logo

logo

logo

logo

logo

الجراحة في الأمراض الرثوية (الروماتيزمية)

جراحه في امراض رثويه (روماتيزميه)

surgery in rheumatic diseases - chirurgie dans les maladies rhumatismales

الجراحة في الأمراض الرثوية (الروماتيزمية)

 

جابر إبراهيم

التقييم قبل الجراحة

التحضير للجراحة

أماكن التداخل الجراحي والمضاعفات بعد العمل الجراحي

 

 

 للجراحة شأن في علاج الأمراض الروماتيزمية غايتها تخفيف الألم أو تحسين الوظيفة أو منع ترقي الآفة. يعتمد نجاح المقاربات الجراحية على حسن اختيار المريض المناسب للجراحة المناسبة وتحضيره.

يعد الألم غير المستجيب للمعالجات الاستطباب الأكثر شيوعاً للعلاج الجراحي لالتهاب المفاصل، أما سوء وظيفة المفصل فهو استطباب أقل شيوعاً؛ لأن استعادة الوظيفة بعد الجراحة  هدف أصعب تحقيقاً. يتضمن العلاج الجراحي: تنضير المفصل، واستئصال الغشاء الزليل، وقطع العظم، وتصنيع المفصل، وتبديل المفصل، إضافة إلى أن المصابين بالروماتوئيد قد يستفيدون من بضع (استئصال) زليل الوتر tenosynovectomy  وإصلاح الرباط المتمزق أو إعادة بنائه.

ومع أن العلاج الجراحي يوصل إلى نتائج ممتازة في معظم الحالات فإنه قد يعرض المريض لمخاطر حقيقية، مثل النزف الشديد، واضطرابات النظم القلبية، وتوقف القلب، وإصابة الحزمة الوعائية، والأخماج (العدوى)، وفقدان الطعوم والزروع. ومع غياب المضاعفات فإن نتائج العمل الجراحي قد تتردّى مع الزمن، ويفضل مراجعة الجرَّاح قبل حدوث التشوه، أو عدم ثبات المفصل، أو التقفعات العضليّة، أو ضمور العضلات المتقدم؛ للوصول إلى نتائج أفضل.

التقييم قبل الجراحة:

يجب أن يقيم المرضى تقييماً شاملاً قبل الجراحة، ويجب تثقيف المريض بشأن الخيارات العلاجية المتاحة والفوائد والمخاطر الممكنة. ويؤثر عمر المريض وحالته الصحية وقدرته على التزام إعادة التأهيل في نتائج العمل الجراحي.

وتحديد سبب الألم أساسي وذلك بأخذ القصة المرضية، وإجراء الفحص السريري الدقيق، واستعراض الصور الشعاعية المناسبة، والفحوص المخبرية، وبزل المفصل حين الضرورة ؛ مع التأكد من أن المريض قد استنفد فرص التحسن بالأدوية ومساعدات الحركة والعلاج الفيزيائي  مثل الدعامات في حالات عدم الثبات وعصا الاستناد وغيرها.

وتخفيف الوزن قد يخفف الأعراض ويزيد من احتمال نجاح العمل الجراحي، كما تشير بعض الدلائل إلى زيادة نسبة الأخماج (العدوى) التالية لتبديل المفصل في البدينين وحين زيادة حدوث نزف غزير في أثناء الجراحة، ويجب تحري إصابات القلب والأوعية والرئتين والكليتين والموثة قبل الجراحة، وكذلك معالجة بعض الحالات الخمجية مثل نخر الأسنان والتهاب البلعوم والالتهابات البولية.

التحضير للجراحة:

يجب أن يتلقى جميع المرضى معلومات حول الإجراء المخطط لهم والمضاعفات المحتملة ، والتأهيل بعد العمل الجراحي، ومدة الألم المتوقعة، واحتمال تحسن الوظيفة. ولتجنب النزف الكتلي وسوء الاندمال توقف مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والستيروئيدات إن أمكن، ويفضل إجراء الجراحة في أفضل الظروف الصحية.

