logo

logo

logo

logo

logo

الاصطفاء النباتي

اصطفاء نباتي

Vegetal selection - Sélection végétale

الاصطفاء النباتي

عدنان قنبر

الاصطفاء غير المباشرindirect selection  الاصطفاء الطبيعيnatural selection
الاصطفاء لعدة صفات  الاصطفاء الصنعيartificial selection
الاصطفاء المُعان بالواسمmarker-assisted selection  الارتباط بين القيم المظهرية والوراثية للصفات الكمية      

 

 

الاصطفاء selection وسيلة يستخدمها المربون لتغيير التركيب الوراثي لأفراد المجتمع population، وإيجاد تراكيب جديدة أفضل تأقلماً وتجاوباً مع المتطلبات الكمية والنوعية للإنتاج الزراعي، ترافق رغبات الإنسان المتزايدة والمتنوعة والمتجددة.

يُطلق على الأفراد التي اصطفيت لتدخل برامج التربية الآباء المنتخبة selected parents، أما التي لم يقع عليها الاختيار فتسمى بالأفراد المستبعدة culled individuals. والفرد هو أصغر وحدة للاصطفاء بكل ما يملك من صفات وجينات؛ إذ لا يمكن اختيار جين واستبعاد آخر، أو حتى اختيار قرين allele من دون آخر. وقرار الاصطفاء أو الاستبعاد يكون بالنسبة إلى الفرد كله بجميع بنائه الوراثي، وقد تكون وحدة الاصطفاء أكثر من فرد، مثل: عائلة أو سلالة بأكملها. ويُمَّيز في الاصطفاء النوعان الرئيسان التاليان:

أ- الاصطفاء الطبيعي natural selection:

يتحقق من دون تدخل الإنسان، ويؤدي إلى سيادة الأفراد الذين لديهم إمكانية العيش في ظروف بيئية مختلفة، كتحمل التقلبات المناخية والجفاف ومقاومة الإجهادات الأحيائية واللاأحيائية. وهذا يعني استمرار بقاء أفراد تتميز بأنها قوية ومتحملة للإجهادات، كما تبدي مقدرة إنتاجية كافية.

ب- الاصطفاء الصنعي artificial selection:

ويختلف عن الاصطفاء الطبيعي في أن الإنسان هو الذي يقوم به، ويقارب بتأثيره الاصطفاء الطبيعي، لكنهما على طرفي نقيض، فالاصطفاء الصنعي يتيح للمربي معرفة ما سيحصل عليه نتيجة الاصطفاء، وتتغير أهدافه بين حين وآخر بتغير حاجيات الإنسان وظروف معيشته، ما يستدعي الإبقاء على كائنات حية معينة، فيترك لها فرصة التكاثر؛ لأنها تحقق ما يريده، ويمنع عن غيرها تلك الفرصة؛ لكونها لا تمتلك الصفات المرغوبة.

الاصطفاء لصفة كميِّة

الصفات الكميِّة هي الصفات التي تقاس أو تقدر بالكم وليس بالوصف. وهي تقاس عادة بواحدات وزنية أو طولية أو بواحدات المساحة أو الحجم، أو بواحدات عددية .. وغير ذلك من واحدات القياس الكمي. ويتحكم فيها عددٌ كبيرٌ من أزواج الجينات التي يخضع انعزالها وتوزيعها في الأنسال لقانوني مندل الأول والثاني، وبهذا فإنها تتماثل تماماً مع السلوك الوراثي للصفات الوصفية، بيد أنه يصعب تتبع انعزال عددٍ كبيرٍ منها وتوزيعها (قد يصل إلى 10 أو15 زوجاً) ووضع الأشكال المظهرية الناتجة منها في مجاميع محددة ومميزة؛ لأنه يتطلب وضعها في عدد كبير جداً من الأقسام أو المجاميع. وقد وُجد أن لكل جين من الجينات المتعددة المؤثرة في الصفة الكمية تأثيراً طفيفاً في إظهار الصفة. وأوضحت معظم الدراسات أن الصفات الاقتصادية - كالغلة الحبيّة - وصفات الطول والوزن والنمو وغيرها من الصفات الفيزيولوجية هي صفات كمية.

تتأثر الصفات الكمية تأثراً كبيراً بالظروف البيئية، فغلة المحصول تتأثر بدرجة الحرارة والرطوبة والتسميد ومقاومة الأعشاب الضارة والآفات والأمراض النباتية وغيرها. كما أن قوة نفاذ penetrance الصفة من الأب إلى النسل تكون أقل من 100 % في الصفات الكمية، ما يؤدي إلى تدني قيمة المكافئ الوراثي (أقل من 1). ويتمثل أثر الاصطفاء بالآتي:

1. لا يخلق الاصطفاء جينات ولكن يغير تكرار الجين أو تكرار القرائن التي تحمل تجمعات وراثية معينة.

