logo

logo

logo

logo

logo

التهاب السحايا

التهاب سحايا

meningitis - méningites



التهاب السحايا

هاني مرتضى

البزل القطني
 

التهاب السحايا meningitis أحد أخطر الأخماج التي تصيب الرضّع والأطفال الأكبر عمراً، حدوث المضاعفات الحادة فيه كثير جداً مع خطورة حدوث مراضة طويلة الأمد، واحتمال حدوث التهاب السحايا الجرثومي عالٍ بوجه عام في الرضع المحمومين febrile infants، لذا ينبغي وضعه في التشخيص التفريقي في الأطفال المصابين بحمى مع تبدل الحالة الذهنية أو مع أدّلة أخرى على اضطراب الوظيفة العصبية.

السببيات:

تختلف أسباب التهاب السحايا في الوليد (منذ الولادة حتى اليوم الثامن والعشرين من العمر) عنها في الرّضّع الأكبر عمراً والأطفال، فالجراثيم التي تسبب التهاب السحايا في الولدان هي جراثيم النبيت flora المعدي المعوي والبولي التناسلي في الأم والبيئة التي يتعرّض لها الوليد، وتشمل المكورات العقدية من المجموعة B و streptococci D والمكوّرات المعوية enterococci والعصيات المعوية سالبة الغرام gram negative enteric Bacilli (كالكليبسلة klebsiella)، والاشريكية القولونية والليستيريا المستوحدة listeria monocytogenes.

أكثر أسباب التهاب السحايا شيوعاً في الولدان، هي المجموعة B من المكورات العقديّة ثمّ الأشريكية القولونية وتبقى المجموعة B وD من المكورات العقدية والليستيريا عوامل ممرضة مهمة حتى الشهر الثالث من العمر، وفي الوقت نفسه تصبح أخماج الجملة العصبية المركزية المسببة بالعقديات الرئوية streptococcus pneumoniae، والنايسيريات السحائيـة neisseria meningitides والمستدميات النزلية نمط B (haemophillus influenza-b) أكثر انتشاراً.

وقد أصبح التهاب السحايا الذي تسببه العقديات الرئوية أو المستدميات النزلية أقل شيوعاً في البلدان المتطورة بسبب إدخال برامج التلقيح الشامل ضد العوامل الممرضة. ولكن يجب الانتباه للخمج الذي يسببه هذان العاملان في الأشخاص الملقحين تلقيحاً غير كامل، أو في البلدان النامية.

كما تزداد خطورة الإصابة بالتهاب السحايا في المصابين باضطراب مستبطن underlying disorder مناعيّ (كاضطراب وظيفة الطحال، والخمج HIV)، أو تشريحي (كخلل قوقعي cochlear defect، أو الغرسات implants).

كما أن تبدلات دفاع المضيف لأسباب تشريحية أو أعواز مناعية Immune Deficits قد تزيد خطر التهاب السحايا بعوامل ممرضة أقل شيوعاً، مثل الزائفة الزنجارية   pseudomonas aeruginosa (العصيات الزرق) والعنقوديات المذهبة staphylococcus aureus، والعنقوديات سالبة الكواغولاز coagulase -negative staphylococci، والسالمونيلا واللستريا المستوحدة.

الوبائيات:

عامل الخطورة الأكبر لالتهاب السحايا هو فقدان المناعة تجاه عوامل ممرضة معينة، كما في الأعمار الصغيرة، مع أخطار إضافية تشمل استعماراً حديثاً recent colonization بجراثيم ممرضة، والتماس الصميم close contact (التماس المنزلي، ومراكز الرعاية اليومية، والسكن الجامعي، والثكنات العسكرية) مع المرضى المصابين بأمراض غازية invasive disease ناتجة من النايسيريات السحائية والمستدميات النزلية النمط B، والازدحام، والفقر، والعرق الأسود، والأمريكيين الأصليين، والجنس المذكّر.

وينجم عن اضطرابات وظيفة الطحال (فقر الدم المنجلي sickle cell anemia) أو غياب الطحال (بسببٍ رضّي أو خلقي) زيادة خطر الإصابة بإنتان دم أو التهاب سحايا بالمكورات الرئوية أو المستدميات النزلية ونادراً بالسحائيات. وعوز اللمفاويات التائية T- lymphocyte (الخلقي أو المكتسب بالعلاج الكيميائي، أو الـ AIDS، أو الخباثة) يؤدي إلى زيادة خطر أخماج الجملة العصبية المركزية بالليستيريا المستوحدة.

ويزيد خطر حدوث التهاب السحايا بالمكورات الرئوية بتسرب السائل الدماغي الشوكي (CSF leak) الخلقي أو المكتسب عبر الحاجز الجلدي المخاطي، كما في: نقص التصنّع الوجهي على الخط المتوسط (الصفيحة المصفوية للعظم الغربالي cribriform plate) أو ناسور الأذن الداخلية (النافذة البيضية oval window)، والقناة السمعية الداخليّة internal auditory canal، والمسال القوقعي (الحلزوني) cochlear aqueduct أو بتسرب السائل الدماغي الشوكي عبر تمزّق السحايا بسبب كسر قاعدة الجمجمة بمستوى الصفيحة المصفوية أو الجيوب جانب الأنفية .

