logo

logo

logo

logo

logo

التحول الشكلي

تحول شكلي

Metamorphosis -

 التحول الشكلي

التحول الشكلي

التحول الشكلي لدى مفصليات الأرجل

التحول الشكلي عند الحشرات

تنظيم الانسلاخ

التحول الشكلي لدى الأسماك

التحول الشكلي لدى البرمائيات

 

التحول الشكلي metamorphosis كلمة مشتقة من اللغة اليونانية من كلمة meta وتعني بعد كلمة morphē الشكل. وتدل كلمة التحول الشكلي على الأشكال التي تمر بها الكائنات الحية في بداية تخلقها وتتاليها قبل وصولها إلى شكلها البالغ النهائي؛ خلال تغيرات جوهرية تطرأ على بنية جسم الكائن الحي وشكله؛ مثل تحولات الشرغوف إلى ضفدعة كاملة بمراحل متتالية حتى وصولها إلى الشكل البالغ؛ وتَحَوُّل يرقة larva الحشرة إلى حشرة بالغة، يرافق ذلك عادة تغيرات في الوظيفة.

يحدث التحول الشكلي عند معظم اللافقاريات (الإسفنجيات واللاسعات والحلقيات وكثيرات الأهلاب وديدان النيمِرت والرخويات ومفصليات الأرجل وشوكيات الجلد) وبعض الفقاريات كالقميصيات ومستديرات الفم والأسماك والبرمائيات، يرافقه تغَيُّر مفاجئ في نمط حياة الكائن في أثناء تناميه الجنيني؛ كالانتقال من الحياة حرة المعيشة في الوسط المائي إلى نمط الحياة اللاطئة (المثبتة)؛ أو من الوسط المائي إلى اليابسة وغير ذلك.

ترافق التحول الشكلي أيضاً فعاليات حيوية مختلفة في كل مرحلة من هذه المراحل. تتشكل اليرقات -الحرة مثلاً- عند الإسفنجيات Porifera من بيضة ملقحة (مُخْصَبَة) تتوضع في النسيج الحشوي mesenchyme للأم حيث تتلقى الغذاء من خلاياه، وعندما يخرج الجنين من الإسفنج في مرحلة الأُصيلة blastula أو المعيدة gastrula ويمر بطور حر سابح ينتهي بأن يتثبت ويتطور إلى يرقة أولينتوس olynthus عند الإسفنجيات الكلسية (الشكل1- أ)، أما الإسفنجيات الغروية الأكثر تطوراً وبعض الإسفنجيات السيليسية فإنها تُحَرِّر يرقات من نوع خاص تدعى البارانكيمولا parenchymula يكون جوفها مملوءاً بخلايا متمايزة. في حين تمر اللاسعات Cnidaria خلال تطورها الجنيني بمرحلة يرقة تدعى البلانولا planula (الشكل1- ب). أما يرقات معظم الرخويات Mollusca الابتدائية (اليرقة حاملة المشط trochophore، واليرقة البدائية للحلقيات) فإنها تكون حرة السباحة (الشكل 1 – ج)، كذلك يظهر طور يرقي آخر حر السباحة في أنواع الرخويات الأكثر تقدماً يدعى اليرقة المبرقعة veliger (الشكل 1- د)، في حين يكون التشكل مباشراً من دون مرحلة اليرقة عند الرخويات الرئوية Pulmonata ورأسيات القدم Cephalopoda. كما تضع ديدان النيمرت بيوضها على هيئة كتل أو شرائط، ويشمل تناميها الجنيني تحولاً شكلياً، وتفقس البيضة فتخرج يرقة تدعى البيليديوم pilidium المهدبة (الشكل1- هـ).

الشكل (1) بعض الأشكال اليرقية عند اللافقاريات.

