logo

logo

logo

logo

logo

التهاب المفاصل الفقارية

التهاب مفاصل فقاريه

spondylarthritis - spondylarthrite

التهاب المفاصل الفقارية

 

أيمن ضاحي

التهاب الفقار المقسط
التهاب المفاصل الارتكاسي
التهاب المفاصل الفقارية المرافق لأمراض الأمعاء الالتهابية
التهاب المفاصل في الصدفية
   

 

يطلق مصطلح التهاب المفاصل الفقارية Spondyloarthritis (SpA) على مجموعة من الأمراض الالتهابية تجمع بينها مظاهر مشتركة تضعها في عائلة واحدة وتميزها من أمراض المفاصل الالتهابية.

تتميز هذه المجموعة بالصفات التالية:

1-الإصابة الهيكلية التي تتظاهر بثلاثة أشكال، التهاب المفصل الحرقفي العجزي والعمود الفقري، التهاب المفاصل المحيطية، التهاب المرتكزات enthesitis (أماكن ارتكاز الأوتار والأربطة والمحافظ المفصلية على العظام).

2-إصابة الجلد والأغشية المخاطية للفم والأعضاء التناسلية.

3-الإصابة العينية.

4-التهاب غشاء الأمعاء المخاطي.

5-سلبية العامل الروماتُوئيدي.

6-القصة العائلية والاستعداد الوراثي  المعتمد على .HLA B27

تضم هذه المجموعة الأمراض التالية:

- التهاب الفقار المقسط .Ankylosing spondylitis  

- التهاب المفاصل الارتكاسي   Reactive arthritisوداء رايتر.

- اعتلال المفاصل الفقارية المرافق أمراض الأمعاء الالتهابية (داء كرون والتهاب القولون التقرحي).

- التهاب المفاصل الصدفي  .psoriatic arthritis

- اعتلال المفاصل الفقارية اللامتمايز  .undifferentiated spondyloarthropathy

- اعتلال المفاصل الفقارية اليفعي  .juvenile - onset ankylosing spondylitis

إن المظاهر السريرية التي تستوجب التفكير بوجود التهاب المفاصل الفقارية SpA هي ألم الظهر الالتهابي، والتهاب المفاصل غير المتناظر.

يتظاهر ألم الظهر الالتهابي قبل سن الأربعين على نحو مخاتل، يشتد الألم في الليل وبداية الصباح، ويخف بعد الحركة والتمارين الرياضية، وترافقه يبوسة صباحية مديدة. أما التهاب المفاصل فيصيب خاصة مفاصل الطرفين السفليين على نحو غير متناظر.

وضعت معايير عديدة لتصنيف التهاب المفاصل الفقارية SpA تصنيفاً علمياً، مثل معايير لجنة دراسة اعتلال المفاصل الفقارية الأوروبية   European Spondyloarthropathy Study Group (ESSG)، ولكن وضع التشخيص وفق هذه المعايير يتطلب وجود تبدلات شعاعية في المفصلين العجزيين الحرقفيين قد تمر سنوات قبل ظهورها. كما أن تطور الاستقصاءات المخبرية والشعاعية استدعى وضع معايير جديدة تستفيد من هذه التطورات، وهذه المعايير هي معايير التجمع الدولي لتقييم التهابات الفقار (2009) Assessment of Spondyloarthritis International Society (ASAS)، كما هو موضح في المخطط (1).

 

معايير ASAS  لتصنيف التهاب الفقار في المصابين بألم ظهر منذ أكثر من ثلاثة أشهر ابتدأ قبل عمر 45 سنة:

HLAB27

+

مظهرين من مظاهر التهاب المفاصل

أو

التهاب مفصل عجزي حرقفي بالتصوير

+

أحد مظاهر التهاب المفاصل والفقار

مظاهر التهاب المفاصل والفقار:                    التهاب المفصل العجزي الحرقفي بالتصوير

-       ألم ظهر التهابي.                                  - علامات التهاب فعال في المفصل الحرقفي

-       التهاب مفاصل.                                    بالرنين المغنطيسي.

-       التهاب مرتكزات (الكعبين).                        - إصابة مفصل عجزي حرقفي

-       التهاب العنبية.                                    مؤكدة على الصور الشعاعية البسيطة.

-       التهاب الإصبع.

-       صدف.

-       داء كرون/التهاب كولون تقرحي.

-       استجابة جيدة لمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.

-       قصة عائلية لالتهاب مفاصل فقار.

-       إيجابية .HLAB27

-       ارتفاع .CRP                

المخطط (1)

 

بعد وضع المريض ضمن مجموعة التهاب المفاصل الفقارية يبدأ بالبحث عن تفاصيل سريرية تساعد على وضع تشخيص محدد من ضمن أمراض هذه المجموعة، فوجود إصابة جلدية بالصدف لدى المريض أو أحد أفراد العائلة يوجه التشخيص نحو التهاب المفاصل في  الصدفية. في حين يفكر بالتهاب المفاصل الارتكاسي حين وجود قصة التهاب مفاصل يسبقه خمج معوي أو خمج مجاري بولية، ويجب ألا يهمل الاستجواب الدقيق عن أعراض هضمية مزمنة تتعلق بأمراض الأمعاء الالتهابية.

لكن بعض الحالات من آلام الظهر ذات الطبيعة الالتهابية لا تتظاهر بتبدلات شعاعية مميزة،  ولا ترافقها مظاهر أخرى مميزة للأمراض السابقة مع أنها تستمر عدة سنوات، هذه الحالات يطلق عليها اسم التهاب المفاصل الفقارية غير المتمايز، وتبين بمتابعة هؤلاء المرضى أن 10% منهم تكتمل لديهم صورة واضحة لالتهاب الفقار المقسط، في حين تتحول إلى التهاب المفاصل الصدفي في 2% من المرضى، وتختفي الأعراض تماماً في 13% منهم، أما البقية الباقية من المرضى فتستمر فيهم المظاهر اللانوعية لالتهاب المفاصل الفقارية غير المتمايز.

