مما في الأناس الأصحاء.

- الداء البطني celiac disease: وهو مرض هضمي تسببه استجابة مناعية للبروتين المسمى غلوتين gluten الذي يوجد في القمح والشوفان والشعير وغيرها.

- متلازمة داء السلائل العائلي familial polyposis syndrome: وهو مرض وراثي يحدث فيه تبطن الأمعاء الدقيقة بسلائل polyps متعددة الأحجام، وذلك في أثناء العقدين الثاني أو الثالث من العمر. وإذا لم يُعالج فإنه يؤدي إلى الإصابة بسرطان المعى.

أولاً- الأورام السليمة

تقدّر الأورام السليمة بنحو 30-50% من مجمل الأورام البدئية في الأمعاء الدقيقة، وهي غالباً ما تكون لاعرضية asymptomatic، وتتظاهر بشكل عفوي عند التداخل الجراحي بسبب انسداد أمعاء أو مضاعفة. ومن الأعراض غير الوصفية المشاهدة: الألم البطني المبهم والنزف الهضمي المتكرر؛ إذ تميل الأورام السليمة إلى النزف أكثر من الأورام الخبيثة.

الشكل (1) ورم سدوي حميد في المعي الدقيق
أ- يكشف التصوير الشعاعي بعد إعطاء الوسط التبايني وجود كتلة داخل اللمعة (السهم) ب- كما يبدو الورم واضحاً بالتصوير المقطعي المحوسب (السهم)
 
الشكل (2) سرطانة غدية حلقية الشكل في الأمعاء الدقيقة (الأسهم)

تعالَج هذه الأورام بالاستئصال الجراحي أو بالتنظير الهضمي. ومنها ما يأتي:

1- الأورام الغدِّية: وتصنَّف مثل الأورام الغدِّية المشاهدة في القولون إلى أنبوبية tubular، وزغابية villous، وأنبوبية- زغابية tubulo-villous. وهي أكثر ماتشاهد في العفج والقسم الداني من الصائم، وتمتلك إمكانية التسرطن ولاسيما الزغابية منها.

يعتمد التشخيص على التنظير الهضمي والصورة الظليلة والتصوير الطبقي، ويعالج العرضي منها بالاستئصال الجراحي. تميل هذه الأورام إلى النكس؛ ولذا يجب متابعة المرضى بالتنظير الهضمي الدوري.

2- الأورام السدوية في الجهاز الهضمي: وهي أكثر الأورام غير الظهارية nonepithelial مشاهدة في الأمعاء الدقيقة. تنشأ من الطبقة العضلية فيها، وأهمها الأورام العضلية الملساء leiomyomas التي تشاهد غالباً في الصائم واللفائفي وتميل إلى إحداث النزف.

تُشخص هذه الأورام بالصورة الظليلة أو التصوير الطبقي، وتعالج بالاستئصال الجراحي.

3- الأورام الشحمية: تشاهد في أي مكان من الأمعاء الدقيقة، وهي غالباً غيرعرضية؛ لكنها قد تؤدي إلى حدوث الانغلاف المعوي الذي يتظاهر بنوب انسداد معوي intestinal obstruction.

تُشخَّص هذه الأورام بالتصوير الظليل أو التصوير الطبقي، وتُعالج بالاستئصال الجراحي.

4- الورم العابي hamartoma: وهو غالباً ما يشاهد في سياق متلازمة Peutz-Jeghers التي تشمل سلائل (بوليبات) متعددة في الأمعاء مع تصبغات مخاطية-جلدية تميل إلى إحداث نوب انغلاف معوي، وتُعالج بالاستئصال الجراحي.

5- الأورام الوعائية hemangiomas: وهي خلقية ونادرة، تنشأ على حساب الضفائر الوعائية تحت المخاطية، وغالباً ما تسبب نزفاً هضمياً حاداً أو مزمناً في أثناء العقد الثالث من العمر، وهي غالباً ماتكون وحيدة solitary، ونادراً ما تسبب تحولاً خبيثاً. وتعالَج حسب حجمها بالاستئصال الموضعي أو القطع الجراحي.

