logo

logo

logo

logo

logo

الضعف العصبي العضلي

ضعف عصبي عضلي

neuromuscular weakness - hypodynamie neuro-musculaire



الضعف العصبي العضلي

عيسى لابقة

مقدمة في الضعف عامة

التقييم السريري

في أنماط الضعف العضلي

تعريف بالأدواء المختلفة المسببة للضعف

 

 

مقدمة في الضعف عامة:

الضعف من الشكاوي الشائعة قد يعني بها المرضى أموراً مختلفة. وعلى الطبيب أن يتحقق من المقصد. فعليه أن:

> يحدد - أولاً- ما يعنيه المريض بالضعف. فقد يطلق بعض المرضى "الضعف" على "التوعك" (أو الدعث) malaise؛ وهو الشعور بفتور الهمة والتكاسل لحمى أو مرض. وقد يراد بها "التعب"؛ لوصف نَهَك القوى تلو القيام بعمل مضنٍ يستنفد الجهد. ومنهم ما يطلق "الضعف" على أي اضطراب حسي أو حركي في الأطراف. أما في طب الأعصاب فيراد به نقص القوة force، وهو تعذر الإتيان بتقلص عضلي إرادي مؤثر

> ومن ثم؛ على الطبيب أن يفرق بين الضعف الحقيقي عصبي المنشأ وبين نظيره الظاهري. فقد ينجم الضعف الظاهري عن ألم يتفاقم بالحركة؛ مما يحول دون الإتيان بها؛ أو قد يكون لضمور خفيف في بعض العضلات من قلة الاستعمال disuse atrophy؛ ومن المرضى من لا يرغب في بذل أقصى جهده في أثناء الفحص.

> وأخيراً، على الفاحص أن يحدد نمط الضعف، وتوزعه، وشدة العجز الوظيفي الناجم، والمظاهر الأخرى المرافقة.

ينجم الضعف عن أذية أي قطعة من الجملة المحركة motor system ذات الأجزاء المتعددة. ويتشارك الضعف مع مظاهر سريرية أخرى مميزة. تضم الجملة المحركة الأجزاء التالية:

 -1 العصبونات المحركة العلوية upper motor neurons ومحواراتها axons:  وتعرف بالسبيل القشري الشوكي corticospinal tract؛ أو بالسبيل الهرمي pyramidal tract. تبدأ معظم الألياف المحركة من عصبونات كبيرة في الشريط المحرك motor strip من القشرة المخية cerebral cortex أمام شق رولاندو Rolando’s fissure. تدعى العصبونات الكبيرة خلايا بتز Betz. وهي هرمية الشكل، ومنها جاءت التسمية "السبيل الهرمي". وتتابع الألياف نزولها في  الإكليل المتشعع corona radiata، لتتجمع في المحفظة الباطنة internal capsule. ثم تتابع مسيرها في السويقة المخية cerebral peduncle إلى جذع الدماغ، حيث يتشابك synapses بعضها مع نوى الأزواج القحفية، في حين يتابع بعضها الآخر نزوله إلى البصلة medulla حيث يتصالب أكثرها مع السبيل القشري الشوكي النازل في الجانب المقابل؛ ليتشكل الهرمان pyramids. ومن ثم تتابع الألياف نزولها في العمود الجانبيlateral column  من الحبل الشوكي spinal cord؛ لتتشابك مع العصبونات المحركة السفلية في القرون الأمامية anterior horns في مستويات تشريحية قِطَعية segmental مختلفة. وينتهي الحبلان الشوكيان الجانبيان  بالمخروط النخاعي (أو الانتهائي) conus medullaris/terminalis على مستوى الفقرة القطنية الأولى أو الثانية.

تؤدي علة محدودة تصيب ألياف العصبونات المحركة العلوية إلى اضطرابات خاصة مميزة لا تتبدل بتغير مقر الآفة. ويستدل على المكان التشريحي للإصابة من التوزع السريري للنقيصة الحركية motor deficit الناجمة؛ ومما قد يرافقها من علامات عصبية شاذة أخرى ناجمة عن تأذي البنى التشريحية المجاورة. ويطلق على هذه العلامات الإضافية - والتي يستدل منها على مقر الآفة المسببة - مصطلح "علامات التجاور" neighborhood sign. 

