logo

logo

logo

logo

logo

ذات الجنب

ذات جنب

pleurisy - pleurésie



ذات الجنب

 

محمود نديم المميز

التهاب الجنب الجاف  المظاهر الشعاعية
انصباب الجنب pleural effusion الإنذار
المظاهر السريرية والأعراض المعالجة
 

 

ذات الجنب Pleurisy مشكلة سريرية شائعة، وهي ليست آفة مستقلة، وإنما هي مصطلح يستخدم لوصف النتيجة التي يسببها كل مرض ينجم عنه ألم جنبي واحتكاكات جنبية، ثم يتطور إلى انصباب جنبي.

يتألف الجنب من وريقتين: حشوية visceral pleura تغطي سطح الرئتين الخارجي، وجدارية parietal pleura تبطن القفص الصدري. وتتميز الوريقة الحشوية من الجدارية بأنها تلتصق بشدة على سطح الرئة، فلا يمكن تقشيرها عنها على عكس الوريقة الجدارية التي يمكن تقشيرها عن الوجه الباطن للصدر، تتلقى الوريقة الحشوية ترويتها من الدوران الرئوي ذي الضغط المنخفض، ولا تحوي نهايات عصبية حسية في حين تأخذ الوريقة الجدارية ترويتها من الدوران الجهازي ذي الضغط العالي، وتشتمل على نهايات عصبية حسية كثيرة، هي منشأ الألم حينما تصيب هذه الوريقةَ آفة ما. وبين الوريقتين الجدارية والحشوية مسافة وهمية الضغط فيها سلبي في الحالات السوية تحوي كمية قليلة من السائل المصلي تقدر بـ 10-30مل تسمح لوريقتي الجنب بالانزلاق إحداهما على الأخرى في أثناء الحركات التنفسية. كمية البروتين في هذا السائل أقل من 2غ/100مل. أما الحموضة pH وعيار السكر فيه فمماثلان لما هما عليه في الدم، ويتبدل هذا السائل باستمرار بسبب اختلاف الضغط بين الوريقتين وجوف الجنب.

يكون التهاب الجنب جافاً أو مترافقاً والانصباب في مرحلة تالية.

أولاً- التهاب الجنب الجاف

أهم الأسباب المحدثة:

1- التهابات الرئة الجرثومية أو الڤيروسية أو الفطرية ولاسيما في الشباب.

2- خراجات الرئة والتوسع القصبي؛ ولاسيما إذا كانت الآفة قريبة من سطح الرئة.

3- احتشاء الرئة إذا كان محيطياً.

4- التدرن: ويكون في البدء ارتكاسياً، ثم يتطور إلى انصباب جنب درني.

5- الآفات الجهازية: الذئبة الحمامية والداء الرثياني.

6- رضوح الصدر؛ ولا سيما المترافقة وكسور الأضلاع.

7- ألم الجنب الوبائي (داء بورنهولم Bornholm) وهو خمج يحدثه ڤيروس كوكساكي ب - Coxsackie virus B بشكل جائحات، والألم الجنبي فيه العرض الرئيس بسبب تخرش الوريقة الجدارية، وهو حاد وموضع ومتبدل، يشتد بالسعال والعطاس والتنفس العميق. وإذا تخرشت الوريقة الجدارية التي تبطن الحجاب انتشر الألم إلى الكتف وإلى البطن مقلداً حالات البطن الحادة.

الفحص السريري:

يكشف فيه تحدد الحركات التنفسية، أما القرع والجس فطبيعيان إلا إذا كانت هناك كثافة جنبية، وقد تسمع بالإصغاء الاحتكاكات الجنبية الناجمة عن إصابة وريقتي الجنب بالالتهاب.

الصورة الشعاعية:

تكون طبيعية إلا حين وجود كثافة جنبية أو آفة رئوية مرافقة، وقد يشاهد انغلاق في الجيب الضلعي الحاجزي.

يدوم هذا المرض عدة أسابيع، ويخف تدريجياً، وتعتمد المعالجة على الراحة التامة وإعطاء المسكنات، وقد يحتاج الأمر إعطاء المورفين في حالات الألم الشديد ومضادات الالتهاب مثل الأندوميتاسين. ويمكن استعمال الكودئين في تركين السعال المرتبط بالألم الجنبي، كما يفيد تخضيب الأعصاب الوربية أحياناً. ويجب دوماً معالجة الآفة المسببة.

