logo

logo

logo

logo

logo

نقص سكر الدم

نقص سكر دم

hypoglycemia - hypoglycémie



نقص سـكر الدم

نجاة صنيج

عوامل تنظيم الغلوكوز
نقص سكر الدم الوليدي
 

إذا عُلِمت أهمية المحافظة الدائمة على تركيز غلوكوز البلازما فليس من المستغرب أن تكون الآليات الفيزيولوجية التي تمنع حدوث نقص سكر الدم أو تصحيحه بسرعة متطورة ودقيقة. وفعلاً هذه الآليات فعالة جداً إلى حدِّ أن نقص سكر الدم حادث سريري غير شائع ماعدا نقص سكر الدم التالي للمعالجة بالإنسولين أو السلفونيل يوريا أو في الكحوليين.

عوامل تنظيم الغلوكوز:

العوامل الهرمونية:

تعد الهرمونات أهم العوامل المنظمة للغلوكوز. ويعد الغلوكوز - ولاسيما تركيز الغلوكوز البلازمي- أكثر العوامل المنظمة لإفراز تلك الهرمونات وهي الإنسولين insulin والغلوكاغون والإيبينفرين وهرمون النمو والكورتيزول.

يثبط الإنسولين (الهرمون المسيطر المخفض لسكر الدم) إنتاج الغلوكوز داخلي المنشأ، وينبه استخدام الغلوكوز من قبل النسج الحساسة للإنسولين، وبالتالي يخفض التراكيز البلازمية من الغلوكوز.

يُنظَّم معدل إفراز الإنسولين بعدد من العوامل، ويُعد الغلوكوز أكثر تلك العوامل أهمية؛ إذ إن لنقص تركيز الغلوكوز في البلازما تأثيراً مثبطاً فورياً في إفراز الإنسولين، مما يحد من هبوط مستوى غلوكوز البلازما هبوطاً إضافياً. يعد الإنسولين هرموناً حرجاً، فعوزه الشديد وزيادته قد يكونان مميتين، لكنه على أي حال ليس الهرمون المنظم الوحيد للغلوكوز.

وهناك هرمونات أخرى رافعة للغلوكوز تشترك في التنظيم وهي: الغلوكاغون والإيبينفرين وهرمون النمو والكورتيزول. واستجابةً لهبوط مستويات الغلوكوز البلازمية يُفرز الغلوكاغون من خلايا ألفا المعثكلية إلى الدوران البابي الكبدي، ويُعتقد أنه يعمل حصرياً في الكبد في الشروط الفيزيولوجية. فهو يُفعِّل تحلل الغليكوجين واستحداث السكر، ويزيد الإنتاج الكبدي من الغلوكوز خلال دقائق.

ويفرز الإيبينفرين من الخلايا أليفة الكروم (الكرومافين) في لب الكظر استجابة لهبوط مستويات غلوكوز البلازما، وهو ينبه كلاً من الإنتاج الكبدي والكلوي من الغلوكوز ويحد من استخدامه. 

وتحدُّ الارتفاعات طويلة الأمد لكلٍّ من هرمون النمو والكورتيزول من استخدام الغلوكوز وتنبه إنتاجه. يكون لهرمون النمو في البداية تأثير خافض لسكر الدم شبيه بالإنسولين، ولا يظهر تأثيره الرافع لسكر الدم إلا بعد ساعات عديدة. وكذلك يسبب الكورتيزول زيادة في مستوى غلوكوز البلازما بعد نحو 2-3 ساعات.

عتبة غلوكوز الدم فيما يتعلق باستجابات نقص سكر الدم:

يُحدث هبوط تراكيز الغلوكوز البلازمية سلسلة نمطية من الاستجابات. ويُظهر الجدول رقم (1) عتبات سكر الدم الوريدي الشعري arterialized venous (لا الوريدي)، والاستجابات الفيزيولوجية لنقص تراكيز الغلوكوز البلازمية.

