logo

logo

logo

logo

logo

ازدواجية الجسيم والموجة

ازدواجيه جسيم وموجه

Wave-particle duality - Dualité onde-particule

ازدواجية الجسيم والموجة

خنساء حسين

 

تعد الطبيعة المزدوجة «جسيم - موجة wave-particle duality” لكل من الضوء والمادة من المبادئ الأساسية في الفيزياء المجهرية، إذ يشترط على المكونات الأساسية للعالَم المجهري أن تُظهر الخصائص الموجية والجسيمية على الرغم من اختلافهما. في الحقيقة تعود جذور الحراك الفكري حول طبيعة العالم المجهري إلى زمن اليونان وخاصة فيما يتعلق بالأبحاث الخاصة بطبيعة الضوء، وتم الإنجاز الأولي في هذا المجال في مصر من خلال أبحاث ابن الهيثم في كتابه «المناظر» الذي كتبه بين عامي 406هـ/1015م و 412 هـ/1021م وتُرجم إلى اللاتينية عام1572 م، ووصف الضوء بأنه فيض من كرات ذات كتلة صادرة من منبع نقطي تنتشر وفق أشعة مستقيمة قابلة للانعكاس، تستحث حاسة البصر من خلال دخولها للعين، وقد استعمل نيوتن هذا الوصف.

أدت أبحاث كبلر Kepler، وغاليليه Galilee، وباكونBacon ، وديكارتDescartes ، وغريمالدي Grimaldi في القرن السابع عشر إلى وضع الأسس الدقيقة للضوء الهندسي، فتم التوصل إلى نظريتين متنافستين للضوء: نظرية نيوتن Newton الجسيمية، ونظرية هيوغنز Huygens الموجية. واستطاع نيوتن شرح ظواهر الانعكاس والانكسار والتبعثر ضمن موشور، لكنه عجز عن تفسير ظاهرة الاستقطاب الضوئي أو شرح عدم انحراف حزمتين ضوئيتين متقاطعتين، على حين رفض هيوغنز عام 1678 م نموذج نيوتن واقترح نظرية موجية بحتة تصف الضوء على أنه اضطراب ينتشر في وسط يسمى الأثير ether. ونجح في شرح جميع الظواهر الضوئية المعروفة آنذاك بما فيها الاستقطاب الضوئي. وفي بداية القرن التاسع عشر قام يونغ Young، وفرينل Fresnel ، وفوكلت Foucault وفيزو Fizeau بإجراء العديد من التجارب التي أكدت جميعها صحة نظرية هيوغنز التي تنص على أن الضوء أمواج ضوئية، ولم يبقَ سوى اكتشاف الوسط الذي تنتشر فيه وخصائصه. وفي عام 1887 م أجرى مايكلسون Michelson ومورلي Morley تجربتهما الشهيرة التي أكدت نتائجُها أبحاث فارداي Faraday التجريبية وأبحاث مكسْويل Maxwell النظرية التي بيّنت عدم وجود الأثير وأن الضوء موجة ضوئية تنتشر في الفضاء خالي المادة. تعطي نظرية مكسويل (1864م) وصفاً دقيقاً وموجياً بحتاً لتقريب جميع الظواهر الكهرطيسية المعروفة آنذاك، لكنها لم تستطع شرح ثلاث ظواهر هي إشعاع الجسم الأسود، وأثر كومتون والأثر الكهرضوئي. وفي عام 1905م، شرح بلانك Planck ظاهرة إشعاع الجسم الأسود من خلال تكميم التبادل بين المادة والإشعاع، واقترح أينشتاين Einstein عام 1905م تكمية الإشعاع بذاته ودمج بين نظرية هيوغنز الموجية ونظرية نيوتن الجسيمية مفترضاً أن الضوء مكوّن من فوتونات مرافقة لموجة ضوئية، ولكل من الفوتونات طاقة تساوي الوصف: الوصف: الوصف: 495.jpg،وكمية حركة تساوي الوصف: الوصف: الوصف: 484.jpgحيث الوصف: الوصف: الوصف: 478.jpgتواتر (تردد) الضوء، وh ثابتة بلانك، و K متجه الموجة الوصف: الوصف: الوصف: 469.jpg، وهاتان العلاقتان تربطان في الواقع الخاصة الموجية للضوء الممثلة بالتواتر الوصف: الوصف: الوصف: 463.jpgأو طول الموجة الوصف: الوصف: الوصف: 454.jpgبالخاصة الجسيمية الممثلة بالطاقة E والاندفاعp . وأدى تصور أينشتاين إلى ولادة مفهوم الطبيعة المزدوجة “موجة_جسيم” الذي سمح بتفسير تجارب الانعراج باستخدام الخاصة الموجية للضوء، وتم تفسير إشعاع الجسم الأسود وأثر كومتون والأثر الكهرضوئي باستخدام طبيعته الجسيمية.