ثانياً- الأورام الخبيثة

1- السرطان الغدّي:

إن نحو 64% من أورام الأمعاء الدقيقة هي أورام خبيثة، ونحو 40% منها هي سرطانات غدية. وتتشابه السرطانات الغدِّية في الأمعاء الدقيقة والمعى الغليظ كثيراً، ولهما توزيع جغرافي متماثل إذ يكون رجحانها في البلدان الغربية. كما أنها تميل إلى الحدوث في الأفراد أنفسهم، حيث تزداد نسبة خطورة الإصابة بها في الأمعاء الدقيقة للناجين من أورام القولون - المستقيم، والعكس بالعكس. ومن جهة أخرى تتشابه هذه الأورام في الأمعاء الدقيقة والغليظة من حيث نشوء كل منهما من أورام غدية غير خبيثة. وتحدث بشكل متناثر، وتتطور في أماكنها عبر تراكم طفرات وراثية؛ لتصير أوراماً غدية خبيثة، ومن ثم تنتقل عبر اللمف أو الدوران البابي portal circulation إلى الرئتين والكبد والعظام والدماغ وأماكن أخرى. تميل السرطانات الغدِّية في الأمعاء الدقيقة إلى التشكل بعيداً عن القولون. وينشأ نحو 50% منها في العفج مقابل 30% في الصائم و20% في اللفائفي. ومن المعلوم أن العفج هو المنطقة الأولى من الأمعاء الدقيقة من حيث التعرض للمواد الكيمياوية المأكولة وإفرازات غدة الصفراء، ولارتفاع نسبة الإصابة بهذا السرطان في منطقة العفج؛ فإن ذلك يوحي أن المواد والمفرزات المذكورة قد يكون لها تأثير مسرطن. وهذا ما أوحته أيضاً دراسات أجريت على بعض الحيوانات.

مراحل المرض: يقصد بكلمة مراحل stages وصف مدى انتشار المرض عند إجراء التشخيص، وهذا ضروري لتحديد طريقة العلاج المناسبة وتقدير الإنذار prognosis.

يعتمد التقييم على معرفة حجم الورم الرئيس وموقعه وفيما إذا كان لابداً في المكان الذي نشأ فيه in situ أو انتشر إلى أماكن أخرى في جسم المريض. وهنالك عدة تصنيفات لهذه المراحل منها ما يأتي:

أ- التصنيف TNM: ويعتمد على تقييم حجم الورم الرئيس (T)، ووضع العقد اللمفاوية الموضعية (N) ووجود النقائل البعيدة (M):

الورم الرئيس primary tumor (T):

 :TX * الورم الرئيس لا يمكن تقويمه.

:T0 *  لايوجد دليل على ورم رئيس.

 :Tis * السرطانة اللابدة  .in situ carcinoma 

:T1 *  الورم يغزو الصفيحة المخصوصة  lamina propria أو تحت المخاطية  .submucosa

:T2 *  الورم يغزو الطبقة العضلية المخصوصة  .muscularis propria 

:T3 *  الورم يمتد عبر الطبقة العضلية إلى داخل تحت المصلية subserosa أو إلى داخل المساريق  .mesentery

:T4 *  الورم يغزو الصفاق الحشوي visceral peritoneum، أو يغزو أعضاء أخرى مباشرة (بما فيها العرى loops الأخرى من الأمعاء الدقيقة، والمساريق، أو الحيّز خلف الصفاق retroperitoneum، وجدار البطن عبر الغشاء المصلي serosa).

العقد اللمفاوية الموضعية (المحلية) (N):

 :NX * لا يمكن تقويم هذه العقد.

 :N0 *  لا توجد نقائل metastasis لمفاوية موضعية. 

 :N1 *  توجد نقائل لمفاوية موضعية.

النقائل البعيدة (M):

 :MX * لا يمكن تقويم هذه النقائل.

 :M0 * لا توجد نقائل بعيدة.

  :M1* توجد نقائل بعيدة.