أولاً- التهاب الفقار المقسط :ankylosing spondylitis 

يعد التهاب الفقار المقسط أهم مرض ضمن مجموعة التهاب المفاصل الفقارية، وهو مرض التهابي مزمن يصيب على نحو أساسي المفصلين الحرقفيين العجزيين ومفاصل العمود الفقري (السيساء)، وقد يتظاهر بالتهاب مفاصل محيطية وكذلك بعض المظاهر الجهازية.

يبدأ المرض بعمر الشباب ويتطور ببطء بدءاً من آلام الظهر الالتهابية إلى أن يصل بعد عدة سنوات إلى تحدد حركة العمود الفقري الشديد نتيجة تشكل الجسور العظمية والتحام الفقرات والمفصل الحرقفي العجزي.

الوبائيات:

التهاب الفقار المقسط مرض منتشر في كل أنحاء العالم بنسب تراوح بين 0.5-1% من السكان البيض في الولايات المتحدة وبريطانية، وتصل إلى 6% من الهنود الأصليين في كندا، وبسبب ارتباط هذا المرض القوي بمستضد التوافق النسيجي HLA B27 فإن انتشاره العالمي يتبع انتشار هذا الجين بين الأعراق، فقد وجد أن نحو 90% من المرضى البيض المصابين بالتهاب الفقار المقسط يحملون HLA-B27، في حين أن المرض وكذلك HLA-B27  نادرا الوجود في العرق الأسمر الإفريقي وكذلك في اليابانيين.

السببيات:

إن سبب حدوث هذا المرض غير واضح على الرغم من التطور الكبير في فهمه في السنوات الأخيرة، ولكن هناك إجماع على وجود عوامل وراثية متعددة لها شأن أساسي في حدوثه، وهذا ما أظهرته التجمعات العائلية للمرض والدراسات على التوائم، فقد تبين أن معدل التوافق concordance rate يصل إلى 75% في التوائم وحيدة البيضة (أي عند إصابة أحد التوائم فإن احتمال إصابة التوأم الآخر هي 75%) و13% في التوائم ثنائية البيضة .

وكشف عن ارتباط عدد من الجينات بحدوث المرض، وأهم هذه الجينات HLA-B27 الذي له شأن في تقديم ببتيدات ميكروبية غير معروفة إلى اللمفاويات التائية من النوع   CD8+ T cells، ومن ثم تفعيل العملية الالتهابية عن طريق تحريض إفراز السيتوكينات وخاصة IL-17 و TNF، وقد يكون هناك جينات أخرى ذات شأن في الاستعداد للإصابة بهذا المرض.

افترض بعض الباحثين علاقة الخمج infection بآلية حدوث المرض؛ لأن بعض أمراض هذه المجموعة - ولاسيما التهاب المفاصل الارتكاسي reactive arthritis  - يرتبط بالخمج على نحو مؤكد، وكذلك لوجود التهاب تحت سريري في مخاطية الأمعاء في عدد من المصابين بالتهاب الفقار المقسط، إلا أن علاقة الخمج المباشرة بهذا المرض لم تثبت بعد.

يعد الالتهاب المظهر المرضي الرئيس، ويتوضع في أماكن مميزة، وهي المفصل الحرقفي العجزي، ومرتكزات الأوتار والأربطة على العظام، والأقراص الفقرية، والغشاء الزليل للمفاصل المحيطية وبعض الأجهزة الأخرى كالعين والأبهر.

تتوضع في المفصل الحرقفي العجزي رشاحة التهابية من الخلايا اللمفاوية والبالعات والخلايا البلازمية في الغشاء الزليل والعظم تحت الغضروف، ثم يبدأ النسيج الحبيبي بالتشكل وهو ما يدعى بالسبل pannus الذي يُحدث تخريباً وائتكالاً في الغضروف المفصلي، وتتفعل الخلايا الناقضة للعظم osteoclast على الجانب العظمي فتعمل على تخريب النسيج العظمي. وفي مرحلة لاحقة تمتد جسور ليفينية في المسافة المفصلية ثم تبدأ بالتكلس والتعظم إلى أن تصل إلى مرحلة القسط الكامل حيث تغيب الحواف المفصلية ويتعظم المفصل الحرقفي العجزي على نحو كامل.

تحدث المظاهر المرضية نفسها في الحواف الخارجية للأقراص الفقرية، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تعظمها والتحام الفقرات، ويظهر ذلك في الصورة الشعاعية البسيطة بالجسور العظمية بين الفقرات (النواتئ العظمية الرباطية) syndesmophyte، وفي المراحل المتأخرة تلتحم الفقرات لتشكل ما يسمى عمود الخيزران .bamboo spine

تشاهد في الإصابات خارج المفصلية رشاحة التهابية في البيت الأمامي والجسم الهدبي للعين، ويتشكل نسيج حبيبي ثم تليف جدار الأبهر الصاعد، وقد تتليف قمتا الرئتين. 

المظاهر السريرية:

يبدأ المرض في العقد الثالث، وقد يبدأ قبل الـ 16 سنة وهو الشكل اليفعي، أما البدء بعد سن الـ 40 فنادر جداً. يصيب الذكور أكثر من الإناث بمعدل 1:2.

تنشأ المظاهر الهيكلية من إصابة المفصل الحرقفي العجزي والعمود الفقري، وهو ما يدعى الإصابة المحورية. وقد تصاب المفاصل المحيطية ومفاصل الوركين، والكتفين، والوصل الضلعي الفقري، والقصي الترقوي، إضافة إلى التهاب المرتكزات ولا سيما مرتكز وتر آشيل على العقب، أو النواتئ الشوكية وجناحي الحرقفة.

يبدأ المرض بألم أسفل الظهر، قد يكون متناوباً بين الأليتين مع يبوسة في الصباح الباكر وأحياناً بعد منتصف الليل، يخف الألم مع الحركة والنشاط، ويسوء بعد الراحة (ألم التهابي). قد يمتد الألم إلى الحافة الخارجية للفخذ، وقد يشتد بالحركات المفاجئة للظهر والسعال أو العطاس.

