logo

logo

logo

logo

logo

التهاب الكبد الفيروسي

التهاب كبد فيروسي

viral hepatitis - hépatite virale / hépatite à virus



التهاب الكبد الڤيروسي

نوفل الجاجة

التهاب الكبد الڤيروسي الحاد

التهاب الكبد الڤيروسي B المزمن  

 

يكون التهاب الكبد الڤيروسي viral hepatitis إما حاداً وإما مزمناً.

التهاب الكبد الڤيروسي الحاد

ويعرف بأنه أذية حادة في المتن (البرنشيم) الكبدي تسببه عدة أنواع من الڤيروسات، ويؤدي إلى تبدلات تنكسية ونخر خلوي فيه.

1- التهاب الكبد A: عامله ڤيروس التهاب الكبد A، ويرمز إليه بـ (HAV)، ويقيس حمضه النووي RNA 27 نانومتراً، وهو أشيع أنواع التهاب الكبد الڤيروسي، ويسبب حالات التهاب كبد وبائية أو فرادية، وله نمط مصلي وحيد. ينتقل الڤيروس بالطريق الفموي البرازي عند تناول طعام أو ماء ملوثين بالڤيروس. تبلغ فترة الحضانة 30 يوماً، ويطرح الڤيروس بالبراز مدة أسبوعين قبل ظهور اليرقان وأسبوع واحد بعده، ونادراً ما يسبب التهاب كبد صاعقاً. ليس لهذا الڤيروس حالات حمل carriers، ولا يسبب التهاب كبد مزمناً، ومرضه السريري أشد عند البالغين منه عند الأطفال. تظهر أضداد HAV باكراً في المرض ويكون كلا النوعين IgM و IgG قابلين للمعايرة بالمصل عند بدء الأعراض، ويكون عيار IgM أعظمياً في الأسبوع الأول للمرض السريري، ويزول في 3-6 أشهر، وهو اختبار ممتاز لتشخيص التهاب الكبد الحاد. أما عيار IgG فيبلغ الذروة بعد شهر، ويمكن أن يستمر سنوات. ويشير وجوده إلى تعرض سابق للڤيروس وعدم الإخماج وظهور مناعة.

الشكل (1)
1- الفيروس في البراز. 2- أضداد الفيروس
A من نمط IgM أ3_ أضداد افيروس A من نمط IgG .ن 4- الأعراض 5- ألانين أمنيوترانسفراز. 6- البيليروبين. 7- الأيام. 8- أمنيوترانسفراز (وحدة /مل) 9- البيليروبين (ملغ/مل)
 
الشكل (2)
1- المستضد السطحي
HBsAg . ن2- المستضد HBeAg E . ن3- أضداد المستضد اللبي من النمط IgMaHBc IgM. ن4- الأنزيم ناقل الأمين AST. ن5- أضداد المستضد aHBe E. ن6- أضداد المستضد السطحي aHBs
 
الشكل (3)

2- التهاب الكبد B: عامله ڤيروس التهاب الكبد B، ويرمز إليه بـ (HBV)، ويقيس 42 نانومتراً، ويتألف من الحمض النووي ثنائي الطاق (DNA) ومستضد لبي داخلي core antigen (HBcAg) ومستضد سطحي خارجي surface antigen (HBsAg). ينتقل الخمج عن طريق الدم ومنتجاته وبالاتصال الجنسي. ويمكن للأمهات إيجابيات HBsAg أن ينقلن الڤيروس لولدانهن في أثناء الولادة، وتبلغ نسبة حدوث الإزمان عند هؤلاء الأطفال 90%.

تمتد فترة الحضانة من 6 أسابيع إلى 6 أشهر، ويقدر خطر حدوث التهاب كبد صاعق بأقل من 1% مع معدل وفيات يصل حتى 60%. يحدث الإزمان بعد التهاب الكبد الحاد بالڤيروس B بنسبة تقل عن 5% من البالغين سويي المناعة؛ وبنسبة أكبر عند مضعفي المناعة وعند 30% من الأطفال. يتعرض الأشخاص المصابون بالخمج لحدوث التهاب الكبد المزمن B؛ ولاسيما عندما يحدث الخمج B (HBV) بعمر مبكر، ويعرّض التكاثر الڤيروسي لخطر حدوث تشمع كبدي وسرطان الخلية الكبدية (25-40%). قد يترافق الخمج (HBV) B وتظاهرات خارج كبدية كداء المصل والتهاب الكبب والكلية والحمامى العقدة.

