logo

logo

logo

logo

logo

التهاب الأوعية

التهاب اوعيه

vasculitis - vascularite

التهاب الأوعية

 

حسان لايقة

التصنيف والوبائيات
أعراض التهاب الأوعية وعلاماته
تقييم التهابات الأوعية
التهاب المفاصل بالبلورات
   

التهابات الأوعية   vasculitisالمجموعية هي مجموعة أمراض معقدة وخطرة غالباً، تتميز بالتهاب ونخر يصيبان جدر الأوعية الدموية، ويؤديان إلى تضيقها أو انسدادها، وتبدو بأعراض متعددة سريرية بحسب مكان الانسداد وسرعة حدوثه وامتداده؛ إضافة إلى أعراض عامة: الحمى ونقص الوزن بحسب شدة الالتهاب واستمراره، ويغلب أن تسبب التهابات الأوعية أذية في أعضاء متعددة.

تكون التهابات الأوعية أولية أي من دون مرض آخر واضح؛ أو ثانوية ترافق أمراضاً أخرى مثل أمراض النسيج الضام، وبعض الأمراض المعْدية واستعمال بعض الأدوية. تصيب التهابات الأوعية أعضاءً متعددة، وقد تسبب الموت في حالات كثيرة إذا لم تستعمل الأدوية الكابتة للمناعة على نحو حكيم وباكر، ويتطلب ذلك تشخيصَ المرض بسرعة وتقييمه بعناية من أجل تخطيط المعالجة وتعديل خطة العلاج بحسب الاستجابة. وتشمل المعالجة في الحالة النموذجية القشرانيات السكرية وعاملاً فعالاً كابتاً للمناعة؛ ولاسيما من أجل التهابات الأوعية الصغيرة والمتوسطة - على الرغم من التأثيرات غير المرغوبة لهذه المعالجات - والمتابعة الحثيثة مهمة لكشف النكس ومعالجته في الوقت المناسب.

التصنيف والوبائيات:

التهابات الأوعية الأولية المجهولة السبب غير شائعة، ويعد التهاب الشرايين ذو الخلايا العرطلة أكثرها شيوعاً.

كانت Zeek أول من صنف التهاب الأوعية عام 1952، ثم طُورت عدة أنظمة تصنيف بالارتكاز على المظهر النسيجي المرضي (الهستوباثولوجي) وحجم الوعاء، مثل تصنيف "الكلية الأمريكية للأمراض الروماتزمية" ACR  عام 1990 الذي سرعان ما ظهر أنه يفتقد للحساسية والنوعية وللقيمة التنبئية predictive value   التشخيصية؛ لكنه عُدّ أساساً لتعريف بعض أنواع التهابات الأوعية، مثل ورام فيغينر الحبيبي  granulomatosis Wegener  ومُتَلاَزِمَة شيرغ -ستراوس.

ووضع مؤتمر تشابل هيل Chapel Hill عام 1994 تعريفات لالتهابات الأوعية مصنَّفةً بحسب حجم الوعاء قد تفيد في تشخيص بعض هذه الالتهابات، ومما يعيب هذا التصنيف أن التهابات الأوعية المترافقة مع أضداد هيولى العدلات المصنفة على أنها صغيرة قد تصيب الأوعية المتوسطة وحتى بطانة الأبهر أحياناً. وتصنف التهابات الأوعية بناء على توصيات هذا المؤتمر في ثلاث مجموعات أساسية، هي التهابات الأوعية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وتشمل كلُّ مجموعة عدةَ أمراض كما يظهر الجدول (1).

1- التهاب الأوعية الكبيرة:

- التهاب الشرايين ذو الخلايا العرطلة (الصدغي): هو التهاب أوعية ورمي حبيبي granulomatous يصيب الأبهر وفروعه الرئيسة، مع ميل لإصابة الفروع خارج القحفية من الشريان السباتي، وهو يصيب الشريان الصدغي غالباً فيمن تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة عادة، ويرافق التهاب الأوعية هذا أَلَم العَضَلاَتِ الرُّوماتزميّ polymyalgia rheumatica غالباً.

- التهاب الشرايين لتاكاياسو: هو التهاب ورمي حبيبي في الأبهر وفروعه الرئيسة، ويحدث لدى المرضى الذين تقل أعمارهم عن خمسين سنة عادة.

2- التهاب الأوعية المتوسطة:

- التهاب الشرايين العقد periarteritis nodosa: هو التهاب نخري يصيب الأوعية المتوسطة الحجم أو الصغيرة الحجم دون أن يرافق التهاب كبيبات الكلية أو التهاب الشرينات أو الشعريات أو الوريدات.

- مرض كاوازاكي Kawasaki: التهاب أوعية يصيب الأوعية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وترافقه تظاهرات جلدية وضخامة عقد لمفية، وتصاب الشرايين التاجية coronary غالباً، وأكثر ما يحدث في الأطفال.

3- التهاب الأوعية الصغيرة:

- ورام فيغينر Wegener الحبيبي: هو التهاب ورمي حبيبي يصيب السبل التنفسية العلوية والسفلية مع التهاب أوعية نخري يصيب الأوعية الصغيرة والمتوسطة، ومن الشائع أن يرافقه التهاب نخري في الكبيبات الكلوية.

- متلازمة شيرغ ستراوس Churg-Strauss: التهاب ورمي حبيبي غني باليوزينيات يصيب السبيل التنفسي مع التهاب أوعية نخري يصيب الأوعية الصغيرة والمتوسطة، ويصاحبه الربو وفرط اليوزينيات.

- التهاب الأوعية العديد المجهري Microscopic Polyangiitis: التهاب أوعية نخري يصيب الأوعية الصغيرة وقد تصاب الشرايين المتوسطة أيضاً، ويعد التهاب الكبيبات الكلوية النخري شائعاً جداً إضافة إلى حدوث التهاب الشعيرات الرئوية.

- فرفرية هينوخ-شونلاين Henoch-Schönlein Purpura: التهاب أوعية صغيرة تسيطر فيه ترسبات مناعية من النوع IgA، ويصيب هذا المرض الجلد والأمعاء والكبيبات، وترافقه آلام مفصلية أو التهاب مفاصل.

- التهاب الأوعية مع وُجود الغلُوبوُلِيناتِ البَرْدِيَّةِ في الدَّم Cryoglobulinemia المجهول السبب: هو التهاب أوعية يصيب الجلدَ والكبيبات الكلوية غالباً، وترافقه ترسبات مناعية من الغلوبولينات البردية يصيب الأوعية الصغيرة وترافقه غلوبولينات بردية في المصل.

- التهاب الأوعية الجلدي الناقض للكريات البيض leucocytoclastic: هو التهاب أوعية جلدي معزول لا يرافقه التهاب أوعية جهازي أو التهاب كبيبات الكلية.

الجدول (1)

 

تبقى الآليات الإمراضية لالتهاب الأوعية غير مثبتة على الرغم من ازدياد فهم السببيات الڤيروسية لبعض أشكال التهاب الأوعية العقد (المرتبط بالتهاب الكبد  (B، والتهاب الأوعية في سياق وجود الغلوبولينات البردية في الدم (المرتبط بالتهاب الكبد(C ؛ مما سمح بمقاربة هذه الأمراض على نحو أفضل من الناحية العلاجية.

يشمل التقييم الأولي تقدير الحالة السريرية الشامل، وإجراء التحاليل المخبرية والهيستولوجية (النسيجية) والشعاعية اللازمة لتقييم نوع التهاب الأوعية وتحديد الأجهزة المصابة وفعالية المعالجة.

لقد انخفض معدل وفيات التهابات الأوعية كثيراً نتيجة استعمال كابتات المناعة، إلا أن جودة الحياة لم تتحسن كثيراً بسبب نكس المرض، أو بقاء فعاليةٍ مرضية منخفضة الدرجة، أو بسبب السمية الدوائية. وتشمل العوامل التي تؤثر في الهدأة والنكس والبقيا نوع المعالجة الكابتة للمناعة، ونوع الجهاز المصاب، ووجود أضداد هيولى العدلات anti-neutrophil cytoplasmic antibodies  (ANCA)  أو غيابها، والعمر المتقدم، وجنس الذكور.

وستُعرض فيما يلي الأعراض والعلامات والفحوص الخاصة ببعض أشكال هذه الإصابات، كما سيُتطرق إلى أسس المعالجة.

أعراض التهاب الأوعية وعلاماته:

1- التهاب الشرايين ذو الخلايا العرطلة  :giant cell arteritis

يعرف أيضاً بالتهاب الشريان الصدغي؛ لأنه يميل إلى إصابة الفروع خارج القحفية من الشرايين السباتية بالدرجة الأولى؛ علماً أن المرض قد يصيب الشرايين الكبيرة الأخرى وحتى الأبهر، وقد يصيب الشريان العيني والشرايين الهدبية وحتى الشرايين الشبكية المركزية أحياناً .

يشكو المرضى صداعاً جبهياً نابضاً حاداً أو مبهماً شديداً، ويكشف الفحص السريري ثخن الشريان المصاب ومضضه، وقد يبرز متوتراً على سطح الجلد في المنطقة الصدغية، ولكن النبض فيه قد يكون ضعيفاً، وقد يكون الشريانان طبيعيين في ثلث حالات التهاب الشريان الصدغي المثبت بالخزعة.

فقد البصر من أخطر إصابات التهاب الشريان الصدغي، وتُعدّ هذه الحالة حالة إسعافية تتطلب علاجاً سريعاً للوقاية من العمى الناجم عن اعتلال العصب البصري الأمامي بنقص التروية في الشريان العيني، وقد يُسبق فقد الرؤية بكُمْنات عابِرَة amaurosis fugax وتشوش رؤية وشفع.

يصاحب نقص تروية فروع الشريان الصدغي الملتهب عرج متقطع فكي في قرابة نصف المرضى؛ ولاسيما في أثناء الكلام أو المضغ المديدين، إلا أن هذا العرج يزول بسرعة بعد عدة حركات مضغية لسبب مجهول. يرافق الالتهاب الوعائي أحياناً انطلاق صمات شريانية بعيدة إلى الدماغ؛ مما قد يسبب سكتات دماغية في ثلث حالاته.

من التظاهرات المهمة لالتهاب الشريان الصدغي الجهازية ارتفاع الحرارة الذي يبقى أحياناً غامض السبب فترة طويلة بسبب غياب التظاهرات السريرية الواضحة لالتهاب الشريان الصدغي. ويبقى ترافق المرض مع أَلَم العَضَلاَتِ الرُّوماتزميّ polymyalgia rheumatica من أهم التظاهرات المرافقة لالتهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة وأكثرها شيوعاً؛ إذ يتوقع أن يصاب 15% من المصابين بالتهاب الشريان الصدغي بألم العضلات الروماتزمي، في حين يشخص التهاب الشريان الصدغي في أكثر من 50% من المصابين بألم العضلات الروماتزمي. ويتميز هذا المرض بألم وتيبس في عضلات الحزامين الكتفي والحوضي مع ألم عضلات الرقبة يدوم أكثر من شهر، وترافق الآلام العضلية علامات التهابية كالحمى ونقص الوزن والفتور؛ إضافة إلى العلامات المخبرية التي تدل على هذا الالتهاب مثل ارتفاع سرعة التثفل وCRP  وفقر الدم؛ ويجب الانتباه إلى وجود بعض حالات ألم العضلات الروماتزمي التي لا ترافقها هذه الموجودات المخبرية، مما يستدعي مزيداً من العناية في أخذ القصة المرضية والفحص السريري ووضع التشخيص التفريقي لهذه الإصابة التي تشمل التهاب المفاصل الروماتوئيدي في المسنين وقصور الدرقية واعتلالات العضلات الالتهابية وداء باركنسون والخباثات وبعض الأمراض المعْدية.

2- التهاب الشرايين لتاكاياسو  :Takayasus arteritis

يصيب المرض النساء في مقتبل العمر في معظم الحالات، ويتظاهر بأعراض عامة قد تدوم حتى سنوات قبل ظهور أعراض المرض الأخرى المرتبطة بتضيق الوعاء التالي لفرط تنسج بطانته أو توذمها، فيضعف النبض أو يغيب مع شكوى عرج متقطع، ويحدث طنين وصداع وحتى سكتات واضطرابات بصرية؛ إذا أصيب الشريانان السباتي والفقري. وقد تحدث ذبحة قلبية؛ إذا أصيبت الشرايين التاجية .coronary ويكشف التضيق سريرياً كذلك بعدم تناظر الضغط بين الأطراف وباللغط bruits مكان التضيق. وإضافة إلى ما سبق؛ قد تحدث أمهات الدم نتيجة زوال الغِلاَلَة الوَسْطانِيَّة المَرِنَة elastica والطبقة العضلية الملساء للوعاء، وتبدو أعراضها بحسب حجمها  ومكانها.

3- التهاب الشرايين العقد  :polyarteritis nodosa

تصاب الشرايين المتوسطة إضافة إلى الصغيرة، لذلك تسيطر الإصابة الجلدية غالباً؛ مما يُدخل الآفة في التشخيص التفريقي لالتهابات الأوعية الصغيرة الأخرى. ومن التظاهرات الجلدية المهمة التزرق الشبكي livedo reticularis   والعقيدات والتقرحات، ومن المهم الإشارة إلى أن إصابة كبيبات الكلية أو إصابة الرئة لا تحدث في التهاب الشرايين العقد، وغالباً ما يرافق هذه الإصابة ارتفاع ضغط الدم بسبب إصابة الشرايين الكلوية والشرايين المتوسطة التالية لها. وتُعدّ أمهات الدم الصغيرة التي تكشف بالتصوير الوعائي معْلماً مهماً في التهاب الشرايين العقد.

يصاب السبيل الهضمي في نصف حالات المرض تقريباً، وتُعدّ الذّبْحَة المعوية intestinal angina أكثر الأعراض الهضمية شيوعاً نتيجة نقص التروية المساريقية، وقد يحدث احتشاء معوي أو انثقاب، وتتركز الإصابة في الأمعاء الدقيقة بالدرجة الأولى. وكما هو الحال في العديد من التهابات الأوعية ترتفع ناقلات الأمين الكبدية بدرجة بسيطة في أغلب المرضى.

تتظاهر الإصابة العصبية على شكل التهاب عصب وحيد متعدد غالباً، وتندر إصابة الجملة العصبية المركزية.

