logo

logo

logo

logo

logo

الاضطرابات القلقية

اضطرابات قلقيه

anxiety disorders - troubles anxieux



الاضطرابات القلقية

 

محمد الدقاق

  تصنيف الاضطرابات العصابية
اضطراب الوسواس القهري اضطرابات القلق الرهابي
التفاعل للكرب الشديد واضْطِرابات الإِحْكام اضْطِرابُ الهَلَع
معالجة اضطرابات القلق اضْطِرابُ القَلَقِ المُعَمَّم
 

 

الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا انعدام المرض أو العجز فحسب، والصحة النفسية جزء لا يتجزّأ من هذا التعريف. والاضطرابات العصابية أو القلقية هي أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً، والعرض الرئيس فيها هو الخوف.

للخوف في الحالة الطبيعية فوائد، فهو أحد الانفعالات الطبيعية في حياة الإنسان، ويمثل جرس إنذار ينبه إلى وجود تهديد أو خطر لابد من التعامل معه. فحين يُواجَه الإنسان بنوع من التهديد الذي يستهدف حياته أو كرامته ويثير خوفه أو فزعه يستجيب الجسم استجابة غريزية تدعى استجابة القتال أو الهرب التي تهيئ الفرد وتمنحه النشاط والطاقة اللازمة للتعامل مع هذا التهديد، إما بالصمود والمواجهة، وإما بالهرب تجنباً للأذى أو الموت.

أما القلق anxiety فهو الشعور بالخوف من دون مسوغ، ويحدث القلق بدرجات متفاوتة؛ فالقلق البسيط يبدو بانشغال البال أو بحالة ترقب وخشية من حدوث أمر غير سار، أما القلق الشديد فيبدو بشكل خوف أو فزع يكون نتيجة لموقف أو حادث مزعج، حقيقياً كان أو متوهماً، وقد لا يكون بحجم المثير، ومن المحتمل أن يكون مصاحباً بأعراض جسدية لإثارة الجهاز العصبي اللاإرادي كالتعرّق والرجفان والدوخة.

الانتشار والإمراض:

كل الناس بلا استثناء يمرون في وقت ما ببعض الأعراض القلقية، لكن لا تصبح لتلك الأعراض أهمية سريرية إلا إذا سببت ضائقةً distress ملحوظةً تبلغ من الشدّة درجةً تتعارض جوهرياً مع فعاليات الحياة اليومية. وتبلغ نسبة انتشار اضطرابات القلق في الولايات المتحدة بين مجموع الشعب 8-14%، وهي أعلى في النساء منها في الرجال.

غالباً ما يكون القلق البسيط ردّ فعل لصراع أو إحباط ما، أو لضغوط نفسية أو بيئية في مجال العمل أو الأسرة أو المجتمع، وقد يكون استجابةً لتهديد بإيذاء بدني أو معنوي يتعلق باحترام الذات أو كرامة الشخص. كما قد ينجم القلق عن طموح فردي غير واقعي يضع الفرد تحت ضغوط مستمرة لتحقيق إنجازات أكبر من إمكاناته وقدراته العقلية أو البدنية.

يرى فرويد أن القلق العصابي ينجم عن صراع لا شعوري داخل الفرد الذي لا يكون قط واعياً بأسبابه. ويَعد فرويد القلق صراعاً لا شعورياً بين رغبات «الهو» الجنسية والعدوانية من جانب، وبين واقعية «الأنا» ومثالية الأنا العليا. فالتعبير عن رغبات «الهو» يسبب تهديداً لكيان الفرد لأنها تتعارض مع معايير المجتمع ومُثُل الفرد وأخلاقياته، لذلك يتم كبت رغبات «الهو» بصورة فاعلة، مما يولد حالةً من التوتر وعدم الشعور بالراحة قد تدفع الشخص إلى تجنب مُثير القلق إذا ما أمكن ذلك، أو إلى محاولة تخفيض حدة القلق باستخدام آليات الدفاع النفسية المتعددة، إلا أن هذه الآليات لا تواجه المشكلة مباشرة، بل تسعى إلى تشويه الواقع أو الحقيقة، مثلاً بنكرانهما أو إيجاد المسوغات غير المنطقية لهما. ويحاول بعضهم تخفيض القلق أو التخلص منه بوسائله الخاصة التي تعّود عليها وقد تكون هذه الوسائل غير متكيفة وقد تعود بأضرار إضافية، كاللجوء إلى الُمسكرات والعقاقير الضارة بالعقل.

هذا من وجهة نظر تحليلية نفسية، أما من وجهة نظر فيزيولوجية فإن أعراض القلق تنجم عن زيادة نشاط الجملة العَصَبيَّة المُستقلَّة بشقيها الودي ونظير الودي. فيؤدي تنبيه الودي إلى ارتفاع الضغط الدموي وزيادة ضربات القلب وزيادة السكر في الدم وشحوب الجلد وزيادة التعرق وجفاف الحلق وعمق التنفس وارتجاف الأطراف وغيرها. ومن علامات تنبيه نظير الودي كثرة البيلات والإسهال وانتصاب الأشعار وزيادة الحركات المعوية وغيرها.

إنَّ الوطاء hypothalamus هو مركز التعبير عن الانفعالات، وهو المركز الأعلى لتنظيم الجملة العَصَبِيّة المُسْتَقِلّة. والوطاء على اتصال دائم بالمخ الحشوي (مركز الإحساس بالانفعال)، وبقشر المخ (لتلقي التعليمات)، وهناك دائرة عصبية مستمرة بين الوطاء والمخ الحشوي والقشر بوساطتها يحس الناس بانفعالاتهم. وتعمل هذه الدائرة بوساطة سيالات كهربائية وكيميائية، والنواقل العصبية المسؤولة هي السيروتونين والنورأدرينالين والدوبامين. وتقول النظريات الحديثة إن خلل توازن هذه النواقل هو سبب ظهور الاضطرابات القلقية؛ لذا فإن عقاقير القلق والاكتئاب تحاول إعادة  التوازن بين هذه النواقل العصبية. وتتأكد الآليات البيولوجية للاضطرابات القلقية بتأثير العامل الوراثي، إذ وُجدَ أن نسبة حدوث القلق في كل من التوأمين تبلغ 50% في التوائم وحيدة البيضة، في حين لا تزيد على 4% في التوائم ثنائية البيضة.