1- التهاب السحايا بالمكورات العقدية الرئوية streptococcus pneumoniae: تبدلت وبائيات الأخماج التي تسببها المكورات الرئوية تبدلاً مثيراً بسبب استعمال اللقاح المقترن عديد سكريد - بروتين المكورات الرئوية (protein-polysaccharide pneumococcal conjugate) استعمالاً واسعاً.

ينصح بإعطاء هذا اللقاح لجميع الأطفال من عمر أقل من 24 شهراً، ويستهدف التمنيع هذه المجموعة بسبب وقوع ذروة أخماج المكورات الرئوية الغازية في السنتين الأوليين من العمر، ويزداد معدل الخمج في الأطفال المصابين بغياب الطحال بسبب وظيفي (فقر الدم المنجلي) أو تشريحيّ، والأطفال المخموجين بـ HIV.

تشمل عوامل الخطر الإضافية لالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية التهاب الأذن الوسطى، والتهاب الجيوب، وذات الرئة، وسيلان السائل الدماغي الشوكي الأنفي أو الأذني، وزرع القوقعة (الحلزون)، وداء «الطعم ضد الثوي» المزمن الذي يتلو زرع نقي العظم.

2- التهاب السحايا بالنايسيريات السحائية neisseria meningitides: تنجم الآفة عن خمس مجموعات مصلية من المكورات السحائية (W135, Y, C, B, A)، والتهاب السحايا بالمكورات السحائية قد يكون فرادياً أو وبائياً. تحدث الحالات على مدى السنة، ولكن قد تكون أكثر شيوعاً في الشتاء والربيع وتتلو أخماج الطرق التنفسية.

3- التهاب السحايا بالمستدميات النزلية النمط ب haemophilus influenza type B: كانت المستدميات النزلية السبب في نحو 70% من حالات التهاب السحايا المسجلة في السنوات الخمس الأولى من العمر قبل التلقيح الشامل، وتحدث الأخماج الغازية بها بصورة رئيسة في الرضع من عمر شهرين مع ذروة حدوث في عمر 6-19 شهراً، وتحدث 50% من الحالات في السنة الأولى من العمر، ويزداد خطر إصابة الأطفال زيادة لافتة حين التَّماس، في العائلة أو في مراكز الرعاية اليومية، مع مرضى مصابين بالمستدميات النزلية نمط ب.

وأكثر المعرضين للإصابة هم الأشخاص الملقحون تلقيحاً غير كامل، والأطفال غير الملقحين في البلدان النامية، والأشخاص الذين لديهم استجابة مناعية ضعيفة للقاح (الأطفال المصابون بخمج HIV).  

الفيزيولوجية المرضية:

تنتشر النتحة القيحية السحائية بسماكة مختلفة عبر الأوردة المخيّة والجيوب الوريدية، وقد يحدث التهاب البطينات بالجراثيم (أكثر شيوعاً في الولدان)، وكذلك الانصباب تحت الجافية ونادراً ما تحدث الدبيلة empyma (تقيّح تحت الجافية).

وقد يحدث التهاب الأوعية وخثار الأوردة القشرية الصغيرة وانسداد الجيوب الوريدية الكبرى، وقد يؤدي تنخّر الشرايين إلى نزف تحت عنكبوتي. ينتج الاحتشاء الدماغي من الالتهاب، وتشنّج الأوعية والخثار، وهي عقابيل شائعة، ويراوح حجم الاحتشاء من مجهري إلى شامل لكامل نصف الكرة المخيّة.

يؤدي التهاب الأعصاب الشوكية وجذورها إلى علامات سحائية، ويؤدي التهاب الأعصاب القحفية إلى اعتلال الأعصاب المحرك العيني (CN III)، والوجهي (CN VII) والسمعي (CN VIII)، كما يؤدي ارتفاع الضغط داخل القحف إلى شلل العصب المحرّك العيني بسبب ضغط الفص الصدغي للعصب أثناء الانفتاق عبر الخيمة المخيخية، وقد يكون شلل العصب المبعّد علامة غير موضّعة لارتفاع الضغط داخل القحف.

يسبب ارتفاع الضغط داخل القحف موت الخلية (وذمة مخّيّة خلويةٍ سمّيّةٍ)، ويرافق ذلك وذمة مخّيّة خلالية ووعائية.

ويحدث انخفاض مستوى غلوكوز السائل الدماغي الشوكي بسبب انخفاض مرور الغلوكوز عبر النسيج الدماغي.

قد يؤدي الانسداد الوعائي الموضّع أو المنتشر (احتشاء، أو نخر، أو حماض لبني) ونقص الأكسجة، إلى أذيّة القشر المخي، وتؤدي بعض العوامل ــــ الغزو الجرثومي (التهاب المخ)، واعتلال الدماغ السمّي (سموم جرثومية)، وارتفاع الضغط داخل القحف، والتهاب البطينات، والنتح transudation (انصباب تحت الجافية subdural effusions) ــــ إلى تظاهرات سريرية كتبدّل الوعي impaired consciousness، والاختلاجات، وشلول الأعصاب القحفية، والاضطرابات الحسية والحركية وإلى تأخر التطور الروحي والحركي بعد ذلك.

