logo

logo

logo

logo

logo

الترسبات

ترسبات

Sedimentology -

 الترسبات

الترسبات

تصنيف بيئات الترسب

أنواع الترسبات

العمل البنائي للرياح

آلية تشكل الكثبان الرملية وحركتها

أنواع الكثبان الرملية

 

لقد شهد علم الترسب Sedimentology في المنتصف الثاني من القرن العشرين اهتمام الكثير من الباحثين المختصين في الترسب النفطي sedimentary petrology أو في توصيف الترسبات بالعين المجردة أو شرائحها المجهرية sedimentary petrography.

وتُعرّف الترسبات أو الرسوبيات Deposits على أنها المواد الصلبة المتراكمة غالباً على هيئة توضعات رسوبية بعضها فوق بعض مع مرور الزمن على الأجزاء الطافية والمُتكشفة من اليابسة أو الأجزاء المغمورة بالمياه.

تصنيف بيئات الترسب

جرى تقسيم بيئات الترسب وتصنيفها من قبل علماء الجيولوجيا عامة في ثلاث بيئات (أوساط) ترسب رئيسة، هي:

1- بيئات الترسب القارية continental sedimentary environments: وتشتمل على جميع أنواع الترسب التي تجري وتتوضع على اليابسة فوق مستوى البحر، وتضم بيئات الترسب التالية:

أ- بيئات الترسب القارية الهوائية: وتشتمل على كل البيئات القارية التي تجري فيها عمليات الترسب في وسط هوائي، وقُسمت إلى:

  • بيئات الترسب الصحراوية: وتشمل مناطق انتشار الكثبان الرملية، التي تُعدّ من الترسبات الريحية wind sediments أو eolian (aeolian) deposits.
  • البُحيرات الجافة «البلايا» Playa lakes التي ينشأ عند جفافها ترسبات المُتبخرات evaporates sediments، وأخيراً بيئة مراوح الطمي.
  • بيئات ترسب الجليديات environments glacial: والجليديات كتل جليدية تتشكل نتيجة تراكم التوضعات الثلجية في القارة القطبية الجنوبية أو المناطق الباردة أو الجبال الشاهقة الارتفاع، وتتحرك تحت تأثير قوى الجاذبية الأرضية، وتُخلف بعد ذوبان الجليد ترسبات سيئة الفرز.

    ب- بيئات الترسب القارية المائية: وتضم جميع البيئات القارية التي تجري فيها عمليات الترسب في وسط مائي، وتضم كلاً من بيئات الترسب التالية:

  • بيئة الأنهار river environment: ويُطلق عليها أيضاً مُصطلح بيئة المياه الجارية fluvial environment، وتنتشر ترسّباتها على امتداد مجاري الأنهار والمسيلات المائية.
  • بيئة البحيرات environment lacustrine: هي بيئة مائية قليلة العمق، مياهها عذبة أو مالحة.
  • بيئة الأهوار «اللاغونات»: "Lagoonal paludal environment" وهي منخفضات قليلة العمق، تنتشر على أجزاء من اليابسة القريبة من شواطئ الأنهار والبحار، وتحتوي على برك من الماء العذب أو المالح، وتتألف ترسباتها غالباً من السلت والطين وبعض الأملاح التي تتجمع في ظروف لا هوائية «مُرجعة».

    2- بيئات الترسب الانتقالية environment transitional: وتضم جميع بيئات الترسب التي تتداخل مع أنشطة الترسب القارية والبحرية، ومن أمثلتها:

  • البيئة الساحلية littoral environment: وتمتد بين منطقتي أعلى مد وأقل جزر، وقد يصل عمق مياهها إلى نحو 50م، ويكون للأمواج القوية تأثير كبير في تأكل صخور الشاطئ، وتتألف ترسباتها غالباً من هشيم الصخور بما فيها الحجارة والحصى والرمل الخشن.
  • بيئة الدلتا environment deltaic: وتنشأ عند التقاء مياه الأنهار مياه البحر أو البحيرة؛ مما يؤدي إلى انخفاض سرعتها وقدرتها على حمل الرواسب، وتتألف ترسباتها غالباً من الرمل الناعم والسلت والطين.

