logo

logo

logo

logo

logo

الأخماج ب-السالمونيلا

اخماج بسالمونيلا

salmonella infections - infections à salmonella



الأخماج بالسالمونيلا

هاني مرتضى

لقاح الحمى التيفية

 

 

السّببيات

تنتمي السالمونيلا Salmonella إلى عائلة الأمعائيات enterobacteriaceae وتضمّ ثلاثة أنواع:

أ- السالمونيلا التيفية ونظائرها S.typhi.

ب- سالمونيلا هيضة الخنازير S.choleraesuis.

ج- السالمونيلا الملهبة للأمعاء S.enteritidis.

وهناك نمطٌ مصليٌّ واحد للنوعين الأولّين، أمّا الملهبة للأمعاء فتضمُّ أكثر من 2460 نمطاً مصلياً، وتقسم معظم الأنماط التي تسبب المرض في الإنسان بحسب المستضد الجسمي (Antigen O) O إلى مجموعات من A إلى E، وتصنف السالمونيلا التيفية منها ضمن المجموعة المصلية D.

ومن أكثر أنماط السالمونيلا التي تمّ  عزلها: السالمونيلا الفأرية S.typhimurium  وسالمونيلا newport، وسالمونيلا heidelberg، وسالمونيلا muenchen وسالمونيلا montevideo، وسالمونيلا javiana، والسالمونيلا الطفلية S.infantis.

والسالمونيلا عصيات متحركة لا تكون الأبواغ وليس لها محفظة، سالبة الغرام، تنمو بصورة هوائية وأحياناً مخيّرة وتقاوم الكثير من العوامل الفيزيائية، تموت بحرارة 54.4 م لمدة ساعة، وبحرارة 60ْم لمدة 15 دقيقة، وقد تبقى حيّة في درجات الحرارة المعتادة أو المتدنية عدة أيام، ويمكنها البقاء حيّة عدة أسابيع في مياه الصرف الصحي والأغذية المجففة والغائط، لذا تنتشر أخماجها في جميع بلدان العالم وتشكل عالمياً مشكلة صحيّة مهمةً.

تملك عصيات السالمونيلا مستضدات O الجسمية، ومستضدات H السوطية، والمستضدات O مكوّنة من عديدات سكاريد شحمية صامدة للحرارة في الجدار الخلوي، أما المستضدات H فهي بروتينات عطوبة بالحرارة.

الوبائيات

المستودعات الأساسية للسالمونيلا غير التيفية هي الحيوانات مثل الدجاج، والزواحف والحيوانات الأليفة، والطيور والدواجن (الدجاج، والديك الرومي، والبط).

والنّواقل الأساسية للمرض هي الأغذية من منشأ حيواني، كلحم الدجاج ولحم البقر والسمك والبيض (إذ تلوث السالمونيلا قشرة البيضة وتنفذ إلى داخلها، أو تنتقل مباشرة من خلال إصابة البيض بالخمج إلى مح البيضة)، ومشتقات الألبان، كما أن العديد من الأطعمة الأخرى مثل الفواكه والنباتات ومنتجات القمح أو الخبز قد تكون السبب في إحداث فاشيات المرض، وهذه الأطعمة تكون عادةً ملوّثة بالتماس بمنتجات حيوانية أو نادراً من شخص مخموج، كما توجد طرق أخرى للانتقال مثل شرب الماء الملوث بالتماس مع زواحف مخموجة (سلاحف أليفة أهلية والسحالي أو الضب أو الأفاعي)، كما قد تنتقل عن طريق التّماس مع مواد طبية مخموجة وخاصة حيوانية المنشأ، والأجهزة الطبية، والأصبغة.

والسالمونيلا التيفية توجد فقط في الإنسان، خلافاً لأنماط السالمونيلا الأخرى غير التيفية، وينتج الخمج من التماس المباشر مع الشخص المخموج أو الحامل للجرثوم.

إن نسبة حدوث أخماج السالمونيلا أعلى في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات (مع ذروة حدوث خلال الأشهر الأولى من الحياة)، وفي المتقدمين بالسّن، وفي المصابين بنقص المناعة، واعتلالات الخضاب hemoglobinopathies، مثل فقر الدم المنجلي (sickle cell disease)، والأورام الخبيثة malignant neoplasm ومتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز).

