logo

logo

logo

logo

logo

أمراض القلب الجراحية

امراض قلب جراحيه

surgical heart diseases - maladies cardiaques chirurgicales



أمراض القلب الجراحية

 

سامي القباني

لمحة تاريخية

آفات التأمور الجراحية

آفات القلب الجراحية الولادية

آفات الصمامات الجراحية

آفات القلب الإكليلية الجراحية

أورام القلب

 

لمحة تاريخية

تعدّ جراحة القلب من الاختصاصات الطبية الحديثة نسبياً؛ فأول عملية قلب مغلق (ربط القناة الشريانية السالكة) أجريت من قبل Gross عام 1938، وأول عملية قلب مفتوح باستخدام جهاز القلب-الرئة (إصلاح فتحة بين الأذينتين) أجريت من قبل Gibbon عام 1953. وقد تطورت العمليات القلبية بسرعة بعد تبديل أول صمام (Starr 1961) وإجراء أول عملية مجازات إكليلية (Favaloro1968)، وساعد على تطورها السريع اكتشاف طرق الحفاظ على العضلة القلبية في أثناء العملية وتبسيط المجازات القلبية - الرئوية (أجهزة القلب - الرئة الصناعية) وجعلها أكثر سلامة.

بيد أن استحداث الطرق التداخلية interventional لتوسيع الشرايين الإكليلية والصمامات بوساطة القثاطير (في غرفة القثطرة) في الثمانينيّات والتسعينيّات من القرن الفائت وفر للمرضى وسائل غير جراحية لعلاج بعض الآفات القلبية التي كانت تحتاج إلى مبضع الجراح؛ مما أدى إلى هبوط عدد عمليات القلب المفتوح (ومنها المجازات الإكليلية خاصة) في أواخر القرن الماضي وبداية القرن الواحد والعشرين.

عمليات «القلب المغلق» و«القلب المفتوح»

تجرى عمليات «القلب المغلق» دون فتح واحد من أجواف القلب، إمّا لإصلاح آفات في أوعية القلب المركزية، أو التأمور، وإما لتداخلات جراحية غير مباشرة داخل القلب. ويحتاج الجراح إلى وسائل «القلب المفتوح» كلما أراد أن يفتح جوفاً من أجواف القلب أو أوعيته المركزية الكبيرة؛ ليُجري العملية بالرؤية المباشرة. وتعتمد عمليات القلب المفتوح على عدة تقنيات صارت اليوم مدروسة وسهلة التطبيق، أهمها المجازة القلبية -الرئوية cardiopulmonary bypass التي تطبق بسحب الدم الوريدي من الوريدين الأجوفين العلوي والسفلي إلى جهاز القلب-الرئة الصنعي heart-lung machine، حيث يخلط بغاز الأكسجين، وهو عمل الرئة، ثم يُدفع بعد أكسجته عوداً إلى الشجرة الشريانية (الأبهر الصاعد أو أحد الشرايين المحيطية)، وهو عمل القلب  (الشكل 1). يفرغ القلب بهذا الإجراء من معظم محتواه من الدم لكي يتمكن الجراح من رؤية الآفة القلبية وإصلاحها. ولابد من تمييع دم المريض وريدياً بالهيبارين قبل إدخال القثاطير الوريدية والشريانية اللازمة للمجازة القلبية-الرئوية.

الشكل (1) المجازة القلبية - الرئوية

(جهاز القلب - الرئة الصنعي)

ومن هذه التقنيات تخفيض حرارة الجسم hypothermia ، الذي يطبق عادة بتبريد الدم مركزياً في جهاز القلب - الرئة، ويفيد في إبطاء عمليات الاستقلاب في الجسم؛ مما يحمي الدماغ في أثناء العملية، ويسمح بخفض جريان الدم في جهاز القلب - الرئة الصنعي، الأمر الذي كثيراً ما يحتاج إليه الجراح لتوضيح الرؤية.

الشكل (2) طريقة بزل التأمور

ومنها طرق الحفاظ على العضلة القلبية myocardial preservation، التي تتم في معظم عمليات القلب المفتوح اليوم بشل العضلة القلبية cardioplegia بمحلول غني بشاردة البوتاسيوم والمغنزيوم أو فقير بشاردة الكلسيوم، يزرق بعد إغلاق الأبهر الصاعد المؤقت في جذع الشريان الأبهر، أو مباشرة عبر فوهتي الشرايين الإكليلية (إذا كانت العملية تتطلب فتح الأبهر الصاعد). ويضيف معظم الجراحين اليوم الدم إلى هذا المحلول لتحسين أكسجة القلب المشلول، ويفضل معظمهم أن يكون المحلول مبرداً بهدف إبطاء عملية استقلاب العضلة القلبية.

وتتطلب معظم عمليات القلب المفتوح إغلاق الأبهر الصاعد بصورة مؤقتة، وفتح أحد أجواف القلب لإدخال مصرف vent في الأذين الأيسر لحماية عضلة القلب من التمدد.

آفات التأمور الجراحية

1- الاندحاس (السِّطام) القلبي cardiac tamponade: يحدث الاندحاس الحاد عادة من نزف فجائي في جوف التأمور نتيجة أذية ثاقبة للقلب (طعنة بآلة حادة أو طلقة نارية)؛ مما يحدد حركة القلب، ويسبب الصدمة القلبية. ويكون العلاج الإسعافي الأولي ببزل التأمور (جانب وأيسر ذيل الخنجر عادة) مرّة أو أكثر لتخفيف الضغط عن القلب (الشكل 2). فإذا لم يتوقف النزف، فلا بد من التداخل الجراحي بفتح عظم القص وإرقاء الجرح القلبي.

2- الرتوج والأكياس التأمورية: هي آفات نادرة تحصل من تبقّي فضوات جنينية في اللحمة المتوسطةmesenchyme   التي يتشكل منها التأمور، ولا تسبب عادة أعراضاً، وتتوضع في الزاوية القلبية الحجابية (اليمنى خاصة)، وتكمن أهميتها في ضرورة تشخيصها وتفريقها عن آفات صدرية أخرى.

3- التهاب التأمور :pericarditis قد يكون الالتهاب حاداً أو مزمناً، ويرافقه عادة انصباب تأموري، ويشمل دور الجراح تشخيص نوع الالتهاب (إما ببزل السائل التأموري وإما بإجراء خزعة من التأمور)، واستئصالاً جزئياً أو شبه كامل للتأمور لمعالجة حالات الاندحاس.

وقد ينتهي التهاب التأمور المزمن بالتليف والتسمك (وأحياناً التكلس) والالتصاق بعضلة القلب (التهاب التأمور المضيِّق أو العاصر constrictive pericarditis)؛ مما يستوجب -إذا تحددت وظيفة القلب الانقباضية والانبساطية على نحو مهم- عملية تقشير التأمور decortication التي تجرى بشروط القلب المغلق عن طريق شق طولاني في منتصف عظم القص عادة. ولابد من تقشير سائر أجواف القلب وأوعيته الكبيرة حتى تتكلل العملية بالنجاح.

4- أورام التأمور: أشهر الأورام الحميدة أورام الوريقة المتوسطة البدئية primary mesothelioma، وتتم معالجتها بالاستئصال الجراحي عبر عظم القص. أما الأورام الخبيثة العفلية المتنوعة أو الناجمة عن انتقالات سرطانات الرئة وغيرها؛ فتقتصر وظيفة الجراح فيها عادة على إجراء خزعة جراحية للتشخيص.

آفات القلب الجراحية الولادية

تقسم آفات القلب الولادية عموماً إلى آفات غير مُزرِّقة، وأخرى مزرِّقة (وهي الأخطر عموماً)، ويمكن أن يُشخَّص معظمها بصدى أصوات القلب (الإيكو)، وفيما يلي أهم هذه الآفات، بدءاً بالآفات غير المزرقة.