المرحلة 0

Tis, N0, M0

المرحلة I

T1, N0, M0 أو T2, N0, M0

المرحلة II

T3, N0, M0 أو T3, N0, M0

المرحلة III

, N1, M0أيT

المرحلة IV

, N0, M1أي T

ب- تصنيف اللجنة الأمريكية المشتركة حول السرطان The American Joint Committee on Cancer (AJCC): حيث المرحلة I هي المرحلة المبكرة، والمرحلة IV هي المرحلة المتقدمة:

المعالجة: يتحكم عدد من العوامل في تحديد المعالجة والإنذار prognosis منها:

- نوع السرطان المشاهد.

- فيما إذا كان السرطان انتشر إلى مناطق أخرى.

- فيما إذا كان من الممكن إزالة الورم كلياً بالجراحة.

- فيما إذا كان السرطان يُشخص للمرة الأولى أو أنه سرطان ناكس.

هنالك ثلاثة أنواع من المعالجات الخاصة بسرطان الأمعاء الدقيقة:

أ- الجراحة: وهي أكثر شيوعاً في معالجة كثير من المصابين بهذا المرض، وذلك باستخدام:

- القطع resection: وقد يتضمن ذلك الأمعاء الدقيقة المصابة والأعضاء المجاورة (إذا كان السرطان انتشر إليها). ويجب إجراء تجريف كامل للعقد اللمفاوية الناحية.

- المجازة bypass: وهي جراحة تجرى للسماح للغذاء بتجاوز سرطان يسد الأمعاء، ولا يمكن إزالته جراحياً (جراحة تلطيفية).

ب- المعالجة الشعاعية: وتجرى باستخدام أشعة X ذات طاقة مرتفعة أو أشكال أخرى من الإشعاعات لقتل الخلايا السرطانية. وقد تكون هذه المعالجة خارجية باستخدام أجهزة خارج الجسم ترسل الإشعاع نحو الورم، أو تكون داخلية تستخدم مادة مشعة radioactive  تدخل إلى الجسم؛ لتوضع على الورم أو قربه. وتتوقف الطريقة المختارة للمعالجة الإشعاعية على نموذج الورم ومرحلته، وتستخدم إما بعد الجراحة وإما عند تعذر الجراحة علاجاً ملطفاً لتخفيف الأعراض.

ج- المعالجة الكيمياوية: وتستخدم عادة علاجاً مساعداً بعد الجراحة الشافية.

الإنذار: يعيش أقل من 35% من المرضى بالسرطان الغدي للأمعاء الدقيقة أكثر من خمس سنوات. إن مدة البقيا survival تكون أطول في المراحل الباكرة للمرض.

الشكل (3) لمفوما الأمعاء الدقيقة يتظاهر على هيئة تسمك منتشر في الثنيات المعوية

2- الورم اللمفي lymphoma: تحتل الأمعاء الدقيقة المرتبة الثانية لتواتر مشاهدة اللمفومات خارج العقد، وتقدّر بنحو 25-35% من مجمل اللمفومات المشاهدة في الأنبوب الهضمي. وهي تتصف بندرة مشاهدتها في العفج مع توزع متساوٍ في الصائم واللفائفي.

تنشأ أكثر اللمفومات البدئية في الأمعاء الدقيقة على حساب الخلايا اللمفاوية B أو T، وتمتلك لمفومات النمط T إنذاراً أسوأ. وقد تشاهد هذه اللمفومات تالية للإصابات المزمنة بالداء البطني وفيروسات إيبشتاين- بار Epstein- Barr.

أكثر الأعراض السريرية مشاهدة هي الآلام البطنية المبهمة ونقص الوزن، إضافة إلى انسداد الأمعاء وسوء الامتصاص. يعدّ حدوث الانثقاب المعوي من التظاهرات النادرة؛ ولكنه الأكثر مشاهدة في لمفومات الأمعاء الدقيقة، ونادراً ما تشاهد الضخامات العقدية أو الطحالية في لمفومات الأمعاء الأولية.

يعتمد التشخيص على الشك السريري والصور الشعاعية الظليلة والتصوير الطبقي الذي يظهر تسمكاً في جدار الأمعاء في مكان الإصابة. ويتم إثباته بفحص خزعات عميقة من تحت المخاطية مأخوذة في أثناء التنظير الهضمي أو الخزعات الموجهة بالتصوير المقطعي المحوسب CT-guided biopsies.