معظم الحالات المسجلة فرادية sporadic، وقد تحدث فاشيات واسعة الانتشار في المستشفيات والمعاهد ودور الحضانة، وتكمن خطورة الانتقال في الفترة الطويلة المتبدلة لطرح العضويات في البراز، إذ إن 45% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات يطرحون السالمونيلا في البراز لمدة 12 أسبوعاً من بدء الخمج، في حين تكون هذه النسبة  5% من الأطفال الأكبر والبالغين، كما أن المعالجة بالصادات قد تطيل فترة الطرح الجرثومي، ويستمر 1% من المرضى تقريباً بطرح السالمونيلا مدة تزيد على سنة (حملة مزمنون).

فترة الحضانة لالتهاب المعدة والأمعاء gastroenteritis بين 6 و48 ساعة، وللحمى المعوية بين 3 و60 يوماً (وسطياً 7-14 يوماً).

الإمراض

يتجلى الاضطراب النموذجي الذي تسببه السالمونيلا غير التيفية بالتهاب أمعاء وقولون، وتتضمن موجوداته الالتهاب والوذمة المنتشرين في المخاطية مع تآكلات وخراجات مجهرية أحياناً، ولا تتخرّب الخلايا الظهارية عادة ولاتحدث تقرحات؛  على الرغم من قدرة السالمونيلا على اختراق المخاطية المعوية. ويشمل الالتهاب الموجود في الأمعاء (الكريات البيض عديدة النوى والبلاعم) الصفيحة الخاصة lamina propria، وتتضخم العقد اللمفاوية المساريقية والنسيج اللمفاوي المعوي وقد يرافق ذلك مناطق صغيرة من النخر necrosis، كما يلاحظ فرط تنسج الجهاز الشبكي البطاني ضمن الكبد والطحال، وقد يؤدي تجرثم الدم إلى حدوث خمج موضع وتقيح في أي عضو من الجسم.

يعتمد تطور المرض بعد الخمج بالسالمونيلا على عدد الكائنات الحية الخامجة، وعلى شدّة فوعتها، وعلى آليات دفاع الثوي، فحين تصل السالمونيلا إلى المعدة تثبّط حموضة المعدة تكاثرها ويتمُّ القضاء عليها إذا كانت حموضة المعدة 2، أما حين انخفاض حموضة المعدة، أو تناول أدوية دارئة (قلوية) أو حين انفراغ المعدة السريع إثر استئصالها أو إجراء الفغر المعدي المعوي أو حين يكون حجم اللَقَح inoculum من العضويات كبيراً جداً، فإن عضويات السالمونيلا تتجاوز المعدة وتصل إلى الأمعاء، لذلك يزداد تعرض الولدان والرضع الصغار لداء السالمونيلا العرضي بسبب نقص حموضة المعدة وسرعة انفراغ معدتهم.

وفي الأمعاء الدقيقة والغليظة تتنافس السالمونيلا مع النبيت flora الجرثومي الموجود لكي تتكاثر وتسبب المرض، ويزيد طول فترة التماس بين السالمونيلا المتناولة ومخاطية الأمعاء من احتمال حدوث المرض العرضي، ويحدث ذلك حين تتناقص حركيّة motility الأمعاء بسبب تشريحي أو دوائي، فتنفذ السالمونيلا عبر المخاطية بعد تكاثرها في لمعة الأمعاء، ويتم ذلك في الجزء البعيد من اللفائفي والجزء القريب من القولون، ثم تتوضع  في لويحات باير.

تنتج معظم أجناس السالمونيلا ذيفاناً معوياً عطوباً بالحرارة يشبه ذيفان الهيضة، ويؤدي هذا ــــ مع البروستاغلاندينات ــــ إلى زيادة مستويات الأدينوزين وحيد الفوسفات الحلقي مما يؤدي إلى دفق الماء والشوارد (الكهارل) ضمن لمعة الأمعاء، وبعد وصول عضويات السالمونيلا إلى عقد باير تنتشر منها إلى العقد اللمفاوية المساريقية، وتنمو ضمن خلايا الكبد والطحال، وتنجو من البلاعم والمقاومة المصلية ومقاومة المتممة.

