logo

logo

logo

logo

logo

الحصيات الصفراوية

حصيات صفراويه

gallstones - calculs biliaires



الحصيات الصفراوية

عاصم قبطان

 

المرارة والقناة المرارية

أمراض الطرق الصفراوية

استئصال المرارة الجراحي

 

 

المغص الصفراوي، التهاب المرارة الحاد، التهاب المرارة المزمن، حصيات القناة الجامعة

تعد أمراض الجهاز الصفراوي من أكثر الأمراض شيوعاً. فالحصيات المرارية تصيب ملايين الناس في العالم الغربي، في حين أن التهاب الأقنية الصفراوية أكثر شيوعاً في الشرق. وتؤدي الجراحة دوراً رئيسياً في تدبير هذه الأمراض. وقد أدت الجراحة التنظيرية الدور الأكبر في تدبير أمراض المرارة منذ أواخر القرن العشرين، وذلك بعد استعمال «الكاميرا» واختراع الأدوات الجراحية التنظيرية وبفضل تقدم فهم القواعد التشريحية الجراحية.

تشريح القنوات الصفراوية خارج الكبدية

تتشكل القناة الصفراوية الكبدية من التقاء القناة الكبدية اليمنى والقناة الكبدية اليسرى، ولا تلبث أن تلتقي بالقناة المرارية لتشكل القناة الجامعة الصفراوية. تتوضع القناة الجامعة الصفراوية في الأمام ويقع خلفها الشريان الكبدي من الناحية الإنسية ووريد الباب من الناحية الوحشية، وتتمادى باتجاه الأسفل وخلف القطعة الأولى من العفج ثم عبر جدار العفج لتتحد مع القناة المعثكلية الرئيسية (Wirsung) لتنفتح على الناحية الخلفية الإنسية للقطعة الثانية من العفج عن طريق حليمة فاتر.

المرارة والقناة المرارية:

يبدو الحويصل المراري بشكل الإجاصة ويراوح طول المرارة الوسطي ما بين 5 - 12سم، وتتوضع تشريحياً على الوجه السفلي من الكبد ما بين التقاء الفص الأيمن والفص الأيسر، وهي مغلفة بالغشاء الصفاقي وتقسم تشريحياً إلى القاع والجسم والعنق الذي ينتهي إلى القناة المرارية.

الوظيفة الرئيسة للقنوات الصفراوية هي نقل السائل الصفراوي من الكبد ومن ثم تصريفه في النهاية إلى القطعة الثانية من العفج.

تقوم الخلايا الكبدية في الإنسان بإنتاج 500 -1000ميللتر من الصفراء يومياً، ويعدّ الماء المكون الرئيسي للصفراء إضافة إلى الأملاح الصفراوية والكوليسترول، والفسفوليبيدات، وباقي الشوارد غير العضوية الموجودة في البلازما.

تقوم الأملاح الصفراوية بالعمل على إبقاء الكوليسترول بحالته الحلولة ضمن الصفراء من طريق ارتباطه بالأملاح الصفراوية والفسفوليبيدات. ويؤدي اضطراب التوازن بين هذه المكونات وزيادة نسبة الكوليسترول في الصفراء إلى تشكل الحصيات الكوليسترولية.

تقوم المرارة بتخزين الصفراء ما بين الوجبات الغذائية وتعمل على تكثيف السائل الصفراوي عن طريق امتصاص الماء والشوارد. ويعتقد أن نصف الصفراء يتخزن في المرارة في حين ينساب القسم المتبقي تدريجياً على نحو متواصل إلى القطعة الثانية العفجية. يؤدي تناول الطعام وخصوصاً الدسم إلى تحرير الكوليسيستوكينين من العفج الذي يعد المحرض الرئيس لتقبض المرارة وارتخاء مصرة أودي.

يسبب ارتفاع الضغط المفاجئ ضمن القنوات الصفراوية الألم القولنجي الصفراوي؛ في حين يؤدي ارتفاع الضغط المتدرج إلى حس الانزعاج. كما ينجم الألم عن وجود حصيات في القنوات الصفراوية أو في المرارة تسد هذه القنوات وترفع الضغط ضمنها. ويعتقد أن تشنج مصرة أودي ليس مؤلماً في حد ذاته؛ بل لأنه يرفع الضغط ضمن القنوات الصفراوية المفرغة. تعود معظم الأعصاب الناقلة للألم عبر الضفيرة الحشوية؛ بيد أن نسبة لابأس بها من هذه الأعصاب تعود عبر العصب المبهم والعصب الحجابي الأيمن والأعصاب الوربية، وهذا التوزع المتعدد قد يفسر تباين الآلام الصفراوية.

المراضة

إن حدوث التهاب الطرق الصفراوية الحاد والمزمن أمر شائع سببه عوامل كيميائية أو جرثومية أو طفيلية. ويؤدي انسداد القناة المرارية بحصاة إلى تسرب الأملاح الصفراوية وامتصاصها عن طريق مخاطية المرارة وحدوث التهاب المرارة الذي يعقبه على الفور خمج جرثومي؛ لأن الجراثيم موجودة طبيعياً في السوائل الصفراوية خصوصاً في حالة وجود الحصيات الصفراوية. وتعد الجراثيم القولونية أكثرها شيوعاً، وتليها الكلبسيلات والمكورات العقدية البرازية. أما الجراثيم اللاهوائية فنسبتها أقل من ذلك.

