logo

logo

logo

logo

logo

التخدير والتسكين في التوليد

تخدير وتسكين في توليد

anesthesia and analgesia in obstetrics - anesthésie et analgésie en obstétrique



التخدير والتسكين في التوليد

 

الدكتور عبد الرزاق حمامي

 التخدير في العمليات والتوسطات الولادية

التخدير لمعالجة شذوذات التقلصات الرحمية

تخفيف آلام المخاض أو الولادة من دون ألم

الوسائط الدوائية

الطرق غير الدوائية لتسكين آلام المخاض

 

 

يلجأ إلى التخدير anesthesia والتسكين analgesia في التوليد لغايات متعددة أهمها:

1 ـ العمليات الجراحية (القيصرية ورضوض  المسير التناسلي وتمزقاته  ـ الرحم وعنق الرحم، والمهبل، والفرج، والعجان)، والتوسطات الولادية (ملقط الجنين، والتحويل، وعمليات التفتيت، وخزع الفرج).

2 ـ معالجة شذوذات التقلصات الرحمية (فرط المقوية الرحمية، وتكزز الرحم وانقباضها وتشنجات عنق الرحم).

3 ـ تخفيف آلام المخاض (الولادة بلا ألم).

التخدير في العمليات والتوسطات الولادية:

الشكل (1) بعض الطرق المستعملة للتخدير الولادي

التخدير للعمليات الجراحية والتوسطات الولادية لا يختلف عنه في التخدير الجراحي بصورة عامة مع مراعاة ألا يكون للمادة المخدرة ضرر على الجنين، وألا تؤثر في حسن انقباض الرحم بعد استخراج الجنين. يمكن استعمال الطرق المختلفة وهي باختصار:

أ ـ التخدير العام: ينبغي ملاحظة مرور المواد المخدرة عبر المشيمة وأثرها في الجنين، واتقاء حصول متلازمة ماندلسون (ذات القصبات والرئة الاستنشاقية) بإفراغ مفرزات المعدة الحامضة قبل إجراء التخدير وإعطاء الماخض ما يعدل حموضة المعدة مثل بيكربونات الصوديوم، أو ثالث سيليكات المغنزيوم.

ب ـ التخدير القطني: وهو سهل التطبيق سريع التأثير مضمون النجاح، تأثيراته في الجنين معدومة، وتأثيراته الجانبية في الأم قليلة سوى ما يؤدي إلى هبوط الضغط الشرياني أحياناً، يمكن استعماله في التوسطات الولادية والعملية القيصرية؛ غير أنه نادراً ما يلجأ إليه في النساء لعوامل نفسية.

ج ـ التخدير حول الجافية paradural: أو فوق الأم الجافية epidural أو التخدير الذيلي caudal. ويجري بحقن مادة مخدرة مثل الكسيلوكائين أو النوفوكائين بنسبة 1 ـ2% في المسافة حول الأم الجافية باستعمال إبرة بزل خاصة تدخل عبرها قثطرة رفيعة من البولي إتيلين إلى المسافة حول الجافية وتثبت القثطرة بعد نزع الإبرة لحقن المادة المخدرة تدريجياً. يستخدم التخدير فوق الجافية لمعالجة تشنج عنق الرحم وفرط المقوية الرحمية ولتخفيف آلام الولادة؛ إذ يزول الألم في نحو 80% من المواخض. من محاذير هذه الطريقة هبوط الضغط الشرياني وعدم تحمل المادة المخدرة أو حدوث الخمج.

د ـ التخدير الناحي:

 ـ يتم بإجراء تشريب العصب أمام العجزي والضفيرة الخثلية (إحصار ما حول العنق paracervical block)، وذلك بحقن المادة المخدرة (كسيلوكائين مثلاً) بمحقنة خاصة عبر الرتوج الجانبية للمهبل لتشريب ما حول عنق الرحم.

 ـ تشريب العصبين الاستحيائيين الباطنيين (إحصار العصب الاستحيائي pudendal block) بحقن المواد المخدرة في الناحية العجانية عميقاً قرب الحدبة الوركية حيث يمر العصب الاستحيائي في الطرفين.

يمكن اللجوء إلى التخدير الناحي لإجراء بعض التوسطات الولادية كالمحجم السويدي وتطبيق ملقط الجنين، وإجراء خزع الفرج الواقي وترميم تمزقات عنق الرحم والمهبل والعجان.