ولا يمتدُّ الخمج في معظم أدواء السالمونيلا غير التيفية المترافقة بالإسهال خلف الصفيحة الخاصة والشبكة اللمفية المحلية إلاّ في بعض الظروف التي تقلّل من دفاعات الثوي، كالإصابة بالداء الحبيبي المزمن، والاضطرابات الأخرى في الكريات البيض، والإيدز، وفقر الدم المنجلي، إذ تسمح الاحتشاءات في لويحات باير والعظام والجهاز الشبكي البطاني بحدوث إنتان دم septicemia وذات عظم ونقي، إضافة إلى نقص حركية الأمعاء، ونقص القدرة الطاهية والبلعمة في المصابين بفقر الدم المنجلي sickle cell anemia. ويترافق الخمج المزمن مع التحصّي الصفراوي، وإصابة المنشقّة المانسونية للكبد والطحال، والخمج البولي بالمنشقّة الدمويةSchistosoma haematobium .

التظاهرات السريرية

1- التهاب المعدة والأمعاء الحاد acute gastroenteritis: وهو أكثر المظاهر السريرية شيوعاً لأخماج السالمونيلا غير التيفية، يحدث بعد فترة حضانة تراوح بين 6 و72 ساعة (وسطياً 24 ساعة)، ويتظاهر ببداية مفاجئة بغثيان وقياء وألم بطني ماغص يتوضّع بصورةٍ رئيسيةٍ حول السرّة والرّبع السفلي الأيمن من البطن، يتلوه إسهال مائيّ بسيط إلى شديد الدرجة، وفي بعض الأحيان يحتوي مخاطاً ودماً، مع حمّى متوسطة الشدة (38.5-39ْ درجة مئوية) في70% من المرضى.

وقد يتظاهر في بعض الأطفال بمرضٍ شديد الوطأة، يتجلّى بحمّى عالية وصداعٍ ووسنٍ وتخليطٍ وتخريشٍ سحائيّ ونوبٍ اختلاجية وتمدّد البطن، مع بعض الإيلام بجسّ البطن، ويحتوي الغائط كريات بيض عديدة النوى ودمٍ خفيّ، ثمّ تزول الأعراض خلال 2-7 أيام في الأطفال الأصحاء، ومن النادر حدوث الوفاة.

أمّا في بعض المجموعات عالية الخطورة، كما هو الحال في الولدان وصغار الرضع والأطفال المصابين بحالات العوز المناعي الأولية والثانوية فيسيرالتهاب المعدة والأمعاء سيراً أكثر تعقيداً، إذ يعاني المرضى أعراضاً تستمرُ عدة أسابيع.

أمّا المرضى المصابون بالإيدز فيكون المرض فيهم شديداً وصاعقاً تصاب به عدة أجهزة ويدخل المريض في صدمة إنتانية تنتهي بالوفاة، وكذلك المرضى المصابون بأعراض الأمعاء الالتهابية ولاسيما التهاب القولون التقرحي، إذ تغزو فيهم السالمونيلا الأمعاء وتحدث ضخامة سمية في القولون وسمية جهازية تنتهي بالوفاة.

والمرضى المصابون بداء المنشقات Schistosoma يتعرضون لخمج السالمونيلا ويعانون من خمجٍ مستمرٍّ بها ما لم يتم علاج داء المنشقات أيضاً؛ لأن عضويات السالمونيلا تستطيع التكاثر ضمن المنشقات التي تحميها من وصول الصادات إليها.

2- تجرثم الدم bacteremia: يعتقد بأن نسبة ترافق تجرثم الدم العابر والتهاب المعدة والأمعاء بالسالمونيلا اللاتيفية 1-5%، والنسبة الدقيقة لتجرثم الدم غير معروفة؛ لأنه من غير المألوف أخذ زروع للدم في حالات التهاب المعدة والأمعاء بالسالمونيلا، ولاسيما حين عدم معالجة الأطفال في المستشفى.

يترافق تجرثم الدم بالسالمونيلا والحمى والعرواء (النوافض) chills، وقد تغيب هذه المظاهر في الرضّع ولاسيما الولدان.