استقصاء المرارة والطرق الصفراوية

1- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: يعد التصوير بالأمواج فوق الصوتية الخيار الأول في استقصاءات الطرق الصفراوية والمرارة لأنه أداة تشخيصية غير باضعة، وغير مؤلمة، كما تمكن من دراسة أعضاء البطن الأخرى في الوقت نفسه.

2- تصوير القنوات الصفراوية عبر الجلد: يتم ذلك بإدخال إبرة رفيعة قياس G22 عبر الجلد بعد التخدير الموضعي وتحت المراقبة على الشاشة التلفازية. ولدى وصول الإبرة إلى إحدى القنوات الصفراوية يتم حقن المادة الظليلة لترسم هذه القنوات بشكلها التشريحي.

3- تصوير الطرق الصفراوية التنظيري الراجع (ERCP): وفيه يتم تصوير القناة الجامعة وبقية الطرق الصفراوية والقناة المعثكلية بوساطة إدخال قثطرة في حليمة فاتر عبر منظار المعدة وحقن المادة الظليلة. وقد لا يكون تصوير الشجرة الصفراوية ممكناً بهذه الطريقة وعندها يصبح التصوير عبر الجلد مستطباً بالمشاركة مع التصوير بالتنظير الراجع.

4- التصوير المقطعي المحوسب والتصوير متعدد الشرائح: قدم التصوير المقطعي المحوسب أسلوباً جديداً لدراسة الشجرة الصفراوية داخل الكبد وخارجه، وأعقب ذلك ثورة جديدة أخرى بظهور التصوير المقطعي المحوسب متعدد الشرائح والذي يمكن من دراسة الشجرة الصفراوية داخل الكبد وخارجه وإعادة رسم هذه الشجرة بشكلٍ ثلاثي الأبعاد مما يتيح وضع التشخيص بدقة؛ بيد أن ما يؤخذ على هذه الطرائق أنها تقدم التشخيص فقط في حين أن التصوير بالطريق الراجع يقدم التشخيص والعلاج في كثير من الحالات.

5- تصوير القنوات الصفراوية بالرنين المغنطيسي (MRCP): هي قفزة أخرى في مضمار التشخيص لأنها تمكن من الحصول على رسم للشجرة الصفراوية داخل الكبد وخارجه بطريقة غير باضعة، ولكنها كما في التصوير المقطعي المحوسب والتصوير متعدد الشرائح لا تسهم في العلاج.

أمراض الطرق الصفراوية

الشكل (1) تفريسة المرارة بتخطيط الصدى تكشف وجود ثلاث مرارية مع ظلال صدوية خلفها

1- الحصيات الصفراوية:

هي الأشيع بين أمراض الطرق الصفراوية. تلاحظ في المجتمعات بنسبة تراوح ما بين 11- 36% من عموم السكان، ويعود ذلك إلى حدوث تبدلات كيمياوية حيوية في السوائل الصفراوية ترتبط بتقدم العمر. وتحدث لدى النساء بنسبة ثلاثة أضعاف نسبتها في الرجال. ومن العوامل المؤهبة لحدوث الحصيات الصفراوية لدى النساء البدانة، والعقد الخامس من العمر، وتعدد الولادات، ولم يتأكد وجود علاقة بين حصول الحصيات الصفراوية وتناول مانعات الحمل الهرمونية. يعدّ الكوليسترول والأصبغة الصفراوية المكونين الأساسيين للحصيات الصفراوية، وتسهم كربونات الكلسيوم والفوسفات والبالميتات في تشكيل الحصيات بنسب متفاوتة. كما أن هناك حصيات تتشكل من الكوليسترول النقي أو من الأصبغة الصفراوية، ويغلب أن تكون الحصيات مختلطة. تشكل الحصيات الصباغية غالبية الحصيات في آسيا وهي عادةً بلون أسود أو بني غامق، في حين تشكل الحصيات الكوليسترولية 75% من مجموع الحصيات في الغرب وتكون مفردة أو متعددة وقاسية، وتأخذ شكل طبقات متراتبة كطبقات البصل، وفي 10% من الحصيات تكون نسبة الكلسيوم كافية لتجعلها ظليلة على الأشعة.

آلية تشكل الحصيات الصفراوية:

أ- الحصيات الكوليسترولية: من المعروف أن ذرات الكوليسترول تفرز على شكل حويصلات غير ذوابة في الماء؛ لكنها تصبح ذوابة باتحادها مع الأملاح الصفراوية والفسفوليبيد وتشكيلها مذيلات micelles ذوابة. ويعد الليسيتين المكون الرئيسي للفسفوليبيدات في حين تكوّن الغليكوكولات والتوروكولات الناتج الرئيسي للأملاح الصفراوية. ويعود ثبات السوائل الصفراوية إلى ثبات المكونات الثلاثة للسوائل الصفراوية، وتؤدي زيادة نسبة الكوليسترول في السوائل الصفراوية إلى حالة إشباع شديدة لهذه السوائل ينجم عنها ترسب بلورات الكوليسترول وتشكل الحصيات الكوليسترولية.

ب- الحصيات الصباغية: تتشكل الحصيات الصباغية على نحو رئيس من بيليروبينات الكلسيوم ويكون تركيز الكوليسترول فيها أقل من 25%، وهي عادةً عديدة وفي نصف الحالات ظليلة على الأشعة، ويكثر حدوثها عادةً عند المرضى المصابين بأدواء انحلالية دموية كما في تكور الكريات الحمر الوراثي، وفي فقر الدم المنجلي، وفي تشمع الكبد الذي يترافق ونسبة قليلة من انحلال الدم.

