logo

logo

logo

logo

logo

الدوار

دوار

vertigo - vertige

الدوار

حسان عباس

آلية عمل الدهليز
المريض المصاب بالدوار
الحالات المختلفة للدوار الدهليزي
التهاب العصب الدهليزي
الدوار الشقيقي
   

كي يقال: إن الشخص مصاب بدوار vertigo يجب أن يصاحب الحالة هلوسة بوجود حركة في المحيط أو لدى الشخص ذاته hallucination of motion، هذه الحركة قد تكون دوراناً أو حركة خطية أو ميلاناً. ولا فرق بين أن يكون الشعور هو حركة المحيط أو حركة الشخص نفسه.

يحدث الدوار نتيجة خلل في آلية حفظ التوازن equilibrium.

تهدف آلية حفظ التوازن إلى توفير غرضين أساسيين:

1- منع السقوط في أثناء الوقوف وفي أثناء مختلف الحركات بوضع الجسم في وضعية يكون فيها مركز ثقله ضمن قاعدة استناده.

2- تثبيت صور المرئيات على شبكية العين retina في أثناء حركة الرأس أو حركة المرئيات؛ وذلك منعاً لحدوث تشوش في الرؤية ينجم عنه شعور مزعج بالتوهان disorientation.

لجهاز التوازن مركز إدارة في الجملة العصبية المركزية يتوضع في النويات الدهليزية vestibular nuclei واتصالاتها بالمخيخ cerebellum والتشكلات الشبكية reticular formations. وقد يكون من الأفضل تسمية النويات الدهليزية نويات التوازن لتلقيها أليافاً عصبية من غير العصب الدهليزي vestibular nerve.

يتم عمل جهاز التوازن بثلاث مراحل:

في المرحلة الأولى يقوم مركز الإدارة بتجميع معلومات عن أي تغير في وضعية الرأس أو الجسم؛ وذلك من عدة مراكز مراقبة محيطية، أهمها ثلاثة:

أ- العينان عن طريق الرؤية المباشرة.

ب - الحس العميق proprioceptive في أربطة المفاصل وأوتار العضلات حيث تُحدث حركات الجسم تغيراً في توترها، فترتخي في جهة، وتشتد في الجهة المقابلة محدثة تنبيهاً في النهايات العصبية للحس العميق تنتقل لمركز التوازن. أهم معلومات هذا الحس تأتي من تغير الزاوية بين الوجه الأمامي للساق والوجه العلوي للقدم ankle angle receptor.

ج- القسم الدهليزي في الأذن الباطنة vestibule حيث تلتقط القنوات الهلالية semicircular الحركات الدورانية، وتلتقط القريبة utricle والكييس saccule الحركات الخطية، وتغيّر وضعية الرأس بالنسبة إلى اتجاه vector الجاذبية الأرضية gravity. كما ترد معلومات إضافية أقل أهمية من أجهزة أخرى كالسمع.

في المرحلة الثانية: يقوم مركز إدارة التوازن بدمج هذه المعلومات الواردة وتحليلها ومطابقتها وتكون لديه باستمرار صورة دقيقة عن وضعية الرأس والجسم وعن تحركاته.

في المرحلة الثالثة: يرسل المركز أوامر في اتجاهين:

أ - اتجاه علوي نحو عضلات العينين بما يسمى المنعكس الدهليزي العيني vestibulo- ocular reflex (VOR)، فتتحرك العينان حركة تحفظ صور المرئيات ثابتةً على الشبكية. هنالك منعكس (ارتجاع المعلومات) بصري عيني (OK and SP) تُحدثه آلية تصحيح ذاتي بحلقة مغلقة تعتمد على صدى العمل feedback.

ب- اتجاه سفلي بالمسار الدهليزي النخاعي vestibulospinal والمسار الشبكي النخاعي reticulospinal نحو عضلات العنق والأطراف بما يسمى المنعكس الدهليزي الشوكي vestibulospinal reflex بصورة تعطي الجسم وضعية تقيه من السقوط.

يقوم الدهليز بوظيفته في إخبار مركز التوازن عن حركات الجسم وعن تغير وضعية الرأس بآلية خاصة.

آلية عمل الدهليز:

لا بد لفهم هذه الآلية من ربطها بتشريح الدهليز. ولما كان الدهليز قريباً من القوقعة السمعية cochlea، وللشراكة بينهما في السائل الموجود ضمنها وحولها، وكذلك في التغذية الدموية؛ فلا غرابة أن تشترك أعراض الإصابة فيهما، فقد يحدث الدوار مع نقص سمع وطنين.

يشمل الدهليز القنوات الهلالية الثلاث  والقريبة والكييس. القنوات الثلاث عمودية بعضها على بعض الأفقية والخلفية والعلوية، ولكل منها قناة في الأذن الثانية هي صورة مرآة عنها. تفتح القنوات على القريبة، ولكل قناة نهاية متسعة تدعى الأمبولة ampulla؛ وهي المكان الذي يحوي الأجزاء التي تتحول فيها الحركة الميكانيكية إلى تنبيه عصبي.

في الأمبولة تشكيلة تسمى العرف الأمبولي crista ampullaris يحوي الخلايا المشعَّرة hair cells الحساسة حيث تتصل ألياف العصب الدهليزي من جهة، وتمتد من جهتها المقابلة أهداب منها واحد كبير محرِّك kinocilium وأهداب عديدة ساكنة stereocilia تنغمس في كتلة من مادة هلامية تدعى القبيبة cupula يعادل وزنها النوعي specific gravity الوزن النوعي للمف الجوّاني endolymph الذي يحتويها، ولذلك تكون عديمة الوزن. تمتد هذه الكتلة حتى الجدار المقابل سادة بذلك القناة الهلالية.

الشكل (1) الأمبولة

عندما تتحرك القبيبة تسبب ميلاناً bending في الأهداب؛ منبهة بذلك الخلية المشعرة تنبيهاً ينتقل إلى ألياف العصب الدهليزي ومنه إلى النويات الدهليزية. تتحرك القبيبة حين يتحرك اللمف الجواني، ويتحرك هذا في الحالة الطبيعية حين يدور الرأس، وبسبب عطالة inertia السوائل فهي تتأخر في دورانها عن الوعاء الذي يحتويها عند تدويره في بدء الدوران كما أنها تستمر في الدوران هنيهة بعد توقف الوعاء؛ أي إنها تختلف في حركتها عن حركة الوعاء عند وجود تسارع دوراني (زاوي) angular acceleration إيجابي أو سلبي. نتيجة لذلك؛ فإن القناة الهلالية تتنبه، وتلتقط الحركة الدورانية في الرأس، وهي تلتقط  الحركة التي تكون في مستواها plane، ولما كانت هنالك قنوات ثلاث تقع في مستويات متعامدة؛ فهي بذلك قادرة على أن تلتقط كل حركة دورانيّة في أي مستوى، وتكون النتيجة هي محصلة مجموع محاور تنبيه القنوات المختلفة.

حين يتحرك سائل اللمف الجواني في قناة هلالية باتجاه ما؛ فإنه يتحرك بالاتجاه المخالف في القناة المرآة لها في الجهة المقابلة؛ مسبباً تنبيهاً معاكساً؛ مما يزيد من حساسية هذا الجهاز (الشكل 1).