2. التحسين الناتج من الاصطفاء للتأثير التفوقي epistatic effect، والتأثير السيادي dominant effect يكون مؤقتاً، أما التحسين الناتج من الاصطفاء للتأثير التجميعي additive effect فيكون دائماً حتى بعد توقف الاصطفاء.

3. يكون الاصطفاء فعالاً عندما يتغير متوسط أداء العشيرة النباتية عن مستواها الأصلي.

وثمة طرائق مختلفة من الاصطفاء تستخدم في برنامج التربية؛ كالاصطفاء الفردي، والإجمالي والاصطفاء بحسب الإخوة الأشقاء، والاصطفاء بحسب الإخوة نصف الأشقاء، والاصطفاء بحسب الاختبار بالنسل.

آ) الاصطفاء الفرديindividual selection : يؤدي هذا الاصطفاء إلى سلالة نقية، ويستخدم لرفع درجة النقاوة في الصنف المزروع، أو للوصول إلى سلالات نقية جديدة من صنف ما به درجة من الخلط. يصلح الاصطفاء الفردي لتحسين العشائر الطبيعية والأصناف المزروعة في ذاتيات التلقيح فقط؛ لأن التماثل في خلطيات التلقيح يؤدي إلى التدهور والانعزال. وتعتمد سرعة الوصول إلى النقاوة الوراثية على مبدأ أن نسبة الخلط تنخفض بنسبة 50 % لمصلحة التماثل بعد كل تلقيح ذاتي، وتساوي درجة التماثل homozygosity (H) (المعادلة 1):

حيث:H = درجة التماثل، و m= عدد الأجيال، و N= عدد الجينات.

ب) الاصطفاء الإجمالي mass selection: وفيه يُنتقى عدد كبير من النباتات المتشابهة مظهرياً في الحقل، وتحصد تلك النباتات، وتستعمل بذورها معاً نواةً لصنف جديد بهدف خفض درجة الخلط، ورفع درجة النقاوة، وإعادة الصنف إلى درجة مقبولة من النقاوة الظاهرية، وعزل التراكيب الوراثية المغايرة لصفات الصنف المعروفة. ويستخدم الاصطفاء الإجمالي في تحسين كل من المحاصيل الذاتية والخلطية، ويفيد إجراؤه لمرة واحدة في النباتات ذاتية التلقيح في استبعاد التراكيب الوراثية الرديئة، أما في النباتات خلطية التلقيح فيجرى الاصطفاء الإجمالي المتكرر لعدة أجيال أو على نحو دائم نظراً لوجود معظم النباتات على درجة عالية من الخلط الوراثي.

جـ) الاصطفاء بحسب الإخوة نصف الأشقاء half-sib selection: تُعرَّف أنصاف الإخوة: بأنها عائلة من مجموعة أفراد تشترك في أب أو أم، وباختصار يمكن تلخيص مراحل الطريقة كالآتي:

• تشكيل عشيرة نباتية عريضة القاعدة الوراثية.

• ينتخب 100 – 200 نبات على أساس الصفات المظهرية، ويجرى التلقيح الذاتي للنباتات المختارة، في الوقت ذاته تُلقح كأب مذكر مع صنف اختباري (مُختبِر tester)، وتُحفظ بذور كل نبات منتخب ناتجة من التلقيح الذاتي على نحو منفصل.

• تقييم نواتج التهجين الاختباري في عدة مكررات ومواقع.

• تصطفى أفضل 10 عائلات نصف أخوية من البذور العائدة إليها والناتجة من التلقيح الذاتي لأفضل 10 نباتات.

• تقييم العائلات المنتخبة بطريقة خط – نبات، والسماح لكل حالات التلاقح العشوائي بين النباتات.

د) الاصطفاء بحسب الإخوة الأشقاء full-sib selection: تُعرَّف الإخوة الأشقاء بأنها مجموعة من الأفراد تشترك في كلا الأبوين، وتنتج من التهجين المتبادل بين نباتين. وباختصار يمكن تلخيص مراحلها كالآتي:

• تشكيل عشيرة نباتية عريضة القاعدة الوراثية.

• ينتخب 200 نبات على أساس الصفات المظهرية، وتقسم إلى مجموعتين: آباء؛ وأمات (أمهات) (A و B)، في كل منها 100 نبات.