يظهر الفحص السريري غياب القعس القطني الطبيعي  lordosis، مع تحدد حركة العمود القطني، التي يمكن قياسها باختبار شوبر Schober test (توضع إشارة بالقلم على الجلد عند الناتئ الشوكي للفقرة القطنية الخامسة والمريض في وضعية الوقوف، ثم توضع علامة أخرى أعلى من الأولى بعشرة سنتمترات، ثم يُطلب من المريض الانحناء إلى الأمام، تتمدد المسافات الفقرية في الحالة الطبيعية فتصبح المسافة بين النقطتين نحو 15سم، وتكون أقل من ذلك في حالة تحدد الحركة). كما يسبب ضغط المفصل الحرقفي العجزي المصاب إيلاماً شديداً (الشكل 1).

يتظاهر التهاب المرتكزات enthesitis بآلام في مناطق ارتكاز وتر آشيل على العقب، وعلى ظهر القدم، وفوق النواتئ الشوكية وجناحي الحرقفة، وكذلك في أماكن الوصل الضلعية القصية، وتؤدي آلام جدار الصدر الضلعية الفقرية إلى تحدد حركة تمدد الصدر بين الشهيق والزفير.

في الحالات المتقدمة يأخذ المريض وضعية مميزة من العطف الرقبي وفقد الحدب الظهري وفقد القعس مع عطف الركبتين لتعديل مركز الثقل، وبروز البطن إلى الأمام (الشكل 2).

الشكل (2) الشكل (1) اختبار شوبر

 

قد تصاب المفاصل المحيطية وخاصة الجذعية أي الوركين والكتفين، وتكون الإصابة عادة وحيدة المفصل وشديدة، وقد تؤدي إلى ائتكالات شديدة ولاسيما في مفصل الورك، الأمر الذي قد يستدعي استبدال المفصل في سن مبكرة.

المظاهر خارج المفصلية:

الشكل (3)

1-التهاب العنبية الأمامية الحاد :acute anterior uveitis

يتظاهر التهاب القزحية والجسم الهدبي باحمرار العين، مع ألم، وتشوش الرؤية، وخوف من الضياء، وزيادة الدمع. للإصابة العينية ارتباط قوي بإيجابية  HLA B27 سواء رافقتها إصابة مفصلية أم لم ترافقها (الشكل 3).

2-الإصابة القلبية: تتضمن التهاب الأبهر الصاعد، وقصور الدسام الأبهري، والحصارات الأذينية البطينية. غالباً ما تكون الإصابة القلبية صامتة سريرياً، ولكنها قد تسبب مشكلة سريرية كبيرة.

3-الإصابة الرئوية: تتضمن التليف الرئوي ولاسيما في قمتي الرئتين، وهو مظهر نادر ومتأخر للمرض. يشكو المريض من سعال مزمن مع زلة تنفسية ونفث دموي. يستعمل التصوير المقطعي المحوسب عالي الدقة high-resolution CT في التشخيص المبكر إذا كانت الصورة الشعاعية طبيعية.

4-الإصابة الكلوية: غير شائعة، وتنجم عن الداء النشواني الثانوي، أو عن اعتلال الكلية بالـ .IgA

5-الإصابة العصبية والعضلية: قد تكون بسبب كسور فقرية أو تحت خلع أطلسي فهقي، أو فقد الكتلة العضلية الشديد بسبب عدم الاستعمال، فتحدث متلازمة ذيل الفرس التي تتظاهر بانفلات مصرات وتشوش حسي في العجان، وتتطلب الحالة تدخلاً جراحياً إسعافياً .

6-الإصابة المعدية المعوية: يشاهد التهاب الغشاء المخاطي في نهاية اللفائفي والقولون في نصف المرضى.

7-تخلخل العظام :osteoporosis يحدث نقص تمعدن العظم منذ بداية المرض، ويتطور إلى تخلخل العظام وقد يكون شديداً، يؤهب لحدوث كسور فقرية وذلك مع تقدم المرض، وخاصة في المرضى الذين تستمر لديهم الفعالية الالتهابية مع ارتفاع البروتينات في الطور الحاد. 

المظاهر المخبريّة:

ترتفع سرعة التثفل (ESR) وعيار البروتين الارتكاسي(CRP)  في 75% من الحالات، ولكن ارتفاعها لا يتناسب مع فعالية المرض السريرية، أما العامل الروماتوئيدي وأضداد النوى فتكون سلبية.

الـ HLA B27 إيجابي في 60-90% من الحالات، وتصل الايجابية إلى 100% في الإصابة العينية والقلبية، ومع ذلك لا يعتمد عليه إجراء منوالياً أو تشخيصياً، وإنما قد يساعد على ترجيح التشخيص في بعض الحالات التي تتأخر فيها التغيرات الشعاعية لالتهاب المفصلين الحرقفيين العجزيين.

المظاهر الشعاعية:

أهم المظاهر الشعاعية التهاب المفصل الحرقفي العجزي الذي يمر بمراحل:  توسع المسافة المفصلية الكاذب الناجم عن الترقق العظمي المجاور للمفصل، فالصلابة والائتكالات، ثم تكون الجسور الليفية والعظمية، وحدوث القسط الكامل (الشكل 4). أما في الفقرات فتبدأ المظاهر الشعاعية بائتكال أماكن ارتكاز الحلقة الليفية على جسم الفقرات؛ مما يؤدي إلى تربع الفقرات، ثم تكلس الأقراص الفقرية من المحيط باتجاه المركز؛ مما يعطي منظراً شعاعياً يسمى الجسور العظمية   K syndesmophyteيؤدي في المراحل المتقدمة إلى التحام الفقرات، معطياً منظر عمود الخيزران bamboo spine  (الشكل 5).

