logo

logo

logo

logo

logo

الأخماج البولية في الأطفال

اخماج بوليه في اطفال

urinary tract infections in children - infections urinaires chez les enfants



الأخماج البولية في الأطفال

بسام سعيد

نكس الخمج البولي الوقاية من تكرر أخماج الطرق البولية
أنماط النبيت الجرثومي الختان
معالجة الخمج البولي الحاد استقصاء الطرق البولية شعاعياً

 

 

يعرَّف خمج الطرق البولية urinary tract infection بالحالة التي يمكن فيها عزل نمو جرثومي نقي في عيِّنة بول غير ملوثة. يمكن تصنيف هذه الأخماج تبعاً لتظاهراتها السريرية في ثلاثة أنواع وهي: التهاب المثانة، والتهاب الحويضة والكلية، والبيلة الجرثومية اللاعرضية. يُشخص بالتهاب المثانة حين يكون الخمج مقتصراً على المثانة والإحليل، وأكثر ما يحدث في البنات الصغيرات اللاتي تجاوزن سن السنتين من العمر، وغالباً ما يتظاهر سريرياً بأعراض بولية سفلية ولاسيما عسر التبول dysuria وتعدد البيلات وإلحاح بولي وآلام خفيفة في أسفل البطن إضافة إلى تعكُّر البول.

يعدّ التهاب الحويضة والكلية أشد أشكال الأخماج البولية في الأطفال؛ لأن الخمج يصيب الكلية مباشرة، ولذلك تغلب  سيطرة المظاهر الجهازية على الصفحة السريرية كارتفاع الحرارة الشديد والقياء والألم البطني أو الإيلام البطني، إضافة إلى الوهن العام ونقص الشهية؛ حتى الهياج في الرضَّع.

ولتشخيص التهاب الحويضة والكلية يستعان بدراسة الكليتين الومضانية  باستعمال حمض ديمركابتوسوكسينيك (DMSA) الموسوم بالتكنيسيوم (99) المشع؛ وكذلك بتحليل الدم بحثاً عن مشعرات الالتهاب مثل سرعة التثفل والبروتين المتفاعل (CRP) C.reactive protein.

قد يكون زرع البول إيجابياً في بعض الأطفال الذين لا يشكون أي أعراض سريرية، وهو ما يسمى البيلة الجرثومية اللاعرضية التي يتم تشخيصها عرضاً في أثناء المتابعة المنوالية، أو في أثناء إجراء دراسة ما تهدف إلى اصطفاء مجموعة من الأطفال الأصحاء. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن هذه الحالة قد تصادف في نحو 1% من الأطفال في سن المدرسة، كما بينَّت عدة دراسات أنه ليس من داعٍٍ لعلاجها ولا للبحث عنها؛ لأن النتائج بعيدة الأمد في هذه الدراسات كانت متشابهة بين مجموعة الأطفال الذين عولجوا ومجموعة المراقبة التي لم تتلقَ أيَّ علاج.

التشخيص:

يلخص الجدول رقم (1) المعايير الحيوية الدقيقة لتشخيص الأخماج البولية في الأطفال. ومن الجدير ذكره أن الطريقة التي تؤخذ بها عينة البول من أجل الزرع هي على غاية من الأهمية في الأطفال، وذلك لصعوبة الحصول على عينة بول غير ملوثة، مما ينجم عنه ظهور نتائج إيجابية كاذبة إذا كانت العينة ملوثة. يعد البزل فوق العانة الوسيلة الأمثل في الحصول على عينة البول من أجل الزرع لأنها الأقل عرضة للتلوث، إلا أن إجراءها يتعذر عملياً في كثير من الأحيان. أما بالنسبة إلى القثطرة الإحليلية التي تعدّ ثاني أفضل وسيلة للحصول على البول بعيداً عن احتمال تلوثه فهي أيضاً كسابقتها غير عمليِّة وغازية، لذلك يكون الحل في الحصول على عينة البول بالتبول الطبيعي، وهو عملياً أسهل الطرائق تطبيقاً ولو أنها لا تخلو من مشاكل تلوث العينة. ويمكن كذلك  استعمال أكياس البول في بعض الحالات، ولكن لا توجد أي توصية بذلك لاحتمال تلوث عينة البول بهذه الطريقة أيضاً. أما بالنسبة إلى طريقة الحصول على البول بطريقة «الالتقاط النظيف» clean-catch فهي طريقة مقبولة إلى درجة ما، لكنها صعبة الإجراء وتتطلب تعاوناً وصبراً كبيرين من قبل الأهل.