• تلقيح ذاتي للنباتات المنتخبة من المجموعة A، وتهجينها في الوقت نفسه مع النباتات الأخرى من المجموعة B. وتختار نباتات من المجموعة B وتلقح ذاتياً مع نفسها، وتلقح اختبارياً بالوقت ذاته مع نباتات من المجموعة A، وهكذا كل مجموعة تعمل كمُختبِر للمجموعة الثانية.

• اختبار نواتج التهجين الاختباري في الموسم القادم، وبناءً على التقييم المظهري للعائلات ينتقى أفضل 10 عائلات كاملة الإخوة.

• إجراء التهجينات بين الأزواج من كلتا المجموعتين، ومن ثم تخلط البذور الناتجة مع بعضها لتكوين الدورة التالية من الاصطفاء.

هـ) الاصطفاء بحسب الاختبار بالنسل progeny testing: يُعرَّف اختبار النسل بأنه عملية تقييم الآباء أو اختبارهم استناداً إلى سلوكية نسلها المنتج أو مستوى عطائها وفقاً لنظام محدد من التلاقح، ويُعد وسيلة فعالة في التمييز بين الأفراد المتفوقة في صفة ما بسبب عوامل البيئة؛ وتلك المتفوقة بسبب تركيبها الوراثي أو قدرتها الوراثية الكامنة، وهو بأبسط مفاهيمه يعني زراعة عدد من نسل نبات معين منتخب في الجيل السابق، وتقييم مظاهر الأبناء، والحكم على الآباء من خلال تلك المظاهر. وهو يزيد من دقة اصطفاء النباتات المرغوبة بناءً على كفاءة نسلها، ما يقلل من تأثير البيئة وخصوصاً إذا ما تمت في مكررات متعددة، وفي عدة مواقع، ولعدة سنوات.

الارتباط بين القيم المظهرية والوراثية للصفات الكمية:

يُعرَّف الشكل أو النمط المظهري phenotype بأنه التعبير الناجم عن التركيب الوراثي ضمن ظروف بيئية محددة، ويتغير مع تغير الظروف البيئية، وقد تتشابه الأشكال المظهرية على الرغم من الاختلاف في مكوناتها الوراثية. أما النمط الوراثي genotype فهو مجموعة الجينات التي وُرثت عن الآباء، وتحدد صفات النبات، ويظل التركيب الوراثي ثابتاً تقريباً مهما اختلفت الظروف البيئية. ويمكن التعبير عن ذلك بالمعادلة (2):

مظهر الفرد = التركيب الوراثي للفرد + تأثير البيئة + تفاعل التركيب الوراثي مع البيئة

Phenotype = Genotype + Environment + Interaction

وبالتالي فإن التباينات المظهرية Phenotypic variance (VP ) ترتبط بكل مما يلي (المعادلة 3):

حيث: Vp = التباين المظهري في صفة من الصفات بين مجموعة من الأفراد، وVG = التباين الوراثي، و VE = التباين البيئي، وVGE = التباين الناتج من تآثر (تفاعل) التركيب الوراثي مع العوامل البيئية.

تنتج التباينات الوراثية للصفات المدروسة من الجينات المتحكمة فيها، وتتوضع تلك الجينات على الصبغيات chromosomes، ويقال عن الجينات المتوضعة على الصبغي ذاته إنها مرتبطة؛ عندما لا تتوزع توزعاً حراً، ويؤدي ارتباط الجينات إلى ارتباط مؤقت بين الصفات.

تعود أهمية الصفات المرتبطة إلى ثلاثة أسباب رئيسة:

1- أسباب وراثية تزيد من خلال عمل الجينات التفوقي، ويُعد في هذا المجال تعدد آثار الجين أحد الخصائص الشائعة بين الجينات الرئيسة.

2- التغيرات التي يحدثها الاصطفاء، فالاصطفاء بهدف تحسين صفة ما يحدث تغييرات متزامنة في صفات أخرى لا تخضع للاصطفاء.

3- التعلق بالاصطفاء الطبيعي، فالعلاقة بين أي صفة كمية والمواءمة (الإسهام النسبي من النسل في الجيل الناتج) تعد العامل الأساسي المحدد للخصائص الوراثية لتلك الصفة في عشيرة طبيعية.

