logo

logo

logo

logo

logo

تثبيط الصبغي X البشري

تثبيط صبغي X بشري

Human X chromosome inactivaion -

تثبيط الصبغي X البشري

غالية أبو الشامات

تعطيل الصبغي X في الخلايا الجسمية somatic cells

تعطيل الصبغي X في الخلايا الجنسية أو المنْتِشَة germ cells

تعطيل الصبغي X على المستوى الجُزيئي 

 

تُعْرَف حالة خمول أحد صبغيَّيْ X عند إناث البشر خاصَّة وعند الثدييات عامَّة بظاهرة تثبيط (تعطيل) الصبغي X البشري human X chromosome inactivation. أول من وصف هذه الظاهرة عالمة الوراثة البريطانية ماري ليون Mary Lyon عام 1961؛ إذ افترضت أن صبغياً واحداً فقط عند خلايا الثدييات التي تملك أكثر من صبغي X يكون فعالاً ونشطاً؛ في حين تكون باقي الصبغيات X معطلة inactivated، وقد سُميّت هذه الظاهرة "فرضية ليون" Lyon hypothesis.

تُفسِّر فرضية ليون التوازن بين الإناث والذكور؛ إذ تولد الأنثى ولديها نسختان من الصبغي X في كلٍّ من خلاياها (46,XX)، أحدهما موروث من أمها والآخر من أبيها، ومن ثمّ فإن خلاياها تحمل نسختين من الجينات المرتبطة بالصبغي X. وبالمقابل يولد الذكر ولديه نسخة واحدة فقط من الصبغي X(46,XY)؛ أي نسخة واحدة من الجينات المحمولة على هذا الصبغي. وينجم عن هذا الأمر أن الأنثى تملك ضعف ما لدى الذكر من الجينات النشيطة، ومن ثمّ ضعف الإنزيمات والبروتينات؛ مما يفضي إلى حالة من عدم التوازن بين الإناث والذكور عموماً. ولتعديل حالة عدم التوازن هذه تملك خلايا الإناث نظاماً يُؤدي إلى أن تكون نسخة واحدة فقط من جينات الصبغي X نشطة وفعالة؛ في حين تبقى غالبية جينات الصبغي X الآخر مُثبطة وغير فعالة، وبهذا يبقى لدى خلايا الإناث نسخة وظيفية واحدة من الجينات المحمولة على الصبغي X والمتساوية مع الذكور، وتدعى هذه الظاهرة آلية التعويض الجرعي dosage compensation.

وعموماً يتكثف الصبغي X الخامل في الخلايا الجسمية خلال المرحلة البينية من الدارة الخلوية cell cycle عند معظم الثدييات بما فيها الإنسان، ويبدو تحت المجهر على هيئة جُسيم صغير داكن اللون بالقرب من السطح الداخلي للغشاء النووي؛ يُسمى جُسيم بار Barr body نسبة إلى مكتشفه العالِم الكندي موراي بار Murray Barr. يُميِّز جُسيم بار الخلايا الأنثوية لدى الثدييات، ويرتبط عدد جُسيمات بار في النواة بعدد الصبغيات X الموجودة فيها، حيث يساوي عدد الصبغيات X إلا واحداً؛ فمثلاً: يوجد في نوى الخلايا الجسمية عند المرأة السوية (46,XX) جُسيم بار واحد، في حين لا يُلاحظ أي جُسيم بار في نوى الخلايا الجسمية لدى الرجل السوي (46,XY). يتألف جُسيم بار من كمية كبيرة من الكروماتين المغاير heterochromatin، وكميات قليلة من الكروماتين الحقيقي euchromatin.

تعطيل الصبغي X في الخلايا الجسمية somatic cells

يُلاحظ أن كلّاً من صبغيَّي X لدى إناث الثدييات -في المراحل الجنينية المبكرة ولغاية مرحلة التُّوَيتَة morula وبداية تشكل الكيسَة الأريمِيَّة blastocyst- يكون في حالة نشاط وفعالية، ثم يبدأ بعدها أول مظاهر التعطيل. وهكذا يُفْقَد التزامن في تضاعف الدنا DNA بين الصبغيين X، ويتشكل جُسيم بار بالقرب من السطح الداخلي للغشاء النووي للخلايا؛ فضلاً عن التباين في مستوى التعبير الجيني بين الصبغيين المذكورين.