أمّا حالات تجرثم الدم المستمرة أو طويلة الأمد أو المترددة فتتظاهر في حمى منخفضة الدرجة، وقهم وتعرّق غزير، ونقص وزن، وآلام عضلية، ويزداد خطر حدوث تجرثم الدم في الأطفال المصابين بالتهاب معدة وأمعاء بالسالمونيلا في الحالات التالية:

الولدان وصغار الرضع > 3 أشهر، المصابين بالإيدز والداء الحبيبومي المزمن، وحالات العوز المناعي الأخرى، والخباثات (ولاسيما ابيضاض الدم واللمفوما)، والمعالجة بكابتات المناعة والستيروئيدات القشرية، وفقر الدم الانحلالي (فقر الدم المنجلي) والبرداء وداء البرتونيلا، وأمراض الكولاجين collagen الوعائية، وأمراض الأمعاء الالتهابية، واستئصال المعدة أو فغر المعدة والأمعاء، ونقص أو غياب حمض كلور الماء في المعدة أو استخدام الأدوية المضادة للحموضة، وضعف تحرك الأمعاء، وداء المنشقات، وسوء التغذية.

3- الأخماج البؤريّة خارج المعوية: تحدث الأخماج الموضّعة أو البؤرية بعد حدوث تجرثم الدم بالسالمونيلا بنسبة 10% تقريباً، ولاسيما في مجموعات الخطورة المذكورة سابقاً، وأكثر الأماكن عرضة للأخماج البؤرية هي الجهاز الهيكلي ولاسيما ذات العظم والنقي osteomyelitis، والتهاب السحايا meningitis، وباطن الأوعية.

والسالمونيلا سبب شائع لإحداث التهاب العظم والنقي في المصابين بفقر الدم المنجلي، وحين تعرّض العظام والمفاصل لأمراضٍ سابقةٍ أو بدائل صنعيةٍ، وقد يحدث التهاب مفصل ارتكاسي بعد التهاب المعدة والأمعاء بالسالمونيلا في الأطفال الذين لديهم المستضد HLA-B27. يظهر التهاب السحايا بصورة رئيسية في الرضع إذ تغيب الحمى أو تكون منخفضة الدرجة مع أعراض وعلامات سريرية بسيطة، لكن سرعان ما تترقى الحالة نحو الأسوأ وتترافق ونسبة وفيات وعقابيل عالية على الرغم من المعالجة الملائمة بالصادات، وتزداد فيهم أيضاً نسبة النكس وخراجات الدماغ. وحين وجود تجرثم دم مستمرٍّ يجب التفكير في التهاب الشغاف أو التهاب الشرايين أو إصابة أم الدم بالخمج.

4- الحمّى المعوية (الحمى التيفية) enteric fever: تنتج الحمى المعوية من السالمونيلا التيفية S.typhi، وأقل شيوعاً منها ومن نظائر التيفية P.S.typhi ونادراً من سالمونيلا هيضة الخنازير. يعد الإنسان المستودع الوحيد للحمى التيفية، فبعد تناول الأطعمة أو الماء الملوث بعضويات السالمونيلا التيفية وبعد فترة حضانة 10-14 يوماً (6-21 يوماً) وأقصر من ذلك في نظائر التيفية يبدأ المرض بشكلٍ مخاتل، ويتظاهر في حمّى وتوعك وقهم، تتطور على مدى ثلاثة أيام، وبعد أسبوع تصل الحمى إلى أعلى مستوياتها مساءً (40-41 م) وتكون بأدنى مستوياتها صباحاً، ويكون الإمساك أكثر شيوعاً من الإسهال ولاسيما لدى الكبار (50%، 30% على الترتيب)، والإسهال أكثر في نظائر التيفية ويكون قليل الكمية كرغوة الصابون، يحوي قليلاً من الكريات الحمر وغالباً كريات بيض، ويكون القياء خفيفاً وغير ثابت، ويشكو المريض من صداع جبهيٍّ مستمر في 75% من الحالات. ومع تقدّم المرض يشكو المريض من تخليطٍ ذهنيّ وهذيان وميل إلى النعاس وهيوجية irritability  ولاسيما في الأطفال، وقد تحدث آلام مفصلية خفيفة في عدّة مفاصل ويحدث الألم العجزي الظهري الغامض المبهم في 60% من الحالات، وقد يحدث سعال خفيف غير مؤثِّر.