يُميز في الدراسات الوراثية سببان للارتباط بين الصفات: الأول وراثي والثاني بيئي. ففي الارتباط الوراثي يكون الارتباط بين الجينات أحد أسباب الارتباط المؤقت بين الصفات وخاصة في العشائر الناتجة من خلط سلالات متباينة فيما بينها، لكن السبب الوراثي الرئيس للارتباط الوراثي هو تعدد آثار الجينات pleiotropy الذي يُعزى إلى تأثير الجين في اثنتين أو أكثر من الصفات بحيث يسبب انعزالها في عشيرة ما تبايناً متزامناً في الصفات التي تؤثر فيها. وتُعبِّر درجة الارتباط الناشئة من تعدد الآثار عن مدى تأثر صفتين بالجينات نفسها، لكن الارتباط الناشئ من تعدد الآثار هو الأثر الكلي أو الصافي لكل الجينات المنعزلة التي تؤثر في الصفتين، ويمكن لبعض الجينات أن تزيد مظهر كل من الصفتين، في حين يُزيد بعضها واحدة ويُنقص الأخرى، فتسبب الأولى ارتباطاً موجباً وتسبب الثانية ارتباطاً سالباً، لذا فإن تعدد الآثار لا يسبب دائماً ارتباطاً ظاهراً. وتعد العوامل البيئية سبباً للارتباط، والارتباط الناشئ من أسباب بيئية أيضاً هو الأثر الكلي للعوامل البيئية المتغيرة كافة؛ والتي قد يحدث بعضها ارتباطاً موجباً، وبعضها الآخر ارتباطاً سالباً.

والعلاقة التي يمكن ملاحظتها مباشرة بين صفتين هي ارتباط القيم المظهرية، أو الارتباط المظهري phenotypic correlation الذي يُعرَّف بأنه قياس لدرجة العلاقة بين التباينات المظهرية، و يحدد عن طريق قياس الصفتين في عدد من الأفراد في العشيرة. يجتمع الارتباط الوراثي والبيئي معاً ليشكلا الارتباط المظهري الذي يمكن ملاحظته مباشرة. ولتقدير معامل الارتباط المظهري ينسب التباين المشترك للصفتين X وY إلى حاصل ضرب الانحرافين المعياريين لكل منهما، وتكون معادلة تقدير معامل الارتباط المظهري كالآتي (المعادلة 4):

حيث: X وY : الصفتان تحت الدراسة، وrp: معامل الارتباط المظهري بينهما. و  σ  : الانحراف المعياري، وCov: التباين المشترك covariance بين الصفتين X و Y.

يعد الارتباط الوراثيgenetic correlation مقياساً لدرجة العلاقة بين التباينات الوراثية بين صفتين في مجتمع ما، وهو ارتباط للقيم التربوية breeding values، ولا يعبر الارتباط البيئي عن ارتباط الانحرافات البيئية فحسب، وإنما هو ارتباط الانحرافات البيئية وارتباط الانحرافات الوراثية غير التجميعية. يمكن قياس الارتباط الوراثي في حال توافر معطيات عن قيم التراكيب الوراثية وانحرافاتها البيئية لصفتين، فيقدر حينها الارتباط بين قيم التراكيب الوراثية للصفتين، والارتباط بين الانحرافات البيئية. ومن ثم تُقيَّم بصورة مستقلة أسباب الارتباطات الوراثية البيئية، وإذا ما عرفت القيم التربوية للأفراد يمكن أيضاً تحديد ارتباطها، كما يوجد ارتباط بين الانحرافات السيادية والانحرافات التفاعلية.

الاصطفاء غير المباشر indirect selection:

يكمن الهدف الأول لتربية النبات في الحصول على أصناف أو هجن جديدة أفضل من الموجودة من حيث استغلال خصوبة التربة وإنتاج أكبر كماً ونوعاً في وحدة المساحة. ويمكن للمربي الإسراع في التوصل إلى صنف جديد في برامج التربية في وقت أقل لو كان بالإمكان الاستدلال على الصفة الأولية التي يراد اصطفاؤها – مثل صفة الغلة أو مقاومة الإجهادات- وذلك من صفات ثانوية أخرى secondary characters كصفة عدد الأشطاءات، وارتفاع النبات، وحجم الورقة، ومدى تعمق الجذور وغيرها. وبمعنى آخر إذا أريد تحسين الصفة X فقد ينتخب لصفة Y، ويحصل على تقدم من خلال العائد المرتبط للصفة X، وهذا مايسمى بالاصطفاء غير المباشر؛ أي يطبق الاصطفاء على صفة أخرى غير الصفة المراد تحسينها (الصفة الثانوية)، ويمكن بسهولة تمييز الأحوال التي يكون فيها الاصطفاء غير المباشر هو الأفضل.

يُعبَّر عن أفضلية الاصطفاء غير المباشر مقارنة بالاصطفاء المباشر بنسبة العائد المتوقع CRX /RX وفق المعادلة (5):

حيث: CRX: العائد المرتبط للصفة X الناتج من الاصطفاء المطبق على الصفة الثانوية Y.