التحول الشكلي لدى مفصليات الأرجل

تبدي القُراديات Acarina تحولاً شكلياً واضحاً، حيث تستغرق حضانة البيوض من 2-7 أسابيع. تنقف هذه البيوض فتخرج يرقة صغيرة ذات ثلاثة أشفاع من الأرجل، وبعد خمسة أيام تَعلَق اليرقة على مُضيفٍ لتمتص دمه ثم تتركه وتنسلخ لتصبح حورية ذات أربعة أشفاع من الأرجل وجهاز تناسلي ضامر، تَعلَق هذه اليرقة على مضيف آخر وتتغذى منه، ثم تسقط على الأرض وتنسلخ لتتحول إلى فرد بالغ بأربعة أشفاع من الأرجل ومجهز بفوهة تناسلية (الشكل 2).

الشكل (2). دورة حياة القراد الصلب.

أما في التنامي الجنيني لدى أفراد صف العنكبياتArachnida كالعقارب Scorpionida والعناكب Araneae؛ فإنها لا تمر بمراحل تحول شكلي، فاليرقات والأشكال البالغة لا يختلف بعضها عن بعض من الناحية الشكلية.

ومن القشريات Crustacea مجموعات تنقف بيوضها لتظهر أفرادٌ تشبه الأفراد البالغـة لاتمر بتحول شكلي؛ وإنما يفقس البيض عند معظم أفراد هذه المجموعة فتخرج يرقة لا تشبه الطور البالغ سواء في التركيب أم في المظهر، وهي تدعى يرقة نوبليوس nauplius تحمل ثلاثة أشفاع من الزوائد فقط؛ هي: قرينا الاستشعار وقرنا الاستشعار والفقيمان، تعمل كلها في هذه المرحلة زوائد للعوم، ثم يتقطع جسم هذه اليرقة، وتتضمن المراحل التالية تَغَيُّراً شكلياً يتمثل بإضافة زوائد وقطع جديدة للجسم في سلسلة من الانسلاخات وصولاً إلى مرحلـة البلوغ. وقد يشمل الوصول إلى الطور البالغ تغييرات أكثر حدة، كما هي الحال عند القشريات ذؤابيات الأرجل Cirripedia التي تمر بتحول شكلي مثير في أثناء تطورها، فيفقس البيض وتخرج يرقات نوبليوس التي تتحول إلى يرقة ذات مصراعين تدعى السيبريد cyprid؛ وفي النهاية إلى طور بالغ يعيش حياة جالسة (لاطئة) تحيط بها صفائح كلسية (الشكل 3).

الشكل (3) التحول الشكلي عند القشري ذؤابي الأرجل.

وتمر بعض القشريات لينات الدرقة Malacostraca بمراحل يرقية أكثر تبايناً، كما هي الحال عند القريدِس (الجمبري) Penaeus الذي يمر بمرحلة النوبليوس ثم النوبليوس التالية metanauplius ثم الزوئية zoea فالمايسيس mysis قبل أن يصل إلى الحيوان البالغ (الشكل 4- أ). أما السرطانات الحقيقية crabs true فتمر بمراحل يرقية مغايرة عن القريدِس، فالبيضة تفقس وتخرج يرقة الزوئية التي تتحول إلى مرحلة الميغالوباmegalopa ثم إلى سرطان صغير(الشكل 4 - ب).

الشكل (4)

التحول الشكلي عند الحشرات

يمكن تقسيم الحشرات من ناحية مراحل يرقاتها إلى خمسة أنماط من التحول، حيث تمر نحو 88% من أنواعها بتحول شكلي كامل (تام) holometaboly يتمثل بمراحل اليرقة والعذراء والحشرة الكاملة، وتسمى اليرقات بأسماء مختلفة مثل الأسروع caterpillars والديدان الكيسية bag worms والديدان الزغبية fuzzy worms. وبعد سلسلة من الأطوار التي تنمو في أثنائها الأجنحة داخلياً تُكَوِّن اليرقةُ شرنقةً cocoon حول نفسها ثم تتحول إلى عذراء pupa، وعندما يحدث آخر انسلاخ تخرج الحشرة كاملة النمو مع أجنحة صغيرة. يلاحَظ هذا النمط من التطور في الحشرات داخلية الأجنحة Endopterygota وبشكل نموذجي في الحشرات التابعة لرتبة حرشفيات الأجنحةLepidoptera (الشكل 5 - أ). هناك حشرات ذات تحول ناقص hemimetabolous يحدث عند أغلب خارجيات الأجنحة Exopterygota، والحورية nymph هنا لاتشبه الحشرة الكاملة، كما أنها لاتتغذى بالغذاء نفسه، وتعيش في بيئة مغايرة عن بيئتها، مثل الرعاشات Odonata وذبابات أيار Ephemeroptera وذبابات الحجارة Plecoptera، وتمر الحورية بتحول واضح يتضمن فقدان الغلاصم التنفسية وغيرها.