وبالفحص الفيزيائي قد يظهر بطء قلب نسبة إلى درجة الحرارة خلال الأسبوع الأول، ومع تقدّم المرض تشاهد ملامح سمّيّة وغياب تعابير الوجه، ويكون اللسان مغطّى بطبقةٍ كتيمةٍ مع رائحة فم زنخة، ويكون البطن عجينيّاً مؤلماًً مع دفاعٍ بسيطٍ، والجلد جافّ مع تعرقٍّ بسيطٍ، وقد يبدو ارتكاس سحائي باكر في سير المرض.

وفي عدد قليل من المرضى قد تظهر البقع الوردية خلال الأسبوع الثاني (7-10 أيام) من المرض، يبلغ عددها 5-10 بقع، تقيس 2-4 ملم على البطن والظهر والصدر والجزء العلوي من الذراعين والفخذين، ويكون عددها أكبر في نظائر التيفية، وقد تستمر 2-3 أيام.

وقد يحدث الرعاف وقد يكون الطحال قابلاً للجسِّ ورخواً وممضّاً في بداية الأسبوع الثاني للمرض.   

تسير الحمى المعوية غير المعالجة سيراً مديداً مع استمرار ذرى الحمى لـ 39.5-40.5ْم مدة أكثر من أربعة أسابيع، ثم تتبدل الحالة الذهنية ويدخل المريض في سبات وسهاد، والانخفاض السريع في الحرارة أو الشحوب المفاجئ الشديد والقياء الشديد مما يوجه لحدوث مضاعفات هضمية كالنزف أو الانثقاب.

وفي بعض المناطق الجغرافية مثل إندونيسيا حيث التيفية متوطنة قد يحدث انسمام دموي وهذيان وسبات وصدمة.

والحمى المعوية في الأطفال لها بعض الخصوصية، فالسّير السريري يكون متبدلاً بشدّة، وقد يكون سيراً سريرياً من دون حمى في المرضى الواهنين، وتكون نسبة الإسهال أكثر من الإمساك، وقد توجد ذرى الحمى من اليوم الأول، مع زيادة نسبة التظاهرات السريرية الموضعة (ذات الرئة، أو التهاب الكلية)، ويكون السير السريري شديداً خلال النكس، والضخامة الكبدية تكون كبيرة لدى الرضع وكذلك نقص الصفيحات والمضاعفات الأخرى، وتكـون نسبة الوفاة أعلى في مرحلة الوليد.

الاختبارات التشخيصية

يشخص المرض بعزل السالمونيلا بالزرع من البراز والدم والبول ومن البؤر الموضعية للخمج، ويشخص التهاب المعدة والأمعاء بزرع البراز، وتستخدم حالياً اختبارات تشخيصية سريعة في بعض المخابر مثل المقايسة المناعية الأنزيمية enzyme immunoassay، وتراص اللاتكس latex agglutination ومسابر الـ  (DNA probes) DNA، والأضداد وحيدة النسيلة monoclonal antibodies.

ولتشخيص الحمى المعوية: يجب الاعتماد على القصّة والسّير السريري والموجودات السريرية والمنطقة الجغرافية، فالتبدلات المخبرية شائعة وغير نوعية وغالباً ما يوجد فقر دم سوي الصّباغ وسوي الكريّات، مع نقص كريات بيض ونقص عدلات وصفيحات وفيبرينوجين، مع ارتفاع الفوسفاتاز القلوية ولاكتات المصل وناقلات الأمين والكولسترول، وقد توجد بيلة بروتينية عابرة، ويجب أخذ زروع من عدة أماكن، ويبقى زرع نقي العظم هو الأفضل ولاسيما حين تناول الطفل صادات حيوية سابقاً، كما أن إيجابية زرع رشافة العفج حساسة مثل زرع رشافة نقي العظم.

يكون زرع الدم وزرع نقي العظم إيجابياً مع سلبية زرع البراز والبول خلال الأسبوع الأول في 90% من المرضى، وفي الأسابيع اللاحقة تتناقص إيجابية زروع الدم وتزداد نسبة إيجابية زروع البول والبراز.