4- داء كاوازاكي  :Kawasaki disease

يحدث داء كاوازاكي لدى صغار الأطفال، وتكون تظاهراته شديدة مدة عدة أسابيع قبل أن تبدأ بالتحسن، وتتجلى التظاهرات بحمى مع أعراض أخرى، أهمها تظاهرات التهاب عضل القلب والتهاب التأمور، وقد تضيق لمعة الشرايين التاجية، وقد تتشكل أمهات دم فيها؛ ولاسيما في الرضّع، وقد يحدث موت مفاجئ. كذلك قد تحدث أعراض عينية على شكل التهاب ملتحمة مزدوج غير قيحي، واحمرار البلعوم واللسان والشفتين مع طفح جلدي على الجذع، وتتضخم العقد اللمفية في العنق، ويتوذم ظهر اليدين والقدمين مع حمامى على الراحتين والأخمصين، ثم تتوسف عند الشفاء. وقد وضعت هذه التظاهرات في معايير خاصة من أجل المساعدة على التشخيص.

يرجح أن يكون سبب داء كاوازاكي مرضاً معدياً لدى أطفالٍ مستعدين جينياً؛ وذلك استجابة مناعية محرضة بالمستضد يكون فيه للخلايا البلازمية المفرزة للغلوبولين المناعي A شأن أساسي.

5- التهاب الأوعية المترافقة وأضداد هيولى العدلات ANCA- associated vasculitis (AAV) (قليل المناعة   :(Pauci-immune  

أ- ورام فيغينر الحبيبي Wegener’s granulomatosis والتهاب الأوعية العديد المجهري  microscopic polyangiitis  ومتلازمة شيرغ – ستراوس  :Churg - Strauss

- إصابة السبيل التنفسي العلوي والأذنين: تحدث في أكثر من 90% من المصابين بورام فيغينر الحبيبي، وتكون على شكل انسداد الأنف، والرعاف، وقد يتأكّل الحاجز بين المنخرين، وينهدم جسر الأنف محدثاً تشوه الأنف السرجي الشكل، وقد يحدث فقد سمع توصيلي أو حسي سمعي نتيجة الالتهاب أو الإصابة الورمية الحبيبية. أما في متلازمة شيرغ - ستراوس؛ فيحدث التهاب أنف تحسسي باكر في أثناء سير المرض، وقد يسبق باقي التظاهرات بسنوات، كذلك قد يحدث فقد سمع توصيلي.

- إصابة الرغامى والقصبات والرئة: قد يحدث تضيق رغامي أو قصبي في داء فيغينر؛ مما قد يسبب أعراضاً كالسعال والوزيز والصرير stridor، بيد أن الإصابة الأهم والأكثر شيوعاً تكون في المتن الرئوي سواء في داء فيغينر أم في متلازمة شيرغ - ستراوس؛ إذ قد تحدث ارتشاحات عقيدية رئوية هاجرة أو ثابتة متعددة، وقد تكون ثنائية الجانب، وقد يحدث نزف سنخي صاعق. كما تصاب الشعيرات الرئوية بالالتهاب سواء في داء فيغينر أم التهاب الأوعية العديد المجهري الذي قد يُسبب تليفاً خلالياً في الرئتين، ويحدث ربو معند على الستيروئيدات عموماً في المصابين بمتلازمة شيرغ - ستراوس.

- إصابة الكلية: أخطر إصابة كلوية في سياق التهاب الأوعية مع ANCA هي الالتهاب المترقي بسرعة في الكبيبات الكلوية، وهذه الإصابة شائعة في داء فيغينر والتهاب الأوعية العديد المجهري؛ إلا أن الإصابة تكون صارخة أكثر في داء فيغينر، في حين تبقى هذه الإصابة نادرة جداً في متلازمة شيرغ - ستراوس. قد تقود الإصابة الكلوية إلى تليف وندبات كلوية مع هجمات متكررة تنقص وظيفة الكلية؛ مما يسبب إصابة كلوية نهائية.

- العين: قد يحدث التهاب صلبة يسبب نخراً ثاقباً أحياناً، وينتهي بالعمى، وقد يحدث التهاب قرنية تقرحي محيطي فيثقبها، وقد يسبب داء فيغينر جحوظاً أو شفعاً أو عمى في 10% من المرضى نتيجة أورام كاذبة في الحجاج، كما قد يسبب انسداد القناة الأنفية الدمعية.

- بعض التظاهرات الأخرى: يرافق التهابات الأوعية مع ANCA ألم أو التهاب في مفاصل قليلة في أكثر من نصف المرضى، وقد تكون العرض الأول، وقد يلتبس الأمر بالتهاب المفاصل الروماتوئيدي؛ ولاسيما بوجود إيجابية العامل الروماتوئيدي في ثلث المرضى. ومن الشائع حدوث إصابات جلدية على شكل فرفريات أو حويصلات أو فقاعات أو حطاطات وغيرها، كذلك قد تصاب الأعصاب فيكثر التهاب العصب الوحيد المتعدد واعتلال الأعصاب العديد الحسي أكثر من الحركي، وتبقى الإصابة العصبية المركزية قليلة الشيوع.

من الجدير بالذكر ترافق متلازمة شيرغ - ستراوس وزيادة يوزينيات الدم في جميع المرضى وارتفاع الغلوبولين المناعي IgE في بعضهم، ويُعدّ عدد اليوزينيات مشعراً حساساً للدلالة على هدأة المرض أو وهيجه  flare، وقد ترتفع اليوزينيات ارتفاعاً بسيطاً في داء فيغينر.

ب- التهاب الأوعية المتواسط بالمعقدات المناعية   immune-mediated vasculitis:

- التهاب الأوعية بفرط التحسس :hypersensitivity vasculitis يضم مجموعة من الأمراض التي تتصف بترسب معقدات مناعية في الأوعية الصغيرة، وهو أكثر أنماط التهاب الأوعية شيوعاً على الرغم من بقاء سبب التحسس غير واضح في معظم الحالات. وقد وضعت ACR خمسة معايير لتصنيف التهاب الأوعية بفرط التحسس؛ هي:

 -العمر أقل من 16 سنة.

-  تناول أدوية متهمة قبل ظهور الأعراض.

-  فرفرية مجسوسة.

-  طفح بُقْعِيٌّ حَطاطِيّ.

 - وجود عدلات حول شُرين أو وُريد بالخزعة.

وأوجبت ACR وجود ثلاثة من المعايير السابقة لتصنيف التهاب الأوعية على أنه بفرط التحسس؛ علماً أن الطفح والفرفريات تتوزع على نحو متناظر في الطرفين السفليين والمناطق المنخفضة من الجسم في أغلب الحالات.

قد يكون الالتهاب الوعائي مقتصراً على الجلد؛ فيدعى جلدياً معزولاً، وقد يرافقه حمى وألم مفصلي في داء المصل.

من الأدوية التي تتهم بإحداث التهاب الأوعية بفرط التحسس البنسيلينات والسلفوناميد والسيفالوسبورينات وغيرها.

- التهاب الأوعية بوجود غلوبولينات بردية في الدم :cryoglobulinemic vasculitis الغلوبولينات البردية معقدات مناعية توجد في المصل، وتترسب في البرد، وتوجد في أمراض التهابية عديدة.

يفعّل ترسب الغلوبولينات البردية في الأوعية الصغيرة والمتوسطة المتممة؛ مما قد يسبب التهاب الأوعية، وتصنف الغلوبولينات البردية في الدم (بحسب نوع الغلوبولينات المناعية الموجودة) إلى نمط I يتصف بوجود اعتلال غامائي وحيد النسيلة monoclonal gammopathy (ارتفاع IgG أو IgM غالباً) ويرافق داء والدنستروم أكثر من مرافقته الورم النقيي المتعدد؛ والنمط II الذي يرافق زيادة الغلوبولينات البردية من نوع IgG وحيد النسيلة مع IgM  المتعدد النسائل، في حين تكون في النمط III من نوع متعدد النسائل من  IgG و.IgM   ومن الجدير بالذكر أن أكثر من 90% من النمط II ناجم عن العدوى بالتهاب الكبد  .C

يرافق النمط الأول التهاب أوعية ترافقه متلازمة فرط لزوجة دموية؛ مما تظهر معه بعض الأعراض الوعائية مثل التزرق الشبكي وزرقة النهايات وتموت الأصابع، في حين ترافق النمط II ËIII من المرض ثلاثية مؤلفة من فرفرية وألم مفصلي وألم عضلي، وقد تكون الفرفريات واسعة الانتشار على الرغم من اقتصارها على الطرفين السفليين غالباً، وقد يحدث التهاب كبيبات الكلية التكاثري الغشائي، والتهاب الأعصاب وغيرها، وقد تحدث تقرحات؛ إذا حدث التهاب الأوعية المتوسطة، في حين تظهر الفرفريات في التهاب الأوعية الصغيرة.

- فرفرية هينوخ - شونلاين :Henoch- Schönlein purpura هي نوع من التهابات الأوعية الصغيرة التي تتواسطها معقدات مناعية مع ترسب IgA داخل جدران الأوعية، وتلي هذه الفرفريةُ الأمراضَ المعدية في السبيل التنفسي العلوي بالعقديات A وغيرها. وقد وضعت ACR جملة من المعايير لتصنيف الداء تضم أهم صفاته: وهي الفرفرية المجسوسة التي تظهر بشكل هجمات، وعدم تجاوز العمر 20 سنة (على أن هذا الشرط ليس حتمياً)، والذبحة المعوية intestinal angina التي تلي الفرفرية بنحو أسبوع، ووجود المحببات في جدران الشرينات والوريدات بالخزعة. ومن الأعراض الأخرى الآلام المفصلية والإصابة الكلوية التي تكون على شكل التهاب بسيط في كبيبات الكلية، ونادراً ما تقود إلى إصابة كلوية مزمنة باعتلال الكلية بـ  IgA، ومن الشائع حدوث الالتهاب الكلوي في البالغين أكثر من الأطفال.

- متلازمة التهاب الأوعية الشروي المرافق لنقص المتممة في الدم :hypocomplementemic urticarial vasculitis syndrome  يصيب التهاب الأوعية الشروي الأوعية الصغيرة، ويتظاهر بشكل انتبار جلدي wheals مؤلم وحاك بطيء الزوال؛ وله شكلان، تكون المتممة سوية في الأول، ويمثل شكلاً من أشكال التهاب الأوعية بفرط التحسس ويشفى تلقائياً، وشكل آخر تكون المتممة فيه ناقصة، وهو شكل مزمن قد ترافقه مظاهر خارج جلدية مثل التهاب المفاصل والتهاب الكبيبات الكلوية والتهاب المصليات.

يختلف التهاب الأوعية الشروي عن الشرى في أن الأول ترافقه فرفريات ثابتة مع ألم حارق ومضض في حين لا تظهر هذه الموجودات في الشرى؛ إضافة إلى إصابات الأعضاء التي ترافق التهاب الأوعية.

- داء بهجت :Behcets disease مرض التهابي مزمن مجهول السبب، ويظن أن آليته مرتبطة بالتهاب أوعية، لذلك يمكن أن يدرس ضمن هذه الالتهابات، وهو داء قد يصيب جميع أشكال الأوعية وأحجامها. داء بهجت شائع في بلدان شرق المتوسط والشرق الأقصى، وهو في هذه البلدان أشد مما في مناطق أخرى من العالم، ويصيب الشباب بعمر 20-35 سنة؛ النساء منهم والرجال بنسبة متعادلة تقريباً.

يُعدّ القلاع الفموي أول مظاهر داء بهجت وأكثرها حدوثاً، وتميل هذه الآفة إلى الظهور بشكل هجمات قلاع متعدد، وقد تكون شبه مستمرة، ويظهر القلاع بشكل قرحة حافرة بقطر قد يصل إلى أكثر من 1سم، وهي آفة محمرة الحواف مؤلمة تصيب المخاطية غير المتقرنة في باطن الخدين وحواف اللسان والحنك الرخو والبلعوم.

يشبه القلاعُ التناسلي القلاعَ الفموي؛ لكنه أقل شيوعاً في داء بهجت، وقد يكون وحيداً أو متعدداً يصيب منطقة الفرج والمهبل والصفن والقضيب. وهو مؤلم، وقد يترك ندبات؛ على الرغم من أن القلاع المهبلي قد لا تصاحبه أعراض واضحة.

من الشائع حدوث آفات جلدية عديدة في داء بهجت تشمل الحمامى العقدة والْتِهاب الجُرَيباتِ الكاذِب pseudofolliculitis   وآفات حطاطية بثرية وعقيدات عدّية الشكل يجب تمييزها من التهاب الوريد الخثاري السطحي، وقد تظهر آفات ارتشاحية جلدية تشبه تَقَيُّح الجِلْدِ الغنغريني pyoderma gangrenosum ومتلازمة سويت .Sweet 

تُعدّ الأَرَجِيَّة المُتَعَدِّدة pathergy استجابة جلدية مفرطة للرضوح، وهي نوعية بدرجة كبيرة لداء بهجت، وتظهر على شكل حطاطة حمراء أو بثرة أو خراج عقيم يظهر بعد 48 ساعة في أماكن الوخز الجلدي، وتختلف إيجابية الاختبار بحسب سير المرض، وتزداد الإيجابية في فترات المرض الفعال. وحساسية الاختبار أقل في البلدان الغربية مما في بلدان طريق الحرير.

يتأخر الالتهاب العيني بالظهور إلى ما بعد ظهور الآفات المخاطية الجلدية بسنوات عادة، وتحدث الإصابة العينية على شكل هجمات متكررة، وتتفاقم هذه الإصابة حتى قد تصيب المريض بالعمى. تصاب كل طبقات العين في داء بهجت، فقد تلتهب العنبية الأمامية مع تشكل قيح في البيت الأمامي؛ مما قد يسبب التصاقات بين القزحية والعدسة إذا لم يعالج بسرعة، وقد يلتهب القسم الخلفي للعين، وقد تصاب أوعية الشبكية؛ مما يسبب توعياً حديثاً neovascularization ونزوفاً في الزجاجي وزرقاً وانفصال الشبكية.

قد تشير وذمة قرص العصب البصري المعزولة إلى خثار وريدي دماغي أكثر مما تدل على إصابة عينية، لكن الحليمة البصرية قد تلتهب مرافقة للالتهاب العيني وإصابة الجملة العصبية المركزية. ولا بد من الإشارة إلى وجود تنوع كبير في إصابات الدماغ والنخاع في داء بهجت، وقد تكون هذه الإصابات وعائية شريانية ووريدية أو اعتلالاً في المادة البيضاء الدماغية، وقد يصاب المريض بالتهاب سحايا عقيم.