الإمراضية:

ينتج التهاب السحايا الجرثومي غالباً من انتشار الأحياء الدقيقة انتشارا دموياً بعيداً عن مكان الخمج ويسبق تجرثمُ الدّم bacteremia عادة التهابَ السحايا، أو يحدث مع الاستعمار الجرثومي للبلعوم الأنفي nasopharynx بالعوامل الممرضة الكامنة الذي يعد المصدر الاعتيادي لتجرثم الدم، وقد يكون المصدر حمل الجراثيم المستعمِرة حملاً مديداً من دون مرض، أو الغزو الجرثومي السريع بعد الاستعمار، ويدعم وجود الخمج التنفسي العلوي الفيروسي عمل الجراثيم المسببة لالتهاب السحايا.

تصل الجراثيم إلى السائل الدماغي الشوكي من خلال الضفيرة المشيمية choroid plexus للبطينات الجانبية والسحايا وتتكاثر بسرعة بسبب عدم كفاية تركيز المتممة والأضداد ضمن السائل الدماغي الشوكي لاحتواء التكاثر الجرثومي، ثم تحرّض العوامل الجاذبة كيمائياً chemotactic factors على حدوث تفاعل التهابي موضعي local inflammatory response يتصف برشاحة خلوية كثيرة النوى (PMNs).

التظاهرات السريرية:

نزوف أنفية متكررة ونزوف حبرية في الملتحمة
 والجلد لدى صبي مصاب بالتهاب السحايا
التهاب السحايا بالمكورات السحائية: هذا الطفل فاقد للوعي ويعاني حبراً واسعاً وكدمات.
وتحدث مثل هذه الحالات في التهاب السحايا الناجم عن أسباب أخرى

يبدأ التهاب السحايا الحاد بشكلين رئيسين: الشكل الأول أكثر عنفاً- ولحسن الحظ هو الأقل شيوعاً- يتجلّى ببدء مفاجئ مع ترقي سريع لمظاهر الصدمة shock (الفرفرية purpura، والتخثر المنتشر داخل الأوعية DIC وتدهور مستوى الوعي مع تطور الحالة إلى السبات coma أو الموت خلال 24 ساعة). والشكل الثاني أكثر شيوعاً يُسبّق فيه التهاب السحايا بالحمى مع أعراض معدية معوية أو تنفسية علوية تتبعها العلامات غير النوعية لخمج الجملة العصبية المركزية (CNS) مثل زيادة التثبّط والوسن lethargy أو الهيوجية irritability.

تعود علامات التهاب السحايا وأعراضه إلى الموجودات غير النوعية للخمج الجهازي وتظاهرات التخريش السحائي، وتتضمن الموجودات غير النوعية الحمى، ونقص الشهية، وضعف الرضاعة، والصداع، وأعراض خمج تنفسي علوي، والألم العضلي myalgias، والآلام المفصلية، وتسرع القلب، وهبوط الضغط، وعلامات جلدية متنوعة، مثل الحبرات petechiae، والفرفريات purpura، أو الطفح البقعي الحمامي erythematous macular rash. ويتظاهر التخريش السحائي في صلابة النقرة، وألم الظهر، وعلامة Kering (عطف الورك 90 درجة مع حدوث الألم ببسط الساق)، وعلامة برودزنسكي Brudzinski sign (عطف الركبتين والوركين لاإرادياً بعد عطف العنق السلبي المنفعل passive flexion بوضع الاستلقاء)، ولا تظهرهاتان العلامتان على نحو ثابت في بعض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12-18 شهراً.

ويمكن التفكير في ارتفاع الضغط داخل القحف بوجود الصداع، والقياء، وانتباج اليوافيخ، أو اتساع الدروز القحفية، وشلل العصب المحرك العيني CN III أو المبعد CN VI (تفاوت الحدقتين anisocoria، والإطراق ptosis)، وارتفاع الضغط مع تباطؤ القلب، وتوقف التنفس أو فرط التهوية ووضعية فصل المخ decerebrate أو فصل القشر decorticate، والذهول والسبات، أو علامات الانفتاق، أما وذمة حليمة العصب البصري فلا تعد علامة شائعة في التهاب السحايا غير المتضاعف وتدل على حالة أكثر إزماناً، كوجود خراجة داخل القحف أو انصباب قيحي تحت الجافية، أو انسداد الجيوب الوريدية ضمن الأم الجافية (dural venous sinus).

وتظهر العلامات العصبية الموضعة عادة بسبب الانسداد الوعائي، وقد يكون الالتهاب الموضعي هو السبب في اعتلال الأعصاب القحفية: المحرك العيني، والمبعّد، والوجهي، والسمعي.

تظهر علامات عصبية موضعة في نحو (10-20%) من الأطفال المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي، كما تظهر الاختلاجات (المعممّة أو الموضعّة) بسبب التهاب المخ، أو الاحتشاء، أو الاضطرابات الشاردية وهي تحدث في (20-30%) من مرضى التهاب السحايا، والاختلاجات التي تحدث حين البدء أو خلال الأيام الأربعة الأولى لا شأن لها في الإنذار، أمّا الاختلاجات التي تستمّر بعد اليوم الرابع للمرض أو التي تكون صعبة المعالجة فقد يكون فيها الإنذار سيئاً.