تفيد المعالجة الجراحية في الأمراض التالية:

1- الفصال العظمي osteoarthritis :

هناك عدة إجراءات جراحية تهدف إلى تخفيف الأعراض مع المحافظة على السطح المفصلي أو إعادة تشكيل غضاريفه. تشمل هذه الإجراءات: إنضار النسج الميتة debridement، وقطع القرحات العظمية تحت الغضروفية أو ثقبها  لتحريض تشكل غضروف مفصلي جديد، وكذلك استعمال الطعوم لاستبدال الغضروف المفصلي المتنكس. قد تحسن بعض الإجراءات الوظيفة الميكانيكية للمفصل وتخفف الألم مثل استئصال القطع المقلقلة  looseالغضروفية أو العظمية ؛ وفي بعض الأحيان النوابت العظمية  osteophyte. كذلك قد يحرض إجراء التثقيب العظمي في المناطق المتنكسة من الغضروف المفصلي إعادة تشكيل الغضاريف، ولكن غالباً ما يتنكس هذا النسيج الجديد بسبب الافتقار إلى إمكان الحصول على غضروف مفصلي طبيعي. أدى استبدال طعوم عظمية غضروفية أو غضروفية سمحاقية بالمناطق المتنكسة من الغضروف إلى نتائج جيدة قصيرة الأمد في بعض الدراسات الصغيرة، ويبدو على وجه عام أن الإجراءات المتبعة حالياً والمتضمنة المحافظة على الغضروف المفصلي أو ترميمه ليست مفيدة في الفصال العظمي المتقدم.

يُصحِح قطع العظم osteotomy سوء الإجهاد وينقل الحمل من السطوح الغضروفية المتأذية بشدة إلى مناطق أخرى فيها غضروف مفصلي سليم؛ مما قد يخفف الألم، وهو يجرى للشباب الفعالين ذوي المفصل الثابت مع مدى حركي وظيفي وعضلات جيدة؛ إضافة إلى وجود قسم من الغضروف المفصلي.

قد يخفف إيثاق المفصل  arthrodesisالألم ويوفر الثباتية الهيكلية والارتصاف alignment العظمي في الحالات المتقدمة من الفصال العظمي؛ لكنه يلغي حركة المفصل، وإضافة إلى ذلك فإن إيثاق مفصل واحد يزيد الحمل والحركة في المفاصل الأخرى وقد يسرع التنكس. يمكن إجراء الإيثاق على العمود الرقبي والقطني والسلاميات والمفصل المشطي السلامي الأول في القدم والورك والركبة.

وفي بعض المفاصل يمكن استئصال السطوح الغضروفية المتنكسة وتستبدل بها طعوم مصنوعة من البولي إتيلين أو المعدن أو بعض المواد الاصطناعية (الشكل 1)، مما يخفف الألم ويسمح للمريض بالمحافظة على حركة المفصل.

الشكل (1)

 

بيد أن السطح الجديد تنقصه الخواص الميكانيكية والمتانة التي يمتلكها الغضروف المفصلي الطبيعي، كما يجب تثبيت البديل على عظم المريض. ليس في أيٍ من المواد الصنعية المستخدمة حالياً قدرة تماثل قدرة الغضروف المفصلي على توفير سطح منزلق قليل الاحتكاك، عديم الألم، وقادر على توزيع الثقل عبر المفصل الزليلي، حتى إن هذه المواد الصنعية لا تستطيع أن تقدم الثباتية والمتانة نفسها في الوصل بين الغضروف المفصلي والعظم، لذلك فإن اهتراء الطعوم يحدد ديمومتها، كما أن تقلقلها يؤدي إلى فشل المفصل، ولهذا فإن البدائل الصنعية المستخدمة حتى اليوم غير قادرة على توفير وظيفة طبيعية ولمدة كافية في الشباب.