يُعدّ التهاب الوريد الخثاري أكثر إصابات الأوعية الكبيرة شيوعاً، وقد ينسد الوريد الأجوف والأوردة الكبدية ووريد الباب بالخثار من دون أن تكشف عوامل تساعد على الخثار في الدم، وتحدث المضاعفات الشريانية في 7% من المصابين بداء بهجت، وتشمل تضيقات وانسدادات وأمهات دم، وقد تحدث نواسير بين الشريان الرئوي والقصبات محدثة نفث دم، وهذا ما يجعل إعطاءَ مضادات التخثر من أجل صمة رئوية مفترضة خطيراً جداً.

يصاب السبيل الهضمي في داء بهجت فتحدث آلام بطنية وتقرحات قد تقود إلى الانثقاب؛ ولاسيما في نهاية الدقاق وفي الأعور، ويجب تمييزها من آفات داء كرون.

يرافق داء بهجت التهاب مفاصل قليلة كبيرة أو متوسطة، أو قد تقتصر الإصابة على ألم مفصلي، ولا تحدث تأكّلات مفصلية، وقد تحدث متلازمة ألم قطني ظهري مما يمكّن من ضم داء بهجت إلى مجموعة اعتلال الفقار.

ومن الإصابات الأخرى القليلة الحدوث التهاب البربخ، وعلى نحو أندر التهاب كبيبات الكلية واعتلال الأعصاب المحيطية.

وقد وضعت مجموعة الدراسة الدولية من أجل داء بهجت معايير للمساعدة على وضع تشخيص المرض بعد استبعاد الأمراض التي تدخل في التشخيص التفريقي مثل داء كرون ونقص العدلات الدوري والعدوى بالهربس البسيط ومتلازمة العوز المناعي المكتسب وشبيه الفقاع وداء رايتر وغيرها. وتعتمد معايير التشخيص على وجود القلاع الفموي المتكرر إضافة إلى اثنين من معايير أخرى، هي القلاع التناسلي المتكرر والآفات العينية والجلدية وإيجابية اختبار الأرجية المتعددة.

تقييم التهابات الأوعية:

يجب أن تأخذ المقاربةُ المجموعية للتشخيص والمتابعة بالحسبان الطبيعةَ المترددة الناكسة للمرض والأذية الناجمة عن المرض الخفيف والتأثيرات الضارة للمعالجة. ويجب تطبيق معالجة قوية للمرض الفعال الذي يصيب الأعضاء على نحو مهدد للحياة، لكن هذه المعالجة القوية غير ملائمة في المرض الهادئ المترافق وتندبات واسعة على أن التظاهرات السريرية لكل من الحالتين المرضيتين قد تكون متداخلة ومتشابهة.

يهدف التقييم الأولي إلى وضع التشخيص وتحديد شدة المرض ووضع خطة علاجية، فيما يرمي التقييم التالي إلى مراجعة نجاح المعالجة وتحري إصابات أعضاء أخرى، ويمكن استعمال حَرَز بِرمينغهام لقياس نشاط التهاب الأوعية  (BVAS) Birmingham Vasculitis Activity Score، وتشمل هذه الأداة 66 مظهراً سريرياً موزعاً على تسع مجموعات من الأعضاء الجسمية، ولكل عنصر قيمة رقمية بحسب أهميته السريرية، ولا يوضع حرز العنصر إلا إذا أمكن ربطه بالتهاب أوعية فعّال. ويُعدّ منسب ضرر التهاب الأوعية  (VDI)  Vasculitis Damage Indexومنسب امتداد المرض  Disease Extent Index (DEI)  وسائل مناسبة لتحديد شدة الإصابة على نحو تراكمي. وتقيّم أداة حرز العوامل الخمسة  Five Factor Score (FFS)  نشاط المرض وقت التشخيص، وقد وضعت لتقييم الشدة الأولية لالتهاب الأوعية، وتقدم مشعراً إنذارياً، وتفيد في تقرير شدة المعالجة من أجل المرضى المصابين بالتهاب الشرايين العقد ومتلازمة شيرغ ستراوس والتهاب الأوعية العديد المجهري، وتقيس شدة إصابة الكلية والسبيل المعدي المعوي والقلب والجملة العصبية المركزية، ولا تفيد هذه الأداة في متابعة الاستجابة.

كذلك يُعدّ من المهم تقييم الوظيفة الذي يأخذ بالحسبان التأثير الشامل للمرض في الوظيفة الفيزيائية والاجتماعية والسيكولوجية للمصاب بما يشمل جودة الحياة والعمل، وتشمل وسائل تقييم ذلك الاستمارة القصيرة 36 Short- Form 36 (SF- 36)  واستبيان تقييم الصحة .Health Assessment Questionnaire (HAQ)

1- تقييم التهاب الأوعية الكبيرة:

يشمل تقييم المصابين بالتهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة والتهاب الأوعية لتاكاياسو جس النبض المحيطي بحثاً عن عدم التناظر، وتقييم الضغط الدموي المحيطي، وإصغاء اللغط bruit وإجراء التحاليل المخبرية بحثاً عن التهاب مجموعي، ويمكن الحصول على معلومات أخرى بخزعة الشريان الصدغي في التهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة وبتصوير الشجرة الشريانية الوعائي التقليدي أو بالرنين المغنطيسي أو بالتَّصْوير المَقْطَعِيّ بِالإِصْدارِ البوزيترونيّ .(PET) positron emission tomography 

تُعدّ خزعة الشريان الصدغي الاستقصاء المعياري الذهبي لتشخيص التهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة إلا أن سلبية الخزعة لا تنفي التشخيص؛ لأن إصابة الشريان بؤرية.

2- تقييم التهاب الأوعية المتوسطة والصغيرة:

تنصح مجموعة الدراسة الأوربية لالتهاب الأوعية باستخدام تقييم سريري منظم وأن يصنف التهاب الأوعية المجموعي المترافق وANCA    بحسب شدة المرض باستخدام وسائل التقييم المذكورة سابقاً؛ وذلك عند اتخاذ القرار حول المعالجة. مع التشديد على التمييز بين التهاب الأوعية الفعّال المستمر والأعراض الناجمة عن الندبات دون مرض فعّال.

الاستقصاءات:

1- المخبر:

تقدم الواصمات الالتهابية (البروتين التفاعلي C وسرعة تثفل الكريات الحمر) أداة غير نوعية من أجل تقييم النشاط الالتهابي ومراقبة المعالجة، ويرافق ارتفاع هذه الواصمات مثلاً فعالية التهاب الشريان الصدغي في أكثر من ثلاثة أرباع المرضى، وتجرى عدة اختبارات لتحري وظائف الأعضاء ومراقبتها.

يتحرى تحليلُ البول البيلة البروتينية والبيلة الدموية، وقد تكشف أسطوانات الكريات الحمر التي تشير إلى التهاب كلوي فعّال، ويمكن قياس خسارة البروتين في بول 24 ساعة كمياً أو نسبة البروتين: الكرياتينين، كذلك يجب نفي العدوى البولية. وتجرى اختبارات وظائف الكلية في البدء وتتابع في أثناء سير المرض، كما تجرى الأضداد المناسبة لوضع التشخيص (أضداد النوى  ANA، وأضداد الـ DNA وأضداد هيولى العدلات ANCA  وأضداد الغشاء الكبيبي الكلوي وغيرها)، وتُقيّم الوظيفةُ الكبدية قبل البدء بإعطاء الأدوية المعدلة للمرض مثل الميثوتريكسات.

أضداد هيولى العدلات:antineutrophil cytoplasmic antibodies (ANCA)   تتشكل أضداد مميزة لإنزيمات وبروتينيات داخل الحبيبات الهيولية في العدلات والوحيدات في نسبة كبيرة من المصابين بالتهاب أوعية مجموعية من نوع فيغينر والتهاب الأوعية العديد المجهري وشيرغ - ستراوس؛ ومرضى مصابين بأشكال محدودة من تلك الحالات مثل التهاب الكبيبات الكلوية الهلالي المنخر المحدود في الكلية والتضيق تحت المزمار والورم الكاذب خلف المقلة. وأحياناً في سياق أمراض التهابية أخرى مثل التهاب المفاصل الروماتوئيدي والتهاب القولون التقرحي والتهاب الكبد المزمن.

يمكن تحري وجود ANCA بالتألق المناعي غير المباشر (تألق هيولي في نوع cANCA أو حول النواة (pANCA  ويجب أن يؤكَّد نوعُها بالمُقايَسَة الامْتِصاصِيَّة المَناعِيَّة للإِنْزيمِ المُرْتَبِط  enzyme-linked immunosorbent assay (ELISA)؛ ويغلب أن تكون الأضداد cANCA  من نوع بروتيناز  proteinase-3 (Pro-3) التي تميز داء فيغينر في السياق السريري المناسب، في حين يغلب أن تكون الأضداد pANCA من نوع  myeloperoxidase (MPO)، في سياق التهاب الأوعية العديد المجهري أو شيرغ ستراوس أو التهاب الأوعية المحدود في الكلية أو التهاب الأوعية المحرض بالأدوية.

وعلى افتراض وجود حالات سلبية ANCA في ورام فيغينر والتهاب الأوعية المجهرية؛ فإنه يجب أن يُذكر أن مستويات ANCA قد تتموج بين الإيجابية والسلبية؛ مما قد يفسر سلبيتها في بعض الحالات النموذجية.

2- الفحص النسجي :histology

يُعدّ الفحص الهيستولوجي الاستقصاء المعياري الذهبي في بعض التهابات الأوعية مثل خزعة الشريان الصدغي، وقد تفيد خزعة الكلية على وجه الخصوص في تشخيص التهاب الأوعية المجموعي مع ANCA ونفي الأمراض الأخرى مثل الخباثة، كما تفيد في تحديد الإنذار وتوقع الاستجابة للمعالجة.

التهابات الأوعية الكبيرة: تبدأ التغيرات النسجية بشكل رشاحة التهابية بؤرية تشمل خلايا عرطلة قد تشكل ورماً حبيبياً في جدار الوعاء، ويشمل الالتهاب في البداية الجزء الخارجي من جدار الوعاء، وتتخرب الغِلاَلَةُ الوَسْطانِيَّة المَرِنَة، ويستبدل بها نسيج ليفي، وهو ما يساعد على تمييز التهاب الأوعية من التبدلات العصيدية التصلبية، ثم يثخن جدار الوعاء مع الزمن. إن الموجودات النسجية متشابهة في التهاب الأوعية لتاكاياسو والتهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة؛ لكن الشرايين المصابة متباينة إلى حد ما.

التهاب الأوعية المتوسطة: تشمل التبدلات النسجية المدرسية نخر جدار الوعاء نخراً شبيه الفيبرين fibrinoid necrosis   مع رشاحة التهابية مزمنة، وتكون الإصابة بؤرية، ثم يضيع جزء كبير من الغِلاَلَة الوَسْطانِيَّة المَرِنَة، ويحدث تليف وأمهات دم على المدى الطويل.

التهاب الأوعية الصغيرة: تشاهد الآفات الالتهابية الوعائية في السرير الشعيري في الجلد والرئتين والكليتين، مع حدوث نخر وترسب الفيبرين وأجزاء من العدلات واللمفاويات. وتظهر المعقدات المناعية (من نوع (IgA في جدر الأوعية في فرفرية هينوخ - شونلاين وداء الغلوبولينات البردية  IgG) وIgM  والمتممة) والتهاب الأوعية المترافق وأمراض النسيج الضام، في حين لا تترسب معقدات مناعية في التهابات الأوعية المترافقة وإيجابية .ANCA

تشاهد آفات ورمية حبيبية في ورام فيغينر عادة في الرئة، وقد يستدل على التهاب الأوعية بوجود التهاب الشعيرات والنزف.

3- التصوير:

للتصوير فعل مزدوج في تقييم التهاب الأوعية بتقديمه معلومات حول باثولوجيا الأوعية في التهابات الأوعية الكبيرة والمتوسطة وبتوصيف ضرر الأعضاء في التهابات الأوعية الصغيرة.

قد يظهر التصوير في التهاب الأوعية الكبيرة الالتهابَ الفعّال في جدار الوعاء أو التبدلات البنيوية مثل التضيقات وأمهات الدم والانسدادات.

يظهر المرنانُ الوعائي الالتهابَ الوعائي الباكر على شكل زيادة ثخن الجدار والوذمة فيه وتعزيز تباين الجدار الوعائي في التهاب الشرايين لتاكاياسو والتهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة. كذلك يظهر تخطيط الصدى بالدوبلر الملون وذمة جدار الوعاء مع علامة هالة مميزة في التهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة، وقد يظهر التضيق والانسداد أيضاً، ويمكن للتقنيتين تشخيص التهاب الأوعية الكبيرة ومراقبتها. وما زال الربط بين الموجودات الشعاعية والمظاهر الباثولوجية والتبدلات السريرية بحاجة إلى دراسات كثيرة، وما زال تصوير الأوعية الظليل استقصاءً معيارياً لتحديد مدى الإصابة الوعائية في التهاب الشرايين العقد وفي داء تاكاياسو. كذلك ما زالت فائدة التصوير المَقْطَعِيّ بِالإِصْدارِ البوزيترونيّ والتصوير المقطعي المحوسب المتعدد الشرائح بحاجة إلى المزيد من البحث.

يقدم التصوير في التهاب الأوعية الصغيرة معلومات مفيدة حول الالتهاب والضرر في عضو ما، وتبدو بتصوير الجيوب الأنفية المقطعي المحوسب والتَّصْوير بالرَّنينِ المِغْنطيسِي مظاهر مميزة في ورام فيغينر الحبيبي، ويقدم تصوير الرئة المقطعي المحوسب العالي الميْز HRCT معلوماتٍ تشخيصيةً وإنذارية عن الرئة في سياق التهاب الأوعية المجموعي المترافق و.ANCA

التشخيص التفريقي لالتهاب الأوعية:

تقلد أمراض عديدة التهاب الأوعية، ويُذكر منها التهاب الشغاف الخمجي infectious (العدوائي) والصمة من ورم مخاطي أذيني أو العصيدة، والاضطرابات الخثارية مثل متلازمة مضادات الفسفوليبيد والتشنج الوعائي المحرض دوائياً، ويزداد تعقيد التشخيص إذا كانت ANCA إيجابية في بعض المرضى المصابين بالتهاب شغاف خمجي مع صمات كولستيرولية، ويجب تصوير القلب بالصدى حين الشك بها وإجراء دراسات التخثر وأضداد الفسفوليبيد وتحري قصة تناول أدوية حديثاً.