الأعراض السريرية:

تمتاز هذه المجموعة من الاضطرابات النفسية بسيطرة القلق على الحالة العقلية وبتأثيره في السلوك على نحو عام. فيبدو المريض خائفاً مُتمَلْمِلاً وغير قادر على الاستقرار في وضعة واحدة، ويشكو من الأعراض النفسية للقلق وهي الشعور بالخوف والهيوجية وصعوبة التركيز والشرود وسرعة النسيان وعدم تحمل الضجيج. ويكون التوتر واضحاً على وضعة جسده، كما يكون جلده شاحباً مع تعرق اليدين والقدمين والإبط. ويرافق ذلك مخاوف كالوجود في ظرف ما (كالوجود في الأماكن المغلقة أو المتسعة)، أو احتمال الإصابة بمرض ما (كأمراض القلب أو السرطان أو الايدز أو الجنون). وقد تكون تلك المخاوف غريبة كالخوف من ابتلاع اللسان، أو من توقف الطعام في الحلق، أو من انفجار شرايين المخ.

يرافق الخوف شعور بالاختناق، وصداع يطوّق الرأس، وشعور المريض بأنه قد تغير عن سابق عهده (تبدّد الشخصية)، وأن العالم قد تغير من حوله (الغُرْبَةُ عن الواقِع). ويؤدي القهم (فقد الشهية للطعام) إلى نقص وزن الجسم، ويصبح بدء النوم صعباً (أرق بدئي) وتكثر الكوابيس. يعاني المريض أيضاً التوتر والتهيج فيصير حساساً لأي ضوضاء، فيقفز من مكانه لرنين هاتف، وسريع الاستثارة لأتفه الأسباب، كأن تضرب الأم أولادها وتعاقبهم من دون سبب مقنع، ثم تندم وتبكي، ويثور الزوج على زوجته لأبسط إجابة وتبدأ النزاعات الأسرية. ولا يتحمل الطالب قبل الامتحان ضجيج أخوته ويثور لأتفه الأسباب. وقد يلجأ بعضهم إلى معاقرة الخمور وإلى تعاطي المنومات والمهدئات في محاولة منهم لتخفيف أعراض قلقهم، فيدخلون في الإدمان.

يؤدي التوتر العضلي وفرط فعالية الجملة العَصَبِيّة المُسْتَقِلّة إلى تأثر كل الأجهزة وظهور أعراض هضمية (جفاف الفم، وصعوبة البلع، والانزعاج الشرسوفي، وتطبل البطن، والإسهال)، وأعراض تنفسية (الشعور بضيق الصدر، وصعوبة الشهيق، وتسرع التنفس)، وأعراض قلبية وعائية (الخفقان، والإحساس بضياع بعض ضربات القلب، والشعور بألم فوق منطقة القلب)، وأعراض بولية تناسلية (تواتر البيلات، والعنانة، وانعدام الرغبة الجنسية)، وأعراض عصبية مركزية (طنين الأذنين، وتشوش الرؤية، والدوخة، والصداع). وقد يرافق ذلك انخفاض المزاج (اكتئاب) أو أعراض وسواسية. كما قد تتضاعف الحالة بمتلازمة فرط التهوية التي تنجم عن تسارع التنفس المؤدي إلى انخفاض ضغط غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم الشرياني مسبباً قلاءً تنفسياً، وتتألف أعراض متلازمة فرط التهوية من الزلة التنفسية والخفقان وألم الصدر وحس الاختناق والدوخة والتعرق وتشنج اليد والقدم، والخدر والنمل ولاسيما في الوجه والأطراف.

قد يكون القلق حاداً أو مزمناً. وقد يتظاهر القلق الحاد بشكل حالة هلع panic state  أو حالة رعب terror state (جمود حركي مع رجفان وتعرق بارد غزير، وأحياناً مع توهان واندفاعات حركية مفاجئة)، أو بشكل «متلازمة الإعياء القلقي» anxiety exhaustion syndrome حين يستمر القلق مدة طويلة في أثناء الحروب والبراكين والزلازل والحرائق والكوارث العامة، فيصيب الفرد إجهادٌ جسميٌ وأرق شديد وتبلدٌ ذهني، ويبدو وجهه شاحباً وجامداً ومن دون تعابير انفعالية، وتكون إجاباته مختصرة.

ويتحول القلق الحاد حين استمراره مدة طويلة إلى قلق مزمن يتظاهر بأعراض جسدية وأخرى نفسية. والأعراض الجسدية أكثر أعراض القلق شيوعاً، وتنجم عن تأثير فرط تنبه الجملة العَصَبِيّة المُسْتَقِلّة في مختلف الأجهزة الحشوية. وغالباً ما يكبت المريض شكاواه الانفعالية فتظهر بشكل أعراض عضوية، مما يُخفي الاضطراب القلقي ويوجّه باتجاه استشارة أطباء القلب والصدر وغيرها بحسب الأعراض التي تزعج المريض. وتحدث الأعراض في الجهاز القلبي الدوراني والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والجهاز العصبي والجهاز البولي التناسلي والجهاز العضلي (ر: الجدولين 1و2). كما قد ترافق القلق المزمن أعراض جلدية مثل العدّ والأكْزيمَة والشرى وتساقط الشعر، وتفاقم أمراض جلدية مثل الصداف، وتفاقم أمراض الغدد الصم مثل فرط نشاط الدرقية وداء السكري وأمراض الكظر؛ لذلك ليس غريباً تكرر استشارة المرضى المصابين باضطراب قلقي أطباء من مختلف الاختصاصات، وتكرر تعرضهم لمختلف الاستقصاءات والمعالجات الطبية والجراحية، وصعوبة فهم شكاواهم من قبل الآخرين مما قد يعرضهم لمضاعفات اجتماعية مثل الفصل من العمل أو الطلاق.