ربما لا تظهر الصورة البسيطة تغيرات شعاعية كافية بسبب تأخر المظاهر الشعاعية في الظهور على الأشعة السينية أشهراً أو سنوات أحياناً، وفي هذه الحالة قد يكون التصوير المقطعي المحوسب أو الرنين المغنطيسي أفضل في إظهار التهاب المفصل الحرقفي العجزي (الشكل 5).

الشكل (5) صور متعددة تظهر الجسور العظمية، تربع الفقرات، وعمود الخيزران. الشكل (4)

 

المعايير التشخيصية لالتهاب الفقار المقسط:

وضعت عدة معايير تشخيصية آخرها عام 1984، وهي معايير نيويورك المعدلة، وتتضمن:

1-ألم أسفل الظهر مدة 3 أشهر على الأقل، تخف بالتمارين ولا تزول بالراحة.

2-تحدد حركة العمود القطني.

3-نقص حركة تمدد الصدر.

4-التهاب المفصل الحرقفي العجزي ثنائي الجانب  شعاعياً درجة 2-4.

5-التهاب المفصل الحرقفي العجزي أحادي الجانب  شعاعياً درجة 3-4.

6-التهاب فقار مقسط مؤكد إذا توافر البند الشعاعي 4 أو 5 مع أي بند سريري 1-3.

ونظراً لتأخر التشخيص اعتماداً على هذه المعايير يعتمد كثير من الخبراء على معايير ASAS المذكورة في مقدمة البحث.

بعد وضع التشخيص يجب تحديد فعالية المرض  disease activity، وذلك بالاعتماد على ما يدعى بمشعر  (BASDAI) و (ASAS)، وهي مجموعة من الأسئلة تقيِّم الوظيفة الفيزيائية، والألم، وحركة الظهر، وشدة اليبوسة الصباحية ومدتها والتهاب المفاصل المحيطية.

التدبير:

يهدف تدبير التهاب الفقار المقسط إلى تخفيف الألم واليبوسة، والمحافظة على الوظيفة الحركية، والوضعة السليمة، كما يهدف إلى إيقاف تطور المرض، ومنع التخريب المفصلي، ومعالجة المضاعفات. إن للعلاج الفيزيائي والتمارين الذاتية المنظمة شأناً كبيراً في تحسين حالة المفاصل الوظيفية، ومنع تحدد الحركة، يُذكر منها العلاجات المائية، والأمواج فوق الصوتية، وغيرها لتخفيف الألم واليبوسة.

أكثر الأدوية المستعملة هي مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية. ويعد الإندوميتاسين والنابروكسين أكثر شيوعاً من حيث الاستعمال. تخفف مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية الألم واليبوسة؛ مما يمكن المريض من إجراء التمارين الذاتية والعلاج الفيزيائي.

وقد يكون لبعض الأدوية تأثير مهجع للمرض، مثل السولفا سالازين في إصابة المفاصل المحيطية.

في الحالات المعندة على العلاجات السابقة، والحالات ذات الفعالية العالية للمرض، وبالاعتماد على مشعر  BASDAI  و   ASASيكون العلاج المناسب هو الأدوية البيولوجية وبالتحديد مثبطات  .TNF-alpha inhibitors TNF

يعطى  etanercept بجرعة 25ملغ حقناً تحت الجلد مرتين في الأسبوع، أو 50ملغ   مرة في الأسبوع، أو يعطى infliximab بجرعة 5ملغ/كغ    تسريباً وريدياً، أو adalimumab بجرعة 40ملغ  تحت الجلد كل أسبوعين. نتائج هذه الأدوية جيدة في تخفيف الألم، وتحسين حركة الظهر، والتهاب المفاصل، وتؤثر كذلك في بروتينات الطور الحاد للالتهاب، ولكن لم يثبت بعد  تأثيرها في إيقاف التغيرات الشعاعية للمرض.

قد يؤدي حقن الكورتيكوستيروئيدات في المفصل أو في المرتكزات إلى تحسن سريري، أما استعمال الكورتيكوستيروئيدات الفموية في التهاب الفقار المقسط فغير منصوح به؛ لأنه يفاقم حالة وهن العظام الناجمة عن المرض نفسه, إلا في بعض الحالات المعندة على العلاج ولفترات محدودة فقط.

الإنذار:

يعاني70% من المرضى أعراضاً متوسطة الشدة مع  تطور المرض تطوراً بطيئاً، وتستمر حياتهم الوظيفية على نحو كامل مع بعض الهجمات الاشتدادية، إلا أن 10-20% من المرضى يعانون أعراضاً شديدة معندة ويصبحون مقعدين بشدة بعد 15-20 سنة من بدء المرض. إن البدء المبكر وإصابة مفصل الورك من علامات سوء الإنذار وغالباً ما يحتاج هؤلاء في النهاية إلى تبديل المفصل. وقد يكون من الأفضل استعمال العلاجات البيولوجية باكراً في هذه المجموعة.

ثانياً- التهاب المفاصل الارتكاسي:

هو التهاب مفاصل عقيم، يظهر بعد خمج متوضع في مكان بعيد عن المفصل، وقد ترافقه إصابة أجهزة أخرى، أما العامل الممرض فقد يكون في السبيل المعدي المعوي، أو السبيل البولي التناسلي. وعلى الرغم من ارتباط المرض بالعدوى لم تنجح كل المحاولات لكشف وجود متعضيات في السائل المفصلي والغشاء الزليل.

الشكل (6)
الشكل (7)

يحدث المرض بعد أسبوع حتى أربعة أسابيع من خمج معدي معوي بإحدى الجراثيم التالية: اليرسينيا، الشيغيلا، السالمونيلا أو العطيفات  Campylobacter، أو بعد عدوى في  الطريق البولي التناسلي بالمتدثرات الخثرية  Chlamydia trachomatis، وتدل أبحاث حديثة على احتمال حدوث المرض بعد عدوى معوية بالمطثيات العسيرة  .Clostridium difficile

يصيب المرض الناجم عن المتدثرات الرجال أكثر من النساء، وتتساوى نسبة الإصابة في الجنسين إذا كانت ناجمة عن خمج معوي، ويصيب الشباب في العقدين الثاني والثالث، ونادراً ما يحدث في الأطفال والمسنين.