هناك حشرات ذات تحول تدريجي paurometaboly. تشبه الحوريةُ إلى حد كبير الحشرةَ الكاملة في شكلها العام ونمط حياتها وغذائها ولا تختلف عنها إلا بالأجنحة والأجهزة التناسلية التي تكون غير تامة النمو، مثال ذلك الجراد والصراصير والنمل الأبيض (الشكل5 - ب).

والقليل من الحشرات من الرتب عديمة الأجنحة Apterygota -مثل قافزات الذنب Collembola وثنائيات الذنب Diplura- يحدث لها نمو مباشر، فهي عديمة التحول الشكلي ametabolous، فالصغار تشبه أبويها فيما عدا الحجم والنضج الجنسي، تكبر يرقاتها عند كل انسلاخ، وتعيش وحشراتها الكاملة في البيئة نفسها (الشكل5 - ج).

الشكل (5) أنواع التحول الشكلي عند الحشرات.

تمر بعض أنواع الحشرات بفرط تحول hypermetaboly؛ إذ تأخذ اليرقة خلال أعمارها المختلفة أطواراً متباينة في الشكل ونمط الغذاء؛ وأحياناً شكل العذراء قبل تحولها إلى عذراء حقيقية، كما هي الحال عند بعض أنواع غمديات الأجنحة كالخنفساء Epicauta vittata (الشكل 6) وبعض أنواع شبكيات الأجنحة وثنائيات الأجنحة وغشائيات الأجنحة، حيث تنقف البيضة فتخرج يرقة نشيطة متحركة مثلثية الشكل، لا تلبث أن تتحول إلى يرقة دودية الشكل قليلة الحركة، ثم إلى عذراء كاذبة غير متحركة ومنها إلى يرقة تتحول إلى عذراء.

الشكل (6) فرط التحول عند الخنفساء Epicauta vittata

( أ- ب - ج - د) اليرقة بأعمار مختلفة وأشكال متباينة، هـ- طور العذراء، و- الحشرة الكاملة.

تنظيم الانسلاخ

عند البحث في أسباب التغيرات الواردة أعلاه تبين الدور الكبير لبعض الهرمونات التي تفرزها أعضاء وأنسجة خاصة مثل الخلايا العصبية المفرزة في الدماغ neurosecretory cells التي تساعد إفرازاتها على الانسلاخ بطريقة مباشرة من خلال إفرازها هرموناً يؤثر مباشرة في العضو بوضوح؛ أو غير مباشرة من خلال تنظيم إفراز هرمون الإكديسون ecdysone وتوجيهه من قبل غدد صماء تدعى غدد الصدر الأمامي prothoracic glands في الحشرة؛ التي تبدي خلاياها دورة نشاط إفرازي تبلغ ذروتها بين الانسلاخات.

هناك غدد صماء تتوضع خلف المخ مباشرة تدعى الجسم القلبي corpora cardiata، تخزن الهرمونات المنتجة وتطلقها بوساطة الخلايا العصبية المفرزة في الدماغ (الشكل 7)، إضافة إلى غدد أخرى في الرأس -تدعى الجسم الكروي corpora allata- تقوم بإفراز هرمون آخر يسمى هرمون الفتوة neotenin يحض على إبقاء مرحلة الحورية مستمرة؛ مانعاً بذلك التحول إلى طور البلوغ ومحافظاً على شكل الحورية.

الشكل (7) آلية عمل الهرمونات في الحشرات.