وفيما يلي نسبة إيجابية الزروع من العينات المختلفة بوجه عام خلال سير الحمى المعوية: الدم (40-54%)، البول (7-10%)، البراز (35%)، نقي العظم (80-90%)، البقع الوردية (65%)، رشافة العفج (58-85%).

أما تفاعل فيدال فيكون إيجابياً بنسبة 160/1 بالنسبة إلى المستضد O أو ارتفاع أضداد الـ O أربعة أضعاف خلال الأسبوع الثاني للمرض.

ويرى بعضهم أن هذا التفاعل أصبح غير مُستطب لأنّ له إيجابيات وسلبيات كاذبة ولوجود استقصاءات مخبرية أحدث، مثل تقنية التفاعل السلسلي للبوليميراز (polymerase chain reaction) PCR والمقايسة المناعية الأنزيمية.

المعالجة

المعالجة بالصّادات غير مُستطبَّة في المرضى المصابين بالتهاب معدة وأمعاء غير غازي ناتج من أنواع السالمونيلا اللا تيفية لأنها لا تقصّر مدّة المرض، وقد تطيل مدة حمل الجرثوم، ومع أنّ فعاليتها غير مثبتة فإن المعالجة بالصادات مُستطبَّة في التهاب المعدة والأمعاء بالسالمونيلا في المرضى الذين يحملون خطورة الإنتان الغازي، وفي الرّضّع الذين تقل أعمارهم عن 3 أشهر، وفي المصابين بالتهاب معدة وأمعاء مزمن، وبالتنشؤات الخبيثة، أو بالأمراض الأخرى المثبطة للمناعة، ومرضى اعتلالات الخضاب، والـ HIV، وفي حالة التهاب القولون الشديد. والأدوية التي تعطى في مثل هذه الحالات هي: ampicillin، oxacillin، trimethoprim- sulfamethoxazole (TMP-SMX)، cefotaxime، ceftriaxone.

إن السلالات strains المكتسبة في البلدان النامية مقاومة عادة لعدة أنواع من الصادات لكنها حساسة لـ ceftriaxone أو cefotaxime أو الـ fluoroquinolones مثل ciprofloxacin) أو (ofloxacin. والفلوروكينولونات غير مستطبة في المرضى الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة إلاّ إذا كانت فائدة المعالجة تفوق المخاطر المحتملة لاستخدام الدواء.

إن مقاومة الـ S.typhimurium والـ S.newport للصادات آخذةٌ بالازدياد، إذ أن ثلث معزولات S.typhimurium مقاومة للـ ampicillin والـ chloramphenicol والـ streptomycin والـ sulfonamides والـ tetracycline، كما أن 11% تقريباً من S. newport  مقاوم على الـ ceftriaxone.

والأدوية الفعالة في الأخماج الغازية مثل الحمى المعوية، وتجرثم الدم بالسالمونيلا غير التيفية، والتهاب العظم والنقي، هي: ampicillin، amoxicillin، cefotaxime، ceftriaxone، TMP-SMX، chloramphenicol، fluoroquinolone.

ويستند في اختيار الدواء وطريقة إعطائه ومدة المعالجة إلى تحري الحساسية للصادات، ومكان الإنتان، والثوي host، والاستجابة السريرية.

ففي الحمى المعوية، وحسب التحسس للصادات، من المفيد إعطاء أحد الأدوية السابقة مدة 14 يوماً، وفي الحالات الشديدة تستطب المعالجة الخلالية.

   وفي الحمى المعوية الناتجة من سلالات مقاومة على الأمبيسيلين والكلورامفينيكول والتريميتوبريم - سلفا ميتوكسازول كما هو الحال في الهند والباكستان، تكون المعالجة المثالية بالسيفترياكسون مدة 7-10 أيام، أو بالسيبروفلوكساسين أو الأوفلوكساسين مدة 5-7 أيام، ويتطلب بعض المرضى أشواطاً علاجية طويلة، والنكس شائع وتستطب إعادة المعالجة في  النكس.

