logo

logo

logo

logo

logo

الاضطرابات التنفسية في الوليد

اضطرابات تنفسيه في وليد

respiratory distress in newborn - troubles respiratoires chez le nouveau-né



الاضطرابات التنفسية في الوليد

ماهر الباني

 تسرع النفس العابر في الوليد  تسرب الهواء خارج الرئة
 داء الأغشية الهيالينية   النزف الرئوي
ذات الرئة الاستنشاقية    فرط الضغط الرئوي المستمر في الوليد 
 استنشاق العقي   إنعاش الوليد 
 الفتق الحجابي  
 

تعدّ أمراض جهاز التنفس في الوليد والخديج السبب الأكثر شيوعاً لقبول المواليد في وحدات العناية المشددة للولدان. ويسهم تشخيص هذه الحالات باكراً وتقديم التدبير الملائم لها في تخفيض نسبة الوفيات لدرجة كبيرة كما يسهم في تجنب مضاعفاتها القريبة والبعيدة.

تشمل العلامات الدالة على مشكلة تنفسية في الوليد: الزرقة والخفخفة grunting (الطحة) ورقص خنابتي الأنف nasal flaring والسحب الوربي intercostal retraction وتسرع التنفس وخفوت المبادلات التنفسية بالفحص والشحوب ونوبات توقف التنفس.

والأمراض المسببة الأكثر شيوعاً هي: الزلة التنفسية العابرة وداء الأغشية الهيالينية hyaline membrane disease (متلازمة الضائقة التنفسية respiratory distress syndrome -RDS) واستنشاق العقي أو السائل الأمنيوسي وذات الرئة وانسداد المنعرين choanal atresia (رتق قمع الأنف) وتشوهات الفم واسترواح الصدر pneumothorax والناسور القصبي المريئي وفتق الحجاب الحاجز ونوبات توقف التنفس ككيان مستقل. مع العلم أن أمراضاً خارج الجهاز التنفسي تتظاهر في الوليد بأعراض تنفسية مثل آفات القلب الولادية وبقاء الدوران الجنيني وارتفاع ضغط الشريان الرئوي وإنتان الدم ونقص سكر الدم والنزوف داخل القحف وبعض الأمراض العصبية والعضلية والاستقلابية.

1- تسرع النفس العابر في الوليد transient tachypnea:

يتظاهر بتسرع تنفس باكر وأحياناً بسحب وربي وخفخفة وأقل من ذلك الزرقة التي تتميز بالتحسن بإنشاق الأكسجين بتركيز 40%. تشفى الآفة عادة في ثلاثة أيام. إصغاء القلب طبيعي. يبدو بالفحص الشعاعي ازدياد الارتسامات الوعائية الرئوية وسوائل في المسافات بين الفصوص الرئوية وفرط تهوية وتسطح الحجاب الحاجز. قد يصعب تفريق هذه الحالة عن داء الأغشية الهيالينية، ولكن غياب العلامات الشعاعية الخاصة به والتحسن المفاجئ يساعدان على التشخيص. يعتقد أن الآلية المرضية هي بطء ارتشاف السوائل الرئوية الجنينية؛ مما يؤدي إلى نقص مطاوعة الرئة. المعالجة داعمة.

2- داء الأغشية الهيالينية (متلازمة الضائقة التنفسية في الوليد):