هـ ـ التخدير الموضعي: يتم بحقن المواد المخدرة تحت الجلد ثم الطبقات العميقة لتخضيب الناحية التي سيجرى فيها الخزع أو منطقة التمزق لإجراء الترميم.

التخدير لمعالجة شذوذات التقلصات الرحمية:

يمكن اللجوء إلى التخدير حول الجافية أو حقن المواد والأدوية المضادة للتشنج أو المهدئة كالمورفين والبيتيدين والڤاليوم وسواها.

تخفيف آلام المخاض أو الولادة من دون ألم:

الولادة حادث فيزيولوجي لكنه يتطلب جهداً قد يكون شاقاً ومتعباً؛ فتقلصات الرحم ومرور الجنين عبر القناة التناسلية وانضغاط الأعصاب والأنسجة تؤدي جميعها إلى درجات مختلفة من الألم تتفاوت في شدتها من ماخض لأخرى ومن ولادة لثانية في المرأة نفسها، كما تختلف شدة الألم باختلاف أدوار المخاض ونوع المجيء والوضع وما إلى ذلك…

لذلك كان لابد في كثير من الحالات من اللجوء إلى الطرق المختلفة لتخفيف آلام المخاض وإزالتها. ولكن حين اختيار الطريقة يجب الانتباه إلى العوامل التالية:

 ـ يجب أن يحقق العلاج المعطى الغاية المرجوة منه.

 ـ يجب ألا يؤثر في سير المخاض والتقلصات الرحمية.

 ـ يجب ألا يكون له تأثير ضار في الوالدة أو الجنين.

وفي الواقع ليس هناك واسطة مضمونة تزيل الألم نهائياً ولا يكون لها التأثير الضار في الوالدة أو الجنين. فهناك طرق ووسائط مختلفة لكل منها حسناتها ومحاذيرها ستوجز فيما يلي:

1 ـ الوسائط الدوائية:

أ ـ الأدوية المستعملة حقناً أو عن طريق الفم:

 ـ المركنات sedatives والمنومات hypnotics: كالباربتوريَّات وهي قليلة الاستعمال فيما عدا التي تستعمل حقناً وريدياً للتخدير العام في بعض المداخلات الولادية السريعة.

 ـ المهدئات tranquilizers: كالديازيبام diazepam (الڤاليوم وأشباهه) ويستعمل بتواتر في بدء المخاض، وليس له أي محذور بالمقادير العادية، وهو يهدئ آلام المخاض ويحدث حالة نسيان الألم بعد الولادة.

 ـ مضادات التشنج antispasmodics: كالأتروبين والسكوبولامين وأشباههما، وهي تدعو لزوال تشنجات عنق الرحم واسترخاء عضلات العجان فتخفف بالتالي من الألم.

 ـ المسكنات ومضادات الألم :analgesics كالمسكنات الأفيونية وأشباهها المورفين، والبيتيدين، والدولوزال، ولها خاصة مسكنة ومضادة للتشنج ومنومة، ولكنها تؤثر في المركز التنفسي للجنين وقد تؤخر تنفسه بعد الولادة؛ لذلك كان لا بد من إعطاء الجنين مضاداتها كالنالورفين والنالوكسين فور ولادته.

 ـ شالات العقد :ganglioplegics وهي تفعل بقطع السيالة العصبية في مستوى العقد كمركبات الكلوربرومازين ومنها اللارغاكتيل والسبارين، ولها تأثير جيد في إزالة التشنج وتخفيف الألم ولا تأثير لها في تقلصات الرحم ولا في الجنين.

ب ـ الأدوية المستعملة إنشاقاً:

 ـ الكلوروفورم chloroform: وهو سائل طيار ذو رائحة عطرية كرائحة التفاح يعطى تقطيراً بالقناع المكشوف، أول من استعمله الطبيب الإنكليزي جورج سنو في تخدير الملكة فكتوريا؛ لذلك سميت الطريقة (التخدير الملكي)، وهو سريع التأثير سريع الانطراح ونتائجه حسنة لا يضر بالماخض ولا يؤذي الجنين.

