logo

logo

logo

logo

logo

الامتصاص والنقل في النبات

امتصاص ونقل في نبات

Absorption and Transport in plant - Absorption et transport chez les plantes

الامتصاص والنقل في النبات

غسان عياش

امتصاص الماء من التربة

حركة المحلول الممتص إلى الخشب

نقل النسغ الناقص إلى الأعلى

انتقال النسغ الكامل

 

يؤدي الماء دوراً مهماً في جميع الكائنات الحية؛ لأنه الأكثر توافراً فيها، ويوجد بكميات قد تصل إلى أكثر من 95% من الوزن الرطب للكائن، كما يسهم في غالبية الأنشطة الفيزيولوجية؛ إضافة إلى دوره الكبير في جميع الأحياء؛ إذ يعدّ الوسيلة الرئيسة التي تعمل على إذابة معظم المواد فيه، وهذا ما يحدد البنية الأساسية للسيتوبلازما (الهيولى) بنسب تتفاوت مع طبيعة الكائن الحي وبنيته.

تشمل العلاقات المائية لخلايا النبات معرفة النظم والآليات التي تتحكم بامتصاص الماء والأملاح المعدنية المذابة فيه من التربة، وحركته من خلية إلى أخرى؛ ومن ثم دراسة الفرضيات التي توضح طريقة نقله وصعوده انطلاقاً من الجذر فالساق فالأوراق؛ حيث التركيب الضوئي وبناء الغذاء اللازم لحياة النبات، وهذا ما يعرف في الفيزيولوجيا النباتية باسم الامتصاص والنقل في النبات absorption and transport in plant.

امتصاص الماء من التربة:

يَمتص النبات الماء والمواد المنحلة عبر أي جزء معرَّض له، لكنَّ المجموع الجذري هو المسؤول الرئيس عن الامتصاص من التربة؛ لأنه شديد التفرع؛ ويحمل الأوبار الجذرية الماصَّة التي تبدو كشعيرات رفيعة تعمل على زيادة السطح الامتصاصي وتتماسك مع جزيئات التربة (الشكل 1). وما الوبرة الواحدة إلا امتداد لإحدى الخلايا الحية لبشرة الجذر التي تطاول فيها الغلاف السلولوزي الرقيق؛ وبداخلها فجوة كبيرة تسهم على نحو أو آخر في امتصاص الماء عبر غشاء نصف نفوذ semipermeable membrane من محلول أقل تركيزاً hypotonic إلى محلول أكثر تركيزاً hypertonic، وهذا ما يعرف بالتناضحية (الحلولية) osmosis. تتحكم النفوذية التفاضلية للغشاء البلازمي في الوبرة الماصَّة لدى امتصاص المواد الذائبة؛ والتي تكون بشكل محلول مائي، ونتيجة للامتصاص تمتلئ بشرة الجذر قبل حركة هذا المحلول عبرها إلى النسج الداخلية للجذر.

يعدّ الماء مذيباً جيداً؛ ووسطاً ناقلاً للأملاح المعدنية الممتصة ولنواتج التركيب الضوئي؛ ومنظماً لدرجة حرارة النبات، كما تتم فيه معظم تفاعلات الخلية. إضافة إلى ذلك تتأثر درجة امتصاص الجذر للماء بعوامل كثيرة منها: تركيز محلول التربة، ومحتواها المائي والملحي، ودرجة حرارتها وتهويتها، وغير ذلك. إضافة إلى العوامل الخارجية المحيطة بالنبات من رطوبة ورياح وضوء وعمليات نتح الماء من الجهاز الإعاشي والورقي، والتي تؤثر سلباً أو إيجاباً في امتصاص الجذور للماء. تبين أن الفطريات الجذرية أو الميكوريزا mycorrhiza في بعض النباتات المالكة لها تُمكِّن الخلايا الجذرية والأوبار الماصة من إمداد الماء والمعادن في جميع مناطق الجذر، ما يوفر مساحة واسعة لامتصاص المزيد من المحلول المائي.