1- القناة الشريانية السالكة patent ductus arteriosus: تحصل هذه الآفة الشائعة نسبياً عندما لا تغلق القناة الشريانية الجنينية بعد الولادة، وتسبب قصور القلب الأيسر بفعل تحويلة shunt يسرى ــــ يمنى. وتختلف درجة الأعراض باختلاف حجم التحويلة وارتفاع الضغط والمقاومة الرئويتين. ويتم الإصلاح الجراحي - الذي ينصح به ما لم تكن المقاومة الرئوية عالية بحيث تنعكس التحويلة- عن طريق شق صدري جانبي ــــ خلفي عبر الورب الرابع، حيث تسلخ القناة وتربط، أو تقطع (وهو الأفضل). وقد أصبح ممكناً اليوم سد القناة عن طريق القثطرة في معظم الحالات.

2- النافذة الأبهرية - الرئوية aortic-pulmonary window: تحصل هذه الآفة النادرة عندما يتصل الأبهر الصاعد جنينياً مع الشريان الرئوي الأصلي. وتكون التحويلة اليسرى ــــ اليمنى وارتفاع الضغط الرئوي أكبر في هذه الآفة من القناة الشريانية السالكة. وتصلح هذه الآفة عادة بشروط القلب المفتوح وإغلاق فوهة النافذة (الناسور) بغرزة شلالية أو رقعة قماش صنعية من داخل الأبهر.

3- تضيق برزخ الأبهر :coarctation of the aorta تحدث هذه الآفة الولادية في نهاية القوس الشريانية عادة عند تفرع الرباط الشرياني ligamentum arteriosum أو بعده (أو بعد القناة الشريانية إذا بقيت سالكة) بسبب وجود حلقة ليفية تضيق لمعة شريان الأبهر في تلك المنطقة. وتُكشَف الآفة عادة في سن المراهقة أو الشباب بسبب الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني، وتتشكل فيها أوعية مفاغرة كبيرة بين فروع القوس الأبهرية والأبهر النازل.

وفي نسبة قليلة من الحالات في الرضع يكون التضيق قبل القناة مما يجعل الشريان الرئوي يتصل عبر القناة بالأبهر النازل؛ ومّما يؤدي إلى توزع دم ضعيف الأكسجة للنصف الأسفل من الجسم، وتبقى القوس الأبهرية ضامرة نسبياً، وكثيراً ما ترافق هذه الحالة النادرة الخطرة آفات قلبية مهمة أخرى تحتاج إلى عملية إصلاحية مستعجلة.

يستطب استئصال التضيق بعد الرباط الشرياني إذا كان مهماً وظيفياً، أو يجرى تصنيع الأبهر مكانه (أو تجاوز التضيق بمجازة إن كان طويلاً)، وذلك لتجنب عواقب ارتفاع الضغط الشرياني أو التهاب البطانة أو قصور القلب. ويتم ذلك عن طريق شق صدري جانبي ــــ خلفي عبر الورب الرابع، وتكون النتائج جيدة بقدر ما يكون سن المريض صغيراً؛ وارتفاع الضغط الشرياني معتدلاً. وقد صارت بعض حالات تضيق برزخ الأبهر تعالج (في الأطفال والمراهقين على الأقل) بالتوسيع بالبالون عن طريق قثطرة الشريان الفخذي.

4- التضيق الرئوي :pulmonary stenosis يكون عادة صمامياً، ولكن قد يحصل تحت الصمام الرئوي. ويسبب هذا التضيق عندما يكون شديداً زلة تنفسية واسترخاء البطين الأيمن ونقص الأكسجة. ويستطب توسيع التضيق إذا تجاوز الممال الانقباضي عبره 60ملم زئبق إما بالبالون (عن طريق القثطرة اليمنى)؛ وإما جراحياً (عن طريق شق في الشريان الرئوي) بالقلب المفتوح.

5- الفتحة بين الأذينين :atrial septal defect أكثر أشكالها من نوع الفتحات الثانوية ostium secundum، في مكان وسطي من الحجاب بين الأذينين، وأحياناً قرب مصب الأجوف العلوي (فتحة الجيب الوريدي sinus venosus) (الشكل 3).

الشكل (3) أشكال الفتحة بين الأذينين وطرق إغلاقها

وتستطب العملية في الفتحات الثانوية التي تسمح بتحويلة يسرى ــــ يمنى تفوق 1.5 حجم النتاج القلبي، أو في الفتحات التي يشك أنها سمحت بمرور صمة خثرية عجائبية صادرة من التهاب وريد خثري. وتجرى العملية بخياطة الفتحة أو (في حال الفتحات الكبيرة) بإغلاقها برقعة من التأمور أو القماش الصنعي. وقد أصبح بالإمكان اليوم إغلاق الكثير من الفتحات بين الأذينين عن طريق القثطرة بتطبيق جهاز إغلاق خاص، شريطة أن تكون حواف الفتحة واسعة.

وقد تحدث الفتحة بين الأذينين بسبب نقص تصنع في الصفيحة الأولية (الفتحات الأولية septum primum) في المنطقة الأمامية السفلية من الحجاب.

وتستطب العملية في كل الفتحات الأولية، حيث تغلق برقعة من التأمور أو القماش بعد خياطة الشق الصمامي؛ وكل ذلك بشروط القلب المفتوح، مع الأخذ بالحسبان تجنب أذية الحزم العصبية.

6- الفتحة بين البطينين:ventricular septal defect  تعدّ هذه الآفة أكثر آفات القلب الولادية شيوعاً، وتحصل إما وحدها، وإما مترافقة وآفة قلبية أخرى أو أكثر، ويصادف أكثرها في القسم الغشائي من الحاجز البطيني (النوع II). أما الأنواع الأخرى فتحدث في مخرج البطين الأيمن (النوع I)، وتحت منتصف الوريقة الحاجزية للصمام ثلاثي الشرف (النوع III) وفي القسم العضلي من الحاجز البطيني (النوعIV ) (الشكل 4). وتتناسب شدة الأعراض (الزلة التنفسية) وكبر حجم الفتحة وتعاظم التحويلة اليسرى ــــ اليمنى، وقد تنغلق الفتحات الصغيرة من أنواع  IV, III, II  تدريجياً وتلقائياً قبل سن الخامسة أو السادسة من العمر، ويرافق الفتحات الكبيرة ارتفاع في الضغط الرئوي قد يصل إلى أرقام جهازية. وقد تحصل تغيرات مرضية في الأوعية الرئوية الصغيرة الحجم مرافقة للفتحات الكبيرة ينجم عنها ازدياد المقاومة الرئوية؛ مما يؤدي إلى انقلاب اتجاه التحويلة، وظهور الزرقة. وتستطب عملية إغلاق الفتحة بين البطينين إذا تجاوزت التحويلة 1.5 النتاج القلبي، وقبل انقلاب اتجاه التحويلة.

الشكل (4) الفتحة بين البطينين

 

الشكل (5) عملية تضييق الشريان الرئوي

ويلجأ بعض الجراحين في الأطفال الرضع الذين تتجاوز التحويلة لديهم ضعف النتاج القلبي إلى إجراء عملية ملطفة (تضييق الشريان الرئوي pulmonary artery banding) (الشكل 5) لحماية الرئتين من التغيرات الوعائية المسببة لارتفاع المقاومة الرئوية؛ ويفضل معظم الجراحين إجراء عملية الإغلاق حتى في سن الرضاعة. وفي الحالات التي يتساوى فيها الضغطان الجهازي والرئوي في الأطفال يمكن إجراء عملية الإغلاق بخطورة عالية إذا لم تكن المقاومة الرئوية مرتفعة.