 ـ ثالث كلور الإتيلين (التريلين trilene): استعمل أولاً للتخدير ثم استعمل لتخفيف آلام الولادة منذ عام 1942. وهو سائل طيار برائحة عطرية ينشق بجهاز خاص ممزوجاً مع الهواء (جهاز سيبران) (الشكل 2)) ذي قناع تطبقه الماخض على فمها وأنفها وتستنشق حتى إذا زال الألم ونامت الماخض سقط القناع عن فمها ثم عادت إلى الاستنشاق حين يعاودها الشعور بالألم (التخدير الذاتي). والتريلين شديد التأثير لإزالة الألم من دون فقد الوعي، ومن سيئاته انطراحه البطيء وإحداثه خوارج انقباض قلبية في بعض الحالات.

 ـ أول أكسيد الآزوت nitrous monoxide: وهو غاز يستعمل في التخدير وأول ما استعمل في التوليد في روسيا عام 1881، وهو بلا لون ولا رائحة يحفظ مائعاً في أسطوانات (ويسمى غاز الضحك)، وهو مخدر خفيف له خواص مسكنة جيدة سريع التأثير سريع الانطراح لكنه لا يرخي العضلات الملس ولا تأثير له في تقلصات الرحم ولا في الجنين، يؤدي إلى الاختناق إذا أعطي صرفاً؛ لذلك ينشق ممزوجاً بالهواء أو الأكسجين بطريق التخدير الذاتي بجهاز Mimmitt.

 ـ الميتوكسي فلوران (البانتران) Penthrane: استعمل مزيلاً لآلام المخاض عام 1960، وهو سائل طيار عطري الرائحة ذو تأثير شديد مزيل للألم لا يؤثر في التقلصات الرحمية ولا في الجنين، من محاذيره تخريشه للكليتين وإحداثه بعض الاضطرابات في التخثر الدموي أحياناً . يعطى إنشاقاً على نحو متقطع بجهاز خاص (جهاز كارديف) على طريقة التسكين الذاتي.

2 ـ الطرق غير الدوائية لتسكين آلام المخاض:

الشكل (2) جهاز سيبران لإعطاء التريلين

أ ـ الطرق النفسانية: المخاض عمل فيزيولوجي إذا تم في الشروط الطبيعية كان غير مؤلم أو قليل الإيلام. والألم إحساس شخصي يختلف من ماخض لأخرى ومن الولادة الأولى إلى الثانية في المرأة نفسها، وإن الجهل بآلية الولادة والمخاض والخوف من المجهول يشتركان في التأثير في جهاز المرأة العصبي فيؤديان متى ظهر المخاض إلى حصول التشنج العضلي واشتداد مقاومة النسج فتصبح التقلصات مؤلمة ، ويزيد الألم من شدة الجزع فيشتد معه التشنج وهكذا يتم الدخول في دائرة معيبة.

كما أن ما يوصف به المخاض تقليدياً من شدة وأذى وما تسمعه الفتاة من مجتمعها من قصص عن الولادات العسيرة والمؤلمة تتراكم في اللاشعور مكونة عوامل سلبية تخفض من عتبة الشعور بالألم وتكون منعكسات شرطية ضارة يصبح المخاض معها يعني الألم.

فأساس الطرق النفسية هي إزالة العوامل السلبية بمكافحة الخوف والجهل وحذف المنعكسات الشرطية الضارة وبناء منعكسات شرطية جديدة مفيدة.

ففي إنكلترا تتبع طريقة ديك ريد Dick Read لمكافحة الخوف والجهل بدروس تلقى على الحامل تشرح لها فيها حوادث الحمل والولادة على حقيقتها ويكافح التشنج بتمارين رياضية تعتاد بها الحامل على الاسترخاء. ويبدأ بإعداد الحامل منذ الشهر السابع فتصبح حين المخاض أشجع في احتمال الألم والصبر عليه لهذا دعيت هذه الطريقة (بالولادة بلا خوف).