تصنيف الاضطرابات العصابية:

استعملت قديماً أسماء كثيرة لوصف الاضطرابات العصابية منها «العصاب القلبي» و«متلازمة الجهد» و«الوهن العصبي الدوراني». أما أنظمة التصنيف الحديثه فتعتمد على ما إذا كان القلق معمماً أو نوبياً أو نوعياً لمكان أو شيء ما. وفي حين استبدلت بتسمية «الاضطرابات العصابية» تسمية «الاضطرابات القلقية» في الدليل التشخيصي والإحصائي  DSM، فإن تعبير «عصاب» مازال مستخدماً في التصنيف العالمي للأمراض، وتُصنِّف الطبعة العاشرة منه (ICD 10) الاضطرابات العصابية كما يلي:

1-اضطرابات القلق الرهابي .phobic anxiety disorders

2-اضطرابات قلقية أخرى:

* اضْطِرابُ الهَلَع panic disorder  (القلق الانْتِيابِيّ .(episodic paroxysmal anxiety

* اضْطِرابُ القَلَقِ المُعَمم .generalized anxiety disorder  

* اضطراب القلق والاكتئاب المختلط .mixed anxiety and depressive disorder  

3-اضطراب الوسواس القهري .obsessive-compulsive disorder  

4-التفاعل للكرب الشديد واضْطِرابات الإِحْكام .reaction to severe stress and adjustment disorders

5-الاضْطِرابات التَفارُقِيَّة أو الانشقاقية (اضْطِرابُ التَّحْوِيْل) :dissociative (conversion) disorders

* النساوة الانشقاقية  .dissociative amnesia

* الشُرُوْد الانشقاقي  .dissociative fugue

* الذُهول الانشقاقي  .dissociative stupor

* اضطرابات الغَيْبَة والاستحواذ .trance and possession disorders

* الاضطرابات الانشقاقية الحركية .dissociate motor disorders

* الاختلاجات الانشقاقية .dissociative convulsions

* الخدر وفقد الحس الانشقاقي .dissociate anaesthesia and sensory loss

* اضطرابات انشقاقية (تحويلية) مختلطة .mixed dissociative (conversion) disorders

* اضطرابات انشقاقية (تحويلية) أخرى.

* متلازمة غانسر .Ganser‘s syndrome

* اضطراب تعدد الشخصية .multiple personality disorder

* اضطرابات انشقاقية عابرة في الطفولة واليفع.

6-اضْطِرابات جَسَدِيّة الشَّكْل .somatoform disorders

* اضْطِرَابُ الجَسْدَنَة  .somatization disorder

* الاضطرابات المُراقِيّة (اضطرابات تَوَهُّمِ المَرَض) .hypochondriacal disorders

* خَلَلٌ وَظيفِيّ مُسْتَقِلِّي جسدي الشكل .somatoform autonomic dysfunction

* في القلب والجهاز القلبي الوعائي.

* في السبيل الهضمي العلوي.

* في السبيل الهضمي السفلي.

* في الجِهاز البَولِيّ التَّناسُلِيّ.

* في أعضاء أو أجهزة أخرى.

* اضْطِرابُ الأَلَمِ الجَسَدِيِّ الشَّكْل المُسْتَديم.persistent somatoform pain disorder  

7-اضطرابات عصابية أخرى:

أ- الوَهَن العَصَبِيّ .neurasthenia

ب- متلازمة تَبَدُّدِ الشَّخْصِيَّة والغُرْبَة عن الواقِع .depersonalization-derealization syndrome

ونبحث فيما يلي أهم هذه الاضطرابات:

أولاً- اضطرابات القلق الرهابي :phobic anxiety disorders

وتتميز بحدوث القلق حين مواجهة شيء ما أو موقف ما فقط، وتقسم إلى:

- رُهابُ المَيَادين agoraphobia مع اضطراب الهلع أو من دون ذلك.

- رُهابُ المُجْتَمَع .social phobia

- الرُهابات النوعية (المعزولة) .specific (isolated) phobias

1-رُهابُ المَيَادين:

وهو الخوف من الوجود في الأماكن المفتوحة، حيث يكون الالتجاء إلى مكان آمن صعباً، أو حيث لا تتوافر المساعدة في حال الإصابة بنوبة هلع؛ لذلك يفرض المريض على نفسه قيوداً تمنعه من السفر بالسيارة أو الحافلة، أو يشترط أن يكون بصحبة أحد عند الخروج من المنزل. كثيراً ما يحدث رُهابُ المَيَادين عقب الإصابة بنوبة هلع، ولكن هناك حالات من رُهاب المَيَادين لم يسبق فيها الإصابة بنوبة هلع إطلاقاً، وعلى الرغم من ذلك يبقى المريض خائفاً من احتمال إصابته بعرض مرضي ما مثل الدوخة أو السقوط أو انفلات المصرات أو القياء أو ألم الصدر.

يصيب رُهابُ المَيَادين النساء أكثر من الرجال، ويبدأ عادة في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر، وقد يستمر عدة سنوات مؤدياً إلى اضطراب الشخصية (الشخصية الاجتنابية). ويُشخَّص رُهابُ المَيَادين عند توافر الشروط التالية:

أ- هناك خوف واضح يلاحظ دائماً، أو تجنب لحالتين على الأقل مما يلي:

* الحشود.

* الأماكن العامة.

* السفر وحيداً.

* السفر بعيداً عن المسكن.