إذا بقي الشكل اليرقي عند نهاية عملية الانسلاخ سُمِّيَ ذلك انسلاخاً بسيطاً. أما إذا تحولت الحشرة إلى عذراء أو حشرة كاملة يُشار إليه عندئذ على أنه تحول شكلي. يستمر الانسلاخ مادام هناك كميات كافية من هرمون الفتوة، إضافة إلى هرمون الانسلاخ في الدم، ويؤدي كل انسلاخ بسيط إلى مرحلة يرقية أكبر حجماً. ويعتمد نوع القشرة الجديدة التي تحيط بالجسم على كمية هرمون الفتوة الموجود، فإذا وجد بكميات قليلة كانت النتيجة قشرة جديدة للعذراء، وعندما تتوقف غدتا الجسم الكروي عن إنتاج هرمون الفتوة؛ فإن هرمون الانسلاخ يُفْرَز وحده في الدم ويحفز الانسلاخ وتتحول العذراء إلى حشرة كاملة، فهرمون الانسلاخ ضروري لكل انسلاخ، لكنه يتأثر بهرمون الفتوة الذي يعمل على بقاء الصفات اليرقية في الحشرة الصغيرة.

يُوقِف استئصال غدتي الجسم الكروي وغدتي الجسم القلبي تأثير هرمون الفتوة في مرحلة اليرقة، وسيؤدي الانسلاخ التالي إلى التحول إلى حشرة كاملة، وبالعكس إذا نُقِلَت هذه الغدد من يرقة صغيرة إلى يرقة كبيرة، عندها يمكن أن تتحول هذه اليرقة إلى يرقة عملاقة؛ لأن التحول إلى عذراء أو إلى فرد بالغ لايمكن أن يحصل.

توجد آلية الانسلاخ والتنامي المذكورة سابقاً عند الحشرات ذات التحول الكامل، كما يمكن أن تنطبق العوامل نفسها على انسلاخ أطوار الحوريات في الحشرات ناقصة التحول حيث لا توجد مرحلة العذراء. وهكذا يُستنتج أن هرمونين عند مفصليات الأرجل- هما: هرمون الانسلاخ وهرمون الفتوة- يسيطران على النمو والتحول الشكلي، وتتأثر هاتان الفعاليتان بالتفاعل المتبادل والتآثر بين هذين الهرمونين.

تجدر الإشارة إلى أن هناك طريقة حديثة لمكافحة الحشرات تتضمن استخدام مركبات كيميائية تحاكي عمل هرمون الفتوة، مما يمنع الحشرات من الوصول إلى مرحلة النضج الجنسي.

التحول الشكلي لدى الأسماك

تبدي بعض الفقاريات تحولاً شكلياً حقيقياً، فالجلكيات Petromyzoniforma -وهي فقاريات بدائية من عديمات الفك Agnatha ومستديرات الفم Cyclostomata- تتطفل خارجياً على أجسام أسماك السَلمون المهاجِرة وتتكاثر في فصل الربيع. وحين تصعد الأفراد البالغة جنسياً باتجاه مصبات الأنهار تعيش على مدخراتها وتبقى صائمة طوال هذه الفترة، فتهزل وتبدو عليها صفات جنسية ثانوية كانتباج الزعنفة الشرجية في الأنثى والتحام أطراف الفوهة التناسلية البولية في الذكر. تضع الأنثى بيوضَها الإهليلجية في حفر من الحصى في قاع النهر، حيث تتثبت الأفراد الناضجة على الحجارة ويتم إلقاح البيوض تدريجياً (الشكل 8-أ). تنقف البيوض بعد ثلاثة أسابيع تقريباً لتعطي يرقة تدعى الأمّوسِت ammocete (الشكل 8-ب) تحمل شفعاً من العيون المختبئة تحت الجلد وزعانف ظهرية وشرجية متصلة، وجيوباً أنفية غير متطورة وشقوقاً غلصمية ضمن قناة داخلية عميقة منحنية، وهي ذات فم صغير بشكل نعل الفرس من دون محجم ولسان وأسنان. تشبه هذه اليرقة تعضي دقيق الطرفين البالغ؛ ولاسيما بوجود الميزابة الداخلية، كما أن المعي يكون مجرداً من الدسام الحلزوني. تدخل اليرقة ضمن الطين وتعيش فترة تراوح بين 3 و 4 سنوات قبل أن تتحول إلى فرد بالغ.