مازال هنالك خلاف بشأن أفضل الطرائق العلاجية لحالات اللمفوما المعوية، وللجراحة مكان كبير في الحالات الموجهة للوقاية من المضاعفات كالانثقاب والانسداد، إنما هي نادراً ما تؤدي إلى الشفاء من المرض، ويجب أن يعطى المريض علاجاً جهازياً كيمياوياً chemotherapy، إضافة إلى العلاج الشعاعي radiation.  ويعتمد الإنذار على المرحلة التي يتم فيها التشخيص، وبما أن أغلب الأورام اللمفاوية المعوية تُشخص في مراحل متقدمة فإن إنذارها يكون غير جيد، ولا تزيد نسبة البقياsurvival  عند مرضى المرحلة الثانية stage II بعد خمس سنوات من العلاج على 20%.

3- الأورام السرطاوية: تُعدّ الأورام السرطاوية من الأورام ذات الميل للخبث والتي تنشأ على حساب الخلايا المعوية الأليفة للكروم enterochromaffin cells المتوضعة في قاعدة غدد ليبركون Lieberkühn. وتُعدّ هذه الخلايا  مسؤولة عن قبط  كربوكسيل طلائع الأمين (APUD) amine precursor uptake and decarboxylation ونزعه، وهي تستطيع إفراز الببتيدات المسؤولة عن حدوث المتلازمة السرطاوية.

ينشأ نحو 80% من الأورام السرطاوية في السبيل الهضمي و10% في القصبات والرئة، وعلى نحو أكثر ندرة في أماكن أخرى مثل الكلية والمبيض والخصية والمعثكلة. وأكثر ما يشاهد الورم السرطاوي ضمن الجهاز الهضمي في الزائدة الدودية appendix ثم في المعى الدقيق، وأكثر توضعاتها هنا في نهاية اللفائفي .

تقدّر هذه الأورام بـ 5-35% من الأورام المشاهدة في الأمعاء الدقيقة، وهي أكثر مشاهدة عند الذكور، ومتوسط الأعمار عند التشخيص هو 60 عاماً.

غالباً ما تكون هذه الأورام لاعرضية، وعندما تحدث الأعراض فإن الأورام السرطاوية غالباً ما تسبب آلاماً بطنية أو أعراضاً انسدادية. يميل التشخيص أن يكون متأخراً بسبب النمو البطيء لهذه الأورام، ونادراً ما يشاهد النزف الهضمي بسبب ندرة مشاهدة التقرحات فيها. وتشخص المتلازمة السرطاوية  عند نحو 40% من المرضى.

التظاهرات السريرية:

إن أكثر عرض مشاهدة في الأورام السرطاوية هو الألم البطني. ومع زيادة حجم الورم يمكن أن يسبب انغلافاً معوياً intussusception؛ مما يؤدي إلى أعراض متقطعة لانسداد الأمعاء intestinal obstruction.

ومن الأعراض المهمة للأورام السرطاوية:

المتلازمة السرطاوية: هي مجموعة التظاهرات الوعائية والحركية والقلبية والهضمية الناجمة عن إطلاق الأورام السرطاوية جزيئات ببتيدية وغير ببتيدية إلى الدوران الجهازي.

تفرز خلايا AUPD في الأورام السرطاوية عوامل مقبضة للأوعية؛ أهمها السيروتونين serotonin، ومنها الهستامين histamine والكاليكرين kallikrein والبروستاغلاندين prostaglandin. ويتم إثبات تشخيص المتلازمة السرطاوية بارتفاع مستوى (HIAA)-5 hydroxyindoleacetic acid  في بول 24 ساعة، وهذا المركّب هو من منتجات السيروتونين.

إن أكثر الأعراض مشاهدة في المتلازمة السرطاوية هما البيغ flushing والإسهال. وتتحرض النوب غالباً بسبب الشدة stress أو تناول وجبة كبيرة من الطعام أو تناول الكحول.

يشاهد الاحمرار عند نحو 80% من المرضى، ويتجلى على شكل احتقان جلدي يأخذ شكل بقع أو لويحات تتوضع في الوجه فقط، أو تمتد إلى كامل الجسم، ويرافقها إحساس بترفع حروري، وتختلف شدة هذه الأعراض ومدتها بحسب مكان توضع الورم البدئي. كما يشاهد الإسهال عند نحو 75% من المرضى، وينجم عن إطلاق السيروتونين من الورم. وتكون الإسهالات عادة مائية مع آلام بطنية.