ب- حدوث اثنين على الأقل من أعراض القلق في الظرف المسبب للخوف، على أن يكون أحدهما من الأعراض رقم 1-4 في الجدول 1.

أعراض تنبه الجهاز العصبي المستقل

1- خفقان أو اشتداد ضربات القلب أو تسرع القلب

 

2- تعرق

 

3- ارتعاش أو رجفة

 

4- جفاف الفم (غير الناجم عن التجفاف أو الأدوية)

أعراض صدرية وبطنية

5- صعوبة التنفس

 

6- حس غصص

 

7- ألم أو انزعاج صدري

 

8- غثيان أو عدم راحة بالبطن

أعراض نفسية

9- حس دوخة أو عدم ثبات أو غشي أو خفة رأس

 

10- تبدد الشخصية أو الغُرْبَةُ عن الواقِع

 

11- الخوف من فقد السيطرة، أو الجنون، أو فقد الوعي

 

12- الخوف من الموت

أعراض عامة

13- هبات ساخنة أو نافض بارد

 

14- أحاسيس تنميل ووخز

(الجدول رقم 1) أعراض القلق

 

ج- انزعاج عاطفي مهم ناجم عن التجنب أو عن أعراض القلق، و يميز الشخص أن ذلك مفرط ولا مسوغ له.

د- أعراض محصورة أو طاغية في الظرف المسبب للخوف أو عند التفكير به.

هـ- على ألا يكون الخوف أو التجنب نتيجة أهلاس أو ضلال أو اضطراب آخر مثل الاضطرابات العضوية أو الفصام أو اضطراب المزاج أو اضطراب الوسواس القهري، و ألا يكون ثانوياً لمعتقدات ثقافية.

ويمكن بعد تشخيص رُهاب المَيَادين تحديد ما إذا كان مرافقاً اضطراب الهلع في الظروف الرُهابية المَيَادينية أو لا، كما يمكن تحديد شدة رُهاب المَيَادين بتحديد عدد نوب الهلع المرافقة أو شدة درجة تجنّب الظروف الرهابية.

2-رُهابُ المُجْتَمَع:

وهو الخوف الدائم من الوجود في موقف يكون فيه الشخص تحت ملاحظة الآخرين، إذ يخشى المريض عندها القيام بفعل مخجل أو مهين. قد يكون هذا الخوف محصوراً بموقف معين كالخطابة أو الأكل مع آخرين أو الكتابة تحت أنظارهم، أو يكون شاملاً للكثير من المواقف الاجتماعية، كالخوف من التفوه بأشياء سخيفة عند مقابلة آخرين، أو من عدم التمكن من الإجابة عن أسئلتهم.  يصاب الشخص بالقلق عند مجرد التفكير بمثل هذه المواقف؛ لذلك يفعل كل ما بوسعه لتجنبها. أما إذا كان مجبراً على الوجود في أحد هذه المواقف فإنه يصاب بقلق شديد يسيء إلى أدائه فيعزز لديه التصميم على التجنب في المستقبل. يؤثر هذا السلوك التجنبي عادةً على فعاليات المريض الاجتماعية وعلى أدائه الوظيفي وعلاقاته بالآخرين.

يبدأ رُهابُ المُجْتَمَع حوالي قرابة المراهقة، ويبدو أنه يصيب الذكور أكثر من الإناث، ويسير عادةً سيراً مزمناً. وكثيراً ما يلجأ المرضى إلى الكحول أو المهدئات لتخفيف قلقهم، فتضاف مشكلة الإدمان إلى مشاكلهم الأصلية. ويُشَخَّص رُهاب المُجْتَمَع عند توافر الشروط التالية:

أ- يجب وجود واحد مما يلي:

* خوف ملحوظ من الوجود تحت نظر الآخرين، أو خوف من التصرف بطريقة مخجلة أو محرجة.

* تجنب ملحوظ من الوجود تحت نظر الآخرين، أو في ظروف يخشى فيها من التصرف بطريقة مخجلة أو محرجة.

تظهر هذه المخاوف في ظروف اجتماعية مثل الأكل أو الخطابة في الأماكن العامة، أو مقابلة مشاهير في أماكن عامة أو الانضمام إلى مجموعة صغيرة مثل حفلة أو اجتماع أو صف المدرسة.

ب- وجود اثنين على الأقل من أعراض القلق الواردة في الجدول1، مع واحد على الأقل مما يلي:

* احمرار الوجه أو الارتعاش.

* خشية القياء.

* زحير أو خشية التبول أو التغوط.

ج- انزعاج عاطفي مهم ناجم عن التجنب أو عن أعراض القلق، و يميز الشخص أن ذلك مفرط ولا مسوغ له.

د- الأعراض محصورة أو طاغية عند الوجود في الظرف المسبب للخوف أو حين التفكير به.

هـ- على ألاَّ يكون الخوف أو التجنب نتيجة أهلاس أو ضلالات أو اضطراب آخر، مثل الاضطرابات العضوية أو الفصام أو اضطراب المزاج أو اضطراب الوسواس القهري، وألاَّ يكون ثانوياً لمعتقدات ثقافية.

3-الرُهابات النوعية (المعزولة):

وتتميز بالخوف الدائم من منبه خارجي محدد أو نوعي، مثل بعض الحيوانات (ولاسيما الكلاب والأفاعي والحشرات والفئران)، أو رؤية الدم النازف أو الوجود في مكان مغلق (رُهابُ الأَماكِنِ المُغْلَقَة) claustrophobia، أو مرتفع (رُهابُ المُرْتَفَعات) acrophobia، أو من السفر بالطائرة.

