logo

logo

logo

logo

logo

أمراض الكبد الاستقلابية: (تشحم الكبد ـ داء ويلسون ـ الصباغ الدموي)

امراض كبد استقلابيه: (تشحم كبد داء ويلسون صباغ دموي)

metabolic liver diseases: (adiposis hepatica, Wilson's disease, haemochromatosis) - maladies métaboliques du foie: (stéatose hépatique, maladie de Wilson, hémochromatose)



أمراض الكبد الاستقلابية

تشحم الكبد ـــ داء ويلسون ـــ داء الصباغ الدموي الوراثي

أيمن فهد علي

تشحم الكبد

داء الكبد التشحمي اللاكحولي

داء ويلسون

داء الصباغ الدموي الوراثي

 

 

أولاً) تشحم الكبد Hepatic steatosis

هو تراكم المواد الدهنية في هيولى الخلايا الكبدية التي يمكن رؤيتها بالفحص النسيجي وتأخذ أحد الشكلين التاليين:

- حويصلات كبيرة الحجم تدفع النواة إلى أحد جوانب الخلية ويدعى التشحم حينئذ كبير الحويصلات.

- حويصلات صغيرة الحجم ويدعى التشحم حينئذ صغير الحويصلات، وفيه تحتفظ نواة الخلية بموقعها المركزي.

1- تشحم الكبد كبير الحويصلات:  يعد التشحم الكحولي المزمن أحد الأسباب المهمة للتشحم الكبدي كبير الحويصلات. أما الأسباب الأخرى فهي متعددة ويطلق عليها اسم داء الكبد التشحمي اللاكحولي وهي موضوع هذا البحث.

2- التشحم الكبدي صغير الحويصلات: يتميز هذا الشكل من تشحم الكبد بوجود حويصلات صغيرة من الدهن في الخلية الكبدية مما يعطيها منظراً رغوياً، وتحافظ النواة على موقعها المركزي ضمن الهيولى.

أسباب هذا الشكل من التشحم متعددة أهمها:

أ- المعالجة بجرعات عالية من التتراسيكلين ولاسيما إذا أعطي بالوريد أو بعد المعالجة بحمض الڤالبروات valproic acid.

ب- الحمل في أشهره الأخيرة وتدعى الحالة حينئذ تشحم الكبد الحاد الحملي.

ج- متلازمة راي Reye التي تحدث عند الأطفال بعد إصابتهم بأعراض تشبه النزلة الوافدة. تأخذ الأعراض في هذه الحالات شكل قصور الخلية الكبدي الحاد الذي ينتهي بالسبات وكثيراً ما ينتهي الأمر بالوفاة.  

أولاً- داء الكبد التشحمي اللاكحولي non- alcoholic fatty liver disease (NAFLD):

مرض كبدي استقلابي تزداد أهميته شيئاً فشيئاً، كثيراً ما يغيب عن ذهن الطبيب في التشخيص التفريقي لارتفاع ناقلات الأمين transaminase.

يمثل داء الكبد التشحمي اللاكحولي طيفاً من الاضطرابات تراوح فيها التغيرات من التشحم الصرف إلى التهاب الكبد التشحمي حتى التليف والتشمع؛ عند أشخاص لا يتناولون الكحول على نحو منتظم بكميات تتجاوز 20غ/يوم عند النساء و30غ/يوم عند الرجال.

تشحم الكبد بوصفه جزءاً من المتلازمة الاستقلابية

وقد بينت الدراسات أن داء الكبد التشحمي اللاكحولي أكثر أمراض الكبد شيوعاً على الأقل في المجتمعات الغربية وأكثر الأسباب شيوعاً لارتفاع ناقلات الأمين.

يتميز التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي (NASH) non-alcoholic steatohepatitis بتشحم كبدي مع التهاب نخري وتليف، ويمكن أن ينتهي بتشمع الكبد وسرطانة الخلية الكبدية. ينتشر التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي عند البدينين (50-90%) والمصابين بالنمط الثاني من الداء السكري (20-55%) واضطرابات الشحوم (21-92%). ويعد جزءاً من المتلازمة الاستقلابية أو متلازمة مقاومة الأنسولين.

يعدّ داء الكبد التشحمي اللاكحولي كياناً سريرياً مستقلاً يجب تفريقه عن الأشكال الأخرى للتشحم مع التهاب نخري أو من دونه ومع الأشكال الثانوية التغذوية والدوائية والوراثية وغيرها؛ وذلك لاختلاف الآلية المرضية والإنذار. وهو يصيب كلا الجنسين بتساوٍ، وذروة الانتشار في العقدين الرابع والخامس من العمر.

يقدر انتشار التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي بنسبة 2.1-6.3% من السكان، ويرتفع إلى 9-40% عند البدينين ذوي مشعر كتلة جسم BMI فوق 30 كغ/م2.

متى يُشتبه بداء الكبد التشحمي اللاكحولي؟

إن الغالبية العظمى من المرضى لاعرضيون. ويكشف الداء عند مشاهدة ارتفاع ناقلات الأمين ALT وAST المستمر غير المفسر، أو بملاحظة زيادة صدى الكبد في أثناء الفحص بالأمواج فوق الصوتية، وعند وجود عوامل الخطر المذكورة سابقاً كالبدانة والداء السكري غير المعتمد على الأنسولين وفرط شحوم الدم. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد توافق بين شدة ارتفاع ناقلات الأمين ودرجة الأذية الكبدية، وأن قيم ALT التي تزيد على 300 وحدة/ل يجب أن تدفعنا إلى البحث عن سبب آخر للارتفاع. يشاهد لدى قسم من المصابين بتشحم الكبد -إضافة إلى الاندخال الشحمي - تخثر في الخلايا الكبدية وارتشاح بالخلايا الالتهابية وتدعى الحالة حينئذ التهاب الكبد الشحمي. وقد تتطور الحالة وتظهر علامات التليف وينتهي الأمر بالتشمع.

الحالات المترافقة والتشحم الكبدي:

1- البدانة.

2- المتلازمة الاستقلابية (بدانة، سكري، فرط الضغط الشرياني، فرط شحوم الدم).

3- جراحة المجازة الصائمية الدقاقية.

4- آفات استقلابية: انعدام ليبوبروتين الدم ومتلازمة ويبر كريستيان Weber-Christian والحثل الشحمي lipodystrophy.

5- أدوية: أميودارون، تاموكسيفن، HAART.

6- سوء التغذية البروتيني.

7- قصور الدرق.

8- آفات مجهولة.

التشحم الكبدي ومتلازمة مقاومة الأنسولين: توجد متلازمة مقاومة الأنسولين (المتلازمة الاستقلابية) مع البدانة وفرط الشحوم والداء السكري من النمط 2 في معظم حالات داء الكبد التشحمي. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الداء السكري لا يترافق وداء كبدياً تشحمياً وحسب بل يزيد أيضاً خطر الترقي نحو التليف الكبدي المتقدم.