شأن الاستجابة في الوقاية أو تصحيح نقص سكر الدم (التنظيم المضاد للغلوكوز)

عتبة سكر الدم(mmol/L [mg/dL])

الاستجابة response

 

العامل الرئيس المنظم للغلوكوز، خط الدفاع الأول ضد نقص سكر الدم

4.4-4.7 (80-85) ملي مول/ل

↓ insulin

العامل الرئيس للتنظيم المضاد للغلوكوز، خط الدفاع الثاني ضد نقص سكر الدم

3.6-3.9 (65-70) ملي مول/ل

↑ glucagon

له شأن حاسم حين حدوث عوز في الغلوكاغون، خط الدفاع الثالث ضد نقص سكر الدم

3.6-3.9 (65-70) ملي مول/ل

↑ epinephrine

لها شأن غير حاسم

3.6-3.9 (65-70) ملي مول/ل

↑ cortisol and growth hormone

دفاع سلوكي فوري (تناول الطعام)

 2.8-3.1 (50-55) ملي مول/ل

الأعراض symptoms

دفاع سلوكي معرض للخطر

2.8 >(50>) ملي مول/ل

الاستعراف ↓ cognition

الجدول (1)

جدير بالذكر أن عتبات غلوكوز الدم ديناميكية وليست سكونية، بمعنى أنها تنحرف نحو مستويات غلوكوز بلازمية أعلى في مرضى داء السكري غير المضبوط الذين يظهرون أعراض نقص سكر الدم بتراكيز غلوكوز أعلى من الطبيعي، وتنحرف نحو الأسفل في المرضى الذين يعانون نقصَ سكر دم متكرراً كما هو في المصابين بسكري جيد الضبط وبالمصابين بورم الجزيرة insulinoma الذين يتحملون مستويات غلوكوز أقل من الطبيعي من دون أعراض.

التنظيم المضاد للغلوكوز glucose counterregulation:

هي الآليات التي تمنع نقص سكر الدم أو تصحيحه بسرعة.

مبادئ التنظيم المضاد للغلوكوز ثلاثة وهي:

1- إن الوقاية من نقص سكر الدم وتصحيحه تتضمن كلاً من تناقص الإنسولين وتفعيل عوامل التنظيم المضاد، ولا ينجم التفعيل عن تناقص الإنسولين وحده.

2- على الرغم من أن الإنسولين هو العامل المهيمن الخافض لسكر الدم، فإن هناك عوامل تنظيم مضاد للغلوكوز وافرة تشتمل على إنقاص الإنسولين وزيادة الغلوكاغون والإيبينفرين وهرمون النمو والكورتيزول.

3- هناك تسلسل هرمي بين عوامل التنظيم المضاد، فبعضها أكثر أهمية من بعض.

التظاهرات السريرية لنقص سكر الدم:

يزودنا مثلث ويبل Whipple’s triad بمرشد عن نقص سكر الدم السريري ويتألف من:

1- وجود أعراض نقص سكر الدم.

2- وجود نقص في تركيز الغلوكوز البلازمي.

3- زوال أعراض نقص سكر الدم عندما يرتفع تركيز الغلوكوز.

يمكن أن تقسم أعراض نقص سكر الدم إلى صنفين: أعراض ناجمة عن قلة السكر في الجهاز العصبي المركزي neuroglycopenic، وأعراض عصبية المنشأ ناجمة عن تفعيل الجهاز العصبي المستقل autonomic.

إن الأعراض الناجمة عن قلة السكر العصبي هي نتيجة مباشرة لحرمان الجهاز العصبي المركزي من الغلوكوز وتشتمل على تغيرات السلوك، والتخليط الذهني confusion، والتعب والوهن، والاضطرابات البصرية، والنوب الاختلاجية، ونقص الوعي، وقد يحدث الموت إذا كان نقص سكر الدم شديداً ومديداً.

تشتمل أعراض تفعيل الجهاز العصبي المستقل على الخفقان والرعاش tremor والقلق، والأعراض الكولينية الفعل cholinergic مثل التعرق والجوع والمذل paresthesias. وجدير بالذكر أن الأعراض الودية والكولينية الفعل تنجم عن تفعيل العصبونات الودية أكثر من تفعيل لب الكظر.

تشتمل علامات نقص سكر الدم على الشحوب والتعرق الغزير diaphoresis، ويزداد ضغط الدم وسرعة القلب، لكن هذه الموجودات ربما لا تكون مهيمنة.

قد تحدث على نحو مؤقت عيوب عصبية عابرة لكن الأذيات العصبية الدائمة نادرة. يعتقد أن أذية الدماغ ناجمة عن التأثيرات المثيرة لزيادة تحرر الغلوتامات وتشتمل على تفعيل poly-ADP ribose polymerase، وهو إنزيم يعمل طبيعياً في إصلاح الـ DNA، ويؤدي إلى عيب وظيفي عصبي وموت الخلية.