هناك ثلاثة أنواع من الأضداد والمستضدات المتعلقة بالخمج B :(HBV)

أ- المستضد السطحي HBsAg: ويمثل الدليل الأول على الخمج (B HBV)، ويظهر قبل التبدلات الكيميائية الحيوية، ويستمر في المرض السريري. إن استمرار  HBsAg مدة تزيد على 6 أشهر مترافقاً وتبدلات مخبرية وسريرية يشير إلى حدوث التهاب الكبد المزمن.

ب- الأضداد السطحية anti-HBs: تظهر بعد تصفية  HBsAg وبعد التلقيح الناجح. إن غياب HBsAg وظهور anti-HBs يشير إلى الشفاء من الخمج B (HBV) وعدم الإخماج وحدوث مناعة.

ج- الأضداد اللبية anti-HBc: تظهر anti-HBc من النمط IgM بعد ظهور المستضد السطحي HBsAg بفترة قصيرة، ويشير وجوده إلى التهاب كبد حاد؛ وهو يملأ الفجوة المصلية عند المرضى الذين تخلصوا من HBsAg، ولم يطوروا الأضداد السطحية anti-HBs بعد، ويستمر وجوده مدة 3-6 أشهر. أما anti-HBc من النمط IgG فيظهر في فترة المرض الحاد، ويستمر زمناً غير محدد.

د- المستضد E، :HBeA الفكرة السائدة أن وجود HBeAg هو دلالة على الفعالية التناسخية للڤيروسHBV، وإن تشكل anti-HBe يترافق غالباً وتراجع فعالية تناسخ الڤيروس والانتقال إلى مرحلة الشفاء. تبقى هذه المعلومة صحيحة للڤيروس البري wild، في حين تستمر الفعالية التناسخية مع سلبية HBeAg وإيجابية anti-HBe في الڤيروس الطافر.

 هـ- HBV DNA: ويعدّ دلالة مهمة ودقيقة على تضاعف الڤيروس والأخماج، ويمكن معايرة المستويات المنخفضة من HBV DNA  بطريقة تفاعل البوليمراز التسلسلي (PCR) فقط.

يوصف الڤيروس HBV العادي بأنه بري، وهو معرض لحدوث طفرات تؤدي إلى طفرة قبل لبية precore mutation وإلى طفرة معززة للبّ core promoter mutation تؤدي إلى قلة إفراز المستضد E HBeAg من قبل HBV أو عدم إفرازه مع استمرار فعالية التناسخ الڤيروسي وقدرة المريض على إفراز anti-HBe؛ لذلك صنفت التهابات الكبد الڤيروسية بالـ HBV إلى نموذجين:

- التهاب الكبد بالـ HBV من نموذج HBeAg إيجابي (النموذج البري).

- التهاب الكبد بالـ HBV من نموذج HBeAg سلبي (النموذج الطافر).

ينتشر النموذج الطافر في دول حوض البحر الأبيض المتوسط حيث تبلغ نسبته 70%. 

3- التهاب الكبد D: ڤيروس التهاب الكبد D- ويرمز إليه بـ (HDV) - هو ڤيروس حمضه النووي RNA، ولا يسبب التهاب كبد إلا بوجود HBsAg، ويحدث التهاب الكبد D (HDV) إما متزامناً مع التهاب الكبد (HBV) B؛ وإما فوق خمج مزمن superinfection بالـHBV. عندما يتزامن التهاب الكبد D مع التهاب الكبد الحاد B يكون الخمج مشابهاًلالتهاب الكبد الحاد B وحده. أما في حال وجود التهاب الكبد المزمن B مسبّقاً فإن الخمج المضاعف يحمل إنذاراً أسوأ إما بسبب إحداثه التهاب كبد صاعقاً؛ وإما التهاب كبد مزمناً شديداً يتطور سريعاً نحو التشمع، ويزيد خطورة سرطان الخلية الكبدية ثلاثة أضعاف. يتم التشخيص بمعايرة أضداد الڤيروس (anti HDV) أوHDV RNA   في المصل.

4- التهاب الكبد C: ڤيروس التهاب الكبد C - ويرمز إليه بـ (HCV)- هو ڤيروس حمضه النووي RNA، وحيد الطاق، وله 6 أنماط جينية. ينتقل الڤيروس بالتماس مع الدم الملوث، ولا ينتقل عن طريق مفرزات الجسم كالسائل المنوي واللعاب. تقدر فترة حضانته بنحو 6-10 أسابيع، وتكون أقصر إذا كانت جرعة الڤيروسات كبيرة في أثناء العدوى. تختلف نسبة الانتشار بحسب البلد من أقل من 1% في أمريكا وأوربا الغربية إلى 15-20% في مصر. يشفى الالتهاب الحاد في 25% من الحالات، ويتطور نحو الإزمان في 75% منها، ونادراً ما يحدث التهاب كبد صاعق، ويشاهد هذا عند مضعفي المناعة عادة. يترافق التهاب الكبد C وتظاهرات خارج كبدية تتضمن التهاب المفاصل والتهاب الكبب والكلية وداء الغلوبولينات القرية المختلط من النمط الأساسي والبورفيرية الجلدية المتأخرة والتهاب الأوعية الكاسر للبيض ولمفوما لاهدجكنية، ويزداد خطر الإصابة بالداء السكري نمط 2.