المعايير الحيوية الدقيقة في الوسائل المختلفة المتبعة في الحصول على عينة البول من أجل تشخيص خمج الطرق البولية في الأطفال

انتان طرق بولية مؤكد

          عدد العضويات                عدد وحدات المستعمرات

وسيلة جمع البول     الممرضة                       الجرثومية بالليتر

انتان طرق بولية محتمل

عدد العضويات                 عدد وحدات المستعمرات

الممرضة                       الجرثومية  بالليتر

بزل فوق العانة          1                                  أي عدد

2                                 أي عدد

قثطرة احليلية            1                                    10 7

 

1                                  10 6

2                                  10 7

بول مُبال                1                                  10 8

(التقاط نظيف, منتصف الرشق, كيس)

1                                   10 7

2                                    10 8

الجدول (1) المعايير الحيوية الدقيقة لتشخيص الأخماج البولية في الأطفال

من الواضح أن طرائق الحصول على البول متعددة، وكثيراً ما يُلحظ تباين واضح بين المراكز الصحية المختلفة في اللجوء إلى بعضها من دون الآخر؛ تبعاً للتسهيلات المتاحة في كل مركز  وتبعاً للخبرات ووقت أخذ العينة وآراء الأطباء ومواقف الأهل ومعدل تلوث العينات في المراكز المختلفة، مما يؤثر في قرار كل مركز لاختيار الوسيلة المناسبة في الحصول على عينة البول من أجل الزرع.

وبالنهاية تعد القثطرة الإحليلية الطريقة المفضلة في الحصول على عينة بول في الطفل الذي لا يستطيع أن يتبول حين الطلب. وإن المعايير الثلاثة المعتمدة في اختيار الوسيلة المناسبة للحصول على البول من أجل الزرع هي: احتمال التلوث وإمكانية الإجراء ومدى هجومية الوسيلة. أما بالنسبة إلى الأطفال المستمسكين للبول وفوق سن السنتين من العمر فيوصى بأخذ عينة البول من منتصف الرشق mid-stream.

الاختبارات التشخيصية:

يعدّ زرع البول المعيار الأساسي في تشخيص الخمج البولي. وتعتمد الطريقة المتبعة في إجراء زرع البول على أخذ 0.001 مل من البول بطريقة عقيمة، ثم تنشر بشكل شعاعي لتغطي صفيحة الزرع التي تحوي العناصر المغذية اللازمة للنمو الجرثومي، ثم تغطى الصفيحة وتحضن بحرارة 35 درجة مئوية فترة لا تقل عن 18 ساعة؛ ليعاد النظر إليها بحثاً عن وجود مستعمرات جرثومية وعددها، ثم تؤخذ عينات من هذه المستعمرات وتوضع فوق الصفائح الخاصة بكل صاد لتحديد حساسية المستعمرة للصادات المختلفة.