التبدلات القلبية هي من التظاهرات الخطرة الأخرى للمتلازمة السرطاوية؛ ولاسيما منها تليف الشغاف endocardial fibrosis الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى قصور قلبي أيمن.

ويمتلك مرضى الأورام السرطاوية المتوضعة في الجهاز الهضمي والمرافقة لأعراض المتلازمة السرطاوية نقائل كبدية. يحتوي الكبد كميات كبيرة من إنزيم أكسيداز  أحادي الأمين الذي له دور في تخريب السيروتونين، ولهذا يجب أن يكون هناك نقائل كبدية كبيرة تعطي كميات كبيرة من السيروتونين تزيد عن مخزون إنزيم أكسيداز أحادي الأمين حتى تتظاهر أعراض المتلازمة السرطاوية.

التشخيص: يمكن أن يعتمد في وضع التشخيص على الصورة البسيطة للبطن في حال الانسداد المعوي أو الصورة الظليلة عند عدم وجود أعراض توحي بالانسداد.

يفيد التصوير المقطعي المحوسب  في حالات انغلاف الورم الناجم عن الورم السرطاوي حيث يظهر منظراً وصفياً للحلقة متعددة الطبقات عند الوصل اللفائفي الأعوري ileocolic. ونادراً ما تكون الإصابة متعددة البؤر multicentric إذا كان التوضع الرئيسي في الزائدة. أما عندما يكون الورم متوضعاً في الأمعاء الدقيقة فتكون الأورام متعددة في 30-40% من الحالات، إضافة إلى كونها ترافق  تنشؤات أولية primary malignancies في نحو 50% من الحالات في أماكن أخرى كالثدي والقولون.

الإنذار: تزداد خطورة هذه الأورام لإعطاء نقائل بعيدة مع زيادة حجمها البدئي عند التشخيص، ولهذا أهمية قصوى في وضع خطة العلاج الجراحي.

بخلاف الأورام السرطاوية المشاهدة في الزائدة والتي تشخص باكراً كالتهاب زائدة حاد قبل أن تعطي نقائل للعقد اللمفاوية؛ فإن الأورام المشاهدة في الأمعاء الدقيقة تبقى من دون أعراض فترة طويلة كافية لإعطاء نقائل إلى العقد اللمفاوية والكبد عند وضع التشخيص.

تزداد نسب حدوث النقائل العقدية والكبدية مع زيادة حجم الورم الأولي، في حين لا تتجاوز النسبة 20-30% في الأورام التي يقل قطرها عن 1سم؛ فإنها تزداد إلى 60% في الأورام التي يبلغ قطرها 1-2سم وإلى أكثر من 80% في الأورام التي يزيد حجمها على 2سم.

المعالجة: في حين يكتفى في الآفات الصغيرة التي يقل قياسها عن 1سم بإجراء استئصال موضعي؛ فإنه يجب عدّ الآفات الكبيرة انتقالية منذ البدء وإجراء استئصال واسع مع إجراء تجريف عقد لمفاوية وفحص دقيق للكبد.

في حالة وجود أعراض المتلازمة السرطاوية فإن بالإمكان معالجتها جراحياً أو شعاعياً أو دوائياً، وغالباً بالمعالجات المشتركة. ويعتمد العلاج الجراحي على تخفيف حجم الكتلة الورمية للنقائل الورمية الكبدية لتخفيف الأعراض. أما العلاج الشعاعي فيعتمد على إجراء إصمام الشريان الكبدي hepatic artery embolization أو استخدام الموجات الراديوية radiofrequency لإنقاص حجم النقائل الكبدية.

يعتمد العلاج الدوائي على استخدام مضاهئ السوماتوستاتين طويل الأمد long- acting somatostatin analogue، ويدعى octreotide الذي يثبط إطلاق الببتيدات من الأورام السرطاوية مما يُنقص مستوى 5-HIAA ، ويحسّن الأعراض عند نحو 90% من المرضى. وقد أظهرت بعض الدراسات نتائج مشجعة بتثبيط الورم ونقص حجمه عند المعالجة بهذا الدواء.