وتبدل الحالة الذهنية شائع في المرضى المصابين بالتهاب سحايا، وقد يعود إلى فرط الضغط داخل القحف أو التهاب المخ، أو انخفاض الضغط الشرياني، وتتضمن التظاهرات السريرية فرط الاستثارة والهيوجية، والوسن lethargy، والذهول stupor والسبات، والإنذار في المرضى المسبوتين سيئ. وتتضمن التظاهرات الأخرى لالتهاب السحايا الخوف من الضياء photophobia، والبقع أو اللطاخات المخية tache cerebral ــــ التي تظهر بضرب الجلد بوساطة أداة كليلة ــــ على هيئة خط أحمر مرتفع خلال 30-60 ثانية.

التشخيص

يُشخص التهاب السحايا القيحي الحاد بتحليل السائل الدماغي الشوكي الذي تظهر فيه بشكل نموذجي الأحياء الدقيقة بتلوين غرام وبالزرع، وزيادة الكريات البيض مع سيطرة العدلات وارتفاع البروتين، وانخفاض تركيز الغلوكوز، ويجب إجراء البزل القطني حين الشك بالتهاب السحايا الجرثومي.

وتشمل مضادات استطباب إجراء البزل القطني الفوري:

1- وجود دليل على ارتفاع الضغط داخل القحف ICP (إضافة إلى انتباج اليوافيخ) مثل شلل الأعصاب القحفية III وVI مع انخفاض مستوى الوعي أو ارتفاع الضغط وتباطؤ القلب والاضطرابات التنفسية.

2- التثبط القلبي التنفسي الشديد الذي يستدعي إجراءات مناسبة سريعة لتدبير الصدمة، أو في المرضى الذين ستؤدي وضعية البزل القطني فيهم إلى زيادة تثبطٍّ الوظيفة الرئوية القلبية.

3- الخمج الجلدي مكان البزل القطني.

ومع تأجيل البزل القطني لا ينبغي تأجيل بدء المعالجة، إذ يجب البدء بالتغطية  بالصادات، وإجراء التصوير المقطعي المحوسب لكشف دليل على وجود خراجة دماغية أو ارتفاع الضغط داخل القحف، وبعد علاج ارتفاع الضغط داخل القحف ونفي خراجة الدماغ، أو ورم الدماغ، يمكن إجراء البزل القطني. كما يجب إجراء زرع الدم في جميع حالات الشك بالتهاب السحايا إذ يظهر زرع الدم الجراثيم المسؤولة عن الالتهاب في (80-90%) من الحالات.

البزل القطني

يكون عدد الكريات البيض في المليمتر المكعب الواحد من السائل الدماغي الشوكي في الولدان الطبيعيين غير المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي أو الڤيروسي أقل من 10 كريات، ويكون في الأطفال الأكبر سناً أقل من 5 كريات مع سيطرة اللمفاويات أو وحيدات النوى في هاتين المجموعتين العمريتين. ويرتفع عدد الكريات البيض في السائل الدماغي الشوكي في التهاب السحايا الجرثومي إلى أكثر من 1000 كرية/ملم3 مع سيطرة العدلات (75- 95%)، ويصبح السائل الدماغي الشوكي عكراً منذ تجاوز عدد الكريات البيض فيه 200-400/ملم3، وقد يكون عدد الكريات البيض أقل من 250 كرية/ملم3 في 20% من المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي الحاد، وقد لا يزيد عدد الكريات البيض في دم المرضى المصابين بإنتان دم شديد sepsis والتهاب سحايا، وهي علامة إنذاريه سيئة. وقد يزيد عدد الكريات البيض مع سيطرة اللمفاويات في المرحلة الباكرة لالتهاب السحايا الجرثومي الحاد أو على العكس يزيد عدد الكريات البيض على حساب العدلات في المراحل الباكرة لالتهاب السحايا الفيروسي الحاد، ويحدث الزَيحان shift نحو سيطرة اللمفاويات - وحيدات النوى في التهاب السحايا الڤيروسي على نحو ثابت خلال (8-24) ساعة من البزل القطني البدئي.

وتكمن صعوبة التشخيص في الأطفال الذين عولجوا بالصادات قبل مراجعتهم - وتقدر نسبتهم بنحو (25-50%) من المراهقين- لتأثير هذه الصادات في موجودات السائل الدماغي الشوكي.

ويعقّد البزل القطني الرضّي أيضاً تشخيص التهاب السحايا، ومع أن كمية الدم قد تكون أقل إذا أعيد البزل في مستوى أعلى فإنه يحتوي أيضاً كريات دم حمراً مما يؤثر في  تفسير نتائج عدد الكريات البيض وتركيز البروتين في السائل، ومن الأفضل في هذه الحالات الاعتماد على نتائج الفحص الجرثومي للسائل الدماغي الشوكي .

التشخيص التفريقي:

هناك العديد من الأحياء الدقيقة - إضافة إلى المكورات العقدية الرئوية والنايسيريات السحائية والمستدميات النزلية النمط ب - قد تسبّب خمجاً معمماً في الجملة العصبية المركزية مع تظاهرات سريرية مشابهة وتشمل هذه الأحياء الدقيقة جراثيم أقلُّ نموذجية، مثل المتفطّرات الدرنيّة، واللولبية الشاحبة (الأفرنجي syphilis) والفطور fungi والطفيليات مثل المقوّسّات القندية toxoplasma gondii، والأكثر شيوعاً الڤيروسات كالڤيروسات المعوية وڤيروسات الحلأ البسيط والڤيروس المضخم للخلايا (CMV) cytomegalovirus، وڤيروس ابشتاين بار والحماق والحصبة الألمانية والنكاف والڤيروسات التنفسية.