في العصب الدهليزي في أثناء الراحة تنبه مستمر يسمى تيار الراحة resting discharge يتمثل بنحو90 طلقة firing في الثانية، وهي ظاهرة يتفرد بها الجهاز الدهليزي من بقية الأجهزة الحسية sensory في الجسم. تيار الراحة هذا يشتد (تزداد طلقاته) عندما تميل الأهداب الساكنة stereocilia نحو الهَدَب المحرك kinocilium، وينقص عند الميلان في الاتجاه المعاكس. عندما تزداد الطلقات في قناة هلالية في إحدى الجهتين تنقص في القناة المرآة لها في الجهة المقابلة؛ لأن حركة السائل عند دوران الرأس تكون بالاتجاه المعاكس.

فالدهليز إذاً بقنواته الهلالية الثلاث يلتقط أي حركة دورانية في الرأس، ويرسل إشارة إلى مركز التوازن تخبره عن محور دوران الحركة بنسبة الإشارة الواردة من كل قناة؛ وبسرعة الحركة بمقدار التغيّر الحاصل في سرعة طلقات تيار الراحة ازدياداً في جهة ونقصاً في الجهة المقابلة.

في كل من القريبة والكييس بقعة macula هي المنطقة الفعالة وظيفياً، وهي تحتوي الخلايا المشعرة الوظيفية التي تقع أهدابها cilia تحت وزن الرمال الأذنية otolith الموجودة في الطبقة الهلامية التي تقع فوقها. وتحرك الشخص بحركة خطيّة linear أو تغيير وضعية الرأس بالنسبة إلى محور الجاذبية الأرضية gravity يغيّر من الضغط الواقع على أهداب الخلايا المشعّرة؛ هذا التغيّر يُحدث تنبيهاً في هذه الخلايا تحوله transduction إلى إشارات عصبية ينقلها العصب الدهليزي إلى مركز التوازن (الشكل 2).

فالدهليز إذاً يلتقط الحركات الدورانيّة بقنواته الهلالية، ويلتقط الحركات الخطية وتغيير وضعية الرأس بالقريبة والكييس؛ أي إنه يلتقط أي تحرك في الرأس مهما كان شكله، ويخبر مركز التوازن به مفصلاً من حيث الاتجاه والسرعة؛ ليقوم المركز بدراستها ودمجها integration وإرسال الأوامر المناسبة إلى العينين وإلى عضلات الجسم موفراً سلامة التوازن.

الشكل (3) المنعكس الدهليزي العيني والدهليزي النخاعي الشكل (2) القببية

 

كيف يميز (يختار) مركز التوازن الأمر المناسب للإشارات الواردة عن حركة الجسم؟

يتطلب توفير سلامة آلية التوازن - ومنه الوقاية من السقوط - أن يتم بسرعة كبيرة، ولذا فهو يتم بعمل انعكاسي reflex  لا يخضع فيه للتفكير؛ رغم وجود اتصال عصبي بين مركز التوازن وقشر الدماغ، فلكل إشارة أو مجموعة إشارات من اللواقط المحيطية أمر مقرّر مسبّقاً. هنالك ألياف عصبية تصل النويات الدهليزية بالمراكز العصبية العليا تأتي من قشر cortex الفص الجبهي والفص الصدغي تضبط عملية البرمجة، وألياف من التشكيلات الشبكية تضبط حركات العينين، وألياف من المخيخ تصقل وتنسق جميع الحركات الجسمية والعينية (الشكل 3).

حين يولد الطفل يكون جهازه التوازني مكتملاً تشريحيّاً؛ ولكنه غير قادر على توفير التوازن لعدم وجود الأوامر المناسبة للحركات المختلفة في مخزونه العصبي neural storage. ولفهم ذلك يمكن القول: إن مركز التوازن يشبه حاسوباً لم يُبرمج بعد. هذه البرمجة لا بد أن تحدث بعد الولادة، والجاذبية الأرضية عنصر أساسي في معادلة هذه البرمجة. يبدأ مركز التوازن - بعيد ولادة الطفل وحين يبدأ بالحركة من تلقاء نفسه - بتجربة إرسال أوامر لإشارات ترد إليه من اللواقط المحيطية معتمداً على الخطأ والصواب، فما لا يحقق التوازن يُحذف، وما يحققه يُحفظ في المخزون العصبي، وبزمن قصير يصبح لدى المركز من ردود الفعل المحفوظة للإشارات المختلفة ما يوفر حفظ توازن الطفل للحركات البسيطة أولاً ثم للأكثر تعقيداً، فيسير، ويتوقف، ويركض، وهكذا إذاً تتم المعايرة calibration في الطفولة الأولى.                               

من مميزات هذا الجهاز التوازني أنه يمكن إعادة معايرته كما ثبت من إمكان تدريب رواد الفضاء، فتمكنوا من حفظ توازنهم خارج تأثير الجاذبية الأرضية.

وهذا الجهاز فضفاض redundant، لديه من الإمكانية التوازنية أكثر بكثير مما تحتاج إليه حركات الحياة العادية، على نحو يستطيع معه الشخص القيام بحركات بهلوانية لا حاجة إليها في الحياة العادية؛ إذا استثمرت هذه الإمكانات الفائضة بالتدريب المناسب (السير على الحبل، ألعاب التزلق على الجليد…)، وميزة أخرى مهمة جداً لهذا الجهاز هي قدرته على التأقلم والمعاوضة compensation and adaptation؛ مما سيرد لاحقاً.

للجهاز العصبي بمجمله قدرٌ كبير من اللدونة plasticity والقدرة على التأقلم يستطيع بهما استئناف عمله على نحو طبيعي بعد تعرضه للإصابات، يبدو هذا بوضوح في الجهاز الدهليزي، والتعويض الحاصل بعد عملية استئصال التيه labyrinthectomy هو خير مثال على ذلك. وقد تبدو عملية التعويض الدهليزي بسيطة للوهلة الأولى؛ إذ قد يُفترض أن الدهليز السليم يقوم بعمل الدهليزين، هذا الافتراض يبسّط الأمور كثيراً، وقد يكون مضلّلاً، فعملية التعويض الدهليزي تتم بآليات عصبية عديدة تشمل تغيرات وتداخلات عديدة على مستوى الكيمياء العصبية neurochemistry في عدة نواقل عصبية neurotransmitters.

يمكن تسهيلاً لفهم الشفاء الوظيفي recovery بعد عملية استئصال التيه قسمتها إلى حالتين تختلفان في آليتهما:

1- تحسن الأعراض والشفاء في حالة السكون static.

2- تحسن الأعراض والشفاء في حالة الحركة dynamic.

حالة السكون:

مرّ أن في العصبونات neurones الدهليزية تياراً مستمراً في حالة الراحة متناظراً في الجهتين، يوفر التوازن في حالة السكون. تظهر الأعراض السكونية static symptoms - وهي الشعور بالدوران والرأرأة، والسقوط - نتيجة عدم التناظر asymmetry في تيار الراحة في الجانبين. الجهة المستأصلة obliterated صامتة لا ترسل أيّ إشارات في حين يكون النشاط العصبي في العصبونات الدهليزية المتوسطة medial vestibular neurons من الجهة المقابلة أكثر من الطبيعي بسبب فقد التثبيط inhibition الذي كان يرد من الجهة المستأصلة.