وتجرى العملية بشروط القلب المفتوح عن طريق شق في الأذينة اليمنى أو البطين الأيمن، وتغلق الفتحات عادة برقعة من القماش الصنعي.

وقد طبق الأطباء التداخليون إغلاق بعض الفتحات بين البطينين عن طريق القثطرة، إلا أن هذه المحاولات ما تزال في بداياتها.

7- القناة الأذينية - البطينية الكاملة :complete atrio-ventricular canal تحدث نتيجة نقص في نمو الوسادتين الشغافيتين والحاجزين الأذيني والبطيني. وفي أكثر أنواعها شيوعاً (النوع A حسب تصنيف Rastelli) تكون الوريقة الأمامية منشطرة إلى جزء تاجي وجزء ثلاثي الشرف، ويتصل الجزآن إلى حافة الفتحة بين البطينين بحبال وترية  أو عضلة حليمية. وفي النوع الذي يلي النوع A في الشيوع (النوع C) تكون الوريقة الأمامية المشتركة غير منقسمة وغير متصلة بالحاجز البطيني، وفي نصف حالات النوع C  تقريباً تترافق الآفة وتضيق رئوي. وتشمل اللوحة السريرية الأعراض والعلامات المتعلقة بتحويلة يسرى ـ يمنى وقصور تاجي، مع حدوث ارتفاع الضغط الرئوي الباكر في معظم الحالات.

وتجرى عملية إصلاح هذه الآفات بشروط القلب المفتوح حالما يوضع التشخيص لتفادي تطور داء وعائي رئوي ساد، حيث يعاد تصنيع الصمامين التاجي وثلاثي الشرف، وتغلق الفتحة الحاجزية الأذينية-البطينية برقعة (أو رقعتين) من القماش الصنعي.

8- التضيق الأبهري الولادي aortic stenosis: إما أن يكون التضيق الأبهري صمامياً ،فيكون الصمام ذا وريقتين وظيفياً، أو تحت صمامي على شكل حلقة أو تضخم عضلي في مخرج البطين الأيسر، وإما أن يكون التضيق بحالات نادرة فوق صمامي في الأبهر الصاعد. وتستطب العملية الإصلاحية إذا كان التضيق شديداً (الممال الانقباضي فوق 60ملم زئبق)، وتجرى العملية عبر شق في جذع الأبهر بتوسيع زاويتي التضيق في حال التضيق الصمامي (مع إبقاء الوريقتين الملتحمتين على حالهما). وفي حال التضيق تحت الصمامي تستأصل الحلقة الليفية تحت الصمام كما تخزع عضلة الحجاب (يستأصل جزء موشوري منها)، وفي حال التضيق فوق الصمامي يصنَّع الأبهر برقعة من القماش الصنعي. وفي حال ترافق التضيق الأبهري وحلقة أبهرية ضامرة جداً لابد للجراح من توسيع الحلقة وزرع صمام بديل.

9- رباعية فالو :tetralogy of Fallot هي أكبر سبب لزرقة الأطفال فوق السنتين من العمر، عنصراه الرئيسيان تضيق رئوي في مخرج البطين الأيمن (قد يشاركه تضيق صمامي)، وفتحة كبيرة بين البطينين تسمح -مع وجود التضيق الرئوي- بتعادل الضغط في البطينين الأيسر والأيمن، وبتحويلة يغلب أن تكون يمنى ــــ يسرى. وتترافق هذه الآفة  وتراكب الأبهر مع الفتحة بدرجات متفاوتة، وقوس شريانية أبهرية يمنى (20% من الحالات)، وتختلف درجة الزرقة بحسب درجة التضيق الرئوي.

وتعالج الآفة عموماً تحت شروط القلب المفتوح بإغلاق الفتحة بين البطينين، وتوسيع مخرج البطين الأيمن باستئصال جزء من العضلات الجدارية والحاجزية، وتوسيع الصمام الرئوي إن كان متضيقاً أو توسيع حلقته بقطعة قماش صنعية أو تأمور. وفي حالات الرضع التي تثبت القثطرة القلبية فيها أن الشريان الرئوي ضامر أو فيه انسدادات بعيدة، أو أن هناك شذوذاً في توزع الشرايين الإكليلية، يمكن الاكتفاء بعملية ملطفة (وهي عادة عملية بلالوك المعدلة التي يزرع فيها طعم صنعي بين الشريان تحت الترقوة والشريان الرئوي) ريثما ينمو الطفل، وتجرى له العملية النهائية بعد بضع سنوات.

10- تبادل منشأ الشرايين الكبيرة transposition of the great arteries: هذه الآفة المزرِّقة هي أكثر أسباب الوفاة شيوعاً بين الرضع المصابين بعلة قلبية ولادية، ينشأ فيها الأبهر من البطين الأيمن في حين يتصل البطين الأيسر بالشريان الرئوي، ويبقى الرضيع على قيد الحياة بفضل امتزاج الدم الشرياني والوريدي عبر فتحة بين الأذينين (وهي الأكثر شيوعاً) أو فتحة بين البطينين أو قناة شريانية سالكة. وقد يكون هناك تضيق رئوي في مخرج البطين الأيسر. وفي الحالة الشائعة (النمط D) يقع الصمام الأبهري أمام الصمام الرئوي وأيمنه، ويتوفى معظم الأطفال في السنة الأولى من العمر إن لم تتم معالجتهم جراحياً.

والطريقة المفضلة لإصلاح هذه الآفة هي التحويل الشرياني (تبديل الشريان الرئوي مع الأبهر) بالقلب المفتوح، شريطة أن تتم العملية في الأسابيع الأولى من العمر (ولاسيما إذا كان الحجاب البطيني سليماً)؛ لأن التأخير بعد ذلك يعرض البطين الأيسر للقصور أمام مقاومة الدوران الجهازي.

وفي حال التأخر عن الشهر الأول من العمر يلجأ بعض الجراحين إلى الإصلاح على مرحلتين: الأولى ملطفة بإجراء عملية تحويلة محيطية (بلالوك) مع تضييق الشريان الرئوي الأصلي، والثانية (بعد نحو الأسبوع) تغلق فيها التحويلة، وتجرى عملية التبديل الشرياني الأبهري-الرئوي بعدما «اعتاد» البطين الأيسر على الضخ ضد ضغط عالٍ. ويلجأ جراحون آخرون إلى طريق التحويل الأذيني، التي يعاد فيها توزيع دم الأذينين بحيث يوجه العود الوريدي الجهازي إلى البطين الأيسر والعود الوريدي الرئوي إلى البطين الأيمن. ويتم التحويل الأذيني إمّا بعملية Mustard التي يستعمل بها طعم تأموري أو قماشي لتحقيق إعادة التوزيع الأذيني، وإما بعملية Senning التي تستخدم جدران الأذينين الطبيعية لتحقيق الغرض نفسه.

وتمتاز طريقة التحويل الشرياني من طريقة التحويل الأذيني بحدوث مضاعفات أقل على المدى الطويل (منها اضطرابات النظم خاصة) وارتفاع نسبة البقيا البعيدة بعد العملية.

11- شذوذ منشأ الشرايين الكبيرة المصحح :corrected transposition في هذه الآفة النادرة يخرج الأبهر من البطين الأيمن والشريان الرئوي من البطين الأيسر كما في الآفة السابقة، بيد أن البطينين يكونان مقلوبين في الوقت نفسه؛ مما يصحح فيزيولوجياً الدوران من حيث المبدأ. لكن المشكلة تكمن في أن الآفة تكون في معظم المرضى مترافقة وآفات قلبية أخرى مثل فتحة كبيرة بين البطينين (في 90% من الحالات) وتضيق رئوي (في نحو نصف الحالات)، وقد يكون هناك إحصار أذيني ــــ بطيني. وتستخدم العمليات الملطفة في بعض الرضع (كالتحويلة الجهازية الرئوية إذا وجد تضيق رئوي شديد)، أو تضييق الشريان الرئوي (إذا كانت هناك فتحة كبيرة بين البطينين من دون وجود تضيق رئوي مرافق). ولكن يمكن لمعظم مرضى هذه الحالات الحياة بصورة شبه طبيعية إلى الأعمار المتوسطة. ويلجأ إلى عملية إصلاحية في الكبار (إغلاق الفتحة بين البطينين وإصلاح التضيق الرئوي) في الحالات المزرقة، لكن يحتاج معظم هؤلاء المرضى إلى زرع ناظم خطاً لمعالجة الإحصار الأذيني البطيني الذي يصعب تجنبه في أثناء العملية.