RX: التحسين المتحصل عليه بالاصطفاء المباشر للصفة الأولية.

rA: الارتباط الوراثي بين الصفة الأولية X والصفة الثانوية Y.

iy: شدة الاصطفاء للصفة الثانوية (تعرّف شدة الاصطفاء بأنها النسبة بين الأفراد أو السلالات المنتخبة إلى عدد الأفراد أو السلالات المختبرة).

ix :شدة الاصطفاء للصفة الأولية.

hy : الجذر التربيعي للمكافئ الوراثيheritability على النطاق الضيق الخاص بالصفة الثانوية.

hx : الجذر التربيعي للمكافئ الوراثي على النطاق الضيق الخاص بالصفة الأولية.

تزداد فعالية الاصطفاء غير المباشر في الحالات الآتية:

1. إذا كان المكافئ الوراثي بمفهومه الضيق أعلى في الصفة الثانوية منه في الصفة الأولية.

2. إذا كانت الصفة الثانوية ذات تباين إضافي (تجميعي)additive variance كبير نسبياً.

3. إذا كانت الصفة الثانوية أقل تأثراً بالتغيرات البيئية.

الاصطفاء لعدة صفات:

يلجأ مربو النبات إلى ممارسة الاصطفاء لعدة صفات معاً لتحسين القيمة الاقتصادية للنباتات باتباع الطرائق التالية:

آ) الاصطفاء على مراحل tandem selection: يُجرى الاصطفاء لكل صفة على حدة بالتسلسل، وذلك بأن يجرى الاصطفاء لصفة معينة لعدد من الأجيال إلى أن يصل المربي إلى مستوى معين في تلك الصفة، ثم يُنتخب لصفة أخرى إلى أن يصل إلى مستوى معين كذلك، وهكذا بالنسبة إلى الصفات الأخرى. و يوضح الشكل (1) الاصطفاء على مراحل لتحسين 3 صفات (A، B، C).

يُلحظ من الشكل (1) أن الوقت المستغرق لتحسين الصفة الأولى A كان جيلاً واحداً فقط، في حين أن الصفة B تم تحسينها في جيلين، والصفة الثالثة C في ثلاثة أجيال، ومن الملاحظ أن الصفتين A وB بقيتا ثابتتين عند البدء في تحسين الصفة C، مما يدل على أن الصفات الثلاث كانت مستقلة، ولو كانت غير مستقلة لحدث تغير في الصفتين معاً خلال إجراء عملية الاصطفاء عبر الأجيال. وهذا ما يمكن ملاحظته بالنسبة إلى الصفتين A وB حيث انخفضت قيمة الصفة A عند البدء بالاصطفاء للصفة الثانية B (الخط المنقط A1 في الشكل1 ) وهو ما يعرف بالتضاد الوراثي بين الصفات. ومن عيوب هذه الطريقة أنها ليست عملية؛ إذ يمكن بعد الانتهاء من تحسين الصفة الأولى والبدء بتحسين الصفة الثانية أن تنخفض قيمة الصفة الأولى التي تم الانتخاب لها سابقاً؛ وخاصة إذا كان هناك ارتباط وراثي سالب بينهما، كما أنها تستغرق وقتاً طويلاً.

الشكل (1): طريقة الاصطفاء على مراحل لتحسين ثلاث صفات (A، B، C).

ب) مستويات الاستبعاد المستقل independent culling levels: يتم في هذه الطريقة تحديد مستوى لكل صفة عند الاصطفاء لها، وتسبتعد الأفراد التي يقل مستواها عن أي من تلك المستويات، وهي طريقة صعبة لأن المربي قد لا يجد العدد الكافي من النباتات التي تنطبق عليها الشروط؛ أي المستوى الذي وضع لكل صفة. كما أن من عيوبها أنه قد يوجد نبات جيد في صفة من الصفات كصفة مقاومة الجفاف ولكنه دون المستوى الأدنى في صفة أخرى كصفة الغلة؛ لهذا فإن هذا النبات لن يدخل برامج التربية بالاصطفاء، ولكن من أهم مميزات هذه الطريقة هي تجنب الارتباط السالب بين الصفات.

