logo

logo

logo

logo

logo

التبغ (صناعة-)

تبغ (صناعه)

Tobacco industry -

التبغ (صناعة -)

جمع محصول التبغ ومعالجته تمهيداً لتصنيعه لف السجائر
تقييم التبغ و تصنيفه مرشحات السجائر
لفائف التبغ (السجائر) تعبئة السجائر
صناعة السجائر البدائل
ورق لف السجائر السيجار
الإضافات additives مستقبل التدخين

  محمد وليد الجلاد

 

التبغ tobacco نبات اقتصادي أصنافه كثيرة منها: التنباك والتبغ الشرقي (اللاذقاني والتركي والصيني) والفرجيني والمريلند والبرلي وغيرها. يزرع التبغ من أجل استنشاق دخان أوراقه المحترقة أو استعمال مسحوقها نشوقاً (سَعوطاً) أو مضغة لاستحلاب مكوناتها والحصول على مزاج مخدر بفعل ما يحتويه من النيكوتين، ويعد النيكوتين العقار الأساسي المسبب لإدمان التدخين. طرائق تعاطي التبغ مختلفة، وأكثرها شيوعاً تدخين لفائف التبغ أو السجائر cigaretts، وهي لفائف من ورق محشوة تبغاً مفروماً، والسيجار cigar المولف من أوراق التبغ السليمة والملفوفة على شكل أنبوب، وكذلك تدخين الغليون pipe، وهو كؤيس من خشب أو معدن يحشى تبغاً وينتهي بأنبوب يُمتص دخان التبغ من خلاله، وتدخين النرجيلة hubble-bubble وهي جهاز مؤلف من حوجلة ماء يمر فيها دخان التبغ المحترق والمرطب في كأس مجوفة ويرتشفه المدخن بوساطة خرطوم خاص. وأما الطرائق الأخرى في تعاطي التبغ من غير التدخين فتشمل المضغة أو الشمة، والسَّعُوط أو النَّشُوق.

يعتقد أن أول من عرف التبغ واستعمله أفراد قبائل المايا، وقد بينت الحفريات الأثرية تدخين التبغ في قصبة أو أنبوب أو غليون في أمريكا الوسطى منذ القرن التاسع الميلادي. وكان شعب المايا ومن بعده شعب الأزتك يدخنون التبغ وغيره من الأعشاب المنشطة نفسياً في طقوسهم الدينية (الشكل 1)، وكثيراً ما يصورون على أوانيهم الفخارية وعلى جدران معابدهم الكهنة والآلهة وهم يدخنون، ونقله عنهم الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، وكانوا يدخنون التبغ بحشوه في أوراق النباتات المختلفة؛ كأوراق الذرة أو النخيل. ولما وصل كريستوفر كولومبوس عام 1492 إلى القارة الأمريكية وجد قبائل الأراواك Arawaks الكاريبية الأصل تدخن التبغ في أنبوب فنقله عنهم، ومازال تدخين السيجارة والسيجار شائعاً في البحر الكاريبي والمكسيك وفي أمريكا الجنوبية حتى الوقت الحاضر.

الشكل (1) أحد النقوش الذي عثر عليه في خرائب مدينة بالنك Palenque في المكسيك يصور كاهناً من المايا Mayan priest يستخدم أنبوب تدخين.

نقل الإسبان والبرتغاليون التبغ إلى القارة الأوربية، وأدخله سفير البرتغال جان نيكوت Jean Nicot إلى فرنسا عام 1556، وإليه تنسب تسمية هذا الجنس من النبات Nicotiana tabacum. وانتشرت زراعة التبغ في مختلف بلاد العالم، ووصلت إلى الصين واليابان وغربي إفريقيا في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

جمع محصول التبغ ومعالجته تمهيداً لتصنيعه

يُجمع محصول التبغ بعد 70 إلى 130 يوماً من غرسه بإحدى طريقتين: فإما أن تقطع النبتة بكاملها ثم تشق الساق أو تفرّع وتعلق على حبال أو عارضات، وإما أن تجمع الأوراق الناضجة أولاً بأول بدءاً من الأوراق السفلية للنبتة -وهي باكورية النضج- ثم تليها الأوراق المتوسطة فالعلوية. وتتكرر عملية جمع الأوراق كل 3-4 أيام بمعدل 3-5 أوراق من كل نبتة في كل مرة، وتوضع الأوراق المقطوفة والمتماثلة بعضها مع  بعض في سلة لتنقل إلى أماكن المعالجة، حيث تسلّك الأوراق الصالحة للسيجار وكذلك أوراق التبغ العطري بخيط أو سلك بوساطة إبرة، أما الأوراق التي تجفف وتعالج لأغراض أخرى فتلف الورقة بكاملها بسلك وتعلق على حبل أو على عوارض في حظيرة المعالجة curing barn. ولتجنب تكسر الأوراق أو تقصفها في أثناء المداولة يفضل تركها تذبل في الظل في الحقل مدة بضع ساعات حتى يومين قبل نقلها.