ثانياً- انصباب الجنب pleural effusion

هو تجمع كمية من السائل في جوف الجنب بسبب زيادة الضغط الشعري ونقص الضغط الحلولي المصوري؛ مما يؤدي إلى نضح الوريقة الجدارية ونقص الامتصاص من الوريقة الحشوية إضافة إلى ارتفاع الضغط في الشرايين الرئوية؛ مما يعوق امتصاص السائل عبر الوريقة الحشوية كما يحدث في قصور القلب وفي نقص بروتينات الدم وانسداد الدوران اللمفاوي، وقد يحدث الانصبابُ الجنبي في المصاب بحبن في البطن بسبب وجود ثقوب صغيرة في الحجاب الحاجز تسمح بمرور هذا السائل.

يقسم انصباب الجنب إلى: رشحي transudate ونضحي exudate وقد يكون نزفياً hemorrhagic أو قيحياً empyema.

1- السائل الرشحي: يتميز باللون الأصفر، وتكون كثافته النوعية أقل من 1.016، وكمية البروتين فيه أقل من 30غ/ل، وإنزيم L.D.H أقل من 200 وحدة، وعدد الكريات البيض أقل من 1000 كرية/مل، يشاهد في قصور القلب الاحتقاني، ويكون وحيد الجانب غالباً في الأيمن أو مزدوجاً في الطرفين. كما يشاهد حين نقص ألبومين الدم بغض النظر عن السبب، وهو هنا في الغالب ثنائي الجانب مع وذمات معممة ولاسيما في حالات نقص التغذية.

كما يصادف في حالات تشمع الكبد نتيجة نقص الألبومين وفي الكلاء nephrosis والوذمة المخاطية وحالات انسداد الأجوف العلوي والصمة الرئوية.

2- السائل النضحي: يتصف بزيادة البروتين فوق 30غ/ل، وتكون نسبة بروتين السائل إلى بروتين الدم أكثر من 50%، ونسبة إنزيم L.D.H في السائل إلى نسبتها في الدم أكثر من 60% أو أكثر من ثلثي الحدود العليا لمعيارها في المصل. وأكثر الأسباب إحداثاً:

أ- ذوات الرئة الجرثومية والفطرية والڤيروسية والطفيلية.

ب- التدرن.

ج- خراجات الرئة.

د- الآفات الورمية والتنشئية سواء الأولية في الجنب (ورم المتوسطة mesothelioma) أم الانتقالية، ويكون السائل غالباً مدمى.

هـ- الآفات الدموية (ابيضاضات الدم والورم اللمفي).

و- الآفات الجهازية: الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الرثياني والتهاب ما حول الشريان العقدي.

ز- آفات البطن: خراجات تحت الحجاب وخراجة الكبد والتهاب المعثكلة، ومتلازمة ميغز Meig’s syndrome المرافقة لأورام المبيض.

ح- ارتفاع اليوريا الدموية.

ط- داء الأميانت asbestosis.

ي- الساركوئيد sarcoid، وهي نادرة.

ك- الارتكاسات الدوائية التحسسية.

ل- احتشاء الرئة.

 3- ويطلق اسم دبيلة الجنب empyema على وجود سائل قيحي نضحي، ينجم عن التهاب جوف الجنب التهاباً مباشراً يؤدي إلى تكون سائل قيحي عكر.

4- أما السائل المدمى فهو وجود الدم في جوف الجنب نتيجة لرضوح الصدر، أو وجود سائل مختلط مصلي مدمى، ويحوي عادة أكثر من 10.000 كرية حمراء في الميكرو لتر، ويكون السائل مدمى بشدة إذا ما تجاوز العدد 100.000 كرية حمراء، وحين غياب الرض فإن أهم الأسباب التي تؤدي إلى السائل المدمى هي السرطانات وأقل منها احتشاء الرئة الناجم عن الصمة الرئوية.

5- وينجم السائل الكيلوسي الحليبي المظهر عن رضوح الصدر وتمزق القناة الصدرية، وقد يكون السائل الكيلوسي كاذباً حين تراكم مركّبات الكولستيرول في الجنب المتليف. وتشاهد هذه الظاهرة في الرئة المحبوسة trapped lung بسبب تليف الجنب الشديد، ويكشف فحص السائل وجود الدقائق الكيلوسية chylomicrons مع ارتفاع نسبة الشحوم الثلاثية فوق 100ملغ/دل.

الشكل (1) انصباب جنبي حر يقلد التكثف القصبي

المظاهر السريرية والأعراض:

يسبق الألم الجنبي علامات ذات الجنب وأعراضها وحدوث الانصباب الجنبي، وقد تكون البداية مخاتلة، ولكن العرض الوحيد المتعلق بالانصباب الغزير هو الزلة التنفسية؛ ولاسيما إذا كان الانصباب ناجماً عن مرض قلبي، وقد يظهر السعال الجاف.