قد تسبب أمراض أخرى التهاب أوعية ثانوياً تشمل أمراض النسيج الضام والتهاب المفاصل الروماتوئيدي والأمراض المعْدية الڤيروسية والخباثات والأدوية. وتشمل الاختبارات المصلية أضداد النوى ANA   وأضداد الدنا مزدوج الطاق anti-dsDNA والمتممة والعامل الروماتوئيدي وأضداد الببتيد السيتروليني  ACPA، وتحري عدوى التهاب الكبد B والتهاب الكبد C وڤيروس الإيدز والرسابة البردية ولاسيما في التهاب الأوعية الجلدي.

المعالجة:

ترتكز المعالجة على طرز التهاب الأوعية وعلى التقييم الدقيق لمدى الإصابة الوعائية وفعالية المرض، وتُراجع فيما يلي دلائل فعالية المعالجة بالقشرانيات السكرية وكابتات المناعة والأدوية البيولوجية في الأشكال المختلفة من التهابات الأوعية.

إن الغاية من معالجة التهاب الأوعية هي تحريض الهدأة ثم الصيانة، ويجب تحريض الهدأة سريعاً وموازنة الضرر المحتمل على الأعضاء الانتهائية من السمية الدوائية، وتعطى الأدوية الكابتة للمناعة من أجل المساعدة على إنقاص جرعة القشرانيات السكرية ومنع النكس. وتستعمل مشاركات دوائية لمعالجة التأثيرات الجانبية السيئة الناجمة عن المعالجة الكابتة للمناعة أو منع حدوث هذه التأثيرات.

1- التهاب الأوعية الكبيرة:

أ- التهاب الشرايين ذو الخلايا العرطلة:

تحريض الهدأة: يجب البدء بالقشرانيات السكرية حين الشك بالتهاب الشرايين ذي الخلايا العرطلة على الفور دون تأخير بسبب خطر حدوث الأعراض العينية 30%، ويحدث العمى في 20%. وجرعة البدء هي 40-60ملغ/ يوم، وقد أظهرت دراسة استعادية  retrospective أن للقشرانيات السكرية تأثيراً فعالاً في الوقاية من فقد البصر.

الصيانة: تخفض جرعة الستيروئيد كل 2-4 أسابيع حتى 10-15ملغ/يوم، ويكون التخفيض فيما بعد بمقدار 1ملغ شهرياً بحسب الأعراض وسرعة التثفل وعيار CRP، ويحتاج بعض المرضى إلى استمرار المعالجة حتى عدة سنوات. ويعطى الأسبرين لفعاليته في الوقاية من حوادث نقص التروية القلبية الوعائية والدماغية الوعائية، كما أشارت بعض الدراسات إلى فعالية الميثوتريكسات والآزاثيوبرين في إنقاص جرعة الستيروئيدات ومنع النكس في الحالات الباكرة.

يتحسن معظم المصابين بألم العضلات الروماتزمي بجرعة 20ملغ/يومياً من البردنيزولون، ويحتاج بعض المرضى إلى جرعة أعلى للسيطرة على الأعراض والعلامات الالتهابية السريرية والمختبرية، وقد يكون عدم السيطرة على الأعراض مقدمة لإصابة هؤلاء بالتهاب الشريان الصدغي، لذلك ينبغي مراقبتهم جيداً، في حين يمكن تخفيض جرعة البردنيزولون بمقدار 2.5ملغ كل أسبوعين في المجموعة الأولى حتى الوصول إلى جرعة 7.5ملغ بردنيزولون يومياً، ثم يخفض على نحو أبطأ وبكمية أقل؛ ويمكن إيقاف جرعة الستيروئيدات تماماً في العديد من المصابين بألم العضلات الروماتزمي على الرغم من  الحاجة إلى علاج مديد لسنوات في غيرهم، ولا توجد دراسات كافية حول الأدوية الموفّرة للستيروئيدات في هذا المرض مفرداً من دون التهاب شريان صدغي.

ب- التهاب الشرايين لتاكاياسو:

تحريض الهدأة: تبدأ المعالجة بجرعات عالية من القشرانيات السكرية، وتستطب المعالجة الكابتة للمناعة بوجود دليل واضح على مظاهر سريرية حديثة تشير إلى زيادة نقص التروية، أو بوجود دليل شعاعي على تفاقم الإصابة؛ ولاسيما بوجود ثخانة جدار الشريان. وتشمل المظاهر السريرية النموذجية التي تشير إلى مرض فعال غيابَ النبض في موقع حديث أو إيلامَ الأوعية الدموية (ولاسيما السباتي) أو ظهورَ نفخات جديدة.

الصيانة: يحتاج قرابة 5% من المرضى إلى إضافة الميثوتريكسات أو الآزاثيوبرين لتحسين السيطرة على المرض وإنقاص جرعة الستيروئيدات. وما زالت هناك حاجة إلى دراسات مديدة لتقييم الخطط العلاجية المذكورة.

المعالجة الجراحية: من المهم تمييز مظاهر المرض الفعال من التشوهات الناجمة عن أذية الأوعية غير القابلة للعكس التي تكون المعالجة الجراحية معها أكثر ملاءمة. ويجب إجراء الجراحة في مراكز تخصصية، ويفضل أن يجرى ذلك خلال فترة هدأة المرض. لاحظت بعض الدراسات حول عودة الانسداد أن استعمال الطعم الوعائي أفضل من وضع "إستنت" في الوعاء في هذه الحالات، ويفضل اقتصار المجازات بالطعم الوعائي على المسافات القصيرة المتضيقة فقط، ولا حاجة عموماً إلى إعادة التقنية الوعائية إن وجدت تروية جانبية بديلة كافية؛ كما أن فائدة علاج تضيق الشريان الكلوي جراحياً من أجل خفض ضغط الدم غير مؤكدة بعد.

2- التهاب الأوعية المتوسطة:

أ- التهاب الشرايين العقد:

التحريض: يجب علاج الحالات المرافقة لالتهاب الكبد B بالاشتراك مع اختصاصي الكبد، وتعطى في هذه الحالات جرعات عالية من القشرانيات السكرية (1ملغ/كغ) مدة أسبوعين، ثم يعطى الدواء المضاد للڤيروسات (مثل فيدارابين vidarabine، والإنترفيرون ألفا، واللاميفودين (lamivudine، ويمكن إجراء فصادة البلازما بمعدل ثلاث جلسات أسبوعياً مدة ستة أسابيع مع بدء المعالجة بالستيروئيدات. أما بغياب التهاب الكبدB ؛ فتعطى معالجة مشتركة بين السيكلوفسفاميد وجرعات عالية من القشرانيات السكرية (بردنيزولون 1ملغ/كغ)، يعطى سيكلوفسفاميد فموياً أو وريدياً بشكل نبضات شهرية (6-12 جرعة)، ويستعمل الميثيل بردنيزولون وريدياً من أجل سورات المرض الحادة. إن إعطاء سيكلوفسفاميد وريدياً كل شهر أقل إحداثاً للتأثيرات غير المرغوبة للسيكلوفسفاميد مثل نقص العدلات والعدوى.

الصيانة: يمكن إنقاص جرعة البردنيزولون تدريجياً إلى 10ملغ يومياً أو أقل بعد تحقيق الهدأة، والنكس غير شائع، وقد لا تكون هناك حاجة إلى الصيانة في العديد من الحالات، وفي حالات النكس يعطى ميثوتريكسات أو آزاثيوبرين.

ب- داء كاوازاكي  :Kawasaki

تحريض الهدأة: المعالجة الأساسية لداء كاوازاكي هي إعطاء جرعات عالية من الغلوبولينات المناعية وريدياً مع الأسبرين، ويجب البدء بها أبكر ما يمكن لإنقاص خطر تمزق الشريان التاجي والموت المفاجئ على أن آلية عملها غير معروفة، ويبدو أن لها تأثيراً عاماً مضاداً للالتهاب يتضمن تعديلاً لإنتاج السيتوكينات وتحييد المستضدات الفوقية الجرثومية bacterial superantigen وتعزيز النشاط الكابت للتائيات وكبت تصنيع المستضدات، ويحتاج بعض المرضى إلى إعادة المعالجة بالغلوبولينات المناعية وريدياً. ولا تستعمل القشرانيات السكرية عموماً في المعالجة الأولية لداء كاوازاكي؛ لكنها قد تكون مفيدة في الحالات المعندة.

الصيانة: داء كاوازاكي مرض محدد لنفسه وغير ناكس عموماً، ولا يستطب إعطاء معالجة صيانة كابتة للمناعة، ويجب علاج الأطفال المصابين بشذوذات الشرايين التاجية بجرعات منخفضة من الأسبرين ومضادات التخثر ومحصرات بيتا.

3- التهاب الأوعية الصغيرة:

أ- التهاب الأوعية المعمم المترافق و :ANCA

تحريض الهدأة: تبدأ المعالجة بجرعات عالية من القشرانيات السكرية (1ملغ/كغ فموياً أو ميثيل بردنيزولون 15ملغ/كغ أشواطاً وريدية)، ويعطى سيكلوفسفاميد بشكل نبضة (15ملغ/كغ) كل أسبوعين ثلاث مرات، ثم تعطى نبضة كل ثلاثة أسابيع حتى تحقيق الهدأة، ثم ينقل المرضى إلى معالجة الصيانة بعد ثلاثة أشهر وسطياً، إضافة إلى ذلك يمكن إعطاء الدواء فموياً بجرعة 2ملغ/كغ يومياً، وتنقص جرعة السيكلوفسفاميد في اعتلال الكلية أو تقدم العمر. ويتوقع أن يستجيب 80% من المرضى لهذه المعالجة بتحقيق الهدأة خلال 3 أشهر، ولا ينبغي أن تتجاوز فترة إعطاء سيكلوفسفاميد فترة 6 أشهر، وإذا بقي المرض بعدها فعالاً؛ يجب إعطاء معالجة بديلة معدلة للمناعة.

يتميز الداء الموضعي والباكر بغياب إصابة الأعضاء الحيوية أو أذيتها؛ لكن الداء الموضعي قد يكون مخرباً جداً. قد يكون للميثوتريكسات بجرعة 20-25ملغ أسبوعياً مع الستيروئيدات الفموية فعالية معادلة للسيكلوفسفاميد والستيروئيدات الفموية في تحقيق الهدأة؛ لكن خطر النكس وترقي المرض أعلى باستعمال ميثوتريكسات.

والمعالجة الإضافية بفصادة البلازما (في الحالة النموذجية 7.4 لترات خلال أسبوعين) تحسن البقيا الكلوية؛ لكنها لا توثر في معدل الوفاة، ويستعمل الغلوبولينات المناعية وريدياً (2 غرام/كغ/ شهرياً)؛ إن لم تحدث الهدأة بالعلاجات السابقة.

يجب الإشارة أخيراً إلى فائدة إعطاء ريتوكسيماب rituximab المضاد لـ CD20 على اللمفاويات البائية في علاج داء فيغينر وأن سيكلوفسفاميد لا يفضله في تحقيق الهدأة.

الصيانة: يجب أن تعطى معالجة صيانة بعد الهدأة مدة سنتين على الأقل، وتشمل معالجة الصيانة البردنيزولون بجرعة 10 ملغ/يوم، ويخفض حتى يوقف بعد 6-18 شهراً بحسب استجابة المريض، كما ينصح استعمال كابتات المناعة مع البردنيزولون، ويمثل سيكلوفسفاميد هذه المعالجة تقليدياً، وقد ظهرت مؤخراً فائدة الميثوتريكسات والآزاثيوبرين والليفلونوميد. وقد حقق العلاج بالميكوفينولات موفيتيل mycophenolate mofetil  (2-3غرامات/ يوم) الهدأة في جميع من عولج به في إحدى الدراسات إلا أن معدل النكس كان عالياً، وقد يفيد إعطاء التري ميثوبريم/ سلفاميثوكسازول في إنقاص خطر النكس في ورام فيغينر الحبيبي.

ب- التهاب الأوعية بفرط التحسس: العلاج الوحيد المعوّل عليه هو إزالة العامل المسبب، وقد يكون ذلك غير ممكن أو صعباً أحياناً، وتعطى القشرانيات السكرية في الحالات الشديدة، ويمكن تخفيضها وإيقافها بعد عدة أسابيع.

ج- التهاب الأوعية المرافق لوُجود الغلُوبولِيناتِ البَرْدِيَّةِ في الدَّم: يجب أن يعالج المرض بالاشتراك مع اختصاصي الكبد حين إيجابية التهاب الكبد C، وتعالج الحالات التي لا ترافق التهاب الكبد C بالقشرانيات السكرية وكابتات المناعة وفصادة البلازما بحسب شدة المرض، وبالطريقة التي وردت في معالجة التهاب الأوعية المرافقة ANCA، وتبدو المعالجة بأضداد الخلايا البائية واعدة.

د- فرفرية هينوخ شونلاين: تشفى فرفرية هينوخ شونلاين تلقائياً في معظم الحالات مع بقاء المخاوف حول الفشل الكلوي على ندرته، ولا يوجد دليل مؤكد حول علاج هؤلاء المرضى إلا أن بعضهم قد يستجيب للستيروئيدات التي قد تفيد بجرعات عالية مع كابتات المناعة في الإصابة الشديدة الكلوية أو الهضمية.

هـ- داء بهجت: يعالج القلاع بالستيروئيدات الموضعية كما يعطى دابسون dapsone وميثوتريكسات في الحالات المعندة، ويمكن استعمال الكولشيسين في معالجة التظاهرات المخاطية الفموية والتناسلية وفي معالجة الحمامى العقدة والتهاب المفاصل، كذلك يمكن استعمال الثاليدوميد thalidomide مع الانتباه لمخاطره، وتفيد أشواط علاجية قصيرة الأمد من البردنيزولون في معالجة الداء الجلدي المخاطي.

يفيد سيكلوسبورين في علاج التهاب العنبية، كذلك يفيد آزاثيوبرين في إبطاء المرض العيني وتحديده ومنع ظهور آفات عينية جديدة في الذكور، وفي علاج القرحات المخاطية والتهاب المفاصل والخثار الوريدي العميق، ويمكن المشاركة بين سيكلوسبورين وآزاثيوبرين في الحالات المعندة. كذلك دلت دراسات عدة على فائدة إنفليكسيماب infliximab في معالجة الآفة العينية المعندة المهددة بالعمى، ودلت إحدى الدراسات على فائدة إنترفيرون ألفا في علاج الآفات الجلدية المخاطية والتهاب المفاصل، وقد تستجيب أمهات الدم في الشريان الرئوي للمعالجة بالستيروئيدات وكابتات المناعة.