هناك طرائق ثلاث لمعالجة الأوراق من مختلف الأنواع، فإما أن تعالج بالهواء air curing وإما بالدخان (بحرق الحطب) fire curing وإما بالهواء الساخن flue curing، وثمة طريقة رابعة هي التجفيف بالشمس وتطبق على الأنواع العطرية وبعض الأنواع المجففة بالهواء. تتألف المعالجة من أربع خطوات أساسية هي: التذبيل wilting والتصفير yellowing والتلوين coloring والتجفيف drying. تُحدِث هذه الخطوات الأربع في الأوراق تغيرات فيزيائية وكيميائية ويضبط تطور خصائصها بحسب الرغبة.

تجرى المعالجة بالهواء بالتهوية الميكانيكية داخل المبنى على مدى شهر أو شهرين؛ مع التدفئة بحرق فحم الخشب أو فحم الكوك أو الموائع النفطية إذا تطلبت الشروط الجوية ذلك، ويلجأ إليها في معالجة الكثير من أنواع التبغ؛ ولا سيما الأنواع الغامقة اللون والمريلند والبرلي وأوراق السيجار.

تشبه المعالجة بالدخان عملية المعالجة بالهواء مع بعض التعديل، حيث تعلق أوراق التبغ مدة يومين حتى ستة أيام في حظيرة المعالجة ثم يشعل الوقود -وهو الحطب خاصة- مباشرة على أرض الحظيرة الترابية. يتخلل دخان الحطب أوراق التبغ فيمنحها عبق قطران الخشب (الكريوزوت creosote) المميز. قد تكون المعالجة بالدخان مستمرة أو متقطعة وتحتاج إلى ثلاثة أسابيع حتى عشرة لتكتمل وتكتسب الأوراق السمة النهائية لها (الشكل 2).

الشكل (2) معالجة التبغ بالدخان في الحظيرة المغلقة.

أما معالجة التبغ بالهواء الساخن فتتم في حظيرة مسقوفة وصغيرة الحجم؛ ومجهزة على محيطها أو تحت أرضيتها بأجهزة تهوية وأنابيب تدفئة معدنية أو مداخن، تتغذى من مواقد أو مدافئ تعمل على الحطب أو الفحم أو زيت الوقود أو مشتقات النفط. عندما تستخدم مدافئ الزيت أو الغاز تنتفي الحاجة إلى المداخن. تضبط الحرارة بعناية تامة، وتراقب أوراق التبغ من كثب للتحقق من التبدلات الكيميائية والفيزيائية الطارئة عليها. تتطلب المعالجة بالتدفئة 4-8 أيام وتستعمل لأنواع تبغ فرجينيا (التبغ الناصع) bright tobacco، وفي حال المعالجة بكميات كبيرة تصف الأوراق بالتساوي على رفوف معلقة في غرفة المعالجة (الشكل 3).

الشكل (3) أوراق التبغ المصفوفة في حظيرة المعالجة.

تقييم التبغ و تصنيفه

تركم الأوراق بعد المعالجة بعضها فوق بعض تمهيداً لتقييمها قبل البيع، وبعد فحص الأوراق وتصنيفها تحزم في رزم أو بالات متوسطة الحجم وتوزن (الشكل 4)، وفي الشروط الجافة تحفظ الأوراق في مستودعات أو غرف مكيفة الرطوبة قبل تداولها كيلا تتكسر. ويجري تقييم الأوراق وتصنيفها وفقاً لنوعيتها وموضع الأوراق على ساق النبتة عند القطاف ولونها وحجمها ودرجة نضجها وغير ذلك من المواصفات النوعية، ويفرز كل صنف منها على حدة. وعندما يتعلق الأمر بتجارة التبغ عالمياً ترزم كل 15- 30 ورقة في رزمة واحدة قبل البيع، وتربط بعناية بورقة واحدة من أرومتها.