في مرحلة المعاوضة يعود تيار الراحة إلى الظهور في الجهة المستأصلة في فترة قصيرة إلى حالة قريبة جداً من الطبيعية، ويعود التوازن بين الجهتين بآلية ما تزال مجهولة. قُدّمت آراء عديدة أخفقت كلها لتعليل السرعة الكبيرة التي يعود فيها تيار الراحة إلى الظهور في بعض الحيوانات، فقد لوحظ أنه يعود في نوع من السمك dogfish في ساعة واحدة. وفي الإنسان تتناقص الأعراض السكونية بعد استئصال التيه، وغالباً ما تزول كليّاً بمدة أسبوع من دون أي تدخل دوائي، وقد يكون للتدخل الدوائي في هذه الفترة الباكرة أثر سيئ ومؤذٍ لعملية الشفاء.

حالة الحركة  :dynamic

لا يعود الدهليز إلى العمل الطبيعي بعد الإصابات الشديدة، كما تُثبت ذلك الاختبارات الدهليزية المختلفة التي تقيس عمل الدهليز. ولا يمكن فهم السلوك التوازني للمريض بناء على التحسن النسبي في عمل الدهليز المصاب. هناك آليات أخرى تعمل على إعادة التوازن في أثناء الحركة، وهي بمجملها تتلخص بآليتين:

1- الاستعاضة substitution من المعلومات الواردة من الدهليز المصاب إلى المركز؛ المعلومات الواردة من الجهة المقابلة ومن الرؤية ومن الحس العميق.

2- معاوضة مركزية هي نتيجة للمرونة التي تتمتع بها الجملة العصبية المركزية؛ إذ تعيد برمجتها بما فيها من قدرة على التصحيح الذاتي self-correction بآليات مختلفة، منها تلقيم الدائرة المغلقة closed circuit feedback.

تساعد المعالجة الفيزيائية بالتمارين الدهليزية عمل آليات المعاوضة هذه، وتسرّع من ظهور نتائجها، كما أن المريض يتعلم استعمال طرائق سلوكية أكثر ملاءمة لا تتطلب عملاً دهليزيّاً معقداً.

توجد فترة مهمة حرجة critical في حدوث آليات التعويض هذه بعد الإصابة، وهي الفترة الأولى التي يكون المريض فيها مصاباً بأعراض تجعله يتطلب أدوية. فالأدوية في هذه الفترة - وحتى المهدئات فقط - قد يكون لها تأثير سيئ في التغيرات العصبية التعويضية الجارية، ولذلك قد لا يكون إعطاؤها مفيداً للمريض على المدى الطويل. أما المعالجة الفيزيائية الباكرة؛ فلها تأثير جيد ومسرّع لعمل آليات الشفاء التعويضية.

لا يشفى بعض المرضى شفاء كاملاً لسبب مجهول، فيستمر المريض بشكوى الشعور بعدم الثبات unsteadiness كما لو كان دائماً واقفاً على سطح متحرك. تصعب عليه الحركة، كما يشكو ضعفاً في الرؤية حين السير أو قيادة السيارة، كل الأشياء تتحرك، ولا شيء ثابت. كل المرئيات تتحرك حين يتحرك المريض. هذا الشعور مزعج جداً، ويجعل الحياة شقية، وكثيراً ما يتهم هؤلاء بأنهم مرضى عصابيون neurotic.

المريض المصاب بالدوار the dizzy patient:

القصة المرضية:

هي أهم خطوة في الوصول إلى التشخيص الصحيح، وهي التي ستشير إلى الاختبارات التشخيصية الضرورية وإلى اختيار أسلوب العلاج.

يمكن وضع الأسئلة في خمس نواحٍ رئيسية:

1- صفات الدوار: يمكن الوصول إليها بالاستماع مليّاً إلى المريض يروي شكواه من بدئها، ثم توجيه بعض الأسئلة المساعدة. يمكن في حالات نادرة - حين لا يمكن للمريض توصيف دواره - أن يلجأ الطبيب إلى اختبار حروري خفيف minimal caloric بوضع كمية قليلة من الماء البارد في أذن المريض لثوانٍ بعد شرح الاختبار له وأنه سيشعر بدوار يزول خلال دقائق، ثم يُسأل المريض إن كان شعوره بعد الاختبار يشبه شكواه من حيث نوعيته، وليس بالضرورة من حيث شدته.

يجب ألا يُشخّص وجود دوار إلا إذا وجد شعور وهمي بحركة المحيط أو الشخص.

2- سيرة تاريخ المرض والعوامل المحرّضة: توصيف المرّة الأولى ذو أهمية كبيرة؛ مدتها وشدتها. ثم هل كان هنالك مرحلة شفاء تام عادت بعدها نوب الدوار؟ ومدتها، وهل تتحرض أو تزيد شدتها بحركات الرأس أو التقلب في الفراش من جهة إلى أخرى؟

3- الأعراض الأذنية المرافقة: نقص السمع، أو طنين، أو شعور بالثقل في الأذن fullness وصلتها بالدوار.

4- الأعراض العصبية المرافقة: ومنها اضطراب الرؤية، واضطراب الكلام، واضطراب البلع، وعدم تناسق الحركات coordination، ونقص القوة في طرف أو أكثر، وتخليط عقلي confusion أو فقد الوعي.

5- القصة المرضية السابقة والقصة المرضية العائلية: كالتهابات الأذن أو سوابق عمل جراحي على الأذن أو رضوض الرأس أو نوب فقد الوعي أو الشقيقة أو فرط الضغط الشرياني أو الداء السكري ثم الأدوية التي يتناولها المريض للدوار أو لأسباب أخرى.

الفحص: ويجب أن يشمل فحص الأذن، ويفضل أن يكون تحت المجهر؛ وفحصاً عصبيّاً أذنيّاً neurotological: يشمل فحص الرأرأة العفوية spontaneous nystagmus، وهل هي موجودة مع تثبيت الرؤية fixation، ولا تزداد شدة بفقد التثبيت بنظارات فرنزل Frenzell، إذا كان ذلك؛ فهي من مصدر عصبي مركزي أو أنها خلقية congenital، كما يشمل الفحص العصبي الأذني إجراء فحص رومبرغ Romberg وكذلك حركات Dix-Hallpik.

الفحوص المخبرية:

تشمل الفحوص التي قد يطلبها الطبيب للوصول إلى التشخيص الصحيح لمريض مصاب بالدوار المجالات التالية:

1- فحوص دموية.

2- فحوص سمعية بأنواعها المختلفة.

3- اختبارات دهليزية vestibular tests.

4- تصوير الدماغ.

واختيارها يختلف من مريض إلى آخر. وقد لا يحتاج الطبيب إلى أي فحوص مخبرية ليصل إلى التشخيص.