يؤدي التعرض للمنبه المعني إلى قلق آني شديد، مع الهلع والتعرق والخفقان وعسر التنفس وبقية أعراض فرط نشاط الجملة الودية (باستثناء رهاب الدم الذي يرافقه عادةً الغشي الناجم عن فرط تنبيه المبهم). ويكفي توقع مثل هذا التعرض لإثارة القلق، لذلك يتجنب المريض كل ما يمكن أن يجعل هذا التوقع حقيقةً، ومع أن المريض يعرف دائماً أن خوفه غير منطقي ومبالغ فيه، فإنه يتابع  سلوكه التجنّبي الذي يؤثر تأثيراً سيئاً في نشاطه الاجتماعي وعلاقاته بالآخرين.

تشاهد الرهابات النوعية البسيطة عند النساء عادةً، وتبدأ في أعمار مختلفة. ففي حين يبدأ رهاب الحيوانات في الطفولة يبدأ رهاب الدم في سن المراهقة، وتبدأ رهابات الأماكن المرتفعة أو المغلقة في العقد الرابع من العمر. أما فيما يخص سير المرض، فإن معظم الرهابات التي تبدأ في أثناء الطفولة تزول تلقائياً، في حين تتطلب المعالجة معظم الرهابات التي تبدأ بعد البلوغ.

يوضع تشخيص رهاب نوعي حين توافر الشروط التالية:

أ- يجب توافر واحد مما يلي:

* خوف ملحوظ من شيء أو ظرف غير متضمن في رهاب الميادين أو رهاب المجتمع.

* تجنب ملحوظ لشيء أو لظرف غير متضمن في رهاب الميادين أو رهاب المجتمع.

من أكثر الأشياء والظروف شيوعاً: الحيوانات، والطيور، والحشرات، والمرتفعات، والرعد، والطيران، والأماكن المغلقة، ورؤية الدم أو الجرح، والحقن العضلية، وأطباء الأسنان، والمستشفيات.

ب- توافر أربعة على الأقل من أعراض القلق الواردة في الجدول 1، على أن يكون أحدها من الأعراض رقم 1-4.

ج- انزعاج عاطفي مهم ناجم عن التجنب أو عن أعراض القلق، ويميز الشخص أن ذلك مفرط ولا مسوغ له.

د- الأعراض محصورة أو طاغية حين الوجود في الظرف المسبب للخوف أو التفكير به.

وبعد وضع التشخيص يقسم التصنيف العالمي للأمراض الرهابات النوعية إلى نموذج الحيوانات (مثلاً حشرات أو كلاب)، ونموذج قوى الطبيعة (الماء، العواصف)، ونموذج الدم والحقن والجروح، ونموذج ظرفي (المصاعد، الأنفاق)، وغيرها.

ثانياً- اضْطِرابُ الهَلَع panic disorder (القلق الانْتِيابِيّ :(episodic paroxysmal anxiety

وهو اضطراب شائع يتصف بتكرر نوب من الانزعاج أو الخوف الشديد تبدأ من دون سبب وتستمر دقائق، ونادراً ساعات، وترافقها الأعراض الواردة في الجدول 1.

كثيراً ما يبدأ الهلع عقب تحطم بعض العلاقات الشخصية المهمة. تبدأ النوب عادةً في أواخر العشرينيات من العمر، وتتكرر يومياً أو عدة مرات أسبوعياً. وقد تتوقف النوب بعد أسابيع أو شهور، ولكن يغلب أن يستمر تكررها سنوات عدة تتخللها فترات من الهجوع، وتتطور معظم الحالات بحيث يصاب المريض فيما بعد برهاب الميادين أيضاً (فيصبح التشخيص: اضطراب الهلع مع رهاب الميادين). كما يصبح المريض بين النوب عصبياً ومتوتراً ومشغولاً باحتمال تكرر النوبة، وقد يصاب بالاكتئاب. يصيب الهلع الجنسين بالتساوي، ويصيب الهلع مع رهاب الميادين النساء ضعف إصابته الرجال.

يُشَخَّص اضطراب الهلع حين توافر الشروط التالية:

1-يعاني المصاب نوباً متكررة غير ثابتة الترافق لظرف أو شيء محدد، وتحدث عادة على نحو تلقائي (أي نوب لا يمكن التنبؤ بحدوثها)، ولا ترافق التعرض لظروف خطرة أو مهددة للحياة.

2-تتصف نوبة الهلع بما يلي:

أ- نوبة محددة بوضوح من الانزعاج أو الخوف الشديد.

ب- تبدأ فجأة.

ج- تبلغ ذروتها خلال بضع دقائق، وتستمر عدة دقائق على الأقل.

د- وجود 4 من أعراض القلق الواردة في الجدول 1، واحد منها على الأقل من الأعراض رقم 1-4.

3-غير ناجمة عن مرض عضوي جسدي أو عقلي، ولا عن اضطراب عقلي مثل الفصام أو اضطراب المزاج أو اضطراب جسدي الشكل.

ويمكن بعد التشخيص تصنيف اضطراب الهلع إلى شديد (تحدث فيه 4 نوب على الأقل كل أسبوع مدة أربعة أسابيع)، أو معتدل (تحدث فيه 4 نوب في أربعة أسابيع). أما من حيث التشخيص التفريقي فيجب التفريق بين الهلع والعديد من الأمراض الجهازية مثل نقص سكر الدم والفيوكروموسيتوما وفرط نشاط الدرقية. كما يجب التفريق بينه وبين متلازمات التسمم أو الامتناع عن الأدوية الفعالة نفسياً ولاسيما الكافئين والأمفيتامينات. 

ثالثاً- اضْطِرابُ القَلَقِ المُعَمَّم :generalized anxiety disorder

ويتميز بمخاوف مفرطة أو غير واقعية تجاه بعض ظروف الحياة (مثلاً: الظروف المادية أو الزوجية  أو الوظيفية)، ويرافق هذه المخاوف فرط التنبه والهيوجية وصعوبة النوم والتركيز، وأعراض عصبية حركيّة وودية. تتألف الأعراض الحركيّة من الشعور بالارتعاش، وتوتر العضلات المؤلم والتململ وسرعة التعب، وتتألف الأعراض الودية من الخفقان، والتعرق، وجفاف الفم، والدوخة أو خفة الرأس، والغثيان والإسهال، والهبات الباردة أو الساخنة، والبوال وصعوبة البلع.