يشخص التهاب الكبد C بمعايرة anti HCV بطريقة الإليزا ELISA، وتتمثل محدودية هذه الطريقة في الحساسية المنخفضة (السلبية الكاذبة) في المرحلة المبكرة للالتهاب الحاد والنوعية المنخفضة (الإيجابية الكاذبة) عند المرضى الذين لديهم مستويات مرتفعة من الغلوبولينات المناعية. وفي هذه الحالات يمكن تأكيد التشخيص بقياس HCV RNA أو بمعايرة anti HCV بطريقة (RIBA) radio immunoblot assay.

5- التهاب الكبد E: ڤيروس التهاب الكبد E (HEV) ڤيروس حمضه النووي من نوع RNA، وقياسه 29-32 نانومتراً، وهو مسؤول عن التهاب الكبد المنتقل بالماء في بعض البلدان كالهند والمكسيك وأفغانستان. المرض محدد لنفسه، ولا يوجد حالات حملة مزمنين أو إزمان مع معدل وفيات مرتفع عند الحوامل يصل 20%.

الموجودات السريرية

الصورة السريرية لالتهاب الكبد الڤيروسي الحاد متنوعة جداً، وتراوح من خمج لاعرضي دون يرقان إلى مرض صاعق وموت يتم في أيام.

أ- الأعراض:

- الطور البادري: قد يكون البدء حاداً أو مخاتلاً مع وهن عام وآلام عضلية ومفصلية ونفور من التدخين وقهم وغثيان وأحياناً قياء. تظهر الحمى غالباً ولكنها منخفضة الدرجة في حالات التهاب الكبد A. ويكون الألم البطني في حال حدوثه خفيفاً، ويتوضع في المراق الأيمن أو الشرسوف، ويتحرض بالهز والجهد، ونادراً ما يكون شديداً لدرجة يشابه فيها التهاب المرارة الحاد.

- الطور اليرقاني: يحدث اليرقان بعد 5-10 أيام من بدء المرض، ولا يظهر في غالبية المرضى اليرقان، وإذا ظهر اليرقان تسوء الأعراض البادرية، ويلي ذلك تحسن سريري.

- طور النقاهة: ويحدث فيه تراجع للأعراض السريرية وتحسن الشهية وغياب اليرقان والألم البطني والتعب.

- سير المرض والمضاعفات: يتراجع المرض الحاد في 2-3 أسابيع مع شفاء سريري ومخبري كاملين في 9 أسابيع في التهاب الكبد A و16 أسبوعاً في التهاب الكبد B. يصاب أقل من 1% بالتهاب كبد صاعق. قد يحدث في بعض حالات التهاب الكبد A نكس مرّة أو مرتين بعد الشفاء السريري والمخبري ولكن الشفاء هو القاعدة.

ب- العلامات: تلاحظ ضخامة الكبد في نصف الحالات، والإيلام الكبدي موجود عادة، وتشاهد ضخامة الطحال في 15% من الحالات وأحياناً ضخامة عقد لمفية، وقد تصادف حالة انسمامية في بعض حالات التهاب الكبد A.

الموجودات المخبرية

تعداد الكريات البيض طبيعي أو منخفض؛ ولاسيما في الطور ما قبل اليرقاني، وتشاهد أحياناً زيادة في اللمفاويات. ومن الشائع وجود بيلة بروتينية خفيفة، وغالباً ما تسبق بيلة البيليروبين ظهور اليرقان. يحدث ارتفاع شديد بناقلات الأمين (ALT-AST)، وتتجاوز غالباً 500 وحدة دولية/ل على نحو باكر، يتلوه ارتفاع البيليروبين والفوسفاتاز القلوية في قلة من المرضى، ويستمر ارتفاع البيليروبين والفوسفاتاز القلوية بعد تراجع ناقلات الأمين. إن تطاول زمن البروترومبين أكثر من 3 ثوانٍ فوق قيمة الشاهد يثير الشك في حدوث قصور كبدي متفاقم، ويتطلب مراقبة لصيقة، وقد يحدث أحياناً انخفاض سكر الدم في حالات الالتهاب الحاد الشديد.

