logo

logo

logo

logo

logo

الدفتريا (الخناق)

دفتريا (خناق)

diphtheria - diphtérie



الدفتريا (الخناق)

نسمة كراوي

 

الدفتريا diphtheria خمج سمي حاد في الجهاز التنفسي العلوي أو الجلد، ينجم عن الوتديات الخناقية Corynebacterium diphtheriae المفرزة للذيفان بصفة أساسية ونادراً الوتديات المقرحة C. ulcerans، وهي جراثيم هوائية بشكل عصيات إيجابية الغرام عديدة الأشكال، غير مغلفة بمحفظة، لا تشكل أبواغاً وغير متحركة غالباً.

الوبائيات:

الوتديات الخناقية ساكن حصري في الأغشية المخاطية والجلد في الإنسان، تنتشر رئيسياً بوساطة القطيرات المحمولة بالهواء والتماس المباشر مع المفرزات التنفسية أو النضحات exudate من الآفات الجلدية للمرضى.

وللحَمَلة غير العرضيين في الجهاز التنفسي شأن مهم في نقل العدوى، كما تعد الإصابة الجلدية والحملة عبر الجلد مستودعاً صامتاً مهماً للدفتريا؛ إذ تبقى الجراثيم حية في الغبار مدة 6 أشهر.

تناقصت حالات الدفتريا بدرجة مهمة  في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا بعد تطبيق اللقاح، ولكنها ما زالت مستوطنة في بعض البلدان النامية. وفي المناطق الموبوءة يمكن لـ 3-5% من الأسوياء أن يحملوا العوامل الممرضة المولدة للذيفان.

كانت الإصابة تحدث بصفة أساسية في الأطفال دون 15 سنة؛ ومع تطبيق التلقيح انزاح سن الإصابة إلى الكهول الذين لم يلقحوا سابقاً، أو لم يعطوا جرعات داعمة.

الآلية الإمراضية:

تسبب كل من الوتديات الخناقية المفرزة وغير المفرزة للذيفان الخمج المخاطي والجلدي، وتبقى في الطبقات السطحية من الجلد أو المخاطية التنفسية مسببة تفاعلاً التهابياً موضعاً. وتنجم الفوعة الكبرى عن قدرة الجراثيم على إفراز الذيفان الخارجي الذي يقتل الخلايا بتثبيط تشكل البروتين. يمتص الذيفان إلى داخل الغشاء المخاطي ويسبب تخرب الظهارة مع تفاعل التهابي، وتشكل النسج المتنخرة والخلايا الظهارية والفيبرين والكريات البيض والحمر والجراثيم غشاء كاذباً بلون رمادي بني شبيه بالجلد ملتصق يصعب انتزاعه (كلمة دفتريا هي الكلمة الإغريقية للجلد)، وتبدو تحته إذا انتزع مخاطية نازفة ومتوذمة. وينجم شلل الحنك والبلعوم السفلي عن تأثير الذيفان الدفتريائي تأثيراً باكراً موضعاً.

وقد يؤدي امتصاص الذيفان إلى تظاهرات جهازية قد تكون الآلية الإمراضية فيها ذات وساطة مناعية.

التظاهرات السريرية:

الشكل (1) غشاء خناقي في البلعوم، يبدو الغشاء عادة بلون أبيض أو بلون أصفر ضارب إلى الرمادي، وقد تظهر لدى الطفل أعراض قليلة نسبياً في هذه المرحلة

ترتبط بالمكان التشريحي للإصابة، وبالحالة المناعية للثوي، وإنتاج الذيفان وانتشاره الجهازي.

1- دفتريا الجهاز التنفسي: البلعوم واللوزتان هما بؤرة الخمج النموذجي ويتلوها الأنف والحنجرة.

تحدث أعراض موضعية بعد فترة حضانة تدوم 2-4 أيام، والعلامة الباكرة هي ألم البلعوم، ترتفع الحرارة ارتفاعاً معتدلاً في نصف المرضى ويحدث في أقل من ذلك عسر بلع، وبحة صوت، ودعث وصداع. ثم يتشكل غشاء في إحدى الجهتين أو في كلتيهما على اللوزتين (الشكل1) وقد يمتد إلى اللهاة والحنك الرخو والبلعوم الفموي أو السفلي ومنطقة المزمار. تؤدي وذمة الأنسجة الرخوة وضخامة العقد اللمفاوية الرقبية إلى مظهر «عنق الثور»، وتكون العقد قاسية دافئة ومؤلمة باللمس وإنذارها خطير.