أما بشأن العلاقة مع البدانة فقد أظهرت دراسات عدة أن 70 -80% من الأشخاص ذوي مشعر كتلة جسم < 30 كغ/م2 لديهم تشحم كبدي. يعد هذا الترافق بين البدانة والسكري مع تشحم الكبد اللاكحولي مهماً نظراً إلى مقاومة الأنسولين المطلق الفيزيولوجي المرضي الأساسي لحدثية التشحم الكبدي.

هناك بعض الجدل حول ما إذا كانت مقاومة الأنسولين وحدها يمكن أن تسبب تشحماً كبدياً أو ما إذا كان التشحم الكبدي مؤهباً لمقاومة الأنسولين. هناك معطيات تدعم كلتا الفرضيتين مما يمثل مشكلة من نمط «الدجاجة والبيضة»«.

تشخيص داء الكبد التشحمي اللاكحولي: يقوم التشخيص على معيارين اثنين:

1- إثبات وجود تشحم كبدي صرف أو التهاب تشحمي.

2- إثبات الطبيعة اللاكحولية للمرض.

يمكن للطرق التصويرية (أمواج فوق صوتية، تصوير طبقي محوري، مرنان) تشخيص التشحم الكبدي بدرجة معقولة من الحساسية والنوعية، ولكن ليس باستطاعتها التمييز بين تشحم الكبد والتهاب الكبد التشحمي، وهنا يأتي دور خزعة الكبد. هناك كثير من الجدل حول دور خزعة الكبد في هذا السياق إذا أخذت العوامل التالية في الحسبان: الإنذار الممتاز للإصابة الكبدية في الغالبية العظمى من الحالات، وغياب العلاج الدوائي الفعال حتى اليوم يضاف إلى ذلك الكلفة ومخاطر الخزعة. ولا توجد حتى اليوم توصيات بإجراء خزعة الكبد في جميع الحالات وإنما في الحالات التي ستغير فيها نتيجة الخزعة الخيارات العلاجية بإظهارها تشخيصاً آخر أو درجة متقدمة من التليف قد تدفع إلى إجراء علاجي جراحي أو دوائي تجريبي.

لا توجد معايير نسيجية واضحة يقوم عليها تشخيص التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي.

نسبة انتشار الآفات في داء الكبد التشحمي اللاكحولي

التاريخ الطبيعي لداء الكبد التشحمي اللاكحولي: لا يعرف إلا القليل عن التاريخ الطبيعي لداء الكبد التشحمي اللاكحولي. ومن المؤكد أنه السبب في كثير من حالات تشمع الكبد المجهول السبب. يعتمد ترقي هذا الداء نحو التشمع على وجود الالتهاب (التهاب كبد تشحمي لاكحولي) والتليف. ويظهر أنه يمر بعدة مراحل بدءاً من التشحم الصرف حتى التشمع. يبدو أن سرعة التطور تتعلق بعوامل عديدة مثل الداء السكري غير المضبوط وزيادة الوزن وعوامل أخرى غير معروفة.

التدبير:

يقوم التدبير في الوقت الحاضر على محاولة تعديل حالة مقاومة الأنسولين عن طريق تعديل نمط الحياة الذي يتضمن إنقاص الوزن إضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية والحمية القليلة الدسم وهي من الأمور التي ثبتت فائدتها. وهنا يجب التحذير من أن إنقاص الوزن السريع قد يكون ذا تأثير مؤذ للإصابة الكبدية ويفاقم التشحم. أما العلاج الدوائي فيمكن تلخيص نتائجه في الجدول التالي:

ثانياً) داء ويلسون Wilson’ s disease

داء ويلسون (التنكس الكبدي العدسي) هو اضطراب وراثي ينتقل كخلية صبغية جسدية صاغرة تطلق النحاس من الخلايا مما يسبب طفرات في المورثة المرمزة للإنزيم الناقل للنحاس copper-transporting P-Type ATPase المتوضع على الذراع الطويل من الصبغي 13، مؤدياً إلى نقص ملحوظ في الإطراح الصفراوي للنحاس ونقص في اصطناع السيرولوبلازمين، والنتيجة النهائية هي تراكم النحاس في الكبد في البدء ومن ثم في باقي الأعضاء وخاصة الدماغ. إن تراكم النحاس وترسبه في الأنسجة مسؤولان عن أعراض هذا المرض وعلاماته.

يوجد داء ويلسون في أنحاء العالم كافة لكنه يصيب العرب والطليان واليابانيين والصينيين والهنود واليهود خاصة.

يبلغ المتناول اليومي من النحاس 4ملغ، تمتص منها 2ملغ ويطرح في الصفراء على نحو يبقى فيه الجسم في حالة توازن. في داء ويلسون يمكن فقط طرح نحو 1.4ملغ في الصفراء والبول، فيحدث بالتالي توازن نحاس إيجابي ويتراكم الجزء الذي لم يمكن إطراحه في الجسم ويعطي تظاهرات المرض.

الوراثة الجزيئية - الإمراضية:

يبلغ انتشار هذا المرض الجسمي المقهور نحو 1 بين كل 30000، أما نسبة حمل المورثة الطافرة فهو 1بين كل 90. تتوضع مورثة داء ويلسون على الذراع الطويل من الصبغي 13 وقد تم تمييزها واستنساخها. وهي ترمّز لبروتين هو ATPase ناقل للنحاس ضمن الخلية الكبدية.

التظاهرات السريرية:

الشكل (1)
 
الشكل (2) حلقة كايزر -فلايشر

تتنوع كثيراً، وهي مزيج من الأعراض والعلامات تنجم عن انسمام الأنسجة بالنحاس انسماماً تاماً. حين التشخيص تكون الإصابة في أكثر من عضو حسب عمر المريض. يعد الكبد في الأطفال العضو الرئيسي المصاب (الشكل الكبدي hepatic form). بعد ذلك تصبح التغيرات العصبية النفسية مهمة جداً (الشكل العصبي neurological form)، ومعظم المرضى الذين تظهر الأعراض عندهم بعد عمر العشرين لديهم عادة أعراض عصبية. وقد يتداخل الشكلان السابقان.

يشخص المرض في معظم الحالات بين عمر 5-30 سنة.

يتميز هذا المرض بوجود حلقات كايزر - فلايشر، وهي حلقة بنية مائلة إلى الخضرة في محيط القرنية وتحتاج إلى فحص بالمصباح الشقي من قبل خبير لإظهارها، ونادراً ما تشاهد بالعين المجردة. وهي توجد عادة مع الشذوذات العصبية ويمكن أن تغيب لدى صغار السن وخاصة في حال التظاهرات الحادة. قد تشاهد حلقات مشابهة إلى حد كبير في الانسداد الصفراوي المزمن والتشمع المجهول السبب.