يحدث تثبيط الصبغي X عشوائياً مع بداية مرحلة تشكل المُعَيدة gastrula حيث يُعَطَّل في بعض الخلايا الصبغي X الوارد من الأم، في حين يُعَطَّل في خلايا أخرى الصبغي X الوارد من الأب. يُوَرَّث الصبغي X الخامل إلى جميع الخلايا البنات الناتجة من انقسام الخلية الأم، ونتيجة لذلك تُلاحظ عند الإناث بنية فسيفسائية (موزايكية) mosaic في معظم الألائل alleles المرتبطة بالصبغي X ينجم عنها تعبير تفاضلي لتلك الأليلات (الشكلان 1 و2).

 

الشكل (1) رسم تخطيطي يوضح التعطيل العشوائي والبنية الفسيفسائية يظهر الصبغي الخامل على هيئة جسم صغير بالقرب من السطح الداخلي للغلاف النووي.

 

الشكل (2)

تُلاحظ الفسيفسائية لدى إناث البشر بوضوح من خلال الأمراض الوراثية الناتجة من الطفرات المتنحية المرتبطة بالجنس X-linked recessive mutations، مثل مرض الناعور (عدم تخثر الدم) hemophilia، حيث تُشكِّل خلايا الإناث الحاملة للطفرة المتغايرة اللواقح (الأليلات) heterozygous وسطياً قرابة نصف الكمية السوية من عامل تخثر الدم، وهو ما يُعدّ كافياً لضمان تخثر طبيعيٍّ وسويٍّ للدم. ويمكن تفسير التبقع mottling أو البرقشة versicolor في لون الفراء عند إناث الكثير من الثدييات مثل القطط والفئران من خلال ظاهرة الفسيفسائية أيضاً ( الشكل 3).

 
الشكل (3) 

 

في بعض الحالات لا يكون تثبيط الصبغي X عشوائياً كما في الجرابيات (مثل الكنغر)؛ وفي الخلايا التي تشكل الأغشية المحيطة بالجنين عند الثدييات عموماً، حيث يلاحظ تعطيل تفاضلي تكون فيه الأولوية للصبغي X الأبوي الموروث من الأب.

يمكن للاضطرابات الوراثية أن تدفع بأحد الصبغيين X إلى الخمول أكثر من غيره، حيث تؤدي مجموعة من العوامل إلى تجانف (انحراف) skewed كبير في نسبة الخلايا التي تحمل الصبغي X الخامل والحامل للأليل الطافر. يُلاحظ هذا الأمر بوضوح في حالة الاضطرابات الوراثية المتنحية المرتبطة بالصبغي X X-linked recessive disorders؛ حيث تظهر أعراض مرضية على الإناث الحاملات للطفرة. مثلاً تُبدي نحو 10% من أمهات الأبناء المصابين بمرض الناعور أعراضاً مرضية واضحة، وهذا ما يعرف بتجانف تعطيل الصبغي X في الاضطرابات المرتبطة بالجنس Skewed X inactivation in X-linked disorders.

تُعدّ ظاهرة تثبيط الصبغي X عملية معقدة؛ لكنها مستقرة إلى حد بعيد وغير قابلة للعكس، حيث تتضافر مجموعة من العوامل معاً لكبح تعبير expression معظم الأليلات المحمولة على الصبغي X الخامل طوال حياة الفرد، ومع ذلك تستمر مجموعة من الجينات الواقعة على الصبغي X الخامل- التي تتملص من التعطيل- بالتعبير عن نفسها. مثلاً تتمكن مجموعة من الجينات الواقعة قرب الأطراف النهائية من الصبغي X في المنطقة الجسمية الكاذبة Pseudo Autosomal Region (PAR) من التعبير عن نفسها من دون أن ينالها الخمول أو التثبيط، ومنها جين القامة القصيرة عند الإنسان (SHOX) Short Stature Homeobox، وتُعدّ صفة قصر القامة الواضحة لدى الإناث المصابات بمُتَلاَزِمَة تيرنرTurner&https://www.arab-ency.com.sy/tech/details/1270/6#39;s syndrome (45,XO) دليلاً واضحاً على تملص هذا الجين من الخمول لدى الإناث الأسوياء (46, XX).