تشخيص نقص سكر الدم:

تظاهرات نقص سكر الدم لا نوعية، تتفاوت بين الأشخاص ويمكن أن تتغير من وقت إلى آخر في الشخص نفسه، وهي أيضاً عارضة؛ ولهذا - وعلى الرغم من أن القصة المرضية ذات أهمية جوهرية في الإيحاء باحتمال نقص سكر الدم - لا يمكن أن يبنى التشخيص على أساس الأعراض والعلامات بمفردهما، وفضلاً عن ذلك ينبغي ألا يبنى تشخيص نقص سكر الدم على أساس قياسات غلوكوز البلازما وحدها ما لم تكن أقل من الطبيعي على نحو لا يقبل الشك. ليس من الممكن تحديد تركيز غلوكوز بلازما محدد  تحدث أعراض قلة السكر العصبي إذا ما كان التركيز أخفض منه، ولا تحدث إذا ما كان التركيز أعلى منه.

إن الأعراض تحدث عادة بتراكيز غلوكوز بلازمية أقل من 3ملي مول/ل (54 ملغ/دل)، لكنها قد تحدث بتراكيز أعلى في داء السكري سيئ الضبط، وتحدث فقط في مستويات منخفضة في داء السكري جيد الضبط، أو في الحالات الأخرى التي يحدث فيها نقص سكر دم متكرر مثل ورم الجزيرة.

عموماً تعد تراكيز الغلوكوز البلازمية الوريدية الأعلى من 3.9ملي مول/ل (70ملغ/دل) بعد صيام ليلة كاملة طبيعية، في حين تعد القيم بين 3 و 3.9ملي مول/ل موحية بنقص سكر الدم، والقيم دون 3ملي مول/ل (54 ملغ/ل) مشخصة لنقص سكر الدم بعد الامتصاص (الصيامي).

ويبقى تشخيص نقص سكر الدم المعتمد على مثلث ويبل أكثر التشاخيص إقناعاً.

آليات نقص سكر الدم:

يشير نقص سكر الدم إلى أن معدل نفاد الغلوكوز من الدوران يفوق معدل تدفقه إليه، ويمكن أن ينجم ذلك عن نفاد الغلوكوز المفرط (استخدام مفرط، ضياع خارجي، أو نقص تدفق الغلوكوز (عوز الإنتاج في غياب ورود غلوكوز خارجي المنشأ) أو عن كليهما معاً.

تشتمل الحالات التي يرافقها زيادة استخدام الغلوكوز على التمرين والحمل والخمج sepsis.

وقد يحدث الضياع الكلوي للغلوكوز بتراكيز بلازمية طبيعية كما في البيلة السكرية الكلوية renal glycosuria والحمل.

ونظراً لمقدرة الكبد الطبيعية والكلية على زيادة إنتاج الغلوكوز عدة أضعاف فإن نقص سكر الدم نادراً ما ينجم عن نفاد الغلوكوز المفرط من الدوران فحسب، إنما ينجم نقص سكر الدم عن عيوب تنظيمية أو إنزيمية أو في الركائز.

تشتمل عيوب تنظيم الغلوكوز على إفراز الإنسولين المفرط أو عوز إفراز هرمونات التنظيم المضاد للغلوكوز. وقد تكون العيوب الإنزيمية في إنتاج الغلوكوز أولية أو تكون ناجمة عن مرض كبدي. تشتمل عيوب الركائز على فشل تحرك ركائز استحداث السكر أو استخدامها.

التصنيف السريري لنقص سكر الدم:

قد ينجم نقص سكر الدم ما بعد الامتصاص (أو الصيامي) عن الأدوية أو الأمراض الكبدية أو الكلوية أو الأخماج أو عوز الهرمونات أو أورام الخلايا المعثكلية غير البائية أو فرط الإنسولين داخلي المنشأ بما في ذلك أورام خلية بيتا المعثكلية، أو الاضطرابات الاستقلابية في سن الرضاع والطفولة.

نادراً ما ينجم نقص سكر الدم ما بعد الطعام (أو الارتكاسي) عن فرط الإنسولين داخلي المنشأ أو العيوب الإنزيمية الولادية، وقد يتلو جراحة المعدة وقد يكون مجهول السبب idiopathic.

يوضح الجدول رقم (2) التصنيف السريري لنقص سكر الدم.

1- نقص سكر الدم الصيامي:    

·         أ- الأدوية:

§         - الأنسولين، والسلفونيل يوريا، والكحول، وعلى وجه الخصوص.

§         - البنتاميدين، والكينين.