ترتبط نسبة حدوث هذا الداء عكساً مع العمر الحملي gestational age ووزن الوليد إذ تصل إلى 60-80% في المواليد بعمر حملي دون 28 أسبوعاً في حين تكون 25-30% في المواليد بعمر حملي بين 32 و36 أسبوعاً ونحو 5% بعد الأسبوع 37. عوامل الخطورة التي تزيد نسبة الحدوث هي الأم السكرية والحمل المتعدد والولادة القيصرية والاختناق حول الولادة وأذية البرد. يفيد إعطاء الستيروئيدات القشرية وقائياً للأم قبل الولادة الباكرة. الإمراضية على نحو أساسي هي نقص مادة السورفاكتنت surfactant في أسناخ رئة الوليد، وهي مادة تتألف من فوسفاتيديل كولين وفسفاتيديل غليسيرول وبروتينات وكوليستيرول، وظيفتها خفض التوتر السطحي للأسناخ، فيؤدي نقصها إلى انخماص هذه الأسناخ. ينجم عن انخماص الأسناخ الرئوية نقص تهوية يؤدي إلى تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون ونقص أكسجة وحماض تنفسي، وهذه كلها تؤدي إلى تقبض الأوعية الرئوية؛ وبالتالي حدوث تحويلة (شنت) يمنى- يسرى عبر الثقبة البيضية والقناة الشريانية وضمن الرئة ونقص الجريان الدموي الرئوي. تبدأ الأعراض منذ الولادة، وقد تتأخر بضع ساعات. والأعراض هي زلة بزيادة مرات التنفس وخفخفة وسحب وربي وتحت الأضلاع ورقص خنابتي الأنف وكمود اللون duskiness وزرقة لا تستجيب جيداً لإعطاء الأكسجين، وبالفحص يلاحظ خفوت المبادلات الرئوية وخراخر rales ناعمة بالشهيق العميق عند القاعدتين الرئويتين. يعتمد التشخيص على الفحص السريري والأشعة وغازات الدم الشرياني arterial blood gases (ABG). يتأخر ظهور المنظر الشعاعي المشخص لداء الأغشية الهيالينية عدة ساعات تصل حتى 12 ساعة، وهو نقص في التهوية مع منظر نسيج رئوي حبيبي شبكي reticular granularity وارتسام الشعب الهوائية. أما غازات الدم الشرياني فتبدي نقص أكسجة وارتفاع ثاني أكسيد الكربون وحماض.

يشمل التشخيص التفريقي: إنتان الدم ولاسيما بالمكورات العقدية B وذات الرئة وآفات القلب الولادية المزرقة (ولاسيما شذوذ العود الوريدي التام وفرط ضغط الشريان الرئوي) والاستنشاق الرئوي واسترواح الصدر والفتق الحجابي. 

تبدأ الوقاية من تدبير الحمل عالي الخطورة واختيار توقيت الولادة الأنسب، ويفيد إعطاء البيتاميثازون betamethasone للأمهات المهددات بولادة باكرة بين الأسبوع 24 والأسبوع 34 من الحمل، وله تأثير جيد في الإقلال من حدوث داء الأغشية الهيالينية في الوليد وكذلك بعض المضاعفات مثل النزف داخل البطينات الدماغية، كما أن إعطاء جرعة «سورفاكتنت» وقائية  فور الولادة  للخدج على شكل إرذاذ ضمن الرغامى أو في الساعات الأولى بعد الولادة ينقص نسبة الوفيات.

العلاج: يجب اتباع التدابير العامة للعناية بالخديج بدقة، وتشمل ضبط حرارة الوليد للتخفيف من استهلاك الأكسجين وتسريب سوائل وريدية مناسبة مع عدم تجاوز 140مل/كغ/24 ساعة لتجنب حدوث بقاء قناة شريانية سالكة وإعطاء أكسجين دافئ ورطب بما يحقق إشباعاً أكسجينياً يراوح بين 85-95%. يعتمد العلاج على نحو أساسي على التغلب على نقص المبادلات داخل الأسناخ الرئوية بين غاز الأكسجين وغاز ثاني أكسيد الكربون وتدبير الحماض؛ وبالتالي نقص التروية الرئوية. وتتألف المعالجة من تدابير داعمة تقدم للخديج منذ الولادة مثل التدفئة والمناطرة (المراقبة) القلبية والرئوية وغازات الدم الشريانية، وذلك في وحدة عناية مشددة بالوليد. تحدد السوائل الوريدية في اليوم الأول بمقدار 65 إلى 75 مل/كغ/24 ساعة من محلول دكستروز بتركيز 10% مع إعطاء أكسجين بتركيز يكفي للحفاظ على إشباع أكسجيني بين 85 و95%، وإذا فشل إعطاء الأكسجين بتركيز 60% في رفع ضغط الأكسجين الجزئي بالدم PaO2 فوق 50 ملمتر زئبق يستطب وضع الوليد على جهاز الضغط الإيجابي المستمر continuous positive airway pressure (CPAP). كما يجوز تنبيب الوليد في غرفة المخاض وإعطاء جرعة سورفاكتنت أولى ثم نزع التنبيب ووضع الوليد على جهاز CPAP. وإذا فشل هذا أيضاً في المحافظة على PaO2  فوق 50 ملمتر زئبق رغم إعطاء الأكسجين بتركيز بين 70-100% تستطب التهوية الآلية. وعموماً تستطب التهوية الآلية حين إعطاء الأكسجين بتركيز 70-100% بوساطة جهاز CPAP مع بقاء غازات الدم الشرياني كالتالي: PH دون 7.2 أو PaO2  دون 50 ملم زئبق أو PaCO2  فوق 60ملم زئبق. يضاف إلى ذلك استطباب آخر للتهوية الآلية، هو نوبات توقف التنفس المستمرة غير المستجيبة للمعالجة بالضغط الإيجابي المستمر. هناك أنواع مختلفة للتهوية الآلية، أهمها التهوية الآلية الاعتيادية conventional والتهوية الآلية بالتواتر المرتفع high frequency. يضاف لخطة العلاج تدبير الحماض الإستقلابي المرافق وضبط الضغط الشرياني للإبقاء على تروية الجملة العصبية المركزية كافية.