الشكل (8) حيوانات الجلكي في قاع النهر.

تتحول الميزابة الداخلية خلال فترة التحول الشكلي إلى غدة درقية تُنَشِّط إفرازاتها نمو اليرقة من دون أن يحدث تحول شكلي مبكر، ثم يتبدل نمط حياة اليرقة بعد ظهور اللسان والأسنان وتبدل الشقوق الغلصمية. تُنهي اليرقة تحولها الشكلي خلال بضعة أسابيع في فصل الربيع كما ذكر سابقاً، فقد يتم التكاثر فيها مباشرة بعد التحول الشكلي إلى فرد بالغ -كما في الجلكي من النوع Lampetra planari الذي يعيش في المياه العذبة- بيد أن معظم الجلكيات تنتقل إلى البحر وتتغذى هناك وتنمو، ثم تصعد ثانية إلى الأنهار. أما موت الأفراد المتناسلة فيتم بعد طرح المنتجات التناسلية مباشرة في الوسط المائي.

ومن الأسماك العظمية المفلطحة Pleuronectiformes -وهي أسماك ورقية الشكل- سمكة موسى sole، فإنها تعيش في حالتها البالغة على القاع، وتفتقر إلى الكيس السباحي. تبدي هذه الأسماك تغيرات شكلية غاية في الغرابة، فالأنثى تضع بيوضها على القاع، فتخرج يرقة شفافة متناظرة، عيناها على جانبي الرأس، وتسبح مثل معظم يرقات الأسماك العظمية ظهرها نحو الأعلى، ولكن مع تقدمها في العمر تتجه رويداً رويداً باتجاه القاع، وتَحدث تغييراتٌ جوهرية في شكلها حيث تفقد تناظرها الجانبي وتتكيف للعيش على القاع، فتبدأ إحدى العينين بالهجرة ببطء نحو قمة الرأس وتتوضع إلى جانب العين الأخرى، والمسافة التي تتحركها العين تُقَدَّر بما بين 5
و
12 سم بحسب الأنواع (الشكل 9- أ)، كما تحدث تغيرات أخرى مثل انضغاط الجسم بشدة ونمو للزعنفة الظهرية، ثم تجثم السمكة البالغة بسطحها المجرد من الأعين على قاع البحر ( الشكل 9 - ب).

الشكل (9) سمكة موسى.

أ - هجرة العين في أثناء تطور اليرقة ونموها، ب- السمكة البالغة.

أ- سمكة الحنكليس ب- اليرقة رفيعة الرأس

كما يظهر التحول الشكلي بوضوح عند أسماك الحنكليس (حنكليسيات الشكل) Anguilliformes الأوربية والأمريكية التي تبدأ حياتها في بحر سرغاسو Sargasso، حيث تضع الإناث بيضها في الربيع، تفقس كل منها فتخرج يرقة رقيقة وشفافة يطلق عليها تعبير اليرقة رفيعة الرأس leptocephalus ذات الشكل الورقي لأنها تشبه فعلياً ورقة الصفصاف، ويطرأ عليها تحول شكلي حقيقي عندما تحملها تيارات المحيط باتجاه الشمال إلى شواطئ أوربا في هجرة قد تستغرق 2 - 3 سنوات، تقطع خلالها مسافة 4 - 7 آلاف كيلومتر وتتطور إلى فرخ حنكليس أسطواني الشكل شفاف يسمى الحنكليس الزجاجي طوله 6 سم. تدخل الفراخ مصبات الأنهار والبحيرات العذبة وتسبح ضد التيار وتنمو وتتطور في المياه العذبة، وقد تعيش فيها من 6 - 10 سنوات (الشكل 10).