الاختبارات الدهليزية:

تعتمد هذه الاختبارات على تنبيه stimulation الدهليز ثم قياس استجابة  الدهليز لهذا التنبيه سواء بالمنعكس الدهليزي العيني أم بالمنعكس الدهليزي النخاعي وهي بذلك اختبارات غير مباشرة.

1- الاختبار الحروري يعتمد على حقن ماء بارد في الأذن يسبب اختلافاً في حرارة جزء من اللمف الداخلي عن جزء آخر thermal gradient؛ مما يُحدث تيار حمل convection current، يسبب حركة في اللمف الجواني، يحرك القبيبة  وما ينجم عن ذلك من تنبيه للخلايا المشعرة كما يحدث في حالة دوران الشخص في الحياة العادية. ويسبب هذا استجابة من المركز الدهليزي إلى عضلات العينين لتتحرك في جهة معيّنة (المرحلة البطيئة للرأرأة)، وتحدث الرأرأة. تقاس الاستجابة الدهليزية بقياس شدة الرأرأة بطرق تطورت مع تطور التقنيات.

2- الاختبار الدوراني rotational بتدوير المريض لاختبار استجابة الدهليز للتسارع الزاوي.

3- تخطيط الوضعية :posturography وهو على نحو رئيسي قياس المنعكس الدهليزي النخاعي، يوضع المريض فيه في ست وضعيات مختلفة يحذف فيها عمل الرؤية والحس العميق على نحو متسلسل، ويُلاحظ تأثير ذلك في عملية التوازن.

4- اختبار ناسور اللمف المحيطي  :perilymph fistula بتطبيق ضغط على الأذن وإحداثه شعوراً بالدوار وحدوث الرأرأة. حساسية sensitivity هذا الاختبار ونوعيته specificity ضعيفتان إلى حد كبير؛ مما يقلل من قيمته التشخيصية.

5- اختبار التيار العضلي الناشىء عن الدهليز:vestibular evoked myogenic potential (VEMP)  هو اختبار حديث لم يعمم استعماله بعد، ويُعدّ اختباراً لوظيفة الكييس. يعتمد على أن توجيه تنبيهات صوتية قصيرة المدة clicks عالية الشدة إلى إحدى الأذنين يسبب تثبيطاً في فعالية العضلة القصية الترقوية الخشائية SCM في الجهة الموافقة للأذن المنبّهة والموضوعة في حالة توتر بوضع الذقن على الكتف في الجهة المعاكسة، وذلك بمراقبة تخطيط العضلة الكهربائي (EMG).

لوحظ ارتفاع عتبة هذا الاختبار في المرضى المصابين بداء مه نيير في مرحلته الأخيرة الذين يعانون السقوط المفاجئ بما يُسمى نوب الرمال الأذنية، وقد تكون مفقودة بألا يحدث هذا التثبيط رغم الزيادة الكبيرة في شدة الصوت. وعُدَّ هذا مؤشراً على وجود زيادة في ضغط اللمف الباطن في الكييس saccular hydrops. وعلى العكس شوهد انخفاض العتبة في تشقق القناة الهلالية العلوية.

الحالات المختلفة للدوار الدهليزي منها ما هو كثير المشاهدة، وتشمل:

1- دوار تغيير الوضعية النوبي السليم benign paroxysmal positional vertigo.

2- داء مه نيير Meniere’s disease .

3- التهاب العصب الدهليزي vestibular neuritis.

4- فقد السمع المفاجئ sudden hearing loss.

ومنها ما هو قليل المشاهدة، أو نادر وتشمل:

1- ناسور اللمف المحيطي.

2- تشقق القناة الهلالية العلوية superior canal dehiscence.

3- الدوار الشقيقي migrainous vertigo.

4- السقوط المفاجئ drop attacks.

5- متلازمة كوغان Cogan syndrome.

6- ضعف عمل مزمناً في أحد الدهليزين chronic unilateral vestibular hypofunction.

7- متلازمة الشريان الفقري الدوراني rotational vertebral artery syndrome.

8- متلازمة ليرمويز Lermoyez syndrome.

9- داء الحركة motion sickness.

1"- دوار تغيير الوضعة النوبي السليم :benign paroxysmal positional vertigo (BPPV)

أول من وصفه باراني عام 1921. هو السبب الأكثر شيوعاً لحالات الدوار؛ إذ يشكل 50% منها. و30% ممن بلغوا سن السبعين سبق أن أصيبوا به مرة واحدة على الأقل. وهو دوماً مؤقت.

يحدث الدوار بتغيير الوضعية positioning، وليس بسبب الوضعية الجديدة. سببه خلل آلي (ميكانيكي) في جهاز التوازن في قسمه الدهليزي.

ما يحدث فيه هو أن ترسبات sediments من البقعة القريبية تنفصل عنها، وتسقط في القناة الهلالية الخلفية المتوضعة مباشرة أسفل القريبة في وضعية الوقوف (أما من بقعة الكييس؛ فتسقط الترسبات في القوقعة cochlea). هذه الترسبات التي تشكل ما يشبه العلقة clot  تسد القناة الغشائية التي هي في منتهى الصغر؛ إذ يبلغ قطرها نحو 0.32 مم. عندما تتحرك هذه الكتلة تفعل كمدحم plunger يحرك السائل ضغطاً أو سحباً محركاً إياه في اتجاه أو عكسه مسبباً ميلاناً tilting في القبيبة، وينجم عن ذلك زيادة عدد طلقات firing تيار الراحة أو نقصها، كما في حالة التسارع الزاوي  في الحياة الطبيعية. هذه العلقة ثقيلة لاحتوائها - إضافة إلى بقايا الغشاء الهلامي - رمالاً أذنية مشكلة من أملاح الكلسيوم الثقيلة، ولذا فإنها تتحرك حين تغيّر وضعية الرأس بالنسبة إلى محور الجاذبية الأرضية. القناة الهلالية فيزيولوجيّاً ليست حساسة للجاذبية؛ ولكن في هذه الحالة تصبح القناة الخلفية حساسة لها gravity sensitive، فترسل نتيجة لتغير اتجاه محور الجاذبية بالنسبة إليها الإشارة التي ترسلها عادة في حالة الدوران إلى مركز التوازن؛ مما يسبب إصدار أوامر غير مناسبة إلى العينين مسببة رأرأة وشعوراً بالدوار؛ وكذلك إلى الأطراف مسببة السقوط.

ظـُنّ سابقاً أن دوار تغير الوضعة ينجم عن رمال أذنية تعلق بالقبيبة، وسمي تحصّي القبيبة cupulolithiasis؛ بيد أنه اتـُفق أخيراً على أنه نتيجة كتلة هلامية مع حصيات في القناة، وسمي تحصّي القناة canalolithiasis؛ إذ إن ذلك يفسر مواصفات الدوار من وجود تأخر latency في حدوث الدوران ومن مدته القصيرة (ثوانٍ) ومن تناقص شدته fatigability، وكذلك يفسر نجاح حركات التنظيف في علاجه.

يحدث في معظم حالاته 90% من القناة الهلالية الخلفية وفي نحو 10% من القناة الأفقية. وقد يكون من القبيبة في حالات نادرة.

السببيّات:

مجهول السبب :idiopathic   35% تنكّـسي degenerative، ومن الأسباب: الرضّي traumatic، أو بقايا residual إصابة دهليزية، أو تخلخل العظام osteoporosis، أو نقص تروية الأذن الباطنة.