3- ذات الرئة الاستنشاقية:

قد تبدأ في الجنين في أثناء المخاض المديد والولادة العسيرة حركات تنفس قبل الولادة أو في أثنائها مما يؤدي إلى دخول سائل أمنيوسي يحوي خلايا ظهارية؛ وطلاء دهني ودم وعقي وإفرازات القناة التناسلية الوالدية إلى داخل الطرق التنفسية السفلية للوليد؛ مما يعوق التبادل الغازي في الأسناخ، وإذا احتوت هذه المواد على جراثيم تحدث ذات رئة جرثومية.

تحدث ذات الرئة الاستنشاقية بعد الولادة بسبب وجود ناسور مريئي رغامي أو انسداد المريء أو العفج أو الجزر المعدي المريئي أو أخطاء التغذية أو استعمال أدوية مثبطة.

العلاج: تدابير داعمة وعرضية وصادات.

4- استنشاق العقي:

يصادف السائل الأمنيوسي المعقى في 10-15% من الولادات وغالباً في تمام الحمل والحمل المديد. يحدث استنشاق العقي في 5% من هذه المجموعة، وثلث المصابين يحتاجون إلى عناية مشددة وتهوية آلية. ينقص العقي المستنشق من مساحات الأسناخ الوظيفية في الرئة، ويسبب صمامات جزئية في القصيبات الانتهائية وانسدادات غير تامة ومبعثرة في الطرق الهوائية الدقيقة؛ مما يؤهب لحدوث استرواح الصدر أو استرواح المنصف أو كليهما معاً. يضاف إلى كل هذا أن مادة العقي نفسها تبطل فعالية السورفاكتنت الطبيعي الموجود داخل الأسناخ الرئوية الفعالة الباقية. تشفى الحالات الخفيفة في ثلاثة أيام، أما الحالات الشديدة التي تحتاج إلى تهوية آلية فإن نسبة الوفيات فيها مرتفعة. تظهرالصورة الشعاعية زيادة القطر الأمامي الخلفي للصدر مع تسطح الحجاب الحاجز؛ مما يعكس حالة فرط تهوية رئوية، يضاف إليها وجود ارتشاحات بقعية patchy infiltrations  خشنة منتشرة في الساحتين الرئويتين.

تكون الوقاية بمص مفرزات الفم ثم الأنف بالترتيب بعد ولادة الرأس في حالات السائل الأمنيوسي المعقى. والعلاج تنبيب الرغامى فور الولادة ومص محتويات الطرق التنفسية العليا حين وجود السائل الأمنيوسي المعقى مع علامات تثبط عام أو بطء قلب أو غياب التنفس العفوي. كثيراً ما يُحتاج إلى التهوية الآلية في أثناء معالجة هذه الحالات، ويجب موازنة جدوى رفع الأكسجة عبر التحكم بزيادة الضغط الوسطي للطرق الهوائية mean airway pressure (MAP) مع مخاطر حدوث ريح صدرية بسبب ما تحدثه سدادات العقي الجزئية من صمامات وحيدة الاتجاه تسبب احتباس الهواء بضغط عالٍ داخل بعض الأسناخ. يستطب أيضاً إعطاء مادة السورفاكتنت بوصفه إجراءً علاجياً. في الحالات الشديدة تحدث مضاعفة شائعة هي ارتفاع ضغط الشريان الرئوي.