ولما كان زرع البول يتطلب فترة زمنية لا تقل عن 18 ساعة قبل معرفة النتيجة؛ فكثيراً ما يلجأ السريريون إلى اختبارات أسرع تفيد في البحث عن الخمج البولي في محاولة منهم للتوجه السريع نحو التشخيص ووضع التدبير المناسب. إن فحص البول والراسب باستخدام الغميسات dipsticks وسيلة سريعة وغير مكلفة وسهلة الإجراء في كل الظروف. أما فحص رسابة البول بالمجهر فهو واسع الاستعمال ويفيد في تحديد عدد الكريات البيض بالبول، وكذلك في كشف بعض الجراثيم المرئية مجهرياً، لكنه يتطلب تجهيزات متخصصة وخبرات معينة، وبالتالي فهو ليس بسهولة توافر الغميسات ورخص كلفتها. وقد بيَّنت إحدى دراسات المراجعة المنهجية systematic review الحديثة أن إيجابية اختبار الغميسة لاستراز الكريات البيض مجتمعة مع إيجابية اختبار النيتريت مؤشر جيد لوجود خمج طرق بولية؛ إذ بلغ معدل الأرجحية للاختبار الإيجابي positive (test likelihood ratio) 28.2، وبالمقابل تفيد سلبية اختبار استراز الكريات البيض مجتمعة مع سلبية اختبار النيتريت في استبعاد احتمال الخمج البولي، وبلغ معدل أرجحية الاختبار السلبي 0.2. ومهما يكن من أمر ففي الكثير من الأحيان قد يكون الاختبار إيجابياً فقط لعنصر واحد من الاثنين، وعندها تقل كثيراً فائدة هذا الاختبار في المساعدة بالتوجه نحو التشخيص والتدبير المناسبين؛ إذ يبلغ معدل الأرجحية لاختبار استراز الكريات البيض الإيجابي وحده 5.5؛ ومعدل الأرجحية لاختبار النيتريت الإيجابي وحده 15.9.

أما فحص رسابة البول بالمجهر بحثاً عن عدد الكريات البيض والجراثيم المرئية بالفحص المباشر فهو إن أجري بدقة فإنه يساعد كثيراً على تشخيص الخمج البولي حين اجتماع إيجابية عدد الكريات البيض في الرسابة مع إيجابية الجراثيم المرئية بالبول؛ إذ يبلغ معدل الأرجحية لتشخيص الخمج البولي 73.0، وبالمقابل وكما هو الحال في اختبار الغميسات؛ فإن اجتماع سلبية عدد الكريات البيض بالرسابة مع سلبية الجراثيم المرئية بالفحص المجهري سيستبعد احتمال وجود خمج بولي مع معدل أرجحية للاختبار السلبي يعادل 0.21.    

والخلاصة أن زرع البول وإجراء التحسس هو الطريقة الوحيدة التي يجب الاستناد إليها لوضع تشخيص الخمج البولي، أما الغميسات وفحص البول المجهري فوسيلتان مساعدتان يلجأ إليهما حين الضرورة لبدء المعالجة سريعاً بانتظار ظهور نتيجة الزرع؛ على  أن تعدل المعالجة - إن لزم - بعد ظهور النتيجة.

الآلية المرضية:

تزيد إصابة الذكور الرضع - ولاسيما غير المختونين - بالخمج البولي على إصابة الإناث الرضع 5-10 مرات، مما ينبه لدور القلفة كمستودع للمستعمرات الجرثومية عدا عدم اكتمال نضج الجهاز المناعي في هذه السن. أما بعد السنة الأولى من العمر فتزيد نسبة إصابة الإناث على إصابة الذكور، ويعزو بعضهم ذلك إلى قصر الإحليل فيهن.

ويبدو أن هناك عوامل كثيرة في كل من الجراثيم المحدثة للأخماج البولية وفي المضيف تؤثر في سير هذه الأخماج.

أما العوامل في الجراثيم فتتعلق بقدرتها على الالتصاق وبعوامل نموها وبوسائلها في تجنب القضاء عليها من قبل الجهاز المناعي في المضيف.

     أما في المضيف فللجهاز المناعي الأثر الأكبر ويتعلق ذلك بالمواد المنتجة ضد الجراثيم كالغلوبولينات المناعية وباستجابة كل من الخلايا البائية والتائية تجاه المستضدات الغريبة، ويعمل الليزوزوم والمتممة على القضاء على الجراثيم، وقد تتأثر كل هذه العوامل بالموروث الجيني من جهة وبالبيئة المحيطة من جهة ثانية. وقد درست بعض هذه المكونات كالزمرة الدموية  P1 blood type والزمرة الدموية لويس Lewis blood type من دون التوصل إلى نتائج واضحة، ومازالت الدراسات مستمرة في هذا الشأن. 