تحدث الدفتريا الحنجرية حين امتداد الغشاء إلى الأسفل، وفي 10% من الحالات تصاب الحنجرة وحدها، ولهذه الإصابة خطر الاختناق. وقد يمتد الغشاء في الحالات الشديدة إلى الشجرة الرغامية القصبية.

تشبه الدفتريا الأنفية الزكام العادي في البدء ثم تصبح المفرزات الأنفية مصلية مدماة أو مخاطية قيحية؛ مع تقرحات سطحية نموذجية في المنخرين والشفاه. وهذه الإصابة غير شائعة، وأكثر ما تحدث في الرضع، سيرها معتدل الشدة.

2- الدفتريا الجلدية: شائعة في المناطق الدافئة. يحدث تقرح سطحي محمر غير مترقٍ وغير شافٍ؛ مع تشكل غشاء رمادي بني. يصعب تفريقها من القوباء بالعنقوديات أو العقديات وقد تحدثان معاً. قد يحدث الخمج الدفتريائي على منطقة مصابة سابقاً بالحروق أو التسحجات أو اللدغ أو القوباء.

تصاب الأطراف غالباً ، ويحدث فيها ألم ووذمة ونضحة مع فرط الحس أو نقصه.

3- التوضعات الأخرى: نادراً ما تحدث إصابات جلدية في الأذن الخارجية ترافقها مفرزات قيحية كريهة الرائحة؛ أو في الملتحمة الجفنية التي تظهر حمراء متوذمة وغشائية، وقد يحدث تقرح قرنية، أو إصابة تناسلية. إنتان الدم نادر وهو قاتل. وذكرت حالات متفرقة من التهاب الشغاف ومن التهاب المفاصل القيحي تالية غالباً للوتديات غير المولدة للذيفان.

التشخيص:

التشخيص سريري، والاعتماد على أخذ مسحة مباشرة والتلوين بطريقة غرام غير موثوق به.

تؤخذ عينات للزرع من الأنف والبلعوم أو أي مكان آخر للإصابات الجلدية المخاطية، ويجب نزع جزء من الغشاء والنضحة الكائنة تحته وتسليمه مع العينة؛ وإعلام المخبر لاستخدام الأوساط الخاصة بالزرع  (هلام لوفلر وتيلوريت Löffler and Tellurite agar) ويجب الانتظار بين 16 و48 ساعة قبل تأكيد التشخيص، يجرى بعد ذلك اختبار قابلية إفراز الذيفان. يجب تحديد الوتديات المزروعة والمعزولة حتى مستوى الذرية؛ والقابلية لإفراز الذيفان والتحسس الجرثومي.

يكون تعداد الكريات البيض في الدم طبيعياً، ومن الشائع حدوث فقر دم انحلالي ونقص صفيحات الدم.

التشخيص التفريقي:

تشبه الدفتريا البلعومية التهاب البلعوم التالي للعقديات بيتا الحالّة للدم، والخمج بحمة ابشتاين بار أو الخمج بالڤيروسات التنفسية الأخرى، لكن المظهر الخاص للغشاء الملتصق والممتد إلى ما بعد الحلق مع عسر البلع وغياب الحرارة نسبياً يميز الدفتريا. قد يقلد وجود جسم أجنبي في الأنف أو التهاب الأنف القيحي الدفتريا الأنفية. والأسباب الأخرى للانسداد الحنجري تتضمن التهاب لسان المزمار الجرثومي والخانوق الحنجري croup والتهاب الحنجرة والرغامى والقصبات، ويعتمد في التفريق أيضاً على قلة الأعراض الأخرى في مرضى الدفتريا ومشاهدة الغشاء الكاذب. وتقلد متلازمة غيلان بار وشلل الأطفال أو التسممات الحادة اعتلال الأعصاب الدفتريائي.

المضاعفات:

الشكل (2) التهاب عضلة قلب خناقي أدى إلى قصور قلبي ووذمة رئوية حادة

قد يحدث انسداد الطريق الهوائي بسبب الأغشية الكاذبة، مما يستدعي تنظير القصبات أو التنبيب الرغامي والتهوية الآلية.