§         - الساليسيلات والسلفوناميدات أحياناً.

·         ب- الأمراض الخطيرة: القصور الكبدي، قصور القلب، القصور الكلوي، الأخماج، السُغاب inanition.

·         ج- أعواز الهرمونات: عوز الغلوكاغون والإيبينفرين، عوز هرمون النمو أو الكورتيزول أو كليهما.

·         د- فرط الأنسولين داخلي المنشأ:

§            - اضطرابات خلية بيتا المعثكلية:

§         ورمية: الورم الجزيري insulinoma.

§         غير ورمية: محرضات إفراز خلية بيتا كالسلفونيل يوريا، نقص سكر الدم منيع الذات autoimmune.

§         أضداد الأنسولين.

§         أضداد مستقبل الأنسولين.

§         أضداد خلية بيتا؟ إفراز هاجر للأنسولين؟

-        - أورام الخلايا المعثكلية غير البائية.

- نقص سكر الدم في سن الرضاع والطفولة.

2- نقص سكر الدم بعد الطعام (الارتكاسي):

·         أ- فرط الأنسولين داخلي المنشأ:

§         - أضداد الأنسولين.

§         - نقص سكر الدم المعثكلي المنشأ غير الورم الجزيري.

·         ب- الأعواز الولادية في إنزيمات استقلاب الكاربوهيدرات:

§         - عدم تحمل الفركتوز الوراثي.

§         - الغلاكتوزمية galactosemia.

·         ج- أمراض أخرى:

§         - نقص سكر الدم الغذائي alimentary.

- نقص سكر الدم مجهول السبب بعد الطعام (الوظيفي).

الجدول (2) التصنيف السريري لنقص سكر الدم

أسباب نقص سكر الدم الصيامي:

الأدوية: هي أكثر أسباب نقص سكر الدم شيوعاً.

يشتمل الجدول رقم (3) على معظم الأدوية التي تسبب نقص سكر الدم على نحو مثبت أو مُفترض.

الدواء

المرض المعالج

established   مؤكدة

الأنسولين ومركبات السلفونيل يوريا

داء السكري

الكحول

pentamidine, quinine, sulfonamides, quinolones (gatifloxacin, ciprofloxacin, levofloxacin)

الأخماج

quinidine, disopyramide, cibenzoline

اضطرابات النظم

acetylsalicylic acid

الألم

putative  مفترضة

chloramphenicol, ketoconazole, oxytetracycline, ethionamide isoniazid

الأخماج

acetaminophen, indomethacin, propoxyphene, phenylbutazone

الألم

clofibrate, bezafibrate

فرط شحميات الدم

orphenadrine, diphenhydramine

الحساسية

cimetidine, ranitidine

قرحة المعدة

phenytoin, gabapentin

داء الصرع

الجدول (3)

يثبط الإيثانول استحداث السكر ولا يثبط تحلل الغليكوجين. إن نقص سكر الدم السريري المحرض بالكحول يتلو عادة (نحو 36 ساعة) تناوُل الشخص كمية متوسطة إلى كبيرة من الكحول والقليل من الطعام (أي نضوب الغليكوجين)، وقد يكون نقص سكر الدم المحرض بالكحول مميتاً والغالب أنه يشفى إذا توفرت العناية الطبية الداعمة. يُعاير الإيثانول في الدم لكن مستوياته لا تتماشى مع نقص سكر الدم على نحو صحيح.

قد تؤدي الساليسيلات salicylates بجرعات كبيرة نسبياً (4-6غ) إلى نقص سكر الدم في الأطفال، ونادراً في الكهول.

وقد تؤدي مركبات السلفوناميد في أحوال نادرة إلى حدوث نقص سكر الدم بتحريضها إفراز الإنسولين. وهناك العديد من الأدوية التي تسبب نقص سكر الدم (أنظر الجدول رقم3).

وتأتي الأمراض الخطرة في المرتبة الثانية بعد الأدوية في إحداثها نقص سكر الدم. منها نقص سكر الدم الكبدي المنشأ الذي يحدث على نحو شائع حين يكون تدمير الكبد سريعاً وجسيماً (التهاب الكبد السمي مثلاً)، كما يحدث نقص سكر الدم أحياناً في المصابين بقصور القلب الشديد وفي بعض المصابين بالقصور الكلوي، والأخماج سبب شائع نسبياً لنقص سكر الدم، وقد يحدث نقص سكر الدم في سياق السغاب.