الشكل (4) تحزيم التبغ في بالات ووزنه تحضيراً لبيعه.

يحتاج معظم التبغ -باستثناء تبغ السيجار والتبغ العطري- إلى التجفيف مرة أخرى قبل البيع، وبعد البيع يعاد ترطيبه بدرجة معينة من أجل تعتيقه، ثم يحفظ في أكياس أو صناديق أو براميل، ويشحن التبغ المعد للتصدير على هذا النحو (الشكل 5). تميل معظم مصانع التغليف إلى نزع سوق الأوراق قبل إعادة تجفيفها، وقد يُلجأ أحياناً من أجل تسريع تعتيق الأوراق -ولاسيما تبغ السيجار- إلى تخميرها، كما قد يتم التلاعب بالتبوغ العطرية بعد شرائها بفرزها ورزمها ومعالجتها بالتخمير قبل تسليمها إلى المصنع.

الشكل (5) أكياس التبغ المجفف المعد للبيع.

لفائف التبغ (السجائر)

السيجار cigar تسمية فرنسية منقولة عن الإسبانية والبرتغالية "سيغارو" cigarro المقتبسة من لغة المايا "سيك آر" sik&https://www.arab-ency.com.sy/tech/details/1125/6#39;ar ومعناها "تدخين التبغ"، فالسيجار أوراق تبغ ملفوفة بورقة تبغ. وبعد أن شاع تدخين السيجار بين الأغنياء في إسبانيا والبرتغال أخذ فقراء مدينة إشبيليا، - في أوائل القرن السادس عشر- يجمعون أعقاب السيجار من الشوارع ويفرمونها ويلفونها بشرائط ورق عادي ليدخنوها، فعرفت باسم "سيغاريلوس" cigarillos ( بمعنى سيجار صغير)، وقد انتقل تدخين هذا النمط إلى فرنسا حيث عرف باسم سيجارة cigarette (تصغير سيجار)؛ ومنها إلى بقية بلاد العالم، وهذا ما توثقه عدة لوحات للفنان غويا F.Goya؛ ولاسيما تلك التي تحمل اسم La Cometa عام 1777م (الشكل 6).

الشكل (6) لوحة " لاكوميتا" للفنان فرانسيسكو غويا تصور رجلاً يدخن ما يشبه السيجار.

وفي حرب القرم وبعدها شاع تدخين التبغ على شكل سجائر بين الجنود البريطانيين نقلاً عن حلفائهم العثمانيين وأعدائهم الروس، فقد كان هؤلاء يلفون التبغ ويدخنونه في شرائط من أوراق الصحف القديمة لعدم توفر أوراق التبغ الصالحة للف، فساعد هذا على تطوير صناعة السجائر نفسها في مصر التي كانت تحت السيطرة الإنكليزية، وأدى إلى تطوير أنواع من التبغ مناسبة لصنع السجائر.

صناعة السجائر

تتميز السيجارة من السيجار بكونها أصغر منه حجماً، وتبغها مولَّف ومعالج ومفروم فرماً ناعماً وملفوف بورق مسامي رقيق أبيض اللون على الشائع.

يعتقد معظم الناس أن صنع السجائر تجارياً عملية سهلة لا تتعدى وضع التبغ الممزوج في ورق اللف وتصميغ طرفي الورقة، وإضافة مرشّح filter أساسه أسيتات السلولوز based filter cellulose acetate، بيد أن إعداد المواد التي تتألف منها السجائر يتطلب إيلاء كل عنصر منها عناية خاصة؛ ولا سيما توليف التبغ ومزجه؛ وهي المادة الرئيسية التي تزيد مدخّن السيجارة إدماناً بما تحتويه من إضافات تجعل النيكوتين يتطاير بكثافة في أثناء احتراق السيجارة.

ورق لف السجائر

يختلف ورق لف السجائر من حيث المسامية porosity والنعومة بحيث يسمح بتهوية جذوة الاحتراق burning ember؛ ومن حيث احتواؤه على مادة تتحكم في معدل احتراق السيجارة وثبات الرماد الناتج منها، وقد تبين -منذ ثلاثينيات القرن العشرين- أن بذر الكتان مصدر جيد لورق السجائر. وأما الورق المستعمل عند مؤخرة السيجارة tipping (المبسم mouthpiece) -الذي يغلف المرشّح- فالغاية منه منع امتصاص اللعاب، والتخفيف من حرارة الاحتراق، وضمان مرور الدخان بسلاسة خلال صف أو صفين من الثقوب الهوائية الصغيرة المثقبة بالليزر (الشكل 7).