للعامل الوراثي شأن في الاستعداد للإصابة بالمرض، فانتشار HLA B27 يراوح بين 50-80% وخاصة في الحالات المزمنة والشديدة.

يطلق على الحالة اسم  متلازمة رايتر حين اجتماع الثالوث الذي وصفه هانس رايتر عام 1916 (التهاب مفاصل والتهاب ملتحمة والتهاب إحليل). وقد حل مكانه مصطلح التهاب المفاصل الارتكاسي؛ لأن كثيراً من هؤلاء المرضى لا يحققون بالضرورة اجتماع كل عناصر المتلازمة.  

المظاهر السريرية: 

تختلف الأعراض من آلام مفصلية متوسطة الشدة إلى التهاب مفاصل ائتكالي، ويتظاهر الشكل النموذجي بالتهاب مفاصل (وحيد أو قليل العدد)، غير متناظر ولاسيما مفاصل الطرفين السفليين والركبة والكاحل، وقد تصاب أيضاً المفاصل الصغيرة للقدمين. وقد يصاب أحد المفصلين الحرقفيين العجزيين، وتظهر إصابة شعاعية في المفصل الحرقفي العجزي في 25% من الحالات ولا سيما عند حملة .HLA B27  ومن المظاهر الشائعة التهاب مرتكز وتر آخيل على عظم العقب وتعرق وألم العقب خاصة بعد الراحة.

ويعد التهاب الإصبع dactylitis في القدمين من المظاهر المميزة لالتهاب المفاصل الارتكاسي (وكذلك التهاب المفاصل الصدافي) وهي ناجمة عن مشاركة التهاب الغشاء الزليل للمفاصل والأوتار مع التهاب المرتكزات ما يؤدي إلى تورم الإصبع تورماً منتشراً (إصبع النقانق) (الشكل 6).

المظاهر الجلدية المخاطية:

تبدو قرحات قلاعية في أغشية الفم المخاطية، وهي غير مؤلمة بخلاف القرحات المشاهدة في داء بهجت (الشكل 7).

ومن الإصابات الجلدية المميزة التهاب الحشفة الدائري circinate balanitis، وهو التهاب الجلد والغدد حول حشفة القضيب. وكذلك التهاب الجلد في أخمص القدم وراحة اليدين، وهو ما يدعى تقرن الجلد السيلاني keratoderma blennorrhagicum وتسمك الأظفار وتشوهها (الشكل 8).

الإصابة البولية التناسلية:

وهي التهاب الإحليل، والتهاب المثانة، والتهاب الموثة (بروستات)، والتهاب عنق الرحم.

الإصابة العينية:

الإصابة العينية الشائعة هي التهاب الملتحمة العقيم، وهي عادة خفيفة ومحددة لذاتها من دون عقابيل. وأقل منها حدوثاً التهاب العنبية الأمامي (التهاب القزحية والهدابى (corpus ciliare ، ويتظاهر باحمرار العين وألم وخوف من الضياء، وزيادة الدمع، وأحياناً اضطراب الرؤية، وترافق الإصابة العينية إيجابية .HLA B27

وتكشف في بعض الحالات قصة عدوى (خمج) معوية أو بولية سبقت المظاهر الأخرى بأسابيع أو بأشهر.

الفحوص المخبريّة:

في الهجمة الحادة ترتفع بروتينات الطور الحاد للالتهاب (سرعة التثفّل وال (CRP ، أما العامل الروماتوئيدي وأضداد النوى وأضداد CCP فجميعها سلبية.

قد تكشف المتدثرات في الطريق البولي في بعض المرضى، أما زرع البراز فسلبي. وإن كشف الأضداد المصلية لليرسينيا والسالمونيلا والعطيفات (الكامبيلوباكتر) قد يكون مفيداً، لكن سلبية هذه الأضداد لا ينفي التشخيص.

الشكل (9) الشكل (8)

التصوير الشعاعي:

المنظر الشعاعي المميز هو ظهور ارتكاس عظمي bony reaction في أماكن الالتهاب (الشكل 9). وقد يشاهد التهاب سمحاق العظم الزَغَبي fluffy periostitis في أماكن التهاب المرتكزات، وخاصة ارتكاز وتر آخيل والصفاق الأخمصي على عظم العقب.

وتشاهد في العمود الفقري جسور عظمية syndesmophytes كتلك التي في التهاب الفقار المقسط، ولكنها هنا ضخمة وغير متناظرة. كما قد تُرى علامات التهاب المفصل الحرقفي العجزي التي تكون وحيدة الجانب. وقد يترك التهاب المفاصل المحيطية ائتكالات عظمية.

الإنذار:

يشفى معظم المرضى، وتستمر لدى بعضهم أعراض خفيفة مدة ستة أشهر، وتعاني قلة منهم التهاب مفاصل مزمناً فترات تمتد أكثر من ستة أشهر ولا سيما فيمن يكون لديهم HLA B27 إيجابيياً.

التدبير:

مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية NSAIDs هي الخيار الأول في علاج التهاب المفاصل الارتكاسي، ومع أنها لا تؤثر في سير المرض فهي كافية في أغلب حالات التهاب المفاصل والمرتكزات.

قد يفيد حقن الكورتيكوستيروئيدات في المفصل في بعض حالات التهاب المفاصل أو المرتكزات، أما الستيروئيدات الجهازية فلا تعطى إلا في الحالات الشديدة جداً.

وعند إخفاق الاستجابة للـ NSAIDs والحقن الموضعي، وكذلك في الإصابات خارج المفصلية الشديدة قد يفيد إعطاء السولفاسالازين (بجرعة 1000ملغ مرتين يومياً)، وتوقف هذه الأدوية حين هجوع المرض.