سمية الأدوية:

إن حجر الزاوية في معالجة التهابات الأوعية هي القشرانيات السكرية وكابتات المناعة، وغالباً ما يتطلب التهاب الأوعية علاجاً بالجرعات العالية أمداً طويلاً؛ مما يخلق مشاكل كبيرة تتعلق بالآثار الضارة لهذه الأدوية التي قد تكون مؤذية أكثر من التهاب الأوعية نفسه؛ ولاسيما حين إعطاء معالجات قوية إذا كان المرض محدداً لنفسه في بعض الحالات. ومن هنا كان المطلوب إيجاد توازن دقيق بين الحاجة إلى المعالجة وخطورة الإصابة، وفيما يلي إيجاز لبعض الآثار الضارة التي قد تخلق التباساً تشخيصياً لبعض هذه المعالجات.

القشرانيات السكرية: قد يحدث اعتلال عضلي بالستيروئيدات يجب تمييزه من التظاهرات العضلية لالتهاب الأوعية، كذلك قد يسبب تفاقم أعراض الداء السكري المحرض بالستيروئيدات أعراضاً عصبية محيطية قد تلتبس بالتهاب الأوعية، وقد يتطلب التشخيص الدقيق إجراء خزعة عصبية.

قد يرافق إعطاء الستيروئيدات حدوث آفات قلبية وعائية؛ ولاسيما بجرعات عالية مما يستدعي الحذر حين وصفها لمريض مصاب بهذه الآفات؛ ولاسيما المصابين بارتفاع ضغط الدم؛ إضافة إلى تشابه أعراض المرض القلبي الوعائي العصيدي بالمرض الناجم عن التهاب الأوعية.

قد تسبب الستيروئيدات فرفريات أو كدمات جلدية، كما قد تحدث قرحة هضمية وانثقاباً معوياً؛ ولا سيما حين مشاركة الستيروئيدات ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، وقد تحدث اضطرابات عصبية نفسية، ويدعو ما سبق إلى مقاربة دقيقة لسير التهاب الأوعية حين المعالجة بالستيروئيدات.

كابتات المناعة: تستعمل كابتات المناعة في علاج كل أنواع التهابات الأوعية تقريباً، ولهذه الأدوية تأثيرات ضارة عديدة وخطرة تتعلق بنوع العلاج ومدته وجرعته.

لعل تثبيط إحدى السلاسل النقوية أو كلها أكثر التأثيرات الضارة لكابتات المناعة شيوعاً، ويُعدّ السيكلوفسفاميد أقوى هذه المعالجات تأثيراً في نقي العظم، وتحدث الأمراض المُعْدية contagious نتيجة نقص الكريات البيض أو اضطراب عملها، وقد ذكر أن معدل العدوى يزداد في من يتناول الميثوتريكسات مدة طويلة، ويصل إلى 25%؛ ولاسيما في السنة الأولى التالية لبدئه. وقد يتماشى الاستعمال المديد لكابتات المناعة مع زيادة معدلات الخباثة؛ على أنه ليس من المؤكد أن الميثوتريكسات من الأدوية المسرطنة عموماً. يرافق استعمال سيكلوفسفاميد العديد من الخباثات الدموية والجلدية والمثانية وغيرها، أما الآثار الضارة للأدوية البيولوجية؛ فتتركز على زيادة حدوث الأمراض المعدية، وما زالت الآثار الأخرى غير واضحة.

ربما رافق تثبيط نقي العظم والأخماج والتنشؤات أعراض وعلامات تشوش التشخيص، ولذلك يجب أن يؤخذ كل عرض جديد في أثناء المعالجة بجدية وتنفى الآثار الضارة للأدوية قبل أن يعزى العرض لتأثير المرض نفسه.

التهاب المفاصل بالبلورات:

أولاً- النقرس:

النقرس مرض استقلابي يتصف بترسب بلورات اليورات وحيدة الصوديوم في المفاصل وما حولها، والسبب الرئيس هو زيادة محتوى الجسم من اليورات التي تتجلى بفرط حمض يوريك الدم ووصوله إلى مستوى أكثر من حد انحلاله في المصل، وهو عادة 7ملغ/دل تقريباً.

يزداد حدوث النقرس العرضي بتقدم العمر ومدة فرط يوريك الدم ودرجته، فمثلاً بلغت نسبة من يصاب بالتهاب مفاصل نقرسي خلال خمس سنوات في إحدى الدراسات 3%؛ إذا راوحت مستويات اليورات بين 7-8ملغ/دل، وترتفع النسبة إلى 22%؛ إذا تجاوز مستوى اليورات في المصل 9ملغ/دل، ويتوقع ألا تتجاوز نسبة من يصاب بالنقرس بين الأشخاص المصابين بفرط حمض يوريك الدم 25.%

يظهر النقرس في الرجال عادة؛ ولاسيما في العقد الخامس من العمر، ويزداد وقوع النقرس في النساء على نحو متزايد بعد سن الإياس ليقارب نسبته في الرجال حين يبلغن الستين تقريباً، في حين يبقى المرض نادراً في الرجال قبل البلوغ وفي النساء قبل الإياس، وغالباً ما يكون ناجماً عن اضطراب خلقي في استقلاب حمض اليوريك. يقدّر معدل انتشار النقرس بقرابة 1% من الرجال و0.6% من النساء، وقد يعود سبب الاختلاف بين الرجال والنساء إلى أن الإستروجين عامل يساهم في زيادة طرح حمض اليوريك كلوياً.

حمض اليوريك هو الخطوة الأخيرة في حلقة استقلاب البورينات في الإنسان؛ إذ يحفز إنزيم زانثين أكسيداز تحول هيبوزانثين إلى زانثين والزانثين إلى حمض اليوريك، ويستمر الاستقلاب إلى ألانتوين allantoin   في الحيوانات بوساطة إنزيم اليوريكاز. إن ثلث محتوى الجسم من حمض اليوريك مشتق من مصادر غذائية، ويشتق الثلثان من استقلاب البورينات الداخلية. قد ينجم فرط حمض يوريك الدم عن زيادة إنتاج اليورات (10%) أو نقص طرح حمض اليوريك (90%) بوساطة الكلية (66%) أو الأمعاء (34%) أو عن خليط من طريقي الطرح. ولا يسبب فرط إنتاج اليورات إلا 5% فقط من حالات النقرس، ويمكن معرفة هؤلاء الأشخاص؛ لأنهم يطرحون أكثر من 800 ملغ من حمض اليوريك في بول 24 ساعة. يفيد تحديد حدوث فرط حمض يوريك الدم عن فرط الإنتاج أو نقص الإطراح لمعرفة الاضطرابات المؤدية إلى حدوثه جينية أو مكتسبة كما يظهر في الجدول (2)، وقد تفيد أحياناً لتوجيه المعالجة.

·        1- فرط إنتاج اليورات:

أ- فرط حمض يوريك الدم الأولي:

- المجهول السبب.

- عوز كامل أو جزئي في إنزيم (HGPRT) .hypoxanthine-guanine phosphoribosyltransferase

- فرط نشاط سنثيتاز (PRPP) .Phosphoribosyl pyrophosphate

ب- فرط حمض يوريك الدم الثانوي:

- فرط تناول المركبات الغنية بالبورين.

- الأمراض النقيية التكاثرية أو اللمفية التكاثرية.

- انحلالات الدم.

- الصدفية.

- أمراض خزن الغليكوجين: الأنماط 1 و3 و5 و7.

·        2- نقص طرح حمض اليوريك:

أ- فرط حمض يوريك الدم الأولي:

مجهول السبب.

ب- فرط حمض يوريك الدم الثانوي:

- نقص الوظيفة الكلوية.

- الحماض الاستقلابي.

- التجفاف.

- المدرات.

- ارتفاع ضغط الدم.

- فرط الدريقات.

- الأدوية: منها سيكلوسبورين وبيرازيناميد وإيثامبيوتول والجرعات المنخفضة من الساليسيلات (أقل من 2 غ/يوم).

- اعتلال الكلية بالرصاص.

·        3- فرط الإنتاج ونقص الإطراح:

- تناول الكحول.

- عوز نازِعَة هيدروجينِ الغلوكوز -6- فسفات .G.6.P.D

- عوز ألدولاز الفركتوز -1 فسفات.

(الجدول رقم 2) تصنيف فرط حمض يوريك الدم

 

التظاهرات السريرية: يقسم السير الطبيعي للنقرس إلى ثلاث مراحل متباينة:

1-  فرط حمض يوريك الدم اللاعرضي   .asymptomatic

2-  النقرس الحاد والمتقطع .intermittent

3- النقرس التوفي tophaceous المزمن - يسمى التوفي لحدوث التوفات فيه (جمع توفة (tophus، وهي تورمات حبيبية في النسج الضامة في المفصل؛ ولا سيما مفاصل اليدين والقدمين الصغيرة بسبب ترسب بلورات حمض اليوريك.

يختلف سير النقرس من مريض إلى آخر، فقد يعاني بعض المرضى نوبة أو اثنتين في حياتهم كلها، ونادراً ما تتشكل التوفات في مريض لا يعاني نوبات نقرس حادة متكررة.

تحدث النوبة الأولى للنقرس الحاد بعد 10-30 سنة من مرحلة لا عرضية من فرط حمض يوريك الدم، وتكون بشكل ألم شديد سريع التطور، يرافقه احمرار وتورم وسخونة موضعية في مفصل واحد غالباً، وهو المفصل المشطي السلامي الأول في نصف الحالات، وقد تصاب مفاصل وسط القدم، والكاحل، والركبة ومفاصل اليد بالنوبة الأولى، وقد تلتهب الأجربة bursitis أو زليل الوتر .tenosynovitis تزداد شدة الالتهاب في عدة ساعات حتى يصبح المريض غير قادر حتى على تحمل لمس المفصل أو تحريكه، وقد ترافق النوبة الحادة حمى ونوافض chills ودعث في ثلث المرضى تقريباً، وقد يمتد الاحمرار حول المفصل المصاب حتى يشبه التهاب النسيج الضام الخلالي   cellulitis، أو يتوسف الجلد مكان الاحمرار لاحقاً مع هدأة النوبة الحادة.

تزول الأعراض سريعاً بالمعالجة المناسبة، وتتحسن النوبات الحادة حتى من دون علاج بمدة أسبوع إلى أسبوعين، وقد لا تحدث نوبة ثانية، والأغلب أن تحدث نوبات بعد فترة أشهر إلى سنوات، وتتقارب النوب بعضها من بعض بعد ذلك، وتخف شدتها، وتدوم فترة أطول، وتميل إلى إصابة أكثر من مفصل.

يمكن كشف بلورات اليورات وحيدة الصوديوم داخل المفصل المصاب حتى بعد غياب الأعراض، وتبدأ تغيرات تأكّلية بالظهور شعاعياً على المفصل المصاب؛ مما يشير إلى تشكلات توفية في المنطقة غالباً.

سبب حدوث النوبة الحادة غير واضح تماماً، فهي قد تنجم عن زيادة تركيز اليورات بسرعة في السائل الزليل، والأغلب أن يرافقها نقص تركيز اليورات؛ وبالتالي يمكن أن يعاني المريض الذي تنخفض يورات المصل فيه بسرعة نوبةً حادة، وهذا ما يفسر وجود مستوى طبيعي لحمض اليوريك في المصل في أثناء النوبة الحادة أحياناً. وقد كشفت بعض البروتينات في السائل الزليل تمنع تشكل نواة للبلورات، أو تحرض تشكلها، وهناك بعض العوامل التي قد تحرض نوبة النقرس مثل الرضوح وتناول الكحول واستعمال بعض الأدوية التي تزيد مستويات اليورات في المصل، أو تنقصها. ويظن أن تموج مستوى اليورات في المصل - وبالتالي داخل المفصل - يزعزع استقرار التوفات المجهرية في الغشاء الزليل في المصابين بالنقرس فتطلق بلورات داخل السائل الزليل، وتحدث النوبة الحادة بسبب بلعمة تلك البلورات بوساطة الكريات البيض المفصصة النواة. وتزيد بعض الأدوية طرح حمض اليوريك في البول مثل الساليسيلات بجرعات عالية ومحصرات مستقبلات الأنجيوتنسين II (لوزارتان) والفينوفيبرات والقشرانيات السكرية والوارفارين والمواد الظليلة شعاعياً.

تغيب النوبات الشديدة غالباً بعد سنوات من النقرس الحاد المتقطع، وتظهر أعراض تخرب المفصل وعلاماته مثل التورم والتيبس والتشوه، وقد تكون التوفات واضحة سريرياً ومجسوسة، أو تظهر شعاعياً فقط. وتختلف مظاهر الترسبات التوفية بين مريض وآخر وبين موضع من الجسم وآخر، وقد تترسب هذه التوفات في كل مكان من الجسم سواء كان في الجهاز الحركي أم خارجه.

الفحوص المخبرية:

ارتفاع حمض يوريك الدم هو المظهر الرئيس للنقرس، ولكن أهمية هذا الارتفاع محدودة في وضع تشخيص النقرس، فقد تكون مستويات حمض اليوريك في الدم خلال النوبة الحادة منخفضة أو طبيعية في نسبة كبيرة من المرضى، ويُعدّ هذا المستوى مهماً في مراقبة المعالجة الخافضة ليورات الدم. يزداد عدد الكريات البيض في أثناء النوبة الحادة، وترتفع سرعة تثفل الكريات الحمر والبروتين التفاعلي .C

من ناحية أخرى تُعدّ موجودات السائل الزليل مهمة جداً وحاسمة في وضع التشخيص؛ إذ يرتفع عدد الكريات البيض المفصصة حتى عشرات الألوف/لتر؛ مما قد يقلد التهاب المفصل العدوائي، والأكثر أهمية كشف بلورات اليورات بالمجهر المستقطب المعاوض، وتكون بشكل إبر لماعة سلبية كسر الضوء صفر أو زرق بحسب وضعها بالنسبة إلى المعواض compensator، ويكتسب كشف البلورات أهمية أكبر؛ إذا كانت مبلعمة داخل الخلايا خلال النوبة الحادة.