جـ) دليل الاصطفاء selection index: ثبت أن أسرع تحسين للقيمة الاقتصادية يمكن توقعه من تطبيق الاصطفاء على كل الصفات المكونة معاً بصورة متزامنة، على أن تعطى كل صفة الوزن المناسب (معامل b) بحسب أهميتها الاقتصادية النسبية، وبحسب مكافئها الوراثي، ومعاملات الارتباط المظهرية والوراثية بين الصفات المختلفة، وبالتالي فإن الاصطفاء للقيمة الاقتصادية أمر على درجة من التعقيد، ولابد أن تجمع الصفات المكونة للقيمة الاقتصادية في دليل بحيث إذا طُبق الاصطفاء على أساس الدليل فسيحدث أسرع تحسين ممكن في القيمة الاقتصادية. تعطى كل صفة وزناً يساوي حاصل ضرب قيمتها الاقتصادية النسبية في مكافئها الوراثي، وإذا لم تكن الصفات مرتبطة فلن تكون هناك مشكلة كبيرة، وهذا أفضل ما يمكن عمله في غياب أي معلومات عن معاملات الارتباط الوراثية، لكن إذا كانت معاملات الارتباط الوراثية معروفة فإن كفاءة المعامل يمكن أن تحسن الصفات المدروسة، فإذا رمز إلى الصفة الأولى بالرمز X1 والثانية X2 والصفة n بالرمز Xn؛ كان هناك n من المعاملات، وإذا رمز إلى الدليل نفسه بالحرف      فيكون دليل الاصطفاء كالآتي (المعادلة 6):

وبعد حساب قيمة b لكل صفة يمكن التعويض عنها في الدليل، ويضرب كل معامل في قيمة الصفة المقابلة له على النبات، ثم يجمع حاصل الضرب للحصول على دليل ذلك النبات. وعلى أساس هذا الدليل يمكن اختيار أحسن النباتات.

الاصطفاء المُعان بالواسم marker-assisted selection

هنالك العديد من الصفات المهمة زراعياً - كالغلة الحبِّية والجودة وبعض أشكال مقاومة الأمراض ومقاومة الإجهادات اللاأحيائية وغيرها - يتحكم فيها العديد من الجينات، وتعرف على أنها الصفات الكمية (الجينات المتعددة، أو العوامل المتعددة، أو الصفات المتعددة). وتسمى تلك المناطق في الجينوم النباتي - التي تحوي الجينات المرتبطة بصفة كمية معينة - بمواقع الصفات الكمية quantitative trait loci (QTL)؛ التي يتعذر تعرف مواقعها بالاعتماد على التقييم الشكلي التقليدي. وقد ساعد التوصيف الجزيئي للصفات الكمية بالاعتماد على واسمات الدنا منذ عام 1980 على إعطاء فرصة كبيرة للاصطفاء غير المباشر لتلك الصفات المهمة.

تعد عملية بناء خرائط الارتباط linkage maps لأنواع المحاصيل النباتية المتنوعة؛ أحد أهم استخدامات واسمات الدنا في الأبحاث الزراعية، وتستخدم هذه الخرائط لتحديد المواقع الصبغية التي تضم الجينات المتحكمة في الصفات البسيطة (جين واحد)، والصفات الكمية (عدة جينات)؛ باستخدام تحليل مواقع الصفات الكمية ، وتسمى عملية بناء خرائط الارتباط وإجراء تحليل QTL لتحديد المواقع الوراثية المرتبطة بالصفات؛ بتخريط مواقع الصفات الكمية QTL mapping، ويمكن أن يطلق عليها اسم التخريط الجينومي genome mapping أو الوراثي genetic mapping، ويمكن لهذا النوع من الواسمات أن يستخدم أداةً لاصطفاء النباتات المرغوبة marker-assisted selection (MAS) في برامج التربية.

يتضمن الاصطفاء بمساعدة الواسمات الاستفادة من وجود حزم الدنا أو غيابها بديلاً من المساعدة في الاصطفاء الظاهري، كما أنها تجعل الاصطفاء أكثر فعالية وتأثيراً، وأقل تكلفة مقارنة بطرائق تربية النبات التقليدية. وقد فتح استخدام الواسمات الجزيئية في تربية النبات والحيوان حقلاً جديداً في الزراعة يدعى التربية الجزيئية molecular breeding، فقد قُبلت الواسمات الجزيئية قبولاً واسعاً كونها أداة مهمة ذات إمكانات كامنة عالية لتحسين محاصيل الرز والقمح والشعير والبطاطا والذرة والدخن والمحاصيل الزيتية وأنواع محاصيل البستنة والنباتات الرعوية وغيرها. وقد بيَّنت بعض الدراسات أن الواسمات الجزيئية تؤدي دوراً حيوياً في زيادة إنتاج الغذاء العالمي بتحسين كفاءة برامج التربية التقليدية؛ وإن فهم المبادئ الأساسية وطرائق تطوير واسمات الدنا والاصطفاء بمساعدتها سيساعد مربي النبات والباحثين العاملين في اختصاصات قريبة على العمل معاً لتحقيق زيادة الإنتاج.