يكون الفحص السريري سلبياً في البدء؛ ولاسيما إذا كانت كمية السائل أقل من 200-300مل. أما إذا كان الانصباب غزيراً فتخفت الأصوات التنفسية في مستوى السائل، وكذلك الهمس الصوتي مع وجود أصمية بالقرع، وتضغط الرئة فتحتد الأصوات التنفسية، ويمكن سماع الصوت المهموس فوق مستوى السائل. ويشير سماع الاحتكاكات الجنبية إلى وجود ذات الجنب، كما يؤدي وجود الانصباب الغزير إلى ارتفاع الضغط ضمن الجوف الجنبي؛ وإلى انحراف المنصف (الرغامى والقلب) إلى عكس جهة الانصباب مع انتباج المسافات الوربية.

الموجودات المخبرية:

يجب إجراء بزل الجنب في كل مرّة يشاهد فيها وجود الانصباب وبالأخص حين عدم معرفة العامل المسبب؛ وذلك لاستقصاء السبب، ويجري البزل بعد إجراء صورة صدر شعاعية بوضعية الوقوف والاضطجاع الجانبي لتحديد مقدار السائل الحر في الجنب، كما يساعد تفرس الصدر بالصدى على معرفة المكان المناسب لإجراء البزل ولاسيما إذا كان السائل قليل المقدار أو محجباً وموضعاً.

ويمكن بالنظر إلى لون السائل المبزول التوجه مباشرة لبعض العوامل المسببة، فقد يكون أبيض رائقاً أو مصلياً أو مدمى أو كيلوسياً.

- ويجب دوماً معايرة كمية البروتين والـ L.D.H لتحديد طبيعة السائل رشحياً أم نضحياً؛ مما يساعد على معرفة العوامل المسببة.

الشكل (1) انصباب جنبي حر يقلد التكثف القصبي

- وتعدّ الكريات البيض لمعرفة طبيعة الإصابة، ففي الحالات الحادة يكون التعداد مرتفعاً (بضعة آلاف/ملم3)، وغالبية الكريات من العدلات، أما في تدرن الجنب فيكون التعداد أقل من 1000 كرية بيضاء/ملم3، وغالبيتها من اللمفيات.

- ويعاير السكر الذي تنخفض نسبته في الالتهابات وتقيح الجنب والأورام، ويعاير الأميلاز حين الشك بوجود التهاب معثكلة حاد أو كيسة معثكلية كاذبة أو تمزق مريء.

- كما أن زرع السائل وتحري عصية كوخ في السائل والقشع وإجراء تفاعل السلين يوجه للعامل المسبب إضافة إلى قياس سرعة التثفل التي تشير إلى وجود إصابة فعالة.

- ويفيد تحري الخلايا الورمية السرطانية في تشخيص الخباثة، كما أن معايرة pH السائل ترشد إلى وجود خباثة أو مضاعفة لذات الرئة حين تكون pH منخفضة لأقل من 7.30.

- ويجب إجراء خزعة جنب مغلقة بإبرة Cope أو Abrams في كل مرّة يشك فيها بوجود خباثة أو تدرن، وتكون إيجابية بحدود 55% في الخباثة و75% في التدرن الجنبي.

- وحين الإخفاق في معرفة السبب يمكن أخذ خزعة مفتوحة أو عن طريق تنظير الجنب، ونتائجها ممتازة ودقيقة.

المظاهر الشعاعية:

لا يمكن كشف سائل الجنب على صورة الصدر العادية الخلفية الأمامية إلا إذا تجاوزت كمية السائل 250مل، ولكن الصورة المأخوذة بوضعية الاضطجاع الجانبي تكشف كمية أقل من ذلك. أما التصوير المقطعي المحوري فحساس جداً في كشف كميات قليلة من السائل.

يتراكم السائل الحر عادة في المنطقة تحت الرئة، وتملأ الكمية الأكثر الزاوية الضلعية الحجابية مشكلة هلالاً تقعره للإنسي، أما إذا كان السائل غزيراً فتمتلئ الساحة الرئوية، ويغيب ظل الرئة، وينحرف المنصف (ظل القلب والرغامى) نحو الجهة المقابلة، كما قد يتوضع السائل ضمن الشقوق الرئوية، مسبباً التصاق الوريقات ومظهر تجمع غير اعتيادي على جدار الصدر وبين الشقوق الرئوية، وقد يقلد في مظهره أحياناً الأورام؛ فيدعى بالورم الكاذب، ويفيد هنا التفرس بالصدى (الإيكو) لكشف هذه الانصبابات المحجبة قليلة المقدار، ويجب الشك دوماً حين وجود كثافة شاملة تحجب نصف الصدر بوجود خباثة ولو أنها تشاهد في التدرن أيضاً.