إن معرفة درجة تركيز حمض اليوريك في بول 24 ساعة غير ضروري لتشخيص النقرس؛ لكنه قد يكون مفيداً من الناحية العلاجية؛ ولاسيما حين تقرير ضرورة إعطاء طارحات حمض اليوريك للعلاج في حالات نقص إطراحه.

المظاهر الشعاعية:

لا ترافق المراحل الباكرة من النقرس أي شذوذات شعاعية، وتظهر مظاهر تورم النسج الرخوة في المفصل المصاب في أثناء النوبة الحادة، في حين تظهر التوفات المجهرية في المفاصل المصابة بعد عدة سنوات من بدء المرض، وهي غير متناظرة غالباً، وغالباً ما تكون هذه المظاهر على أحد جانبي المفصل بشكل عتامات opacities تدل على التوفات الكبيرة مع تأكّل العظم وامتداد العظم حول العتامة؛ ليشكل حواف متدلية overhanging edge، ولا تتضيق المسافة المفصلية إلا في مرحلة متقدمة من المرض حين حدوث فصال عظمي ثانوي في المنطقة، كذلك لا تقل كثافة العظم قرب المفصل المصاب بالنقرس على عكس ما يحدث في التهاب المفاصل الروماتوئيدي مثلاً.

اختبارات خاصة:

يعاني المصاب بالنقرس أمراضاً استقلابية أخرى عادة مثل فَرْط شَحْمِيَّاتِ الدَّم، وعدم تحمل السكر، وفرط الضغط الشرياني، والداء القلبي التاجي، والبدانة. ومن المهم مراقبة ضبط هذه الحالات المرضية، ومن المهم كذلك مراقبة وظائف الكلية وكشف الحصيات الكلوية؛ إذا ظهرت أعراضها.

التشخيص والتشخيص التفريقي:

يوضع التشخيص الأكيد للنقرس بكشف بلورات اليورات الوحيدة الصوديوم ضمن الكريات البيض المفصصة النواة في السائل الزليل أو في رشافة من التوفات. ويمكن افتراض الإصابة بالنقرس بوجود الثالوث المكون من فرط حمض يوريك الدم والتهاب المفصل الوحيد الحاد والاستجابة السريرية الجيدة للكولشيسين خلال يومين دون نكس الحالة خلال أسبوع، ويمكن استخدام معايير تشخيص النقرس التي وضعتها الكلية الأمريكية للروماتيزم عام 1977.

تشمل الأمراض التي تدخل في التشخيص التفريقي لنوبة النقرس داء ترسب بلورات بيروفسفات الكلسيوم ثنائية الهيدرات (النقرس الكاذب) وداء ترسب بلورات فسفات الكلسيوم القاعدية، والتهاب المفصل الخمجي مع أن الحالتين قد تحدثان في المريض نفسه في بعض الحالات. ويدخل في التشخيص التفريقي أيضاً تدمي المفصل وكسور المفصل وبعض الحالات الروماتيزمية الأخرى التي قد تبدأ في مفصل واحد قبل أن تصبح قليلة المفاصل أو عديدة المفاصل. ومن ناحية أخرى قد يعطي النقرس المزمن الانطباع بوجود مرض روماتيزمي آخر مثل التهاب المفاصل الروماتوئيدي؛ ولاسيما بوجود عامل روماتوئيدي (بعيار منخفض غالباً) لدى قرابة ربع المرضى المصابين بالنقرس.

المعالجة:

تشمل معالجة النقرس ما يلي:

1-  تخفيف الألم بسرعة وبطريقة آمنة.

3-  الوقاية من نوب جديدة.

4-  الوقاية من تشكل التوفات والأذيات الناجمة عنها.

5-  التعامل مع الحالات المرافقة أو المسببة وعلاج ما يمكن منها.

إن هدف معالجة النوبات الحادة من النقرس هو تفريج الألم والأعراض الأخرى الناجمة عن الالتهاب بأقصى سرعة ممكنة، وتشمل الخيارات التي تستعمل في هذه الحالة مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والكولشيسين والقشرانيات السكرية، والفرق بين أنواع المعالجة السابقة يتعلق بتحمل المريض والتأثيرات الجانبية لكل دواء وسرعة تطبيقه بعد بدء النوبة؛ إذ يمكن لجرعة واحدة تعطى مع بدء الهجمة أن تجهض تطور الأعراض، في حين يتأخر بدء التحسن إن تأخر إعطاء المعالجة عن اليومين الأولين، ويجب أن تستمر المعالجة بعد أن تهدأ الأعراض بالجرعة ذاتها مدة 2-3 أيام قبل تخفيضها.

مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية هي أكثر الأدوية استعمالاً لعلاج النوبة الحادة؛ لأن تحملها أفضل من غيرها، ويفضل استعمال الأدوية المضادة النوعية لسيكلوأكسيجيناز-2 أكثر من أنواع NSAIDs الأخرى، وتعطى هذه الأدوية بالجرعة القصوى في البداية مع الانتباه لما قد تسببه من أضرار هضمية وكلوية.

والكولشيسين فعال جداً في معالجة النوبة الحادة؛ لكن تحمله أقل من  NSAIDs، ويعطى بجرعة 0.5ملغ/ساعة حتى الوصول إلى إحدى النتائج التالية: تحسن الالتهاب على نحو كبير، وبدء التأثيرات الجانبية الهضمية، والوصول إلى عشر جرعات دون تحسن الألم مما يوجب الشك بالتشخيص. ويستعمل الكولشيسين وريدياً؛ ولاسيما فيمن لا يمكنه تناول الدواء فموياً، وتأثير المعالجة الوريدية أسرع من الفموية، إلا أن إعطاءه أكثر تعقيداً من الفموي وتأثيراته الجانبية أخطر؛ ولاسيما في نقي العظم، وقد يسبب الوفاة. والآثار الضارة للمعالجة بالكولشيسين أدّت إلى تراجع استعماله إلى الدرجة الثانية بعد مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية على الرغم من فعاليته.

يُحتفظ بالقشرانيات السكرية لمعالجة الحالات التي يكون فيها NSAiDs والكولشيسين مضاد استطباب أو حين لا تكون كافية، وتعطى الستيروئيدات بجرعة تعادل 20-60ملغ/يومياً من البردنيزولون، ثم تخفض بعد أسبوع إلى أسبوعين من هدأة الأعراض، ويمكن إعطاء الدواء حقناً لمن لا يتمكن من تناوله فموياً، كما يعطى مقلد الحاثة الكظرية Synacthen جرعة أو أكثر. ويُعدّ حقن المفصل المصاب بالستيروئيدات المديدة إحدى الوسائل الآمنة الفعالة لمعالجة النقرس الذي يصيب مفصلاً واحداً أو عدداً قليلاً من المفاصل.

تتحسن معظم نوب النقرس باستعمال أي من الأدوية السابقة، ويمكن إشراكها في الحالات المعندة؛ أو إضافة مسكنات ألم قوية حين الضرورة.

يجب الوقاية من هجمات نقرس تالية بإعطاء جرعة خفيفة من الكولشيسين أو NSAIDs يومياً، ومع إعطاء دواء خافض لليورات كيلا تتشكل التوفات. ويجب الانتباه إلى إعطاء الكولشيسين أو NSAID عدة أسابيع وقائياً قبل بدء العلاج الخافض لليورات؛ إن لم يكن المريض يتناولها سابقاً، وذلك للوقاية من حدوث نوبة حادة أخرى، أما إذا كان المريض يتناول دواء خافضاً لليورات؛ فيجب أن يستمر عليه للسبب السابق نفسه، ويجب الاستمرار بالعلاج بالكولشيسين عدة أشهر حتى تستقر مستويات حمض يوريك الدم على أقل من 5-6ملغ/دل.

يُعدّ حدوث نوبة نقرس واحدة مؤكدة مع فرط حمض يوريك الدم استطباباً للوقاية الدوائية (على الرغم من عدم الاتفاق على ذلك)؛ علماً أن نوبة النقرس الأولى تحدث بعدها في 90% من الحالات نوبة أخرى خلال سنة؛ وأن ترسب اليورات قد يستمر في الأعضاء على الرغم من عدم حدوث نوبة نقرس، ولا يوجد حتى الآن دليل قاطع على الفترة التي يجب فيها بدء المعالجة الدوائية الواقية.

إن تخفيض مستوى اليورات في المصل بالحمية محدود (قرابة 1ملغ/دل فقط). واتباع الحمية مهم في التدبير، وأساسها البعد عن المواد التي تحتوي كميات كبيرة من البورينات، ومن أهم هذه المواد الأسماك وباقي المأكولات البحرية واللحوم، كما أن الإكثار من الفواكه الغنية بالفركتوز تزيد من خطر حدوث نوبة النقرس، وليس لتناول الخضر الغنية بالبورينات على نحو معتدل خطر إضافي، في حين تبين أن الحليب ومشتقاته تقلل خطر حدوث النقرس بآلية غير واضحة حتى الآن.

تهدف المعالجة إلى الحفاظ على مستوى اليورات بأقل من 5ملغ/دل؛ مما يسمح للبلورات المترسبة بالانحلال والطرح خارج الجسم، وتُعدّ المعالجة فاشلة إن لم تصل إلى هذا الهدف.

ألوبورينول allopurinol - وهو مثبط زانثين أوكسيداز - هو العلاج المختار لمعظم المصابين بالنقرس، فهو يخفض مستوى اليورات في حالات فرط الإنتاج أو نقص الإطراح، ويمكن إعطاؤه في حالات القصور الكلوي بجرعة أخفض من المعتاد للوقاية من سميته. ويجب البدء بجرعات منخفضة من الدواء عادة (100ملغ/يوم)، ثم زيادة الجرعة أسبوعياً على نحو تدريجي حتى الوصول إلى جرعة الصيانة المعتادة (300ملغ/يوم أو أكثر) الكفيلة بالوصول إلى الهدف، وهدف الزيادة التدريجية هو منع إنقاص مستوى اليورات السريع والوقاية من فرط التحسس الذي يكثر في المرضى الذين يعطون هذه المعالجة. يجب الحذر حين إعطاء ألوبورينول مع آزاثيوبرين أو 6-ميركابتوبورين؛ إذ ينقص ألوبورينول من استقلاب الأدوية السابقة مما يزيد تأثيرها.

أنتج قبل عدة سنوات دواء فيبوكسوستات febuxostat، وهو مثبط للزانثين أوكسيداز أيضاً دون الآثار الضارة للألوبورينول، ويمكن إعطاؤه بأمان أكبر للمصابين بقصور كلوي دون تعديل جرعته، كذلك يعطى للمصابين بقصور كبدي خفيف أو متوسط، ولم تكشف حالات فرط تحسس خطرة بإعطائه بجرعة 40-80ملغ يومياً.

تعطى مُحَفِّزات بِيلَةِ حَمْضِ اليوريك لتخفيض مستوى اليورات في المصل؛ بشرط أن تكون سُرْعَة التَّرْشيحِ الكُبَيبِيّ أكثر من 60 مل/دقيقة، وأن يكون عمر المريض أقل من 65 سنة، ولا تعطى بوجود تحصٍّ كلوي، أو حين يتجاوز طرح اليورات في بول 24 ساعة 800ملغ. من أكثر أدوية هذه المجموعة استعمالاً بروبينيسيد probenecid بجرعة  500-1000ملغ. ومن هذه المجموعة أيضاً سلفينبيرازون sulfinpyrazone   وبنزبرومارون .benzbromarone 

إن التزام المريض معالجة النقرس سيئة عموماً؛ ولاسيما بوجود أمراض أخرى مشاركة وكثرة الأدوية التي يجب عليه تناولها والحميات التي يجب عليه اتّباعها، ويجب العمل على تثقيف المريض جيداً وإعادة هذا التثقيف على نحو متكرر ومع كل مراجعة لإفهامه ضرورة التقيّد بالمعالجة؛ وإلا أصيبت الأعضاء الحيوية بأذية غير عكوسة حتى بغياب نوبات نقرس سريرية واضحة.

لا تستدعي حالة فرط حمض يوريك الدم اللاعرضي معالجة دوائية نوعية إلا في بعض الظروف، فقد لوحظ أن اختطار risk الإصابة القلبية الوعائية يرتفع كثيراً إذا تجاوز مستوى حمض يوريك الدم 9ملغ/دل، وتدل الدراسات على الحيوانات أن إنقاص مستوى حمض يوريك الدم يقلل الاختطار السابق، ويقلل اختطار الإصابة الكلوية على الرغم من عدم توافر بينة كافية على فائدة مثل هذه المعالجة في الوقاية من الإصابة الكلوية أو القلبية الوعائية. ولا تعطى أدوية في فرط حمض اليوريك اللاعرضي إلا بوجود حصيات كلوية أو دلائل على نقرس مزمن مثل التوفات.

المضاعفات  :

تحدث الحصيات الكلوية في 10-25% من المصابين بالنقرس، ويرتفع معدل حدوثها مع ارتفاع مستوى حمض يوريك الدم، وقد تسبق الحصيات الكلوية حدوثَ نوبة النقرس في قرابة 40% من المرضى، ومعظم هذه الحصيات مكونة من حمض اليوريك (وليس اليورات)؛ إضافة إلى زيادة معدل الحصيات الكلوية الكلسية في المصابين بالنقرس؛ ولاسيما بوجود زيادة طرح حمض اليوريك في البول. ويحدث اعتلال الكلية المزمن باليورات بسبب ترسب بلورات اليورات في المتن الكلوي وفي الأهرامات الكلوية، بيد أن فرط حمض يوريك الدم بمفرده غير كافٍ على ما يبدو؛ إذ لا يحدث الاعتلال السابق في الحالات التي لا يرافقها التهاب المفصل النقرسي مطلقاً.

من الإصابات الكلوية الخطرة أيضاً اعتلال الكلية الحاد بحمض اليوريك الذي يسبب قلة البول أو انقطاعه، ويكون معدل طرح حمض اليوريك هنا أعلى من معدل طرح الكرياتينين في بول 24 ساعة، وتنجم هذه الإصابة غالباً عن إنتاج مفرط لحمض اليوريك المفرط والسريع كما في العلاج الورمي؛ مما يسبب ترسب حمض اليوريك في النبيبات الكلوية البعيدة والقنوات الجامعة.