الوبائيات:

تعد الأخماج البولية من الأخماج الشائعة في الأطفال، ومع صعوبة تقدير معدل حدوثها بدقة، إلا أن إحدى الدراسات التي شملت عدداً كبيراً من الأطفال، واعتمدت على التحقق من دقة تشخيص الخمج البولي؛ توصلت إلى أن 8% من البنات و2% من الذكور يتعرضون لخمج بولي واحد على الأقل ببلوغهم سن سبع سنوات، وفي إحدى دراسات المراجعة المنهجية التي جمعت نتائج (12) دراسة عن أسباب ارتفاع الحرارة في الأطفال تبين أن الخمج البولي كان مسؤولاً عن ارتفاع الحرارة في 5% من الرضع دون سن الشهرين من العمر. وقد أظهرت دراسات أخرى نسباً مشابهة للخمج البولي بوصفه سبباً لارتفاع الحرارة في الأطفال الأكبر سناً حتى سن الخمس سنوات.

نكس الخمج البولي:

يتعرض 10 إلى 30% من الأطفال الذين أصيبوا بخمج بولي للنكس الذي غالباً ما يحدث في السنة التي تلي الخمج الأولي. وتذكر عدة عوامل خطورة مهمة قد تؤهب لحدوث النكس، وهي عمر الطفل حين حدوث الخمج الأولي دون ستة أشهر مع معدل أرجحية odds ratio يعادل 92.0؛ ووجود جزر مثاني حالبي موسِّع للطرق البولية أي من الدرجة الثالثة وما فوق مع معدل أرجحية يعادل 63.0؛ ووجود أذية كلوية تم كشفها منذ حدوث الخمج الأولي وقد تكون خلقية المنشأ. وهناك عوامل أخرى لم يثبت شأنها في حدوث النكس مثل: اضطرابات التبول وعدم استقرار العضلة النافضة detrusor instability، وإفراغ المثانة إفراغاً غير كامل، إضافة إلى الإمساك.

أنماط النبيت الجرثومي  flora:

الإشريكية القولونية E. coli. مسؤولة عن 80% من الأخماج البولية في الأطفال، أما باقي الجراثيم سلبية الغرام مثل الكلبسلة Klebsiella والأمعائية Enterobacter والمتقلبة Proteus والزوائف (العصيات الزرق) Pseudomonas؛ فكلها مسؤولة عن 10 إلى 15% من الحالات. أما نمو المكورات العنقودية Staphylococcus في البول فيعتقد أنه ناجم عن تلوث عينة البول قبل الزرع ولاينفي هذا احتمال إحداثها الخمج البولي. والعلامات التي توحي بتلوث عينة البول هي: غياب الأعراض السريرية، ووجود قصة لقثطرة الطرق البولية أو لإجراءٍ ما فيها، ووجود خلايا ظهارية أو غياب الكريات البيض بالرسابة البولية، ونمو جرثومي لأكثر من عضوية واحدة بالزرع، وأخيراً نمو عدد غير كافِ من المستعمرات الجرثومية.

تتكرر الأخماج البولية بعد الإصابة بخمج بولي ناتج من الجراثيم غير المعتادة كالعصيات الزرق؛ وتستخدم فيه الصادات الحيوية واسعة الطيف فترات طويلة، أو بعد الأخماج البولية المختلطة التي توجد فيها مشكلة مرضية معينة في المريض تكون هي المسؤولة عن تكرر الخمج كالمثانة العصبية أو الاعتلال البولي الانسدادي.

معالجة الخمج البولي الحاد:

تقترح الخبرة السريرية معالجة الأطفال دون سن الشهر من العمر المصابين بخمج الطرق البولية بالصادات الحيوية بالطريق الوريدي، وذلك لوجود نسبة خطورة تعادل 10% باحتمال الإصابة بتجرثم دم مرافق، ولاحتمال وجود اعتلال مرضي ما في الطرق البولية كدسامات الإحليل الخلفي وتضاعف الجهاز المفرغ الانسدادي والدرجات المتقدمة من الجزر المثاني الحالبي. أما أهم العضويات الممرضة في هذه المرحلة العمرية فهي: الإشريكية القولونية E. coli. والمكورات المعوية البرازية Enterococcus faecalis، وهي تتطلب معالجة تجمع بين صادات البيتا لاكتام bβ-lactam antibiotic مع الأمينوغليكوزيدات، ويستمر تطبيق الصادات بالطريق الوريدي حتى زوال الأعراض الجهازية ثم تستبدل بها الصادات الحيوية بطريق الفم مدة 7-10 أيام. وتتألف المشاركة في علاج الخمج البولي في الوليد من الأمبيسيلّين والجنتاميسين وترى في الجدول (2) النظم المختلفة للمعالجة بالصادات في الأخماج البولية في الأطفال.