الشكل (7)

يرى الباحثون في الصحة العامة أن عامل احتراق ورق لف السجائر مسؤول عن نشوب الحرائق المختلفة بسبب التدخين، وأن التخفيف من ذلك العامل يقلل من خطر نشوب الحريق بسبب أعقاب السجائر، وهو كثير الحدوث ويؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، وهذا ما دفع كثيراً من بلدان العالم إلى منع السجائر التي لا تخضع لمعايير منع الحرائق. وقد طورت بعض شركات تصنيع السجائر الكبرى - منذ ثمانينيات القرن العشرين - ورق سجائر من هذا القبيل، يضبط معدل احتراق ورق اللف بإضافة أشكال مختلفة من بلورات السلولوز المكروية micro crystalline cellulose في أثناء معالجة عجينة الورق وترسيبها ميكانيكياً؛ بحيث تتوفر في الورق حزم مختلفة المسام تخفف من سرعة احتراقه؛ وتساعد على انطفائه تلقائياً، ويصبح آمناً ضد الحريق. تعد ولاية نيويورك أول ولاية أمريكية تفرض تصنيع السجائر وبيعها وفق معايير أمان الحرائق، ثم تبعتها بقية الولايات تدريجياً، كما أصدرت كندا والاتحاد الأوربي تشريعات مماثلة تعتمد المعايير نفسها. وأثبتت الدراسات التي شملت 16 دولة في الاتحاد الأوربي أن 11000 حريق نشب فيما بين العامين 2005 و2007 نتيجة إهمال الناس قواعد التعامل الصحيح مع السجائر، ونجم عن ذلك وفاة 520 شخصاً وإصابة 1600 شخص بإصابات مختلفة.

توليف التبغ ومزجه

تهدف عملية التوليف والمزج النهائي إلى إعطاء المنتَج نكهة متناغمة من أنواع التبغ المختلفة الداخلة في الخلطة؛ والتي جُنيت من مناطق مختلفة، وقد تتبدل نكهاتها من سنة إلى أخرى بسبب الشروط البيئية والمحيطية المختلفة.

تستعمل في السجائر الحديثة منذ خمسينيات القرن العشرين كميات من التبغ الممزوج، أساسها أوراق التبغ النقي بعد تقطيعها (فرمها). يُحضَّر التبغ الممزوج المعد للسجائر أساساً من أوراق التبغ الزاهية المخمرة بالتدفئة flue-cured brightleaf (تعرف أيضاً باسم التبغ الفرجيني بقطع النظر عن موطن زراعتها) بعد خلطها بأنواع أخرى من التبغ النقي والتبغ الشرقي. تنتقى أوراق التبغ وتعالج وتترك لتتعتق قبل أن تمزج بعضها ببعض وتعبأ في سجائر. وفي أثناء معالجة أوراق التبغ وتنقيتها، تَفضُل بقايا متنوعة من منتجات التبغ الثانوية؛ مثل العيدان والأضلاع وغبار التبغ ومِزَق الأوراق ونفاياتها إضافة إلى الأوراق الصغيرة جداً، تُعالج هذه النواتج الثانوية -على حدة- في شكل عجينة كعجينة الورق، بحيث يمكن بعدئذٍ إضافتها مجدداً إلى مزيج السيجارة من دون أي تغيّر ظاهري أو ملحوظ في نوعية السجائر، وذلك للتخفيف من تكاليف إنتاج السجائر؛ إذ يسعى منتجو السجائر دائماً إلى تحقيق أكبر ربح، ويقودهم هذا المسعى إلى عدم الاكتفاء بأوراق التبغ النقي فقط؛ بل يتعدونها إلى استعمال فضلات التبغ المدوّر recycled tobacco offal وعروق نبات التبغ وعيدانه. تشتمل معظم النواتج الثانوية للتبغ على ما يلي:

أ - أجزاء من أوراق ممزوجة Blended leaf (BL) sheet: تتألف من أوراق رقيقة جافة ساقطة من عجينة غبار التبغ المجموع من الأوراق المنزوعة العيدان ومن أضلاع الأوراق الناعمة النقية؛ إضافة إلى البكتين pectin.