    3- بيئات الترسب البحرية marine environment: وتُعدّ من أهم بيئات الترسب وأكثرها انتشاراً واتساعاً، وتُقسم تبعاً لعمق مياه البحر إلى عدة مناطق ابتداء من الساحل حتى الأعماق السحيقة، وتتألف من بيئات الترسب الرئيسة التالية:

  • بيئة الرصيف (الجرف) القاريcontinental shelf environment : وتمتد من أقل حركة جزر حتى 200م، وفيها يزداد تأثير العوامل الكيميائية والبيولوجية تدريجياً مع زيادة العمق، ويعتقد العلماء أن نحو 80% من الترسبات البحرية تتوضع وتترسب ضمن هذه البيئة.
  • بيئة الشعاب العضوية bioherms environment: وتتألف من هياكل المرجانيات والطحالب الصلبة الكلسية التركيب، وتكثر ضمن المياه الدافئة الصافية قليلة العمق.
  • بيئة الأعماق bathyal environment: وتشمل المُنحدر القاري الذي يمتد من نهاية الرصيف القاري على عمق 200م حتى عمق 2000م حيث تستقر الترسبات بتتابع الطبقات الرسوبية والمُتدرجة، من أسفلها الحبيبات الخشنة، وتتناقص أقطارها نحو الأعلى.
  • بيئة الأعماق السحيقة abyssal environment: وتشمل قيعان البحار والمُحيطات التي يزيد عمقها على 2000م، وتتميز بعدم وصول الضوء إليها مع زيادة الضغط وانخفاض درجات الحرارة عن 5°س، وتتكون ترسباتها بصورة رئيسة من الأملاح الذائبة والأوحال الطينية دقيقة الحبيبات.

    أنواع الترسبات

    قسم العلماء الترسبات تبعاً لطبيعتها أو موضع ترسبها أو آلية انتقالها على النحو التالي:

    1- تصنيف الترسبات تبعاً لطبيعتها: وتُقسم ثلاث مجموعات، هي:

    ترسبات طبيعية natural sediments: وهي الترسّبات التي تكونت نتيجة تراكم الحطام الصخري السابق التشكل والنشأة في موقع مُحدد، ومن أهم أمثلتها الترسبات الريحية وترسبات المياه الجارية fluviatile sediments.

    ترسبات كيميائية chemical sediments: ويُطلق عليها أيضاً اسم الترسبات غير الحطامية non-clastic، وهي الترسّبات التي نشأت نتيجة تبخر المياه من بعض المحاليل الملحية في أحواض الترسب مُؤدية إلى رواسب المُتبخرات evaporates، ومن أهم أمثلتها الترسبات الملحية وترسبات الكربونات .carbonates

    ترسبات عضوية (حيوية) biological sediments: وهي الترسّبات التي تشكلت نتيجة تراكم مُخلَّفات النباتات، ومن أهم أمثلتها ترسبات الفحم coal، أو ذات الأصول الحيوانية، ومن أهم أمثلتها ترسبات الغوانو Guano التي تنشأ من تراكم هياكل الطيور البحرية النافقة ومُخلفاتها المُتحللة.

    2- تصنيف الترسبات تبعاً لموضع ترسبها: وتقسم مجموعتين رئيستين:

    الترسبات الحوضية intrabasinal sediments: تمثل جميع الترسبات التي تشكلت ضمن البيئة الرسوبية التي ترسبت فيها autochthonous sediments، وتضم بعض أنواع الرواسب الطبيعية المتبقية والكيميائية والعضوية.

    الترسبات المنقولة من أحواض أخرى allochthonous sediments: وتمثل الترسبات التي نُقلت إلى البيئة التي ترسبت فيها، وتضم جميع الرسوبات الحطامية الطينية والسلتية والرملية والحصوية؛ وكذلك الحطام أو الفتات البركاني، ويطلق عليها أيضاً الترسّبات المجلوبة إلى أحواض الترسب extrabasinal sediments.

    3- تصنيف الترسبات تبعاً لآلية النقل: صنّفها الباحثون في مجموعتين رئيستين، هما:

    - الترسبات المائية: تنقل المياه الجارية كلاً من حطام المواد الصلبة التي تحملها والمواد الذائبة فيها إلى مواقع ترسبها، إما على هيئة ترسبات حطامية طبيعية؛ وإما على هيئة ترسبات كيميائية، وتتباين مسافة النقل تبعاً لحجم الحطام الصخري وكثافته من جهة؛ وكثافة الماء الناقل من جهة أخرى.