يرى التحليل النفسي أن القلق المعمم هو ردة فعل لصراع داخلي خفي لا واعٍ، وتبين الدراسات السريرية أن بعض الأشخاص مؤهبون للإصابة بالقلق، كما تبين البحوث الأساسية أن القلق يرافقه فرط فعالية الجملة العصبية المستقلة، واضطراب فعالية مسالك النورأدرينالين في قشرة المخ وفي الجهاز اللمبي. كما قد يكون هناك خلل في مستقبلات GABA التي تحتوي على بروتين مثبطٍ للخلايا له مواضع لارتباط البنزوديازبينات المهدئة للقلق.

يُعدّ هذا الاضطراب غير شائع، ويبلغ انتشاره في أثناء الحياة نحو 5% من الناس، وهو أكثر شيوعاً عند النساء (55-60%) منه عند الرجال (40-45%)، ويبدأ عادةً في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر، وهو من أكثر اضطرابات القلق شيوعاً عند المسنين. قد يستمر سنوات عدة بأعراض مزمنة تزداد وتنقص في نصف المرضى تقريباً، ويصبح بقية المرضى غير عرضيين بمدة عدة سنوات، والمضاعفة الرئيسة للعلاج طويل الأمد هي اعتياد المهدئات.

يُشَخَّص اضْطِرابُ القَلَقِ المُعَمم حين توافر الشروط التالية:

1-فترة 6 أشهر على الأقل من التوتر والهواجس ومشاعر الخوف من مشاكل الحياة اليومية وحوادثها.

2-مع 4 من أعراض القلق الواردة في الجدول 1 (واحد منها على الأقل من الأعراض رقم 1 إلى 4)، أو في الجدول 2.

3-لا يحقق الاضطراب الشروط التشخيصية لاضطراب الهلع، ولا لاضطرابات القلق الرهابي، ولا لاضطراب الوسواس القهري، ولا لاضطراب المُراق.

رابعاً- اضطراب الوسواس القهري  :obsessive-compulsive disorder

وهو اضطراب تتكرر فيه الوساوس والأفعال القهرية على نحو شديد يسبب للمريض إزعاجاً ملحوظاً، أو يستهلك وقته (البطء الوسواسي)، أو يؤثر في منوال حياته اليومية أو أدائه الوظيفي أو نشاطاته الاجتماعية أو في علاقاته بالآخرين. والوساوس الأكثر شيوعاً هي المتعلقة بالعنف (مثلاً: أن يقتل المريض ابنه)، أو بالتلوث (مثلاً: العدوى المنتقلة بالمصافحة)، أو بالشك (مثلاً: التساؤل المتكرر عما إذا كان المريض قد نفذ فعلاً ما مثل إغلاق باب المنزل، أو قتل أحداً في أثناء قيادة السيارة). أما أكثر الأفعال القهرية شيوعاً فهي غسل اليدين والعد والفحص واللمس، وتؤدي مقاومة تنفيذ الفعل القهري إلى توتر متزايد يزول مؤقتاً فور تنفيذ ذاك الفعل.

التشخيص: يشخص الاضطراب الوسواسي القهري حين توافر الشروط التالية:

1-وساوس أو أفعال قهرية أو كلاهما، تحدث في معظم الأيام مدة أسبوعين على الأقل.

2-وساوس (أفكار أو تخيلات) أو أفعال قهرية تتصف بكل مما يلي:

* يعرف المريض أنها تنشأ من عقله، وأنها ليست مفروضة عليه من أشخاص أو تأثيرات خارجية.

* متكررة وغير سارة، مع إقرار المريض بأن وسواساً واحداً أو فعلاً قهرياً واحداً على الأقل هو مفرط ولا مسوغ له.

* يحاول المريض المقاومة، ويخفق في مقاومة وسواس أو فعل قهري واحد على الأقل (ولكن قد تضمحل المقاومة في الحالات شديدة الإزمان).

* الخوض في الأفكار الوسواسية، أو تنفيذ الأفعال القهرية ليس بنفسه ممتعاً أو ساراً (يجب تمييز ذلك من التخفيف العابر للقلق والتوتر).

3-تسبب الوساوس والأفعال القهرية الإزعاج، وتعطل حياة المريض الاجتماعية وأداءه الفردي، ويحدث ذلك عادةً عن طريق إضاعة الوقت.

4-ليست ناجمة عن مرض عقلي آخر مثل الفصام أو اضطرابات المزاج.

يصيب الاضطراب الوسواسي القهري الجنسين بالتساوي في سن المراهقة أو بداية الكهولة، ولكن قد يشاهد في الأطفال أيضاً. وقد اعتقد سابقاً أنه اضطراب نادر الحدوث يصيب 0.1-3.2 من كل 1000 مواطن، ولكن تظهر الدراسات الحديثة أن الأشكال متوسطة الشدة منه ربما كانت شائعة نسبياً. أما السير فهو مزمن مع تموج في شدة الأعراض، وقد تختلط الحالة بالاكتئاب أو بإدمان الكحول والمهدئات.

وهناك الكثير من النظريات النفسية التي تحاول تعليل حدوث الاضطراب الوسواسي القهري، ولكن ما زالت هذه النظريات من دون برهان. أما الدراسات السريرية فتظهر ازدياد تواتر الاضطراب الوسواسي القهري عند أقارب المصابين به، مما يدل على دور الوراثة في إمراض هذا الاضطراب، إضافةً إلى دلائل توحي أن الاضطراب الوسواسي القهري ربما كان نتيجة خلل دماغي عضوي، وأهم هذه الدلائل:

1-ازدياد حدوث الأعراض الوسواسية عقب جائحة التهاب الدماغ الوسني (النوامي) .lethargic encephalitis

2-كثرة ترافق الأعراض الوسواسية والعرّات التي تنجم عادةً عن اضطراب في النوى الدماغية القاعدية.