ومع أن العلاجات البيولوجية بمضادات السيتوكينات anti-TNF agents أصبحت أساسية في علاج التهاب الفقار المقسط يبقى تأثير هذه الأدوية في التهاب المفاصل الارتكاسي غير مؤكد، ولكن يوصي بعضهم بتجربة العلاج بالإتانرسبت 50ملغ تحت الجلد أسبوعياً للحالات التي لم تستجب لكل العلاجات السابقة.

يعالج التهاب العنبية بالتعاون مع اختصاصي أمراض العيون. تستجيب الحالات الخفيفة لقطرات الستيروئيدات، وتستعمل السيتروئيدات عن الطريق الجهازي في الحالات الشديدة. أما في التهاب العنبية المعند على العلاج فيفضل إعطاء أضداد TNF، ولا فائدة من استعمال الصادات في غياب أعراض الخمج.

ثالثاً- التهاب المفاصل الفقارية المرافق لأمراض الأمعاء الالتهابية:

التهاب القولون التقرحي ulcerative colitis وداء كرون   Crohn’s disease هما أكثر أمراض الأمعاء الالتهابية inflammatory bowel disease التي ترافق التهاب المفاصل أو التهاب الفقار.

يحدث التهاب المفاصل في 5-15% من المرضى، وهو أكثر شيوعاً في داء كرون، أما من الناحية النسيجية فهو التهاب لا نوعي في الغشاء الزليل في التهاب القولون التقرحي وترافقه أورام حبيبية granulomas  في الغشاء الزليل في داء كرون.

التهاب المفاصل عكوس عادة، لا يترك ائتكالات أو تخريباً غضروفيا أو عظمياً، ولكن قد تحدث تغيرات ائتكالية في الحالات المزمنة والناكسة. يرافق هجمات التهاب المفاصل نشاط الإصابة المعوية في التهاب القولون التقرحي، أما في داء كرون فقد يحدث التهاب المفاصل حتى في حال هجوع الإصابة المعوية. 

هناك نمطان من التهاب المفاصل المرافق لأمراض الأمعاء الالتهابية:

النمط الأول: التهاب عدد قليل من المفاصل oligoarthritis  (أقل من 5 مفاصل)، يبدأ على نحو حاد ولاسيما في المفاصل الكبيرة للطرفين السفليين (ركبة، كاحل) على نحو غير متناظر، يرافق هجمات التهاب الأمعاء أو يسبقها، ويتحسن من تلقاء ذاته خلال 4-6 أسابيع من دون أن يترك عقابيل.

النمط الثاني: التهاب المفاصل المتعددة  polyarthritis، يصيب على نحو أساسي المفاصل المشطية السلامية وبين السلاميات البعيدة، ويستمر عدة أشهر مع نوبات من النكس المتكرر لعدة سنوات.

يحدث التهاب الفقار والمفصل الحرقفي العجزي في 10-20% من المرضى، وهو أكثر شيوعاً في الذكور، يتظاهر بألم أسفل الظهر والمقعد، مع يبوسة خاصةً في الصباح، وبعد فترات الراحة الطويلة، ويخف على الحركة. بيد أن شدة الألم أقل مما هي في المصابين بالتهاب الفقار المقسط، قد تسبق الأعراض الظهرية المظاهر المعوية بسنوات وهي غير مرتبطة بهجمات المرض المعوي.

الجسور العظمية syndesmophytes الشعاعية تشابه ما ذكر في التهاب الفقار المقسط، ولكنها أقل حجماً وتناظراً. كما يمكن رؤية علامات التهاب المفصل الحرقفي العجزي التي تكون عادة وحيدة الجانب.

ترافق أمراضَ الأمعاء الالتهابية بعضُ المظاهر الأخرى مثل:

تعجر الأصابع  clubbing، والتهاب العنبية  uveitis، وتقيح الجلد الغنغرينيpyoderma gangrenosum  وهي أكثر شيوعاً في داء كرون، أما الحمامى العقدة erythema nodosum فأكثر حدوثاً في التهاب القولون التقرحي.

يشاهد التهاب العنبية والحمامى العقدة والتهاب المفاصل من النمط الأول في المرضى الذين يحملون الجين  HLA-DRB1-0103، أما HLA-B27 فيشاهد فقط في 50% من المرضى المصابين بإصابة محورية (التهاب الفقار والمفصل الحرقفي العجزي).

التدبير:

يتحسن التهاب المفاصل المحيطية بتحسن الإصابة المعوية بالعلاج، إلا أن الإصابة المحورية لا تتوقف على الرغم من العلاجات المختلفة.

يستعمل السولفاسالازين في علاج الإصابة المعوية والمفصلية. لا يمتص السولفاسالازين جيداً في الأمعاء الدقيقة، أما في القولون فهو ينشطر بوساطة البكتيريا إلى مركبين 5-aminosalicylic acid والسولفابيريدين. يعمل المركب الأول على تخفيض البروستاغلاندين E في مخاطية القولون، ويعدل النبيت المعوي  flora، في حين يعالج السولفابيريدين التهاب المفاصل. أما الميسالامين وهو الأمينوساليسيلات ففعال في الإصابة المعوية فقط.

يستعمل الميتوتريكسات والآزاثيوبرين و 6 مركابتوبيورين في علاج الإصابتين المعوية والمفصلية، وفي التهاب المفاصل المرافق.

وقد أظهرت الدراسات أن العلاج بالإنفليكسيماب infliximab (من أضداد (TNF) قد أدى إلى هجوع المظاهر المعوية في 60% من المصابين بداء كرون، وكذلك فإن النتائج مشجعة في التهاب القولون التقرحي.

مضادات الالتهاب اللاستيروئيدي :NSAIDs تخفف مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية مظاهر التهاب المفصل والألم ومع أن بعض المرضى يتحملون هذه الأدوية جيداً يفضل استعمالها بحذر في أمراض الأمعاء الالتهابية؛ لأنها قد تفاقم المظاهر المعوية.

رابعاً- التهاب المفاصل في الصدفية  :psoriatic arthritis

هو التهاب مفاصل يرافق الصدفية، يصيب 1-3 % من المصابين بالمرض الجلدي، ونسبة الإصابة في الذكور والإناث متساوية.