الأشكال الكبدية لداء ويلسون:

1- قصور الكبد الحاد: يحدث عادة لدى الأطفال أو صغار السن، ويتميز بيرقان مترقٍ مع حبن وقصور كبدي وكلوي ينجم عن نخر خلوي كبدي بسبب تراكم النحاس. ولدى هؤلاء المرضى جميعاً تشمع سابق.

يحدث انحلال دموي حاد داخل الأوعية بسبب الكمية الكبيرة من النحاس المتحرر إلى مجرى الدم نتيجة نخر الخلايا الكبدية المكتظة بالنحاس. في هذا الشكل قد تغيب حلقات كايزر - فلايشر المميزة. مستويات نحاس المصل والبول مرتفعة، أما السيرولوبلازمين فهو عادة منخفض، لكنه قد يكون طبيعياً أو أنه يعد من بروتينات الطور الحاد، وقد يزداد بسبب المرض الكبدي الفعال. مستويات ناقلات الأمين والفوسفاتاز القلوية في المصل لا ترتفع كثيراً كما في التهاب كبد ڤيروسي صاعق. لا يستجيب هؤلاء المرضى عادة للمعالجة الطبية ويحتاجون إلى زرع كبد.

2- التهاب الكبد المزمن: تظهر أعراض المرض في أعمار ما بين 10-30 سنة كالتهاب كبد مزمن مع يرقان وارتفاع في ناقلات الأمين وغاماغلوبلين الدم. قد تشبه الصورة الأشكال الأخرى لالتهاب الكبد المزمن وخاصة التهاب الكبد المناعي الذاتي. قد تحدث نوب التهاب كبد مع ارتفاع في ناقلات الأمين، وإذا كانت النوب شديدة قد يحدث انحلال دموي.

3- اضطراب لاعرضي في اختبارات وظائف الكبد: ارتفاع لاعرضي في ناقلات الأمين أو البيليروبين.

4- تشمع الكبد: يتطور على نحو مخاتل نحو المظاهر السريرية للتشمع مثل: العناكب الوعائية، ضخامة الطحال، الحبن، فرط التوتر البابي. قد يوجد التشمع من دون آي علامات عصبية. قد يكون التشمع لدى بعضهم معاوضاً على نحو جيد. وسرطانة الخلية الكبدية كمضاعفة للتشمع نادرة للغاية وقد يكون للنحاس دور واقٍ.

الأشكال العصبية النفسية neuropsychiatric forms:

إذا لم يشخص المرض الكبدي في سياق داء ويلسون فقد يراجع المريض بأعراض عصبية فيما بعد وعادة في العقد الثاني أو الثالث من العمر. تحدث الأعراض لدى 35% من مرضى ويلسون. يتظاهر المرض عادة برجفان بركنسوني الشكل، وصلابة المشية واضطرابها وعدم وضوح الكلام، والسحنة الخاصة الخالية من التعابير لدى 10% (صمل عضلي). وهناك تغيرات نفسية تمتد من تغيرات في الشخصية إلى تدني مستوى الأداء المدرسي وكآبة وزَوَر، ولا يتأثر معدل الذكاء عادة.

التغيرات العصبية عادة مزمنة لكنها قد تكون حادة أو سريعة الترقي. يظهر تخطيط كهربائية الدماغ تغيرات لا نوعية معممة قد تشاهد أيضاً لدى أشقاء المريض اللاعرضيين، ولكن لا توجد تغيرات حسية أو علامات إصابة الطريق الهرمي.

كل مرضى داء ويلسون الذين تظهر عندهم أعراض عصبية لديهم إصابة كبدية قد تكون لا عرضية.

التغيرات الكلوية:

متلازمة فانكوني، بيلة حموض أمينية، بيلة سكرية، بيلة فوسفاتية، بيلة حمض البول. تعكس هذه كلها إصابة أنبوبية كلوية ناجمة عن ترسب النحاس في الأنابيب الكلوية القريبة. قد يحدث حماض أنبوبي كلوي بعيد ويكون مسؤولاً عن تشكل الحصيات الكلوية.

الفحوص المخبرية:

مستويات سيرولوبلازمين المصل ونحاس المصل منخفضة.

يزداد إطراح نحاس البول كل 24 ساعة، ويمكن تحريض الإطراح البولي للنحاس بإعطاء الدي بنسيلامين 500ملغ ثم عيار نحاس البول (ط > 500، ويلسون < 1200). ما يميز ارتفاع خمائر الكبد أن  (SGOT) AST مرتفعة أكثر من (SGPT) ALT. وفيما يلي التغيرات المخبرية النموذجية لداء ويلسون:

 

داء ويلسون

البالغ الطبيعي

سيرولوبلازمين المصل (ملغ/لتر)

200-350

0-200

نحاس المصل (مكروغرام/بتر)

700-1520

190- 640

(مكرومول/لتر)

11- 24

3- 10

نحاس البول (مكروغرام/دل)

(مكرومول/دل)

40>

0.6>

100-1000

1.6<

عيار النحاس في خزعة الكبد:

يعد العيار الكمي للنحاس في خزعة الكبد الأعلى من 250مكغ/غ من الوزن الجاف المعيار الأساسي لتشخيص داء ويلسون. ويمكن أن توجد تراكيز عالية من النحاس في الكبد حتى لو كان التشريح المرضي طبيعياً.

التشخيص:

يعتمد على الأعراض والعلامات السريرية الآنفة الذكر والفحوص المتممة التالية:

عند الشك بداء ويلسون يجرى ما يلي:

- فحص بالمصباح الشقي لتحري حلقة كايزر- فلايشر.

- عيار سيرولوبلازمين المصل.

- عيار نحاس المصل.

- عيار نحاس البول كل 24 ساعة.

- إذا كانت نتائج الفحوص السابقة غير حاسمة تجرى خزعة كبد مع عيار كمي للنحاس فيها.

يجب التحري عند جميع أشقاء المريض من أجل التشخيص الباكر؛ لأن العلاج أكثر فعالية إذا طبق باكراً في سير المرض.

يتضمن مسح أشقاء المريض مايلي:

- فحص سريري كامل.

- فحص عيني بالمصباح الشقي.

- اختبارات وظائف الكبد.

- نحاس المصل.

- سيرولوبلازمين المصل.

- إطراح النحاس البولي.

فإذا وجد أي خلل في أي منها يجب إجراء خزعة كبد مع العيار الكمي للنحاس فيها. إذا كان أحد الأشقاء دون عمر السادسة يجب تكرار فحصه في السنوات 10- 15 التالية.

المعالجة:

العلاج مدى الحياة. تعطى المعالجة على مرحلتين: الأولى بهدف إزالة نحاس الأنسجة المتراكم والثانية بهدف منع تراكمه مرة أخرى.