3-فعالية الأدوية الحاصرة لاسترداد السيروتونين في علاج الاضطراب الوسواسي القهري.

4-النتائج الباهرة للجراحة النفسية في علاج الحالات الشديدة والمعندة من الاضطراب الوسواسي القهري.

خامساً- التفاعل للكرب الشديد واضْطِرابات الإِحْكام :reaction to severe stress and adjustment disorders

تضم هذه الزمرة من الاضطرابات النفسية التَّفاعُلُ (الاستجابة) الحادُّ للكَرْب acute stress reaction الذي يحدث فور التعرض لكرب ما، واضْطِرابُ الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح  post-traumatic stress disorder واضْطِرابات الإِحْكام (التلاؤم) .adjustment disorders

1-يشخص التَّفاعُلُ الحادُّ للكَرْب acute stress reaction حين توافر الشروط التالية:

أ- يجب أن يكون المريض قد تعرض لضغوط استثنائية نفسية أو فيزيائية.

ب- تبدأ الأعراض على الفور عقب التعرض للضغوط (خلال ساعة)، وتشتمل على أربعة على الأقل من أعراض القلق الواردة في الجدول 1 (واحد منها على الأقل من الأعراض رقم 1 إلى 4)، أو في الجدول 2، شريطة عدم تحقيق الشروط التشخيصية لاضطراب الهلع، ولا لاضطرابات القلق الرهابي، ولا للاضطراب الوسواسي القهري، ولا للاضطراب المراقي.

أعراض توتر

1- آلام أو أوجاع أو توتر عضلي

2- تململ وعدم المقدرة على الاسترخاء

3- شعور بالتوتر العقلي أو بعدم القدرة على تحمل أو على وشك الانفجار

4- الشعور بكتله في الحلق أو بصعوبة البلع

أعراض غير نوعية

5- الذهول أو تضخيم الاستجابة لأي مفاجئة تافهة

6- صعوبة التركيز أو الشعور بفراغ العقل بسبب الهواجس والقلق

7- هيوجية مستمرة

8- صعوبة بدء النوم بسبب المخاوف

(الجدول رقم 2) تتمة أعراض القلق

 

ج- يقال إن التفاعل معتدل الشدة إذا لم ترافقه أعراض إضافية، ومتوسط الشدة إذا رافقه عرضان مما يلي:

* الانسحاب من التداخلات الاجتماعية المعتادة.

* تضيق الانتباه.

* توهان ظاهري.

* غضب وعنف كلامي.

* قنوط ويأس.

* فرط حركة غير هادف وغير مسوغ.

* تفاعل حداد مفرط وغير قابل للضبط (بحسب العادات المحلية).

ويعد تفاعل الكرب الحاد شديداً إذا رافقته أربعة من هذه الأعراض السبعة الإضافية، أو الذهول التفارقي.

د- إذا كانت الضغوط عابرةً أو قابلةً للتخفيف يجب أن تبدأ الأعراض بالتلاشي في 8 ساعات، أما إذا كانت الضغوط مستمرةً فيجب أن تبدأ الأعراض بالتلاشي في 48 ساعة.

هـ- يجب ألا يحدث في سياق أي مرض نفسي آخر، وألا يكون خلال 3 أشهر من نهاية أي اضطراب سلوكي أو عقلي.

 2-تتطور الأعراض الوصفية لاضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح post-traumatic stress disorder عقب التعرض لحدث مسبب لرض نفسي تتجاوز شدته ما هو مألوف في التجارب البشرية الطبيعية، أي إنه خارج مجال التجارب الشائعة، مثل المرض المزمن أو وفاة شخص عزيز أو الخسارة المالية أو الخلافات الزوجية.

تؤثر الكروب المسببة لهذا الاضطراب في معظم البشر أو كلهم مثيرةً فيهم مشاعر عنيفة من الخوف والرعب والعجز، كما في حالات الكوارث الطبيعية، أو الاغتصاب، أو التعذيب، أو التعرض لحادث مهدد لحياة المريض أو أسرته، أو مشاهدة حادثة قتل شخص آخر.

قد يبدأ هذا الاضطراب في أي عمر، إذ تبدأ الأعراض عقب الحادثة الراضة، فيعاني المريض من  فرط التنبه واليقظة ويصبح سريع التهيج والغضب، ويضطرب نومه وتركيزه وقدرته على إتمام أعماله، ويرافق ذلك حالة خدر شعوري معمم  يبدأ على الفور ويشعر فيه المريض بأنه غريب أو معزول عن الآخرين، ويتجنّب كل ما يذكّر بالحادثة (بما في ذلك الانفعالات والذكريات، مما قد يؤدي إلى نساوة نفسية المنشأ)، وقد يتكرر عيش هذه الحادثة بطرائق مختلفة، منها الذكرى العنيفة والأحلام المزعجة، ونادراً ما تحدث تفاعلات تَفارُقِيَّة أو انشقاقية تستمر دقائق أو ساعات أو أياماً، يتصرف في أثنائها المريض وكأنه يعاني الحادثة الأصلية آنياً.

قد تختلف الصورة السريرية عند الأطفال، فيبدو الطفل مخبولاً أو أبكم، مع أحلام مزعجة تتحول بعد أسابيع إلى كوابيس عنيفة ومهددة للحياة، ويخفّ اهتمام الطفل بهواياته المعتادة، وقد تتبدل نظرته إلى المستقبل، كما قد يشكو من أعراض جسدية مثل الصداع ووجع البطن.

يُشَخَّص اضْطِرابُ الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح عند توافر الشروط التالية:

أ- يجب أن يكون الشخص قد تعرض لظرف أو حادث مكرب (فترة قصيرة أو مديدة)، له طبيعة كارثية أو خطرة بدرجة استثنائية بحيث تسبب ازعاجاً لأي كان.