وهناك نسيجان بعيدان عن مكان الالتهاب بالدفتريا قد يصابان هما القلب والجهاز العصبي.

1- اعتلال العضلة القلبية السمي (الشكل 2): يحدث في10-20% من المرضى، وهو المسؤول عن 50-60% من الوفيات، وترتبط الخطورة مباشرة بشدة الإصابة الموضعية الفموية البلعومية بتأخر العلاج بمضاد الذيفان. تحدث العلامات الأولى للإصابة القلبية بين الأسبوع 2-3 من المرض مع تحسن الإصابة البلعومية، تبدو بتسرع القلب غير المتناسب ودرجة ارتفاع الحرارة، مع تبدلات تخطيطية وقد تحدث لا نظميات، ويظهر بتخطيط الصدى اعتلال ضخامي أو توسعي. ويحدث قصور القلب بشكل حاد أو مخاتل، وإذا شفي يكون الشفاء تاماً، وقد تبقى في المصابين اضطرابات نظم شديدة وبعض اضطرابات النقل.

2- اعتلال الأعصاب السمي: يوازي شدة الإصابة البدئية، يحدث بشكل حاد أو بعد 2-3 أسابيع من بدء الإصابة الفموية البلعومية. يبدو بشلل وضعف الحس في الحنك الرخو قد يتلوه ضعف الأعصاب البلعومية الفموية أو الحنجرية أو الوجهية مما يسبب خنة في الصوت، وصعوبة البلع، وخطورة الاستنشاق. تصاب الأعصاب القحفية في الأسبوع الخامس مؤدية إلى شلل حركي للعين وحَوَل وتشوش الرؤية واضطراب المطابقة. ويحدث اعتلال الأعصاب العديد المتناظر بعد 10 أيام حتى3 أشهر من الإصابة البلعومية الفموية.

الشفاء من الإصابة العصبية تام لكنه نادر.

3- ذات القصبات والرئة: وذات الرئة الثانوية شائعة في الحالات المميتة.

المعالجة:

1- ضد الذيفان antitoxin الخاص هو العلاج الأساسي، ويجب استخدامه في غضون 48 ساعة بالاعتماد على التشخيص السريري وقبل التأكد المخبري؛ لأنه يعدل الذيفان الحر فقط؛ وتنقص فاعليته بمرور الوقت. يعطى بجرعة واحدة 20.000-120.000 وحدة حسب سمية الإصابة، ومكان الغشاء الكاذب وحجمه، ومدة المرض.

لا يفيد ضد الذيفان غالباً في الإصابات الجلدية الموضعة، لكنه يستخدم خوفاً من حصول عقابيل سمية. وهو غير مستطب في الحملة اللاعرضيين حتى لو كانوا غير ممنعين جيداً، كما لا يستطب للمخالطين اللاعرضيين.

2- يحوي الغلوبولين المناعي المتوافر تجارياً نسبة ضئيلة من أضداد الدفتريا، وفائدته غير مؤكدة.

3- المعالجة بالصادات: يفيد استخدام الصادات لإيقاف تشكل الذيفان؛ وعلاج الخمج الموضع وللوقاية من انتقال الجرثوم إلى من هم بتماس المريض.

الوتديات الخناقية حساسة لعدة صادات في الزجاج، لكن يستخدم في العلاج الإريترومايسين والبنسلين فقط. يعطى الإريترومايسين بجرعة 40 مغ -50مغ/كغ/يوم مقسمة بفواصل 6 ساعات عن طريق الفم أو الوريد، وهو المفضل لاستئصال الجرثوم في حملة الإصابة البلعومية الفموية.

يعطى البنسلين G-100.000-150.000 وحدة/كغ/يوم مقسمة بفواصل 6 ساعات عضلياً أو وريدياً. أو يعطى البروكائين بنسلين 25.000-50.000 وحدة/كغ/يوم مقسمة بفواصل 12 ساعة عضلياً.

تعطى الصادات مدة 14 يوماً، وهي ليست بديلاً من العلاج بضد الذيفان.

تعالج الإصابة الجلدية مدة 7-10 أيام.