الأعراض والسيرة المرضيّة:

يشكو المريض نوب دوار قصيرة تدوم أقل من دقيقة، تتكرر عدة أسابيع. تتحرض هذه النوب بحركات الرأس كالنظر إلى الأعلى في حالة الوقوف أو الجلوس، أو عند الاستلقاء أو النهوض من الفراش، أو عند التقلب في الفراش من جهة إلى جهة. تشتد هذه النوب، وتخف، ثم تتوقف فجأة لتعود بعد فترة إلى الحدوث. وقد يرافق الدوار غثيان وقياء.

لا يرافق الدوار أعراض عصبية. قد تكون هنالك قصة إصابة دهليزية سابقة. ويشكو نحو نصف المرضى عدم توازن بين فترات النوب.

التشخيص:

 القصة المرضية هي أهم عنصر في التشخيص.

الحركة المثيرة للدوار provoking تؤكد التشخيص، ولا يكون التشخيص أكيداً إلا برؤية الرأرأة.

يُلاحظ في إصابة القناة الهلالية الخلفية:

- دوار ورأرأة تظهر بعد ثوانٍ قليلة latency، ولا تستمر أكثر من 30 ثانية.

- الرأرأة مختلطة دورانية torsional تضرب نحو الأسفل عندما تكون الأذن المصابة في الأسفل مع حركة عمودية تضرب نحو الأعلى torsional-vertical.

- بعد أن يزول الدوار وتتوقف الرأرأة ويجلس المريض؛ تعود الرأرأة للظهور بجهة معاكسة reversililbity.

- يُعاد المريض إلى الوضعية الممرضة، فيلاحظ تناقص شدة الدوار والرأرأة بتكرار المحاولة fatigability.

هذه الصفات: التأخر، والفترة القصيرة transient، وقابلية التعب، وصفات الرأرأة المذكورة تشير إلى دوار بتغير الوضعية سليم. حساسية هذه المؤشرات ليست كاملة، ولكنها تراوح بين 50 و85 بالمئة.

في إصابة القناة الأفقية: يحدث الدوار حين الدوران في السرير من جهة إلى أخرى أو حين تدوير الرأس إلى اليمين أو إلى اليسار في حالة الجلوس أو الوقوف؛ ولكنه لا يحدث حين الاستلقاء في الفراش أو النهوض منه أو عند النظر إلى الأعلى. يكون الدوار أكثر شدة من الدوار الحادث في القناة الخلفية.

يحدث الدوار والرأرأة بتدوير الرأس والمريض بحالة الاستلقاء مع عطف الرأس30 درجة، تكون الرأرأة أفقية horizontal تضرب نحو الأرض. تبدأ بعد ثوانٍ (أقل من الخلفية)، وتستمر نحو دقيقة (أطول من الخلفية)، وتحتاج إلى فترة أطول لحدوث التعب.

لا لزوم لفحوص إضافية في الحالات الوصفية.

يجب إجراء التصوير العصبي بـ (MRI) حين لا تشاهد رأرأة أو أنها تكون غير وصفية عمودية مثلاً vertical، ولم يستجب المريض للمعالجة بعد مرور عدة أيام.

التشخيص التفريقي:

هناك حالات من الدوار قد تلتبس بدوار تغيير الوضعية السليم، أهمها:

- دوار الوضعية المركزي: الرأرأة تختلف في شكلها، ففي إصابات المخيخ تكون عمودية تضرب للأسفل، وتزداد بالاستلقاء.

في دوار الوضعية المركزي لا توجد فترة تأخر latency، كما لا توجد ظاهرة التثبيط بالرؤية suppression with fixation، وقد تستمر الرأرأة مادام الشخص في الوضعية المُحرضة.

- هبوط الضغط الانتصابي  :orthostatic hypotension

يحدث هنا شعور ما قبل الغشي fainting حين الوقوف. ولا يحدث هذا الشعور حين الاستلقاء في السرير أو حين التقلب فيه من جهة إلى أخرى؛ الأمر الذي يُشاهد عادةً في دوار تغيير الوضعية الدهليزي.

- ضعف عمل مزمن في أحد الدهليزين chronic unilateral vestibular hypofunction:

يحدث فيه شعور بالدوار حين تغيير وضعية الرأس فجأة وبسرعة. مدة الدوار هنا أقصر (1-3 ثوانٍ) ويحتاج إلى حركة سريعة كما أنه لا يظهر عند نظر الشخص إلى الأعلى.

- الدوار الشقيقي   :migrainous vertigo قد يتظاهر فقط بدوار حين تغيير الوضعية مشابهاً دوار تغيير الوضعة الدهليزي ويمتاز بـ:

٭ تتكرر فيه النوب بفترات أقصر مما في الدوار الدهليزي (أيام بدل أسابيع أو أشهر).

٭ يبدأ في سن باكرة.

٭ أعراض شقيقة قد لا تكون واضحة جداً في أثناء نوب الدوار (الانزعاج من الضياء والأصوات وصداع غير شديد وغثيان وقصة عائلية).

٭ الرأرأة لا تكون كالرأرأة الوصفية لدوار الوضعية الدهليزي.

- الرأرأة بتناول الكحول  :Alcohol nystagmusقد يحدث تناول الكحول دوار وضعية مستمراً خلال ثلاثين دقيقة من تناوله، تكون الرأرأة أفقية تضرب نحو الأرض في حال الاستلقاء والرأس محني إلى الجانب. تزداد في الساعتين الأوليين، وتنعكس بين الساعة الرابعة والسادسة. يعزى ذلك إلى ارتشاح diffusion الكحول في القبيبة cupula أسرع من ارتشاحه في اللمف الداخلي؛ مما ينجم عنه اختلاف في الوزن النوعي specific gravity بينهما وما ينتج عن ذلك من أن تصبح القناة الهلالية حساسة للتغيّر بالنسبة إلى خط الجاذبية والتسارع الخطي.

الشكل (4) تمارين Brandt-Daroff

معالجة دوار تغيير الوضعية:

تعتمد على إجراء حركات تهدف إلى تنظيف القناة الهلاليّة من الرواسب التي سقطت فيها من القريبة utricle، وذلك بتحريكها إلى الساق المشتركة common crus  بين القناتين الهلاليتين الأمامية والخلفية، ومن ثم إلى القريبة، ويكون ذلك بوضع رأس المريض بسلسلة من الوضعيّات يؤمل منها أن تجعل الرواسب تتحرك نحو الهدف المقصود. من هذه الحركات وأكثرها استعمالاً حركات إبلي Epley رغم أن هنالك من سبقه إلى هذه الفكرة. وكذلك حركات سيمون Semont، وهناك حركات أقل شدة على العمود الفقري وعلى الأوعية الدموية في العنق هي حركات Gans. كان يـُلجأ في بدء زمن تطبيق هذه المعالجة إلى تطبيق هزاز على الصدغ بهدف تحريك الرواسب إلا أنّ ذلك سبّب بعض المضاعفات، وتـُرك. كما كان يـُلجأ إلى محاولة تخفيف حركات رأس المريض لفترة بعد إجراء هذه المعالجة كأن يثبت رأس المريض ويطلب منه أن ينام ورأسه مرفوع ليلة أو اثنتين، بيد أن الأبحاث الأخيرة تـُظهر أن لا ضرورة لذلك.