ثانياً- داء ترسب بلورات بيروفسفات الكلسيوم ثنائية الهيدرات وترسب الهيدروكسي أباتيت والبلورات الأخرى:

بلورات بيروفسفات الكلسيوم ثنائية الهيدرات calcium pyrophosphate dihydrate (CPPD) وبلورات الهيدروكسي أباتيت  hydroxyapatite هي أكثر أنواع البلورات التي تحتوي الكلسيوم شيوعاً، وترافقها إصابة مفصلية وحول مفصلية. قد لا تترك ترسبات بلورات CPPD أعراضاً، أو قد ترافقها تظاهرات سريرية متنوعة، وقد تكشف بلورات CPPD مع بلورات حمض اليوريك أو بلورات فسفات الكلسيوم القاعدية  basic calcium phosphate (BCP)   في السائل الزليل في بعض الحالات. تطلق تسمية كلاس الغضاريف في ظهور التكلسات في الصورة الشعاعية في الغضروف المفصلي، وهو يختلف عن النقرس الكاذب في أن الأخير يصيب الغضروف المفصلي والأوتار والأجربة والأربطة؛ إضافة إلى الأنسجة الرخوة المجاورة أيضاً. يزداد وقوع الكلاس الغضروفي مع تقدم العمر حتى يصل معدل انتشاره إلى نصف من تتجاوز أعمارهم 80 سنة.

توجد عدة أمراض تصاحب داء ترسب CPPD، أو تساهم في ظهوره إلا أن أهم عامل في ذلك هو التقدم بالعمر، وقد كشفت زيادة وقوع   CPPDفي بعض العائلات؛ مما قد يوحي أسباباً جينية، كذلك يزداد ترسب CPPD بعد الجراحة والرضوح، وتوجد عدة أمراض استقلابية ترافق داء ترسب CPPD، أهمها النقرس وفرط الدريقات وداء ترسب الأصبغة الدموية hemochromatosis وقصور الدرقية والداء النشواني ونقص مغنيزيوم الدم ونقص فسفاتاز الدم.

يُعدّ النقرس الكاذب استجابة التهابية من قبل الثوي لانطلاق بلورات CPPD من النسيج الغضروفي، ولما كانت هذه البلورات موجودة على نحو طبيعي في غضروف المفصل المصاب بالفصال العظمي كان ترافق النقرس الكاذب والفصال العظمي كبيراً، فقد بينت إحدى الدراسات وجود بلورات CPPD أو هيدروكسي أباتيت في أكثر من نصف المرضى الذين كانوا يهيّؤون من أجل عمل جراحي على مفاصل ركبة مصابة بالفصال العظمي.

المظاهر السريرية:

يعاني ربع المرضى الذين لديهم أعراض ترسبات بلورات CPPD نقرساً كاذباً حاداً يتجلى بألم التهابي وحيد المفصل في الحالة النموذجية يدوم عدة أيام إلى أسبوعين، ثم يتراجع قليلاً، وتختفي الأعراض عادة بين النوب إلا إذا كان المفصل مصاباً بمضاعفات المرض.

تُعدّ الركبة أكثر أماكن الإصابة المفصلية شيوعاً على أن مفاصل أخرى صغيرة وكبيرة قد تصاب بما فيها المفصل المشطي السلامي الأول؛ مما يجعل تمييزها من النقرس صعباً جداً؛ ولاسيما أن نوبة النقرس الكاذب كالنقرس قد تتحرض بالرضوح أو الجراحة أو الأمراض المدنفة.

وقد يكون تمييز نوبة النقرس الكاذب من خمج (عدوى) المفصل صعباً؛ ولاسيما أن بعض المرضى يصابون بالحمى في أثناء الهجمة، ويحتاج التشخيص إلى بزل المفصل وتحري البلورات داخله؛ إضافة إلى زرع السائل الذي يوصى به لكل التهاب مفصل وحيد حاد.

يعاني 5% من المصابين بداء ترسب CPPD أعراضاً تقلد التهاب المفاصل الروماتوئيدي، فيراجعون بمظاهر التهابية خفيفة متناظرة في عدة مفاصل، ويرافق الحالة تيبس صباحي، ويكشف تورم الغشاء الزليل، وتتحدد حركة المفصل، وترتفع سرعة التثفل، وليس من النادر أن يشخص الداء على أنه التهاب مفاصل روماتوئيدي؛ ولاسيما إذا كان العامل الروماتوئيدي إيجابياً.

تصيب الصورة التي تقلد الفصال العظمي قرابة نصف المصابين بداء ترسب CPPD، وهو حالة مترقية تختلف عن الفصال العظمي الحقيقي بالمفاصل المصابة فقط على رغم اشتراكهما بأن الركبتين هما المكان المفضل لكل منهما؛ ولاسيما الحجرة الوحشية من الركبة، ويلي الركبةَ إصابةُ رسغ اليد والمفاصل السنعية السلامية والوركين والكتفين والمرفقين والكاحلين، والأمر النموذجي أن تكون الإصابة متناظرة. تحدث الإصابة المفصلية الحادة على نحو متردد نوبي، وقد لا تزول الآلام بغياب النوبة بسبب وجود الفصال العظمي، وقد تكون الإصابة شديدة جداً مع تشوهات عظمية؛ مما يجعلها تشبه مفصل شاركو .Charcot

نادراً ما تحدث الإصابة في العمود الفقري؛ مما قد يسبب ألماً رقبياً، أو قد يَحدث ألم يقلد التهاب السحايا بسبب ترسب بلورات CPPD في الرباط الأصفر؛ ولاسيما إذا رافق الحالة حمى وتيبس، وقد يحدث تضيق القناة الشوكية وضغط النخاع الشوكي أو اعتلال جذور عصبية حاد أو عرج متقطع عصبي بسبب التضيق الشوكي. وقد تشاهد الترسبات في مفاصل طبيعية سريرياً اتفاقاً بالتصوير الشعاعي لسبب آخر.

المظاهر المخبرية:

يتأكد التشخيص بكشف البلورات؛ ولاسيما في السائل الزليل، ويحتاج تأكيد نوع البلورات إلى المجهر المستقطب  polarizing microscope الذي يظهرها معينية الشكل وإيجابية كسر الضوء، وتظهر زرقاً؛ إذا وازت المحور الطويل للمعواض compensator؛ وصفراً إذا كانت عمودية عليه.

يرتفع عدد الكريات البيض في سائل المفصل المصاب بالنقرس الكاذب، وقد يصل إلى 100000خلية/لتر؛ مما يشابه التهاب المفصل الخمجي، وتكون الخلايا في معظمها من الكريات البيض المفصصة النواة، ويكون عدد الكريات البيض في الشكل المقلد للفصال العظمي قليلاً (أقل من 300 خلية/لتر). وقد تكون الكريات البيض في الدم المحيطي زائدة أحياناً مع انحراف نحو الأيسر، وترتفع سرعة التثفل والبروتين التفاعلي.C

الدراسات الشعاعية:

تظهر الصور الشعاعية كثافات نقطية وخطية في الغضروف المفصلي الهياليني أو الغضروفي الليفي، وتظهر العلامات التنكسية في مراحل متقدمة، وأكثر ما تشاهد التبدلات الشعاعية في الركبتين والرسغين وارتفاق العانة، ومن الموجودات الشعاعية التي يجب أن تنبه على احتمال الإصابة بداء ترسب CPPD   تنكس المفصل الرضفي الفخذي أو تنكس مفصل رسغ اليد.

والتصوير بالأمواج فوق الصوتية حساس لكشف التكلسات المفصلية وحول المفصلية وحتى في الغضروف الزجاجي، ويتزايد استخدامه في العيادات المفصلية؛ نظراً لسهولة استعماله ورخص ثمنه والقدرة على إعادة الفحص على نحو متكرر للمراقبة؛ إن دعت الضرورة. تظهر التكلسات في الغضروف الزجاجي بشكل شريط زائد الصدى مواز لسطح الغضروف، وتظهر التكلسات النقطية بشكل كثافات تعطي ظلاً صوتياً خلفها.

اختبارات نوعية:

نظراً لمشاركة داء ترسب CPPD العديد من الأمراض الاستقلابية الأخرى؛ يجب أن يجرى عيار كلسيوم المصل والفسفور والمغنيزيوم والفسفاتاز القلوية والهُرْمون المُنَبِّه للدَّرَقِيَّة  TSH، ويجرى عيار الحديد والفيريتين حين الشك بداء ترسب الأصبغة الدموية.

التشخيص والتشخيص التفريقي:

يوضع التشخيص بكشف بلورات CPPD في الأنسجة أو السائل الزليل بالمجهر المستقطب، كذلك يمكن الاستدلال على وجود الداء بالتصوير الشعاعي؛ مما يساعد على وضع التشخيص، ومن المهم نفي الأمراض المشابهة سريرياً.

معالجة داء ترسب بلورات بيروفسفات الكلسيوم ثنائية الهيدرات:

إن علاج النقرس الكاذب الحاد هو نفسه علاج النقرس، فتعطى مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية والكولشيسين الفموي وتحقن القشرانيات السكرية داخل المفصل؛ إذا لم يتحمل المريض العلاجات السابقة.

إن استجابة النقرس الكاذب  المزمن للعلاج بالكولشيسين أقل من استجابة النقرس، ومع ذلك يمكن إعطاؤه لإنقاص تكرار النوب المؤلمة في بعض المرضى، ويشبه علاج النقرس الكاذب المشابه للفصال العظمي علاج الفصال العظمي ذاته.

لا يوجد حتى الآن علاج يفيد في الوقاية من النوبات الحادة على نحو دائم، ولا يوجد علاج يقي من حدوث الترسبات الكلسية أو يزيلها من المفصل، وقد يفيد علاج المرض المرافق - إن وجد - في تقليل عدد النوب أو في الوقاية من تفاقم الآفة؛ لكنه لا يقود إلى زوال البلورات.

ثالثاً- داء ترسب بلورات فسفات الكلسيوم القاعدية/الأباتيت:

تتراكم بلورات فسفات الكلسيوم القاعدية apatite/basic calcium phosphates في النسيج الغضروفي والأربطة والأقراص بين الفقرات والمحفظة المفصلية والغشاء الزليل، وقد تترسب في الجلد والشرايين والثدي والأنسجة الأخرى أيضاً، وسبب هذه الترسبات الرضوح ونقص التروية ونخر الأوتار، ولا تعرف آلية هذا الترسب على نحو جيد حتى الآن، ويظن أن للبيروفسفات غير العضوية أثراً واقياً من ترسب بلورات الأباتيت.

يصعب استعراف بلورات BCP على الرغم من كشفها في السائل المفصلي، وذلك لصغرها كثيراً، بيد أنها قد تتجمع على صغرها في كتل كبيرة يمكن ملاحظتها بالمجهر الضوئي، ويمكن كشفها بعد التلوين بصباغ أليزارين alizarin، بيد أن ذلك غير حساس ولا نوعي، كذلك يمكن كشفها بالمجهر الإلكتروني وانعراج diffraction الأشعة السينية وغيرها.

المظاهر السريرية:

1- الفصال العظمي:

توجد بلورات BCP في السائل الزليلي في ثلث المرضى المصابين بالفصال العظمي حتى نصفهم، وهناك دلائل تؤيد أثر هذه البلورات في تنكس الغضروف، فهي مثلاً تزداد مع اشتداد الموجودات الشعاعية للفصال العظمي، ويكون الانصباب المفصلي أغزر بوجودها، ولا يوجد علاج معروف للوقاية من بلورات BCP  أو لإزالتها من المفاصل أو للتدخل على نحو فعال في تأثيراتها البيولوجية.

2- التهاب المفاصل الكبيرة المخرب/متلازمة كتف ميلواكي   :Milwaukee shoulder syndrome

وصف شكلٌ مخرب من اعتلال مفصل الكتف في المسنين - ولاسيما المسنات - يحدث فيه انصباب زليل كبير الحجم غير التهابي في المفصل قد يكون مدمى أحياناً، مع تمزقات في كُفَّة المدوِّرات rotator cuff   وتحدد الحركة الفعالة والمنفعلة، وعدم استقرار المفصل أحياناً، وقد تجس فرقعة عظمية. تظهر الصور الشعاعية تخرباً مفصلياً كبيراً.

علاج اعتلال مفصل الكتف المخرب غير مرضٍ عادة، ويشمل المسكنات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية وبزل المفصل المتكرر، وقد يفيد حقن الستيروئيدات أحياناً، أو يتطلب الأمر تدخلاً جراحياً.

3- التهاب حول المفصل التَكَلُّسِيّ   :calcific periarthritis

تظهر التكلسات أحياناً حول مفصل الكتف؛ ولاسيما في كفة المدورات في الكتف، وتبقى معظم التكلسات دون أعراض، وتكشف شعاعياً، وقد تحدث نوبة ألم شديدة إذا تبعثرت البلورات في الأنسجة المجاورة مثل الجراب تحت الدالية أو مفصل الكتف، فيحدث التهاب موضعي حاد، يجب تفريقه عن الخمج والرضوح والكسور والنقرس والنقرس الكاذب.

يستطاع أحياناً بزل الترسبات الكلسية، وقد يقصر ذلك مدة النوبة في الكتف، كذلك تفيد NSAIDs وحقن القشرانيات السكرية موضعياً، وقد يفيد العلاج الفيزيائي بالأمواج فوق الصوتية الصادمة لتصغير حجم التكلسات.

قد تصاب مفاصل أخرى صغيرة مثل المفصل المشطي السلامي الأول للقدم وبعض مفاصل اليد بداء ترسب  BCP؛ ولاسيما في النساء الشابات.

4- التهاب المفصل الحاد:

نادراً ما يحدث التهاب مفصل حاد تالٍ لترسب بلورات  BCP؛ ولاسيما في المفاصل الصغيرة، وتحدث نوبة تشبه النقرس، ويتخرب المفصل؛ إن أزمن الالتهاب، ويظهر ذلك شعاعياً.

5- الكلاس/الكلاس الورمي المجهول السبب:

الكلاس هو ترسب بلورات BCP في الأنسجة الرخوة المصابة بالحثل  dystrophy، ومن الأمثلة أمراض النسج الضامة (تصلب الجلد المحدود والتهاب العضلات العديد والذئبة الحمامية المجموعية)، والتكلسات التالية لأذية عصبية شديدة وحالات أخرى، وتظهر التكلسات شعاعياً بشكل كتل حول المفصل، وقد تكون وحيدة أو متعددة، وقد يتقرح الجلد فوق التكلسات، أو يصاب بالخمج.

لا يوجد علاج نوعي للكلاس أو الكلاس الورمي المجهول السبب، وقد تستطب الجراحة في بعض الحالات القليلة.