12- رتق الصمام ثلاثي الشرف tricuspid atresia: تحدث هذه الآفة المزرقة نتيجة سوء تشكل الصمام الأذيني البطيني الأيمن؛ مما يؤدي إلى انسداده وضمور البطين الأيمن، وتبقي فتحة كبيرة بين الأذينتين المصابين بهذه الآفة على قيد الحياة. وتترافق معظم الحالات وتضيق رئوي، ويحصل في بعضها فتحة حاصرة بين البطينين، ويحصل في بعضها الآخر تبادل منشأ الشرايين الكبيرة من النمط (D) عادة.

ويعالج الأطفال الرضع المصابون بعملية تحويلة ملطفة مناسبة بالقلب المغلق لتأمين المزيد من التروية الرئوية (مثل عملية بلالوك)، ويعالج الأطفال الأكبر بعملية تحويلة ملطفة تؤمن الجريان الرئوي من دون زيادة الحمل على البطين الأيسر (عمليةGlenn  ثنائية الاتجاه)، وهي مفاغرة الوريد الأجوف العلوي مع الشريان الرئوي الأيمن بشروط القلب المغلق، أو عملية فونتان Fontan، وهي توجيه دم الأجوفين الوريديين معاً إلى الشريان الرئوي مباشرة ـــ أي تجاوز البطين الأيمن ـــ بعملية قلب مفتوح نهائية. ويستخدم ممر وعائي في عملية فونتان إما داخل القلب وإما خارجه لتوجيه دم الوريد الأجوف السفلي إلى الشريان الرئوي.

13- شذوذ انصباب الأوردة الرئوية التامtotal anomalous pulmonary venous drainage : أكثر أنواع هذه الآفة المزرقة التي تصيب الرضع هي النوع فوق القلبي supracardiac  الذي تصب فيه الأوردة الرئوية الأربعة في وعاء مشترك خلف القلب يتصل بوريد عمودي أيسر ينتهي بالوريد الرأسي العضدي الذي يصب في الوريد الأجوف العلوي. ويأتي بعد هذا النوع في الشيوع اتصال الأوردة الرئوية بالأذينة اليمنى عن طريق الجيب الوريدي (أي داخل القلب)، وفي حالات نادرة تتصل الأوردة بشكل غير مباشر مع الوريد الأجوف السفلي. وتترافق الآفة ووجود فتحة بين الأذينتين تسمح بتحويلة يسرى ــــ يمنى يُبقي هؤلاء الأطفال على قيد الحياة، وتشتد الأعراض كلما صغرت الفتحة بين الأذينتين، وكلما ضاق مجرى النزح الوريدي الرئوي وارتفع الضغط الرئوي.

ولابد من عملية مستعجلة للرضع المصابين تجرى بشروط القلب المفتوح يحول فيها الدم الوريدي الرئوي كله إلى الأذينة اليسرى.

14- الجذع الشرياني :truncus arteriosus يبقى الجذع الشرياني الجنيني في هذه الآفة كوعاء واحد كبير يوزع الدم لفروع الأبهر وللشرايين الرئوية معاً. وتترافق الآفة وفتحة بين البطينين. وفي معظم الحالات يكون هناك صمام مشترك يتفرع منه الشريانان الأبهري والرئوي، وقد يتفرع الشريان الرئوي الأصلي من جذع الأبهر، أو يتفرع كل من الشريانين الرئويين من جذع الأبهر على حدة؛ وقد تكون هناك واحدة أو أكثر من آفات قلبية مرافقة.

وينتخب بعض الأطباء إجراء عملية ملطفة كخطوة أولى في الرضع (تضييق الشريان الرئوي) ريثما يكبر الرضيع، لكن معظم الجراحين اليوم ينتخبون إجراء الإصلاح في عمر باكر بشروط القلب المفتوح؛ وهو يشمل عادة فصل الشرايين الرئوية عن الجذع الشرياني وإغلاق الفتحة بين البطينين، وزرع قنية (نسيجية أو صنعية) بين مخرج البطين الأيمن والشريان الرئوي (عملية Rastelli).

15- تشوه إبشتاين :Ebstein anomaly يحصل في هذا التشوه هبوط في ارتكاز الوريقتين الخلفية والحاجزية للصمام ثلاثي الشرف؛ مما يجعل الصمام قاصراً، ويقسم جوف البطين الأيمن إلى «بطين أذيني» علوي ضعيف الجدار وتناقضي التقلص، وبطين سفلي صغير، وتكون هناك فتحة مرافقة بين الأذينين. وقد ينجم عن ضخامة الوريقة الأمامية للصمام ثلاثي الشرف بعض الانسداد في مخرج البطين الأيمن. ويعيش معظم المصابين بهذه الآفة إلى سن الشباب، ولا ينصح بالعملية الإصلاحية إلا لذوي الأعراض الشديدة (الزرقة وقصور القلب الوظيفي)، وتجرى العملية بشروط القلب المفتوح. وهي تشمل في معظم المراكز اليوم طيّ البطين الأذيني من الداخل، وإصلاح الصمام ثلاثي الشرف وإغلاق الفتحة بين الأذينين، وقد يحتاج الجراح إلى تبديل الصمام ثلاثي الشرف في حالات نادرة.

آفات الصمامات الجراحية

1- الآفات التاجية الرثوية: إذا أصيب الصمام التاجي بالرثية فإما أن يحدث تضيق صمامي (من التحام الوريقتين ابتداءً من زاويتي الصمام أو التحام النسج تحت الصمام)؛ وإما يحدث قصور صمامي (من انسدال إحدى الوريقتين أو كلتيهما أو من انكماش الوريقتين بحيث تستحيل مطابقتهما). وقد تحدث الظاهرتان معاً (أي التضيق مع القصور)، وهي الحالة الأكثر شيوعاً. ويتبع الداء التاجي (التضيق خاصة) ازدياد ضغط الشريان الرئوي والمقاومة الرئوية، كما يتبعه توسع الأذينة اليسرى، وربما إصابة المريض بالرجفان الأذيني (نحو نصف الحالات). وتمهد كل من الظاهرتين الأخيرتين لتخثر الدم في الأذين وربما انطلاق صمات شريانية محيطية.

ويعالج التضيق الصمامي بالتوسيع، إما بالبالون عن طريق القثطرة القلبية؛ وإما بعملية قلب مغلق (بوساطة أصبع الجراح، أو موسع ميكانيكي يُدخَل في البطين الأيسر عبر قمة القلب)؛ وإما بعملية قلب مفتوح بالرؤية المباشرة، حيث يحرر اتحاد زاويتي الصمام، ويحرر التحام النسج تحته. ويشترط في التوسيع التداخلي (بالقثطرة) وتوسيع القلب المغلق أن يتأكد الجراح من عدم وجود قصور أو تكلس في الصمام، ومن عدم وجود خثرة في الأذينة اليسرى.