ب - صحاف مرممة Reconstituted Leaf (RL) sheet: شبيهة بورق الكتابة مصنوعة من تدوير مِزق أوراق التبغ وعيدانه وأضلاعه والتبغ المصنف "class tobacco" المؤلف من فتات التبغ التي يقل حجمها عن 30 مش mesh (وحدة قياس فتحة عين المنخل أو الغربال)؛ أي قطرها نحو 0,599 مم، والتي تجمع في كل مرحلة من مراحل معالجة التبغ. تُصنع الصحاف المرممة باستخلاص المواد الكيميائية القابلة للانحلال في نواتج التبغ الثانوية، وتشكيل عجينة من بقايا ألياف التبغ على شكل ورق الكتابة، ثم إعادة استعمال تلك المواد المستخلصة المركزة على ذلك الورق بطريقة شبيهة بتغرية ورق الكتابة. وفي هذه المرحلة تزاد إضافات من الأمونيوم لتحويل التبغ المرمم إلى منظومة فعالة لإطلاق النيكوتين (الشكل 8).

الشكل (8) صحاف التبغ المرممة والممزجة المعدة للفرم.

ج - العيدان الطويلة أو المحسنة expanded or improved stems هي أضلاع الأوراق وعروقها المهروسة والمفرومة الممددة بنقعها في الماء مع التسخين السريع، حيث يسحق الجذع أولاً ثم يقطع حتى يماثل الورق قبل أن ينقع ويمزج بالأوراق المفرومة. أما العيدان المحسنة فتعالج بالطريقة نفسها ولكن يجري تبخيرها بعد فرمها. يجفف كلا النوعين، ويبدوان من حيث المظهر متماثلين؛ غير أن نكهة كل منهما مختلفة.

وطبقاً لمعطيات منظمة الصحة العالمية فإن كميات التبغ النقي في 1000 سيجارة تقلصت من 1 كغ في ستينيات القرن العشرين إلى 0.41 كغ عام 1999؛ وذلك بسبب الاستعاضة عن التبغ النقي بنفاياته مع الإضافات، وغالباً ما تحدد وصفات المزج نسب خلط أوراق التبغ الفرجيني وتبغ البرلي والتبغ الشرقي مع الإضافات المختلفة لتحسين نكهتها.

الإضافات additives

تخلط الإضافات المتنوعة بمزيج التبغ المولّف والمفروم ومعها بعض المرطّبات مثل غليكول البروبلين propylene glycol أو الغليسرول glycerol؛ وبعض المنكهات ومسرِّعات الاحتراق مثل مسحوق الكاكاو cocoa solids وعرق السوس liquorice or licorice وعصير الفواكه ومستخلصات التبغ الثانوية ومختلف أنواع السكر، وتعرف هذه الإضافات بمجموعها باسم الروابط casings. يضاف إلى المزيج عطور منكهة تسمى " المتممات" toppings، وهي تحضر في الغالب من قبل شركات صناعة العطور، وتمزج بخليط التبغ لتحسين نكهة السيجارة ومذاقها وفقاً لعلامتها التجارية؛ وللتعويض عن النكهة المفقودة بفعل عمليات الترطيب والتجفيف المتكررة في أثناء معالجة التبغ.

ثمة قائمة تضم 599 إضافة إلى السجائر أعدتها شركات السجائر الأمريكية الخمس الكبرى، وصدقتها إدارة الصحة والخدمات الإنسانية في نيسان/أبريل 1994، ولا يدخل أي من هذه الإضافات في قائمة المكونات التي تسجل على علبة السجائر. كما تضاف بعض المواد الكيميائية غير المسجلة في القائمة بهدف الوقاية العضوية organoleptic، وتعزيز فعل الإضافات وخصائصها ولاسيما في أثناء احتراق السيجارة. من هذه المواد الكيميائية الموجودة على القائمة: الأمونيا وهي تساعد على تحرير جزيئات النيكوتين المقيدة في دخان التبغ وتحويلها إلى جزيئات حرة، تُعرف هذه العملية باسم "تحرير الأساس" freebasing لكونها تعزز تأثير النيكوتين في المدخن. يُخزن هذا التبغ بعد ذلك في مخازن مكيفة لتعتيقه إلى أن يصبح المزيج جاهزاً للتعبئة.