تمثل الواسمات الوراثية الاختلافات على المستوى الوراثي بين أفراد نوع ما أو كائن حي. وهي لا تمثل،عموماً، الجينات المستهدفة بحد ذاتها، ولكنها تعمل كمؤشرات signs أو رايات flags. يمكن أن يشار إلى تلك الواسمات التي تقع قريبة جداً من الجين (مرتبطاً ارتباطاً قوياً) بالمرابطات المورثية gene tags. لا تؤثر مثل هذه الواسمات في النمط المظهري للصفة المدروسة؛ لأنها مرتبطة ارتباطاً قوياً بالجين المتحكم فيها، أو تقع بالقرب منه. وتحتل أماكن على الصبغيات (مثل الجينات) تدعى “المواقع” loci.

هناك ثلاثة أنماط رئيسة للواسمات الوراثية وهي:

(1) الواسمات الشكلية التي بذاتها تكون صفات ظاهرية.

(2) الواسمات الكيمياحيوية التي تضم القرائن المختلفة للإنزيمات، وتسمى الإنزيمات المتناظرة isozymes.

(3) الواسمات الجزيئية أو الدناوية التي تظهر مواقع الاختلافات في الـ DNA.

تمثل الواسمات الشكلية الصفات الظاهرية الموصّفة مرئياً (بالعين) مثل لون الأزهار وشكل البذور والتصبغات وطبيعة النمو. أما الواسمات الكيمياحيوية فتمثل الاختلافات في الإنزيمات التي يمكن الكشف عنها بالرحلان الكهربائي وأصبغة خاصة. ومن مساوئ هذين النمطين من الواسمات: محدودية العدد، وتأثرهما بالظروف البيئية وأطوار نمو النبات، وعلى الرغم من هذه المحددات فإن استخدامها كان مفيداً جداً لمربي النبات. أما واسمات الدنا فتعد من أكثر الواسمات انتشاراً واستخداماً بسبب وفرتها، وتعتمد على الاختلافات أو التباين الظاهر على مستوى قطع الدنا الصغيرة، وقد أصبح متوفراً لدى الباحثين خلال العقود الثلاثة السابقة أعداد كبيرة من الواسمات الجزيئية. ويُعد الشرط الأساسي لفعاليتها أن تكون متباينة أو متعددة الأشكال polymorphic، إذ إن الصبغي الذي يحمل الجين الطافر يمكن تمييزه من الصبغي الذي يحمل الجين الطبيعي بوساطة الواسم المرتبط بذلك الجين. ويمكن تعريف تعدد الأشكال الوراثي genetic polymorphic بأنه الحدوث المتزامن للصفة في المجتمع النباتي نفسه في نمطين أو أنماط غير متتالية. ومن هنا يتبين أن الواسمات الجزيئية ما هي إلا تتابع نكليوتيدي للدنا في الجينوم يمكن تحديد مواقعها وتعرّفها. ونتيجة للتغيرات الوراثية في بنية الدنا بسبب التطفير (كالإدخال insertion أو الحذف deletion أو النقل أو التكرار وغيرها) فإن التركيب الأساسي على موقع محدد للجينوم ربما يختلف باختلاف السلالات النباتية، وتدعى هذه الاختلافات بشكلها التجميعي collectively بتعدد الأشكال polymorphism. وتعد الواسمات الجزيئية مرغوبة في برامج التربية لميزاتها العديدة، وأهمها:

1 – إمكان التمثيل الحقيقي للتركيب الوراثي على مستوى الدنا.

2 – ثباتها وعدم تأثرها بالعوامل البيئية.

3 - إمكان كشفها في مراحل النمو الأولية قبل تطور النبات إلى المراحل المتقدمة.

4 – إمكان زيادة عددها بحسب الحاجة.

تشير الواسمات الجزيئية أساساً إلى الاختلافات الوراثية التي يمكن تعيينها باستخدام الرحلان الكهربي الهلامي والتصبيغ الكيميائي (إثيديوم برومايد أو الفضة) أو الكشف عنها بالواسمات المشعة أو المسابر probes الملونة. وتكون الواسمات مفيدة إذا أظهرت تباينات بين أفراد النوع الواحد أو الأفراد التابعة لأنواع مختلفة. ويطلق عليها اسم الواسمات متعددة الأشكال polymorphic markers وتسمى الواسمات التي لا تميز بين الطرز الوراثية بالواسمات أحادية الشكل monomorphic markers (الشكل2).