ج- الحصيات المختلطة: تتشكل بصفة أساسية من الكوليسترول إضافة إلى خليط من الأصبغة عديمة الشكل وغير المتبلورة، ومن المألوف أن تكون عديدة وقد تصل إلى عدة مئات.

د- الكدارة المرارية sludge (الطين المراري): يتشكل الطين المراري عادة في المرارة، وهو يتألف من بلورات الكوليسترول التي تجمعت على شكل جزيئات ضمن وسط هلامي مؤلف من المخاط، وقد يحتوي على حبيبات من الأصبغة الصفراوية. يظهر الطين المراري بتخطيط البطن بالصدى على شكل كداسة عالية الصدى متوضعة في القسم السفلي من المرارة ذات حد علوي أفقي؛ وتتحرك عند تغيير وضعية المريض لكنها لا تترك خلفها ظلاً صوتياً. يؤهب الصيام والحمل لتشكل الطين المراري وكثيراً ما يرى عند مرضى وحدات العناية المشددة ويزول متى زال السبب الذي أدى إلى حدوثه؛ بيد أنه قد يكون مقدمة لتشكل الحصيات الصفراوية.

2- التهاب المرارة المزمن:

يحدث التهاب المرارة المزمن في ثلثي الحالات الحصوية العرضية. وقد لا تتناسب الفحوص التشريحية المرضية والأعراض؛ فقد تتباين الأعراض ما بين المرارة الطبيعية المترافقة ودرجة خفيفة من الالتهاب في مخاطية المرارة وما بين المرارة المنكمشة المتليفة الملتصقة. ونادراً ما تتكلس المرارة وتظهر بشكل المرارة الخزفية.

الأعراض والتشخيص:

الشكل (2) تفرس المرارة بالأمواج فوق الصوتية يكشف وجود كدارة متجانسة ناقصة الصدى
(رؤوس الأسهم) يتغير موضعها بتغير وضعية المريض. لاحظ عدم وجود ظل صدوي خلفها

 

يشكو المريض في الحالات النموذجية من نوبات متكررة من الآلام المراقية اليمنى أو الآلام الشرسوفية التي تعقب تناول الوجبات خصوصاً الدسمة منها، ويحدث الألم عادةً ليلاً. تتباين شدة الأعراض ما بين عسر هضم خفيف يحدث بعد الوجبات إلى أعراض مستمرة حادة نسبياً تبدو بآلام مراقية تمتد إلى الخلف وإلى الكتف الأيمن. ويمكن توصيف الألم بأنه ألم زناري أيمن حول أعلى البطن ونادراً ما يتظاهر الألم في الجهة اليسرى للبطن. تترافق هذه الأعراض والغثيان وأحياناً القياء، وقد تحدث أعراض مرافقة منها انتفاخ البطن بالغازات، وكثيراً ما يكشف الفحص السريري وجود إيلام بجس المراق الأيمن.

من الممكن الوصول إلى تشخيص التهاب المرارة المزمن سريرياً في مريض لديه أعراض نموذجية، ولكن لا يمكن تأكيد التشخيص إلا بإجراء التصوير بالأمواج فوق الصوتية.

قد يكون من الصعب التمييز بين التهاب المرارة المزمن والقرحة الهضمية أو الفتق الحجابي أو داء الرتوج القولونية. يؤلف ترافق داء الرتوج القولونية والحصيات المرارية والفتق الحجابي ثلاثي سينت Saint’s triad.

المعالجة:

لابد من تقديم المعالجة النوعية للمريض بعد وضع التشخيص الصحيح لأن الأعراض تستمر غالباً، وقد يستطيع بعض المرضى السيطرة على أعراضهم باتباع حمية مناسبة؛ أو بتناول بعض المسكنات البسيطة، ولكن الغالب هو اللجوء إلى المعالجة الجراحية باستئصال المرارة. ومن الطبيعي موازنة نتائج المعالجة الجراحية المتوقعة بخطورتها.

3- المغص الصفراوي:

يحدث المغص الصفراوي (القولنج) بسبب انحشار حصاة في عنق المرارة. يبدأ الألم الحاد على نحو مفاجئ في الشرسوف، غالباً ليلاً وبعد وجبة ثقيلة، وقد تستمر الآلام عدة ساعات، وتترافق وقلق وضجر، وتعرق وقياء. وقد يمتد الألم إلى الظهر. وقد تترافق الأعراض وتسرع في النبض لكن الحرارة تبقى طبيعية. يبدي فحص البطن إيلاماً خفيفاً في الشرسوف. وبخلاف التهاب المرارة الحاد لا يوجد دفاع أو تقفع في المراق الأيمن. تستمر نوبة المغص المراري ما بين 1-6 ساعات ثم تزول فجأة وقد تعقبها آلام خفيفة تستمر يوماً أو يومين. أما إذا استمر المغص المراري أكثر من ست ساعات فإن ذلك يثير الشبهة في الإصابة بالتهاب المرارة الحاد أو التهاب المعثكلة الحاد. تتطلب المعالجة عند معظم المرضى إعطاء مسكنات قوية وغالباً بالطريق العضلي.