تعطيل الصبغي X في الخلايا الجنسية أو المنْتِشَة germ cells

يختلف تعطيل الصبغي X في الخلايا الجنسية عنه في الخلايا الجسمية؛ ففي الخلايا الجنسية يكون كلا الصبغيين X عند الإناث بحالة نشاط وعدم خمول؛ مما يسمح بحدوث التشافع الصبغي المتماثل بينهما homologous chromosomes pairing، والتأشيب recombination في أثناء الانقسام المنصف meiosis وتَكوُّن البويضة oogenesis، وهو أمر مستبعد في حال كون أحد صبغيَّيْ X بحالة تكثف شديد وخمول.

بالمقابل يُلاحظ خمول النسخة الوحيدة من الصبغي X الموجودة في الخلايا الجنسية عند الذكور، وذلك في المراحل المبكرة من تكوُّن النطاف spermatogenesis؛ وهذا الخمول يَحُد من عملية التشافع والتأشيب بين الأجزاء غير الصنوة من الصبغيين X وY (الشكل 4).

 
الشكل (4) 

 

تعطيل الصبغي X على المستوى الجُزيئي

تحدث عملية التثبيط أو التعطيل وفق آلية فوق وراثية epigenetic process؛ إذ يتضمن التعطيل من الناحية الجزيئية تعديلاً في بنية الكروماتين، وتؤدي مجموعة من الحموض النووية غير المرمزة للبروتين (non-coding RNA (ncRNA دوراً رئيساً في عملية التعطيل. وعلى الصبغي X منطقة تدعى مركز التثبيط X inactivation center، تتضمن مجموعة من الجينات التي تؤدي دوراً مهماً في عملية خمول الصبغي، ومنها جين تثبيط النسخ (XIST) X Inactive Specific Transcript.

تتألف عملية التعطيل الجزيئي من ثلاث مراحل: الأولى مرحلة الابتداء أو الاستهلال initiation؛ يجري خلالها اختيار أحد صبغيَّي X؛ كي يُثبط. وتُدعى الثانية مرحلة الانتشار spreading حيث يبدأ الخمول بالقرب من مركز التعطيل، ثم ينتشر على طول الصبغي وفي الاتجاهين معاً، وتتضمن مرحلة الانتشار انْتِسَاخ الجين وتغليف نُسَخ الـ RNA XIST المتعددة- المنْتَسَخة عن هذا الجين- إلى كامل الصبغي، ومن ثَمَّ ارتباط بروتينات معيّنة بجزيئات الـ RNA XIST؛ ممّا يحث على رصِّ الصبغي X وتكثيفه وتحويله إلى كروماتين مغاير، أو ما يُعرف بجُسيم بار. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الإبقاء أو المُدَاوَمَة maintenance، وفيها يستمر نشاط الجين XIST المحمول على الصبغي X الخامل مُبقياً عليه طوال حياة الفرد جُسيماً متكثفاً وخاملاً (جُسيم بار)، ومع انقسام الخلايا الجسمية لدى إناث الثدييات يتضاعف هذا الصبغي نفسه وينقسم ليعطي جُسَيمي بار (الشكل 5).

 

الشكل (5)

 

من جهة أخرى تحدث عملية تعديل في بنية الكروماتين في مناطق واسعة من الصبغي X الخامل؛ ممّا يؤثر في عملية التعبير الجيني في تلك المناطق، ويؤدي إلى إسكات الجينات فيها ومنعها من التعبير عن نفسها. تتضمن عملية تعديل بنية الكروماتين نزع زمر الأستيل deacetylation عن الهستونات، وكذلك إضافة زمر المتيل methylation إلى معظم مُنَظِّمات promoters الجينات المحمولة على الصبغي X الخامل للحد من عملية التعبير والإبقاء على الصبغي بحالته الخاملة (الشكل 6).

 

الشكل (6)

 

مراجع للاستزادة:

- T. S. Barakat, J. Gribnau, X chromosome inactivation in the cycle of life, Development 139, 2012.

- B. Migeon, Females are mosaics: X inactivation and sex differences in disease. Oxford University Press, 2014.

- T. Sado, X-chromosome Inactivation: Methods and Protocols. Humana Press, 2018.


التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية
النوع : الوراثة والتقانات الحيوية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 494
الكل : 31253761
اليوم : 1949