logo

logo

logo

logo

logo

تآثر الرامزة ومقابلة الرامزة

تاثر رامزه ومقابله رامزه

Codon-anticdon interaction -

تآثر الرامزة ومقابلة الرامزة

محيي الدين عيسى

 

يُشير مفهوم تآثر الرامزة ومقابلة الرامزة codon - anticodon interaction إلى علاقة أسس الرامزة codon الآزوتية من الرنا المرسال mRNA بالأسس المتتامة لمقابلة الرامزة الآزوتية من الرنا الناقل tRNA، وذلك فيما يخص تركيب البروتين وفقاً لقواعد الشيفرة الوراثية genetic code (الشكل 1)، الأمر الذي يفضي إلى تجهيز الخلية بكل التعليمات الضرورية للترجمة ضمن مفهوم الرسالة الوراثية genetic message، وإلى تدفق المعلومات الوراثية من دنا DNA الجينوم إلى الرنا المرسال انتهاءً بالبروتين الذي يشكل اللبنة الحيّة الأساسية في بناء الخلية وبناء الكائن الحي.

الشكل (1) مخطط يبين تآثر الرامزة (كودون) من الرنا المرسال مع الرامزة المقابلة من الرنا الناقل الحامل للحمض الأميني ميثيونين Met حيث تتآثر الرامزة من إلى بالرابطة الهدروجينية مع مقابِلة الرامزة من إلى ، وعندها يندمج الحمض الأميني في تركيب سلسلة عديد ببتيد وفقاً لتعليمات الشيفرة الوراثية.

تعد الجزيئات الآتية الأدوات الرئيسية في تركيب البروتين:

الرنا المرسال: يُستنسخ الرنا المرسال من السلسلة المرصافية template لدنا الجين المنْتَسَخ، بحيث يكون له تسلسل الأسس نفسه في السلسلة المرمزة (الجين) المقابلة للسلسة المرصافية نفسها؛ لكن اليوراسيل U يحل محل التيمين T (الشكل 2). يحمل الرنا المرسال رسالة وراثية مكونة من تسلسل الكودونات الثلاثية triplets في بنية خطية تتوضع على سطح الجسيم الريبي (الريباسة) ribosome من إلى حيث تتآثر الرامزة مع مقابلة الرامزة في الترجمة الوراثية وتركيب البروتين (الشكل 3).

الشكل (2) مخطط يوضح نسخ الرنا المرسال من السلسلة المرصافية.

الشكل (3) مخطط يبين توضع الرنا المرسال على سطح الجسيم الريبي وتآثر كلٍ من الرامزة AUG وGUG على الرنا المرسال مع الرامزتين UAC وCAC - من الرنا الناقل - المقابلتين للحمضين الأمينيين تيروزين Tyrosine و هستيدين Histidine بحيث تكون الزمرة الكربوكسيلية المنشطة من الحمض الأميني هستيدين على تماس مع الزمرة الأمينية من الحمض الأميني تيروزين؛ فتتشكل الرابطة الببتيدية بينهما.

الرنا الناقل: يُستنسخ الرنا الناقل من جين مستقل يتنمي إلى مجموعة الجينات اللابنيوية nonstructural genes، وله بنية مفردة السلسلة تلتف على نفسها، وتتلوى بداخل بنية ثلاثية الأبعاد، تشبه شكل ورقة النفل أو البرسيم clover، تشتمل على عُرى ومناطق حلزونية مزدوجة ترتبط بالرابطة الهدروجينية. يملك الحمض الريبي الناقل مواقع وظيفية مهمة، أبرزها: موقع للتعرف والارتباط بحمض أميني محدد واحد، ويدعى ذارع الحمض الأميني، ينتهي بالنهاية الخطي المفرد، ويرتبط الحمض الأميني به تحت تأثير الإنزيمات المناسبة. أما الموقع الثاني فهو خاص بالتعرف والارتباط بالرامزة الموجودة على الرنا المرسال، ويدعى الرامز المقابل anticodon. يمارس هذا النمط من ال RNA دوره في أثناء عملية الترجمة، حيث يُعدُّ عامل نقل واصطفاء للحموض الأمينية (الشكل 4)؛ إذ يقوم بالتقاط الحمض الأميني المناسب من العصارة الخلوية Cytosol، ثم ينقله إلى سطح الجسيم الريبي لتتآثر الرامزة مع مقابِلة الرامزة، وبعد ذلك يغادر الرنا الناقل الجسيم الريبي، ليتلقط حمضاً أمينياً منشطاً آخر.