تمتد المعالجة 14 يوماً في الأخماج الغازية غير الموضعة مثل تجرثم الدم bacteremia، أو الحمى المعوية enteric fever الناتجة من أنواع من السالمونيلا اللاتيفية في أشخاص مؤهلين مناعياً immunocompetent أمّا في الخمج الموضع، مثل التهاب العظم والنقي والخراجات، وفي المرضى المصابين بالـ HIV فيجب أن تمتدّ فترة المعالجة إلى 4-6 أسابيع لمنع النكس، وفي التهاب السحايا بالسالمونيلا تكون مدة المعالجة بالـ ceftriaxone أو cefotaxime 4 أسابيع على الأقل. وبوجه عام فإن الاستجابة للصادات بطيئة نسبياً، إذ يمكن أن تستمر الحرارة عدة أيام حتى بعد شفاء تجرثم الدم. ويرى بعضهم أن TMP-SMX غير فعّال مثل الـ ampicillin والـ chloramphenicol في الحمى المعوية، ويبقى الجيل الثالث من السيفالوسبورينات فعّالاً ضد الـ S. typhi المقاومة للـ ampicillin والـ TMP-SMX، والـ chloramphenicol، كما يرى بعضهم أن cefoperazone أفضل من الكلورامفينيكول في معالجة الحمى المعوية.

وقد أدت معالجة الأطفال المصابين بسلالات مقاومة بجرعة10ملغ/كغ/يوم من الـ ofloxacin إلى هبوط حرارتهم بعد 3-5 أيام وشفائهم سريرياً بنسبة 94% من دون نكس أو حمل مزمن للعضويات، كما أظهرت الدراسات أن شوطاً قصيراً من المعالجة بـ ofloxacin بجرعة 5/ملغ/كغ يومياً، كان فعالاً وسليماً لعلاج الكهول والأطفال المصابين بسلالات متعددة المقاومة.

وقيل إن استخدام خافضات الحرارة في الحمى التيفية قد يكون ضاراً مع عدم وجود ما يفسر ذلك في تقارير الأعمال المجراة خلال الـ 30 سنة الأخيرة.

أمّا الستيروئيدات فقد تكون مفيدة في الحالات الشديدة من الحمى المعوية (هذيان، وذهول، وصدمة، وسبات)، ويجب أن يحتفظ بها للحالات الحرجة بشدة، وقد تكون منقذةً للحياة، ولكن من المحتمل أن تزيد نسبة النكس، وهي تعطى بجرعة عالية بدئية 3ملغ/كغ ثم ملغ/كغ كل6 ساعات لمدة 48 ساعة فقط.

وفي حالة الحمل المزمن للسالمونيلا التيفية (سنة أو أكثر) يمكن استئصال الجرثوم في بعض الأطفال بإعطاء جرعة عالية من الأمبيسيلين خلالياً، أو جرعة عالية من الأموكسيسيللين فموياً مع البروبنسيد probenecid، أمّا في الكبار فإن الـ ciprofloxacin هو الدواء المختار للتخلّص من هذه العضويات.

وقد يُستطَبُّ استئصال المرارة في بعض الحالات، ولاسيما حين وجود حصيات صفراوية تشكل بؤرة مرضية (nidus) وكانت هي السبب في فشل المعالجة الطبية الدوائية.

إجراءات الضبط والسيطرة على المرض

تتضمن اتّباع الطّرق الصّحيّة المناسبة في تحضير الطعام، وتأمين مياه الشرب الصحية، مع نشر ثقافة غسيل الأيدي، وتوفير الصرف الصحي السليم، واستبعاد الأشخاص المخموجين من التعامل اليدوي مع الأغذية، وتأمين الرعاية الصحية. كما يجب طهي البيض والأغذية الحيوانية المصدر جيداً، وتجنّب أكل البيض نيئاً والأطعمة الأخرى الحاوية عليه.

لقاح الحمى التيفية typhoid vaccine

1- أشكال اللقاح: تتوافر ثلاثة أنواع من اللقاحات ضد السالمونيلا التيفية، اللقاح الأول المعطَّل بالحرارة والفينول ويُعطى زرقاً تحت الجلد ويؤدي إلى حماية محدودة (51-67%) وله تأثيرات جانبية غير مرغوبة، كالحمى والارتكاسات الموضعية والصداع في 25% من متلقيه، وهو مرخّص للاستخدام دون عمر الـ 6 أشهر. تُعطى جرعتان منه 0.25 مل لعمر 6 أشهر إلى 10 سنوات و 0.5 مل للأشخاص < 10 سنوات بفاصل 4 أسابيع أو أكثر  والجرعات الداعمة منه ضرورية كل 3 سنوات.