واضطرابات تنظيم الغلوكوز الهرمونية المنشأ المؤدية إلى نقص سكر الدم غير شائعة، وهي تشتمل فرط الإنسولينية وأعواز هرمونات التنظيم المضاد للغلوكوز. ومع ذلك قد يحدث نقص سكر الدم بعد الامتصاص في مرضى مصابين بأعواز مزمنة لهذه الهرمونات ولاسيما في فترة الرضاع والطفولة.

يحدث أحياناً نقص سكر دم بعد الامتصاص (صيامي) في سياق أورام الخلايا غير الجزيرية. 

ومعظم هذه الأورام أورام ميزانشيمية خلف الصفاق retroperitoneal أو داخل البطن أو الصدر، وهي تتميز ببطء نموها على الرغم من خبثها. تشتمل الأورام الظهارية التي تسبب نقص سكر الدم على أورام الكبد أو كارسينوما المعدة أو قشر الكظر وأورام الكارسينوئيد. ويكون فرط إنتاج IGF-II سبب نقص سكر الدم عند معظم المرضى.

فرط إنسولين الدم داخلي المنشأ endogenous hyperinsulinemia:

ينجم نقص سكر الدم المرتبط بفرط إفراز الإنسولين داخلي المنشأ عن اضطرابات خلية بيتا المعثكلية الأولية وخاصة ورم خلية بيتا أو الورم الجزيري، وأحياناً الورم الجزيري المتعدد multiple insulinomas.

قد ينجم عن الاضطراب الوظيفي في خلية بيتا - مع ضخامة الخلية أو فرط تنسجها أو من دون ذلك - فرط إنسولين الدم داخلي المنشأ عند الأطفال وأحياناً عند الكهول.

كما قد يحدث نقص سكر الدم نتيجة تناول محرضات إفراز خلية بيتا كمركبات السلفونيل يوريا.

إن المظهر الفيزيولوجي المرضي البارز لفرط إنسولين الدم داخلي المنشأ هو عدم وصول إفراز الإنسولين إلى مستويات منخفضة جداً في أثناء نقص سكر الدم.

التشخيص: يجب لتشخيص فرط إنسولين الدم داخلي المنشأ - بما فيه الناجم عن الورم الجزيري - وجود نقص سكر دم صيامي (مثلث ويبل) مع وجود تراكيز إنسولين مرتفعة على نحو غير متناسب، وتركيز غلوكوز بلازمي أقل من 54ملغ/دل مع معايرة التراكيز البلازمية لكل من الإنسولين والببتيد C وطليعة الإنسولين.

إذا لم تظهر هذه المعايير خلال زيارات المريض الخارجية يصبح من الضروري إدخال المريض إلى المستشفى للقيام بصيام تشخيصي مديد إذا ما كانت الشبهة السريرية قوية.

وإن سلبية الاختبارات بعد الصيام المديد تجعل تشخيص الورم الجزيري بعيد الاحتمال.

تقليدياً، إن عدم حدوث نقص سكر دم بعد 72 ساعة من الصيام  أمر مطلوب لدعم نتيجة سلبية الاختبار. يتم عادة إثبات وجود الورم الجزيري بعد صيام 24 ساعة إذ ينقص سكر الدم في نحو ثلثي المصابين، وتصل النسبة إلى 90 أو ربما 100% بعد صيام 48 ساعة.

وإضافة إلى معايرات غلوكوز البلازما والإنسولين والببتيد C وطليعة الإنسولين ينبغي تقصي السلفونيل يوريا في المصل، وكذلك محرضات إفراز الإنسولين الأخرى (ريباغلينيد وناتاغلينيد) وحين حدوث نقص سكر الدم.

التشخيص التفريقي: توجد التراكيز المرتفعة غير المتناسبة من الإنسولين والببتيد C وطليعة الإنسولين في المصابين بالورم الجزيري وبعض اضطرابات خلية بيتا الأخرى بما فيها فرط الإنسولينية الولادي.

ينجم عن تناول مركبات السلفونيل يوريا والمحرضات الأخرى ظهور المعطيات المخبرية نفسها، لكن لحسن الحظ هذه المركبات قابلة للمعايرة.

يؤدي إعطاء الإنسولين الخارجي المنشأ إلى حدوث ارتفاع مستويات الإنسولين مع تثبيط مستويات الببتيد C وطليعة الإنسولين.