التشخيص التفريقي

يتضمن التشخيص التفريقي أمراضاً ڤيروسية أخرى مثل الخمج بالڤيروس المضخم للخلايا CMV، وداء وحيدات النوى الخمجي، والخمج بالحلأ البسيط، وڤيروس الكوكساكي، وكذلك الإصابة بالبريميات والريكتسيات والبروسيلات والمقوسات (التوكسوبلازما)، وأمراض الكبد المحدثة بالأدوية، والتهاب الكبد الكحولي، والتهاب الكبد الإقفاري، وقد يكون لالتهاب الكبد المناعي بدء حاد يقلد التهاب الكبد الڤيروسي الحاد.

الوقاية

إن عزل المريض غير ضروري، ولكن غسل اليدين بعد التغوط ضروري جداً؛ كما يجب أن يكون التعامل الحذر مع الإبر الملوثة أمراً منوالياً. إن فحص دم المتبرعين لكشف HBsAg وanti HCV قد قلص خطر التهاب الكبد الناجم عن نقل الدم، كما يجب أخذ الحيطة في أثناء ممارسة الجنس. يجب تلقيح مرضى التهاب الكبد المزمن C ضد HAV وHBV وتلقيح مرضى التهاب الكبد المزمن B ضد HAV.

1- التهاب الكبد A: يجب إعطاء الغلوبولين المناعي للأشخاص المتماسين مع مرضى التهاب الكبد A بجرعة 0.02 مل/كغ عضلياً. هناك نوعان من لقاح التهاب الكبد A، وتعطى للأشخاص ذوي الخطورة العالية للإصابة مثل المسافرين إلى مناطق موبوءة، ومرضى التهاب الكبد B وC، ومرضى اضطرابات التخثر، ومدمني الأدوية المحظورة، والعاملين بالمجال الصحي ومجال الطعام.

2- التهاب الكبد B: قد يكون الغلوبولين المناعي الخاص بالتهاب الكبد B (HBIG) واقياً أو مخففاً لشدة المرض إذا أعطي بجرعات عالية في 7 أيام من التعرض للڤيروس، وتبلغ الجرعة عند البالغين 0.06 مل/كغ متبوعة بالجرعة الأولى من سلسلة اللقاح ضد HBV. إن إعطاءHBIG  مطلوب للولدان إذا كانت أمهاتهم إيجابيات HBsAg متبوعة بالجرعة الأولى من اللقاح. يعطى لقاح التهاب الكبد B للأشخاص ذوي الخطورة العالية مثل مرضى الديال الدموي، وموظفي الرعاية الصحية، ومرضى نقل الدم المتكرر، وأزواج الأشخاص إيجابيي HBsAg، وطلاب الطب وطب الأسنان والتمريض المبتدئين. وبسبب إخفاق هذه الاستراتيجية في خفض معدلات المرض فقد اعتمدت بعض الدول على إدخال اللقاح في برنامج تلقيح الأطفال. تبلغ جرعة اللقاح 10-20مكغ/كغ، وتكرر بعد شهر وبعد 6 أشهر من الجرعة الأولى، وتكون الوقاية ممتازة حتى لو انخفضت عيارات الأضداد. والجرعات الداعمة غير مطلوبة منوالياً ولكن ينصح بها عند الأشخاص الذين انخفض العيار لديهم تحت 10 ميلي وحدة دولية/مل.

العلاج

الراحة بالسرير مطلوبة فقط عند وجود أعراض ملحوظة، وإذا كان الغثيان والقياء شديدين أو إذا كان الوارد الفموي غير كافٍ يستطب إعطاء المصل الغلوكوزي 10% وريدياً. تتضمن الحمية الغذائية وجبات مستساغة ومحتملة من قبل المريض دون فرط تغذية. يجب تجنب الجهد الشديد والكحول والأدوية السامة للكبد. إن معالجة التهاب الكبد الحاد C بالإنترفيرون ألفا مدة 24 أسبوعاً يخفض خطورة التهاب الكبد المزمن، وبما أن 25% من المرضى يتخلصون من الڤيروس دون معالجة فمن المستحسن الاحتفاظ بهذه المعالجة للمرضى الذين يستمر عندهم الخمج بعد 6 أشهر.