-2 العصبونات المحركة السفلية lower motor neurons: تقع في تجمعات (تعرف بنوى الأعصاب المحيطية  (peripheral nerves nuclei في جذع الدماغ وفي القرون الأمامية للحبل الشوكي. تنتقل التدفعات impulses العصبية من العصبونات المحركة السفلية عبر الجذور الأمامية أو المحركة anterior/motor roots (بما فيها ذيل الفرس cauda equina في العمود الفقاري القطني)، فالضفائر plexuses، فالأعصاب المحيطية؛ لتصل إلى النهايات العصبية في الموصل العصبي العضلي.

أما المظاهر السريرية التي تنجم عن أذية العصبونات المحركة السفلية؛ فتعتمد على الجزء المؤوف، أي في النوى أو الضفائر أو الجذور المحركة؛ أو في عصب محيطي واحد mononeuropathy أو أكثر multiple mononeuropathies؛ أو اعتلال متعدد في الأعصاب المحيطية polyneuropathy، كما سيرد لاحقاً. وهذا نمط مغاير لما يشاهد في أذية الأجزاء المختلفة من العصبونات المحركة العلوية، حيث لا تتبدل المظاهر الأساسية بتغير القطعة المؤوفة، كما سبق ذكره.    

 -3 النهايات العصبية :nerve terminals يُصنّع الأستيل كولينacetylcholine  في النهايات العصبية، ويخزن هناك. وعندما تصلها التدفعات العصبية في المحوارات axons؛ يُطلق الأستيل كولين عبر المشابك synapses إلى مستقبلات receptors خاصة في الغشاء العضلي من المَوصل junction العصبي العضلي.

-4 العضل: يثير تنبه مستقبلات الأستيل كولين على الجانب العضلي من الموصل العصبي العضلي؛ زيادةً عابرة في نفوذية إيونات ions الصوديوم والبوتاسيوم؛ مما يؤدي إلى زوال استقطاب depolarization الأغشية العضلية. ومن ثم تثار سلسلة طويلة من التفاعلات ضمن الألياف العضلية تفضي في نهاية المطاف إلى تقلص إرادي.

أولاً- التقييم السريري:

بعد التحقق مما يعنيه العليل من شكوى الضعف؛ يُستفسر عن نمط البدء؛ وتطوره نحو التردي أو التحسن؛ وما قد يثيره أو يخفف من حدته أو يفاقمه. وينتبه إلى توزع الضعف، وشدته، وأثره الوظيفي في حياة المريض اليومية، وإلى وجود أعراض أخرى مرافقة كالمعص cramp واضطرابات الحس، على سبيل المثال.

-1 التعب fatigue والتَّعوبية fatigability والوهن نفساني المنشأ :neurasthenia  

يشكو الأصحاء أو المصابون بضعف من منشأ عصبي عضلي؛ شعوراً مزعجاً بألم عضلي خفيف بعد بذل جهد بدني قد يضطرهم إلى التوقف عنه. أما التَّعوبية فهي ظاهرة مرضية تطلق على تزايد الضعف في أثناء القيام بحركة ما من دون الشعور بالألم. وعلى نحو عام؛ تكون القوة في هؤلاء المرضى أفضل عند الاستيقاظ من النوم (أي بعد الراحة) منها في نهاية النهار. وتعني ضمناً وجود علة ما في الموصل العصبي العضلي، وتعرف بالوهن العضلي myasthenia أيضاً. أما التعب نفساني المنشأ؛ فهو حالة مشابهة ظاهرياً، ولكن التعب يكون فيها أشد عند الاستيقاظ من النوم غالباً، أو أنه قد يظهر بعد البدء بالجهد مباشرة.

-2 المظاهر السريرية للضعف وتوزعه:

ويستدل عليها من نمط توزع الضعف والأعراض الناجمة:

أ- ضعف الوركين (العضل الداني لزنار الحوض proximal muscles of the hip girdle ):  يجد العليل صعوبة في النهوض من وضعتي الجلوس والقرفصاء، وفي صعود السلالم أيضاً. فيضطر إلى الاستعانة بذراعيه للتمسك بشيء ثابت وجذب جسمه إلى فوق. ومنهم من يدفع بركبتيه نحو الخلف لبسط الساقين على الفخذين، وهذه هي حركة "تسلق الساقين". ويتمايل العليل في مشيته التي يطلق عليها مصطلح "المشية المتهادية waddling gait".

