logo

logo

logo

logo

logo

التألق الإشعاعي

تالق اشعاعي

Radiation by luminescence -

 التألق الإشعاعي

أحمد حصري

 

الضوء شكل من أشكال الطاقة، ولتوليده لا بد من اللجوء إلى نوع منها، ولعل أشهر الطرائق وأكثرها انتشاراً طريقتان تؤدي إحداهما إلى التوهج incandescence والأخرى إلى التألق luminescence.

يحدث التوهج بفضل الطاقة الحرارية. فإذا رفعت درجة حرارة جسم بدرجة كافية توهَّج، فالشمس والنجوم ومصباح الكهرباء نماذج لمنابع ضوئية تتوهج، وتعمل بفضل تحول طاقة حرارية إلى طاقة ضوئية.

أما التألق فهو ضوء ينجم عن مصدر بارد، وهنا تقوم الطاقة المقدمة للمنبع برفع إلكترون في مدار خارجي لذرة المادة من سوية طاقة دنيا ، تسمى السوية الأرضية ground energy level، إلى سوية أعلى مثارة excited، ولدى عودة الإلكترون من السوية المثارة إلى السوية الدنيا على مرحلة واحدة أو على مراحل ثم يصدر ضوء عن الذرة التي امتصت الطاقة، ويقال عن هذه الظاهرة الضوئية إنها ظاهرة تألق.

الشكل (1) ظاهرة التألق.

ثمة أنواع عديدة لظاهرة التألق، وذلك وفقاً لمصدر الطاقة المسببة له مثل:

التألق الكيميائي chemiluminescence حيث مصدر الطاقة كيميائي.

التألق الحيوي bioluminescence حيث مصدر الطاقة حيوي.

التألق الكهربائي electroluminescence حيث مصدر الطاقة كهربائي.

التألق الإشعاعي radioluminescence حيث مصدر الطاقة إشعاعي، أي الطاقة التي تحملها جسيمات نووية قد تكون إلكترونات أو بروتونات أو نترونات أو جسيمات ألفا (أي نوى الهليوم الصادرة عن منبع مشع)، أو حتى إشعاعات غاما، كالصادرة عن المنبع المشع المشهور في المجال الطبي كوبالت -60 أي ، أو الصادرة عن أنبوب أشعة سينية.

يعود الفضل إلى السير ويليم كروكس Sir William Crookes (1919-1832) لإنتاج أول جهاز يعتمد على ظاهرة التألق أطلق عليه اسم spinthariscope أي كاشف التألق، وهو اسم مشتق من اليونانية، فكلمة spintharis تعني شرارة.

يظهر في الشكل (2) مقطع في كاشف التألق الذي ابتكره كروكس، وقد استخدم فيه ملحاً من أملاح الراديوم كمنبع مشع يتفكك بإصدار جسيمات ألفا. ترد جسيمات ألفا الصادرة عن المنبع المشع إلى شاشة مطلية بكبريت التوتياء المشوب doped بالنحاس ZnS:Cu، فتتألق الشاشة بلون أخضر عندما يصطدم جسيم ألفا بها، وتشاهد هذه التألقات بفضل عدسة مكبرة. وإذا طُعّم كبريت التوتياء بالنحاس والمغنزيوم بمعنى أن تركيبه أضحى من الشكل ZnS:Cu, Mg؛ تألق المزيج بلون أخضر مائل إلى الزرقة. تستخدم طلاءات من هذه المواد إضافة إلى ملح من أملاح الراديوم لإنارة ميناء الساعات بحيث تشير إلى الوقت ليلاً في جنح الظلام.

الشكل (2) مقطع في كاشف التألق.

يشار إلى أن رذرفورد Rutherford مكتشف بنية الذرة استخدم جهازاً مماثلاً للجهاز الذي ابتكره كروكس لدراسة تبعثر جسيمات ألفا الصادرة عن منبع مشع بعد ورودها على صفيحة رقيقة من الذهب.

تطور جهاز كروكس الموصوف أعلاه، فظهر معزز خيال الأشعة السينية X-ray image intensifier الذي يظهر مقطع له في الشكل (3). وفيه ترد الأشعة السينية بعد اختراقها جسم المريض إلى شاشة مطلية بمادة تتألق بورود الأشعة السينية عليها، فتتألق في مواضع سقوطها بدرجات متفاوتة تتعلق بشدة الإشعاع الوارد عليها.

الشكل (3) معزِّز خيال الأشعة السينية.