الخيارات المختلفة للمعالجة بالصادات الحيوية في الأطفال المصابين بالتهاب المثانة أو بالتهاب الحويضة والكلية

المظاهر السريرية

الصاد الحيوي    طريق الإعطاء

الجرعة

الفاصل بين الجرعات(ساعة)

مدة المعالجة (يوم)

سوي الحرارة

(التهاب مثانة)

 

سيفاليكسين الفم

تريميتوبريم الفم

سولفاميتوكسازرل

25 ملغ/كغ/جرعة

4ملغ/تريميتوبريم/كغ/جرعة

 

6

12

 

3

3

 

ارتفاع حرارة(التهاب حويضة وكلية)

 

سيفاليكسين الفم

تريميتوبريم الفم

سولفاميتوكسازرل

25 ملغ/كغ/جرعة

4ملغ/تريميتوبريم/كغ/جرعة

 

6

12

 

7

7

 

دون الشهر من العمر

أو في أي عمر كان فيه الطفل بحالة سيئة للغاية ولايتقبل المعالجة بطريق الفم

أمبيسيللين وريدي وجنتاميسين

 

 

50ملغ أمبيسيللين/كغ/جرعة

7.5ملغ جنتاميسين/كغ/جرعة,

للأطفال دون 10 سنوات

6 ملغ جنتاميسين /كغ/جرعة, للأطفال 10 سنوات  من العمر

6(أمبيسيللين) و24 (جنتاميسين)

 

 

حتى تسمح الحالة

السريرية بالانتقال

للعلاج بطريق الفم

 

الجدول (2) النظم المختلفة للمعالجة بالصادات في الأخماج البولية في الأطفال

أما التهاب الحويضة والكلية في الأطفال ما بعد سن الشهر من العمر فقد تبين من دراسات كثيرة قورن في كل منها بين طريقتين في العلاج أنه اعتمدت الأولى على تطبيق الصادات الحيوية بالطريق الوريدي منذ البدء ليتم الانتقال لاحقاً إلى طريق الفم، في حين اعتمدت الطريقة الثانية على تطبيق الصادات الحيوية بطريق الفم منذ البدء وطوال فترة العلاج. وقد توصلت هذه الدراسات إلى عدم وجود أي فارق بين هاتين الطريقتين سواء في الزمن اللازم لانخفاض الحرارة أم في معدل حدوث النكس أم في ظهور الندبات بالمتن (البرانشيم) الكلوي. ولذا يمكن القول: إن العلاج بالطريق الوريدي يجب أن يقتصر على الأطفال المصابين بحالة سريرية خطيرة أو في حالة الإقياءات المستمرة.

ويقل معدل فشل الصادات المطبقة بطريق الفم عن 5% من الحالات التي تستعمل فيها بوصفهاخطاً أولياً في علاج التهاب الحويضة والكلية الحاد في الأطفال.

أما بالنسبة إلى المدة الكلية المثلى لعلاج التهاب الحويضة والكلية الحاد فليس في الأدب الطبي  دراسات تقدم الإجابة المسندة بالدليل القوي، ومن المعتاد في الممارسة السريرية أن تطبق الصادات فموياً مدة 7-14 يوماً.

في الجدول رقم (2) ملخص للنظم العلاجية المناسبة؛ مع أن هذه النظم يجب أن تتماشى مع الأنماط المعروفة للمقاومة الجرثومية في كل منطقة من العالم.

وتفيد كثير من الدراسات والمراجعات المنهجية بأن المعالجة قصيرة الأمد التي تراوح من 3-4 أيام لها فعالية العلاج القياسي نفسه الذي يستغرق 7-14 يوماً في القضاء على الجراثيم البولية. أما المعالجة بالجرعة الوحيدة فلا يمكن التوصية بها لعدم وجود ما يكفي من الدراسات القوية حولها.