الإنذار

في معظم الحالات يكون الشفاء تاماً في 3-16 أسبوعاً، وقد يستمر سوء الوظيفة الكبدية فترة أطول ولكن الشفاء يكون تاماً عند معظم المرضى. لا يسبب التهاب الكبد A داء كبدياً مزمناً على الرغم من أنه قد يستمر مدة عام، ومعدل الوفيات 0.2%. ويبلغ معدل وفيات التهاب الكبد B 0.1-1% ولكنه أعلى عند وجود التهاب كبد D مرافق. التهاب الكبد الصاعق C نادر، ولأسباب غير معروفة فإن معدل الوفيات بالتهاب الكبد E عند الحوامل مرتفع 10-20%. يتطور التهاب الكبد المزمن بالڤيروس B عند 2-5% من البالغين وعند 90% من الولدان و30% من الأطفال المصابين بالتهاب كبد حاد B. يتطور نحو 75% من المصابين بالتهاب كبد حاد C إلى التهاب كبد مزمن، ويتطور التشمع عند 30% من مرضى التهاب الكبد المزمن C و40% من مرضى التهاب الكبد المزمن B، ويكون خطر التشمع أعلى عند الإصابة بكلا الڤيروسين وعند المصابين بڤيروس عوز المناعة المكتسب HIV. إن مرضى التشمع معرضون لخطر الإصابة بسرطان الخلية الكبدية بنسبة 3-5% سنوياً. وعلى عكس التهاب الكبد المزمنC   فإن مرضى التهاب الكبد المزمن B معرضون للإصابة بسرطان الخلية الكبدية حتى بغياب التشمع.

التهاب الكبد الڤيروسي B المزمن

يعرف بوجود فعالية التهابية مزمنة في الكبد مدة تزيد على 6 أشهر، ويتظاهر ببقاء مستويات الإنزيمات ناقلة الأمين أعلى من مستوياتها الطبيعية وموجودات نسيجية مميزة، ويسببه HBV و HCVوHDV.

تصيب الكبد أذية التهابية مستمرة ناجمة عن وجود خمج بالـ HBV، وهو أكثر شيوعاً عند الذكور، ويمكن أن يلاحظ استمراراً لالتهاب كبد حاد، أو يشخص بسبب ارتفاع مستمر بمستويات ناقلات الأمين، وهو الأغلب.

نسبة الإزمان بالـ HBV حسب العمر:

- عند الولادة: 90%.

- بعمر 1-6 أشهر: 80%.

- بعمر 7-12 شهراً: 60%.

- بعمر 1-4 سنوات: 30%.

- بعمر 5 سنوات: 10%.

- عند الكهول: 5%.

تمر الإصابة بـHBV  المزمن بعدة مراحل:

1- مرحلة التحمل المناعي immune tolerant phase: ويميزها:

- إيجابية المستضد السطحي HBsAg وإيجابية المستضد الغلافي HBeAg.

- يتكاثر الڤيروس في هذه المرحلة على نحو شديد جداً (ملايين)؛ ولذلك تكون القدرة على الإخماج شديدة في هذه المرحلة (ارتفاع شديد في HBV-DNA).

- الإنزيمات ناقلة الأمين طبيعية، ولا توجد أعراض  سريرية.

- نسيجياً: لا توجد فعالية التهابية.

- مدة هذه الفترة مختلفة (شهران -10 سنوات) حتى ينتقل المريض إلى المرحلة الثانية وهي:

2- المرحلة المناعية الفعالة immunoactive phase: ويميزها:

- إيجابية المستضد السطحي HBsAg وكذلك المستضد E HBeAg.

- يحاول الجسم في هذه الفترة التخلص من الڤيروس (ارتكاس مناعي)؛ لذا ترتفع الإنزيمات ناقلات الأمين، وينخفض HBV- DNA.

- العدوى في هذه المرحلة أقل مما هي في مرحلة التحمل المناعي.

- نسيجياً: التهاب مزمن في النسيج الكبدي.

- تنتهي هذه المرحلة بانقلاب HBeAg الإيجابي إلى سلبي، وهذا هو هدف العلاج.

3- مرحلة الحمل المزمن غير الفعال inactive carrier state:

- تعود الإنزيمات الكبدية طبيعية.

- ينخفض DNA الڤيروسي إلى أخفض مستوى.

- العدوى ضعيفة أو معدومة.   

- نسيجياً: يتحسن المظهر النسيجي.

 التشخيص

1- سريرياً:

 - المرضى لاعرضيون غالباً، والفحص السريري سلبي.

- يشكو بعض المرضى: وهناً؛ وهو العرض الأشيع، ويرقاناً وحكة وآلاماً في المرفق الأيمن وقهماً وغثياناً، وهي أعراض نادرة.

2- مخبرياً:

- الإنزيمات ناقلة الأمين: مرتفعة دائماً (ارتفاع طفيف بحدود 2-10 أضعاف) بحيث يكون AST.

- البيليروبين: طبيعي أو مرتفع قليلاً.

- الفوسفاتاز القلوية: طبيعية أو مرتفعة قليلاً.

- الغلوبولينات المناعية: طبيعية أو مرتفعة؛ IgG خاصة. (ضعف ونصف - ضعفين).

- زمن البروثرومبين: متطاول أحياناً.