2-  الداء الروماتوئيدي:

يحتاج المصابون بالداء الروماتوئيدي إلى تحديد الوقت المناسب للجراحة، وترتيب تبديل المفاصل، إضافة إلى تخفيف أخطار الخمج (العدوى)، والتخطيط لمنع الأذية العصبية الناجمة عن عدم ثباتية العمود الرقبي في أثناء الجراحة وبعدها. وقد يكون من الصعب ملاحظة التغيرات العصبية بسبب تحدد حركة المفاصل وضمور العضلات المجاورة، ولذلك تجرى صورة عمود رقبي جانبية بفرط العطف والبسط قبل الجراحة. ففي دراسة راجعة على 113 مصاباً بالداء الروماتوئيدي خضعوا لتبديل ركبة أو ورك تبين وجود خلع جزئي في الفاصل الفهقي المحوري أو تحت المحوري؛ أو انحشار فهقي محوري في 69 مريضاً (61%) بعضهم غير عرضيين. إن وجود عدم الثباتية بمقدار أكبر من 7-10 ملم في المفصل الفهقي المحوري؛ أو أكثر من 4 ملم في المستوى تحت المحوري على الصورة الشعاعية الجانبية بوضعية فرط العطف والبسط تتطلب إجراء تثبيت فقري قبل أي جراحة اختيارية، وتقييم أقل الإصابات شدة آخذين بالحسبان موضوع تنبيب المريض.

تحتاج الحالات التي تتطلب تبديل أكثر من مفصل إلى التخطيط والتوقيت على نحو دقيق، فيجب مثلاً إجراء التثبيت الجراحي للطرف العلوي أولاً قبل إجراء الجراحات في الطرف السفلي؛ وذلك للسماح باستعمال العكازات للسير واستعمال الطرفين العلويين للنهوض عن الكرسي وصعود الدرج، وللأسباب نفسها قد يستفيد المريض من إيثاق المعصم قبل تبديل مفصل الورك.

أما استبدال مفصل الركبة في الجانبين  حين وجود تقفع في الركبتين- فيجرى في وقت واحد؛ لأن التقفع بحالة العطف في الركبة غير المعالجة إذا تم تبديل مفصل ركبة واحد سيجعل المريض يحافظ على حالة العطف في الركبة الأخرى - التي تم تبديلها - في أثناء الوقوف، مما يحدد إعادة الـتأهيل التالي للعمل الجراحي. وتتم عادة معالجة أمراض القدم والكاحل قبل تبديل مفصل الورك أو الركبة لتوفير ثباتية الطرف السفلي من أجل الوقوف وإعادة التأهيل.

تزيد المعالجة الطويلة بالستيروئيدات خطورة الجراحة في الداء الروماتوئيدي، وكذلك الستيروئيدات حول الجراحة بسبب تثبيط المحور النخامي الكظري والتخلخل العظمي والنزف المعدي المعوي والخمج (العدوى)، وإن حدوث عدوى في مفصل مستبدل قد يصيب المفاصل المستبدلة الأخرى، كما تسبب الستيروئيدات تغيرات في النسج الرخوة تجعل الجلد والأوعية السطحية هشة سهلة التهتك.

تعرّض مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية مع الميثوتريكسات أو من دونها للنزف الهضمي مع  انخفاض الضغط أو من دون ذلك، ولا ينصح اليوم بإيقاف الميثوتريكسات قبل الجراحة.

تزيد مضادات عامل النخر anti-TNF احتمال حدوث العدوى، ولذلك ينصح بإيقافها قبل الجراحة بعدة أسابيع

3- التهاب المفاصل اليفعي  juvenile inflammatory arthritis:

يحتفظ بجراحة استبدال المفصل في التهاب المفاصل اليفعي للحالات المؤلمة بشدة والمحددة للوظيفة، وتؤجل الجراحة حتى النضوج الهيكلي، كما أن الحياة المتوقعة للمريض الشاب أطول من عمر أي مفصل بديل متوافر حالياً. وعدا ذلك فإن إعادة تبديل المفصل تتضاعف بضياع عظمي أكبر محيط بالبديل، ونتائجها غير مضمونة. وعدا ذلك يمكن إجراء عمليات تطويل الأوتار لإصلاح التقفعات واستئصال الغشاء الزليل لتخفيف الأعراض واحتمال تأخير التخرب المفصلي .