ب- ضعف الكاحلين: وتصاب مثنيات الكاحل؛ مما يؤدي إلى سقوط القدم foot drop. ويكثر التعثر، إما لالتواء أحد الكاحلين؛ وإما لاصطدام صدر القدم (مقدمها)   forefootبما قد يبرز فوق الأرض. ويتعذر على المريض المشي على مقدم القدم لضعف العضل الخلفي للساق (مثنيات الكاحل)، أو المشي على العقب لضعف العضل الأمامي للساق

ج- ضعف عضل الكتفين: يجد العليل صعوبة في أداء كل ما يتطلب رفع اليدين إلى فوق الرأس لأداء عمل ما، كتصفيف الشعر على سبيل المثال. كما يؤدي الضعف إلى انزياح لوح الكتف نحو الأمام والجانب. ويرافق هذا الانزياح كب معاوض في الطرف العلوي عند تدليه بجانب الجسم، فتنفتل راحة اليد نحو الخلف

د- ضعف عضل اليدين: يجد العليل صعوبة في حمل الأشياء، وفي الكتابة، والأكل، وأداء كل ما يتطلب حركة فتل الساعد (أي الكب والاستلقاء)، شأن الحال حين فك أغطية القناني، أو المصابيح الكهربائية أو نزع البراغي؛ على سبيل المثال.

هـ- ضعف عضل الأصابع:  يتعذر أداء الحركات الدقيقة التي تستوجب استعمال الأصابع بمهارة، كما يحدث حين فك أزرار القميص وتزريرها، أو عند استعمال الزمّام (السحّاب).

و- ضعف عضل الرقبة: يجد العليل صعوبة برفع الرأس عن الوسادة وهو بوضعة الاستلقاء؛ لضعف مثنيات الرأس. وقد يضعف العضل الخلفي للعنق نادراً، فيتدلى الرأس نحو الأمام؛ مما يضطر العليل أن يسند ذقنه بأصابعه، لإبقاء وجهه في وضعة متعادلة neutral position.

ز- ضعف عضل القحف: يؤدي ضعف عضل الوجه (المعصب من الزوج السابع القحفي) إلى تعذر مص الشراب بالممص straw، والتصفير، والنفخ. ويستدل من صعوبة المضغ أو في إطباق الفم على وجود ضعف في العضلتين الماضغتين والعضلتين الصدغيتين والجناحيات (وهي معصبة من الزوج الخامس القحفي).

يدل عسر التلفظ articulation، وتعذر إزالة بقايا الطعام من بين الأسنان أو من حولها باللسان؛ على ضعف عضل اللسان (المعصبة من الزوج الثاني عشر القحفي). كما يفضي ضعف العضل الخارجي للعينين (معصبة من الأزواج القحفية الثالث والرابع والسادس) إلى غشاوة البصر والشفع.

ح- القصور التنفسي: يشاهد ضعف عضل الحجاب الحاجز والعضل بين الأضلاع في مراحل متقدمة من الأدواء العصبية العضلية، ويؤدي إلى ظهور النمط البطني للتنفس، ومهدداً الحياة بالخطر. وقد يكون نادراً العرض الأول في بعض الأدواء العضلية، شأن الحال في داء بومبيه العضلي في الراشدين (البالغين) adult Pompe’s disease. 

-3 الفحص السريري:

ينتبه إلى نمط توزع الضعف، وحالة العضل من ضمور أو ضخامة، وإلى منعكسات الشد stretch reflexes، والتغيرات الحسية، ومقوية العضل muscle tone، والوتار (التأتر) العضلي dystonia (الجدول 1).

المظهر

ما يتوجب تحريه

حالة العضل (بالتأمل):

ينتبه إلى وجود أو غياب ما يلي:

الوضعة

·      وضعة الجسم posture  والأطراف في أثناء الجلوس والوقوف والمشي، وفي أثناء الحركة أو تغير الوضعة

ضمور العضل(1)

·                       ضمور العضل وتوزعه:

o                   العضل الداني أو القاصي أو معمم

o                   في توزع جذر أو ضفيرة أو عصب

·                     هل حدث في مرحلة باكرة من المرض أم متأخرة؟

التقلصات الحزمية(2)

·                     وجودها أو غيابها

·                     توزعها: في قطعة واحدة أم أكثر

ضخامة العضل

·                      توزعه: معمم ي كل الجسم أم موضع في بعض العضلات (كعضل الربلة أو في الدالية)

توزع الضعف

·                      هل يشمل العضل القاصي أم الداني، أمتناظر هو أم غير متناظر؟

·                     إذا كان غير متناظر، فهل هو في توزع تعصيب من عصب واحد، أو أكثر من عصب، أو في توزع ضفيرة؟