الوقاية من تكرر أخماج الطرق البولية:

الشكل (1)
التصنيف العالمي للجزرالمثاني الحالبي.
الدرجة
I : تصل المادة الظليلة إلى الحالب الذي يكون غير متسع.
الدرجة
II : تصل المادة الظليلة ‘لى الحالب والحويضة ، وكلاهما غير متوسع.
الدرجة I
II : توسع خفيف الشدة في الحالب والحويضة مع انتباج طفيف بالكؤيسات.
الدرجة
IV : تعرج معتدل بالحالب مع توسع الحويضة والكؤيسات.
الدرجة V :  توسع  شديد الحويضة والكؤيساتمع تعرج واضح بالحالب.

لما كانت أسباب تكرر الخمج البولي في الأطفال مجهولة؛ فليس من الممكن وصف ممارسات معينة تهدف إلى الوقاية منه، وينصح  الكثير من السريريين  بمعالجة الإمساك والتأكد من إفراغ المثانة حين التبول إفراغاً كاملاً والإكثار من تناول السوائل وتجنب المخرشات الموضعية في الملابس الداخلية أو فقاعات صابون الحمام والاهتمام بنظافة الأعضاء التناسلية الظاهرة، وليس هناك دليل كافٍ يدعم اللجوء إلى هذه الممارسات الشائعة.

الوقاية من الأخماج البولية في الجزر المثاني الحالبي:

عُدّ الجزر المثاني الحالبي لفترة طويلة مضت عامل خطورة لنكس الخمج البولي، ومن هنا تركز اهتمام العديد من الدراسات على هذه الفئة من المرضى، وقد عُدّ استخدام الصادات وقائياً في الجزر المثاني الحالبي جزءاً أساسياً من الممارسة السريرية في العشرين سنة الماضية؛ إلى أن ظهرت مؤخراً عدة دراسات منهجية حديثة، جرت إحدى هذه الدراسات في مجموعتين من المرضى؛ استعملت في المجموعة الأولى معالجات وقائية ولم تستعمل في مجموعة المراقبة الثانية هذه المعالجات، وتبين عدم وجود فارق بين المجموعتين سواء فيما يتعلق بخطر تكرر الخمج أم بتندب القشر الكلوي. وفي دراسات أُخرى قورنت النتائج في مجموعة أجري لها إصلاح الجزر جراحياً بإعادة زرع الحالب إلى جانب المعالجة الوقائية بالصادات؛ ومجموعة ثانية عولجت بالصادات فقط وقائياً، وأظهرت  هذه الدراسات أيضاً عدم وجود  فارق في نسبة حدوث الخمج البولي بعمر (1 و 2 و 5) سنوات بين مجموعتي الدراسة، وكذلك عدم وجود فارق في نسبة خطر تندب القشر الكلوي، والفارق الوحيد الذي لوحظ في مجموعتي الدراسة كان النسبة الأقل لحدوث الخمج البولي المترافق وارتفاع الحرارة في سن خمس سنوات في المجموعة التي عولجت جراحياً مع الصادات الوقائية؛ إذ كان الخطر النسبي 0.43.

  أما الدراسات التي تناولت جدوى طريقة الحقن تحت الصماخ الحالبي المثاني إلى جانب العديد من الحالات السريرية في الأدب الطبي؛ فقد أشارت كلها إلى أن الحقن يؤدي إلى اختفاء الجزر المثاني الحالبي فيزيائياً من دون التأكد من أثره في  تكرر الخمج البولي.

وباختصار يمكن القول: إن الأدلة المتوافرة حالياً حول معالجة الجزر المثاني الحالبي في الأطفال سواء جراحياً أم بالصادات الوقائية أم بكليهما معاً من أجل الوقاية من تكرر الخمج البولي ومن حدوث الأذية الكلوية؛ تشير إلى وجود فائدة قليلة ومقتصرة على خفض معدل حدوث الأخماج البولية المترافقة وارتفاع الحرارة، وهو خفض متواضع في جميع الأحوال ومن دون أي فائدة تذكر في المعدل الإجمالي لتكرر الخمج البولي أوفي مستقبل الكليتين.