لف السجائر

كانت السجائر في البدء تلف يدوياً سواء من قبل المدخِّن نفسه أم من قبل عمال الورشة (الشكل 9)، فكان الواحد منهم يلف السيجارة ويصمغها ثم يعبئها في علبتها، ويستطيع العامل الماهر لف 40 سيجارة في الساعة الواحدة. وفي خمسينيات القرن التاسع عشر افتتح البارون جوزيف هوفمان Josef Hoffmann مصنعاً للسجائر في مدينة سان بطرسبرغ في روسيا، وأتبعه في عام 1872 بمصنع آخر في درسدن (ألمانيا)، وبعد عشر سنوات حصل على احتكار تصنيع السجائر في نيويورك. كذلك أنتج الإنكليزي روبرت بيكوك غلوغ
R. P. Gloag في الفترة نفسها سجائر من التبغ التركي ملفوفة بورق أصفر، وتميزت طريقته بأنه كان يحشو التبغ المهشم في أسطوانة الورق لتشكيل السيجارة.

الشكل (9) ورشة صنع السجائر يدوياً.

وفي عام 1880 حصل الأمريكي جيمس بونزاك James A. Bonsack من الولايات المتحدة على براءة اختراع مكنة صنع سجائر توزع التبغ بالتساوي على شريط ورقي مستمر وتلفه وتصمّغه وتلصقه وتقطّعه سجائر بالطول المطلوب بسكين دوَّارة (الشكل 10-أ). وثمة جهاز آخر يلتقط كل سيجارة ويثبت المرشح في عقبها، وتستطيع مكنة لف السجائر الحديثة إنتاج 25-30 سيجارة في الثانية (الشكل 10-ب).

الشكل (10)

تشمل عملية لف السجائر صندوقاً قمعياً لتغذية التبغ، ولفّة من ورق السجائر، وصندوقاً قمعياً لتقديم المرشحات، ولفة من ورق المرشح، وآلة مد اللاصق. تفرد لفة الورق على سير متحرك خاص، ويغذّي الصندوقُ ورقَ اللف بالتبغ المعدِّ للحشوة في الوقت الذي يبدأ فيه السير الناقل بالدوران على نفسه مع الورق والحشوة مشكلاً لفافة طويلة جداً، وفي الوقت نفسه تصمّغ الآلة أحد طرفي الورق أتماتياً وتلصقه بالطرف الآخر ليخرج في النهاية أنبوباً محشواً بالتبغ. يُقطَّع الأنبوب بعد مسافة قصيرة بسكين دوارة بالأطوال المقررة للسجائر. يمر تحضير المرشحات بمراحل مماثلة تقريباً. ثم يدمج مرشح بعقب كل سيجارة ويصمغ ورقه من طرفين أحدهما لختم المرشِّح نفسه والآخر للصقه بالسيجارة. بعد ذلك ترسل السجائر إلى مكنة التعبئة.

مرشحات السجائر

يعد مرشح السجائرcigarette filter، المعروف أيضاً بالمرشح الطرفي أو الفموي، أحد مكونات السيجارة جنباً إلى جنب مع ورق السجائر والكبسولات والمواد اللاصقة، غير أنه لا يقلل من الأضرار الصحية للسيجارة.

يمكن أن يصنع المرشح من ألياف أسيتات السلولوز أو من الورق أو من الفحم المنشط (إما مرشح مسامي cavity filter أو مضمن في أسيتات السلولوز). كذلك تستخدم راتنجات الفينول فورم ألدهيد والإسبست الكبيرة المسام في مرشحات السجائر (الشكل 11). تعدل الأسيتات والورق جزيئات الدخان وتحتجز الجسيمات الكبيرة الحجم منها، وتعدل تركيز الكربون بالامتزاز. والثابت عملياً أن المرشحات تخفف من "القطران" نحو 50% من النيكوتين، وتحتجز فئات معينة من المركبات الكيميائية (مثل الفينولات) بمعدل أكبر مقارنة بغيرها. والمرشحات غير فعالة بشكل خاص في إزالة الغازات ذات الوزن الجزيئي المنخفض جداً، مثل أكسيد الكربون. مع العلم أن معظم هذه التخفيضات تقاس في المختبر عند تدخين السيجارة على مكنة التدخين؛ أما عندما يدخن الإنسان السيجارة فالمركبات كلها تدخل إلى الرئتين سواء استخدم المرشح أم لا (الشكل 12).

الشكل (11) مرشحات السجائر الطرفية المضمنة.