الشكل (4) مخطط يبين في أ: مقاربة بين شكل ورقة النفل وبنية الرنا الناقل الفراغية، ويبين في ب: شكلاً تخطيطياً لبنية الرنا الناقل.

ويتم تنشيط الحمض الأميني كي يرتبط بالرنا الناقل من خلال تَنشيط الزمرة الكربوكسيلية للحمض الأميني بفعل مركّب الطاقة Adenosine Tri Phosphate (ATP) (الأدينوزين ثلاثي الفسفات)، وبفعل إنزيم تركيب أمينو أسيل الرنا الناقل aminoacyl-tRNA synthetase النوعي الذي يضيف الحمض الأميني إلى النهاية من الرنا الناقل، ولكل حمض أميني إنزيم منشط نوعي خاص به يعمل على اختيار الحمض الأميني المعّين ويربطه بالرنا الناقل المحدد له، وبذلك يكون لكل رنا ناقل حمض أميني واحد مخصص له. ويتميز هذا الإنزيم بثلاثة مواقع فعالة؛ واحد لربط الحمض الأميني النوعي، والثاني للـ ATP، والثالث للرنا الناقل (الشكل 5).

الشكل (5) مخطط يبين الآلية المفترضة لتنشيط الزمرة الكربوكسيلية لأحد الحموض الأمينية (الميثيونين في هذا المثال): إذ يملك إنزيم تركيب أمينو أسيل ثلاثة مواقع فعالة تسهم في تنشيط الحمض الأميني النوعي.

الجسيم الريبي: هو القالب الذي يتم على سطحه التآثر بين الرامزة ومقابِلة الرامزة، والذي تُبنى عليه سلسلة عديد ببتيد. يعد الجسيم الريبي عُضية organelle تلاحظ مرتبطة بالسطح الخارجي من غشاء الشبكة السيتوبلاسمية الخشنة، فضلاً عن وجوده حراً ضمن البلاسما (الهيولى). ويتألف من عدة جزيئات من الرنا الريبي rRNA، إضافة إلى تشكيلةٍ من البروتينات، ويحتمل أن يحفز الرنا الريبي تركيب الببتيدات، وتُعدّ هذه العملية من أهم الأنشطة الحيوية الأساسية في الخلية.

تمثل الشيفرة الوراثية genetic code -أو الراموز الجيني- معجماً ثلاثي الأسس triplets الآزوتية (ثلاثية الأحرف) المبرمجة داخل دنا الجينوم الخلوي، تُرمِّز تركيب الحموض الأمينية جميعها الداخلة في تركيب البروتين، يحمل الرنا المرسال الرسالة الوراثية المؤلفة من تسلسل الروامز أو الكلمات الوراثية المبرمجة للتآثر مع مقابِلة الرامزة. لقد أكدت التجارب أن تدفق المعلومات من الجين إلى البروتين يكون مبنياً على الشيفرة الثلاثية triplets code المسجلة في دنا الجينوم بشكلٍ غير متداخل (كلمة− كلمة)، مثل الثلاثية AGT في الدنا التي تُنتسخ إلى UCA في الرنا المرسال، الذي يترجم إلى الحمض الأميني سيرين serine.

لقد أدرك علماء الوراثة مسألة الشيفرة الوراثية، وكيف يمكن لأربعة أسس نكليوتيدية (C وU وA وG) مختلفة تحديد تسلسل معيّن من بين عشرين حمضاً أمينياً في سلسلة متعددة الببتيد وتركيب البروتينات المختلفة؛ إذ وجد عالم الوراثة نيرينبرغ Nirenberg عام1963 وغيره من العلماء- بعد تجارب مضنية- أن الثلاثية تمثل أصغر وحدة من التسلسل المنتظم للشيفرة، وذلك لكل الحموض الأمينية الداخلة في تركيب البروتين. وهي مؤلفة من 64 رامزاً (كودوناً) أي: منها 61 كودوناً مرمزاً. ولأنه يوجد 22 حمضاً أمينياً فقط يدخل في تركيب البروتينات المختلفة في الطبيعة؛ لذلك توجد بعض الروامز التي ترمّز الحمض الأميني ذاته، مثل وجود ست روامز تُرمز إلى الحمض الأميني اللوسين leucine، وهذا ما يؤدي إلى حماية الروامز من الطفرات (الشكل 6).

(الشكل6) جدول يبين المعجم الوراثي للشيفرة الوراثية للرنا المرسال حيث توضع كل ثلاثية من الأسس الآزوتية في 61 رامزة مختلفة تُرَمِّز حمضاً أمينياً معيناً عند تقابل الرامزة مع مقابلة الرامزة لوضعه في السلسلة المتعددة الببتيد في أثناء تركيب البروتين.