السببيات:

يحدث التهاب المفاصل الصدفي بتفاعل عوامل وراثية (زيادة نسبة الحدوث في أقارب المصابين والتوائم وحيدة البيضة) مع عوامل بيئية محيطة. ومن العوامل الوراثية المتهمة في الاستعداد لهذا المرض جزيئة .HLA27

هناك دلائل مقنعة على علاقة الرضوض بحدوث التهاب المفاصل الصدفي (ظاهرة كوبنر العميقة (deep Koebner phenomenon؛ إذ يذكر نحو 20% من المصابين بالتهاب المفاصل الصدفي قصة رض مباشر على المفاصل قبل حدوث الالتهاب.

وقد أشارت بعض الدراسات إلى علاقة التهاب البلعوم بالعقديات بالتهاب المفاصل الصدفي، وتم اكتشاف ريبوزوم RNA من العقديات في السائل المفصلي في بعض المصابين بالتهاب المفاصل الصدفي.

وما يشير إلى دور العوامل الممرضة زيادة حدوث الصدفية والتهاب المفاصل الصدفي في المصابين بنقص المناعة المكتسب.

الباثولوجيا:

يتميز التهاب المفاصل الصدفي بتكاثر زليلي شديد مع توسع الأوعية وتعرجها، وتسمك جدرها الشديد، وارتشاحها بالخلايا الالتهابية وخاصة العدلات والوحيدات، مع زيادة بعض السيتوكينات الالتهابية مثل            IL-1, IL-8, IL-15   و .TNF-alpha

المظاهر السريرية:

يسبق الصدافُ الجلدي أو صداف الأظفار التهابَ المفاصل أو يتزامن معه في معظم المرضى، يسبق التهاب المفاصل المميز الصداف الجلدي بعدة سنوات، وفي 15-20% من الحالات توجد قصة عائلية للصداف الجلدي.

يصيب التهاب المفاصل الصدفي المفاصل المحيطية والعمود الفقري، وقد وصف العالمان رايت ومول الأشكال السريرية التالية لهذه الإصابة:

1-إصابة بارزة في المفاصل بين السلاميات البعيدة.

2-التهاب مفاصل جادع مشوه (5%)       .arthritis mutilans  

3-التهاب قليل المفاصل (أقل من أربعة مفاصل) (70%).

4-التهاب مفاصل عديدة متناظر (15%).

5-التهاب فقار معزول (5%)، أو يرافقه التهاب مفاصل (40%).

6-مع تقدم المرض تصبح معظم الإصابات عديدة المفاصل، وقد تكون الإصابة المفصلية جادعة في كل الأشكال.

يختلف التهاب المفاصل الصدافي عن الروماتوئيد بقلة الألم - مقارنة بشدة الالتهاب والتخريب - وبعدم التناظر، وإصابته المفاصل بين السلامية البعيدة، وبوجود التهاب الإصبع dactylitis ويدعى (إصبع النقانق)، وهو تورم منتشر في كامل الإصبع ناجم عن مشاركة التهاب الغشاء الزليل للمفاصل والأوتار مع التهاب مرتكزات الإصبع كافة ويتلون الجلد المغطي للمفاصل المصابة باللون القرمزي المائل إلى الزرقة.

يتظاهر التهاب الفقار spondylitis الصدافي - وغالباً ما يرافق التهاب المفاصل المحيطية - بألم مع يبوسة صباحية، ولكن شدة الألم وتحدد الحركة أقل بكثير من المشاهد في التهاب الفقار المقسط، وتكون إصابة المفصل الحرقفي العجزي وحيدة الجانب غالباً، والجسور العظمية بين الفقرات قليلة وغير متناظرة.

المظاهر الجهازية قليلة الحدوث مقارنة بالأمراض الالتهابية الأخرى؛ إذ يشاهد التهاب القزحية iritis في 7% من المصابين بالتهاب المفاصل الصدفي، وكذلك عند مرضى الصدف الجلدي، ويحدث التهاب قولون لا نوعي. إن فرط حمض البول وشحوم الدم الملاحظ وجودها في هذا المرض قد يزيد من خطر حدوث أمراض القلب الوعائية.

المظاهر المخبرية:

لا يوجد اختبارات نوعية مشخصة لالتهاب المفاصل الصدفي. ترتفع بروتينات الطور الحاد (CRP) ارتفاعاً معتدلاً وخاصة في الشكل عديد المفاصل، ويرتفع حمض البول في نحو 20% من المرضى.

المظاهر الشعاعية:

تبدأ التغيرات الشعاعية لالتهاب المفاصل الصدفي منذ السنة الأولى للمرض، وتتطور على نحو مترقٍّ إلى ضيق في المسافات المفصلية، وائتكالات شبيهة بما يشاهد في الداء الروماتوئيدي خاصة في المفاصل بين السلاميات الدانية والقاصية وبدرجة أقل في المفاصل المشطية السلامية أو الرسغين، وعلى نحو غير متناظر بخلاف الداء الروماتوئيدي. كما يختلف شكل الائتكالات، ففي التهاب المفاصل الصدفي يحدث بري نهاية السلامية، مع ائتكال مركزي في النهاية المقابلة، لتعطي شكلاً مميزاً للائتكال يدعى القلم في الكأس pencil-in-cup  (الشكل 10)، وإضافة إلى الائتكالات يظهر التهاب سمحاقي، ونمو عظمي ندفي، وغير منتظم (الشكل 11). ويرافق الإصابة أحياناً انحلال عظمي أو ارتشاف نهايات السلاميات.

قد تشاهد مظاهر شعاعية لالتهاب المفصل الحرقفي العجزي شبيهة بالتي تشاهد في التهاب الفقار المقسط ولكن غالباً ما يكون وحيد الجانب، أما الجسور العظمية بين الفقرات فتكون قليلة وغير متناظرة.