الشكل (1) الجذر الفتي الناتج من إنتاش البذرة وعليه العديد من الأوبار الجذرية الماصة

حركة المحلول الممتص إلى الخشب

تتشرب الأغلفة الرقيقة لخلايا الأوبار الماصة الماء حتى درجة الإشباع، ومن ثم تتشربه أغلفة خلايا البشرة غير المشبعة. وهكذا يستمر دخول الماء والأملاح المعدنية إلى الخلايا البرنشيمية للقشرة cortex رقيقة الأغلفة الواحدة تلو الأخرى، وصولاً إلى الأدمة الباطنة endodermis فالمحيط الدائر pericycle فالخشب (الزيلم) xylem، حيث يدخل الماء إلى أوعيته بقوة دافعة تنشأ من الفرق بين ضغط محلول التربة وضغط محلول الماء والأملاح المنحلة فيه (النسغ الناقص)، وهو الضغط الجذري.

يتحقق انتقال المحلول المائي آنف الذكر بآلية حلولية بسيطة تعتمد مبدأ الامتصاص السلبي passive absorption التي تحدث نتيجة تأثير قوة فيزيائية لا تحتاج إلى طاقة خارجية. وهكذا ترتفع قيمة جهد (أو كمون) الماء water potential في التربة مقارنة بقيمة جهده في خلية الوبرة الماصة فينتقل إليها، ممّا يؤدي إلى امتلائها، فترتفع فيها قيمة ضغط الامتلاء، وهذا يعمل على ارتفاع قيمة ضغط الماء فيها مقارنة بالخلية المجاورة فيدخل الماء إليها، وبالطريقة ذاتها يستمر دخول الماء من خلية إلى أخرى في القشرة حتى يصل إلى الأدمة الباطنة.

مسارا الماء في خلايا الجذر:

ينتقل الماء والمحلول المذاب فيه من الوبرة الماصة إلى الخشب وفق مسارين هما:

1ـ مسار أو طريق خارج خلوي (apoplast) extracellular route : ينتقل النسغ من خلال جدران الخلايا المتجاورة العائدة إلى الجذر على نحو مستمر؛ من دون الدخول عبر أي غشاء بلازمي خلوي، وذلك انطلاقاً من خلايا الوبرة الماصة؛ فخلايا البرنشيم القشري؛ وصولاً إلى المحيط الدائر؛ ما عدا شريط كاسبار Casparian strip المترسب على جدران خلايا الأدمة الباطنة، وهو حزام شمعي waxy مكون من الفلين أو السوبيرين suberin حيث يمنع مرور الماء والمعادن من خلاله، ومع ذلك فهو يعمل ممراً انتخابياً ينظم عملية المرور إلى الأوعية الخشبية، ويحد من عودة الماء بالطريق المعكوس باتجاه الأوبار الجذرية.

2 - مسار أو طريق داخل خلوي(symplast) intracellular route : في هذه الحالة ينتقل النسغ انتقائياً من خلية إلى أخرى عبر الخيوط السيتوبلازمية الموجودة داخل نسج الجذر، فهو نظام بروتوبلاست مترابط ومتكامل تشترك فيه الخلايا المتجاورة عن طريق هذه الخيوط، حيث ينتقل النسغ بوساطتها بصورة أبطأ نسبياً من المسار الأول (الشكلان 2 و3).

الشكل (2) شكل تخطيطي يوضح مساري حركة الماء في الجذر

الشكل (3) في الأعلى– مقطع عرضي يوضح البنية التشريحية لجذر من ثنائيات الفلقة

في الأسفل ـ قطاع من المقطع العرضي للجذر يوضح المسارين خارج الخلوي (الأحمر) وداخل الخلوي (الأخضر) للنسغ الممتص من الوبرة وصولاً إلى الخشب.

 

تجدر الإشارة إلى وجود مساعد إضافي لامتصاص الماء والأملاح المعدنية لدى بعض النباتات؛ وذلك بتعايشها مع الفطريات لإعطاء فطريات جذرية، حيث تشكل شبكة حول الجذر، أو تتغلغل داخل خلاياه فتؤدي إلى إيجاد مساحة كبيرة جداً قادرة على امتصاص إيونات الأملاح المعدنية والماء من التربة بشكل يفوق الجذور العادية.