أما القصور الصمامي فيعالج بعملية إصلاحية بالقلب المفتوح، وتتَّبع مبادئ الإصلاح التي وضعها Carpentier في أوائل الثمانينيّات (قد تشمل المعالجة استئصال قطعة موشورية من الوريقة الخلفية، أو تقصير الحبال الوترية أو نقلها أو فك التحامها، واستئصال الحبال الثانوية أو زرع حبال وترية صنعية)، ويحتاج معظم المرضى بعد العملية إلى تثبيت الإصلاح بزرع حلقة صنعية.

ويندر أن يستطيع الجراح معالجة التضيق والقصور إذا وُجدا معاً بمزيج من التوسيع والإصلاح، إنما يحتاج الصمام عندها إلى التبديل بشروط القلب المفتوح؛ إذا ترافقت الآفة بتليّف الصمام الشديد وتكلسه خاصة. ويُبقي معظم الجراحين عند استئصال الصمام على بعض الحبال الوترية التي توصل حواف الصمام إلى العضلات الحليمية حفاظاً على وظيفة البطين الأيسر.

ويستخدم معظم الجراحين بديلاً من الصمام التاجي المستأصل صماماً ميكانيكياً (معدنياً) له حجم الصمام المستأصل نفسه، يثبت إلى الحلقة الصمامية بخيوط صنعية من البولي استر polyester متفرقة أو بغرزة شلالية (الشكـل6). وقد تطورت صناعة الصمامات الميكانيكية حتى أصبح من النادر اليوم أن تصاب بعطل ميكانيكي؛ وهي إما ذات وريقتين وإما وريقة واحدة، وتصنع هياكل معظم الصمامات وأقراصها اليوم من الفحم المعرض لحرارة عالية pyrolytic carbon الذي يحاكي الماس متانة، وتُصنع حلقة الصمام الميكانيكي من نسيج يتقبله الجسم (مثل التفلون)، يسمح بوضع غرز التثبيت.

ومع أنه صار من المتوقع للصمامات الميكانيكية أن تعمل بصورة جيدة طوال حياة المريض، فإن علتها تكمن في حاجة المريض إلى تناول المميع طوال الحياة لتجنب تعرضها للتخثر ولانطلاق الصمات الشريانية. ولابد من مراقبة التمييع مخبرياً للتأكد من نسبته التي يجب أن تكون INR  2.5-3.5 نحو مرّة كل شهر.

الشكل (6) عملية تبديل الصمام التاجي

  أما الخيار الثاني للصمامات البديلة في الموضع التاجي فهو الصمامات النسيجية التي تصنّع من صمامات الحيوانات (الخنزير أو البقر). هذه الصمامات تجنب المرضى تناول المميعات بعد الأشهر الستة الأولى من تركيبها (إلا إذا كان التمييع ضرورياً بسبب الرجفان الأذيني أو عرطلة حجم الأذينة). لكن هذه الصمامات ذات عمر محدود لإصابتها بعد بضع سنوات بالتنكس والتكلس المؤديين إلى التضيق والقصور. ويقتصر اليوم استعمال هذه الصمامات الحيوانية على المرضى الذين تجاوزوا الخامسة والستين (لأنه من المعروف أن هذه التبدلات التنكسية تتباطأ في الظهور كلما ازداد عمر المريض). وقد ثبت عدم صلاحية الصمامات النسيجية المستأصلة من الإنسان (الصمامات البشرية) في الموضع التاجي.

ومن مضاعفات الصمامات البديلة (سواء منها الميكانيكية أم النسيجية) التهاب الشغاف الذي يحدث إما باكراً (في غضون شهر من العملية) بسبب تلوث يحصل عادةً في أثناء العملية بجراثيم العنقوديات الذهبية أو سلبيات الغرام أو الفطور؛ وإما بعد فترة متأخرة بسبب تجرثم دموي (كما يحدث بعد خلع ضرس متنخر أو قثطرة مثانة مجرثمة، أو بعد تشكل خراج في مكان ما من الجسم). وقد يتسبب التهاب الشغاف بانقلاع ناحية من حلقة الصمام المزروع. وتبقى الوقاية بتطبيق شروط التعقيم في غرفة العمليات وبتناول الصادات الواسعة الطيف قبل العملية وفي أثنائها وتجنب الالتهابات الجرثومية بعد العملية هي الأساس في تجنب هذه المضاعفة الخطرة. أمّا العلاج فيتفق معظم الجراحين اليوم على التداخل الجراحي الباكر بعد تغطية المريض بالصادات الواسعة الطيف فترة أيام قليلة، واستئصال الصمام المصاب وتبديله بعد تطهير موقعه جيداً.

ومن مضاعفات الصمامات الميكانيكية النادرة تكسر الكريات الحمر وحدوث فقر الدم، ويحدث هذا خاصةً إذا بقي ممال مهم عبر الصمام بعد زرعه، وعند حدوث تسريب محدود في ناحية من حلقة الصمام.

2- آفات الصمام التاجي المكتسبة الأخرى: قد يصيب الصمام التاجي آفات تنكسية تسبب القصور بسبب انسدال إحدى الوريقتين أو كلتيهما. وتعالج هذه الحالات بتطبيق مبادئ Carpentier في إصلاح الصمام التاجي التي سبق ذكرها.

كذلك قد يحدث القصور التاجي نتيجة اعتلال البطين الأيسر وتوسعه الناجم إما عن نقص التروية الإكليلية وإما عن اعتلال القلب الأساسي (الغامض). في هذه الحالة يتم الإصلاح بزرع حلقة صنعية تضيق الحلقة الصمامية الطبيعية، بحيث تكون مسافة تطابق حافتي الوريقتين 6ملم على الأقل.

ولا حاجة في أكثر من 90% من هذه الحالات الأخرى إلى تبديل الصمام.

3- آفات الصمام الأبهري المكتسبة: أهمها في بلادنا الآفات الرثوية التي تصيب الصمام الأبهري بنسبة أقل من التاجي، وتؤدي إلى التليف ثم التكلس، وتسبب عادة مزيجاً من التضيق والقصور.

وقد يصاب الصمام الثنائي الشرف بالتنكس أو بالتهاب الشغاف مسبباً درجات متفاوتة من التضيق والقصور، وكثيراً ما يتكلس الصمام الأبهري مع تقدم السن، ولاسيما إذا كان مشوهاً ولادياً بالأصل؛ مما يؤدي إلى إصابته بالتضيق وبعض القصور.

وقد يتأتى القصور الأبهري من توسع حلقة الصمام في متلازمة مارفان Marfan وأشباهها من الأمراض التنكسية، كما قد يتأتى القصور من أمهات الدم الأبهرية الحقيقية أو المسلخة، وفي حالات نادرة من إصابة الأبهر بداء الإفرنجي.

ويستطب التداخل على التضيق الأبهري مهما كان سببه إذا تجاوز الممال الأعظمي عبر الصمام 60ملم زئبق في حال وجود وظيفة قلب جيدة، (ودون ذلك إذا كانت الوظيفة سيئة). وتعالج معظم حالات التضيق المكتسبة في البالغين بتبديل الصمام بعملية قلب مفتوح، مع مراعاة الحذر من الصمات الكلسية إذا كان الصمام وحلقته متكلسين، وتحتاج الحلقات الأبهرية الضيقة إلى التوسيع قبل زرع الصمام بشق الحلقة عند منتصف الوريقة اللا إكليلية أو بين الوريقتين اللاإكليلية واليسرى وزرع رقعة من التأمور أو القماش الصنعي بين حافتي الشق.

ويستخدم معظم الجراحين الصمامات الميكانيكية المثبتة إلى الحلقة تحت مستوى الفوهتين الإكليليتين صمامات بديلة (الشكل 7). وتحتاج هذه الصمامات إلى التمييع طوال الحياة كما هي الحال في الصمامات الصنعية التاجية، مع فارق أن مستوى التمييع يمكن أن يكون أخفض (INR 2-2.5)؛ لأن مضاعفة التخثر هي أقل حدوثاً في الموضع الأبهري. كما يستعمل معظم الجراحين الصمامات النسيجية بدائل بعد سن الـ 65 لتفادي التمييع، ولأن عمرها يقدر بـ (10-15) سنة في الأعمار المتقدمة.