الشكل (12) مكونات السيجارة.

تزود معظم شركات التبغ سجائرها بمرشح، أما من يلف سجائره بنفسه فيمكنه شراء المرشحات منفصلة (الشكل 13). واللافت للنظر أن تبني المرشحات عالمياً منذ أمد غير بعيد لم يقلل من أضرار التدخين ومعدلات الإصابة بسرطانات الرئة، وأن ملء جزء معين من السيجارة بمرشح أرخص من ملئها بالتبغ.

الشكل (13) مرشح سجائر طرفي منفصل.

تعبئة السجائر

المرحلة الأخيرة في صنع السجائر هي تعبئة السجائر ميكانيكياً في عبوات ورقية أو كرتونية تحمل اسم المنتج؛ بمعدل 20 سيجارة للعلبة الواحدة، ثم تغليفها بالسلوفان المانع للرطوبة للمحافظة على نداوة السجائر. ترصف كل عشر عبوات في علبة من الكرتون غالباً، وتعبأ في صناديق من كرتون.

البدائل

مع أن السيجارة لفافة محشوة بالتبغ فقد يطلق الاسم على لفافات بديلة أو شبيهة بها تحتوي على أعشاب غير التبغ؛ كسجائر النعنع menthol cigarettes التي تمنح المدخِّن نكهة ورائحة منعشة؛ والسجائر المنخفضة القطران low-tar ؛ وسجائر أكباش القرنفل cloves؛ أو أوراق القنب cannabis أو غيرها، وكلها تشتمل على أخطار شديدة على الصحة.

ويسعى بعض المنتجين في السنوات الأخيرة إلى التخفيف من مقدار النيكوتين في السجائر. وتقدم السجائر الإلكترونية Electronic Cigarettes (E-sigs) بديلاً محتملاً صديقاً للبيئة، كما أن الكثير من عبوات السجائر الإلكترونية قابل لإعادة التصنيع؛ أي إن في وسع المدخن التخفيف من أثر التدخين في البيئة بتبديل المادة التي يدخنها (الشكل 14).

الشكل (14) السجائر الإلكترونية.

السيجار

جاءت كلمة سيجار- كما أشير سابقاً- من الإسبانية المنحوتة عن لغة المايا، وجاءت كتابتها بالإنكليزية في المعجم الإنكليزي الحديث عام 1773 "seegar" ثم عدلت فيما بعد لتكتب "cigar". تختلف نوعية التبغ المعد لصنع السيجار عن التبغ المعالج والممزوج المعد للسجائر، فتبغ السيجار الفاخر تشتهر به -عموماً- المناطق المدارية الحارة؛ كإفريقيا والبرازيل وجزر الكناري وكوبا وجمهورية الدومنيكان والإكوادور ونيكاراغوا وسومطرة.

مراحل صنع السيجار

تجنى أوراق تبغ السيجار قبل أن تزهر النبتة وترسل للمعالجة في حظائر موجهة من الشرق إلى الغرب؛ بحيث تواجه الشمس عند الشروق وعند الغروب، ويضبط فتح الأبواب وغلقها للإبقاء على درجة الحرارة ثابتة طوال اليوم. تبقى أوراق التبغ في الحظيرة ما يقارب الشهرين إلى أن يتغير لون الأوراق من الأخضر إلى الأصفر فالبني، وبعد أن تجف الأوراق تكوم أكواماً وتغطى بقماش وتترك لتتخمر عدة أشهر مع الترطيب والمراقبة المستمرة؛ لأن حرارتها قد ترتفع ويتأذى التبغ. يتسبب التخمير في إنقاص الراتنج والأمونيا والنيكوتين الطبيعي في التبغ. بعد ذلك يخزن التبغ في بالات في المستودعات ويترك لينضج ببطء، وتسمى هذه المرحلة "التعتيق" aging process. قد تمتد مرحلة التعتيق أشهراً حتى سنوات اعتماداً على نوعية التبغ المرغوب فيه.

بعد اكتساب التبغ المعتق المواصفات المطلوبة تفرز الأوراق بحسب حجومها ولونها ونوعيتها، فتوضع الأوراق الممزقة والمثقبة جانباً لتستعمل مالئاً من حيث المبدأ. أما الأوراق السليمة فتزال عروقها المركزية وتعد جاهزة للف السيجار.