انتقال الماء أو صعود العصارة:

ينتقل محلول النسغ الناقص (عصارة الزيلم xylem sap)- الذي يتكون أساساً من الماء وحمض الكربون وبعض العناصر المعدنية والمغذِّيات المنحلة فيه- صاعداً بوساطة أوعية الزيلم- التي وصل إليها في أثناء الامتصاص- إلى الأجزاء العلوية للنبات وخاصة الساق والأوراق.

نقل النسغ الناقص إلى الأعلى:

بغمس نهاية مقطوعة لغصن نباتي يحمل زهرة بيضاء في وعاء يحوي ماء أحمر اللون، يُلاحظ تلون الزهرة بلون ماء الوعاء، وبإجراء مقطع عرضي في الغصن النباتي يبدو واضحاً وجود اللون الأحمر للماء ضمن أوعية الخشب الناقلة؛ دليل تحركه صاعداً فيها.

قد يكون من الصعب تقديم تفسير مبسط يوضح آلية حركة الماء وصعوده باتجاه الأجزاء العلوية للنبات، وفي الواقع إن ظاهرة الانتشار واختلاف التركيز بين الخلايا لا تقدم وحدها تفسيراً لانتقال الماء إلى مسافات مرتفعة وطويلة. إن هذه الظواهر تحقق نقل النسغ إلى مسافات قصيرة، فمثلاً يتحرك الجزيء الواحد عبر الخلايا النباتية الطبيعية نحو (50) مكرومتراً بمدة زمنية تستغرق نحو 5.2 ثانية؛ لذا فإن انتقال الجزيئات إلى مسافة متر واحد قد يستغرق عدة سنوات؛ وبذلك لا بد من تقديم تفسير انتقال النسغ داخل النباتات والأشجار الباسقة التي يزيد ارتفاع بعضها على 100 متر. وتشير الدراسات في هذا المجال إلى وجود عدد من الآليات المفترضة لتفسير انتقال الماء أو صعود عصارة الخشب إلى الأجزاء العلوية للنباتات، يُذكر فيما يأتي بعض منها:

1– نظرية الضغط الجذري root pressure:

تفترض هذه النظرية أن الضغط الناشئ في الجذر- نتيجة لامتصاص الماء من التربة وتراكمه في الأوعية الخشبية- يعمل على دفعه من الأسفل باتجاه الأعلى، وبذلك يكون ضغط الماء داخل الساق موجباً، وما يؤكد وجود مثل هذا الضغط خروجُ الماء من الجزء المقطوع لساق نبات بالقرب من سطح الأرض، وهذه هي ظاهرة الإدماء bleeding التي تلاحظ لدى تقليم أشجار بعض النباتات - مثل كروم العنب- والتي يستفاد منها في قياس شدة الضغط الجذري لدى ربط مقياس المانومتر manometer بالنهاية المقطوعة للساق.

تقدم ظاهرة الإدماع gutting دعماً إضافياً لنظرية الضغط الجذري، وتتمثل بخروج قطرات مائية من أطراف أوراق بعض النباتات في الصباح الباكر؛ وبوجود جو دافئ ورطوبة ليلية عالية (الشكل 4) كما في النجيليات، فالماء الذي يواجه ضغطاً جذرياً في نباتات كهذه لن يجد سبيلاً للخروج من نسجها إلا عن طريق فتحات موجودة في أطراف الأوراق تسمى المسامات المائية hydathode، وعلى ما يبدو فإن الجذور تنشط بامتصاص الأملاح المعدنية ليلاً وتدفعها إلى الخشب، ويلي ذلك تحرك الماء باتجاه الأوعية الخشبية بقوة مولداً ضغطاً بداخلها، وهذا يولد قوة ضاغطة على الأوراق ينتج منها ظاهرة الإدماع.