ب- تذكر متواصل، أو معايشة الظرف المكرب بشكل ومضات راجعة تفرض نفسها، أو ذكريات حية، أو أحلام معاودة، أو معاناة الكرب عند التعرض لظروف مماثلة لتلك التي سببته أصلاً.

ج- يجب أن يبدي المريض تجنباً فعلياً أو تفضيلياً للظروف المماثلة لتلك التي سببت الكرب، على ألا يكون ذلك موجوداً قبل الكرب.

د- مع أي مما يلي:

 (1)-عجز عن تذكر تفاصيل مهمة من فترة التعرض للرضح على نحو تام أو جزئي.

 (2)-أعراض مستورة لفرط التنبه والحساسية النفسية (لم تكن موجودة قبل التعرض للكرب)، تبدو بأي اثنين مما يلي:

* صعوبة بدء النوم أو استمراره.

* هيوجية أو فورات من الغضب.

* صعوبة التركيز.

* فرط الحذر والمراقبة للبيئة.

* استجابة دهشة مضخمة.

هـ- يحدث خلال 6 أشهر من الحدث المكرب أو من نهاية فترة الرضح.

3-تُشَخَّص اضْطِرابات الإِحْكام adjustment disorders عند توافر الشروط التالية:

أ- بدء الأعراض في مدة شهر من التعرض لرض نفسي محدد ليست له طبيعة كارثية أو غير عادية.

ب- أعراض أو اضطراب سلوك من النماذج المشاهدة في أي من اضطرابات المزاج (ما عدا الضلالات والأهلاس)، أو أي من الاضطرابات القلقية أو اضطرابات التَصَرُّف، من دون تحقيق بقية الشروط التشخيصية لأي من هذه الاضطرابات.

ج- ويصنف اضْطِراب الإِحْكام بحسب الأعراض الطاغية إلى:

* تفاعل اكتئابي وجيز.   

* تفاعل اكتئابي مديد.

* تفاعل اكتئابي قلقي مختلط.

* اضطراب إِحْكام مع سيطرة اضطراب انفعالات أخرى (مثلاً: سلوك تقهقري مثل مص الإصبع، أو السلس البولي عند الأطفال).

* اضطراب إِحْكام مع سيطرة اضطراب التَصَرُّف (مثلاً: سلوك عدواني أو مضاد للمجتمع).

* اضطراب إِحْكام مع اضطراب مختلط في الانفعالات والتَصَرُّف.

وباستثناء التفاعل الاكتئابي المديد، فإن الأعراض لا تستمر أكثر من 6 أشهر بعد انتهاء الظرف الضاغط وعواقبه.

معالجة اضطرابات القلق:

تتبع في معالجة الاضطرابات القلقية طرائق نفسية ودوائية [ر. المعالجات في الطب النفسي] يمكن تلخيصها كما يلي:

1-المعالجة النفسية، ولها أشكال عديدة:

أ- المعالجة النفسية الداعمة: وفيها تتم مناقشة الأعراض مع المريض وتوضيح طبيعتها، مع تفهم المريض وطمأنته.

ب - المعالجة السلوكية:

* المعالجة بالاسترخاء (خاصةً لنوب الهلع).

* التدريب على تدبير القلق.

* إزالة التحسس التدريجية (للرهابات).

* الإغراق (للرهابات).

* الممارسة المبرمجة (خاصةً لرهاب الميادين).

* منع الاستجابة (للأفعال القهرية).

* التقليد (للأفعال القهرية).

* إيقاف الأفكار (للوساوس).

ج - المعالجة بالتحليل النفسي.

د- المعالجة المعرفية.

2-المعالجة الدوائية:

أ- أدوية تؤثر محيطياً في الجملة العصبية الودية: حاصرات بيتا.

ب- أدوية حالة للقلق تؤثر في الجملة العصبية المركزية: وأهمها مشتقات البنزوديازبين، كما أن لبعض مضادات الذهان وبعض مضادات الاكتئاب وبعض مضادات الصرع تأثيراً مضاداً للقلق.

ج- مضادات الاكتئاب الحاصرة لاسترداد السيروتونين النوعية (مثل كلوميبرامين وسيرترالين وفلواكستين وباروكستين).

3-الجراحة النفسية: وتستطب  في قليل من حالات الاضطراب الوسواسي القهري الشديدة والمُعنِّدة على طرائق المعالجة الأخرى لسنوات عديدة، والطريقة الجراحية الوحيدة المستخدمة حالياً هي الجراحة الفراغية الموجهة التي تجرى في مراكز متخصصة بالجراحة النفسية، والنتائج الفورية للجراحة باهرة حيث تتحسن الأعراض الوسواسية وتخف المعاناة والتوتر، ويتحسن السلوك على نحو عام.

يفضل تجنب الأدوية حين تكون أعراض القلق خفيفة، وهناك براهين على فعالية طرائق المعالجة السلوكية المذكورة أعلاه. وقد تستخدم المعالجة بالتحليل النفسي لاكتساب البصيرة بالمعاني الرمزية واللاواعية لقلق المريض، ولتعرف الكروب المسببة للقلق، ولتوضيح الآليات الدفاعية ضد القلق وللعثور على أفضل الوسائل للتعامل مع الكرب. أما المعالجة المعرفية فتركِّز على حوادث الكرب وظروفه المثيرة لأفكار تلقائية مسببة للقلق، وعلى الاستبدال بتلك الأفكار التلقائية أفكاراً عقلانية.

ويلجأ أولاً عند استخدام الأدوية إلى حاصرات استرداد السيروتونين النوعية، وقد تدعم بالمهدئات فترة قصيرة أو بمضادات الذهان.

 

 

 


التصنيف : الأمراض النفسية
النوع : الأمراض النفسية
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 74
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1063
الكل : 45614904
اليوم : 15587