يجب على المريض اتباع حمية فقيرة بالنحاس خالية من الكبد والكلية والمحار والبندق والفواكه المجففة والفاصولياء والبازلاء والشوكولا والكاكاو والفطر.

الأدوية المستخدمة في الممارسة السريرية هي: الدي- بنسيلامين D- penicillamine، الترينتين trientine، وهي خوالب chelator للنحاس تستخدم في الطور الأول من العلاج أي إزالة النحاس المتراكم في الأنسجة، والتوتياء zinc وهو يمنع امتصاص النحاس ويمكن استخدامه في المرحلة الثانية من العلاج، أي مرحلة منع النحاس من التراكم مجدداً.

1- الدي- بنسيلامين (Cuprimine) (Depen): هو العقار المختار في معالجة داء ويلسون. يخلب الدي- بنسيلامين النحاس ويزيد الإطراح البولي للنحاس بمقدار 1000-3000مكغ يومياً. تبدأ المعالجة بـ 1.5غ يومياً عن طريق الفم مقسمة على 4 جرعات تؤخذ قبل الوجبات بنصف ساعة وعند النوم. يبدأ بعض الأطباء بجرعة 250ملغ يومياً ويزيدها تدريجياً 250ملغ أسبوعياً حتى الوصول إلى الجرعة المقررة أملاً في تقليل التأثيرات الجانبية المبكرة. التحسن بطيء ويجب أن تعطى المعالجة المستمرة 6 أشهر على الأقل بهذه الجرعة، فإذا لم يكن هناك تحسن يمكن زيادة الجرعة إلى 2غ يومياً. هدف العلاج إطراح نحاس بولي 2000 مكغ/يوم.

يسوء الوضع عند ربع المرضى بتظاهرات عصبية قبل أن يبدأ التحسن، وذلك لترسب النحاس الذي تم تحريكه في النوى القاعدية. وما يشير إلى التحسن: اختفاء حلقات كايزر - فلايشر، وضوح الكلام، تحسن الصمل والرجفان. وتعد الكتابة اليدوية اختباراً جيداً للتطور.

تتحسن وظائف الكبد، وخزعة الكبد غير ضرورية لمراقبة العلاج.

يعني عدم التحسن أن هناك أذية نسيجية غير قابلة للإصلاح كانت موجودة قبل بدء العلاج، أو أن هناك نقصاً في مطاوعة المريض. ولا يجوز القول بفشل العلاج إلا بعد إعطاء المعالجة المثالية لسنتين. يتم الحكم على النجاح في الفترة البدئية للمعالجة بالتحسن السريري وهبوط نحاس المصل الحر دون 10مكغ/دل (النحاس الكلي في المصل مطروحاً منه النحاس المرتبط بالسيرولوبلازمين) وهبوط نحاس البول  كل 24 ساعة إلى 500مكغ أو أقل.

في المرحلة الثانية من العلاج إذا حدث التحسن المتوقع (عادة بعد 6 أشهر) تخفض الجرعة إلى 750-1000ملغ/يوم. المراقبة اللصيقة ضرورية للتأكد من استمرار التحسن واستقرار الحالة ومراقبة تركيز النحاس الحر في المصل والإطراح البولي للنحاس للتأكد من المطاوعة.

إن التناول غير المنتظم للدي - بنسيلامين قد يسبب سيراً صاعقاً لدى مريض كان وضعه مستقراً.

تحدث الآثار الجانبية للدي- بنسيلامين لدى 20% من مرضى ويلسون، وهي تشمل الارتكاسات التحسسية في الأسابيع الأولى من العلاج على شكل حمى وطفح ونقص بيض ونقص صفيحات وضخامات عقد لمفية. وهي تزول عادة بإيقاف الدواء وإعادة إدخاله بجرعات متزايدة تدريجياً بالمشاركة مع البريدنيزولون الذي يسحب تدريجياً بعد نحو أسبوعين أعراض تخريش هضمي من غثيان وإقياء وقمه وهي مرتبطة بالجرعة وتزول بتخفيضها. بيلة بروتينية ومتلازمة كُلائية، وتغيرات جلدية، ومتلازمة شبيهة بالذأب الحمامي الجهازي. ويجدر الذكر أن هناك حساسية متصالبة للدي - بنسيلامين مع البنسلين، لذا وجب استعماله بحذر لدى المتحسسين للبنسلين.

في الشهرين الأوليين من العلاج بالدي- بنسيلامين يجرى تعداد البيض والصفيحات مرتين أسبوعياً، ثم شهرياً حتى 6 أشهر، ثم أقل تواتراً بعد ذلك. ويجب استقصاء البيلة البروتينية في أثناء هذه الفحوص.

2- الترينتين  (Syprine) trientine(تتراإيثيلين تترامين هيدروكلوريد): خالب للنحاس استخدم في البدء لدى المرضى الذين لا يتحملون الدي- بنسيلامين. تأثيره المدر للنحاس أقل من الدي- بنسيلامين لكنه فعال، وتشير المعطيات الحديثة إلى إمكان استخدامه خطاً أولياً للعلاج في داء ويلسون. من تأثيراته الجانبية تثبيط النقي والبيلة البروتينية وتظاهرات مناعية ذاتية.

الجرعة المستخدمة 750-1250ملغ/يوم مقسمة على 2-4 جرعات تعطى قبل الطعام بساعة أو ساعتين.

3- التوتياء العنصري(Galzin) elemental zinc (50 ملغ): يعطى على شكل أسيتات ثلاث مرات يومياً بين الوجبات. وهو يثبط الامتصاص الهضمي للنحاس بتحريضه المتالوثيونين المعوي. يتأخر فيه الحصول على التأثير العلاجي الكامل، لذا لا ينصح به في المعالجة البدئية للمرضى العرضيين. وهو يستخدم على نحو متزايد بوصفه معالجة صيانة بعد المرحلة الأولى من العلاج الخالب للنحاس. وينصح به بعضهم في الحمل ولدى المرضى اللاعرضيين. آثاره الجانبية خفيفة (إزعاج بطني 10%).

الحمل لدى مريضات ويلسون سليم وآمن مع الاستمرار بالأدوية الاعتيادية، ويحظر قطع المعالجة بسبب خطر النوب الانحلالية والقصور الكبدي وربما الموت.

معالجات أخرى: زرع الكبد في الشكل الصاعق أو عند فشل التحسن بالعلاج الدوائي بعد 2-3 أشهر لدى مريض شاب مصاب بتشمع كبد مع قصور خلية كبدية شديد، أو لدى حدوث قصور كبدي شديد مع انحلال دموي عند مريض بعد إيقاف العلاج.