الشكل (4) خروج قطرات مائية على أطراف الورقة بظاهرة الإدماع

يكون الضغط الجذري فعالاً عندما لا يتعدى التركيز الحلولي لمحلول التربة (1-2) بار (ضغط جوي)، وهذا هو مقدار الضغط الذي يُميز معظم النباتات؛ على الرغم من ارتفاع قيمته في بعضها مثل كروم العنب (6) بار، والبندورة (7) بار. ومع ذلك تشير الدراسات إلى أن الضغط الجذري غير ثابت ويرتبط بعوامل كثيرة منها:

آ ـ توفر الماء في التربة؛، إضافة إلى درجة حرارتها وتهويتها.

ب ـ عمر النبات: إذ يزداد ترسب الخشبين (الليغنين) lignin والسوبيرين (الفلين) suberin في خلايا الجذور المعمرة فيقل ضغطها الجذري؛ والعكس تماماً بالنسبة إلى الجذور الفتية.

جـ ـ اختلاف الزمن بحسب ساعات اليوم؛ واختلاف الشهور بحسب فصول السنة.

تتضمن قوة الضغط الجذري في دفع الماء وصعوده عدة قوى أهمها:

- قوة التشرب imbibition: تبدو جدران الأوعية الخشبية قادرة على تشرب الماء، لكونها سلولوزية التركيب، ذات طبيعة غروية.

- الخاصة الشعرية capillarity: تعني صعود الماء في الأنابيب الرفيعة من أقطار 2 –5 مم، وهذا متوافر في الأوعية الخشبية الناقلة حيث تقل أقطارها عن هذه الأرقام.

هنالك عدة عيوب لنظرية الضغط الجذري من أهمها:

ـ لا يتجاوز أقصى ضغط جذري في معظم الأحوال (3) بار.

ـ لا يلاحظ ضغط جذري في الكثير من نباتات عاريات البذور كالصنوبر.

ـ يُعدّ تأثير خاصة التشرب في صعود العصارة محدوداً جداً، كما أن الماء لا يرتفع ضمن أضيق الأنابيب أكثر من 150 سم.

ـ تكون الفعالية القصوى للضغط الجذري (لدى النباتات متساقطة الأوراق) في فصل الربيع؛ إذ تكون الأوراق فتية وغير مكتملة النمو، في حين تتراجع هذه الفعالية بشدة في فصل الصيف عندما يكتمل نمو النبات.

مما سبق يبدو واضحاً أن لهذه النظرية الأولوية في مجال رفع العصارة لدى بعض النباتات؛ لكنها غير قادرة على تفسير صعود النسغ الناقص إلى أعالي الأشجار الباسقة.

2 ـ نظرية التماسك والشد cohesion - tension theory:

تمثل هذه النظرية القوة المحركة الرئيسة لانتقال النسغ الناقص من الجذر إلى الأوراق، وتعتمد على ثلاث قوى مهمة وهي: قوة تماسك جزيئات الماء وارتباطها بعضها ببعض داخل الأوعية الخشبية، وقوة تلاصقها adhesion مع جدران الأوعية، وقوة الشد الناتجة من النتح transpiration؛ وخروج الماء بالنتح المسامي stomatal من الأوراق بصورة رئيسة (50 – 97 %)؛ أو بالنتح القشيري cuticular من البشرة (2 – 10 %)؛ أو بالنتح العديسي lenticular من العديسات في قلف الأشجار بنسبة قليلة جداً (1 %). هذه القوى الثلاث تعمل مجتمعة على شد عمود الماء وسحبه من الأعلى، ليجري من الجذر عبر الساق باتجاه الأوراق؛ مجتازاً مسافات مرتفعة قد تصل على ما يزيد على 100 م.

تعمل قوة التماسك على جعل عمود الماء متصلاً داخل الوعاء الخشبي، كما أن قوة التلاصق تجعله معلقاً باستمرار بجدران الوعاء؛ ومقاوماً للجاذبية الأرضية. بهذا الشكل لا يمكن لعمود الماء أن ينقطع بالفقاعات الهوائية؛ لأن تسلل الهواء إلى الأوعية- لسبب أو لآخر- سيؤدي إلى موت النبات آجلاً أو عاجلاً. والملاحظ أن أثر هاتين القوتين لن يكون مجدياً إلا في الأنابيب الشعرية التي يكون قطرها بنحو 5 مم؛ إذ تبلغ قوة ضغطهما نحو (20) بار. وبما أن قطر الأوعية الخشبية في النبات أقل بكثير من 5 مم فإن ضغط قوتي التماسك والتلاصق ضمن أوعيته قد يزيد على (300) بار.