·                      حالة العضل العيني والبصلي

·                      حالة عضل التنفس

المنعكسات:

ينتبه إلى حالتها وتناظرها:

منعكسات الشد

·     حالتها (من اشتداد؛ أو استواء؛ أو ضعف)، وتناظرها بين الجانبين

·     يتحرى الرمع clonus في حال الاشتداد

المنعكسات الجلدية

 

·     المنعكسان الأخمصيان

·     المنكسات الجلدية البطنية:

o    قد تغيب في البدانة وفي الولودات

o    لعدم تناظرها أهمية تفوق غيابها

المقوية العضلية(3)

·                     هل هي سوية، أو مزدادة (الصمل rigidity ، الشناج spasticity )، أو ناقصة hypotonia ؟

الوتار العضلي(4)

·                     سرعة ارتخاء عضلة ما تلو تقلصها أو قرعها:

o                   ارتخاء بطئ غير مؤلم في الوتار

o                   ارتخاء بطئ مؤلم تلو تقلص (أو فرط تقلص) مؤلم في المعص cramp  

اضطراب حسي مرافق

·                     ينتبه إلى سلامة الحس أو اضطرابه:

o                   في جانب واحد أو في الجانبين.

o                   في توزع جذر حسي أو عصب محيطي أو توزع الجورب والقفاز stocking and glove

(1)   تدعى بالانكليزية wasting أو atrophy

(2)   هي تقلصات لا إرادية لحزم من الألياف العضلية (ألياف عضلية متجاورة ومعصبة من عصبونة محركة واحدة) ، ترى عبر الجلد بشكل تموج rolling (أو ترجرج flicker) غير منتظم، خفيف ووجيز.

(3)   المقوية هي مقاومة العضلة للحركة المنفعلة

(الجدول رقم1) ما ينتبه إليه في الفحص السريري في حالات الضعف العضلي

ثانياً- في أنماط الضعف العضلي:

في الجدول (2) ملخص لأنماط الضعف المختلفة وللعلامات المرافقة لها.

الجدول (1) أنماط الضعف المختلفة وما يرافقها من العلامات ذات الصلة

ثالثاً- تعريف بالأدواء المختلفة المسببة للضعف:

قد يكون الضعف متناظراً أو غير متناظر؛ معمماً أو موضعاً؛ في بقعة واحدة أو أكثر:

-1 ينجم الضعف في مجموعات عضلية محددة في طرف واحد عن: أذية جذر عصبي عند مخرجه من العمود الفقاري؛ أو عن تأذي الضفيرة العضدية أو القطنية في جذر الطرف؛ أو عن علة تصيب عصباً محيطياً واحداً.

يرافق الآفات الجذرية ألم في العنق أو في الظهر غالباً. في حين يؤدي انضغاط عصب واحد إلى خدر  numbness أو توخز (pins and needles) tingling في الطرف الموافق.

-2 تسبب آفة دماغية ضعفاً في شق الجسم، ويشمل الوجه أيضاً. في حين ينجم الضعف الشقي الذي لا يشمل عضل الرأس، عن أذية في الحبل الشوكي غالباً. ومتى كان البدء حاداً، دعيت الحالة "النَّشبة stroke"، التي تعني ضمناً أنها وعائية المنشأ.

-3 أما الضعف المعمم فهو قليل المصادفة، وينجم عن علل عصبية عضلية. ويكون غير مؤلم ومتناظراً غالباً؛ وذا بدء مخاتل. لذلك قد لا يأبه المريض له في المراحل الباكرة من سير الداء.

-1 اعتلالات العضل :myopathies

يطلق مصطلح اعتلالات العضل على جميع الأدواء العضلية. وتشمل:

أ- اعتلالات العضل الالتهابية inflammatory myopathies مناعية المنشأ. وتضم هذه المجموعة من الأدواء: التهاب العضل المتعدد polymyositis، والتهاب الجلد والعضل  dermatomyositis ، والتهاب العضل الاشتماليinclusion body myositis . وتعالج بمثبطات المناعة، كالبردنيزون prednisone والميثوتركسات methotrexate .

ب- اعتلالات العضل سمية المنشأ :toxic myopathies يشبه المشهد السريري في هذه الأدواء نظيره في التهاب العضل المناعي. وتنجم عن تعاطي الكحول، والمعالجة بالكولشيسين colchicine  أو بالبردنيزون أو بالأزيدوثيميدين       azidothymidine (AZT) أو بمثبطات الريدكتازHMG-CoA reductase .