ومن المعالجات الكيميائية التي قد تفيد في علاج الأورام السرطاوية المنتقلة استخدام الأدريامايسين Adriamycin و5-فلورويوراسيل 5-fluorouracil والإنترفيرون ألفا interferon alfa.

 

 

علينا أن نتذكر

> تُعدّ الأورام السليمة أو الخبيثة في الأمعاء الدقيقة نادرة الحدوث؛ إذ تقدّر بنحو 1-3% فقط من أورام الجهاز الهضمي، وتشاهد هذه الأورام عند الذكور أكثر منها عند الإناث، وذلك غالباً في العقدين السادس والسابع من العمر. وغالباً ما تكون أعراضها غير وصفية، ولهذا فإن كلاً من الأورام السليمة أو الخبيثة في الأمعاء الدقيقة غالباً ما تُشخص في وقت متأخر.

> يستخدم التصوير الظليل للأمعاء، والتصوير الطبقي المحوسَب، والتنظير الداخلي، والتنظير الداخلي بالبالون المزدوج، أو تنظير البطن لتشخيص المرض.

> توجد علاقة بين داء كرون والداء الزلاقي ومتلازمة داء السلائل العائلي مع حدوث أورام الأمعاء الدقيقة، ويُعدّ الكحول ووفرة السكر في الغذاء والدهون والأسماك المملحة والمدخنة من عوامل الخطر الأخرى.

> الأورام السليمة: غالباً ما تكون الأورام السليمة غير عرضية، وتعالج بالجراحة الجزئية أو عبر التنظير الهضمي. ومنها  الغدومات وأورام اللحمة في الجهاز الهضمي والأورام الشحمية والأورام اللعابية والأورام الوعائية.

> الأورام الخبيثة: ويُميز منها:

1- السرطانات الغدّية التي تنشأ من أورام غدية غير خبيثة تتطور في أماكنها عبر تراكم طفرات وراثية  لتصير أوراماً غدية خبيثة.

2- يعتمد تصنيف TNM لمراحل المرض على تقييم حجم الورم الرئيس (T)، ووضع العقد اللمفية الموضعية (N) والنقائل البعيدة (M).

هنالك ثلاثة أنواع من المعالجات الخاصة بسرطان الأمعاء الدقيقة، هي الجراحة والمعالجة الشعاعية والمعالجة الكيمياوية.

يعيش أقل من 35% من المرضى بالسرطان الغدي للأمعاء الدقيقة أكثر من خمس سنوات. وتكون مدة البقيا survival  أطول في المراحل الباكرة للمرض.

3- الأورام اللمفية: تحتل الأمعاء الدقيقة المرتبة الثانية لتواتر مشاهدة الأورام اللمفية خارج العقدية، وتقدر بنحو 25-35% من مجمل الأورام اللمفية المشاهدة في الأنبوب الهضمي. إنذارها غير جيد، ولا تزيد نسبة البقيا عند مرضى المرحلة الثانية stage II بعد خمس سنوات من العلاج على 20%.

4- الأورام السرطاوية: من الأورام ذات الميل الخبيث، وتزداد خطورتها لإعطاء نقائل بعيدة مع زيادة حجمها البدئي عند التشخيص.

5- المتلازمة السرطاوية: يشير هذا الاسم إلى مجموعة التظاهرات الوعائية والحركية والقلبية والهضمية الناجمة عن إطلاق الأورام السرطاوية جزيئات ببتيدية وغير ببتيدية إلى الدوران الجهازي. ويمتلك مرضى الأورام السرطاوية المتوضعة في الجهاز الهضمي والمرافقة لأعراض المتلازمة السرطاوية نقائل كبدية. يعالج مرضى هذه المتلازمة جراحياً أو شعاعياً أو دوائياً، وغالباً بالمعالجات المشتركة.

 

 

 


التصنيف : أمراض المعي الدقيق والقولونات
النوع : أمراض المعي الدقيق والقولونات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 262
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 521
الكل : 31806608
اليوم : 6151