والأخماج الموضعّة في الجملة العصبية المركزية - مثل خراجة الدّماغ وخراجة جانب السحايا (تقيّح تحت الجافية وخراجات فوق الجافية الشوكية والقحفية) - قد تشتبه بالتهاب السحايا، إضافة إلى أن الأدواء غير الخمجية قد تسبّب التهاباً معممّاً في الجملة العصبية المركزية، وهذه الاضطرابات غير شائعة وتشمل الخباثة والمتلازمات الوعائية الغرائية، والتعرض للسموم.

ويسهّل تحديد السبب النوعي لخمج الجملة العصبية المركزية فحص السائل الدماغي الشوكي فحصاً دقيقاً باستعمال ملونات خاصة وبالفحص الخلوي cytology، وكشف المستضدات والفحوص المصلية serology، وتفاعل البولبميراز السلسلي (PCR) polymerase chain reaction. ومن الاختبارات التشخيصية القيمّة الأخرى زرع الدّم وتصويـر الدماغ المقطعي المحوسب (C.T) أو الرنين المغنطيسي (MRI)، وخزعة الدماغ brain biopsy نادراً.

العلاج:

تعتمد المقاربة العلاجية حين الشك بالتهاب سحايا جرثومي على طبيعة التظاهرات البدئية initial manifestations للمرضى، فالطفل المصاب بمرضِ مترقٍّ بسرعة (خلال أقل من 24 ساعة) بدون ارتفاع الضغط داخل القحف يجب أن يعطى الصادات بأسرع ما يمكن بعد إجراء البزل القطني، وأما حين وجود علامات ارتفاع الضغط داخل القحف، أو علامات عصبية بؤريّة، فيجب إعطاء الصادات بدون إجراء البزل القطني وقبل إجراء التصوير المقطعي المحوسب للدماغ، ويجب أن يعالج فرط الضغط القحفي بالتزامن مع المعالجة الفورية لقصور الأعضاء المتعدّد multiple organ system failure والصدمة، ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS) acute respiratory distress syndrome.

أما المرضى الذين يسير فيهم المرض سيراً تحت الحاد فيجب تقييم وضعهم خلال (4-7 أيام) بالتفتيش عن علامات ارتفاع الضغط داخل القحف والإصابات العصبية الموضّعة، فالصداع أحادي الجانب، ووذمة حليمة العصب البصري papilledema، والعلامات الأخرى لارتفاع الضغط داخل القحف تشير إلى آفة موضّعة، مثل خراجة فوق الجافية أو خراجة دماغية أو انصباب قيحي تحت الجافية subdural empyema، وفي هذه الحالات يجب البدء بالعلاج بالصادات  قبل البزل القطني أو إجراء التصوير المقطعي للدماغ، وحين لا تشاهد علامات أكيدة لفرط الضغط داخل القحف يجب إجراء البزل القطني.

1- المعالجة البدئية بالصادات: الخيار البدئي التجريبي empirical لمعالجة التهاب السحايا في الرّضّع أسوياء المناعة وفي الأطفال يعتمد بصورة رئيسة على نماذج الاستجابة للصادات antibiotic susceptibilities من قبل المكورات الرئوية. تختلف نسبة مقاومة المكورات الرئوية للصادات بين منطقة جغرافية وأخرى، إلا أن نسبة المقاومة آخذه في الازدياد في العالم كله، ففي الولايات المتحدة مثلا شوهد أن 25-50% من ذراري المكورات الرئوية مقاومة حالياً للبنسيلين، كما أن المقاومة على cefotaxime و ceftriaxone مثبتة في 25% من الحالات.

- واعتماداً على معدل أو مجال مقاومة المكورات الرئوية على أدوية (bβ- lactam) ينصح باستعمال vancomycin (60 ملغ/كغ/24 ساعة كل 6 ساعات)  كجزء من المعالجة البدئية.

- ولأن أدوية الجيل الثالث من السيفالوسبورينات فعّالة في علاج التهاب السحايا الناتج من المكورات الرئوية الحسَّاسة والمستدميات النزلية النمط ب؛ فإنه يجب استخدام cefotaxime (200 ملغ/كغ/24 ساعة كل 6 ساعات) أو ceftriaxone (100 ملغ/كغ/يوم مرة واحدة أو 50 ملغ/كغ/الجرعة تعطى كل 12 ساعة) كمعالجة تجريبية بدئية.

- ويعالج المرضى المتحسّسون للصّادات من مجموعة bβ- lactam وتزيد أعمارهم عن شهر بـ chloramphenicol 100 ملغ/كغ/يوم تعطى كل 6 ساعات بشكل بديل.

- وحين الاشتباه بخمج الليستيريا، يجب إعطاء الأمبيسيللين ampicillin (200 ملغ/كغ/24 ساعة كل 6 ساعات) لأن cephalosporins غير فعالة ضدّ الليستيريا، كما أن SMX- TMP وريدياً علاج بديل لليستيريا المستوحدة L.monocytogenes.