تسبب أضداد الإنسولين نقص سكر الدم في أثناء الانتقال من حالة بعد الطعام إلى حالة بعد الامتصاص؛ لأن الإنسولين (المفرز استجابة للوجبة المبكرة والارتباط بالأضداد) ينفصل ببطء عن الأضداد ويسبب فرط إنسولينية نسبياً. وتكون تراكيز الإنسولين الكلي والحر مرتفعة على نحو غير متناسب.

ورم الجزيرة insulinoma:

هو أكثر أسباب نقص سكر الدم الناجم عن فرط الإنسولين داخلي المنشأ شيوعاً عند الكهول.

تبلغ نسبة حدوثه نحو حالة من بين كل 250000 مريض سنوياً. ونظراً لأن 90% من أورام الجزيرة سليمة فإنها تعد عموماً السبب القابل للعلاج من بين أسباب نقص سكر الدم المميت.

قد تكون أورام الجزيرة فرادية أو جزءاً من متلازمة الأورام الغدية المتعددة ذات الوراثة الجسدية السائدة MEN1 (فرط الدريقية الأولي، أورام الجزيرة غير المقتصرة على ورم الجزيرة، وأورام النخامى). 

الإنسولينومات الوحيدة هي القاعدة في الأورام الفرادية في حين تكون الإنسولينومات المتعددة شائعة في MEN1.

تقع أورام الجزيرة ضمن مادة المعثكلة على نحو دائم تقريباً، وهي صغيرة الحجم عادة؛ لذا فإنها تلفت الانتباه بسبب إحداثها نقص سكر الدم لا بسبب تأثيرات كتلة الورم.

يوضح الجدول رقم 4 أكثر الأعراض شيوعاً في المصابين بورم الجزيرة:

الأعراض

نسبة الحدود (%)

مزيج متنوع من الشفع وشواش الرؤية والتعرق والخفقان والضعف

85

تخليط أو اضطراب السلوك

80

نساوة amnesia أو فقد الوعي

35

نوب الصرع الكبير

12

الجدول (4)

لا بد عند ثبوت المعطيات السريرية والكيميائية الحيوية لورم الجزيرة من تحديد موضع الورم.

ويكشف التصوير المقطعي المحوسب 70-80% من الأورام تقريباً، في حين يكشف التصوير بالرنين المغنطيسي نحو 85% ، كما يمكن لهاتين التقنيتين أن تكشفا نحو 10% من نقائل أورام الجزيرة الخبيثة.

قد يكشف التصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر التنظير الباطن أوراماً عديدة، لكن حساسية التصوير بالأمواج فوق الصوتية عبر التنظير endoscopic ultrasound تبلغ نحو 90%.

المعالجة: الاستئصال الجراحي لورم الجزيرة المفرد شافٍ عموماً. وتشتمل المعالجة الدوائية للأورام غير القابلة للاستئصال على الديازوكسيد diazoxide ومماثل السوماتوستاتين octreotide.

ليس لدى معظم الأطفال واليافعين المصابين بنقص سكر الدم بفرط الإنسولين ورم جزيرة متميز. وفيما يلي أسباب نقص سكر الدم المرتبط بفرط الإنسولين داخلي المنشأ عند الأطفال.

نقص سكر الدم في سن الرضاع والطفولة:

 تشتمل أسباب نقص سكر الدم  في سن الرضاع والطفولة على عدم تحمل الصيام العابر، وفرط الإنسولينية، والعيوب الإنزيمية في استقلاب الكاربوهيدرات أو البروتين أو الدسم.

كما قد ينجم نقص سكر الدم عند الأطفال عن الآليات نفسها في الكهول التي تشتمل على الأدوية والأمراض الخطرة.

يوضح الجدول رقم 5 أسباب نقص سكر الدم  في سن الرضاع والطفولة:

عدم التحمل العابر للصيام

عدم التحمل العابر للصيام

الولدان ناقصوا الوزن، قصور النخامى، نقص تصنع الكظر، فرط تصنع الكظر الولادي، نقص سكر الدم الكيتوني في الأطفال.

فرط الأنسولينية

فرط الأنسولينية

- أطفال الأمهات السكريات.

- الأدوية الأمومية مثل: sulfonylurea, β2-adrenergic agonist.

- ورم الجزيرة insulinoma، فرط الأنسولينية الولادي.

- متفرقات: عدم التوافق Rh، تبديل الدم، الكرب حول الولادة، متلازمة بيكويز - ويدمان Beckwith-Wiedemann .