5- الفتق الحجابي:

هو وجود اتصال بين جوف البطن وجوف الصدر. قد يكون هذا الاتصال من الشكل الانزلاقي؛ أي عبر فتحة المريء، أو يكون جانب مريئي أو خلف القص (فتق مورغاني) الذي يقدّر بنحو 2-6% من الحالات، أو يكون خلفياً وحشياً (فتق بوشدالك)؛ وهو الأكثر شيوعاً إذ يحدث في 90% من الحالات. نسبة الحدوث العامة 1/2000 إلى 1/5000 وليد حي، وهو حدوث فُرادي sporadic غالباً وعائلي أحياناً وثنائي الجانب في 5% من الحالات. يرافقه نقص تصنع رئوي في جهة الفتق وتشوهات أخرى في 30% من الحالات. هذه التشوهات المرافقة تشمل تشوهات عصبية مركزية أو قيلة سرية omphalocele أو تشوهات قلبية أو متلازمات صبغية مثل تثلث الصبغيات 21 أو 13 أو 18 أو متلازمة تورنر. التشخيص قبل الولادة ممكن بوساطة الأمواج فوق الصوتية أو بعد الولادة بوساطة صورة صدر شعاعية بسيطة تظهر وجود ظلال أحشاء بطنية داخل الصدر ولاسيما جيب الهواء المعدي كما يبدو انزياح المنصف للجهة المقابلة للفتق وانضغاط الرئة السليمة به. التشخيص التفريقي يشمل التشوه الغداني الكيسي للرئة cystic adenoid malformation  والتوشظ الرئوي pulmonary sequestration.

سريرياً: الزلة التنفسية dyspnea هي العرض البارز حين الولادة، وقد يتأخر 48 ساعة. يلاحظ بالتأمل العام أن البطن منخمص، وبالإصغاء غياب أصوات المبادلات التنفسية أو نقصها مع احتمال سماع أصوات حركات الأمعاء الحوية في جهة الفتق وكذلك انزياح صدمة القمة للجهة المقابلة.

التدبير: تقديم الدعم التنفسي على الفور، ويشمل تنبيب الرغامى وتهدئة المريض ووضع أنبوب معدة وقثاطر وريدية مركزية وقثطرة بولية. يجب رفع الإشباع الأكسجيني إلى 85% على الأقل مع تجنب إعطاء التهوية بوساطة القناع كيلا يؤدي ذلك إلى توسع المعدة وتجنب رفع الضغط الذروي (peack insp. pressure (PIP أكثر من 25 سنتمتر ماء لمنع حدوث أذية رضية للرئة، ومن المقبول وجود ارتفاع في PaCO2 بين 45-60 ملمتر زئبق مادام PH الدم أكثر من 7.3 يضاف إلى ذلك ضرورة تجنب العوامل المؤهبة لفرط ضغط الشريان الرئوي مثل نقص الأكسجة أو البرودة أو الحماض acidemia. فحص القلب بالصدى ضروري لإتمام خطة التدبير ولا يستطب إعطاء مقويات عضلة القلب على نحو منوالي ما لم يوجد دليل على نقص وظيفة البطين الأيسر. العلاج الجراحي يمكن إجراؤه بعمر 48 ساعة بعد تحقيق استقرار مقبول.

6- تسرب الهواء خارج الرئة extrapulmonary extravasation of air:

يشمل هذا الموضوع استرواح الصدر pneumothorax  واسترواح المنصف pneumomediastinum. تصل نسبة حدوث استرواح الصدر غير العرضي إلى 1-2%، أما العرضي فنسبة حدوثه أقل. العوامل المؤهبة هي استنشاق العقي وداء الأغشية الهيالينية والتعرض لإنعاش بعد الولادة استخدم فيه الضغط الإيجابي أو عند استعمال التهوية الآلية بضغط شهيقي ذروي PIP عالٍ أو ضغط نهاية الزفير PEEP العالي أو في المواليد المصابين بتشوهات الجهاز البولي. يحدث تسرب الهواء في أول 24-36 ساعة من الحياة في المواليد الذين يحملون العوامل المؤهبة المذكورة سابقاً نتيجة لتمزق أسناخ منتفخة أو تالية لسدادة قصبية صمامية الشكل أو كيسات رئوية كما يحدث أيضاً نتيجة نقص تصنع النسيج الرئوي المترافق مع نقص تكون السائل الأمنيوسي مثل متلازمة Potter (نقص تصنع الكليتين والتسرب المزمن للسائل الأمنيوسي) أو الآفات الصدرية الشاغلة لحيز أو شذوذات جدار الصدر الخانقة. يتسرب الهواء خارج الأسناخ إلى النسيج الخلالي مسبباً ريحاً خلالية  قد تقوم بتسليخ ما حول القصبات والأوعية حتى سرة الرئة، فإذا كانت كمية الهواء كبيرة استمر التسليخ وتجمع الهواء حتى يشكل استرواح المنصف أو الصدر أو تحت الجلد، وقد يؤدي تجمع الهواء تحت ضغط عالٍ ضمن المنصف إلى التأثير في العود الوريدي إلى القلب؛ وبالتالي نقص نتاج القلب. أما استرواح الصدر الضاغط فهو الذي يتجاوز فيه الضغط  داخل الجنب الضغط الجوي مؤدياً إلى خمص الرئة الموافقة ودفع المنصف إلى الجهة المقابلة مؤثراً بالتالي في وظيفة الرئة حتى في الجهة السليمة.

سريرياً: في الحالات العرضية غالباً ما يكون تطور الأعراض مفاجئاً وسريعاً إذ تتدهور حالة الوليد، وتظهر معظم علامات الضائقة التنفسية مع زرقة مرافقة وهياج يعبر عن نقص الأكسجة الحاد. وقد يلاحظ بالفحص زيادة القطر الأمامي الخلفي للصدر وانتباج المسافات الوربية intercostals وخفوت المبادلات التنفسية بالإصغاء مع زيادة وضوح بالقرع وانزياح صدمة القمة باتجاه الرئة السليمة، وفي الحالات الشديدة تحدث الصدمة. ونظراً لحدوث استرواح الصدر ثنائي الجانب  في نحو 10% من الحالات فإن تناظر الموجودات في فحص الصدر لا تنفي التشخيص. وإذا حدث استرواح منصف ضاغط يلاحظ انتباج أوردة العنق وهبوط الضغط الشرياني الجهازي وتسرب الهواء تحت الجلد معطياً إحساس الفرقعة تحت يد الفاحص حين جس العنق والصدر. يجب الشك بوجود استرواح صدر أو منصف في كل وليد تتدهور حالته التنفسية  فجأة، ويصاب بهياج، ويتناقص الإشباع الأكسجيني عنده، ويؤكد التشخيص بإجراء صورة شعاعية للصدر ترى فيها حافة الرئة المنخمصة بشكل خط كثافة شعاعية صريح على خلفية فرط وضوح هوائي، أما في استرواح المنصف فيشاهد فرط وضوح متجمع حول حواف القلب وخلف القص. وفي الحالات الإسعافية مع عدم توافر صورة شعاعية تفيد العلامات السريرية مدعومة باختبار فرط الشفوفية باستخدام ضوء قوي وملاحظة عبور الضوء بكميات كبيرة في جهة الإصابة بالمقارنة مع الجهة المقابلة. قد يحدث استرواح التأمور الذي يتظاهر بصدمة مع  تسرع أصوات القلب وخفوتها ونبض ضعيف؛ مما يدل على حالة سطام قلبي تستدعي الإسراع بإفراغ الهواء المحتبس داخل التأمور. يتسرب استرواح المنصف أحياناً إلى البطن عبر فتحة المريء أو فتحات مرور الأوعية مُشكلاً استرواح الصفاق، ومن المهم تفريقه عن حالة انثقاب حشا أجوف.

التدبير: في الحالات الخفيفة غير الضاغطة يكفي إعطاء الأكسجين بتركيز 100% لإحداث مدروج غازي ضمن الأسناخ يسحب الهواء المحتبس الغني بالآزوت. أما الحالات الضاغطة فالتدبير الإسعافي فيها بزل الهواء المحتبس بوساطة الإبرة، يتلوها وضع أنبوب في جوف الجنب يطبق على نهايته الخارجية تفجير تحت مستوى مائي منخفض مغلق. يفيد بوصفه إجراءً وقائياً إعطاء الولدان الذين يبدون مقاومة لجهاز التهوية الآلية أدوية من شأنها تهدئتهم أو إرخاؤهم.