    - الترسبات الريحية: تنقل الرياح الهشيم والحُطام الصخري إلى مسافات قد تصل إلى مئات الكيلومترات وأحياناً إلى آلاف الكيلومترات، وتتباين مسافات النقل غالباً تبعاً لشدة الرياح وسرعتها «التيارات الهوائية» من جهة؛ وحجم الحطام الصخري من جهة أخرى، لتتراكم على هيئة تجمعات من الترسبات الطبيعية، وتكثر هذه الحالة في المناطق الجافة الصحراوية وشبه الصحراوية.

    الترسب الريحي wind sedimentation

    يُعدُّ الفعل الجيولوجي للرياح من أبرز نشاطات الغلاف الجوي، ومع أنَّ تأثير الرياح – بوصفه عاملاً جيولوجياً- لا يبدو جلياً واضحاً مُقارنةً بتأثير العوامل الجيولوجية الأخرى؛ فهو يُعدُّ أشدَّها وأهمها تأثيراً في تغيير السطح الخارجي للأرض في المناطق القارية الصحراوية وشبه الصحراوية، حيث يسود المناخ الحار الجاف وتباينات درجة الحرارة بين الليل والنهار، وانخفاض مُعدل الهطل المطري وانعدام الغطاء النباتي؛ مما يُسهم في تفكك الصخور وتفتتها، ويُساعد على حملها ونقلها بوساطة الرياح «التيارات الهوائية»؛ ومن ثم ترسبها في مواقع أخرى مُؤدياً في نهاية المطاف إلى تعرية تلك المناطق. ويُقسم الفعل الجيولوجي للرياح إلى: عمل هدمي يتمثل بعمليات الحت الريحي، وعمل بنائي يتمثل بعمليتي النقل والترسب الريحي.

    إن تأثير الرياح العادية في التوضعات الصخرية الصلدة محدود للغاية، لكن شدَّة هذا التأثير تزداد وضوحاً في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية ذات المناخ الجاف وشبه الجاف، والتي يكثر فيها الحُطام والفُتات الصخري من رمال وغبار، وتقل فيها الأمطار وكثافة الغطاء النباتي من جهة؛ ومع تزايد سرعة الرياح من جهة أخرى. فالرياح تعمل على حتِّ الصخور، ثم تذرّي الفُتات والحُطام الصخري، وتحمله إلى أماكن أخرى، أو يصطدم ذلك الحُطام والفُتات الصخري الذي تحمله الرياح بالصخور التي تعترض طريقها فيبريها ويسحجها، وينشأ من عمليات الحت الريحي والتذرية والبَرِي والسحج أشكالٌ تضاريسية «جيومورفولوجية geomorphology» متنوعة ومميزة، وغريبة الهيئة أحياناً، منها على سبيل المثال: منخفضات التذرية، وتُسمى أيضاً المنخفضات الريحية depressions winds أو المُنخفضات الحوضية، وحصى التخلف، والأرصفة الصحراوية، والحصوات الريحية ventifacts (الشكل 1)، وصخور عش الغراب، والموائد الصحراوية «موائد الشيطان» mushroom rocks (الشكل 2) وصخور الكتل العمدانية، ومظاهر النخر السفليundercutting، والأبراج الصخرية rock towers (الشكل 3).

    الشكل (1) الحصوات الريحية.

    الشكل (2) الموائد الصحراوية.

    الشكل (3) الأبراج الصخرية.

    العمل البنائي للرياح

    يتمثل العمل البنائي للرياح بعمليتي النقل والترسب، فالرياح تنقل حمولتها من الفُتات والحُطام الصخري المُفكك السائب، ثمَّ تبدأ بترسيبها بمجرد انخفاض سرعتها، أو نتيجة تباين التضاريس أو هطل الأمطار أو تساقط الثلوج، أو اصطدام الرياح في أثناء مسارها بأجسام صلبة تعترض حركتها كالأشجار أو الجدران والأعمدة الإسمنتية.

    عملية النقل transportation: تنقل الرياح الحُطام والفُتات الصخري المُفكك كالحصى الصغيرة وحبات الرمال والسلت والغضار من أماكن انتشاره كالسهول الفيضية، وتوضعات الشواطئ الرملية وترسّبات الجليديات وتوضعات قيعان البحيرات الجافة؛ إضافة إلى المقذوفات البركانية الدقيقة كالرماد أو الغبار البركاني- خلال فترات زمنية قصيرة -إلى مسافات بعيدة، تُراوح بين بضع مئات إلى بضعة آلاف الكيلومترات، هذا وتستطيع عاصفة قوية واحدة أن تنقل كميات هائلة من الحطام الصخري تراوح بين عشرة ملايين إلى مليار طن من مواضعها الأولية إلى مواضع ترسبها.