 - وحين الشك بالتهاب سحايا جرثومي بسلبيات الغرام في مريض مضعف مناعياً يجب أن يشمل العلاج البدئي  ceftazidime و aminoglycoside.

2- مدّة المعالجة بالصّادات: معالجة التهاب السحايا غير المتضاعف بالمكورات الرئوية الحساسة للبنسيلين يجب أن يستمر 10-14 يوماً بـ سيفالوسبورين - (جيل ثالث) أو بنسيلين وريدياً (400 ألف وحدة /كغ/24 ساعة تُعطى كل 4-6 ساعات)، وإذا كانت الجراثيم المعزولة مقاومة للبنسيلين وللجيل الثالث من السيفالوسبورين - فيجب المعالجة بـ vancomycin.

ويعد إعطاء البنسلين وريدياً بجرعة (400ألف وحدة/كغ/24 ساعة) 5-7 أيام المعالجة المختارة لالتهاب السحايا بالنايسيريات السحائية.

والتهاب السحايا بالمستدميات النزلية ب المتضاعف يعالج 7-10 أيام، أمّا الأطفال الذين تناولوا صادات  فموية أو وريدية قبل البزل القطني والذين ليس لديهم عامل ممرض محدّد ولكن يدل فحص السائل الدماغي الشوكي فيهم على وجود خمج جرثومي حاد فيجب معالجتهم بـ ceftriaxone أو cefotaxime مدة 7-10 أيام، وإذا ظهرت العلامات البؤرية أو لم يستجب الطفل للعلاج فقد يكون السبب حدوث بؤرة جانب سحائية parameningeal focus ويجب معها إجراء تصوير مقطعي محوسب للدماغ أو التصوير بالرنين المغنطيسي لوضع التشخيص.

ولا يستطب إعادة البزل القطني منوالياً في المرضى المصابين بالتهاب سحايا غير متضاعف وناتج من مكوّرات رئوية حسّاسة للصادات أو نايسيريات سحائية، أو مستدميات نزلية ب.

إن التهاب السحايا بالاشريكيات القولونية ــــ eescherehieae coli أو بالزائفة الزنجارية pseudomonas aeruginosa يتطلب المعالجة بسيفالوسبورين ــــ جيل ثالث فعّال ضدّ الجراثيم المعزولة في الزجاج in vitro، ومعظم الاشريكيات القولونية التي تمَّ عزلها حسّاسة لـ cefotaxime أو ceftriaxone ومعظم الزائفات الزنجارية حسّاسة لـ ceftazidime.

والتهاب السحايا بالعصيات سالبة الغرام يجب أن يعالج ثلاثة أسابيع أو على الأقل  أسبوعين بعد تعقيّم السائل الدماغي الشوكي الذي قد يتم بعد يومين حتى عشرة أيام من العلاج.

3- الستيروئيدات القشرية corticosteroids: يعقّم قتل الجراثيم السريع السائل الدماغي الشوكي بشكل فعال، ولكنّه يحرّر منتجات سامة للخلايا ونتيجة لذلك تتشكل الوذمة، وقد يؤدي إلى اشتداد العلامات والأعراض العصبية، لذلك فإن العوامل التي تحدّ من إنتاج الوسائط الالتهابية قد تكون ذات فائدة في المصاب بالتهاب السحايا الجرثومي.

وثبتت فائدة استخدام dexamethazone وريدياً بجرعة 0.15 ملغ/كلغ/، تعطى كل 6 ساعات مدة يومين في علاج الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 6 أسابيع والمصابين بالتهاب سحايا جرثومي حاد بالمستدميات النزلية ب  HIB. أمّا فائدة استخدام الستيروئيدات القشرية في علاج الأطفال المصابين بالتهاب السحايا بالجراثيم الأخرى فغير مثبتة بعد.

وللعلاج بالستيروئيدات القشريّة بعض المضاعفات تشمل النزف المعدي المعوي وارتفاع الضغط وارتفاع غلوكوز الدم وزيادة الكريات البيض، وعودة الحرارة إلى الارتفاع بعد الجرعة الأخيرة من الستيروئيدات.

4- الرّعاية الدّاعمة: من الواجب تقييم المرضى المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي تقييماً طبياً وعصبياً متكرراً لأنه أمر أساسي لتحديد العلامات الباكرة للمضاعفات العصبية المركزية والقلبية الوعائية والاستقلابية، ويشمل التقييم الطبي معدّل النبض، وضغط الدم، ومعدّل التنفس، ويشمل التقييم العصبي منعكسات الحدقتين، ومستوى الوعي، والقوى الحركية، وفحص الأعصاب القحفية والاختلاجات، ويجب تكرار التقييم خلال الـ 72 ساعة الأولى من الإصابة، حين تكون خطورة المضاعفات العصبية أكبر.

 أما الدراسات المخبريّة المهمة فتشمل تقييماً للبولة الدموية، وصوديوم المصل، والكلور، والبوتاسيوم، ومستوى البيكربونات، والصادر البولي وكثافة البول النوعية، وتعداد كريات الدم والصفيحات، وحين وجود الحبرات petechiae والفرفريات urpura أو النزف غير الطبيعي يجب قياس وظيفة التخثر (فيبرينوجين، بروثرومبين، زمن الثرمبوبلاستين الجزئي PTT, PT). ويجب ألاّ يتلقى المرضى في البدء أي شيء عن طريق الفم، والمرضى المصدومون أو لديهم ارتفاع الضغط داخل القحف، والمسبوتون والمصابون باختلاجات معنّدة، يحتاجون إلى مراقبة مشددة مع خط وريدي وشرياني مركزي ومراقبة العلامات الحيوية على نحو متكرر مع ضرورة معالجتهم في وحدة العناية المشددة الخاصة بالأطفال.