7- النزف الرئوي pulmonary hemorrhage:

يشاهد النزف الرئوي في الوليد غالباً بعد تعرضه لضائقة تنفسية مثل داء الأغشية الهيالينية أو الخمج الرئوي الحاد أو الاختناق الشديد حين الولادة أو حين استعمال تهوية آلية أو المعالجة بالسورفاكتنت، كما تكثر مشاهدته في أمراض أخرى غير رئوية مثل أذية البرد وأمراض القلب الولادية وكثرة الكريات الحمر polycythemia والداء النزفي في الوليد والتخثر المنتشر داخل الأوعية واليرقان النووي kernicterus وأمراض استقلاب الأمونيا. ويدل النزف الرئوي في بعض الحالات على وجود وذمة رئوية تالية لقصور الجانب الأيسر من القلب، وفي الحالات الشديدة من النزف يحدث وهط قلبي وعائي ونقص المطاوعة الرئوية وحماض تنفسي وزرقة مركزية. وفي معظم الحالات يكون الوليد النازف خديجاً أو ناقص وزن الولادة.

يبدو شعاعياً منظر ارتشاحات بقعية منتشرة في الساحتين الرئويتين، ويبدو في الحالات الشديدة منظر الكثافة الرئوية الشاملة.

التشريح المرضي: النزف سنخي في غالبية الحالات، وخلالي في باقي الحالات.

الإنذار: عادة سيئ ونسبة الوفاة بعد حدوث نزف رئوي كبير مرتفعة.

التدبير: يكون بسحب المفرزات الدموية من الطرق التنفسية لتنظيفها وإعطاء إببينفرين ضمن الرغامى وتطبيق ضغط إيجابي في نهاية الزفير وتعويض الدم مع الانتباه لعدم زيادة الحمل الدوراني؛ ولاسيما في الحالات التي يكون فيها قصور القلب الأيسر عاملاً هاماً.

8- فرط الضغط الرئوي المستمر في الوليد persistent pulmonary hypertension of neonate (PPHN):

حالة كثيرة المصادفة نسبياً (1/500 ولادة)، تدرس عادة مع أمراض الجهاز التنفسي؛ لأن لها ارتباطات بحالات تنفسية عديدة، ولها تظاهرات تنفسية كثيرة، ومن علاجاتها المهمة التهوية الآلية. وهناك عادة عوامل مؤهبة مثل الاختناق حين الولادة asphyxia وذات الرئة الاستنشاقية بالعقي وذات الرئة الجرثومية بالمكورات العقدية B وحالات نقص سكر الدم وكثرة الكريات الحمر والفتق الحجابي الكبير وحالات شح السائل الأمنيوسي.

الآلية الإمراضية: يكون الضغط الوعائي الرئوي في الجنين مرتفعاً فيزيولوجياً، ويوفر هذا الارتفاع حدوث تحويل الدم المؤكسج في المشيمة من الأجواف القلبية اليمنى إلى الأجواف اليسرى عبر الثقبة البيضية والقناة الشريانية لتأمين أكسجة الدماغ. وحين الولادة ينخفض الضغط الوعائي الرئوي نتيجة لعوامل عديدة، هي دخول الهواء إلى الأسناخ الرئوية وتوسع الشجرة الوعائية الرئوية وارتفاع PaO2 وانخفاض PaCO2 وزيادة مقدار PH الدم وتحرر مواد فعالة على الأوعية الرئوية؛ وكل ذلك ضروري كي تتحول وظيفة الأكسجة الدموية من المشيمة إلى الرئتين، فإذا فشل ذلك، وبقي تحويل الدم من الأيمن إلى الأيسر بعد الولادة؛ تظاهرت أعراض المرض على الوليد، وأوضحها الضائقة التنفسية. تزداد المقاومة الوعائية الرئوية بآليات مختلفة:

أ- ثخن الطبقة العضلية في الشريان الرئوي وتفرعاته المحيطية التي تخلو عادة من طبقة عضلية؛ وهذا نتيجة لنقص أكسجة مزمن في أثناء الحياة الجنينية (ضائقة جنينية مزمنة chronic fetal distress).

ب- أو نقص تنسج رئوي كما يحدث في الفتق الحجابي ومتلازمة Potter.

ج- أو عائق في العود الوريدي كما في بعض آفات القلب الخلقية أو كثرة الكريات الحمر.

د- أو سوء تكيف الأوعية الرئوية الناجم عن أذية حادة كما في الاختناق حين الولادة.