وتختلف حركات المعالجة في إصابة القناة الأفقية (دوران 360 درجة في حال الاستلقاء من الجهة المصابة إلى السليمة barbecue). يمكن أن تُعاد حركات التنظيف إذا اقتضى الأمر.

هناك معالجة ذكرت تعتمد على إلزام المريض الاضطجاع على الجهة السليمة مدة طويلة (12-48 ساعة).

لحركات التنظيف مضاعفات نادرة، منها دخول العلقة من القناة الخلفية إلى القناة الأمامية، ومنها تخشر sloughing العلقة عند نقطة تفرع الساق المشتركة؛ وهي أضيق نقطة، وحينها يشكو المريض من دوار شديد ونوبة خوف تزول بتحريك المريض بسرعة عكس الحركة السابقة.

يدعم المريض هذه المعالجة بتمارين في المنزل Brandt-Daroff.

2"- مرض مه نيير :Meniere’s disease

هو اضطراب في الأذن الداخلية مجهول السبب. يزداد فيه ضغط اللمف الجواني.

وليس هو مرضاً disease؛ إذ لا يعرف سببه الممرض على نحو أكيد، وليس هو متلازمة syndrome؛ إذ فيه تشريح مرضي واحد، إنه حالة مرضية state of illness. وهو يُصنّف إلى مراحل بحسب شدة أعراضه.

السببيات :etiology الأسباب المذكورة متعددة، منها الوراثية والنفسية والوعائية والأرجية allergy. قيل بوجود التهاب في كيس اللمف الجواني endolymphatic sac ناجم عن ڤيروس، وقيل بوجود ارتكاس مناعي ذاتي autoimmune يسبب اضطراباً في امتصاص اللمف الجواني وزيادة في ضغطه. يُعتقد في الوقت الحاضر وجود اضطراب في التوازن الأيوني يسبب خللاً في دورة البوتاسيوم.

الأعراض:

- نوب دوار: تمتد لدقائق أو ساعات، وليس ثواني ولا أياماً؛ عدا النوبة الأولى التي قد تستمر أكثر من 24 ساعة. وقد يتحول في الحالات المتقدمة إلى عدم ثبات unsteadiness مستمر.

في نوبة الدوار تلاحظ رأرأة تضرب نحو الجهة المصابة في البدء (فرط تنبه hyperexcitability)، وتتحول بعد فترة قصيرة لتضرب نحو الأذن السليمة.

- نقص سمع: عصبي حسي neurosensory، متموج في شدته، يزداد في أثناء نوب الدوار، ويبدأ بالتواترات المنخفضة.

- طنين tinnitus: يُشاهد في نحو 90% من الحالات، منخفض التواتر، يتموج في شدته، وقد يستمر بعد نوبة الدوار، مع زوال الدوار وعودة السمع إلى سابق وضعه.

- حس الامتلاء في الأذنين:aural fullness  قبل نوبة الدوار وبعدها.

ومعظم الذين تبدأ الآفة عندهم بدوار فقط دون أعراض سمعية ستكتمل عندهم أعراض الآفة  خلال سنة من بدء الدوار.

التشخيص: اختبار الغليسيرول glycerol test. كان يستعمل في الماضي، وهو يعتمد على تحسن السمع على نحو ما بعد تناول كمية معيّنة من الغليسيرول؛ إذ كان يعتقد أنه يخفض ضغط سائل اللمف الجواني. ولكن استعماله غير شائع.

تخطيط القوقعة  :cochleography تزيد نسبة شدة الجهد الجمعي summating potential - الذي ينشأ من الغشاء القاعدي basal membrane - إلى شدة جهد الفعل action potential - الذي ينشأ من العصب السمعي عند بدايته - على 0.35. تضخيم صوت القوقعة cochlear microphonics الذي ينشأ من الصفيحة الشبكية reticular lamina فوق الخلايا المشعرة hair cells يُحذف بآلية معيّنة. يُعدّ هذا الفحص مؤكداً للتشخيص. وقد يكون في إجرائه بعض الإزعاج للمريض، وغالباً ما يتم التشخيص دون اللجوء إليه.

التشخيص التفريقي:

- التهاب العصب الدهليزي: مدة الدوار فيه أطول، ولا توجد فيه أعراض سمعية.

- فقد السمع الفجائي: غالباً ما لا يرافقه دوار، وتشفى معظم حالاته (70%).

- الفقد الحاد لعمل التيه  :acute loss of labyrinthine function وفيه دوار لأيام وطنين وفقد سمع قد يشفى، وقد لا يشفى. أما مرض مه نيير؛ ففيه نقص مزمن chronic في وظيفة التيه.

المعالجة:

تختلف في الولايات المتحدة عنها في أوربا:

في الولايات المتحدة: حمية قليلة الملح ومدرات diuretics وستيروئيدات  steroidsبالطريق العام، وستيروئيدات حقناً في الأذن الوسطى. وجنتامايسين حقناً في الأذن الوسطى.                     

في أوربا: هيدروكلورايد البيتاهستين betahistine hydrochloride وهو ناهض لمستقبلة (H1 receptor agonist) H1  ومناهض لمستقبلة H3. لا توجد بيّنة كافية لإثبات فعاليته مع وجود أبحاث تتكلم عن فائدته.

وتبقى الجراحة للحالات الشديدة المعندة على المعالجة الدوائية، وتشمل تخفيف ضغط السائل في كيس اللمف الجواني، قطع العصب الدهليزي واستئصال التيه labyrinthectomy ونادراً ما يُلجأ إليه.

3"- التهاب العصب الدهليزي :vestibular neuritis

هو ثالث أسباب الدوار الدهليزي شيوعاً. يحدث فيه التهاب inflammation في خلايا العقدة ganglion الدهليزية على نحو رئيسي؛ كما يحدث فيه شلل دهليزي وحيد الجانب.

يُعتقد أن السبب هو ڤيروس الهربس البسيط herpes simplex من النوع I كما في شلل بل Bell وكما في فقد السمع الفجائي.

وتدعم نظرية الڤيروس عدة أمور: منها أن المرض يكثر حدوثه في فترات معيّنة من السنة، كما أن هنالك نسبة عالية من حالاته تُشاهد بعد إصابة بالتهاب الطرق التنفسية العليا، وكذلك التشريح المرضي المجرى على العصب الدهليزي، وأخيراً ارتفاع عيار البروتين في السائل الدماغي الشوكي. أكثر سن إصابة به هي 30-60 سنة.

الأعراض:

دوار دوراني مع انعدام توازن سكوني postural imbalance ورأرأة  عفوية وغثيان وقياء، ونقص الإجابة الدهليزية للاختبار الحروري أو انعدامها، ويبقى السمع سليماً. تكون الأعراض شديدة يوماً أو يومين، ثم تخف تدريجيّاً، وتشفى تلقائياً في أسبوع إلى ستة أسابيع بآلية المعاوضة، تساعد على ذلك التمارين الفيزيائية.