4- التهاب المرارة الحاد:

الشكل (3) تفريسة بتخطيط الصدى لمرارة مصابة بالتهاب حاد تبين وجود تسمك في جدار المرارة (السهمان الأبيض والأسود)

يتظاهر خمس مرضى الحصيات لأول مرة بالتهاب المرارة الحاد، وفي ثلث المرضى يمكن الحصول على قصة مرضية تدل على وجود التهاب مرارة مزمن، ويعود ذلك إلى الانحشار المستمر لحصاة في عنق المرارة.

 تكون البداية بالتهاب جدار المرارة الكيميائي الناجم عن تأثير الليزوليسيثين السام والذي ينتج من تأثير الفسفوليباز في الليسيثين الموجود في الصفراء، ويتلو ذلك مباشرةً الخمج الجرثومي الذي يكون حاداً لانسداد القناة المرارية؛ مما يؤدي إلى توسع شديد في المرارة يترافق وانسداد الأوعية اللمفاوية والوريدية. يؤدي تفاقم الحالة إلى ظهور رشاحة فيبرينية تغلف الطبقة المصلية للمرارة مع حدوث نزوف تحت الطبقة المصلية وبقع وريدية مواتية، ويصبح جدار المرارة متوذماً ومتسمكاً وتحتقن الطبقة المخاطية وتظهر بقع احتشائية.

يمكن تصنيف التهاب المرارة من الناحية النسيجية في ثلاث درجات: التهاب المرارة الحاد النزلي؛ والتهاب المرارة القيحي؛ والتهاب المرارة المواتي. ونادراً ما تحدث دُبيلة (خراج) المرارة، وقد يؤدي انثقاب المرارة في إحدى نقط الاحتشاء إلى حدوث دبيلة حول المرارة والتهاب الصفاق الصفراوي أو الناسور المراري المعوي.

التشخيص:

يراجع المريض بألم حاد في أعلى البطن، وبسبب امتداد الالتهاب إلى الوريقة الجدارية للصفاق يبقى الألم موضّعاً ويتفاقم بالحركات التنفسية، ويشعر المريض بأنه غير معافى وفاقد للشهية. تتباين العلامات السريرية بحسب شدة الحالة الالتهابية، ومن المألوف وجود الحمى والقشعريرة وتسرع النبض، ويمكن ملاحظة اليرقان في 10-15% من المرضى. يكشف الفحص وجود إيلام مراقي أيمن يترافق غالباً ووجود دفاع عضلي أو تقفع؛ وهو ما يعدّ المشعر السريري لوجود التهاب المرارة الحاد، وينجم عن الارتكاس الصفاقي في الربع العلوي الأيمن من البطن، ويترافق أحياناً وعلامة الألم المرتد. وإذا أتيح التغلب على تقفع البطن والدفاع أمكن جس المرارة وإظهار علامة مورفي، بيد أن إيجابية هذه العلامة تشاهد أيضاً في التهاب المرارة المزمن، والتهاب الكبد الحاد، وفي الخراجات الموضعة حول العفج والتالية لانثقاب القرحة العفجية. ولابد من التمييز بين التهاب المرارة الحاد والقولنج الصفراوي لاختلاف مبادئ التدبير بين الحالتين.

لابد من الإشارة إلى أن التهاب المرارة الحاد قد يترافق وغياب بعض الأعراض والعلامات النموذجية لدى المسنين مما يؤدي أحياناً إلى التأخر في التشخيص، إضافة إلى أن نسبة حدوث المضاعفات أعلى بين المسنين، وتزداد نسبة الوفيات لديهم في هذه الحالات عشرة أضعاف.

يندر حدوث التهاب المرارة الحاد عند الأطفال المترافق دائماً ووجود حصيات مرارية، وهو عادةً مضاعفة لبعض الأمراض الانحلالية. ويحدث التهاب المرارة اللاحصوي لدى الأطفال في الحالات الخمجية القيحية الحادة.

لابد من التنويه بأن تشخيص التهاب المرارة الحاد ليس سهلاً دائماً، فقد يصعب سريرياً التمييز بين التهاب المرارة الحاد؛ والتهاب المعثكلة الحاد؛ والتهاب الزائدة الحاد؛ والتهاب الحويضة والكلية؛ وانثقاب القرحة الهضمية؛ وأحياناً القولنج الصفراوي. ويلاحظ ارتفاع في تعداد الكريات البيض وفي عيار أميلاز البلازما في العديد من الحالات المذكورة آنفاً. بيد أن الكريات البيض نادراً ما ترتفع في القولنج الصفراوي. ولابد من فحص البول دائماً لتحري وجود كريات قيحية وإجراء الزرع إذا كان ضرورياً. وفي ربع الحالات يلاحظ اضطراب في اختبارات وظائف الكبد، ولكن ليس من الضروري ترافق هذه الحالات ووجود حصيات في القنوات الصفراوية. لا تشاهد عادةً علامات نوعية تدل على التهاب المرارة الحاد في الصورة الشعاعية البسيطة، بيد أن التصوير بالأمواج فوق الصوتية يبين وجود إيلام عند الضغط على المرارة بالمسبار، ويكشف أيضاً وجود حصيات في المرارة وتسمك جدارها . كما أن الحصول على تصوير مقطعي محوسب طبيعي ينفي وجود التهاب مرارة حاد. يشير وجود غاز (هواء) حر تحت قبة الحجاب في صورة الصدر البسيطة إلى انثقاب حشى أجوف، وهو عادةً انثقاب قرحة هضمية. وقد يلتبس التهاب المرارة لدى النساء بمتلازمة فيتز-هيو- كيرتيس (Fitz-Hugh-Curtis-syndrome) التي يترافق فيها خمج الجهاز التناسلي بالمتدثرة الحثرية (Chlamydia trachomatis) وخمج صفاقي بالعامل الممرض ذاته؛ يؤدي إلى حدوث التصاقات صفاقية حول كبدية بشكل ألياف فيبرينية وحدوث أعراض شبيهة بالتهاب المرارة، ويظهر التصوير بالأمواج فوق الصوتية سلامة المرارة، ويتم التشخيص بفحص السائل الصفاقي وإجراء تفاعل المتممة للأجسام الضدية للمتدثرة. كما أن حالات التهاب الكبد الڤيروسي، ووذمة الكبد واحتقانه قد تتظاهر بأعراض تقلد التهاب المرارة الحاد.