الإنذار:

داء ويلسون غير المعالج مترقٍ وقاتل، والخطر الأكبر أن يبقى المرض من دون تشخيص ويموت المريض من دون معالجة. في الشكل العصبي الحاد الإنذار سيئ والتغيرات الكيسية في النوى القاعدية غير عكوسة. يعتمد الإنذار في الشكل المزمن على التشخيص الباكر. ويعتمد الإنذار النهائي على الاستجابة لستة أشهر من المعالجة المستمرة بالدي- بنسيلامين. بعض الأعراض العصبية قد لا تتراجع. يموت المرضى بسبب قصور الكبد ونزف دوالي المريء ونتيجة الأخماج الناجمة عنه بسبب العجز العصبي لدى طريحي الفراش.

ثالثاً) داء الصباغ الدموي الوراثي genetic haemochromatosis (داء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي)

استقلاب الحديد الطبيعي:

الشكل (3)

- الامتصاص: يحتوي الغذاء الطبيعي اليومي على نحو 10-20ملغ من الحديد (90% حر  و10% مرتبط بالهيم) يمتص منها 1-1.5ملغ, وتعتمد هذه الكمية الممتصة على مخزون الجسم من الحديد. ويمتص أكثر عندما تزداد الحاجة. تتم عملية الامتصاص في العفج والقسم القريب من الأمعاء الدقيقة وهي عملية فعالة وقادرة على نقل الحديد عكس الممال.

في لمعة الأمعاء يرجع الحديد إلى حديدي بوساطة إنزيم ferrireductase أو حمض الأسكوربيك ascorbic acid، وينقل الحديد بعد ذلك بوساطة الناقل المعدني  (divalent metal transporter-1) DMT-1 إلى الخلايا المعوية في الزغابات. يتم تنظيم مستويات أو فعالية DMT-1 ضمن الخلايا بمستوى الحديد داخل الخلايا؛ لذا فإن تركيز الحديد ضمن الخلايا المعوية مهم في تحديد كمية الحديد الممتصة من لمعة الأمعاء. في عوز الحديد تكون مستويات الحديد داخل خلايا الخبيئات منخفضة، وبالتالي فعالية الناقل المعدني DMT-1 في الخلايا الزغابية مرتفعة مما يؤدي إلى امتصاص الحديد. أما في حالات فرط حمل الحديد فيحدث العكس، تضطرب آلية الضبط هذه لامتصاص الحديد في داء الصباغ الدموي الوراثي.

- التنظيم: يعد اكتشاف جين مورثة ((HFE المسؤول عن حدوث داء الصباغ الدموي الوراثي فتحاً في مجال فهم آلية امتصاص الحديد والفيزيولوجية المرضية لداء الصباغ الدموي الوراثي. دلت الدراسات المناعية النسيجية على أن البروتين المرمّز بالـ HFE يتوضع بصفة خاصة على خلايا الخبيئات في القسم العلوي من الأمعاء الدقيقة. ويعد التآثر ما بين بروتين HFE ومستقبلات الترانسفيرين الآلية الأساسية لقبط الحديد من قبل الخلايا، وبالتالي تنظيم امتصاص الحديد.

بعد نقل الحديد من لمعة الأمعاء إلى الخلايا المخاطية للزغابات يخزن بعضه على شكل فيريتين، ومن ثم إما أن يتحرك حسب الضرورة وإما أن يفقد عند توسف الخلايا المخاطية. يوجد على الغشاء القاعدي الجانبي للخلايا بروتين يدعى IREG-1 (أو بروتين حديدي ferroprotein) ينقل الحديد من الخلايا إلى الدوران.

- التوزيع إلى الأنسجة: الترانسفيرين هو بروتين سكري يصنع في الكبد يمكن أن يرتبط بجزيء حديد، ويعد مسؤولاً عن السعة الكلية الرابطة للحديد في المصل 250-370 مكغ/دل، ويكون في الحالات الطبيعية مشبعاً بالحديد بمقدار الثلث. يتم دخول الحديد فيزيولوجياً إلى خلايا الجهاز الشبكي البطاني والخلايا الكبدية اعتماداً على مستقبلات الترانسفيرين على سطح هذه الخلايا والتي تميل إلى الارتباط بالترانسفيرين الحامل للحديد. يندمج الحديد بالمستقبلات ويتحرر الحديد إلى داخل الخلايا. وعندما تتخم الخلية بالحديد تنقص فعالية مستقبلات الترانسفيرين (عملية قابلة للإشباع)، فإذا تم إشباع ترانسفيرين المصل تماماً كما في داء الصباغ الدموي الصريح يجول الحديد في الدم بأشكال غير مرتبطة بالترانسفيرين ويدخل إلى الخلايا الكبدية والأخرى بحدثية ثانية غير قابلة للإشباع ويتراكم فيها.

- الخزن: يخزن الحديد في الخلايا على شكل فيريتين، ويؤدي تخرب جزيئات الفيريتين إلى تشكل الهيموسيدرين، وهو شكل اختزاني لنحو ثلث حديد الجسم. الحديد الموجود في المخازن كفيريتين أو هيموسيدرين جاهز للتحرك وتشكيل الخضاب عندما تزداد الحاجة.

محتوى الجسم الكلي الطبيعي من الحديد هو نحو 4غ، توجد 3 منها في الخضاب والخضاب العضلي (ميوغلوبين) والكاتالاز والإنزيمات التنفسية. يشكل الحديد المختزن 0.5غ منها 0.3غ في الكبد، ويعد الكبد الموقع الأساسي لخزن الحديد الممتص من الأمعاء وعندما يتم تجاوز قدرته يختزن الحديد في الأنسجة المتنية (البرنشيمية) الأخرى بما فيها خلايا المعثكلة والفص النخامي الأمامي. يؤدي الجهاز الشبكي البطاني دوراً محدوداً في عملية خزن الحديد ما لم يعط الحديد وريدياً حيث يصبح الموقع المفضل للخزن.

الشكل (4)

داء الصباغ الدموي الوراثي هو اضطراب استقلابي جسمي مقهور تؤدي فيه الطفرات في مورثة HFE إلى زيادة الامتصاص المعوي للحديد على مدى سنوات عديدة, ومع تراكم الحديد في الأنسجة المختلفة تظهر العلامات والأعراض الخاصة به. تحتوي الأنسجة في هذا الداء على كميات كبيرة من الحديد تقدَّر بـ 20-60غ، فإذا تم احتباس 5ملغ من الحديد المتناول من قبل الأنسجة يومياً ظهرت الحاجة إلى نحو 28 سنة لتجمع 50غ. يعد هذا المرض حالياً أكثر الأمراض الوراثية شيوعاً لدى القوقازيين.