    تتباين شدة عملية نقل الفُتات والحُطام الصخري بالرياح تبعاً لمجموعة من العوامل، منها سرعة الرياح، وحجم الفُتات والحُطام الصخري ووزنه النوعي، كما تتباين عمليات النقل. فقد يكون النقل بالحمل؛ وتُسمى الحمولة عندئذٍ حمولة معلقة suspension materials، وتصل أبعاد الحبيبات المحمولة إلى نحو 0.33 مم، أو بالتدحرج والقفز saltation حيث تتدحرج وتقفز حبيبات الرمل المتوسطة الأبعاد والخشنة والكبيرة الحجم بالقرب من سطح الأرض، وقد تكون عملية النقل بتضافر الطريقتين السابقتين أي بالحمل والتدحرج traction أو بالزحف السطحي surface creep للحبيبات والحطام الصخري خشن الأبعاد (الشكل 4).

     

    الشكل (4) الآليات المُختلفة لعملية نقل الفُتات والحطام الصخري بالرياح.

    عملية الترسب sedimentation: تُشكِّلُ الترسبات الريحية كلاً من التجمعات الرملية، والكثبان الرملية، وتوضعات رواسب الطفال (اللوس Loes).

    تراكم الرمال sand accumulation: تتباين أشكال الترسبات الرملية بحسب شكل تجمعها، فبعضها يتجمع في مساحات شريطية محدودة الأبعاد كتلك المُنتشرة على ضفاف الأنهار أو بالقرب من الشواطئ البحرية في المناطق المُعتدلة، وبعضها يمتد انتشاره، ويتسع ليشغل مساحات شاسعة كتلك التوضعات الرملية المُنتشرة في الصحارى والتي تُشكل عند تجمعها الكثبان الرملية.

    ظلال الرمال sand shadows: وتتشكل عند اصطدام الرياح المحملة بالرمال بعقبة طبيعية، كقطعة صخرية؛ مما يؤدي إلى تراكم حبيبات الرمل عند قاعدة تلك العقبة المواجهة لاتجاه الرياح، كما تتساقط بعض الذرات الدقيقة العالقة بالهواء من حبيبات السلت والطين على الجانب الآخر من تلك العقبة، ومع استمرار تراكم الرمال تُغطى كامل العقبة من الفتات الصخري، أما في المسطحات السبخية الملحية وعندما يكون العائق الطبيعي متمثلاً بشجيرة؛ فيطلق على أكوام الرمل المتراكمة حولها اسم النباك أو النبكات mounds.

    الأشرطة الرملية sand drifts: وتتشكل عندما تهب الرياح المحملة بالرمال فوق أسطح الهضاب المستوية في اتجاه حوافها، فإنها غالباً ما تُفرغ حمولتها من الرمال عند قواعد هذه الحافات المحمية من تأثير الريح، وترسب أشرطة رملية تتوضع بشكل موازٍ لامتدادها.

    الكثبان الرملية sand dunes: تُقسم الأنواع المُختلفة للكثبان الرملية تبعاً لموقع تكونها وشكلها وحجمها وكمية رمالها وكثافة توزع غطائها النباتي وتكوينها حواجز رملية أو روابي أو تلالاً أو هضاباً أو مرتفعات رملية، يتباين ارتفاعها من بضعة أمتار إلى بضع عشرات من الأمتار، انتقلت وترسبت بواسطة التيارات الهوائية والرياح (الشكل 5).

     

    الشكل (5) انتشار الكثبان الرملية في الصحارى.

    آلية تشكل الكثبان الرملية وحركتها

    تتشكل الكثبان الرملية عند توفر كميات كافية من الرمال الحرة السائبة ووجود دوامات وتيارات هوائية قادرة على نقلها وتحريكها. ويبدأ الكثيب الرملي بالتشكُّل لدى وجود عائق أو عارض طبيعي أو صناعي يقابل اتجاه الرياح المُحملة بالرمال المُعلقة؛ مما يُؤدي إلى انخفاض سرعة التيارات الهوائية وطاقتها؛ ومن ثمّ تبدأ الحبيبات الرملية المُعلقة بالرياح بالترسب والتجمع بفعل الجاذبية الأرضية، ويزداد حجم الترسبات مع استمرار هذه العملية مُكوناً رابية رملية صغيرة لا تلبث أن تكبر مُكونة حاجزاً رملياً طبيعياً ثم كثيباً رملياً، ومع استمرار هذه العملية يزداد ارتفاع الكثيب من بضعة أمتارٍ ليكوِّن كثيباً رملياً يرتفع عشرات الأمتار.