الشكل (11) الشكل (10)

 

تشخيص التهاب المفاصل الصدفي:

وضعت لتشخيص المرض عدة معايير تشخيصية آخرها معايير مجموعة كاسبار (CASPAR) Classification of Psoriatic Arthritis، وهي:

مرض مفصلي التهابي يتناول المفاصل أو الظهر أو المرتكزات مع ثلاث أو أكثر من النقاط التالية:

1-دلائل على الصدفية حالية أو سابقة؛ إصابة أحد الأقارب من الدرجة الأولى أو الثانية (بالصداف).

2-صدفية الأظفار.

3-سلبية العامل الروماتوئيدي.

4-التهاب الإصبع dactylitis حالياً أو بالقصة المرضية.

5-مظاهر شعاعية على نمو عظم جديد مجاور لمفاصل اليدين والقدمين بعد استبعاد المناقير العظمية.

وتساعد هذه المعايير في تشخيص الإصابات التي تسبق الصدفية أو التي يكون فيها العامل الروماتوئيدي ايجابياً (2-10%).

تدبير التهاب المفاصل الصدفي:

التهاب المفاصل الصدفي مركب من عدة عناصر؛ الصدف الجلدي وصدف الأظفار، والتهاب مفاصل محيطية، والتهاب فقار محوري والتهاب مرتكزات؛ ولذلك يجب أن يعالج المريض بتعاون اختصاصي المفاصل واختصاصي الجلدية.

تعالج الإصابة الجلدية غالباً بالمراهم الموضعية من الأنثرالين، ومشتقات الفيتامين د والستيروئيدات، وفي الحالات المعندة والشديدة تضاف الأدوية الجهازية مثل الميتوتريكسات، البسورالين، السيكلوسبورين، وحديثاً الأدوية البيولوجية.

مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية هي أكثر الأدوية المستعملة لتخفيف أعراض التهاب المفاصل، مع أنها لا تعدل سير المرض ولا تمنع حدوث الائتكالات. لا يوجد أفضلية من حيث التأثير بين مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية التقليدية أو مثبطات COX-2 الانتقائية، مع الأخذ بالحسبان تحاشي المثبطات الانتقائية في المرضى عالي الخطورة لأمراض القلب الوعائية.

1-الأدوية المعدلة للمرض :DMARDs يجب البدء بإعطاء الأدوية المعدلة للمرض عندما يتأكد التشخيص؛ فبدء العلاج في الأشهر الأولى يؤدي إلى أفضل النتائج على المدى البعيد.

يعد الميتوتريكسات أكثر معدلات المرض استعمالاً؛ لأنه دواء فعال في معظم الحالات في التهاب المفاصل في الإصابة الجلدية، إضافة إلى تحمله الجيد. يعطى الميتوتريكسات بجرعة أسبوعية تراوح بين 7.5 - 25ملغ عن طريق الفم جرعة وحيدة، أو مجزأة مرتين أو ثلاث مرات في 24 ساعة. ويفضل طريقة الحقن إذا زادت الجرعة على 17.5ملغ، أو حين ظهور أعراض عدم تحمل هضمي. يبدأ تأثير الميتوتريكسات في ستة أسابيع، وحين حدوث الهجوع يعطى عدة سنوات مع مراقبة دورية لعناصر الدم وإنزيمات الكبد.

يمكن إعطاء الليفلونومايد في التهاب المفاصل الصدفي إذا فشل الميتوتريكسات، فقد كانت نتائجه جيدة في الإصابة الجلدية والمفصلية في نحو 40% من المرضى. لكن من غير المعروف بعد تأثير الليفلونومايد في منع حدوث التخريب المفصلي ووقف التغيرات الشعاعية. يعطى الليفلونومايد بجرعة 100ملغ في اليوم ثلاثة أيام متتالية، ثم يتابع بجرعة يومية 20ملغ مع مراقبة وظائف الكبد دورياً .

يمكن استعمال السيكلوسبورين في علاج التهاب المفاصل الصدفي بجرعة يومية 3-5 ملغ/كغ من وزن المريض، يظهر التحسن بعد 3-4 أشهر، ويمكن أن يشاركه مع الميتوتريكسات مع المراقبة الدورية لمستويات كرياتينين المصل.

وقد استعملت أدوية أخرى مثل السولفاسالازين، والآزاثيوبرين، والهدروكسي كلوروكين، وأملاح الذهب، وكان تأثير معظمها متوسطاً في بعض المرضى.

2-الستيروئيدات: تعطى الستيروئيدات المناسبة حقناً مفصلياً إذا كانت المفاصل المصابة قليلة، أو في التهاب أغمدة الأوتار أو التهاب المرتكزات، أما الستيروئيدات عن الطريق الجهازي فيجب إعطاؤها بحذر شديد أو تحاشيها بسبب احتمال تفاقم الإصابة الجلدية حين تخفيض الجرعات.

3-الأدوية البيولوجبة: أضداد TNF فعالة جداً في السيطرة على التهاب المفاصل، والإصابات الجلدية، وتحسين نوعية الحياة، إضافة إلى منع ترقي المظاهر الشعاعية وبمقادير تماثل مقاديرها في التهاب الفقار. تعطى هذه الأدوية مفردة أو بالمشاركة مع الميتوتريكسات. وهناك أدوية بيولوجية أخرى  قيد الدراسة منها:

alefacept ، وهو بروتين ارتباط بشري يعمل على منع التفاعل بين الخلية المقدمة للمستضد واللمفاوية  CD4، وabatacept  (CTLA4-Ig) وهو بروتين ارتباط ينافس المستقبل CD28 على اللمفاوية CD4 فيمنع ارتباطه بالمستقبل  CD80 على الخلية المقدمة للمستضد، وبالتالي يحبط حدوث الإشارة الثانية signal 2 فيحول بذلك دون تفعيل التائيات وتتوقف العملية الالتهابية.

 

   

 


التصنيف : الأمراض الرثوية
النوع : الأمراض الرثوية
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 82
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 518
الكل : 31721057
اليوم : 75639