قد يحتاج المرضى المصابون بصدمة خمجية إلى إنعاش بالسوائل مع العوامل الفعّالة وعائياً vasoactive agents، مثل دوبامين، والابينفرين، والهدف من هذه المعالجة في المصابين بالتهاب السحايا هو تجنّب الزيادة المفرطة في السائل الدماغي الشوكي من دون خفض الجريان الدموي وإيصال الأكسجين للأعضاء الحيوية.

5- المضاعفات: تتضمن المضاعفات الحادة خلال علاج التهاب السحايا الاختلاجات وارتفاع الضغط داخل القحف، وشلول الأعصاب القحفية، والسكتات (stroke)، والانفتاق المخي أو المخيخي cerebral or cerebellar herniation، وخثار الجيوب الوريدية ضمن الجافية، وتجمع السائل في المسافة تحت الجافية (10-30%)، وهو لاعرضي في (85-90%) من المصابين، والانصباب تحت الجافية شائع خاصة لدى الرضع، وقد يؤدي إلى انتباج اليافوخ وافتراق الدروز وزيادة محيط الرأس، والقياء، والاختلاجات، والحمى، مع نتيجة شاذة لاختبار الشفوفية القحفية cranial transillumination، ويثبت تشخيص الانصباب تحت الجافية بالتصوير المقطعي المحوسب وبالرنين المغنطيسي المجرى للدماغ، وبوجود ارتفاع الضغط داخل القحف أو انخفاض مستوى الوعي يجب أن يعالج بالبزل عبر اليافوخ المفتوح، أمّا الحمى وحدها فلا تعد استطباباً لإجراء البزل.

وتحدث متلازمة عدم تلاؤم الهرمون المضاد للتبول (SIADH) syndrome of inappropriate antidiuretic hormone  في بعض المصابين بالتهاب السحايا مؤدّية إلى انخفاض الصوديوم المصلي وانخفاض حلولية المصل، مما يفاقم الوذمة الوعائية أو يؤدي إلى اختلاجات بنقص الصوديوم.

تزول الحمى المرافقة لالتهاب السحايا الجرثومي عادة خلال (5-7) أيام من بدء العلاج، وقد تستمر أكثر من 10 أيام في 10% من المرضى نتيجة لخمج ڤيروسي مشارك أو خمج جرثومي ثانوي أو مستشفوي (nosocomial)، أو لالتهاب الوريد الخثري أو لارتكاس دوائي، وقد تعود الحرارة إلى الارتفاع بعد فترة خالية من الترفع الحروري، ويجب الاهتمام بوجه خاص بالأخماج المستشفوية nosocomial infections.

وقد يحدث التهاب التامور، أو التهاب المفاصل، في المرضى المعالجين لالتهاب السحايا ولاسيما التي تسببها النايسيريات السحائية، وإصابة هذين الموقعين قد ينتج إمّا من الانتشار الجرثومي أو من توضّع معقّدات مناعية، وعموماً فإن التهاب التامور الجرثومي أو التهاب المفاصل يحدث باكراً خلال فترة العلاج.

وقد يحدث خلال علاج التهاب السحايا ارتفاع الصفيحات thrombocytosis، وزيادة الحمضات eosinophilia وفقر الدم الذي قد يكون بسبب الانحلال أو تثبيط نقيّ العظم bone marrow suppression.

6- الإنذار: أنقص العلاج بالصادات المناسبة والعلاج الداعم المراضة بالتهاب السحايا الجرثومي بعد فترة الوليد إلى أقل من 10%، يلاحظ معدّل المراضة الأعلى في التهاب السحايا بالمكورات الرئوية، والعقابيل العصبية الشديدة قد تحدث في 10-20% من المرضى الذين شفوا من التهاب السحايا الجرثومي، والمراضة في نحو 50% منهم مراضة عصبية سلوكية.

والإنذار أسوأ في الرضع الذين تقل سنهم عن ستة أشهر، وخطر حدوث عقابل طويلة الأمد يكون أكبر فيمن يكون تركيز الجراثيم والمنتجات الجرثومية في السائل الدماغي الشوكي لديهم عالياً، وفي الذين أصيبوا باختلاجات استمرت أكثر من 4 أيام بعد بدء العلاج، أو المسبوتين، أو الذين فيهم علامات عصبية بؤرية.

تشمل العقابيل العصبية الأكثر شيوعاً نقص السمع، والتأخر العقلي، والاختلاجات المعاودة، وتأخّر اكتساب اللغة، واضطراب الرؤية، والمشكلات السلوكية. وأكثر هذه العقابيل شيوعاً هو نقص السمع الحسي العصبي الذي يظهر في بداية المرض، وسببه التهاب التّيه labyrinthitis بعد خمج القوقعة cochlear infection، وقد يكون فقدان السمع نتيجة التهاب العصب السمعي التهاباً مباشراً، لذا يجب إجراء تقييم سمعي لكلّ المرضى بالتهاب السحايا الجرثومي قبل مغادرة المستشفى، ويستطب إعادة التقييم المتكرّر للمرضى الخارجيين المصابين باضطراب سمعي.