الوراثة الجزيئية:

تم تحديد الجين الطافر HFE ويقع على الصبغي السادس وتم استنساخه عام 1996. دعيت أكثر الطفرات فيه شيوعاً C282Y وهي الطفرة المسيطرة لدى المصابين بداء الصباغ الدموي من منشأ أوربي شمالي (85%)، في حين لا توجد هذه الطفرة لدى المتحدرين من أصول إفريقية أو آسيوية أو أسترالية. إن 20-80% فقط من متوافقي الأمشاج لهذه الطفرة يظهرون دلائل على زيادة خزن الحديد؛ مما يوحي بأنه ربما تؤدي عوامل وراثية أخرى أو بيئية دوراً في تظاهر المرض. وبالرغم من أن لدى متخالفي الأمشاج مستويات حديد مصل وإشباع ترانسفيرين أعلى من الطبيعي فإن فرط حمل الحديد لا يحدث عندهم.

يحدث داء الصباغ الدموي الوراثي بسبب زيادة امتصاص الحديد على الرغم من تخمة مخازن الحديد به نتيجة خلل في آلية تنظيم امتصاص الحديد بسبب تخرب الفعالية الحيوية الطبيعية للبروتين HFE لإصابة الجين المشفر له بالطفرة C282Y.

الفيزيولوجية المرضية:

تؤدي الطفرة في الجين HFE إلى خلل في وظيفة البروتين HFE الذي يرتبط بمستقبلات الترانسفيرين في خلايا الخبيئات (في العفج)، ويسهل دخول الحديد عن طريق هذه المستقبلات إلى هذه الخلايا.

يؤدي التأثير المؤكسد للحديد المتراكم ضمن الخلايا الكبدية إلى أذيتها وموتها. تتفعل خلايا كوبفر بعد ابتلاعها للخلايا الكبدية المتأذية والمشبعة بالحديد وتفرز سيتوكينات ذات تأثير مولد للتليف (TGF-beta) وتفعّل هذه السيتوكينات الخلايا الكبدية النجمية stellate cells التي تنتج كميات من الكولاجين محدثة التليف.

يترسب الحديد في الخلايا المتنية، ويترسب في مرحلة متأخرة جداً في خلايا الجهاز الشبكي البطاني عكس مايحدث في حالات فرط حمل الحديد الناجمة عن نقل الدم.

المظاهر السريرية:

الصورة التقليدية هي رجل متوسط العمر واهن مع تصبغات، ضخامة كبدية، نقص الفعالية الجنسية، فقد أشعار الجسم، آلام مفصلية وسكري. يراجع حالياً كثير من المرضى من دون أعراض أو موجودات سريرية لأنهم كشفوا في سياق التقصي وذلك لإصابة أقربائهم بالمرض. أما الثالوث التقليدي من تشمع وداء سكري وتصبغات جلدية فلا يحدث إلا في المراحل المتأخرة من المرض.

الشكل (5)

يعتمد التشخيص على الشك ويجب أخذه في الحسبان لدى أي مريض مصاب بضخامة كبدية لاعرضية حتى بوجود اختبارات وظائف كبد طبيعية. هناك تأخر وسطي 5 -8 سنوات بين التظاهر والتشخيص. وعلى الرغم من التوزع المتساوي للمورثات الطافرة لدى النساء والرجال فإن داء الصباغ الدموي الصريح أكثر تواتراً بعشر مرات لدى الذكور منه لدى الإناث بسبب فقد الحديد لدى النساء نتيجة الدورة الشهرية والحمل. ومعظم النساء المصابات بداء الصباغ الدموي الوراثي لديهن غياب في الدورة الشهرية أو استئصال رحم، أو هنّ بعد سنوات من بدء سن الإياس. نادراً ما يشخص داء الصباغ الدموي قبل سن العشرين وذروة الحدوث هي بين 40 و 60 سنة.

1- التغيرات الجلدية: أكثر ما تتوضع التصبغات في الإبطين والمغبنين والأعضاء التناسلية والندبات القديمة والأجزاء المكشوفة. تتميز بلون برونزي بسبب ترسب الميلانين أو اصطباغ رمادي بسبب ترسب الحديد في الطبقات القاعدية للبشرة.

2- التغيرات الكبدية: الكبد ضخم، قاس. في نصف الحالات هناك ألم بطني مع إيلام كبدي، وقد يكون الألم شديداً. لاتوجد عادة علامات قصور خلية كبدية والحبن نادر. قد يكون الطحال مجسوساً. النزف من دوالي المريء نادر. يحدث سرطان الكبد البدئي لدى 15-30% من المرضى المتشمعين وقد يكون أحد أشكال التظاهر لدى المسنين ويجب توقعه إذا حدث تدهور سريري مع ضخامة كبدية سريعة وألم بطني وحبن.

3- التغيرات الغدية: عند التشخيص يبدو لدى 70% من المتشمعين و17% فقط من غير المتشمعين سكري سريري قد يختلط باعتلال كلية واعتلال أعصاب وداء وعائي محيطي واعتلال شبكية تكاثري. قد يكون السكري سهل الضبط أو معنداً على الجرعات العالية من الأنسولين، وقد يكون ذا علاقة بقصة عائلية للسكري أو بتشمع الكبد الذي يحدث فيه خلل في تحمل الغلوكوز أو بأذية مباشرة للمعثكلة نتيجة ترسب الحديد فيه وبشكل انتقائي في خلايا بيتا المفرزة للأنسولين.

يعاني ثلث المرضى فقد الشهوة الجنسية libido أو العنانة. ونسبة انقطاع الطمث لدى النساء هي 15%. قد ينجم قصور الغدد التناسلية عن سوء وظيفة النخامى أو تحت المهاد أو الغدد التناسلية أو مشاركة بينها. تختل وظيفة النخامى بدرجات مختلفة لدى ثلثي المرضى، وهذا ينجم عن ترسب الحديد في النخامى الأمامية وتصاب الخلايا المفرزة لموجهة الغدد التناسلية gonadotrophin بشكل انتقائي.

يتظاهر قصور الخصيتين الناجم عن نقص موجهة الغدد التناسلية hypogonadotrophin بعنانة، وفقد الشهوة الجنسية، وضمور الخصيتين، وضمور الجلد، وفقد الأشعار الجنسية الثانوية. مستوى التستوستيرون في البلازما دون الطبيعي ويزداد بعد تطبيق موجهات الغدد التناسلية مما يدل على قدرة الخصيتين على الاستجابة. أما قصور النخامى الشامل مع قصور درق وقصور قشر كظر فنادر.

4- التغيرات القلبية: تشاهد تبدلات في تخطيط كهربائية القلب في ثلث الحالات. ترتبط شذوذات الصدى القلبي بفرط حمل الحديد وتتحسن بالفصادة. يبدو اعتلال عضلة قلبية توسعي. قد تحدث لانظميات. قد تكون المضاعفات القلبية ذات علاقة بترسبات الحديد في العضلة القلبية والجهاز الناقل في القلب.