الوقاية من الخمج البولي في الأطفال بغياب الجزر المثاني الحالبي:

في مراجعة منهجية لخمس دراسات تناولت موضوع استعمال الصادات في الوقاية من تكرر الخمج البولي في الأطفال الذين لا يعانون جزراً مثانياً حالبياً؛ تبين عدم وجود دليل يدعم استعمال الصادات للوقاية من تكرر الخمج البولي بغياب الجزر المثاني الحالبي.

الختان:

تأكد في بعض الدراسات أن الختان يقلل من خطر الخمج البولي، وقد بلغ معدل الأرجحية في الأطفال المختونين  0.13. ومن الناحية السريرية كان لابد من إجراء 111 ختاناً لدرء حدوث خمج بولي واحد. ولكن الأمر يختلف حين أجري الختان في المعرضين لتكرر الأخماج البولية كالمصابين بالدرجات العالية من الجزر المثاني الحالبي؛ إذ وجد في هؤلاء درء حدوث الخمج مرة واحدة في كل 11 ختاناً قد أجري. ولما كان للختان الخطورة المحتملة التالية لأي عمل جراحي من خمج أو نزف؛ فقد جاءت التوصيات التي ترجح ضرورة حصر إجرائه بالذكور المعرضين بشدة لخطر حدوث الخمج البولي؛ كالذين لديهم فعلاً تكرر أخماج بولية أكثر من أن يكون موصى به منوالياً لكل الذكور.

استقصاء الطرق البولية شعاعياً:

توصي بعض مرجعيات طب الأطفال بإجراء استقصاءات شعاعية للأطفال المصابين بأخماج بولية متكررة؛ تضم تصوير الكليتين بالأمواج فوق الصوتية renal ultrasound وتصوير المثانة بالطريق الراجع (تصوير المثانة الإفراغي) voiding cystography وتصوير المثانة بالومضان radionuclide cystography وومضان الكليتين بمادة DMSA.

وترى بعض الدراسات أن الأدلة على ضرورة هذه الاستقصاءات الهجومية غير كافية، وليس ما يدل على احتمال تحسين مستقبل الأطفال الذين تجرى لهم منوالياً؛ عدا ما قد ينجم عنها من أضرار قد تلحق بالأطفال، يشذّ عن ذلك استخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية منوالياً فإن له الكثير مما يبرره؛ كسهولة إجرائه وتوافر الخبرة اللازمة له؛ إضافة إلى أنه غير هجومي وله حساسية عالية في تشخيص انسداد الطرق البولية، وهو أمر مهم لأن الأدلة المتوافرة تشير إلى أن الإصلاح الجراحي لانسداد الطرق البولية في الأطفال يؤدي إلى تحسن مصيرهم، ولذلك يوصي كل أطباء الأطفال تقريباً بإجراء تصوير الجهاز البولي بالأمواج فوق الصوتية لكل الأطفال المصابين بالخمج البولي.

تصوير الكليتين بالأمواج فوق الصوتية:

يفيد هذا التصوير في إظهار المعالم التشريحية للكليتين والطرق البولية ولاسيما حين وجود توسع في الطرق البولية قد يشير إلى وجود انسداد فيها، وهي طريقة سهلة ومتوافرة وغير مكلفة. غالباً ما تكون نتيجة التصوير بالأمواج فوق الصوتية طبيعية في حالات الخمج البولي المستقصاة، فهو لن يغير من مسار التدبير الموضوع لهؤلاء المرضى، ولكنه قد  يكشف بعض اضطرابات المتن (البرانشيم) الكلوي في فئة قليلة من الأطفال، وقد تكون هذه الاضطرابات شديدة وذات تأثير سريري مهم في المستقبل الكلوي بعيد الأمد، أو على العكس من ذلك فقد تكون اضطرابات قليلة الأهمية وعابرة لاتؤثر في  الإنذار.