الشكل (7) عملية تبديل الصمام الأبهري

ويفضل بعض الجراحين استخدام الصمامات البشرية بدائل لا تحتاج إلى التمييع في متوسطي الأعمار والمسنين، ويقدر معدل بقيا هذه البدائل قبل إصابتها بالتنكس وسطياً بنحو 12عاماً. كما يفضل بعضهم استخدام الطعم الرئوي الذاتي (عملية Ross) في الأطفال والمراهقين والشباب، إذ ثبت أن هذا الطعم يصلح طوال الحياة؛ ولو أنه غالباً ما يحتاج المريض إلى تبديل الصمام البشري أو الحيواني الذي استُعمل في هذه العملية بديلاً من الصمام الرئوي في مدة تقدر وسطياً بنحو 12 سنة.

أما فيما يخصّ القصور الأبهري فيستطب التداخل الجراحي عليه إذا تجاوز (+1.5) في دراسات فائق الصوت (إيكو)، ويندر أن يتمكن الجراح من تطبيق معالجات جراحية محافظة لمعالجة القصور غير المصحوب بالتضيق؛ إذ لم يثبت حتى الآن استمرار فعاليتها على المدى الطويل، لكن بالإمكان الحفاظ على وريقات الصمام في حالات توسع حلقة الصمام مع سلامة وريقاته بعمليات جراحة خاصة.

الشكل (8) أم الدم في الأبهر الصاعد وعملية استئصالها والاستعاضة عنها بأنبوب من القماش الصنعي موصول بصمام اصطناعي «عملية بنتال Bentall»

وتحتاج معظم حالات القصور الأبهري اليوم إلى تبديل الصمام ببدائل شبيهة بما ذكر في مجال التضيق الصمامي الأبهري، مع فارق أنه يفضل عدم إجراء عملية  روس للمصابين بتوسع الحلقة الصمامية لارتفاع نسبة تعرضهم لتوسع الطعم الرئوي الذاتي في المستقبل.

ولا تختلف مضاعفات الصمامات البديلة الأبهرية (من حيث التهاب الشغاف وغيره) عما ذكر في تبديل الصمام التاجي.

4- التضيق تحت الصمامي الأبهري العضلي الغامض idiopathic hypertrophic subaortic stenosis (IHSS): يتصف هذا التضيق المجهول المنشأ بتضخم عضلي في مخرج البطين الأيسر ناحية الحاجز بين البطينين، وتظهر أعراضه (الزلة التنفسية الجهدية وآلام الصدر غير الوصفية) في سن الشباب عادةً، وقد يرافقه تشوه في الوريقة الأمامية للصمام التاجي. وتعالج الحالات الخفيفة منه دوائياً (محصرات بيتا خاصة)، ويحتاج بعض المرضى إلى خزع عضلة الحاجز المتضخمة عن طريق جذع الأبهر بعملية قلب مفتوح.

5- أم الدم الأبهرية thoracic aortic aneurysm: تحدث هذه من ضعف جدار الأبهر إما بسبب تصلب الشريان؛ وإما تنخر الطبقة المتوسطة الكيسي (الذي يكثر حدوثه في متلازمة مارفان Marfan syndrome)؛ وإما أسباب نادرة أخرى كالإفرنجي. وتختلف الأعراض بحسب موقع أم الدم (الأبهر الصدري النازل، أو الصاعد، أو القوس الأبهرية)، وبحسب الأعضاء المضغوطة بأم الدم، وتشمل: البحة الصوتية، وعسر البلع، واحتقان أوردة الوجه، ومتلازمة هورنر Horner، والزلة التنفسية إذا ترافقت أم دم الأبهر الصاعد وقصور صمامي أبهري. وتنتهي أم الدم الأبهرية بالانفجار لجوف الجنب أو القصبات أو المريء أو للخارج عبر جدار الصدر بعد مرور عدد من السنوات؛ إذا لم تعالج.

وتعالج حالات أم الدم في الأبهر النازل باستئصالها جراحياً عبر شق خلفي جانبي في الصدر الأيسر وإبدالها أنبوباً من القماش الصنعي (عادة مصنوع من قماش Dacron). ويستخدم أكثر الجراحين لذلك مجازة مؤقتة بين الشريان تحت الترقوة الأيسر (أو الأذين الأيسر) والشريان الفخذي، أو مجازة قلبية رئوية جزئية بين الوريد والشريان الفخذيين؛ منعاً لازدياد الحمل التلوي للقلب نتيجة إغلاق الأبهر في أثناء العملية، ولتفادي حدوث شلل الطرفين السفليين أو تموُّت أحشاء البطن بسبب نقص تروية النخاع الشوكي والأحشاء.

أما أمهات دم الأبهر الصاعد فتحتاج إلى الاستئصال إذا تجاوز قطر الأبهر 5 سم، ويتم ذلك باستخدام مجازة قلبية رئوية كاملة عن طريق شق طولاني في منتصف عظم القص، وإبدال أم الدم أنبوباً قماشياً صنعياً، وقد يضطر الجراح إلى تبديل الصمام الأبهري في الوقت نفسه أو استخدام أنبوب مركّب عليه صمام صنعي تخاط إليه فوهتا الشريانين الإكليليين (عملية بنتال Bentall) (الشكل 8)، وذلك إذا شملت أم الدم جيوب فالسالفا وسببت القصور الصمامي الأبهري.

6- أم الدم الأبهرية المسلخة :dissecting aortic aneurysm أهم سببين لتسلخ الأبهر هما تنخر الطبقة المتوسطة الكيسي وتصلب الشريان الأبهر. ويعدّ تسلخ الأبهر إحدى المضاعفات المعروفة لمتلازمة مارفان، ويبدأ التسلخ عادة (فوهة الدخول) إما في الأبهر الصاعد (فوق فتحتي الشريانين الإكليليين) حيث قد يمتد بعيداً ليشمل القوس الأبهرية والأبهر النازل وتفرعاتهما، وإما يمتد قريباً ليسبب قصور الصمام الأبهري وربما تسلخ أحد الشريانين الإكليليين.

وقد يبدأ التسلخ بعد منشأ الشريان تحت الترقوة الأيسر، ويمتد لمسافات مختلفة في الأبهر النازل والبطني. وفي حالات نادرة يبدأ التسلخ في القوس الأبهرية.

وتنتهي أم الدم المسلخة عادة بالانفجار في جوف التأمور أو الجنب ما لم تعالج. والمصابون هم عادة من ذوي الضغط الشرياني المرتفع. والشكوى المدرسية هي ألم فجائي في الصدر قد ينتشر للظهر، وقد يمتد للطرفين السفليين، وربما ظهرت أعراض انسداد واحد أو أكثر من الشرايين المحيطية وعلاماته إذا شملها التسلخ (بما فيها السكتة الدماغية وقصور الكليتين الحاد)، كما قد تظهر أعراض الصدمة (نتيجة نقص حجم الدم الفعال).

والإنذار سيئ جداً إذا لم تتمّ المعالجة؛ إذ يتوفى ما يقرب من 90% من هؤلاء المرضى في 3 أشهر، ويتم التشخيص بدراسة تخطيط الصدى (الإيكو) الصدري أو - وهو الأفضل- تخطيط الصدى عن طريق المريء.