ويتعرض هؤلاء المرضى لمخاطر تخديرية كبيرة، كما في إصابة العمود الرقبي (صورة قبل الجراحة). والانهدام وحيد الجانب في الجانب الوحشي للفهقة (الأطلس) مع إصابة المحور أو من دون ذلك يسبب تشوهاً ثابتاً دورانياً في الرأس يجعل إجراء التنبيب صعباً، كذلك يصعب إجراء التنبيب في حالة صغر الفك المرافق لإصابة في المفصل الفكي الصدغي. وتحدد حركة المفاصل قد يجعل التخدير الناحي صعباً.

4- النخر العظمي  osteonecrosis:

ما يزال علاج النخر العظمي مثار جدل، وذلك بسبب الجهل بسير هذا الاضطراب. إن مبدأ العلاج الجراحي في نخر رأس الفخذ هو إزالة الضغط بحفر قناة على الوجه الوحشي للفخذ حتى منطقة النخر مع تطعيم عظمي أو من دون ذلك. تُجرى هذه العملية قبل حدوث انخماص رأس الفخذ أو تبدلات الحق. يتحسن الألم في معظم المرضى عادة، وقد يلجأ إلى قطع العظم الفخذي بهدف وضع المنطقة السليمة من رأس الفخذ بوضعية حمل الوزن؛ أو إلى إيثاق مفصل الورك. ونتائج استبدال رأس الفخذ أو كامل الورك ممتازة، لكن متانة البديل الصنعي في المرضى الشباب لا تزال غير مرضية.

5-  التهاب الفقار المقسط ankylosing spondylitis:

يخفف استبدال المفصل الألم ويحسن الوظيفة في الإصابات المحيطية في سياق التهاب الفقار المقسط. قد يفيد القطع العظميosteotomy  المصحح من تشوهات العمود الفقري. يؤدي التهاب الفقار إلى تكلس رباطي واسع وتعظم هاجر يجعل التخدير الناحي صعباً. كما أن تشوه العمود الفقري قد يعوق التنبيب الرغامي، وتحدد حركة الصدر قد تقود إلى مضاعفات خلال الجراحة أو بعدها، ويجب أن يراقب النزف في أثناء الجراحة وبعدها؛ لأن النسج الرخوة المتعظمة أقل قدرة على الانكماش للمساعدة على الإرقاء.

6-  اعتلال المفصل الناعوري  hemophilic arthropathy :

يحسن استئصال الغشاء الزليل في الركبة والمرفق مدى الحركة وينقص الألم، كما يحسن استبدال الركبة التام أو الورك التام الوظيفة ويخفف الألم حين وجود تنكس متقدم في المفصل. وإن لتدبير المصابين بالناعور حول الجراحة وإعطاء العامل الثامن مخاطر كبيرة ينبغي مراقبتها.

7-  التهاب الزليل الزغابي العقيدي المصطبغ  pigmented villonodular synovitis:

تحدث الإصابة بين العقدين الثاني والتاسع، وتصيب مفصل الركبة وتصيب أحياناً الكاحل والكتف. يسمح تنظير المفصل بتشخيص سريع، يؤدي استئصال الغشاء الزليل سواء بالجراحة أم بالتنظير إلى تخفيف الأعراض وشفاء المرض الموضع.

8-  الورام الغضروفي الزليلي  synovial chondromatosis:

هو حالة نادرة تنتج من تشكل قطع غضروفية صغيرة في الجوف المفصلي أو في الغشاء الزليل أو في النسج الرخوة حول المفصل، مما يؤدي إلى ألم وانعقال وتحدد حركة المفصل وتنكسه. تخفف إزالة الأجسام داخل المفصل - وإزالة الغشاء الزليل أحياناً - الأعراض وتحسن الحركة إذا أجريت قبل التنكس، وقد تنكس الإصابة.