يتألف السيجار من ثلاثة مكونات رئيسة:

المالئ filler

الرابط binder

الغلاف wrapper

يتألف السيجار المصنّع يدوياً من حشوة مالئة ملفوفة بورقة رابطة تحفظ المالئ وملفوفة بورقة كاملة تمنح السيجار منظره النهائي هي غلاف السيجار. يدعى السيجار المحشو بأوراق طويلة سيجاراً طويل المالئ long filler cigar. أما السيجار المحشو بأوراق مقطعة ومزق فيدعى سيجاراً قصير المالئ short filler cigar (الشكل 15).

الشكل (15) صنع السيجار ولفَّه يدوياً.

يستعمل للف السيجار القصير المالئ المصنّع بالمكنات أوراق تبغ رابطة معالجة تشبه ورق الصَّرِّ البني العادي ومن ثم يغلف - في معظم الحالات- بورقة تبغ طبيعية تمنح السيجار شكله الأنيق (الشكل 16).

الشكل (16) صنع السيجار ولفًّه بالمكنات.

مستقبل التدخين

يختلف معدل تدخين السجائر بين بلد وآخر، وقد خضع لتغيرات كثيرة على مرِّ الأيام. وكان تدخين السجائر شائعاً على نطاق واسع في العالم في منتصف القرن العشرين، في حين تقلصت أعداد المدخنين كثيراً بمرور الزمن في الدول المتقدمة واستمرت بالازدياد في الدول النامية.

تؤثر السجائر -مثلها مثل بقية أنواع التبغ- في صحة الإنسان بما تحويه من النيكوتين الذي يعدّ المادة الكيميائية الأولية المنشطة نفسياً psychoactive وتسبب الإدمان بموت نحو نصف مدخني السجائر بأمراض لها صلة بالتبغ؛ إذ يخسر المدخن المدمن ما يزيد على 14 عاماً من عمره، كما أن تدخين المرأة الحامل يؤثر تأثيراً مباشراً في الحمل والولادة؛ ومن ذلك الإعاقة العقلية والجسدية للوليد. ويؤثر التدخين غير المباشر أو السلبي في الحاضرين من غير المدخنين bystanders؛ مما حدا بالمشرعين إلى منع التدخين في كثير من أماكن العمل والأماكن العامة.

تبذل جهود كبيرة لتقليص أعداد المدخنين في معظم دول العالم، وتسعى الحكومات إلى القيام بدور فاعل حيال منع التدخين ونشر الوعي بين المدخنين في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية؛ ولاسيما بين الشباب والأطفال. كما تخصص نفقات كبيرة للدراسات المتعلقة بالآثار الضارة للتدخين في الصحة العامة والبيئة. ومن الإجراءات الكثيرة المتخذة في هذا المجال زيادة الضرائب والرسوم على السجائر ومنع التدخين في الأماكن العامة والدوائر الرسمية وغير ذلك. ومع أن أعداد المدخنين من كبار السن تتناقص شيئاً فشيئاً؛ فإن نسبة المدخنين من النساء والمراهقين من الشباب في ازدياد ولاسيما في الدول النامية، وتسعى شركات تصنيع السجائر الكبرى في العالم إلى فتح أسواق لها في تلك الدول ولاسيما دول الشرق الأقصى.

مراجع للاستزادة:

- M. Kathleen, Cigarette Butts as Litter-Toxic as Well as Ugly, Longwood University 2011.

- C.G. Warnford Lock,  Tobacco: Growing, Curing, & Manufacturing (annotated w/study guide) Kindle Edition, 2012.

- F. C. Pampel, Tobacco Industry and Smoking, Facts on File 2009.

- J. L. Pauly, A. B. Mepani, J. D. Lesses, K. M. Cummings and R. J. Streck, Cigarettes with Defective Filters marketed for 40 Years: what Philip Morris never Told Smokers", Tob Control 2002.

- A. Rodgman, T. A. Perfetti, The Chemical Components of Tobacco and Tobacco Smoke,  CRC Press 2016.

- J. S. Wigand, Additives, Cigarette Design and Tobacco Product Regulation AReport To: World Health Organization, Tobacco Free Initiative, Tobacco Product Regulation Group, Kobe, Japan, 2006.

- Xun Yu Zhou, Sander. L. Gilman, Smoke: A Global History of Smoking. London: Reaktion Books 2004.


التصنيف : التقانات الصناعية
النوع : التقانات الصناعية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 556
الكل : 31244389
اليوم : 69546