تصوير المثانة بالطريق الراجع:

يجرى تصوير المثانة بالطريق الراجع لكشف الجزر المثاني الحالبي وهو إجراء هجومي غير مريح للمريض، ولغياب الدليل الجيد على تحسن مستقبل الأطفال بعد معالجة الجزر المثاني الحالبي الذي تم كشفه بهذا التصوير؛ فمن الصعب التوصية بضرورة إجرائه بعد أول خمج بولي في أي من الجنسين وبأي عمر كان؛ باستثناء حالة توسع الطرق البولية في الكلية التي تكشف عادة بوساطة التصوير بالأمواج فوق الصوتية؛ إذ لابد هنا من اللجوء إلى هذه الطريقة لنفي الاعتلال البولي الانسدادي.

تصوير الكليتين الومضاني بمادة DMSA:

يمتاز ومضان الكليتين بمادة DMSA بقدرته على كشف الإصابات البؤرية في الكلية وفي تحديد الوظيفة الكلوية النسبية لكل كلية، أو ما يسمى بالوظيفة الكلوية التفريقية differential renal function وإذا ما أُجري الومضان في أثناء الإصابة الحادة أمكن به التمييز بين التهاب الحويضة والكلية و التهاب المثانة.

حساسية ومضان الكليتين بمادة DMSA عالية في كشف الاضطرابات البؤرية في الكلية، ولكنه لايستطيع أن يميز الأذيات العابرة التي تختفي عفوياً مع مرور الوقت من الأذيات الدائمة. وتعد حدة الاضطرابات البرانشيمية الكلوية واحدة من المشعرات الجيدة التي تُنْبِئ بالمستبقل الكلوي بعيد الأمد. وقد أظهرت إحدى الدراسات أهمية الندبات الكلوية الشديدة المرتبطة بالخمج البولي في التنبؤ بارتفاع الضغط الشرياني مستقبلاً في (14) حالة من أصل (15).

ومن الجدير ذكره أن نتائج ومضان الكليتين بمادة DMSA تكون غير طبيعية في40% من الأطفال المصابين بالخمج البولي في أثناء حدوث الخمج، ثم تنخفض هذه النسبة لاحقاً إلى 10% بعد مرور سنة وإلى 3% بعد مرور ثلاث سنوات من الخمج البولي.

تصوير الجهاز البولي الظليل intravenous pyelography:

استعيض عن تصوير جهاز البول الظليل من أجل كشف التندب الكلوي باللجوء إلى تصويره بالأمواج فوق الصوتية وومضان الكليتين بمادة DMSA، ويمتاز الأخير بحساسية أكبر في كشف تندب البرانشيم الكلوي مقارنة بالتصوير الظليل.

ومضان الكليتين بمادة MAG-3 أو :DTPA

يفيد استخدام الومضان بمادة MAG-3 (مركابتوأستيل ثلاثي الغليسين الموسوم بالتكنيثيوم 99) أو بمادة DTPA (دي أتيلين تريامين بنتا أستيك أسيد) في كشف الانسداد الكلوي ويستخدم عادة في المرحلة الثانية من الاستقصاءات حين تظهر استقصاءات المرحلة الأولى وجود اضطراب يدل على الانسداد الكلوي سواء بتصوير جهاز البول بالأمواج فوق الصوتية أم بومضان الكليتين بمادة .DMSA

صورة البطن البسيطة:

تجرى صورة البطن البسيطة في أثناء تدبير الأطفال المصابين بالخمج البولي من أجل تشخيص الحصيات البولية، أو من أجل تأكيد وجود الإمساك الذي قد يتسبب باضطراب عمل المثانة.

تصوير المثانة في أثناء التبول بالرنين المغنطيسي:

يبدو في دراسات حديثة أن تصوير المثانة بالرنين المغنطيسي magnetic resonance voiding cystography في أثناء التبول قد يكون بديلاً من تصوير المثانة والإحليل بالطريق الراجع. وما زال الموضوع قيد الدرس، والمهم في الأمر معرفة قدرة كل من الطريقتين في التنبؤ بالنتائج السريرية لمستقبل الإصابة أكثر من قدرتها على كشف الإصابة فحسب.

 

 

 


التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 147
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 486
الكل : 31727014
اليوم : 2475