3- نسيجياً: خزعة الكبد مؤكدة للتشخيص، ويلاحظ فيها:

- النخرة الخلوية الكبدية: نخرة تتوضع عادة حول المسافات البابية، وقد تمتد إلى الفصيص، فتصل بين مسافة بابية ووريد مركز الفصيص بشكل جسور (نخرة جسرية)، وقد تصيب بعض الخلايا الكبدية داخل الفصيص (نخرة داخل فصيصية).

- الرشاحة الالتهابية: مكونة على نحو أساسي من اللمفاويات والبلازميات (أي رشاحة مزمنة)، وهي تتوضع على نحو رئيسي في المسافات البابية وحولها.

- التليف: يبدأ في المسافة البابية وحولها، ثم يدخل إلى الفصيص ليصل بين مسافة بابية وأوردة مركز الفصيص (تليف جسري).

4- صدوياً: تخطيط الصدى غير مفيد عادة في التشخيص؛ ولكنه يجرى حين الشك في وجود يرقان انسدادي. يكون الكبد طبيعياً أو متضخماً قليلاً، وتكون المرارة خالية من الصفراء وذات جدار متسمك .

معايير تشخيص التهاب الكبد المزمن B:

1- المستضد السطحي إيجابي أكثر من 6 أشهر.

2- DNA الڤيروس B في المصل إيجابي.

3- قد تكون إنزيمات الكبد مرتفعة أو طبيعية متأرجحة (ارتفاع مستمر أو متقطع).

4- خزعة الكبد: تشير إلى وجود فعالية نخرية التهابية.

تقييم الآفات النسيجية لالتهاب الكبد المزمن

معيار Metavir: هو المعيار الأكثر استخداماً لتصنيف التهاب الكبد المزمن، وبموجبه يتم تحديد الفعالية الالتهابية والنخرية في الكبد التي تقسم بحسب شدتها إلى أربع درجات grade، وتعني الدرجة الأولى وجود نخر ورشاحة زهيدة، كما يتم في الوقت نفسه تحديد شدة التليف الذي يقسم أيضاً إلى أربع مراحل stage، وتشير المرحلة الرابعة فيها إلى وجود التشمع.

التظاهرات خارج الكبدية لالتهاب الكبد المزمن الڤيروسي B:

تحدث هذه التظاهرات نتيجة ارتباط المكونات الڤيروسية مع البروتينات مشكّلة معقدات مناعية قد تترسب في أماكن مختلفة من الجسم.

1- آلام مفصلية.

2- فرفرية هينوخ شونلاين: نادرة.

3- التهاب عصب وحيد أو متعدد: نادر جداً.

4- التهاب كبب وكلية.

5- التهاب ما حول الشريان العقدي.

6- التهاب الجلد البثري.

7- فقر دم مناعي ذاتي.

المعالجة

تهدف المعالجة إلى تحسين أذية النسيج الكبدي وتجنب خطر تطور الالتهاب المزمن ووصوله إلى مرحلة التشمع وما يتلوه من قصور الخلية الكبدية أو حدوث التسرطن. تتجلى الاستجابة التامة للمعالجة بغياب الدنا الڤيروسي من الدم وعودة الإنزيمات ناقلة الأمين إلى الحدود السوية وحدوث الانقلاب المصلي (أي غياب المستضد E HBeAg وظهور أضداده HBeAb؛ وذلك في النموذج البري من التهاب الكبد). ويستحسن إجراء خزعة الكبد قبل البدء بالمعالجة لتعيين درجة الالتهاب والمرحلة التي وصل إليها.

تستطب المعالجة المضادة للڤيروسات عند وجود تنسخ ڤيروسي عالٍ (ويعدّ التنسخ الڤيروسي عالياً إذا تجاوز عدد الڤيروسات مئة ألف نسخة/مل في النموذج البري، أو تجاوز عددها عشرة آلاف نسخة/مل في النموذج الطافر) وارتفاع في إنزيم ناقلة الأمين مع علامات نسيجية على التهاب كبد شديد أو متوسط الشدة؛ أي عندما يصل الخمج الڤيروسي المزمن إلى المرحلة الثانية من تطوره، وهي المرحلة المناعية الفعالة. وعلى العكس من ذلك لا تستطب المعالجة في مرحلة التحمل المناعي عندما يكون التنسخ الڤيروسي شديداً جداً وعيار إنزيم ناقلة الأمين سوياً، وكذلك الأمر في مرحلة الحمل المزمن غير الفعال عندما يكون التنسخ الڤيروسي ضعيفاً. أما إذا وصل الالتهاب المزمن إلى مرحلة التشمع فقلّ أن تكون الأدوية المضادة للڤيروسات مفيدة.