أعطاب الإنزيمات

استقلاب الكاربوهيدرات:

أدواء خزن الغليكوجين، عوز إنزيم انشاء الغليكوجين، عوز استقلاب الفركتوز، والغالاكتوز

 deficiency; galactose-1-phosphate uridyltransferase deficiency

استقلاب البروتين:

عوز إنزيم α-keto acid dehydrogenase complex

 استقلاب الدسم:

عيوب أكسدة الحموض الدهنية، عوز انشاء الكيتون fatty acid oxidation defects, and the ketogenesis sequence.

الجدول (5)

نقص سكر الدم الوليدي neonatal hypoglycemia:

تتضمن العلامات التي تتماشى مع نقص السكر عند الرضع انقطاع النفس apnea، ونوب زراق، ونقص الحرارة، ونقص التوتر hypotonia، وقلة الرضاعة أو الإطعام. إضافة إلى تغيرات مستوى الوعي (الهيوجية irritability، والوسن lethargy، والذهول stupor) والرعاش والاختلاج والسبات.

لم يزل تعريف نقص سكر الدم عند الولدان مثار جدل، وقد اقتُرحت تراكيز غلوكوز بلازمية تراوح بين 40 و50 ملغ/دل كحد تعريفي.

فرط الإنسولينية الولادي congenital hyperinsulinism:

على النقيض من أسباب نقص سكر الدم الوليدي مع فرط الإنسولينية العابر، فإن فرط الإنسولينية الولادي (أو نقص سكر الدم الدائم مفرط الإنسولين في سن الرضاع) قد يستمر منذ فترة الولادة أو يصبح ظاهراً سريرياً في السنة الأولى من العمر.

من النادر وجود ورم جزيري خفي في هذه الفئة العمرية، على الرغم من أن أورام الجزيرة قد كشفت عند بعض الأطفال الذين حدث لديهم نقص سكر الدم بفرط الإنسولين بعد السنة الأولى من العمر.

فرط الإنسولينية الولادي هو أكثر أسباب نقص سكر الدم غير العابر عند الولدان شيوعاً، ويحدث في نحو 1 من كل 50000 وليد حي. يورث هذا المرض وراثة جسدية صاغرة وينجم عن طفرات تصيب الجينات التي ترمز قنوات البوتاسيوم الحساسة للـ(KATP) ATP ، والتي تؤدي في النهاية إلى إفراز الإنسولين على الرغم من مستويات الغلوكوز المنخفضة.

يعالج فرط الإنسولينية الولادي في البدء معالجة طبية تشتمل على  إعطاء الغلوكوز والإطعام المتكرر واستعمال الديازوكسيد diazoxide وoctreotide وglucagon على أمل تحسن نقص سكر الدم مع مرور الوقت؛ لأن لقطع المعثكلة الجزئي (الذي قد يكون ضرورياً) مخاطر حدوث الداء السكري بنسبة عالية.

نقص سكر الدم بعد الطعام (الارتكاسي) postprandial (reactive) hypoglycemia:

يحدث هذا النمط من نقص سكر الدم حصراً بعد الوجبات، ونموذجياً ضمن 4 ساعات من تناول الطعام.

قد تؤدي بعض الاضطرابات التي تسبب نقص سكر دم صيامياً إلى نقص سكر دم يكشف بعد الوجبة أيضاً، ومع ذلك  المقاربة التشخيصية والعلاجية في هؤلاء المرضى هي مقاربة نقص سكر الدم الصيامي.

يحدث نقص سكر الدم بعد الطعام في الأشخاص الذين أجريت لهم جراحة معدية، وهي تؤدي إلى سرعة تحرك الطعام نحو المعى الدقيق، ويعتقد أن نقص سكر الدم ناجم عن فرط إنسولين الدم المبكر التالي للزيادة السريعة في غلوكوز الدم وتعزيز إفراز الأنكريتينات incretins المعوية مثل (GLP-1) glucagon-like peptide-1 مقترناً بتثبيط إفراز الغلوكاغون بوساطة GLP-1. يحدث نقص سكر الدم بعد 1.5-3 ساعات من تناول الطعام.

ينبغي التفريق بين أعراض نقص سكر الدم و أعراض متلازمة الإغراق dumping syndrome (الشعور بالامتلاء، غثيان وضعف) التي تحدث بعد أقل من ساعة من تناول الطعام.