واللقاح الثّاني مستحضر يحتوي الذّرّيّة الحية المضعفة Ty21a من السالمونيلا التيفية، وقد أظهرت الدراسات أن فائدته راوحت بين 67 و82%، وتُعطى 4 محافظ منه، بمعدل محفظة كل يومين، يجب أن تؤخذ مع سائل بارد أقل من 37 درجة مئوية، قبل الطعام بساعة تقريباً، ويجب أن يحتفظ باللقاح في البراد. ويُكرّر التلقيح كل 5 سنوات، وآثاره الجانبية نادرة، وهو لا يُعطى للأطفال بعمر أقل من 6 سنوات لنقص المعلومات حوله في هذا العمر، وقد لا يستجيب له بعض الرضع والدارجين.

والنوع الثالث من اللقاح يحضّر من عديد السّكاريد المحفظي (ViCPS) vi capsular polysaccharide vaccine، ويمكن استخدامه للأشخاص بعمر سنتين أو أكثر، ويُعطى حقناً في العضل بجرعة وحيدة مع إعطاء جرعة داعمة كل سنتين، وهو مكوّن من جرعة واحدة 0.5 مل.

2- استطباب إعطاء اللقاح: يُعطى لقاح الحمى المعوية للمسافرين إلى مناطق يتوطّن فيها المرض، وعلى هؤلاء المسافرين أن يعلموا أن لقاح التيفية لا يغني عن الحذر في انتقاء الماء والطعام واتباع وسائل النظافة الشخصية، كما يُعطى اللقاح للأشخاص المماسين بشكل صميمي لحامل سالمونيلا تيفية مثبت (كالتماس ضمن العائلة)، ولعمال المخابر المماسين للسالمونيلا التيفية لفترات طويلة.

والمعلومات ناقصة حول فعالية اللقاح لمن تقل أعمارهم عن السنتين، وليس ما يدل على أن الإرضاع الوالدي ومستحضرات الحليب الاصطناعي يمكن أن تقي من خمج التيفية في مناطق توطن الداء، ولا على مدى سلامة اللقاح في المرأة الحامل.

يشكل حدوث ارتكاسٍ جهازيّ أو موضعي شديد بعد الجرعة البدئية للقاح التيفية  مضاد استطباب لإعطائه خلالياً، كما يجب عدم إعطاء لقاح Ty21a للأشخاص مضعفي المناعة بما في ذلك HIV لأنه حيّ مضعف، وبما أنّ اللقاح Ty21a يتطلب التكاثر في الأمعاء ليصبح فعالاً فإنه يجب ألاّ يُعطى خلال فترة التهاب المعدة والأمعاء.

ولما كانت مضادات الملاريا تثبط  نمو سلالات Ty21a في الزجاج، يوصى بعدم إعطاء مضادات الملاريا مع لقاح الـ Ty21a في الوقت نفسه، والأدوية الأخرى يجب كذلك أن تُعطى بعد 10 أيام أو أكثر من إعطاء الجرعة الرابعة من اللقاح.

كما يجب تجنّب إعطاء الصادات لمدة 7 أيام قبل إعطاء الجرعة الأولى من لقاح الـ Ty21a وبعد 7 أيام من إعطاء الجرعة الرابعة.

3- الآثار الجانبيّة للقاحات: قد تنتج من لقاح Ty21a بعض الارتكاسات الجانبية غير المرغوبة البسيطة، مثل عدم ارتياح بطني وغثيان وقياء وحمى وصداع وطفح جلدي وحكّة، أمّا لقاح الـ ViCPS فقد تنتج منه بعض الآثار البسيطة، مثل الحمى (1%) والصداع (1.5-3%) وارتكاسات موضعيةٍ على هيئة احمرار أو قساوة بقطر 1سم أو أكثر.

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 101
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 546
الكل : 31277237
اليوم : 25425