يرد الضوء على مهبط كهرضوئي، فتصدر عنه إلكترونات ضوئية في موضع سقوط التألق. تقوم عدسات إلكترونية electron lenses بتوليد صورة لمواضع التألق على مصعد anode معزِّز مطلي بمادة تتألق بشدة أعلى، فتراقب من خلال عدسة. وقد خفض هذا الجهاز زمن تعريض المريض الذي يخضع للتصوير بالأشعة السينية بقدر كبير؛ الأمر الذي خفف الأذى الذي سيتعرض له لو لم تستخدم هذه الوسيلة للتصوير بالأشعة السينية.

أفادت ظاهرة التألق في تطوير ما يسمى عدّاد الوميض scintillation counter (الشكلان 4 و5). وهنا يرد الجسيم على مادة تدعى المادة المتألقة scintillater أو مفسفر phosphor، فتنتج فيه تألقات في مواضع داخله يتم تجميعها بعد انعكاسها على جدران المفسفر مباشرة أو بفضل أنبوب تجميع الضوء light pipe لترد على مضاعف إلكترونات photomultiplier، حيث تحول ومضات الضوء أو التألقات إلى سيل من الإلكترونات بفضل مهبط كهرضوئي ومجموعة مسار ثانوية dynodes، فتخرج من المضاعف نبضة كهربائية مقابل كل تألق أو وميض صادر عن المادة المفسفرة.

الشكل (4) البنية العامة لعدّاد الوميض.

 

الشكل (5) البنية التفصيلية لعدّاد الوميض.

يشار أخيراً إلى أنه يمكن باختيار مناسب للمادة المفسفرة في كاشف الوميض جعله حساساً للجسيمات النووية على اختلاف أنواعها سواء أكانت هذه الجسيمات إلكترونات أو بروتونات أو نترونات أشعة غاما.

تُستعمل عدادات الوميض في مجالات عديدة يُذكر منها: الفيزياء النووية، دراسة الجسيمات الأولية، دراسة الأشعة الكونية cosmic rays ، وفي الجيولوجيا إضافة إلى المجالات الطبية.

ففي دراسة الأشعة الكونية تستخدم عدادات الوميض لدراسة توزع هذه الأشعة التي تتولد أساساً من تفاعل بروتونات عالية الطاقة قادمة من الفضاء الخارجي مع الهواء في الغلاف الخارجي للأرض، وينشأ من ذلك جسيمات أولية عديدة يتفكك معظمها هناك باستثناء الميونات muons التي تصل إلى سطح الأرض بفضل طول عمرها كما هو مبين في الشكل (6).

 

الشكل (6) سير الأشعة الكونية في الغلاف الجوي للأرض.

حيث تستخدم لهذه الغاية أزواج من عدادات الوميض لدراسة توزع الميونات بالاتجاهات المختلفة شاقولياً أو أفقياً أو مائلةً كما هو موضح في الشكل (7).

 

الشكل (7) دراسة توزع الميونات بحسب ورودها على سطح الأرض.

وفي مجال الجيولوجيا يستخدم عداد الوميض كاشفاً للإشعاعات النووية في آبار الحفر بحثاً عن النفط؛ حيث تسجل شدة الإشعاعات عند سويات الحفر المختلفة، ويستدل من تسجيلات العداد على طبيعة الطبقات المتوضعة تحت سطح الأرض. يشار إلى أن عداد الوميض أفضل من عداد غايغر Geiger بهذا الصدد نظراً لحساسيته الفائقة.

وفي مجال الطب النووي muedeal medicine؛ تحقن مادة مشعة في جسم المريض مثل التكنسيوم التي يصدر عنها لدى تفككها إشعاعات غاما، فيتم استقبالها بالمصوِّرة غاما gamma camera الشكل (8) التي تدخل إليها إشعاعات غاما بعد مرورها عبر مجمِّعات collimators تحول دون دخول الإشعاعات إلا من الاتجاهات العمودية على جسم المريض، ومنها إلى مصفوفة عدادات وميض تُستخدم فيها بلورات Nal المطعَّمة بقليل من الثاليوم Tl ومضاعفات ضوئية تتحسس الضوء الأزرق الداخل إليها من البلورات. يشكل الحاسوب صورة للمناطق التي تجمعت بها المادة المشعة في جسم المريض، وهكذا تشخص حالة العضو المريض.

 

الشكل (8) استخدام عدادات الوميض لتشخيص الإصابة في أعضاء الإنسان

مراجع للاستزادة:

- M. Korzhik, A. Gektin, Engineering of Scintillation Materials and Radiation Technologies: Proceedings of ISMART 2016, Springer; 2017

- E. B. Podgorsak, Radiation Physics for Medical Physicists, Springer 2016.

- J. Russell, R. Cohn, Radioluminescence, Book on Demand, 2012.

  


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 559
الكل : 29615854
اليوم : 70770