يحدث نقص سكر الدم بعد الطعام في المصابين بنقص سكر الدم منيع الذات الناجم عن ضد الإنسولين أو المصابين بنقص سكر الدم المعثكلي المنشأ غير ورم الجزيرة مع عملية مجازة معدية سابقة أو من دون ذلك، إضافة إلى المصابين بعدم تحمل الفركتوز الوراثي أو الغالاكتوزيميا. وهذه الاضطرابات نادرة.

ويتطلب التشخيص توثيق وجود أعراض مرتبطة بتركيز غلوكوز بلازمي منخفض بعد وجبة مختلطة وزوال هذه الأعراض حالما ترتفع تراكيز الغلوكوز (مثلث ويبل).

يُنصح المصابون بنقص سكر الدم بعد الطعامي بتناول حميات منخفضة المحتوى من الكاربوهيدرات وعالية المحتوى من البروتين، كما ينصحون بتكرار وجبات الطعام وتجنب السكريات البسيطة.

معالجة نقص سكر الدم بعد الامتصاص (الصيامي):

إن الدماغ سريع التأثر بنقص سكر الدم المديد؛ لذا ينبغي رفع تراكيز الغلوكوز إلى المستوى الطبيعي بأقصى سرعة ممكنة، ويجب اتخاذ الاحتياطات لتجنب تكرار نقص سكر الدم.

لا يحتاج نقص سكر الدم بعد الطعام إلى معالجة إسعافية، وغالباً ما يكون محدوداً ذاتياً، لكن نقص سكر الدم الصيامي  - وهو اضطراب مستمر ودائم - يتطلب معالجة مستمرة وطويلة الأمد. وينبغي حدوث التحسن السريري في الحالات الإسعافية في غضون 15-20 دقيقة بعد ارتفاع مستويات الغلوكوز والمحافظة عليها شريطة عدم حدوث أذية دماغية. وإذا  كان هناك استجابة أولية فإن مراقبة الغلوكوز ضرورية لضمان المحافظة على تركيز غلوكوز البلازما.

تتطلب المعالجة النهائية لنقص سكر الدم الصيامي تصحيح الخلل المستبطن كلما كان ذلك ممكناً؛ وحين لا يكون ذلك ممكناً ينبغي إعطاء الغلوكوز خارجي المنشأ، أو إنتاج الغلوكوز داخلي المنشأ للحد من استخدام الغلوكوز من قبل النسج ما عدا الدماغ.

نقص سكر الدم العلاجي المنشأ محدد بمدة تأثير الدواء المتهم، وينبغي التوقف عن استعمال الدواء (ولو مؤقتاً) في حين تستمر المحافظة على مستوى غلوكوز البلازما ريثما ينتهي تأثير ذلك الدواء، وتعدل الأنظمة العلاجية بعدئذٍ على نحو يسمح بعدم تكرار نقص سكر الدم.

ونقص سكر الدم الصيامي المرتبط بفرط الإنسولين داخلي المنشأ قابل للشفاء باستئصال ورم الجزيرة جراحياً. وإن لم يكن ذلك ممكناً بسبب وجود أورام متعددة أو نقائل، أو حين غياب آفة قابلة للتحديد يفيد الديازوكسيد أحياناً لأنه يرفع (بجرعة 100-800 ملغ/يوم للكهول أو 5-30 ملغ/كغ/ يوم للأطفال) تركيز غلوكوز البلازما بتثبيطه إفراز الإنسولين، والديازوكسيد خافض ضغط  قوي حين يعطى وريدياً بسرعة، ولكن تأثيره الخافض للضغط هذا أقل حين يعطى فموياً أو بالتسريب الوريدي البطيء، فإن هبوط الضغط محدد بالجرعة وقصير الأجل، ويبدو أن جرعة فموية بمقدار 7 ملغ/كغ آمنة من هذه الناحية.

تشتمل المعالجات الأخرى على الـ octreotide وضادات قناة الكلسيوم.

وعلاج نقص سكر الدم الذي يرافقه أورام الخلايا غير خلية بيتا يشتمل على مقاربات دوائية أو جراحية أو شعاعية للورم. يصحح نقص سكر الدم الناجم عن عوز الغلوكورتيكوئيدات بالمعالجة المعيضة المناسبة.

ويعالج نقص سكر الدم الناجم عن السغاب أو قصور الكبد أو قصور الكلى أو قصور القلب أو الأخماج بإجراءات قصيرة الأجل، ومعالجة المرض المستبطن كلما كان ذلك ممكناً.

 

التصنيف : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
النوع : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 180
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 806
الكل : 31663606
اليوم : 18188