الشكل (10)

التحول الشكلي لدى البرمائيات

البرمائيات حيوانات فقارية تنمو أيضاً عن طريق التحول الشكلي، فهي لاتستطيع التأقلم بالكامل مع الحياة على اليابسة، فالبالغة منها تستطيع ذلك؛ في حين يجب على اليرقات والشراغيف أن تعيش في الماء أو في أماكن خاصة مثل جُيوب على ظهور أمّاتها أو في أعشاشٍ رغويةٍ تُبنى على أغصان الأشجار فوق البرك أو الأنهار، أو تُحمى الشراغيف منذ اللحظة التي تخرج فيها من البيضة داخل جيوب الذكر الفموية كما هي الحال عند ضفدع داروين؛ لأن البيوض لا تتحمل التعرض للهواء الجوي، لذلك فإن جميع البرمائيات تمر بسلسلة من التغيرات التي تجعل جسم الفرد البالغ مغايراً تماماً لشكله عند فقس البيضة، فتقوم بتكييف شكلها على أكمل وجه مع الظروف البيئية السائدة للبقاء على الحياة، ففي مدة قصيرة يتحول كائن يعيش كالسمكة إلى حيوانٍ مختلفٍ تماماً قادرٍ على الحياة خارج الماء. كما يتضمن نمو هذه الحيوانات تحولها من حيوانات عاشبة إلى حيوانات لاحمة، الأمر الذي يقتضي حدوث تغيرات جذرية في تشريح الحيوان وبنية أعضائه؛ مثل تغير مكان الفم وكبر حجمه إلى حد بعيد واختفاء الذيل وتَكَوُّن الأطراف بدلاً منها واختفاء الغلاصم (الخياشيم) الخارجية وظهور الرئتين للتنفس الهوائي واختفاء الفم الماص وتَشكّل الفكوك واللسان وقصر أنبوب الهضم وتغير مادة الإطراح البولية النتروجينية من النشادر (الأمونيا) إلى البولة.

وتضبط آليات التحول الشكلي لدى البرمائيات -كما في الحشرات- إفرازاتُ الغدد الصم أيضاً. فقد أكدت تجارب كثيرة أن وجود هرمون التيروكسين thyroxine الذي تفرزه الغدة الدرقية للحيوان يسبب التحول الشكلي وتحول النسج ليتلاءم الحيوان مع الحالة الجديدة، في حين يُبقي غيابه الحيوان على شكله السابق.

الشكل (11) التحول الشكلي عند الضفادع

كما يُعتَقَد أن المنبه الأساسي اللازم للتحول الشكلي هو تبدل ظروف الوسط المحيط؛ مثل ارتفاع درجة الحرارة أو طول فترة النهار، فتنتقل هذه المنبهات الخارجية إلى الدماغ، فتتفَعَّل منطقة الوطاء (تحت المهاد) hypothalamus التي تفرز الهرمون المطلق للمنشط الدرقي thyrotropin releasing hormone الذي يمر عبر الأوعية الدموية إلى الغدة النخامية التي تفرز الهرمون منبه الدرق thyroid-stimulating hormone الذي يحض الغدة الدرقية لتحرير هرمون التيروكسين، وهذان الهرمونان يعملان مباشرة في النسج المتحولة فتَحدث الاستجابات المتنوعة؛ مثل تراجع ذيل اليرقة وغلاصمها وتَسَرُّع نمو الأطراف واللسان وتمايز الجلد لتكوين الخلايا الغدية وحاملات الصبغ.

أديب حسن زيني

مراجع للاستزادة:

- علي المرسي، محمد الشاذلي، أساسيات علم الحشرات، دار الفكر العربي، جمهورية مصر العربية، القاهرة، 2004.

- محمد ياسين قصاب، علم الحيوان، جامعة تشرين 1983.

- كليفلاند هيكمان، لاري روبرتس، فرانسس هيكمان، الأساسيات المتكاملة لعلم الحيوان، اللافقاريات، ترجمة مجموعة من المختصين، الدار العربية للنشر والتوزيع، 1988م.

- R. Soskin, Metamorphosis, Bloomsbury Natural History 2015

 


التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا)
النوع : علم الحياة (البيولوجيا)
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 576
الكل : 31247506
اليوم : 72663