المعالجة:

تتراجع أعراض التهاب المرارة الحاد بالمعالجة المحافظة في معظم الحالات، وقد يتطلب ذلك دخول المستشفى وإعطاء السوائل الوريدية والشوارد والصادات والمسكنات المناسبة وتوقيف الوارد الفموي. لا يحدث القياء عادةً؛ وإذا وجد فإنه يجب وضع أنبوب أنفي معدي لمص المفرزات المعدية.

يؤكد الجراحون حالياً جدوى استئصال المرارة على نحو عاجل، وأنه لا فائدة من الانتظار حتى تتراجع الأعراض ومن ثم استئصال المرارة بعد ستة أسابيع إلا في الحالات التي لا تسمح فيها حالة المريض الصحية بالتعرض للجراحة.

المضاعفات:

عندما لا تتحسن حالة المريض بالمعالجة المحافظة فقد تتطور إلى حدوث تقيح المرارة، ويشخص ذلك سريرياً باستمرار الحمى والإيلام في الربع العلوي الأيمن للبطن واستمرار ارتفاع عدد الكريات البيض. وحين تفاقم الحالة السريرية قد تصاب المرارة بالتنخر ومن ثم التمزق؛ مما يؤدي إلى حدوث خراج موضّع حول المرارة أو التهاب صفاق حاد.

إن تقيح المرارة عملياً هو خراج حقيقي ضمن المرارة ولابد من تفجيره. ويمكن تفجيره عبر الجلد بالبزل وإدخال قثطرة معكزة للمرارة بوساطة تخطيط الصدى أو التصوير المقطعي المحوسب. وفي حال فشل هذا الإجراء تصبح المداخلة الجراحية التقليدية أو التنظيرية مستطبة، وأحياناً يمكن استئصال المرارة المتقيحة في أثناء تفجير خراج المرارة.

- التهاب المرارة النفاخي: وهي حالة حادة جداً تحدث في أقل من 1% من التهابات المرارة الحادة، ولا تترافق ووجود حصيات مرارية في 30- 50% من الحالات، وغالباً ما يكون المريض متقدماً في السن، أو مصاباً بالداء السكري. ينجم التهاب المرارة النفاخي عن خليط من الجراثيم الممرضة التي تشتمل على جراثيم مكوّنة للغازات، ويمكن التشخيص شعاعياً بالصورة البسيطة من خلال رؤية فقاعات غازية في لمعة المرارة أو جدارها. تبدأ الأعراض عادةً على نحو حاد وتتطور سريعاً؛ فتتراجع حالة المريض بسرعةٍ فائقةٍ وقد يحدث الخمج المواتي والانثقاب في نسبة عالية من المرضى، ويستدعي ذلك المداخلة الجراحية الإسعافية.

- التهاب المرارة الحبيبي الأصفر: حالة نادرة لشكلٍ حاد من التهاب المرارة المزمن يكون فيها جدار المرارة متسمكاً ويبدي تشكلات حبيبية صفراء تمتد إلى مناطق تشريحية مجاورة. وتفسر الحالة على أنها اندخال للصفراء ضمن جدار المرارة، ويكون المنظر العياني مشابهاً لسرطانة المرارة مما يستدعي إجراء الخزعة التجميدية في أثناء الجراحة.

- التهاب المرارة الحاد اللاحصوي: من الممكن حدوث التهاب المرارة الحاد في غياب الحصيات المرارية، وهو يشاهد في أقسام العناية المشددة لدى مرضى الرضوض المتعددة، أو الحروق الواسعة، وبعد التعرض للعمليات الجراحية الكبيرة، وفي حالات الإنتان الدموي septicemia وأخيراً عند  المسنين. ويعتقد أن هذه الحالة ترتبط بتوسع المرارة التالي للركودة الصفراوية؛ إذ تتثبط تقلصات المرارة في الحالات الخمجية الشديدة وفي المرضى المتبعين التغذية الوريدية الكاملة وخصوصاً في حالات المعالجة بالمورفينات؛ مما يسمح بتشكل الكدارة (الطين) الصفراوية والتي لا تؤدي بالضرورة إلى حدوث الحصيات.

يستطب استئصال المرارة فور الوصول إلى التشخيص وقبل تطور الحالة إلى احتشاء المرارة.

- القيلة المخاطية المرارية (استسقاء المرارة): تحدث هذه الحالة عندما تنحشر حصاة في القناة المرارية من دون حدوث خمج جرثومي، ويتلو ذلك امتصاص الصفراء من مخاطية المرارة التي تستمر بإفراز المخاط مما يؤدي إلى توسع المرارة، وتصبح المرارة مجسوسة بسهولة وقد تلاحظ عيانياً على جدار بطن مريض نحيل.