توجد حتى اليوم 4 أدوية مستعملة في العلاج؛ هي:

أ- الإنترفيرون (INF) interferon: وهو الأكثر فعالية لأنه إضافة إلى فعاليته المضادة للڤيروس يعدّل المناعة، ولكن أعراضه الجانبية كثيرة منها أعراض شبيهة بالنزلة الوافدة وتثبيط النقي والاكتئاب، واضطراب وظائف الدرق وأمراض مناعية جهازية وتساقط الأشعار.

 ب- الإنترفيرون peg، (peg INF) peg interferon: وهو إنترفيرون مضاف إليه جزيء البولي إيتيلين غليكول، فيصبح  عمره النصفي أطول من نصف عمر الدواء السابق. وتجدر الإشارة إلى أن التأثيرات الجانبية للإنترفيرون كثيرة، وقد تستدعي إيقاف الدواء أو إنقاص الجرعة. تعطي هذه المعالجة نتيجة إيجابية في نحو 40% من المرضى، ويتجلى ذلك بحدوث الانقلاب المصلي وغياب الدنا الڤيروسي من الدم، أما المستضد السطحي فيبقى إيجابياً في معظم الحالات.

ج- اللاميفودين (LAM) lamivudine: وهو الأكثر أماناً، وعملياً ليست له أعراض جانبية، وجرعته اليومية 100ملغ، ولكن استعماله الطويل يسبب ظهور طفرات أهمها YMDD.

د- أديفوفيرديبيفوكسيل (ADV) adefovir dipivoxil: وهو الأحدث، جرعته اليومية 10ملغ، يستخدم علاجاً أولياً أو بديلاً من LAM في حال حدوث مقاومة.

يعطى العلاج حسب الخطة التالية:

1- التهاب الكبد المزمن HBsAg إيجابي المستضد E: يعالج بالإنترفيرون بجرعة 5 ملايين وحدة يومياً تحت الجلد، أو 9-10 ملايين 3 مرات أسبوعياً مدة 4-6 أشهر، أو بالإنترفيرون peg مرّة واحدة أسبوعياً بجرعة 180مكغ من peg-INFaα2a وجرعة 100مكغ من peg-INFaα2b. يعطى LAM أو ADV في حال وجود مضاد استطباب للإنترفيرون أو عدم تحمل مدة سنة كاملة على الأقل. يجب إيقاف المعالجة إذا لم تحدث استجابة ڤيروسية بعد سنة ومراقبة المريض؛ إذ قد تحدث سورة حادة تتطلب العودة إلى العلاج. يستخدم ADV علاجاً أولياً أو بديلاً من LAM في حال حدوث طفرة YMDD مقاومة  للـ LAM.

2- التهاب الكبد HBsAg سلبي المستضد E: يعالج بالإنترفيرون INF 5 ملايين وحدة يومياً تحت الجلد أو 9-10 ملايين 3 مرات أسبوعياً مدة 12-24 شهراً أو بالإنترفيرون peg بالجرعات المذكورة سابقاً. يعطى LAM أو ADV في حال وجود مضاد استطباب أو عدم تحمل أو عدم استجابة للإنترفيرون مدة طويلة تبلغ 2-3 سنوات على الأقل، يستخدم ADV علاجاً أولياً أو بديلاً من LAM في حال حدوث طفرة YMDD مقاومة للـ LAM.

2- التهاب الكبد المزمن C

يتطور لدى 75% على الأقل من مرضى التهاب الكبد الحاد التهاب كبد مزمن، وهو سريرياً غير قابل للتمييز من التهاب الكبد المزمن الناجم عن أسباب أخرى. وغالباً ما يكون المرضى غير عرضيين، ويتم اكتشاف الإصابة مصادفة بوجود ارتفاع طفيف بناقلات الأمين (غالباً ALT) في 50% من الحالات، وفي نحو 40% من الحالات تبقى ناقلات الأمين طبيعية على نحو مستمر. يتم التشخيص بتحري anti HCV في المصل بطريقة الإليزا من الجيل الثالث، ويجب معايرة HCV RNA بطريقة تفاعل البوليمراز التسلسلي. ويعدّ الحمل الڤيروسي عالياً عندما يتجاوز 2 مليون نسخة/مل، وفي هذه الحالة يتوقع أن تكون الاستجابة للعلاج سيئة. يجب أن يتم تحديد نمط الڤيروس type عند المرضى المرشحين للمعالجة لعلاقته بمدة العلاج ونمطه. أما خزعة الكبد فتفيد في تحديد الفعالية الالتهابية وإزمانها ودرجة التليف أو التشمع وفي تقييم الاستجابة للعلاج.