وللمعالجة الإسعافية تعطى الأدوية الخافضة للضغط الشرياني والضغط التفاضلي. وتفضل المعالجة المحافظة في أمهات الدم المسلخة في الأبهر الصدري النازل ما لم تحصل مضاعفات، أو يحصل تهديد بالانفجار، فتعامل عندها جراحياً كمعاملة أمهات دم الأبهر الصدري النازل، أي تستأصل القطعة المسلخة من الأبهر التي تحوي فوهة الدخول، وتخاط وريقتا الأبهر المسلخ من الناحية القريبة والبعيدة، ويستعاض عن القطعة المستأصلة بأنبوب من القماش الصنعي بعد تطبيق مجازة قلبية رئوية جزئية مؤقتة.

أما في حال أمهات الدم المسلخة في الأبهر الصاعد والقوس الأبهرية فلا بد من إجراء العملية بشروط القلب المفتوح حيث يقطع الجزء من الأبهر الصاعد الذي يحوي فوهة الدخول، وتخاط وريقتا الأبهر المسلخ من الناحية القريبة والبعيدة، ويستعاض عنها بأنبوب من القماش الصنعي. فإذا شمل التسليخ جيوب فالسالفا وأصيب الصمام الأبهري بالقصور فلا بد من تعديل الصمام الأبهري بعملية شبيهة بما وصف عند الحديث عن أمهات الدم الأبهرية الصاعدة.

7- آفات الصمام ثلاثي الشرف المكتسبةacquired tricuspid valve disease : ترافق هذه الآفات عادةً إصابات الصمام التاجي (والأبهري)، وتحصل معظم الأحيان نتيجة توسع البطين الأيمن؛ مما يعرض الصمام ثلاثي الشرف للقصور. وقد يصاب الصمام ثلاثي الشرف بآفة رثوية تسبب التحام زوايا الصمام (التضيق)، وعدم تطابقها (القصور).

ويعالج القصور الوظيفي إن كان مهماً (فوق +2 بدراسة فائق الصوت) بتصغير الحلقة الصمامية إما بالغرز الجراحية (الشكل 9) أو بزرع حلقة صنعية (وهو الأفضل) بشروط القلب المفتوح، وبعد إصلاح الصمام التاجي أو تبديله عادةً. وفي الحالات القليلة التي تحتاج إلى تبديل الصمام ثلاثي الشرف يفضل استخدام الصمامات الحيوانية، نظراً لازدياد احتمال مضاعفة التخثر في هذا الموضع ذي جريان الدم البطيء.

الشكل (9) تصنيع قصور الصمام ثلاثي الشرف بالخياطة

«عملية دوڤيغا Devega»

آفات القلب الإكليلية الجراحية coronary artery disease- surgical aspects

التداخلات الجراحية الحديثة على آفات القلب الإكليلية حديثة نسبياً (أجريت أول عملية مجازة أبهرية- إكليلية من قبل Favaloro and Effler عام 1968)، وهي اليوم تعد أكثر العمليات الجراحية القلبية شيوعاً في كل أنحاء العالم.

1- المجازات الإكليلية: تجرى عملية المجازة الأبهرية الإكليلية اليوم للمصابين بآفات انسدادية في الشرايين الإكليلية التابعين للزمر التالية، وهم:

  أ- المصابون بعلة انسدادية في الشريان الإكليلي الأصلي الأيسر (ولو أن هناك محاولات حالياً لتوسيع هذه الانسدادات عن طريق القثطرة بالبالون وزرع الشبكات الصنعية).

ب- المصابون بعلل انسدادية في أكثر من شريانين إكليليين، عندما تكون وظيفة البطين الأيسر سيئة أو عندما يكون المريض مصاباً بداء السكري خاصة.

ج- المصابون بخناق الصدر غير المستقر إذا لم يستجيبوا للمعالجة الدوائية، وكانت انسداداتهم الإكليلية غير قابلة للتوسيع بشكل آمن.

د- المصابون بانسداد مهم في شريان إكليلي رئيسي أو أكثر مصحوب بآفة أخرى تحتاج إلى إصلاح بالقلب المفتوح (مثل آفة صمامية مهمة، أو أم دم بطينية يسرى، أو فتحة بين البطينين ناجمة عن احتشاء قلبي).

ومع ذلك، لابد من دراسة حالة كل مريض إكليلي على نحو منفرد؛ وأن تؤخذ في الحسبان حالته النفسية والاجتماعية، إضافة إلى خصائص شرايينه وانسداداتها (بما في ذلك توفر أوعية المفاغرة)، وترافق عوامل الخطورة الأخرى (كالبدانة والقصور التنفسي والكلوي) قبل تقرير العمل الجراحي. ولابد من تصوير الشرايين الإكليلية الانتقائي قبل إجراء عملية المجازات الإكليلية حتى يتمكن الجراح من تقويم المريض من الوجهة الجراحية والتخطيط للعملية الجراحية المناسبة له. ويعدّ كل تضيق تجاوز الـ60% (ما يعادل 75% من مقطع الشريان الحقيقي) تضيقاًً مهماً، كما يعدّ وجود لمعة كافية الحجم وسوية للشريان بعد الانسداد شرطاً أساسياً لتنفيذ العملية. ويهدف الجراح من العملية إعادة التروية للمناطق المهمة من العضلة أكثر من إجراء مفاغرة إكليلية لكل شريان مصاب. وتسمح القثطرة كذلك بتصوير جوف البطين الأيسر وتقدير مناطق اللاحركية أو سوء الحركة فيه، مما يدعم فائق الصوت ويكمل دراسته.

الشكل (10) عملية المجازات الأبهرية - الإكليلية

وقد أصبح بالإمكان اليوم إجراء تصوير مقطعي ومضاني للشرايين من دون الحاجة إلى القثطرة الفعلية، ولو أن نوعية الصور ما تزال غير كافية لاتخاذ الجراح جميع قراراته بالنسبة إلى العملية.

وتجرى معظم العمليات الإكليلية في العالم اليوم بشروط القلب المفتوح، ولو أن بعض الجراحين صاروا يفضلون إجراءها بشروط القلب المغلق (أي بحالة القلب النابض) لتفادي أضرار جهاز القلب- الرئة الصناعي (وهي قليلة بالأساس). وقد ثبتت فائدة إجراء هذه العملية على قلب نابض في حالات خاصة، منها المرضى المصابون بقصور كلوي مهم، والمصابون بالآفات التنفسية الانسدادية المزمنة، والمرضى الذين يضرهم إعطاء مميع الدم (الهيبارين)، والطاعنون في السن. وقد صارت عملية المجازات الإكليلية بالقلب النابض أسهل تطبيقاً اليوم بعد أن صُنعت أدوات خاصة بها، أهمها تلك التي تثبِّت الناحية القلبية التي تجرى  فيها عملية المفاغرة البعيدة.

تشمل طريقة العملية بالقلب المفتوح في معظم الحالات فتح منتصف عظم القص طولانياً، وتجريد الشريان الصدري (الثديي) الباطن (الأيسر عادةً) من أسفل العظم وتجريد الوريد الصافن الكبير من أحد الساقين في الوقت ذاته، واستئصال قطعة كافية منه، ثم وصل القلب بجهاز القلب-الرئة الصنعي وتطبيق المجازة القلبية الرئوية وإغلاق الأبهر الصاعد وإعطاء المحلول الشال لعضلة القلب عن طريق جذع الأبهر. تجرى بعد ذلك شقوق صغيرة في الشرايين الإكليلية المصابة بالاستعانة بمكبرات منظارية مناسبة، وتُفاغر حواف الشقوق إلى الوريد الصافن (بعد قلب اتجاهه) أو إلى النهاية البعيدة للشريان الصدري الباطن. أخيراً تخاط نهايات الطعوم الوريدية البعيدة إلى الأبهر الصاعد قبل رفع ملقط الأبهر (الشكل 10). وقد ينتخب الجراح استخدام الشريانين الصدريين الباطنين معاً أو الشريان الكعبري، أو الشريان المعدي الثربي في محاولة للاستغناء عن الطعوم الوريدية؛ إذ من المعروف أن الطعوم الشريانية - الطعوم السويقة كالصدري الباطن خاصة - لها بقيا أطول من الطعوم الوريدية.