الشكل (2): الاختلافات الوراثية التي يمكن تعيينها باستخدام تقانة الرحلان الكهربي الهلامي. يمثل الشكلان في الأعلى واسمات دنا افتراضية بين الطرز الوراثية A، B، C، D. حددت الواسمات المتباينة بالأسهم . حيث (MW) molecular weight: تمثل الوزن الجزيئي لحزم الدنا بثنائيات الأسس الآزوتية (bp) base pairs.

يمكن توصيف الواسمات متعددة الأشكال بأنها سائدة dominant أو مختلطة السيادة codominant (الشكل3)، ويعتمد هذا الوصف على أساس التمييز ما بين الطرز الوراثية المتماثلة اللواقح homozygotes والمتخالفة اللواقح heterozygotes (الشكل 4).

الشكل (3): مقارنة بين الواسمات

(أ) مختلطة السيادة (ب) الواسمات السائدة.

الشكل (4): مقارنة بين الواسمات السائدة dominant

والواسمات مختلطة السيادة codominant

في مجتمعات نباتية مختلفة: F2 الجيل الانعزالي الأول، (BC) backcross.

التهجين الرجعي، (DH) doubled haploid: الصيغة الصبغية الاختزالية المضاعفة،

(recombinant inbred lines (RIL : السلالات المرباة داخلياً.

يجب أن تمتلك الواسمات الجزيئية الخواص المرغوبة الآتية:

1 - أن تكون متعددة الأشكال وخصوصاً في دراسات التنوع الوراثي.

2 - أن تكون موزعة بالتساوي وبتتابع على الجينوم.

3 - أن تكون رخيصة الثمن وسريعة الكشف.

4 - أن تكون قابلة لإعادة الإنتاج.

صار إيجاد الجينات الرئيسة المتحكمة في الصفات الكمية ممكناً لتوفر عدد كبير من الواسمات الوراثية التي تغطي الجينوم؛ بحيث يمكن استعمالها لمسح الجينوم بهدف تحديد الجينات التي لها تأثير معنوي في الصفات المهمة اقتصادياً من خلال تحليل الارتباط بين التراكيب الوراثية للواسمات وقيم الصفات المظهرية. وقد بيَّنت الدراسات المطبقة على النباتات أن أهم المجتمعات التجريبية المناسبة لدراسة تحليل الارتباط هي الجيل الانعزالي الأول أو الأنسال الناتجة من التهجين الرجعي لنباتات الجيل الأول؛ والمطوَّرة عن طريق التهجين ما بين سلالتين أو صنفين نقيين pure lines مختلفين في معظم الصفات المدروسة. ولإيجاد المواقع الوراثية الكمية ذات التأثيرات الصغيرة والمرتبطة ارتباطاً قوياً يجب الاستعانة بمئات أو آلاف النباتات؛ لأن هذا سيقلل من الخطأ الناتج من الانتخاب الطبيعي باتجاه واحد؛ الذي يتعرض له المجتمع. ويمكن للانتخاب في العينة التجريبية أن يؤثر في تحليل الارتباط لمواقع الصفات الكمية   (QTL) من خلال الآتي:

1ـ الزيادة في التكرار الوراثي (القريني) لمواقع الصفات الكمية في العينة.

2ـ الزيادة في تكرار الواسم المرتبط بمواقع الصفات الكمية في العينة.

3ـ الانخفاض في تكرار الاتحادات الوراثية الجديدة بين الواسم والجين المرغوب، ومن ثمّ الزيادة في تكرارات الاتحادات الجديدة بين الواسم والجين غير المرغوب.

4ـ الانخفاض في التباين الكلي في العينة المدروسة.

عموماً يمكن القول: إن الكفاءة النسبية للانتخاب لصفة كمية بمساعدة الواسمات تزداد بانخفاض المكافئ الوراثي لتلك الصفة، وزيادة عدد المواقع الوراثية المرتبطة بتلك الصفة، وزيادة حجم العشيرة، وانخفاض المسافة بين الواسمات ومواقع الصفات.

مراجع للاستزادة:

- أحمد عبد المنعم حسن، أساسيات تربية النبات، الدار العربية للنشر والتوزيع. القاهرة، 1991.

- عادل محمد المصري، الصفات الكمية، منشأة المعارف الإسكندرية، الإسكندرية. مصر، 2008.

- عدنان قنبر، وأحمد دبو، ورؤى الشيخ علي، تربية النبات والهندسة الوراثية. مطبوعات جامعة دمشق، 2011.

- J. F. Crow and M. Kimura, An Introduction to Population Genetics Theory, Harper and Row, New York, 1970.

- W. Williams, Correlation and Plant Breeding. Blackwell Scientific Pub., Oxford, 2002.

 


التصنيف : الإنتاج النباتي
النوع : الإنتاج النباتي
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 45655018
اليوم : 55701