التشخيص التفريقي:

تحدث أعراض مشابهة في حالة النزف أو الاحتشاء infarction في المخيخ cerebellum، وقد يحتاج التشخيص إلى تصوير الدماغ. كما أن بقعة تصلب متعدد MS عند مدخل العصب الثامن إلى جذع الدماغ قد تحدث أعراضاً مشابهة.

المعالجة:

مضادات الدوار وبأقل مقدار يكفي لإزالة الغثيان خلال الأيام القليلة الأولى (ديمينهيدرنات، سكوبولامين) فقط. الستيروئيدات (40ملغ في اليوم عشرة أيام) أو (100ملغ في اليوم تـُنقص 20ملغ يوميّاً كل ثلاثة أيام).

مضاد الڤيروسات   valacyclover 1غ 3 مرات يوميّاً لسبعة أيام، معالجة فيزيائية.

ومدة الشفاء تكون أطول في متقدمي السن.

4"- ناسور اللمف المحيطي :perilymph fistula

يحدث فيه ناسور في المحفظة الأذنية otic capsule؛ مما يسمح برشح اللمف المحيطي منها إلى الأذن الوسطى كما يسمح بانتقال الضغط من الأذن الوسطى إلى المحفظة الأذنية مؤثراً في المستقبلات الكائنة في البقعة وفي القريبة والكييس وفي الأمبولة ampulla في القنوات الهلالية. وهو مضاعفة نادرة لرضوض الرأس ولرضوض قد لا يرافقها رض الرأس، وللرض الضغطي barotrauma أو لرفع أثقال كبيرة، أو بعد ولادة أو قياء شديد، وقد تكون خلقية. معظمها يحدث في النافذة المدورة أو البيضوية، وكذلك بعد الأعمال الجراحية على الأذن.

الأعراض:

نوب من الدوار مع اضطراب التوازن قد يكون دائماً، وقد يصعب التعبير عنه، يزيد بالجهد، قد يرافقه صداع في الجهة الموافقة. قد يشكو المريض داء الحركة motion sickness ونقص سمع حسي عصبي متزايداً، مع شعور بالامتلاء وعدم تحمل الأصوات الشديدة.

يحدث الدوار وربما ازدياد نقص السمع بالعطاس، والجهد straining والسعال، أو حين التعرض لصوت مرتفع، وهذا ما يسمى ظاهرة توليو Tullio phenomenon؛ وذلك بسبب انتقال الضغط الناشئ من الأمواج الصوتية إلى الأذن الداخلية متوزعاً على نحو غير طبيعي.

التشخيص: ليس سهلاً؛ إذ أن الفحوص السريرية بما فيها اختبار الناسور قليلة الحساسية.

التصوير المقطعي المحوسب CTscan قد يُظهر وجود سائل في منطقة النافذة المدورة round window recess.

المعالجة: راحة بالفراش والرأس مرفوع وتجنب الجهد. إذا لم تنجح بعد أسابيع يُلجأ إلى عمل جراحي لإغلاق الناسور.

5 ً- تشقق جدار القناة الهلالية العلوية superior semicircular canal dehiscence:

حالة ذكرت مؤخراً عن اضطراب دهليزي سمعي محيطي، يحدث فيها  ترقق شديد أو تشقق وانعدام في الطبقة العظمية العلوية للقناة الهلالية العلوية والتي هي أصلاً رقيقة، وهي تفصل جوف القناة عن الجوف داخل القحف؛ مما يسبب احتمال انتقال تغيرات الضغط داخل القحف إلى الأذن الداخلية. هذا التشقق يفعل كنافذة إضافية على الطرف الآخر من المحفظة الأذنية otic capsule. وهي نادرة، وقد يغفل عن تشخيصها.

الأعراض: دوار يثيره السعال أو العطاس أو إجراء حركة فالسالفا. وقد يحدث بالتعرض للأصوات المرتفعة الشدة Tullio phenomenon، وقد يرافق نوب الدوار القصيرة اضطراب في التوازن وقياء. يشاهد مع الدوار رأرأة عمودية دورانية vertical torsional؛ وفي مستوى القناة الهلالية العلوية.

- نقص سمع توصيلي conductive خفيف في التواترات المنخفضة، مع منعكس ركابي stapedial reflex طبيعي؛ مما يشير إلى أن نقص السمع التوصيلي ليس ناجماً عن سبب في الأذن الوسطى. كما يشكو هؤلاء المرضى ازدياد الحساسية للصوت المعطى بالطريق العظمي (فرط حساسية في القوقعة). ويبدي اختبار VEMP هبوطاً في العتبة بدل ارتفاعها.

وذكرت مؤخراً حالات رافقتها هجمات سقوطٍ مفاجئ drop attacks.

التشخيص: بالانتباه لشكوى المريض وتذكّر وجود هذه الحالة ثم بالتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب العالي التمييز high resolution CT.

المعالجة: يفيد وضع أنبوب تهوية في غشاء الطبل. وقد تتطلب الحالة تداخلاً جراحيّاً يغلق فيه التشقق من داخل القحف.

 

6 ً- الدوار الشقيقي :migrainous vertigo

هو أحد أشكال الشقيقة migraine العديدة، يحدث فيه دوار قد يشبه دوار تغيير الوضعية السليم BPPV، إنما غالباً ما يحدث الدوار دقائق أو ساعات قد ترافقه أعراض تشاهد في الشقيقة كاضطراب الرؤية visual aura ورُهاب الصوت والضوء phono and photophobia، وتتحرَّض النوب ببعض الأطعمة أو الحالات النفسية. الآلية التي يتم بها الدوار غير معروفة على التأكيد، والتشخيص قد لا يكون مؤكداً.

قد يظهر هذا النوع من الدوار في أطفال ستظهر فيهم شقيقة migraine نظامية فيما بعد.

7"- السقوط المفاجئ :drop attacks

يسقط الشخص فجأة إلى الأرض فترة قصيرة دون فقد الوعي consciousness. له آليات مختلفة منها قصور الدوران الفقري القاعدي vertebrobasilar والضعف العضلي ومرض مه نيير.

الجُمْدة  :cataplexy

يحدث فيها ضعف عضلي مفاجئ شديد atonia تثيره حالة عاطفية شديدة (غضب أو ضحك) دون فقد الوعي أو تغير الذاكرة، يسقط الشخص فترة ثوانٍ إلى دقيقتين.

تشاهد في تخطيط الدماغ موجات من الجسر pons والبصلة medulla تشابه ما يشاهد في مرحلة REM من النوم. تحدث نوب السقوط بفترات متباعدة.

ليس هنالك معالجة ثبتت فائدتها.

نوب السقوط المفاجئ في مرض مه نيير drop attacks in patients with Meniere’s disease

Tumarkin’s otolithic crisis:

يشاهد عادة في المراحل المتأخرة من مرض مه نيير، وقد يشاهد في أي مرحلة منه. يحدث فيه فقد توازن مفاجئ يشعر فيه المريض بأنه دُفع بعنف إلى الأرض أو أن الأرض مالت فيه. لا يحدث فيه فقد الوعي، ولا ترافقه أعراض عصبية.