العلاج

أ - الإنترفيرون: يعطى بجرعة 3 ملايين وحدة 3 مرات أسبوعياً.

ب - الإنترفيرون peg: ونتائجه أفضل من الإنترفيرون التقليدي، ويتوافر منه نوعان: peg-INFaα2a، ويعطى بجرعة 180مكغ مرة أسبوعياً تحت الجلد، وpeg-INFaα2b ويعطى بجرعة 1.5مكغ/كغ.

ج - الريبافيرين Ribavirin: هو مضاهئ نكليوزيدي لا يثبط التناسخ الڤيروسي؛ لذلك لا يستعمل إلا مشاركة مع INF أو peg INF بجرعة 800-1000ملغ يومياً. ومن تأثيراته الجانبية فقر الدم الانحلالي، وله تأثير مشوه للأجنة.

يعطى العلاج لجميع المرضى المصابين بالـ HCV بعد التأكد من الإصابة الڤيروسية (anti HCV إيجابي وHCV RNA إيجابي) ومن عدم وجود مُضاد استطباب للمعالجة. ويكون العلاج بمشاركة INF مع Riba مدة 6 أشهر للنمطين 2و3 ومدة سنة كاملة لبقية الأنماط.

3 - التهاب الكبد المزمن D:

وهو نمط نادر من التهاب الكبد المزمن، ويصاب نحو 60-70% من المرضى بالتشمع وبسرعة أكبر مما هي الحال عند الإصابة بالخمج بـHBV وحده، وفي 15% يتطور المرض بسرعة، ويصل إلى التشمع في عدة سنوات. يتم التشخيص بمعايرة anti HDV عند المرضى إيجابيي HBsAg، ويمكن تأكيد التشخيص بمعايرة HDV RNA، أما العلاج فهو الإنترفيرون ألفا بجرعة 10 ملايين وحدة 3 مرات أسبوعياً مدة 12 شهراً؛ ولكن الاستجابة للعلاج ضعيفة.

الإنذار:

إن تطور التهاب الكبد المزمن متنوع وغير متوقع. يتطور التهاب الكبد المزمن B إلى تشمع بنسبة 5-10% سنوياً، ويمكن أن يحدث سرطان الخلية الكبدية عند هؤلاء المرضى حتى بغياب التشمع. يموت 40-50% من مرضى التهاب الكبد B المزمن الذين وصلوا إلى مرحلة التشمع في 5 سنوات من بدء الأعراض. يكون تطور التهاب الكبد C مخاتلاً وغالباً تحت سريري، ويؤدي إلى التشمع عند 10-20% في 20-25 سنة، ويظهر سرطان الخلية الكبدية عند 2% من المصابين بالتشمع سنوي.

 

 

علينا أن نتذكر

> التهابات الكبد الڤيروسية حادة ومزمنة.

الحادة:

- HAV ينتقلان بالطريق الدموي (طريق فموي برازي).

- HEV لا يوجد إزمان، ولا يحدث تطور إلى سرطان الخلية الكبدية في كليهما. 

- HBV ينتقلان بالطريق الدموي (وهو الطريق الأساسي في HBV) وبالطريق الجنسي (نادر في .(HCV

- HCV كلاهما يسبب الإزمان بنسب مختلفة - نسبة الإزمان في HBV 01%.

- نسبة الإزمان في HCV 58%.

كلاهما يسبب سرطان الخلية الكبدية H.C.C. بنسب مختلفة: 20% فيHBV، و40% في H CV.                

كلاهما قد يسبب تشمعاً كبدياً بنسب مختلفة: 30% في النوع B، و20% في النوع C.

- HDV: يترافق والـHBV، فلا يستطيع هذا الڤيروس أن يعبر عن نفسه إلا على خلفية التهاب كبد  ب، وهو ينتقل بطريقة انتقال HBV نفسها.

 المزمنة:

1- الالتهاب المزمن B: يشخص بـ:

- إيجابية HBs Ag  فترة <  6 أشهر.

- ارتفاع ناقلات الأمين على نحو متأرجح.

- خزعة الكبد.

تستطب المعالجة إذا كان:

-    HBV -DNA-   < 10000 في حال HBe Ag إيجابي.

< 10000 في حال HBe Ag سلبي.

- العلاج فيه غير مجدٍ دائماً، والوقاية أفضل. 

2- الالتهاب المزمن :C يشخص بـ:

- إيجابية anti HCV بطريقة الإليزا وإيجابية RNA HCV بطريقة تفاعل البوليمراز التسلسلي.

- النتائج العلاجية فيه أفضل مما هو عليه في HBV.

 

 


التصنيف : أمراض الكبد
النوع : أمراض الكبد
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 411
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 589
الكل : 31536714
اليوم : 53119