5- اعتلال المفاصل (الفصال): يحدث لدى ثلثي المرضى اعتلال مفصلي نوعي في المفصلين السنعيين السلاميين metacarpophalangeal الثاني والثالث، كما يشاهد اعتلال الرسغ ومفصل الورك. شعاعياً هناك التهاب عظم ومفصل مفرط التصنع مع تضيق المسافة المفصلية، وتكلس الغضاريف، وتشكل كيسات تحت غضروفية، ونقص تعظم.

الآلام المفصلية هي غالباً المشكلة السريرية الطويلة الأمد والأكثر صعوبة، إذ إنها معندة على مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية التقليدية.

الفحوص المخبرية:

الشكل (6) اعتلال المفاصل في سياق داء ترسب الأصبغة الدموية الوراثية

تُظهر اختبارات الكبد الكيمياوية الحيوية اضطراباً طفيفاً فقط إلى أن تظهر التغيرات المصاحبة للتشمع. حديد المصل يزداد حتى نحو 220مكغ/دل مقارنة بالطبيعي (125 مكغ/دل)، ترانسفيرين المصل مشبع نحو 90% مقارنة بالطبيعي 30%.

الفيريتين هو البروتين الخلوي الرئيسي الخازن للحديد. التركيز المصلي للفيريتين متناسب طرداً مع مختزن حديد الجسم وهو ذو قيمة في تقدير هذه المخازن، والقيم الطبيعية لا تنفي مرض اختزان الحديد لكنه مفيد في متابعة المرضى. عند وجود نخر خلوي كبدي شديد تزداد مستوياته المصلية لأنه يتحرر من الخلايا الكبدية المتنخرة.

عند الشك بداء الصباغ الدموي الوراثي تجرى الاختبارات التالية:

- حديد المصل.

- السعة الرابطة الكلية للحديد TIBC.

- إشباع الترانسفيرين.

- فيريتين المصل.

- تحليل الطفرة HFE.

خزعة الكبد بالإبرة:

منذ إدخال تحليل الطفرة لجين HFE تغيرت استطبابات خزعة الكبد. وبما أن تحليل الطفرة يثبت التشخيص في معظم الحالات فإن خزعة الكبد ضرورية فقط لدى متوافقي الأمشاج لـ C282Y لتقدير ما إذا كان هناك تليف شديد أو تشمع وهو ما سيحدد طريقة المتابعة.

إذا لم يظهر تحليل الطفرة توافق أمشاج لـC282Y فإن خزعة الكبد عادة ضرورية لإظهار ما إذا كان هناك فرط حمل حديد أم لا؟ وكذلك نمط ترسب الحديد وهو ما قد يعطي دليلاً على السبب.

مع إدخال الاختبارات المورثية لداء الصباغ الدموي الوراثي في الاستخدام السريري تجرى خزعة الكبد فقط لتقييم درجة الأذية الكبدية.

التشريح المرضي:

المظاهر المخبرية المميزة لداء الصباغ الدموي الوراثي

الطبيعي

داء الصباغ الدموي الوراثي

 

حديد المصل             

60-180

180-300

(مكروغرام/دل)

20-50

55-100

إشباع الترانسفيرين %

الفريتين               

20-200

300-3000

رجال (نانوغرام/مل؛ مكروغرام (ل)

15-150

250-3000

نساء (نانوغرام/مل؛ مكروغرام (ل)

يُظهر الكبد في المراحل المبكرة فقط تليفاً في المناطق البابية مع ترسب الحديد في الخلايا الكبدية حول البابية ولدرجة أقل في خلايا كوبفر. تقوم بعد ذلك الحجب الليفية بالإحاطة بمجموعات الفصيصات والعقيدات ذات الأشكال غير المنتظمة. في النهاية يحدث تشمع كبد كبير العقيدات. التغيرات التشحمية نادرة وغير اعتيادية.

الطرق التصويرية:

يمكن كشف حالات فرط حمل الحديد الشديدة بالرنين المغنطيسي، بيد أن هذه الطريقة ليست دقيقة بصورة كافية للتنبؤ بتركيز الحديد الكبدي.

التشخيص التفريقي:

أصبح التفريق بين داء الصباغ الدموي الوراثي التقليدي والأسباب الأخرى لحالات فرط حمل الحديد سهلاً بعد إدخال التنميط الوراثي genotyping للطفرة C282Y في الجين HFE.

يتم التشخيص التفريقي عادة مع أمراض الكبد المزمنة الأخرى المترافقة بتراكم الحديد، وفرط حمل الحديد نتيجة نقل الدم ومع فرط حمل الحديد الوراثي غير المرتبط بالـ HFE.

قد تكون مستويات حديد المصل وإشباع الترانسفيرين المصلي مرتفعة أحياناً في التشمع نتيجة لأسباب أخرى غير داء الصباغ الدموي الوراثي مثل التهاب الكبد C والكحول. وقد تلتبس الصورة السريرية مع التشمع إذ ليس الترافق بين الداء السكري والتشمع نادراً، كما أن مرضى التشمع يصابون بالعنانة وفقد الأشعار والتصبغات الجلدية.

الإنذار:

يعتمد إلى حد كبير على شدة فرط حمل الحديد ومدته. التشخيص والمعالجة الباكران أساسيان في تحسين الإنذار. والمرضى الذين يعالجون في المرحلة ما قبل التشمعية وقبل حدوث الداء السكري والذين لديهم مستويات حديد طبيعية تحت الفصادة لديهم توقع حياة طبيعية. قصور القلب مسيء للإنذار، وبوجوده نادراً ما يعيش المرضى أكثر من سنة من غير علاج. القصور الكبدي والنزف من دوالي المريء مظهران نهائيان نادران.

إن خطر حدوث سرطانة خلية كبدية لدى مرضى داء الصباغ الدموي المتشمعين يزداد نحو 200 ضعف ولا ينقص بإزالة الحديد.

المعالجة:

يمكن إزالة الحديد بالفصادة أو تحريكه من المخازن النسيجية بمعدلات عالية حتى 130ملغ/يوم. تجدد الدم سريع إلى حد كبير إذ يزداد إنتاج الخضاب إلى 6-7 أضعاف الطبيعي، وبالتالي يجب إزالة كميات كبيرة من الدم. فصادة 500مل من الدم تخلص الجسم من 250ملغ من الحديد في حين تحوي الأنسجة حتى 200 ضعف هذه الكمية. واعتماداً على مخازن الحديد الابتدائية فالكمية المطلوب التخلص منها لإنقاصها إلى الطبيعي تراوح مابين 7-45غ. تجرى فصادة 500مل أسبوعياً أو مرتين أسبوعياً لدى المرضى المتعاونين، ويمكن الاستمرار بهذا المعدل حتى تنخفض مستويات حديد المصل وإشباع الترانسفيرين وفيريتين المصل إلى الحد الأدنى الطبيعي. مقارنة المجموعات المعالجة بالفصادة بالمجموعات غير المعالجة أظهرت بقيا 8.2 سنة مقارنة بـ 4.9 سنة ووفيات 5 سنوات 11% مقارنة بـ 67%.