يُعتقد أن آلية هذه الحادثة هي حدوث تنبيه آلي (ميكانيكي) في بقعة الكييس مسبباً دفعة burst من الطلقات العصبية للطريق الدهليزي النخاعي vestibulospinal pathway مؤدية إلى السقوط.

ترتفع عتبة اختبار  VEM أو تنعدم؛ مما يُعدّ مؤشراً لوجود استسقاء hydrops في الكييس. تشفى هذه الحالة باستئصال التيه.

وقد ذُكرت مؤخراً حالات من السقوط المفاجئ مرافقةً لوجود تشققٍ في القناة الهلالية العلوية.

8"- متلازمة كوغان :Cogan syndrome

تنجم عن ارتكاس مناعي ذاتي autoimmune بسبب التهاب القرنية العينية الخلالي interstitial keratitis وإصابة في الجهاز الدهليزي السمعي.

يصاب المريض بنوب دوار تشبه نوب مرض مه نيير مع عدم انتظام الحركات ataxia، وغثيان وقياء ونقص سمع وطنين، وقد يحدث لدى المريض تذبذب الرؤية oscillopsia حيث تبدو فيه المرئيات تتحرك ذهاباً وإياباً حين إدارة الرأس فجأة من جهة إلى أخرى.

قد يبدي الاختبار الحروري للدهليز انعداماً في الإجابة. المعالجة بالستيروئيدات وكابتات المناعة immunosuppressants.

9 ً- الاعتلال الدهليزي الراجع recurrent vestibulopathy:

هو تشخيص توصيفي لحالة يصاب فيها الشخص بأعراض اعتلال دهليزي يتظاهر بنوبة دوار يغلب أن يرافقها غثيان وقياء واضطراب في التوازن. لا ترافقها أعراض سمعية (نقص سمع أو طنين)، ولا ترافقها مؤشرات شقيقية. وبعد زوال النوبة يعود المريض إلى الحالة الطبيعية. تتكرر النوب متباعدة (كل سنة أو سنتين).

لا يُعرف سببها، قد تشاهد ضمن الأسرة، وقد تكون نوعاً من الدوار الشقيقي.

10"- متلازمة الشريان الفقري الدوراني rotational vertebral artery syndrome:

يحدث فيها انضغاط الشريان الفقري بعناصر عظمية (C1-C2) حين تدوير الرأس بحركة طبيعية. تحدث لوجود تنكس عظمي أو تضيق الثقب.

تشخص بالتصوير في الحالة الطبيعية وفي الوضعية المسببة للأعراض.

11"- متلازمة ليرمويز :Lermoyez syndrome

يحدث فيها نقص في السمع يتحسن بظهور الدوار. يشاهد في نسبة ضئيلة (1%) من مرض مه نيير.

فـُسّر على أنه نتيجة تشنج spasm في أوعية التيه طويل الأمد مسبباً نقصاً في السمع يتلوه زوال التشنج في هذه الأوعية فجأة محدثاً دواراً وتحسّناً في السمع. ثم فـُسّر بحدوث تمزق في القريبة أو الكييس في مصاب بداء مه نيير لديه فرط ضغط في اللمف الداخلي. هذا التمزق يسبّب دواراً وتحسناً في السمع بسبب زوال الضغط المرتفع في القوقعة دون تمزق فيها. ما تزال الآلية غير مثبتة.

12"- دوار الحركة :motion sickness

هو حالة عدم توازن قد تحدث حين ركوب أي وسيلة نقل (سيارة، طائرة، سفينة، حيوان، مركبة في مدينة الملاهي).

لوحظت منذ القديم، وظن أنها تعود إلى جهاز الهضم، وفي عام 1881 عُرفت علاقتها بالدهليز. هذا النوع من الدوار لا يحدث في الصم؛ وفي الأطفال دون السنتين من العمر. كان يُعتقد أنه ناجم عن دهليز مُفرط التنبه hyperexcitable، بيد أن المعتقد الآن أنه ينجم عن ورود إشارات متضاربة من مصادر المعلومات التي تُخبر الدهليز بحركات الجسم، ولا تتفق هذه الإشارات  مع ما في المخزون العصبي لهذا الشخص.

يبرمج جهاز التوازن بُعيد الولادة، وتُدخل حركات الأرض المتعددة والسريعة جداً في عملية البرمجة، ويُزال تأثيرها. وحين الركوب في مركبة متحركة يكون الراكب وكأنه في مركبة ضمن مركبة، وتضاف حركة إضافية لم تدخل في البرمجة الأولى. وترد إلى مركز التوازن إشارات متضاربة من المستقبلات المحيطية (الرؤية والدهليز والحس العميق) تسبب إصدار أوامر غير ملائمة للعينين والأطراف؛ مما يسبب دواراً وما يرافقه من أعراض (غثيان وقياء) وسقوطاً، وبمرور الوقت يتلاءم المخزون العصبي مع الحالة الجديدة. المعالجة بمثبطات الدهليز ومثبطات المبهم anticholinergic كالسكوبولامين؛ وأن يجلس الشخص في المقعد الأمامي ينظر إلى بعيد مقللاً من تحريك رأسه.

يحدث اضطراب التوازن أيضاً حين العودة إلى اليابسة بعد رحلة بحرية طويلة disembarkation، قد يحتاج إلى ساعات أو أيام ليزول.

ومن المفيد قبل ختام بحث الدوار الإشارة إلى أن مدة نوبة الدوار قد تفيد مشعراً تقريبياً نحو تشخيص محدد، إنها دليل تقريبي يوجه للتشخيص؛ ولا يؤكده، ولا بد من دراسة كاملة للمريض.

فدوارٌ مدته 2- 3 ثوانٍ حين الحركة هو بقايا إصابةٍ في الدهليز (عواقب متأخرة لالتهاب العصب الدهليزي أو مرحلةٌ متقدمة من مرض مه نيير).

ومن 5 إلى 90 ثانية: دوار تغيير الوضعية السليم (BPPV) ونادراً ناسور اللمف الخارجي.

ومن 2 إلى 20 دقيقة: نقص تروية عارض transient في الدوران الخلفي، ترافقه عادة أعراض عصبية.

حدوث دوار محيطي وعائي السبب يتطلب انسداداً محدداً للشريان السمعي الباطن أو الشريان الدهليزي الأمامي.  ناسور اللمف الخارجي قد يتظاهر بدوران لدقائق.

ودوار يدوم ساعات: مرض مه نيير وورم العصب السمعي أو ناسور اللمف الظاهر أو شقيقة.

- دوار يدوم 2 إلى 3 أيام: التهاب العصب الدهليزي.

- وأكثر من 3 أيام: إصابة عصبية مركزية: تصلب متعدد (MS)؛ أو احتشاء في الحفرة الخلفية.

- وإحساس مستمر بالدوار لأكثر من أسبوعين دون تبدلات في شدته ربما كان نفسياً، ويجب أن تُتذكَّر هنا الحالات غير المعاوضة كليّاً لإصابات دهليزية شديدة.

 

   

 


التصنيف : أذن أنف حنجرة
النوع : أذن أنف حنجرة
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 416
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 560
الكل : 31683035
اليوم : 37617