6- بلورات أخرى:

قد تترسب بلورات أخرى في المفاصل في حالات خاصة، مثل ترسب بلورات الأوكسالات في المصابين بالفشل الكلوي محدثة التهاباً مفصلياً حاداً أو مزمناً ولاسيما في الركبتين واليدين والكاحلين وأغماد الأوتار والأجربة، وتكشف البلورات بالمجهر في السائل الزليلي أو في الأنسجة، وتأخذ شكلاً هرمياً.

قد تحدث بلورات القشرانيات السكرية المديدة المتعددة الأشكال التهاباً حاداً بعد حقن الستيروئيد بساعات، وتعالج بالكمادات الباردة.

ألم الليف العضلي:

ألم الليف العضلي fibromyalgia من أكثر أسباب الآلام الواسعة الانتشار شيوعاً في الولايات المتحدة، وهو يصيب النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن تصاب جميع الأعمار به، والأكثر شيوعاً حدوثه في أواسط العمر. يدخل في التشخيص التفريقي لهذا المرض حالات أخرى كثيرة تسبب ألماً مزمناً، بيد أن استمرار الألم سنوات يُعدّ مرجحاً لألم الليف العضلي؛ ولاسيما إذا رافقت الألم أعراض غير نموذجية مثل التعب   fatigue، واضطرابات النوم، وضعف الذاكرة، ويتأكد التشخيص بوجود مضض في أماكن معيّنة من الجسم. من ناحية أخرى قد تتطلب الحالات القصيرة الأمد تقييماً مخبرياً وشعاعياً واسعاً لنفي الأمراض المناعية والغدية والعصبية التي قد تكون مسؤولة عن الأعراض.

تشمل الاستقصاءات التي يجب طلبها بالحد الأدنى تعداد الدم الشامل، واختبارات وظائف الكلية والكبد، وسرعة التثفل، والبروتين التفاعلي C ويجدر بالذكر أن أخذ القصة على نحو جيد والفحص السريري الدقيق يلغيان الحاجة إلى استقصاءات عديدة غالية الثمن.

الشكل (1) النقاط الألمية بحسب ACR
رسم تخطيطي للوحة بارون جان-باتيست رينو: النِعَم الثلاث
Baron Jean-Baptiste Regnault - The Three Graces

الوبائيات:

يصيب ألم الليف العضلي 4% من السكان في الولايات المتحدة، ويوضع التشخيص بناء على معايير تصنيف الكلية الأمريكية للروماتيزم ACR التي تشترط أن يبدي المريض عرضين أساسيين، هما الألم المزمن الذي يدوم أكثر من ثلاثة أشهر؛ والواسع الانتشار الذي يصيب أربعة أرباع الجسم فوق الخاصرة وتحتها وعلى جانبي الجسم، مع العمود الفقري؛ إضافة إلى مضض فوق 11 نقطة من أصل 18 نقطة حددتها ACR في التصنيف عام 1990 (الشكل 1)، ولا بد من الإشارة إلى أن نصف المصابين بألم الليف العضلي تقريباً لا يحققون المعايير التصنيفية السابقة، ويشخص مرضهم بطرق أخرى تعتمد كثيراً على تقدير الطبيب الفاحص.

الموجودات السريرية:

يتميز ألم الليف العضلي بألم متموج في شدته، وقد يكون متنقلاً، وقد يشكو المريض ألماً معمماً في كل جسمه، أو يكون محصوراً في مناطق جسمية محددة، وقد يشخص خطأ في البداية على أنه مشكلة ناحيّة. ويحدث ألم مفصلي في بعض المرضى يرافقه حس تيبس مديد أحياناً؛ لكن هذا التيبس لا يعوق حركة المفاصل؛ مما يميزه من الأمراض الروماتزمية الالتهابية.

لقد حددت ACR نقاطاً تشريحية يقود الضغط عليها بقوة 4كغ (وهي القوة التي تؤدي إلى ابيضاض السرير الظفري للفاحص تقريباً) إلى مضض، وقد أثبت فيما بعد أن المريض يحس بالمضض فوق كل أنحاء جسمه أكثر مما يحس به الشخص السليم، كذلك يرجح أن توجد نقاط ألمية في النساء المصابات بالألم الواسع الانتشار أكثر من أقرانهن من الرجال، ولا ترتبط هذه النقاط الألمية بالحالة النفسية للمريض على عكس شكوى الألم.

يشكو معظم المرضى أعراضاً غير نوعية مزمنة أيضاً؛ من دون أن يمكن وضع تفسير عضوي لها، ويُعدّ التعب الذي يزداد في أثناء أداء الأعمال المعتادة أكثر هذه الأعراض شيوعاً. ومن الشائع حدوث شواش الحس الذي لا يرتبط بقطاع جلدي محدد، وأعراض عصبية غير نوعية مثل ضعف الانتباه والذاكرة القريبة، وتبدو هذه الأعراض في جملة من الأمراض الأخرى التي تشمل متلازمة التعب المزمن، ومتلازمة الأمعاء الهيوجة، والتحسس للعديد من المواد الكيميائية، إضافة إلى حالات مرضية مثل الصداع التوتري tension headache   والشقيقة وأمراض المفصل الفكي السفلي – الصدغي.

ويضطرب النوم في معظم المصابين بألم الليف العضلي، ويستيقظ المريض كسولاً خاملاً غالباً. ويمكن إظهار بعض اضطرابات النوم؛ ولاسيما حدوث موجات ألفا داخل موجات دلتا المميزة للنوم العميق من نوع النوم من دون حركات عين سريعة non- REM sleep، كما تحدث مُتَلاَزِمَةُ تَمَلْمُلِ السَّاقَين restless legs syndrome   وانقطاع النفس النومي.

والاكتئاب من المرافقات المهمة لألم الليف العضلي، ويتشارك مع القلق، وقد يستمر الاكتئاب مدى الحياة، ويجب التعامل مع هذا العرض عند التخطيط للمعالجة.

ليس هناك موجودات بالفحص السريري عدا النقاط الألمية، ويجب أن تطلب فحوص مخبرية تركز على نفي الأمراض الأخرى المحتملة، مع التشديد على عدم طلب فحوص عشوائية شاملة بحثاً عن تشخيص محتمل. وتدخل في التشخيص التفريقي لألم الليف العضلي أمراض روماتزمية وعصبية عضلية ومُعدية وغدية وورمية وغيرها.

التداخل بين ألم الليف العضلي وأمراض المناعة الذاتية:

تشترك أمراض المناعة الذاتية مع ألم الليف العضلي في الألم المفصلي والعضلي والتعب وحس التيبس الصباحي وحس التورم المفصلي دون وجود ضخامة غشاء زليل في المفاصل المصابة، ويشار إلى أن التعب لا يرافقه ضعف عضلي واضح أو التهاب عضلات بالفحص السريري أو بالفحوص المخبرية، كذلك قد تحدث أعراض تشبه ظاهرة رينو واحمرار الخدين والتزرق الشبكي livedo reticularis في الحالتين. وقد وجدت إحدى الدراسات أن قرابة ربع المصابين بأمراض التهابية مثل التهاب المفاصل الروماتوئيدي والذئبة الحمامية المجموعية والتهاب الفقار المقسط يشكون أعراضاً توافق معايير ACR لتشخيص ألم الليف العضلي، ويجب تشخيص ألم الليف العضلي في هؤلاء المرضى؛ إذا استمرت الأعراض على الرغم من غياب الدلائل الالتهابية، كذلك يجب تفريق ألم الليف العضلي عن حالات محاولة الفطام عن القشرانيات السكرية.

السببيات والآلية المرضية:

يبدو أن الاستعداد للإصابة بألم الليف العضلي وراثي، فقد وجد في إحدى الدراسات مثلاً أن أقارب المصابين بالمرض من الدرجة الأولى يصابون بألم الليف العضلي أكثر من باقي الناس بثمانية أضعاف، وقد يعود ذلك إلى خلل في مستقبلات السيروتونين الذي يظن أن له شأناً مهماً في هذا المرض.

ترتبط عوامل بيئية عديدة بحدوث ألم الليف العضلي، منها العوامل المكربة stressors، والرضوح trauma   الجسدية، وبعض الأمراض المُعدية، وأمراض المناعة الذاتية وغيرها.

وجد في العديد من الدراسات أن عتبة الإحساس بالألم في المصابين بألم الليف العضلي أخفض مما في غيرهم دون أن يوجد اضطراب في عتبة الإحساس لمنبهات أخرى، وقد يعود ذلك إلى تضخيم حس الألم مركزياً بسبب زيادة المركّبات المعززة لهذا الحس أو نقص المركّبات المضادة له.

ذكرت بعض الدراسات زيادة نشاط المحور الوطائي النخامي الكظري، وزيادة فعالية الجملة الودية، ويظن أن الاضطرابات السابقة تخلق بيئة خلطية في الجسم يسهل حدوث الأعراض فيها.

المعالجة:

الأدلة على فائدة المعالجات الخاصة بألم الليف العضلي مستقاة في معظمها من ممارسات سريرية ومن دراسات صغيرة فرادية، وهي توصي ببرنامج علاج متكامل يضم تثقيفَ المريض، وبعضَ الأدوية، وعلاجاً سلوكياً معرفياً وتمارين فيزيائية. ويجب معالجة الأمراض المرافقة على أن علاجها قد لا يؤثر في سير ألم الليف العضلي، وقد تكفي في بعض الحالات مسكنات الألم أو جرعات خفيفة من مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.

إن مجرد إطلاق اسم على معاناة المريض يريحه نفسياً على الأقل، ويجعله أكثر تقبلاً للمعالجة، بيد أن ذلك لا يصح على مجموعة من المرضى يعدّون وجود مرض مثبت لديهم كارثياً، ويجب على الطبيب التعامل مع كل حالة على حدة في هذا الموضوع، كما أن إطالة وقت زيارة المريض قد يساعد على فهم خصوصيات معالجة كل مريض، ويساهم في امتثال المريض للمعالجة على نحو أفضل.

التثقيف: من المهم جداً تثقيف المريض بطبيعة مرضه، وقد يكفي تطمين بعض المرضى بعدم إصابتهم بمرض خطر لتحسين وضعهم، ومن المناسب إعطاء المريض مصادر معلومات موجهة للمرضى حول حالهم.

1-المعالجة الدوائية: هناك العديد من الأدوية التي جُربت في علاج ألم الليف العضلي مع بعض الفائدة؛ لكن أكثر الأدوية المدروسة التي أثبتت فائدتها هي مضادات الكآبة الثلاثية الحلقة؛ ولاسيما أميتريبتيلين amitriptyline وسيكلوبنزابرين  cyclobenzaprine، وتزاد الجرعة تدريجياً للتخفيف من الثأثيرات الضارة المحتملة، وقد دعت هذه التأثيرات إلى تحري فائدة علاجات حديثة مثل مثبطات استرداد السيروتونين   serotonin reuptake inhibitorsمثل فلوكسيتين fluoxetine ومثبطات المستقبلات المزدوجة dual receptor inhibitors مثل دولوكسيتين duloxetine وفينلافاكسين  venlafaxine، وقد تبين أن تأثير دولوكسيتين غير متعلق بتحسين مزاج المريض.

دُرست مضادات الاختلاج في علاج ألم الليف العضلي، وتبينت فائدة بريغابالين pregabalin بجرعة عالية (450ملغ يومياً) في تحسين الأعراض، وقد يكون غابابنتين gabapentin فعالاً بجرعة عالية (بلغت 1200- 2400 ملغ يومياً في إحدى الدراسات)، وقد يفيد كلونازيبام clonazepam وبعض نواهض الدوبامين dopamine agonists أيضاً.

إن معالجة اضطراب النوم أساسي؛ لأنه يكسر الحلقة المعيبة بين الألم وزيادة تنبيه الدماغ الذي يؤدي إلى زيادة الإحساس بالألم، ويبدو أن الأدوية السابقة تفيد بسبب تأثيرها في تنظيم النوم إلى حدٍّ ما.

2-المعالجة السلوكية المعرفية: هي معالجة تثقيفية منظمة تركز على تعليم المصابين آليات يتأقلمون فيها مع مرضهم، وتفيد هذه المعالجة في كل الأمراض المزمنة تقريباً، ومنها ألم الليف العضلي، وتشمل تمارين الاسترخاء وتنظيم ممارسة الهوايات وحل المشكلات وتحديد الهدف وغيرها.

3-الرِّيَاضَات الهَوائِيَّة: تتحسن شكاوى المصابين بألم الليف العضلي بالرياضات الهوائية، ويجب الانتباه عند وصفها إلى تخطيط جيد من أجل زيادة تحمل المريض وامتثاله لها. ويشار إلى أن الشكاوى قد تتفاقم بعد بدء التمارين مباشرة؛ مما يدعو إلى زيادة شدة هذه التمارين تدريجياً، والهدف هنا هو استمرار المريض بأداء التمرين أطول فترة ممكنة، وليس تطبيق التمرين بشدته القصوى فترة قصيرة.

4-المعالجات المتممة: هناك معالجات أخرى قد تكون مفيدة في علاج ألم الليف العضلي مثل حقن النقاط المؤلمة والوخز بالإبر، وقد تقترح علاجات أخرى؛ ولاسيما أن آلية المرض غير مفهومة فهماً دقيقاً ولتنوع التظاهرات السريرية بين المرضى. ويجب هنا دوماً توخي الحذر من أي تأثيرات ضارة قبل التفكير بالأثر الجيد المحتمل للدواء؛ ولاسيما أن المريض قد يتناول الدواء فترة طويلة، ويمكن اقتراح تجريب العلاج غير الضار، فإذا استجاب له المريض؛ يوقف استعماله لمعرفة الفائدة وهمية كانت أم حقيقية.

المضاعفات:

التأثيرات الضارة لألم الليف العضلي في المريض والعائلة والمجتمع كبيرة، وقد لوحظ نوع من العجز في ربع المرضى في إحدى الدراسات، ويطلب بعضهم تعويضاً عن العجز؛ مما يلقي عبئاً على كاهل الطبيب المعالج. ويجب الانتباه إلى أن بعض المرضى يلجؤون إلى تناول الأفيونيات والبنزوديازيبينات والمرخيات العضلية على نحو مستمر؛ مما قد يقود إلى الإدمان.

 

   

 


التصنيف : الأمراض الرثوية
النوع : الأمراض الرثوية
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 121
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 565
الكل : 29655918
اليوم : 35928