أماكن التداخل الجراحي والمضاعفات بعد العمل الجراحي

1-  الورك :

 أظهرت الدراسات السريرية لما يقارب من 40 سنة نجاحَ تبديل مفصل الورك في علاج الألم وسوء الوظيفة لأكثر من 20 سنة في المرضى المختارين بعناية.

تضاءل خطر التهاب الوريد الخثري بعد الجراحة والخمج في المرضى الخاضعين لتبديل المفصل على نحو ملحوظ في آخر عقدين (حدوث الخمج أقل من 1%)، ويبقى التخلخل السبب الرئيس لإخفاق تبديل المفصل (الشكل2)، لكن تطور تقنيات الإسمنت العظمي قد خفف من وقوع انحلال العظم osteolysis  العقيم من 40% إلى أقل من 5% في 10 سنوات.

الشكل (2) تبديل مفصل ورك أيسر مع امتصاص عظمي حول إسمنت عظم الفخذ. وكسر عبر الفخذ.

كان لخزع الفخذ والحوض نتائج جيدة في تخفيف الألم في المرضى الشباب المصابين بعسر تصنع الحق؛ مع تبدلات طفيفة في الصورة الشعاعية أو من دون وجود تبدلات فيها.

وإيثاق الورك في المرضى الشباب يخفف الألم ويسمح بعودة المريض إلى ممارسة نشاطاته، لكن المرضى قد يعانون صعوبات في الجلوس على الكرسي واستخدام وسائط النقل العامة.

2-  الركبة :

 يتضمن وصف العديد من العمليات لعلاج التهاب مفصل الركبة: التنظير وخزع العظم وتبديل المفصل. يخفف استئصال الغشاء الزليل التنظيري الألم والوذمة في المصابين بالناعور والتهاب الغشاء الزليل العقيدي المصطبغ وتغضرف الغشاء الزليل، ويحسّن من التهاب المفاصل الروماتوئيدي في مراحله المبكرة.

لا يبدو أن التشذيب trimming التنظيري أو تصنيع الغضروف يؤثر في التطور الطبيعي لالتهاب المفاصل التنكسي، لكنه مفيد في حالات تمزق الغضروف أو الأجسام الحرة.

يستخدم خزع العظم حول الركبة في الفَحَج genu varum والانحراف الرَوَحي لتحويل محور حمل الوزن من الحجرة المتنكسة من المفصل الظنبوبي الفخذي إلى الحجرة الأخرى الأفضل حالاً، كما أنه قد يحرض تشكيل ليف غضروفي في الحجرة غير الحاملة للوزن، ويجرى  في الإصابات اللا التهابية في الشباب النشيطين نسبياً.

يمكن في تصنيع مفصل الركبة arthroplasty (رأب المفصل) الكلي - كما في تصنيع مفصل الورك الكلي - وضع إسمنت أو الاعتماد على النمو العظمي لإجراء التثبيت. وقد أظهرت دراسات عدة كبيرة أن النتائج في الحالتين ممتازة بغض النظر عن طريقة التثبيت؛ مع استمرار النجاح بنسبة 97% للمركَّبة الصنعية بالمراقبة بعد 10 و12سنة (الشكل 3).

   الشكل (3)

أ- صورة شعاعية أمامية خلفية لمصاب بالتهاب مفصل تنكسي شديد. ب- صورة شعاعية بعد الجراحة تظهر تبديل مفصل ركبة ثنائي الجانب تام إسمنتي مثبت خلفياً.

ومع النتائج الممتازة للمفصل الإسمنتي فإن بعض الجرَّاحين يحتفظون به للمرضى الذين تراوح أعمارهم بين 50 و60 سنة؛ أو للمصابين بالعظم ضعيف البنية، ويستندون في ذلك إلى الفرضية القائلة إنَّ المكونات غير الإسمنتية تدوم فترة أطول في المرضى الشباب، وتحفظ البنية العظمية لديهم. تعدّ مشاكل الداغصة أهم أسباب إخفاق تصنيع المفصل الكلي.