تدبير الحصيات المرارية:

إذا ترافقت الحصيات المرارية وقولنجات صفراوية صريحة (المغص الصفراوي) فإن المعالجة المفضلة هي استئصال المرارة جراحياً إذا لم يكن هناك مضاد استطباب لذلك. أما الحصيات المرارية اللاعرضية وهي كثيرة فلا تستدعي المعالجة الجراحية أو الدوائية. وقد قام لانغنبيك Langenbeck باستئصال أول مرارة عام 1882. وتستمر محاولات الأطباء لإيجاد طريقة لمعالجة الحصيات المرارية أقل بضعاً من الجراحة بالرغم من أن جراحة المرارة التنظيرية أصبحت آمنة وسريعة. وقد تمت محاولات متكررة للوصول إلى تذويب الحصيات كيميائياً، وأمكن تذويب الحصيات الكوليستيرولية مخبرياً، وقد جُرب الكينوديوكسي كوليك أسيد والأورسوديوكسي كوليك أسيد. ويعتقد أن زيادة إشباع الصفراء بالأملاح الصفراوية يمنع ترسب الكوليسترول وتشكل الحصيات الكوليسترولية؛ بيد أن لهذه المعالجات تأثيرات جانبية كالإسهالات والتبدلات في وظائف الكبد لدى بعض المرضى. ومن اللافت للنظر أن تناول هذه الأدوية قد يؤدي إلى تلاشي الأعراض الصفراوية؛ في حين أن أقطار الحصيات قد لا تتغير بعد المعالجة.

تستطب المعالجة بالأملاح الصفراوية عند المسنين أو المصابين بأمراض أخرى تجعل المداخلة الجراحية لديهم خطيرة أو أولئك الذين يرفضون العمل الجراحي، وذلك بعد التأكد من توافر الشروط التالية: 1- وجود أعراض مرضية مزعجة للمريض، أما الحصيات اللاعرضية فلا تعد استطباباً للمعالجة. 2- كون الحصيات صغيرة الحجم يقل قطرها عن 15ملم وشفافة على الأشعة. 3- انفتاح القناة المرارية واحتفاظ المرارة بوظيفتها. تعطى الأملاح الصفراوية عن طريق الفم يومياً وتستمر المعالجة سنتين على الأقل وتؤدي إلى انحلال الحصيات في 40-60% من الحالات، لكن النكس كثير الحدوث ويرى في 25-50% من المرضى.

تفتيت الحصيات الصفراوية بالأمواج الصادمة من خارج الجسم:

استعملت هذه الطريقة بدايةً في تفتيت الحصيات الكلوية واستعملت لاحقاً في تفتيت الحصيات المرارية وحصيات القناة الجامعة، ويمكن استعمال هذه الطريقة حصراً في الحصيات الشفيفة للأشعة radiolucent والمترافقة بوظيفة طبيعية للمرارة. وغالباً يتم تفتيت الحصيات الوحيدة والتي يقل قطرها عن 30ملم، أما في الحصيات العديدة فإن بقاء أي حصاة يؤهب لنكس تشكل الحصاة الصفراوية.

استئصال المرارة الجراحي:

يتم ذلك تقليدياً عبر شق جراحي أسفل الحافة الضلعية اليمنى أو بشق طولاني متوسط أسفل الذيل الخنجري وباتجاه السرة. بيد أن التقدم العلمي وظهور «الكاميرا التلفزيونية» أدى إلى اعتماد الجراحة بالمنظار التي تعطي النتائج نفسها ومن دون شقوق جراحية وباستشفاء أسرع وأقل بَضْعاً.

5- حصيات القناة الصفراوية الجامعة:

قد تبقى حصاة القناة الصفراوية هاجعة ولاعرضية سنوات، وقد تكتشف عرضياً في أثناء إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية. وعموماً فإن 8- 15% من المرضى المصابين بحصيات مرارية لديهم حصيات في القنوات الصفراوية، وترتفع هذه النسبة مع تقدم العمر لتصل إلى 25% من مرضى الحصيات المرارية لمن تجاوز الستين من العمر. ويعتقد أن معظم حصيات القناة الجامعة تنشأ في المرارة ثم تهاجر إلى القناة الجامعة عبر القناة المرارية، وتتكون غالباً من الكوليسترول ويزداد حجمها ضمن القناة.

التظاهرات السريرية:

قد تتظاهر حصيات القناة الجامعة بواحد أو أكثر من الأعراض الثلاثة التالية:

1- الألم البطني: وهو ألم نوبي شديد له صفات القولنج الصفراوي الآنفة الذكر، وكثيراً ما يترافق والقياء.

2- اليرقان: ويأخذ شكل اليرقان الانسدادي ويرى عندما تنحشر الحصاة في القسم القاصي من القناة الجامعة. وإذا كان اليرقان العرض الوحيد التبس الأمر حينئذ مع الأمراض الأخرى التي تسبب الركود الصفراوي خارج الكبد (أورام رأس المعثكلة، أورام الطرق الصفراوية) أو الركود الصفراوي داخل الكبد (التهابات الكبد الڤيروسية أو الدوائية). قد تمر الحصاة تلقائياً من مصرة أودي وتتراجع الأعراض أو تتحرك إلى الأعلى مما يؤدي إلى تراجع الأعراض أيضاً؛ إذ تعمل الحصاة في هذه الحالة كدسام كروي.