أما الروامز الثلاث المتبقية (UAG وUGA وUAA) فهي ترمز إلى إنهاء السلسلة الببتيدية المتعددة بإعطائها إشارات التوقف. تمثل الشيفرة AUG الرامزة الأولى في الترجمة وتسمى رامزة الاستهلال حيث تُرمّز الحمض الأميني الميثيونين methionine لتضعه في بدء السلسلة ليعطي إشارة البدء start signal، التي توجه آلية تركيب البروتين لتبدأ ترجمة الرسالة الوراثية التي يحملها الرنا المرسال، فضلاً عن كونها ترمز إلى الميثيونين؛ لتضعه في السلسلة المتعددة الببتيد.

إنّ الشيفرة الوراثية واحدة لكل الكائنات الحيّة؛ إذ تتميز بأنها عالمية اللغة الواحدة، وهذا يعني أن الرامزة التي ترمز إلى الحمض الأميني البرولين proline هي واحدة في ذبابة الخل أو في الطائر أو في نبات السرخس أو في الإنسان وفقاً لسلم التطور لوجودها منذ الأسلاف الأولى، وتشترك كل الكائنات الحية الحالية في المعجم الوراثي، ولها تطبيقات في التقانة الحيوية وخاصة في الهندسة الوراثية بانغراس جينات بشرية في خلايا البكتريا لاستعمالها طبياً، ولفهم حقيقة الشيفرة وعلاقتها بالمعلومات الوراثية.

تآثر الرامزة مع مقابلة الرامزة وقاعدة التمايل (وبل wobble): تتآثر الرامزة مع مقابِلة الرامزة المتتامة بفعل الرابطة الهدروجينية وفقاً لفرضية واتسون Watson وكريك Crick عندما يندمج الحمض الأميني في السلسلة المتعددة الببتيد خلال سيرورة تركيب البروتين، ولكن آثار وجود أكثر من رامزة لكل حمض أميني هو موضوع عدد النواقل (tRNA) اللازمة لقراءة الرامزة، إذ يفترض وجود 61 نمطاً مختلفاً من الرنا RNA الناقل، غير أنه تبين وجود أقل من 45 نمطاً، ويعود السبب لما سماه كريك تمايل (تذبذب) الازدواج بين الأسس wobble base pairing (الشكل 8). ويشير هذا المصطلح إلى ازدواج الأسس مخالفاً مبدأ واتسون - كريك في تتامية الازوداج بين الأسس، وقد دعى هذا الازدواج وبل wobble؛ لأن الأساس قد تمايل أو تحرك لأجل تفعيل الرابطة الهدروجينية (الشكل 7)، حيث يتآثر الأساس الأول وُبل من مقابِلة الرامزة الواقعة في النهاية مع الأساس الثالث الواقع في النهاية ، مع العلم أن الرنا المرسال يُقرأ في الترجمة من إلى النهاية .

الشكل (7) شكل تخطيطي يبين تطابق الرنا الناقل للحمض الأميني لوسين Leu في كل من حالات الازدواج السوي أو ازدواج وُبل.

الشكل (8) قواعد وُبل في الازدواج وتآثر الرامزة مع مقابلة الرامزة .

ترى فرضية التمايل أن أساس وُبل قادر على التآثر مع أسس مختلفة واقعة في النهاية من الزامرة؛ لأن الأساس وُبل يشكل القاعدة التي ترتكز عليها أسس الروامز الواقعة في النهاية ؛ مما يسرع في الترجمة، ويقلل من الرنا الناقل. تنص قاعدة التمايل: على قراءة الأساس في من مقابلة الرامزة المزدوجة مع الموقع في الرامزة، بحيث G تزدوج مع C أو U، وC تزدوج مع G، وA تزدوج مع U، وU تزدوج مع A أو G. وهكذا تترادف الروامز في أساسها الثالث، لكنها لا تختلف في أسسها الأخرى، وإن فهم هذه التآثرات مهم لفهم تطورها، علماً أن الشيفرة الوراثية عالمية في مدلولها في كل الكائنات الحية.

مراجع للاستزادة:

- محيي الدين عيسى، مبادئ علم الوراثة، منشورات جامعة دمشق، 1986.

- M. Campbell, S. Farrell, Biochemistry, 2006.

- N. Campbell, J. Reece, Biology, 2005.

- T. Strachan, A. Read, Human Molecular Genetics, Garland Science; New York, 2018


التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية
النوع : الوراثة والتقانات الحيوية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31501463
اليوم : 17868