الشكل (3) انصباب جنب شديد مع فتق الكيس الجنبي

الإنذار:

القاعدة هي تراجع ذات الجنب الجافة وشفاؤها. أما حين وجود الانصباب فيختلف الإنذار باختلاف العامل المسبب، ففي ذات الرئة المصحوبة بانصباب تتراجع الآفة بالمعالجة والبزل بحسب الضرورة، وكذلك الأمر في تقيح الجنب الذي يتراجع بعد تفجير الجنب وإعطاء الصادات المناسبة في سائر الأخماج؛ بما فيها الانصباب الجنبي الدرني الذي يتراجع بالمعالجة المناسبة ضد التدرن.

ويتحسن الانصباب الدموي بالبزل والتفريغ في رضوض الصدر.

أما في الخباثات فالإنذار مختلف، وهو عادة سيئ؛ إذ ينكس الانصباب، ويتكرر، وقد يحتاج الأمر إلى إيثاق الجنب syndesis أو وضع مصرف لتفريغ السائل.

الشكل (4) درجة الانصباب والتدبير

المعالجة:

يجب أن توجه إلى العامل المسبب أولاً وإلى السائل نفسه ثانياً. فالسائل الرشحي غالباً ما يستجيب لعلاج الحالة المسببة كقصور القلب، ولا ضرورة لإجراء البزل العلاجي إلا إذا كان السائل غزيراً ومسبباً لزلة شديدة، ونادراً ما يحتاج الأمر إلى وضع مصرف أو إجراء إيثاق الجنب. أما في الانصبابات التالية للخباثات - ولاسيما في المرضى المعروفين بإصابتهم بسرطانة رئوية مع غزو السطح الجنبي المثبت بخزعة الجنب أو بتحري الخلايا الورمية في السائل وهذا الورم غير قابل للاستئصال - فالمعالجة تكون كيميائية أو شعاعية بحسب نوع الورم المشخص.

وينصح بإجراء إيثاق الجنب وإلغاء الفراغ الجنبي بإحداث التصاقات ليفية بين الوريقتين الحشوية والجدارية حين لا يستجيب المرضى للعلاج السابق، ويتكرر ظهور السائل، وذلك بحقن مادة بليومايسين bleomycin أو ميتوكسانترون mitoxantrone أو ذر مادة الطلق في الجوف الجنبي، وإن لم تستجب الحالة لهذه المعالجة يُجرَ البزل المتكرر أو تُجرَ تحويلة shunt جنبية صفاقية أو تقشير الجنب بوصفها إجراءات بديلة.

تتراجع الانصبابات التالية لذات الرئة عادة، وتستجيب للعلاج بالصادات، وقد يضطر إلى تصريف سائل الجنب بالبزل المتكرر أو بوضع أنبوب عبر جدار الصدر لمنع حدوث ثخن الجنب وتليفه؛ وبالتالي منع تحدد حركة الرئة، إذا كان pH السائل أقل من 7.2 والسكر أقل من 50 ملغ/دل مع ارتفاع L.D.H < 1000، فإذا لم يتراجع هذا الانصباب خلال 24 ساعة وجب حقن مادة الستربتوكيناز عبر أنبوب التصريف بمقدار 250.000 وحدة محلولة في 100سم من محلول ملحي نظامي يومياً لمدة عشرة أيام لتسريع الارتشاف والتصريف.

وحين وجود جيوب من توضعات السائل داخل الجنب يفضل إجراء تفرس بالصدى (إيكو) لتحديد المكان المناسب لوضع أنبوب التصريف ولو أن محتواها ليس قيحياً.

وإذا حدثت قشرة جنبية كثيفة تتراجع ببطء وعلى مدى عدة أشهر، أو قد يضطر إلى فتح الصدر الجراحي للسيطرة على النزف وإزالة الخثرات الدموية ومعالجة المضاعفات المرافقة كحدوث نواسير قصبية جنبية.

 

 

 


التصنيف : جهاز التنفس
النوع : جهاز التنفس
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 86
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 534
الكل : 29623758
اليوم : 3768