3- الحمى: وهي حمى متقطعة تسبقها نوافض شديدة بيد أنها قد تكون مستمرة (حمى شاركو). يشير وجود الحمى إلى حدوث التهاب في الطرق الصفراوية الذي قد يأخذ مظهراً قيحياً ويتجمع القيح فوق مكان الانسداد، ويخشى في هذه الحالة من حدوث الخراجات الكبدية القيحية المتعددة التي يتطلب الأمر فيها معالجة تنظيرية وجراحية عاجلة لتفجير القيح المتجمع وتصفية كلوية قبل العمل الجراحي أو بعده.

يكشف الفحص السريري في حالة التهاب القنوات الصفراوية وجود ضخامة كبدية خفيفة مؤلمة مع غياب التقفع أو الدفاع العضلي في المراق الأيمن مما يميز هذه الحالة من التهاب المرارة الحاد. يرتفع عيار البيليروبين الدموي ولاسيما الجزء المقترن منه ويرتفع عدد الكريات البيض مع زيادة نسبة العدلات، كما يرتفع عيار إنزيم الفوسفاتاز القلوية وإنزيم ناقلة الأمين. قد يكون زرع الدم إيجابياً في الفترات الحموية ويكشف عادة عن وجود أحد الجراثيم المعوية المنشأ ولاسيما الإشريكيات القولونية. وقد يرتفع إنزيم الأميلاز في الدم بشدة إذا أدت الحصاة المحشورة في مجل فاتر إلى إعاقة الجريان في القناة المعثكلية، كما قد تظهر علامات التهاب المعثكلة الحاد.

التشخيص:

الشكل (4) تصوير القنوات الصفراوية التنظيري الراجع يكشف وجود حصاة في القناة الصفراوية الجامعة

يشير وجود الثلاثي العرضي المؤلف من القولنج الصفراوي واليرقان والحمى مع العرواءات (ثلاثي شاركو) إلى حد كبير إلى التهاب الطرق الصفراوية الذي يكون حصوي المنشأ في 80% من الحالات، في حين تندر مشاهدته لدى المرضى المصابين بانسداد القنوات الصفراوية الورمي وفي التضيقات الصفراوية السليمة. وتجدر الإشارة إلى أن الحالات غير النموذجية من حصيات القناة الجامعة كثيرة المصادفة حيث يقتصر الأمر على وجود واحد فقط من الأعراض الثلاثة المذكورة. أما عند المسنين فقد تتجلى الأعراض بتردي الحالة العامة للمصاب جسمياً ونفسياً. يتأكد تشخيص حصيات القناة الجامعة بكشف الحصاة فيها ويتم ذلك بتصوير الطرق الصفراوية الراجع، أو تصويرها بالمرنان، كما أن تخطيط الصدى قد يكشف وجود اتساع القنوات الصفراوية خارج الكبد وداخله مما يشير إلى وجود عائق في المجرى، بيد أنه قلّ إمكان كشف الحصاة في القناة الجامعة بهذه الطريقة.

المعالجة:

تعالج حصيات القناة الجامعة غير المترافقة بالتهاب الطرق الصفراوية باستئصال الحصيات عن طريق التنظير الداخلي بعد خزع مصرة أودي. ويمكن استئصال الحصيات أحياناً بعد توسيع المصرة بوساطة البالون من دون الحاجة إلى إجراء الخزع. وإذا كانت المرارة عند هؤلاء الأشخاص غير مستأصلة وتحوي الحصيات وجب استئصالها في وقت لاحق تجنباً للمضاعفات التي لابد أن تحدث لديهم في المستقبل. أما عند المسنين فيفضل بعضهم الإبقاء على المرارة المحصاة بعد استخراج حصيات القناة الجامعة بطريقة التنظير الداخلي إلا إذا تعرقل بقاؤها بإحدى المضاعفات. أما إذا ترافقت حصاة القناة الجامعة وأعراض التهاب الطرق الصفراوية القيحي وجب إعطاء المريض الصادات واسعة الطيف لمعالجة الإنتان الدموي أو الوقاية من حدوثه. ويستحسن لتحقيق ذلك إعطاء معالجة ثلاثية تتضمن الأمينوغليكوزيد (مثل الجنتاميسين) والأمبيسيلين والمترونيدازول. ومن الصادات المفيدة أيضاً السيفالوسبورين ومركبات الكينولون عن طريق الزرق، وتعدل المعالجة على ضوء نتائج زرع الدم. يعطى المريض أيضاً كمية كافية من المصول وتراقب الشوارد بدقة. كما تراقب وظيفة الكلية خشية حدوث القصور الكلوي الذي يجب أن يعالج بسرعة. وفي كل الأحوال يجب نزح القيح المتجمع في السبيل الصفراوي عاجلاً، ويفضل أن يتم ذلك عن طريق التنظير الداخلي بعد خزع مصرة أودي ومن ثم استخراج الحصاة أو الحصيات السّادّة للسبيل الصفراوي. وإذا فشل التنظير الداخلي في تحقيق ذلك يلجأ حينئذ إلى نزح الصفراء المتقيحة عن طريق وضع أنبوب أنفي صفراوي أو النزح الخارجي عن طريق الجلد وعبر الكبد. أما النزح الجراحي فهو أكثر خطورة من الطريقتين السابقتين؛ إذ تراوح نسبة الوفاة فيه بين 16-40% لذلك قلّ أن يلجأ إليه في الوقت الحاضر إلا في الحالات التي لا تتوافر فيها المعدات والخبرات اللازمة للإجراءين السابقين. تتحسن حالة المريض بسرعة بعد نزح الصفراء المتقيحة وتتراجع أعراض الإنتان الدموي.