وتقدر خطورة العملية في الأحوال العادية اليوم بـ 1-2%، وترتفع الخطورة كلما ازداد سوء وظيفة عضلة البطين الأيسر، وكلما كانت الشرايين أصغر حجماً وأسوأ مرضاً، وكلما كانت حالة المريض غير مستقرة من وجهة التروية القلبية. ومن أهم المضاعفات الاحتشاء القلبي (نحو 5%) والسكتة الدماغية (نحو 2%) التي ترتفع نسبتها مع ازدياد عمر المريض. وتختفي أعراض الخناق الصدري في أكثر من 90% من الحالات، وتبقى مجازة الشريان الصدري الباطن( السويقة) مفتوحة في نحو 90% من الحالات بعد عشر سنوات من العملية، بينما يبقى نحو 60% من الطعوم الوريدية مفتوحاً بعد الفترة نفسها.

2- أم الدم البطينية left ventricular aneurysm والفتحة بين البطينين التالية للاحتشاء: تحدث مضاعفة لاحتشاءات القلب الشاملة لكل سماكة جدار العضلة القلبية، وأكثرها شيوعاً الناشئة من انسداد الشريان الإكليلي الأمامي النازل. ويمر تشكل أم الدم بمراحل تبدأ بانعدام الحركية akinesia (عادة في الوجه الأمامي في البطين الأيسر)، يليها سوء حركية dyskinesia يكون الانقباض فيها تناقضياً. ويتألف جدار أم الدم عادةً من نسيج ليفي رقيق ملتصق بالتأمور، ويحوي خثرات ملتصقة بشغاف القلب من الداخل.

ومتى تشكلت أم الدم البطينية وجب استئصالها جراحياً بشروط القلب المفتوح؛ إذا كانت تسبب أعراض قصور قلب وظيفي أو اضطرابات نظم مهمة خاصة. وتصبح العملية شبه إسعافية إذا تسببت أم الدم بصمات شريانية. وقد تطورت عمليات ترميم البطين الأيسر بعد استئصال أم الدم حتى صار يُعوَّض عنها قماش صنعي يحفظ شكل البطين الأصلي (بدل خياطة طرفي جرح البطين على خط مستقيم). ويضاف إلى العملية عادةً مجازات إكليلية للشرايين المصابة.

كما قد تحدث فتحة بين البطينين تالية للاحتشاء القلبي إذا شمل الأخير جزءاً من الحجاب بين البطينين (قرب قمة القلب عادة)، وتحتاج هذه إلى الإغلاق بوساطة قطعة قماش صنعي عن طريق شق في البطين الأيسر (نحو القمة عادة) وبشروط القلب المفتوح؛ إضافة إلى إجراء المجازات الإكليلية الضرورية.

3- مساعدة الدورانassisted circulation: قد يتعرض مرضى الانسدادات الإكليلية لنقص النتاج والصدمة القلبية بعد الاحتشاءات  الحادة أحياناً، وبعد عملية المجازات الإكليلية مباشرة إذا كانت وظيفة البطين الأيسر في الأصل سيئة، وإذا لم تطبق طرق الحفاظ على العضلة في أثناء العملية جيداً. ويفيد في هذه الحالات تطبيق وسائل مساعدة الدوران التي تعمل على مبدأ النبضان الشرياني المعاكس، وذلك بالضخ البالوني عن طريق قثطار يُدخَل من الشريان الفخذي إلى الأبهر النازل، فيُنفخ البالون بغاز قابل للانحلال في فترة انبساط القلب، ثم يُفرّغ في فترة الانقباض بمساعدة جهاز مربوط إلكترونياً بجهاز تخطيط كهربائية القلب؛ مما يخفف من حمل البطين التلوي، ويحسن التروية الإكليلية، وينقذ أكثر المرضى في الفترة الحرجة التالية للاحتشاء أو للعملية.

أورام القلب

يصاب القلب والتأمور أحياناً بأورام انتقالية تنشأ من الرئة أو الثدي أو من مصادر غرنية لمفية أو دموية، ويغلب أن تسبب هذه انصباباً تأمورياً مدمى. كما قد تصيب القلب أورام بدئية خبيثة (أكثرها شيوعاً الغرنية العضلية) تحتاج إلى خزعة جراحية لتثبيت التشخيص، وتعالج تلطيفياً بالمعالجات الكيميائية والشعاعية.

وتقدّر الأورام السليمة بــ 70% من أورام القلب البدئية، وأكثرها شيوعاً الورم المخاطي أو المخاطوم myxoma الذي يصادف مرّة أومرتين بالعام في أي مركز جراحة قلب فعال. وينشأ من خلايا أولية تحت الشغاف؛ في منطقة الحجاب بين الأذينتين خاصة، وهو يصيب النساء أكثر من الرجال. ويحدث في الأذينة اليسرى في ثلاثة أرباع الحالات وفي الأذينة اليمنى في ربعها الآخر (وقد يحدث في مواضع أخرى من القلب بصورة نادرة). ويشخص الورم الذي يتظاهر سريرياً بتضيق صمامي أذيني ــــ  بطيني بوسيلة تخطيط الصدى (الإيكو)، ويعالج بالاستئصال الجراحي بشروط القلب المفتوح، ويفضل استئصال جزء من الحجاب الأذيني الذي يتصل بالورم لتفادي النكس.

غرس (نقل) القلب

أجريت أول عملية غرس القلب للإنسان من قبل Barnard عام 1967، ولم تحصل النتائج المرجوة من العملية إلا بعد اكتشاف عقار سايكلوسبورين cyclosporine A الكابت للمناعة عام 1976 الذي يسمح للأطباء أن يحققوا وقاية فعالة من ظاهرة الرفض النسيجي. وتجرى العملية اليوم في مراكز محدودة بالعالم للمصابين بالمرحلة النهائية لمرض نقص التروية الإكليلي ولمرضى اعتلال القلب الأولي، ونادراً للأطفال المصابين بآفة ولادية معقدة. ومن موانع استخدام العملية تقدم سن المتلقي وإصابته بارتفاع المقاومة الرئوية، وإصابته بخمج فعال أو مرض عضوي أو نفسي صعب العلاج. ومن المهم أن يكون هناك توافق بين المتلقي والمعطي من ناحية فصيلة الدم وتوافق نسبي بين حجمهما ووزنهما. ويكون المعطي عادةً مصاباً بأذية دماغية أدت إلى موت الدماغ بشهادة اختصاصيين في الأمراض والجراحة العصبية، ويفضل أن يكون يافعاً. ويمكن أن يشحن القلب لمكان العملية بمحلول حافظ مبرد شريطة ألا تتجاوز فترة الانتقال بضع ساعات.

وتجرى العملية بمفاغرة الجزء الخلفي لقلب المتلقي وقلب المعطي بشروط القلب المفتوح. ولا تتعدى الوفاة من العملية اليوم نسبة 5%، وتحتل الأخماج السبب الرئيسي للوفاة في المراحل الباكرة إضافة إلى نوبات الرفض الحادة. ويتوقع أن يبقى نحو ثلاثة أرباع المرضى على قيد الحياة بعد 5 سنوات من العملية إذا تمت متابعتهم بكابتات المناعة على نحو جيد. ومن أسباب الوفاة المتأخرة إضافة إلى الرفض النسيجي: إصابة القلب/الطعم بالتصلب العصيدي الإكليلي، والإصابة بالأورام الخبيثة؛ ولاسيما اللمفية منها بسبب استخدام مثبطات المناعة، وارتفاع الضغط الشرياني، والقصور الكلوي. 

 

التصنيف : قلبية
النوع : قلبية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 239
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 517
الكل : 31723176
اليوم : 77758