    تأخذ الكثبان الرملية التي تتشكل في المناطق التي تهب بها الرياح دائماً من اتجاه واحد شكلاً مميزاً، حيث يكون لها في الاتجاه المُواجه للرياح سطح منحدر طويل قليل الميل (5-10º)، وعليه خطوط مُتعرجة صغيرة، تُعرف باسم علامات النيم (الشكل 6)، في حين يتميز الجانب الآخر الموجود في الاتجاه المُعاكس للرياح بسطح قصير شديدِ الانحدار (30-35º) يساوي زاوية الاستقرار الطبيعية للرمال الجافة غير المتماسكة.

     

    الشكل (6) كثيب رملي صحراوي نموذجي وعلامات النيم.

    تعمل الدوامات الريحية النشطة في الجانب المعاكس للرياح من الكثبان على منع تجاوز الحبيبات الرملية قمة الكثيب المُتشكل؛ مما يُؤدِّي إلى ارتفاع قمته تدريجياً واستطالته في الاتجاه المقابل للرياح، وبعد مرحلة من نمو الكثيب تتمكن الحبيبات الرملية من التدحرج على طول المُنحدر المُقابل للرياح والقليل الميل حتى تصل إلى قمته؛ ومن ثم تتساقط على جانبه الآخر، أي الوجه المُعاكس لاتجاه الريح، ومع استمرار هذه العملية يتقدم الوجه المُعاكس للرياح على حساب الرمال المُتجمعة على الجانب الآخر نتيجة تغذيته المُستمرة، وبذلك يتحرك الكثيب الرملي مع اتجاه الرياح (الشكل 7).

     

    الشكل (7) آلية انتقال الكثيب الرملي.

    أنواع الكثبان الرملية

    تنتشر الكثبان الرملية في مناطق مُتعددة ومُتنوعة، كالصحارى والسهول الفيضية والشواطئ الرملية عند البحيرات أو البحار، وتُصنَّف تبعاً لحجمها وشكلها في الأنواع الرئيسة التالية:

    - الكثبان الهلالية Crescent DunesBarchan dunes: وتنشأ في المناطق الصحراوية الجرداء الخالية من الغطاء النباتي، ذات الأرضية الصخرية الصلدة وكمية الرمال المحدودة، تسودها رياح ثابتة الاتجاه، يأخذ الكثيب شكل الهلال أو حدوة مع امتدادين مُتطاولين مقوسين يدلان على اتجاه الرياح (الشكل 8). تنتشر هذه الكثبان عموماً على هيئة تجمعات، ونادراً ما تكون مُنفردة. ويُراوح ارتفاعها وسطياً بين 20-30م، وطولها نحو 150م، وتتميز بتساوي جانبيها وتناظرهما عند ثبات اتجاه الرياح، في حين تكون غير مُتناظرة ولا مُتساوية الجانبين عند تغير اتجاه الرياح، ويبدو جانب البرخان المُقابل للرياح مُحدباً طويلاً قليل الانحدار (6-17º)، ويُطلق عليه اسم ظهر الكثيب، أما جانبه الآخر فيبدو مُقعراً شديد الانحدار (33-35º)، ويُطلق عليه اسم واجهة الكثيب.

     

    الشكل (8) رسم تخطيطي للكثبان الرملية الهلالية.

    تشكل توضعات الكثبان الهلالية ترسبات انتقالية؛ لذلك لا يُتوقع الاحتفاظ بها في التتابع الجيولوجي، لأنها ما إن تستقر حتى تبدأ بالزحف والانتقال إلى مواقع جديدة أمام اتجاه الرياح.

    - الكثبان الهلالية المعكوسة Transverse dunereverse barchan dunes: وتنتشر في المناطق الساحلية التي تتوفر فيها كميات كافية من الرمال، وتكون الرياح السائدة قوية. تأخذ الكثبان الرملية الهلالية المعكوسة شكل حرف U، وتشابه الكثبان الرملية الهلالية باستثناء أن امتداديها المُتطاولين المقوسين يُشيران إلى الاتجاه المُعاكس لاتجاه الرياح (الشكل 9).