تجدد الاهتمام باستبدال المفصل أحادي الحجرة الذي يستبدل فيه القسم الأنسي أو الوحشي للطبق الظنبوبي أو اللقمة الفخذية المرافقة، ويترك الجانب المقابل مع الغضروف الأساسي. تتطلب هذه العمليات استئصال كمية عظمية أقل وتسمح بالحفاظ على كمية أكبر من المفصل الأساسي، والنزف فيها أقل والشفاء أسرع من تصنيع الركبة الكلي، ولا يوصى بها في  المصابين بتشوه شديد أو التهاب مفصل تنكسي في الحجرات الثلاث.

ويبقى إيثاق مفصل الركبة الخيار الأفضل للمصابين بخمج المفصل المعند؛ وللمرضى الذين أخفق عندهم تبديل مفصل الركبة التام ولا يمكنهم الاستفادة من إعادة التبديل على الرغم من خسارة وظيفة الركبة، ومع استخدام التقنيات المتوافرة حالياً يمكن الحفاظ على وظيفة الطرف السفلي من دون ألم حين حمل الوزن. يمكن إجراء تصنيع الركبة الاستئصالي أيضاً للمرضى الذين أخفق عندهم تبديل مفصل الركبة الكلي.

3- الكاحل والقدم:

تتضمن الخيارات الجراحية لالتهاب مفاصل الكاحل والقدم: استئصال المناقير العظمية  cheilectomy، وتنظير المفصل، والخزع العظمي، وإيثاق المفصل، واستبدال مفاصل صنعية بها.

قد تتطور المناقير العظمية في محيط المفصل وتسبب أعراضاً تتعلق بالتصادم الحاصل في أثناء المشي، وهي شائعة على ظهر المفصل المشطي السلامي الأول وعلى الحافة الأمامية للمفصل الظنبوبي العقبي. وعلى الرغم من أنها لا تشفي المرض المستبطن فإن استئصال المناقير العظمية يؤدي غالباً إلى زوال الأعراض الآلية (الميكانيكية) والألم المرافق. قد تكون الأجسام الأجنبية مصدراً للآلام الميكانيكية، ويفيد فيها الاستخراج بالتنظير. يوفر خزع الظنبوب فوق الكعب إعادة اتساق المحور الحامل للوزن عبر المفصل الظنبوبي العقبي، وقد يفيد في حماية المفصل من مسببات تنكس الكاحل الخلقية أو التالية للرض. وأدى خزع العظم المنخفض في الظنبوب على المدى الطويل إلى إزالة الأعراض في التهاب المفصل التنكسي الأولي في المرحلة المتوسطة. يجرى خزع العظم لاعتلال المفصل غير الالتهابي، ولكنه قد يفيد في إزالة الألم وإنقاص تواتر النزف الداخلي في المفصل في المصابين باعتلال المفصل الناعوري.

يزيل إيثاق مفصل الكاحل والقدم الألم في المصابين بالتهاب المفصل الشديد. وإيثاق هذه المفاصل جيد التَحَمل حتى في الأطفال على الرغم من بعض التحدد في أثناء النشاطات العنيفة كتسلق الجبال والجري. وقد يخفق الاندمال البدئي للإيثاق في 5-30%  من الحالات.

وبخلاف استبدال مفصل الورك والركبة كانت نتائج استبدال مفصل الكاحل غير جيدة؛ إذ تفشل 60-90% من البدائل الصنعية بفترة 5-10سنوات، ولذلك يستخدم هذا الإجراء في الإصابات الالتهابية في  كبار السن وقليلي النشاط.