تؤدي المعالجة بالفصادة إلى تحسن الإحساس العام وزيادة الوزن. تنقص التصبغات وتخف الضخامة الكبدية الطحالية. تتحسن وظائف الكبد ويتحسن ضبط السكري لدى بعض المرضى. لا يتأثر الاعتلال المفصلي عادة. قصور الغدد التناسلية قد يخف لدى الرجال الذين تبلغ أعمارهم أقل من 40 سنة عند التشخيص. تتحسن الوظيفة القلبية بدرجات تختلف حسب شدة الأذية القلبية قبل الفصادة.

قد يتحسن التليف الكبدي بعد الفصادة بيد أن التشمع الكبدي يعد غير عكوس. بعد التخلص من الحديد تَمنع فصادة 500مل من الدم كل 3-6 أشهر عودة تراكم الحديد. من الصعب التزام نظام حمية فقيرة بالحديد ومعظم المرضى يبقون على نظام غذائي طبيعي مع فصادة أحياناً.

يمكن أن يعالج ضمور الغدد التناسلية gonadal atrophy بالمعالجة التعويضية بحقن التستوستيرون عضلياً. يزيد حقن موجهة الغدد التناسلية HCG حجم الخصيتين وتعداد النطاف. يعالج السكري بالحمية وعند الضرورة بالأنسولين وقد يكون السكري مقاوماً للعلاج.

يمكن استخدام خالب الحديد ديفيروكسامين deferoxamine لدى المرضى بتظاهرات قلبية أو الذين لا يتحملون الفصادة.

يمكن علاج الحالات المتقدمة بزرع الكبد، وبقيا المرضى بداء الصباغ الدموي الوراثي بعد زرع الكبد أقل مما هي عليه في باقي الأمراض (53% مقابل 81% بقيا 25 شهراً)، والبقيا مرتبطة بالمضاعفات القلبية والخمج مما يؤكد الحاجة إلى التشخيص والعلاج المبكرين.

تحري داء الصباغ الدموي الوراثي لدى أقرباء المرضى:

هناك طريقتان للتحري: اختبارات كيمياوية حيوية لفرط حمل الحديد، وتحليل الطفرة (تنميط وراثي). ومثالياً يجب إجراء الطريقتين حتى تكون النتائج متكاملة. فإذا كان الشخص متوافق الأمشاج وجب أن يعالج حتى في غياب الواسمات المباشرة أو غير المباشرة على زيادة مخازن الحديد. أما إذا كان متخالف الأمشاج فتجرى حينئذٍ واسمات مخازن الحديد، فإذا كانت متزايدة تجرى خزعة كبد مع قياس كمي للحديد.

 

 

علينا أن نتذكر

> داء الكبد التشحمي اللاكحولي مرض شائع الانتشار لكنه كثيراً ما يغيب عن ذهن الطبيب. إن حدوثه عند السكريين من النمط 2 والبدينين مرتفع. قد يترقى التهاب الكبد التشحمي اللاكحولي إلى تشمع الكبد وسرطانة الخلية الكبدية. من الإجراءات الفعالة في علاجه إنقاص الوزن التدريجي والتمارين الرياضية. يهدف العلاج الدوائي إلى تعديل حالة مقاومة الأنسولين، وما يزال الكثير من الأدوية في طور التجريب.

> داء ويلسون مرض وراثي جسمي مقهور.

- نقص شديد في الإطراح الصفراوي للنحاس (الآلية الأساسية للتخلص من النحاس الممتص).

- هناك أكثر من 200 طفرة مختلفة لداء ويلسون، وبالتالي تحليل الطفرات غير عملي في تشخيص المرض.

- تراكم النحاس في الكبد ومن ثم في باقي الأعضاء يعطي التظاهرات الأساسية للمرض.

- من الأمراض الوراثية غير العادية ولكن يمكن علاجه على نحو فعال.

- التشخيص الباكر والعلاج الباكر المناسب هما مفتاح الشفاء.

> الأشكال الكبدية لداء ويلسون:

- قصور الكبد الحاد.

- التهاب الكبد المزمن.

- ارتفاع لاعرضي في ناقلات الأمين أو البيليروبين.

- تشمع الكبد.

> يجب استقصاء داء ويلسون في كل مريض صغير في السن مصاب بمرض كبدي مزمن وخاصة بوجود قصة عائلية لتشمع كبد لديه.

> الانحلال الدموي بوجود مرض كبدي يجب أن يدفع الطبيب إلى التفكير بداء ويلسون لأنه التشخيص الأكثر احتمالاً.

> ليس التشريح المرضي للكبد مشخصاً لداء ويلسون، لكنه شديد الإيحاء لدى مريض شاب مع تشمع.

> العيار الكمي للنحاس في خزعة الكبد هو المعيار الأساسي لتشخيص داء ويلسون.

> إن للمعالجة مدى الحياة والتناول المستمر والمنتظم للدواء أهمية مطلقة في إحداث التحسن المطلوب.

> الدي - بنسيلامين في داء ويلسون:

- جرعة بدئية: 1500ملغ يومياً عن طريق الفم مقسمة على 4 جرعات قبل الوجبات بنصف ساعة و قبل النوم (6 أشهر).

- جرعة صيانة: 750 - 1000ملغ يومياً مدى الحياة.

> الفحوص المخبرية المطلوبة في أثناء العلاج بالدي - بنسيلامين:

- تعداد كريات بيض.

- تعداد صفيحات.

- فحص بول.

> داء الصباغ الدموي الوراثي اضطراب وراثي جسمي صاغر ينتج من طفرة في الجين (المورثة) HFE المتوضع على الصبغي السادس تؤدي إلى خلل في الآليات المنظمة لامتصاص الحديد من الأمعاء, وزيادة امتصاصه المعوي. وتسبب زيادة الحديد الممتص ترسبه في الخلايا المتنية في الكبد والمعثكلة والنخامى تنجم عنه أذيتها.

> علاج داء الصباغ الدموي الوراثي:

- إجراء فصادة بمعدل 500مل (وحدة دم كامل) أسبوعياً حتى ينخفض الهيماتوكريت إلى 37%.

- إجراء إشباع الترانسفيرين وفيريتين المصل مرة كل 2-3 أشهر لمراقبة الاستجابة (اختياري).

- عندما تنضب مخازن الحديد (فيريتين > 50 نغ/مل، إشباع الترانسفيرين > 50%) تجرى الفصادة بمعدل وحدة دم كامل كل 2-3 أشهر.

 

 

 


التصنيف : أمراض الكبد
النوع : أمراض الكبد
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 459
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 499
الكل : 31726386
اليوم : 1847