جـ- اعتلالات العضل الوراثية :inherited myopathies وتتظاهر في أعمار مبكرة، مقارنة بما يصادف في علل العضل الالتهابية أو سمية المنشأ. وأكثرها مصادفة: حثل عضل دوشين muscular dystrophy  Duchenne وحثل عضل بِكَر Becker  اللذان ينتقلان صفة صبغية مرتبطة بالجنس X-linked؛ وحثل العضل الوتاري myotonic dystrophy، الذي ينتقل صفة صبغية جسدية سائدة autosomal dominant؛ وحثل العضل الوجهي الكتفي العضدي fascio scapulohumeral dystrophy، الذي ينتقل صفة صبغية جسدية سائدة أيضاً.  

-2 اعتلالات الأعصاب  :neuropathies

وهي أدواء تتأذى فيها إما المحوارات العصبية axons، فتعرف باعتلال الأعصاب المحواري  axonal neuropathies؛ وإما تتأذى أغمادها الميالينية myelin sheath، فتدعى اعتلال الأعصاب المزيل للميالين demyelinating neuropathies. ويتعذر التفريق السريري بينهما؛ مما يستدعي اللجوء إلى قياس سرعة النقل الكهربائي في الأعصاب المحيطية

تشاهد اعتلالات الأعصاب المحوارية في الأدواء الاستقلابية غالباً، كالسكري والقصور الكلوي وأدواء الكبد؛ على سبيل المثال. أما اعتلالات الأعصاب المزيلة للميالين؛ فتنجم عن اضطراب مناعي غالباً، ويكون هذا إما داءً حاداً وحيد الطور acute monophasic illness، شأن الحالة في متلازمة غيلان - باريه  Guillain-Barré syndrome على سبيل المثال؛ وإما ناكساً مزمناً chronic relapsing، فيعرف باعتلال الأعصاب الالتهابي المزمن المزيل للميالين chronic inflammatory demyelinating polyneuropathy. وقد يشاهد هذان النموذجان من اعتلال الأعصاب: المحوارية والمزيل للميالين؛ بوصفهما أدواءً جينية أحياناً، تنتقل صفة صبغية جسدية سائدة   autosomal dominant.

يؤدي اعتلال الأعصاب المحيطية إلى ضعف العضل القاصي وضموره (مثنيات رسغي القدمين ankle وباسطاتهما)، ونقص الحس القاصي (أي في نهايات الأطراف)؛ في توزع الجورب والقفاز stocking-glove، مع سلامة الأزواج القحفية غالباً. كما قد يصاب عضل التنفس أحياناً. وحين الشك بوجود اعتلال أعصاب محيطية، يجب تقييم حالة عضل التنفس في جميع تلك الحالات. كما يركن لقياس سرعة النقل في الأعصاب المحيطية للتفريق بين النموذجين المذكورين. أما المعالجة فتشمل تدبير الاضطراب الاستقلابي المسبب لاعتلال الأعصاب المحواري، والتثبيط المناعي للاعتلال المزيل للميالين غير الوراثي.

-3 أدواء الوصل العصبي العضلي :neuromuscular diseases

يسبب الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis غالبية هذه الحالات. والإمراض فيه وجود أضداد لمستقبلات الأستيل كولين النيكوتينية nicotinic acetylcholine receptors، التي تتواسط النقل بين الأعصاب والعضل. ويجب إجراء تصوير مقطعي محوسب للصدر  (CT) لهذه الحالات؛ لأنها قد يرافقها ورم توتي (تيموسي) خبيثmalignant thymoma .

قد يؤدي الوهن العضلي الوبيل إلى ضعف العضل الداني، شأن الحال في اعتلال العضل. بيد أن الوهن العضلي الوبيل يصيب عضل الرأس غالبا؛ مما يؤدي إلى الإطراق ptosis، أو الشفع، أو ضعف عضل الوجه، أو إلى أعراض بصلية bulbar. ولا يرتفع عيار الكرياتين كيناز في الدم؛ على نمط مغاير لما يشاهد في التهاب العضل.

ثمة علة أخرى تصيب الوصل العصبي العضلي، هي متلازمة لامبرت إيتن Lambert- Eaton syndrome، التي تشبه الوهن العضلي الوبيل. بيد أنها تصيب العضل الداني في الطرفين السفليين خاصة، لا عضل الوجه. وتظهر أضداد لقنوات الكلسيوم لما قبل التشابك presynaptic calcium channels، كما يرافقها ورم رئوي خبيث صغير الخلايا غالباً؛ لا ورم تيموسي.