7- الوقاية: الطريقتان المتوافرتان لتقليل حدوث التهاب السحايا الجرثومي في الأشخاص المعرضين بسبب التماس هما التلقيح والوقاية بالصادات، وتوافر كل من هاتين الطريقتين وتطبيقهما يعتمد على الجراثيم الخامجة النوعية.

أ- التهاب السحايا بالنايسيريات السحائية: يجب تطبيق الوقاية الكيميائية لكل الأشخاص الذين هم على تماسٍّ صميمي مع المصابين بالتهاب السحايا بالنايسيريات السحائية بغضّ النظر عن العمر وحالة التمنيع، وذلك بإعطاء rifampin 10ملغ/كغ/جرعة كل 12 ساعة (الجرعة القصوى 600ملغ) مدة يومين بأسرع ما يمكن، وكذلك حين الاشتباه بحالة التهاب السحايا أو إنتان دم بالمكورات السحائية مباشرة ومن دون انتظار الإثبات الجرثومي. ويشمل التماس القريب التماس المنزلي، ومراكز الرعاية اليومية والتماس في حضانات المدارس، وعمال الرعاية الصحية الذين تعرضوا مباشرة للمفرزات الفموية والإنعاش فماً لفم، ومصّ المفرزات، والتنبيب، كما يجب أن يثقّف كل المماسين للمصابين وتعريفهم بالعلامات الباكرة للخمج بالمكوّرات السحائية والحاجة إلى الرعاية الطبية الإسعافية إذا تطوّرت هذه العلامات.

رخصت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة باستعمال اللقاح المقترن رباعي التكافؤ (W135, Y, C, A) وينصح بإعطائه منوالياً للمراهقين بعمر (11-12) سنة، كما ينصح بإعطاء لقاح المكورات السحائية للأطفال فوق السنتين من العمر، وللأشخاص ذوي الخطورة العالية وهم فاقدو الطحال وظيفياً أو تشريحياً أو المصابون بعوز بروتينات المتممّة النهائية.

وقد يستخدم اللقاح مؤازراً للوقاية الكيميائية في المماسّين المعرّضين وخلال أوبئة المرض بالمكورات السحائية.

ب- المستدميات النزلية النمط ب: تكون الوقاية بـ rifampin الذي يجب أن يُعطى لكل المماسّين منزلياً للمصاب بالمرض الغازي بالمستدميات، ولكل فرد في العائلة يبلغ عمره 4 سنوات لم يُمنَّع سابقاً تمنيعاً كاملاً ولكل شخص مضعف مناعياً يمكث في المنزل بغض النظر عن العمر. والمماسّ منزلياً هو الشخص الذي يعيش بجوار الحالة، أو الذي يمضي 4 ساعات على الأقل مع هذا الشخص مدة خمسة أيام على الأقل من الأيام السبعة التي تسبق قبول الطفل في المستشفى.

وأفراد العائلة يجب أن يتلقّوا وقاية بـ rifampin مباشرة حين الشك بالتشخيص لأن أكثر من 50% من الحالات العائلية الثانوية تحدث في الأسبوع الأول من قبول المريض في المستشفى.

وجرعة الـ rifampin هي 20ملغ/كغ/24 ساعة (الجرعة القصوى 600ملغ) مرة واحدة يومياً لأربعة أيام، والـ rifampin يلُوّن البول والعرق بلون برتقالي أحمر ويصبغ العدسات اللاصقة، وينقص المستويات المصلية لبعض الأدوية مثل موانع الحمل الفموية، وإعطاء rifampin مضاد استطباب في أثناء الحمل.

وقد جاء التقدم الأكثر شأناً في وقاية الأطفال من التهاب السحايا الجرثومي بعد ظهور اللقاحات المقترنة للمستدميات النزلية. وهناك أربعة لقاحات مقترنة مرخّصة في الولايات المتحدة وكل لقاح يحرّض طريقة مختلفة للاستجابة الضدّية في الرضع الممنّعين بعمر (2-6 أشهر)، وكلها تؤدّي إلى مستويات واقية من الأضداد مع معدّلات فعالية ضد الأخماج الغازية تراوح بين (70- 100%)، ومن الواجب تلقيح جميع الأطفال بهذا اللقاح المقترن من عمر شهرين.

ج- المكورات الرئوية: ينصح بإعطاء اللّقاح المقترن السّباعيّ التكافؤ heptavalent منوالياً للأطفال الذين يقل عمرهم عن سنتين، وهو يعطى عضلياً بعمر شهرين وأربعة أشهر وستة أشهر وجرعة داعمة بعمر 15-18 شهراً، كما يجب أن يلقح جميع الأطفال عالي الخطورة للإصابة بأخماج المكورات الرئوية الغازية وهم فاقدو الطحال وظيفياً أو تشريحياً والمصابون بعوز مناعي مستبطن (مثل الخمج بـ HIV)، ومرضى اعتلالات الخضاب، والذين يتلقون علاجاً مثبطاً للمناع

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 179
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 517
الكل : 31753248
اليوم : 28709