يتأكد استئصال الجرثوم بالحصول على نتيجتي زرع سلبيتين على الأقل بفاصل 24 ساعة من الأنف والبلعوم أو الجلد بعد انتهاء العلاج. ويكرر العلاج بالإريترومايسين حين إيجابية أي زرع.

4- يستطب إعطاء اللقاح بعد الشفاء لإكمال الجرعات الداعمة للتمنيع؛ إذ لا يشكل كل المرضى أضداداً لذيفان الدفتريا بعد الخمج.

5- المعالجة الداعمة: يجب عزل المرضى وتتخذ احتياطات الوقاية المعروفة من القطيرات أو التماس حسب الإصابة، وتستمر إلى ما بعد انتهاء العلاج والحصول على زرع سلبي. تنظف الإصابة الجلدية بالماء والصابون.

الراحة في السرير أساسية ولاسيما في المرحلة الحادة مدة أسبوعين حتى زوال خطر الإصابة القلبية، وتحدد العودة إلى الفعالية الطبيعية وفقاً لشدة الانسمام والإصابة القلبية.

الإنذار:

يعتمد على فوعة الجرثوم، وسن المريض، وحالة التمنيع، ومكان الخمج، وسرعة تطبيق ضد الذيفان. ترتبط معظم الوفيات بالانسداد الميكانيكي التالي للدفتريا الحنجرية أو رقبة الثور والمضاعفات القلبية. ولم تتغير نسبة الوفيات المقدرة بـ 10% من الإصابات التنفسية في الـ 50 سنة الماضية.

الوقاية:

يجب إبلاغ الجهات المختصة عن كل الحالات المشتبه بها، وذلك لإجراء الاستقصاءات الكفيلة بمنع حدوث إصابات في المخالطين؛ ولتحديد منبع الإصابة والحَمَلة؛ وذلك بغية إيقاف انتشار المرض إلى غير المعرضين.

تقدر نسبة الحملة من المخالطين في المنزل بـ 0- 25%، وخطر حدوث الدفتريا بعد التعرض للمصاب في المنزل هو نحو 2%، أما خطر حدوث الدفتريا بعد التعرض لحامله فهو 0.3%

1- اللقاح: الوسيلة الوحيدة الفعالة لضبط المرض هي إعطاء لقاح الذوفان (الذيفان المعطل Toxoid). يتوافر اللقاح إما مشتركاً مع لقاحي السعال الديكي والكزاز (ثلاثيDTP) أو مع الكزاز فقط (ثنائي DT). يعطى اللقاح الثلاثي الطفلي أو الثلاثي اللاخلويDTaP أو الثنائي تحت سن 7 سنوات، ويعطى اللقاح الثنائي الكهلي d T بعد ذلك.

يعطى اللقاح بعمر 2 و4 و6 أشهر ثم بعد 9-12 شهراً، ثم تعطى جرعات داعمة بعمر 4-6 سنوات و11-12 سنة، ثم تستطب جرعات داعمة كل 10 سنوات.

مضاد الاستطباب الوحيد للقاح هو حدوث ارتكاس تحسسي شديد أو مرض عصبي بعد الجرعة السابقة، أما الآثار الموضعية الجانبية فليست مضاد استطباب.

2- المخالطون اللاعرضيون: يجب مراقبتهم مدة 6-7 أيام (فترة الحضانة)، وتؤخذ منهم زروع من البلعوم والأنف وأي إصابة جلدية. الوقاية بالصادات فعالة بغض النظر عن حالة التمنيع، ويعطى اللقاح المناسب للسن لمن لم يتلقوا جرعة داعمة منذ 5 سنوات.

3- الحملة اللاعرضيون: حين كشف حامل لاعرضي يعطى الصادات 7 أيام مع جرعة لقاح إن لم يلقح في العام السابق؛ مع اتخاذ الوقاية التنفسية والجلدية حتى الحصول على نتيجتي زرع سلبيتين بفاصل 24 ساعة بعد العلاج.

يعاد الزرع بعد أسبوعين للحَمَلَة اللاعرضيين والمصابين المعالجين، ويعاد شوط العلاج بالإريترومايسين مدة 10 أيام؛ مع معاودة الزرع لاحقاً.

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 87
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 773
الكل : 31563922
اليوم : 80327