وفي عهد الاتحاد السوڤييتي اتُبعت طريقة نيكولاييڤ Nicolaiev بالإعداد النفسي الوقائي للمرأة لإزالة العنصر النفسي لآلام الولادة وحذف المنعكسات الشرطية الضارة بإبعاد تصور حتمية آلام الولادة، وذلك بشرح المعلومات الأساسية عن آلية المخاض وسير الولادة والإيحاء والإقناع بأن المخاض حدث غير مؤلم، وبناء منعكسات شرطية مفيدة بتوضيح أن الولادة تعني حدثاً سعيداً مبهجاً. ويبدأ هذا الإعداد النفسي منذ الشهر السابع للحمل. وفي أثناء المخاض يطلب من الماخض الاسترخاء والقيام بأعمال مختلفة في أثناء التقلص، كأن تتنفس تنفساً سطحياً وسريعاً، أو أن تقوم بإجراء حركات تمسيد أو فرك الغاية منها إلهاء نشاط قشر الدماغ عن موضوع الألم، ولهذا دعيت هذه الطريقة بطريقة (الإعداد النفسي الوقائي).

وفي كلتا الطريقتين يستعان بالموسيقى الهادئة لإسباغ جو من الهدوء والراحة على غرفة الولادة.

ب ـ التنويم المغنطيسي hypnosis: يلجأ بعضهم إلى التنويم المغنطيسي لتخفيف آلام الولادة ويبدأ بالتهيئة منذ الشهر الخامس بجلسات تنويم للحامل للإيحاء وحذف صورة الولادة المؤلمة ورسم صورة جديدة للولادة السعيدة بلا ألم. وتتبع طرق مختلفة لإجراء التنويم، والثقة بالطبيب المنوم هي أساس نجاح هذه الطرق.

ج ـ تسكين آلام الولادة بالوخز بالإبر acupuncture: عرف الكي عند العرب والضغط والتمسيد لتسكين الآلام. وفي الصين اتبعت طريقة الوخز بالإبر بإدخال إبر دقيقة في الوتر أو العضل لإزالة الآلام، وللتخدير لإجراء العمليات الجراحية كالقيصرية.

ويستعمل نوعان من الإبر، الإبر المدرسية التي تحرك بالأصابع والإبر الموصولة بتيار كهربائي.

وقد تبين أن هناك أقنية عديدة تحدث إثارتها بالإبر خدراً في مناطق مختلفة من الجسم بتحريضها على إفراز المورفينات الداخلية (الإندورفينات endorphins) وتسكين آلام الولادة، وقد بين (يو، تشو، شو، انغ) أن هناك ثلاث نقاط مهمة هي:

1 ـ تحت جلد شحمة الأذن: وتعد مركزاً لتسكين آلام الجسم كله.

2 ـ الفوت بين إبهام اليد اليمنى وسبابتها: يتم الوخز في سماكة العضلات لتسكين آلام القسم العلوي من الجسد.

3 ـ الفوت بين الخنصر والبنصر في القدم: ويتم الوخز تحت الجلد لتسكين آلام التقلصات الرحمية.

وشروط نجاح طرائق الوخز بالإبر الإيمان والاعتقاد بأثرها وفائدتها.

 

 

علينا أن نتذكر

يستعمل التخدير في أمراض النساء حين إجراء العمليات النسائية، وهو لايختلف عن التخدير في كل العمليات الجراحية في الاختصاصات الأخرى، وأغلب ما يستعمل التخدير العام.

أما في التوليد فهناك أنواع مختلفة من التخدير:

> التخدير العام لإجراء العمليات القيصرية.

> التخدير القطني، ونادراً ما يلجأ إليه.

> التخدير حول الجافية لتخفيف آلام المخاض ومعالجة تشنج عنق الرحم وفرط مقوية الرحم.

> التخدير الموضعي لخياطة الجروح الصغيرة حين ترميم العجان مثلاً.

> التخدير الذاتي بالاستنشاق، وله أجهزة خاصة تختلف باختلاف المادة المخدرة.

> وأخيراً هناك الطرائق النفسانية والرياضات المختلفة لتخفيف آلام المخاض، وتأثيرها جيد في كثير من الحالات، إضافة إلى خلوها من الضرر والخطر.

> والمهم جداً تذكُّر مرور مواد التخدير عن أي طريق أُعطيت إلى الجنين عبر المشيمة، والآثار التي قد تنجم عن ذلك، فضلاً عن تأثير المواد المخدرة في أجهزة الحامل نفسها إذا كان فيها ما يتأثر بالتخدير.

 

 


التصنيف : توليد
النوع : توليد
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 221
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 539
الكل : 30966429
اليوم : 22230