-4 أدواء العصبون المحرك :motor neuron disease

تصنف هذه المجموعة النادرة من الأدواء التنكسية أو الوراثية؛ بحسب توضع الأذية: فتكون هذه إما في العصبونات المحركة السفلية؛ وإما في العصبونات المحركة العلوية؛ وإما في كلتيهما. وفيما يلي تعريف موجز بها، وسيأتي التفصيل في بحث منفصل:  

أ- تشارك أذية العصبونات المحركة العلوية والسفلية: تعرف هذه الحالات بالتصلب الجانبي الضموري  amyotrophic lateral sclerosis (ALS). ويسهل تشخيصها سريرياً لظهور علامات أذية علوية، مع العصبون المحرك السفلي (ومنها الضمور والتقلصات الحزمية)؛ ولكن مع اشتداد منعكسات الشد، لا ضعفها، كما يتوقع. ويبقى الحس سوياً، ولا تصاب المصرتان. ويبطّئ العقار riluzole من سرعة تفاقم الداء.

ب- إصابة العصبونات المحركة العلوية الصرفة: كالتصلب الجانبي الأولي primary lateral sclerosis، والخزل النصفي السفلي التشنجي الوراثي (أو الأسري) hereditary (familial) spastic paraparesis؛ على سبيل المثال.

جـ- إصابة العصبونات المحركة السفلية الصرفة: كضمور العضل شوكي المنشأ spinal muscular atrophy (كداء وردنغ -هُفمان Werdnig-Hoffman، وداء كوكلبرغ - ويلاندر Kugelberg-Welander، والشلل البصلي الوراثيhereditary bulbar palsy، والشلل البؤري focal أو القِطَعي (segmental، ومتلازمة ما بعد التشعيع post-irradiation syndrome، والتهاب سنجابية النخاع poliomyelitis ومتلازمة تلو التهاب السنجابية post-polio syndrome، وسواها من أمراض نادرة.

-5 أدواء العمود الرقبي :cervical spine diseases

تؤدي إلى ضعف في الأطراف؛ ولاسيما في الطرفين السفليين. تشاهد معظم هذه الحالات في المسنين خاصة؛ لحدوث تغيرات تنكسية في العمود الفقاري الرقبي بتقدم العمر. وتفضي هذه التغيرات إلى تضيق القناة الشوكية، ومنها انضغاط الحبل الشوكي وتأذيه. وتعرف هذه الحالات باعتلال النخاع الرقبي cervical myelopathy. ويتفاقم الضرر بحركة فرط بسط العمود الفقاري الرقبي قسرياً، شأن ما يحدث في الوقوع باتجاه أمامي، أو في أثناء تنبيب الرغامى.

تصادف أدواء أخرى في المرضى الأصغر سناً، كأورام الحبل الشوكي، والرضوض، والتصلب المتعدد، والتهاب النخاع المستعرض transverse myelitis؛ على سبيل المثال. والتهاب النخاع المستعرض المنعزل isolated هو ارتكاس التهابي، الإمراض فيه اضطراب مناعي حاد. ويختلف عن نظيره في اعتلال النخاع الرقبي المشاهد في داء الفقار التنكسي spondylosis، بأنه يصيب النخاع الظهري غالباً لا العمود الرقبي. كما يتصف ببدئه الحاد، وبعمر العليل، وبزيادة الخلايا في السائل الدماغي الشوكي.   

يتظاهر اعتلال النخاع الرقبي بعلامات أذية العصبون المحرك العلوي (كالشناج spasticity، واشتداد منعكسات الشد stretch reflexes في الطرفين السفليين، وظهور علامة بابنسكي) مع غياب بعض منعكسات الشد في طرف علوي واحد أو في كليهما غالباً (لاعتلال الجذور الرقبية)، واضطراب التبول (لأذية الألياف النازلة)، وبطلان الحس العميق في الطرفين السفليين (لتضرر الحبلين الخلفيين)؛ ومنه زوال حس الاهتزاز vibration غالباً، مع اضطراب حس الأوضاع joint position sense أحياناً. وقد يكون التشنج مع اضطراب الحس العميق أكثر إزعاجاً للمريض منه من الضعف. ويعالج اعتلال النخاع الرقبي جراحياً لتخفيف الضغط decompression عليه.

 

 

 


التصنيف : الجهاز العصبي
النوع : الجهاز العصبي
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 90
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 560
الكل : 31766978
اليوم : 42439