التظاهرات السريرية: تبدأ في أول 12 ساعة بعد الولادة، وتشمل ضيق النفس dyspnea والخفخفة والسحب الوربي ورقص خنابتي الأنف وتسرع القلب والزرقة المركزية وعلامات الصدمة التي تكون قلبية المنشأ؛ في حين لا تقدم الصورة الشعاعية للصدر موجودات هامة إلا في بعض الحالات  مثل استنشاق العقي والفتق الحجابي. لا يستجيب نقص الأكسجة جيداً لإعطاء الأكسجين بتركيز عالٍ يصل حتى 100%. أما إذا أخذت عينات دم شرياني من شريان قبل القناة الشريانية (كعبري أيمن) ومن شريان بعد القناة الشريانية (سري)؛ فإن وجود فارق في الأكسجة يفوق 20% يوجه كثيراً للتشخيص، ويؤكد التشخيص بدراسة القلب بالأمواج فوق الصوتية ودراسة الجريان الدموي القلبي بالدوبلر. يمكن بإصغاء القلب سماع نفخة شاملة لزمن الانقباض ناجمة عن قصور الصمام مثلث الشرف أو الصمام التاجي كما يسمع اشتداد الصوت القلبي الثاني من دون انقسام فيه.

التدبير: يعتمد التدبير الجيد على:

1- إزالة العامل المؤهب مثل كثرة الكريات الحمر أو نقص سكر الدم إن وجد.

2- إعطاء الأكسجين.

3- تصحيح الحماض وفرط غاز ثاني أكسيد الكربون في الدم.

4- رفع الضغط الشرياني الجهازي. ومن المقاربات التي تحقق هذه الأهداف استخدام التهوية الآلية مع إرخاء الوليد دوائياً أو من دون ذلك. كما يفيد إحداث حالة فرط تهوية وحالة فرط قلونة باستعمال البيكربونات؛ لما لذلك من مفعول موسع للأوعية الشريانية الرئوية. وتعالج الصدمة القلبية بإعطاء المقويات القلبية كالدوبامين والدوبيوتامين والمعيضات الحجمية بحسب الحالة. والهدف المنشود هو تخفيض PaCO2 حتى 25 ملمتر زئبق ورفع PaO2 حتى 90% ورفع PH الدم حتى (7.5- 7.55). وهناك مقاربة أخرى جيدة للعلاج باستعمال غاز أول أكسيد الآزوت NO إنشاقاً. تستفيد الحالات الشديدة وغير المستجيبة على الخطط المذكورة آنفا للمعالجة بالأكسجة الغشائية خارج الجسم (extracorporal membrane oxygenation (ECMO وهي تمثل شكلاً من أشكال المجازة القلبية الرئوية، وتستطب حينما يكون مشعر الأكسجة أقل من 40 (ويحسب مشعر الأكسجة وفق المعادلة: 100/PaO2 * FIO2 * MAP أي جداء الضغط الوسطي للتهوية الآلية بالجزء الأكسجيني المستنشق مقسوماً على ضغط الأكسجين الجزئي في الدم).

يرتبط الإنذار النهائي بالعامل المؤهب وبالتدبير المقدم للحالة، وهناك حالات شفاء تام كثيرة.

9- إنعاش الوليد:

يعدّ إخفاق الوليد في بدء حركات التنفس الأولى ومن ثم المحافظة عليها على نحو مجدٍ من أهم التحديات التي تواجه الطبيب في غرفة المخاض وأكثرها شيوعاً. وتقسم أسباب الإخفاق إلى أسباب عصبية مركزية وأسباب رئوية محيطية، ويفكر بالأسباب المحيطية في كل مرّة توجد فيها ضائقة تنفسية مع جهد تنفسي واضح، أما الأسباب العصبية المركزية فتفتقر إلى الجهد التنفسي عادة. يؤدي نقص الأكسجة حين الولادة إلى تثبيط جذع الدماغ، فإذا كان هذا التثبيط شديداً أدى إلى انقطاع التنفس الثانوي الذي لا يستجيب لمحاولات الإنعاش. لقد تبدلت في السنوات الأخيرة خطة الإنعاش تبدلاً كبيراً، فبعد أن كانت ولفترة طويلة يحسب فيها زمن الإنعاش بالدقائق وبالاعتماد على علامة «أبغار» أصبحت أزمنة الإنعاش تحسب بالثواني، ولا مكان لعلامة أبغار فيها. وخطة الإنعاش الحالية مبنية على دراسة ميدانية لحالات إنعاش حقيقية تم تسجيلها ودراستها واستنباط أفضل الإجراءات وتجنب الإجراءات غير المجدية أو المضيعة للوقت. وقد وضعت هذه الخطة من قبل كل من الجمعية الأمريكية لطب الأطفال والجمعية الأمريكية لأمراض القلب، واعتمدت في عدد كبير من دول العالم. تقسم هذه الخطة مراحل الإنعاش إلى فترات زمنية، تساوي الواحدة منها ثلاثين ثانية كالتالي: أ- «أول ثلاثين ثانية» من الحياة يتلقف المنعش الطفل المولود بوساطة قطعة قماش معقمة دافئة، ويبدأ بالتجفيف مع التنبيه اللمسي للجسم والأطراف ومص المفرزات الفموية والأنفية بالترتيب بوساطة إجاصة مص المفرزات المطاطية، ثم يقوم بتقييم حالة الطفل من خلال ملاحظة ثلاث علامات؛ هي اللون والتنفس العفوي والنبض الذي يقاس بطريقة سريعة جداً، وهي عد النبض خلال ستّ ثوانٍ وضرب الناتج بعشرة، فإذا كان هذا التقييم دون الحد المقبول ينتقل المنعش إلى الخطوة التالية: ب- «ثاني ثلاثين ثانية» وفيها يعطي المنعش الأكسجين بجريان حر إذا كان هناك زرقة مركزية مع تنفس عفوي ونبض أكثر من مئة بالدقيقة، أو يبدأ بالتهوية بالضغط الإيجابي إذا كان التنفس غير مجدٍ أو كان النبض دون مئة بالدقيقة، وفي نهاية المرحلة يجري تقييماً جديداً كالسابق، فإذا لم يكن التقييم مقبولاً - أي كان النبض دون60/دقيقة، أو لم يكن التنفس العفوي موجوداً - ينتقل المنعش إلى الخطوة التالية: ج- «ثالث ثلاثين ثانية» يقدم فيها الأكسجين تحت ضغط إيجابي بوساطة جهاز «أمبو» ذاتي الانتفاخ ذي صمام يسمح بضبط الضغط الأعظمي دون 35سم ماء؛ إذ من المعلوم أن بطء قلب الوليد ينجم غالباً عن نقص التهوية والأكسجة، وبالتالي يستجيب النبض البطيء لتحسين التهوية والأكسجة. فإذا استمر النبض دون 60 مرّة بالدقيقة يقوم المنعش بتمسيد القلب الخارجي بوساطة إصبعين فوق الثلث السفلي للقص المتناغم مع التنفس بالضغط الإيجابي بنسبة تنفس واحد مقابل /3/ حركات تمسيد قلب، ثم يعيد التقييم من جديد. وقد ينتقل بعدها إلى الخطوة التالية: د- «رابع ثلاثين ثانية» تعطى فيها أدوية مقوية للقلب مثل الإبينفرين وريدياً أو عبر الرغامى أيهما أسهل وأسرع، أو تعطى معيضات الحجم. ويلجأ المنعش إلى تنبيب الرغامى في أي مرحلة من المراحل السابقة ويجب أن يكون التنبيب بيد خبيرة؛ ليتم إنجازه في عشرين ثانية فقط. وعلى من يقوم بالإنعاش أن يكون قد درس إضبارة الحمل مسبّقاً لمعرفة الحالات الخاصة بكل حمل مثل الحمول المترافقة وتعاطي الأم مخدراً أو مسكناً، كما عليه أن يستبق الولادة بتحضير الأدوات اللازمة للإنعاش واختبار جاهزيتها ولاسيما طاولة الإنعاش المزودة بالمشعة الحرارية ومصدر الأكسجين وجميع اللوازم الأخرى للإنعاش. ويفضل في جميع مراحل الإنعاش وجود مساعد مدرب قادر على تقييم الوليد والمشاركة في تمسيد القلب المتناغم مع التهوية بضغط إيجابي وفي وضع قثطرة في وريد محيطي أو مركزي.

ويبين المخطط التالي مراحل إنعاش الوليد:

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 38
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 568
الكل : 29665810
اليوم : 45820