توقع الفيزيائي لوي دوبرولي L. de Broglie عام 1924م - في الوقت الذي وجد أينشتاين أن الفوتون يعطي للضوء طبيعة جسيمية - أن يكون للجسيمات المادية خصائص موجية تشبه خصائص الفوتونات. واستنتج من دراسته المقارنة لمختلف خصائص الجسيمات وخصائص الضوء أن طول موجة الجسيم الوصف: الوصف: الوصف: 445.jpgيجب أن يكون مرتبطاً باندفاعه P وفق العلاقة التالية:

(1) الوصف: الوصف: الوصف: 437.jpg

حيث: h ثابتة بلانك ، وm كتلة الجسيم، والوصف: الوصف: الوصف: 426.jpg سرعته. تدعى هذه العلاقة علاقة دوبرولي، وتُكتب أيضاً على النحو التالي:

(2) الوصف: الوصف: الوصف: 417.jpg

K متجه الموجة المرتبطة بالجسيم.

تحققت توقعات دوبرولي عام 1927م على يد دافيسون Davisson وجِرمر Germer اللذين تمكَّنا- بإجراء تجربة تشبه تجربة يونغ Young في الضوء- من الحصول على حلقات انعراج لجسيمات بوساطة حزمة إلكترونات ذات طاقة منخفضة بعد انعكاسها على بلورة من النيكل، كما تبيَّن أن طول موجة الإلكترونات الذي قيس بالتجربة يساوي الطول المحسوب من العلاقة (1).

تُظهر علاقة دوبرولي التناسب العكسي بين طول الموجة المرافقة لجسيم مادي بالاندفاع وطاقته، لهذا السبب فإن الظواهر التي تحدث في مجال الطاقات العالية يظهر فيها السلوك الجسيمي للجسيمات بصورة أوضح من سلوكها الموجي، وعلى العكس يظهر السلوك الموجي في مجال الطاقات المنخفضة.

ومنذ ذلك الوقت تعددت التجارب مع جسيمات أخرى. وحديثاً قدّم آرنت Arndt عام 1999 م البرهان المدهِش على الطبيعة المزدوجة “موجة - جسيم” من خلال تجربة انعراج أجراها على جزيئات الكربون C60، ويدعى الفلّرين fullerene، مبيناً أن قيمة طول موجة دوبرولي المرافقة للجزيء المدروس تساوي 2.5 بيكومتر.

توصل الفيزيائيون إلى أن للأمواج الكهرطيسية طبيعة جسيمية، في حين تتمتع جسيمات المادة بطبيعة ثانية ولكنها موجية. وعدت هذه النتيجة تناقضاً حتى جاء بور Bohr واقترح مبدأ التمامية: تعد جسيمات المادة والضوء كوانتات طاقة ذات سلوك موجي وجسيمي بآن واحد، وهذا ما يعبر عن مبدأ الطبيعة المزدوجة “موجة - جسيم”.

وقد يكون المجهر الإلكتروني أبرز تطبيق لهذه الطبيعة، فقد تجاوز المجهر الضوئي في تكبيره اعتماداً على هذه الخاصة التي تجعل ميز المجهر الإلكتروني ومقدرة الفصل فيه أفضل بكثير من المجهر الضوئي نظراً لإمكان التحكم بالطول الموجي للإلكترونات وصغره.

مراجع للاستزادة:

- M. Arndt, O. Nairz, J. Voss-Andreae, C. Keller, G. Van der Zouw and A. Zeilinger, Wave-particle duality of C60, Nature, Vol. 401, 1999.

- F. Frémont et al., Interférences de type Young avec un seul électron, C.R. Académie des Sciences, Physique, 9, 2008.

- A. Messiah, Quantum Mechanics, Dover Publications Inc., 2003.

- A. Tonomura, J. Endo, T. Matsuda, T. Kawasaki and H. Ezawa, Demonstration of Single-Electron Build-up of an Interference Pattern, American Journal of Physics 57, 1989.

 


التصنيف : ميكانيك الكم
النوع : ميكانيك الكم
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1109
الكل : 45664489
اليوم : 65172