تأخذ حصيات القناة الجامعة في بعض الحالات حجماً كبيراً ويتجاوز قطر الواحدة منها 15 ملم؛ الأمر الذي يجعل استخراجها بالتنظير الداخلي متعذراً، لذلك يلجأ في مثل هذه الحالات إلى تفتيت الحصاة ميكانيكياً لتسهيل خروجها، ويتم ذلك بهرسها بوساطة سلة معدنية خاصة تدخل إلى المجرى الصفراوي في أثناء التنظير الداخلي. وقد أعطت هذه الطريقة نتائج حسنة فيما يقرب من 90% من الحالات. كما يمكن تفتيت الحصيات الكبيرة باستعمال الأمواج الصادمة الموجهة من خارج الجسم ومن ثم استخراج الفتات بعد خزع المصرة عن طريق التنظير الداخلي.

متلازمة ميريزي Mirizzi syndrome:

هذه الحالة غير عادية وهي سبب مباشر يؤدي إلى انسداد القناة الكبدية المشتركة وحدوث اليرقان الانسدادي وهجمات متكررة من التهاب القنوات الصفراوية. يؤدي انحشار الحصاة الصفراوية في عنق المرارة أو القناة المرارية إلى انضغاط القناة الكبدية المشتركة ومن ثم حدوث اليرقان الانسدادي تليه هجمات متكررة من التهاب القنوات الصفراوية. وقد تتقرح القناة المرارية ويتشكل ناسور يصل القناة المرارية بالقناة الكبدية المشتركة. يكشف تصوير الطرق الصفراوية الراجع وجود التضيق في السبيل الصفراوي قرب سرة الكبد، وقد يُظهر أحياناً الحصاة المحشورة التي سببّت التضيق. تعالج هذه الحالة باستئصال المرارة والحصاة المحشورة.

التهاب المعثكلة الحاد:

يترافق حدوث التهاب المعثكلة الحاد ووجود الحصيات المرارية. ويعد انحشار الحصيات الصغيرة في مجل فاتر والتي تؤدي إلى انسداد القناة المعثكلية السبب المباشر في حدوث التهاب المعثكلة. لذلك يعد من الضروري إجراء التصوير بالأمواج فوق الصوتية لكل من يشتكي من التهاب المعثكلة الحاد؛ ودراسة القناة الجامعة بحثاً عن الحصيات الموجودة فيها وقد يستدعي الأمر تصوير الطرق الصفراوية والمعثكلية التنظيري الراجع، وخزع الحليمة واستئصال الحصيات في حال وجودها، مما قد يؤدي إلى إجهاض حالة التهاب المعثكلة الحاد مع ملاحظة تجنب قثطرة القناة المعثكلية. وليس هناك اتفاق بين المنظرين الهضميين على استطباب إجراء تصوير الطرق الصفراوية الراجع للمصابين بالتهاب المعثكلة الحاد خصوصاً في الأيام الأولى، وأصبح من المفضل إجراء التصوير بالرنين المغنطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب متعدد الشرائح لكشف وجود الحصيات في القنوات الصفراوية.

 

 

علينا أن نتذكر

> حصيات المرارة هي الأشيع بين أمراض الطرق الصفراوية، وتلاحظ في المجتمعات بنسبة تراوح ما بين 11- 36% من عموم السكان.

> تؤدي زيادة نسبة الكوليسترول في الصفراء إلى تشكل الحصيات الكوليسترولية؛ في حين أن إعطاء الأملاح الصفراوية دوائياً وزيادة نسبتها في الصفراء يمكن أن يسبب انحلال الحصيات الكوليسترولية.

> تتشكل الحصيات الصباغية بصفة رئيسية من بيليروبينات الكلسيوم ويكون تركيز الكوليسترول فيها أقل من 25%.

> إن ارتفاع الضغط المفاجئ ضمن القنوات الصفراوية يؤدي إلى الألم القولنجي الصفراوي في حين يسبب ارتفاع الضغط المتدرج حس الانزعاج.

> يعدّ التصوير بالأمواج فوق الصوتية الخيار الأول في استقصاءات الطرق الصفراوية والمرارة وفي الحالات اليرقانية، لأنه أداةً تشخيصية غير باضعة.

> يحدث الألم واليرقان عندما تنحشر حصاة صفراوية في نهاية القناة الجامعة في مصرة أودي، وتتناسب شدة اليرقان الانسدادي وطول فترة الانسداد.

> ليس تشخيص التهاب المرارة الحاد سهلاً دائماً، فقد يكون من الصعب سريرياً التمييز بين التهاب المرارة الحاد والتهاب المعثكلة الحاد، والتهاب الزائدة الحاد، والتهاب الحويضة والكلية الحاد، وانثقاب القرحة الهضمية.

> أدت الجراحة التنظيرية الدور الأكبر في تدبير أمراض المرارة منذ أواخر القرن العشرين.

 

 

 


التصنيف : أمراض المرارة والطرق الصفراوية
النوع : أمراض المرارة والطرق الصفراوية
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 505
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 532
الكل : 31174793
اليوم : 76183