4- اليد والمعصم:

يخفف استئصال غمد الوتر tenosynovectomy الألم ويزيد مدى الحركة، وقد يمنع انقطاع الوتر، وإذا حدث الانقطاع يجب إعادة البناء قبل تطور التليف والتقاصر. في اليد المصابة بالروماتوئيد يعاد بناء المفاصل السنعية السلامية للأصابع بزرعات مرنة من السيليكون، وهي تفيد في الحفاظ على المسافة المفصلية (تملأ الجوف) مع الحفاظ على المرونة. يمكن تصحيح الانحراف الزندي للأصابع مع تحت الخلع الزندي للأوتار الباسطة ولو جزئياً؛ بإجراء جراحة تعيد تمركُز الأوتار الباسطة وتنقل مرتكزات الأوتار من الإصبع إلى الإصبع المتاخم من الناحية الزندية.

يجرى إيثاق المفصل في المفاصل بين السلامية، وبين الرسغ carpus والمعصم  wrist في المرحلة النهائية لتنكس المفصل، ويفضل إيثاق المفصل بين السلاميات بوضعية العطف. يمكن إجراء الالتحام الصلب في 95% من الحالات باستخدام تقنيات متعددة. من الممكن أيضاً إجراء إيثاق المفصل الكعبري الرسغي؛ أو بشكل انتقائي المفاصل الرسغية المصابة. تتحدد حركة المعصم والقوة القابضة عادة بعد إيثاق مفاصل الرسغ، ولكن الألم والثباتية تتحسن على المدى البعيد.

نادراً ما يفضل الجرَّاحون إيثاق المفصل السنعي الرسغي للإبهام؛ لأن الحركة في هذا المفصل مهمة لوظيفة اليد. ويفضل إجراء تصنيع المفصل (استئصال السطوح المفصلية وتغيير موقع النسج الرخوة، غالباً جزء من مبعدة الإبهام الطويلة أو وتر قابضة الرسغ الكعبرية) الذي يزول به الألم عادة وتتحسن قوة القبضة.

إن الخبرة في تصنيع مفصل المعصم محدودة، واحتمال فشل الزروع السيليكونية المالئة للجوف كبير، كما أن تحسن الألم قليل، وقد يخفف استئصال الصف الداني من عظام المعصم الألم في التنكس الشديد المعند.

5- المرفق:

يتم إيثاق المرفق بالتثبيت الداخلي، وينجم عن ذلك إعاقة وظيفية كبيرة. كما يمكن استئصال رأس الكعبرة  أو استئصال الغشاء الزليل أو تبديل المفصل التام.

تدبير المريض قبل الجراحة وبعدها:

تشمل أهداف تدبير المريض حول الجراحة تخفيف الألم واستعادة الوظيفة ومنع حدوث المضاعفات، ويتم ذلك باتباع برنامج علاج فيزيائي وتأهيلي خاص بكل مريض ومحدد قبل الجراحة. تستخدم المسكنات المخدرة في الفترة الأولى فقط بعد الجراحة، ويضبط التسكين عبر مضخة التسكين من قبل المريض؛ أو بالحقن القطني أو بالحقن فوق الجافية. يقدر حدوث الخثار الوريدي العميق بنحو 74% من الحالات؛ والصمة الرئوية الكتلية بنحو 3.4%، وقد نقص حدوث هذه المضاعفات مع استخدام الوارفارين والضغط الهوائي والهيبارين المنخفض الوزن الجزيئي.

وفر التبرع الذاتي بالدم من قبل المريض قبل الجراحة بديلاً آمناً نسبياً لنقل الدم في أثناء الجراحة، ويرتبط إنذار الجراحة على نحو عام بحسن انتقاء العملية الجراحية المناسبة للمريض وتحضيره الجيد ومتابعته، ويتطلب ذلك عمل فريق يشمل طبيب المفاصل والجرَّاح والمعالج الفيزيائي والتأهيلي.

 

 

 


التصنيف : الأمراض الرثوية
النوع : الأمراض الرثوية
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 180
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 478
الكل : 31738945
اليوم : 14406