     

    الشكل (9) رسم تخطيطي للكثبان الرملية الهلالية المعكوسة.

    - الكثبان المُستعرضة traverse dunes: وتنتشر على امتداد شواطئ البحار والبُحيرات، وفي المناطق الصحراوية المُتاخمة للسلاسل الجبلية المرتفعة، تتميز بارتفاعاتها المنخفضة 3-4.5م، في حين قد يصل طولها إلى نحو 1كم، تتشكَّلُ الكثبان الرملية المستعرضة بحيث تكون محاورها الطولية متعامدة مع اتجاه الرياح «التيارات الهوائية» (الشكل 10).

     
    الشكل (10) رسم تخطيطي للكثبان الرملية الهلالية المُستعرضة. 

    - الكثبان الطولية أو كثبان السيف longitudinal dunes or seif dunes : تتشكَّلُ الكثبان الطولية عادةً في المناطق ذات الرياح القوية، وعندما تكون التوضعات الرملية قليلة -وتبدو على هيئة روابٍ رملية متطاولة ذات قمم حادة- تتوضع بشكلٍ موازٍ لاتجاه الرياح، وغالباً تُغطي مساحات كبيرة تصل إلى نحو 200كم2، ويصل ارتفاعها إلى نحو 100م، ويمتد طولها إلى قرابة 400م. تُعدُّ الكثبان الرملية السيفية أحد أشكال الكثبان الرملية الطولية، وتكون مُتوسطة الارتفاع، ويُراوح ارتفاعها بين 40 و60م، وقد يصل أحياناً إلى 300م، ويمتدُّ طولها إلى نحو 180م، تنتشر في المناطق الصحراوية غالباً على شكل مجموعات مكونة حيوداً تمتدُّ عدة كيلومترات (الشكل 11).

     

    الشكل (11) رسم تخطيطي للكثبان الرملية الهلالية الطولية.

    - الكثبان النجمية star dunes: وهي كثبان رملية ذات بنية نجمية أو شعاعية، وأحياناً تشبه في بنيتها بنية الأهرام، يصل ارتفاعها إلى عشرات الأمتار، يتشكل هذا النوع من الكثبان عادة في المناطق الصحراوية التي يتوفر فيها كميات هائلة من الرمال وتيارات هوائية موسمية عاصفة متباينة الاتجاه، كما هو الحال على أطراف الأجسام والجبال الرملية الكبيرة والثابتة المنتشرة في منطقة الربع الخالي وغيرها من المناطق الصحراوية (الشكل 12).

     

    الشكل (12)

    أ- رسم تخطيطي للكثبان الرملية النجمية.

    ب - صورة لمجموعة من الكثبان الرملية النجمية.

    رواسب اللوس (الطفال) loess deposits: وتُعدُّ أحد أنواع الترسبات الريحية التي نُقلت على شكل جزيئات ناعمة سلتية أو غضارية مُعلقة رديئة التصنيف بنية اللون فاتحة أو مصفرة، وأحياناً رمادية سهلة التفتت ذات ملمس ناعم ومسامية عالية، تتوضع ترسبات اللوس غالباً خارج المناطق الصحراوية الجافة المنقولة منها، وتشغل مساحات شاسعة تبلغ سماكتها عادةً عدة مئاتٍ من الأمتار. هذا وتُعدّ مناطق وسط آسيا أكثر المناطق لانتشار ترسبات اللوس، حيث تزيد سماكة هذه الترسبات هناك على 500م، ومن العوامل التي تُساعد على تشكل ترسبات اللوس سيادة المناخ الرطب وانتشار غطاء نباتي يُساعد على تكديس التجمعات الرملية، ويضمن حماية هذه التجمعات بالتذرية.

    عبدالرحمن السفرجلاني

    مراجع للاستزادة:

    - عبدالرحمن السفرجلاني وسليم حميد، الجيولوجيا العامة، الجزء النظري، منشورات جامعة دمشق، 2016.

    - H. Bahlburg, C. Breitkreuz, Grundlagen der Geologie, 4. Auflage. Stuttgart; Heidelberg; Germany, Spektrum Akademischer Verlag, 2012.

    - J. Grotzinger, T.H. Jordan, F.Press & R.Siever, Allgemeine Geologie. 5. Auflage., Spektrum Akademischer Verlag, 2015.

     


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 541
الكل : 29573727
اليوم : 28643