يمكن تشبيه قوة شد الماء أو سحبه بالعملية ذاتها التي يلجأ إليها الإنسان لدى تناوله السوائل من خلال «المصاص». وهكذا تعتمد قوة الشد على سحب النسغ الناقص الموجود في الأوعية الخشبية إلى أعلى الجذر والساق والأوراق بفضل النتح، لذلك تسمى الامتصاص السلبي، وهو عكس الضغط الجذري الذي يدفع الماء من الأسفل إلى الأعلى، فالامتصاص إيجابي positive absorption (الشكل 5).

الشكل (5) مخطط يوضح امتصاص النسغ وانتقاله في النبات ربطاً بالنظريات المطروحة

ـ النتح ودور الأوراق في سحب عصارة الزيلم:

يستقر النسغ الناقص في الأوراق التي تمثل المرحلة النهائية والقوة المحركة له في النبات، وتتكون الأضلاع أو العروق الورقية من الحزم الناقلة، وأهم ما فيها أوعية الخشب واللحاء. ومع وصول الماء إلى الورقة عن طريق أوعيتها الخشبية يبدأ بالتسرب من خلال نسيجها المتوسط mesophyll (الشكل6)، فيمتلئ النسيج الفراغي الإسفنجي بالماء؛ لكونه يضم فجوات عصارية كبيرة، ثم يتحرك الماء باتجاه المسام التي تتضمن حجرات سمية واسعة، مما يقود إلى زيادة البخر بفضل الحرارة الناجمة عن أشعة الشمس (الشكل 7). ونظراً لانتشار المسامات الكثيرة -وخاصة على البشرة السفلية لأوراق ثنائيات الفلقة- تتزايد عملية النتح بمعدلات تتفاوت بحسب النوع النباتي، وتبعاً للعوامل الداخلية والخارجية المختلفة.

الشكل (6) دخول الماء إلى النسيج المتوسط في الورقة النباتية من الحزمة الناقلة فيها

الشكل (7) تبخر الماء من المسام بعد امتلاء الحجرة السمية به

يساعد النتح الورقي في بعض النباتات - كالسنط الأسترالي Australian acacia، والسيكويا Sequoia semipervians - على إيجاد قوة سحب للماء سالبة وشديدة تعمل على تحقيق جريانه في الخشب بسرعة كبيرة قد تصل إلى (15) متراً في الساعة، ويسهم في نجاح هذه الحركة خاصتا تماسك جزيئات الماء وتلاصقها، وبالتالي يحقق صعوده فيها إلى مسافات تتجاوز 130 متراً.

تم مؤخراً تطوير منهجية تجريبية حديثة لتصوير آلية تدفق النسغ الناقص وصعوده في الأوعية الخشبية لنبات الأرز Cedrus باستخدام تقنية التصوير بأشعة X السنكروترونية synchrotron X – ray imaging technique (الشكل 8) ، وفي الواقع مكَّنت هذه التقنية من تتبع الأوعية الخشبية النباتية وتمييز الثقوب الموجودة على جدرانها؛ إضافة إلى إجراء تحليل تجريبي حول امتصاص الماء وصعود النسغ فيها؛ ولاسيما أنها تمثل عملية تدفق هدروليكي hydraulic، وقد أظهرت الدراسة الفيزيائية الأساسية للنتح النباتي باستخدام تقنيات التصوير الضوئي المتقدمة امتصاص كميات كبيرة من الماء عن طريق عملية التركيب الضوئي photosynthesis التي تؤدي إلى تجمع السكاكر في الأوراق؛ مما يؤدي إلى اختلال تركيز الماء فيها والمساهمة في عمليات البخر والنتح.

الشكل (8) جهاز التصوير بأشعةالسنكروترونيةX 

انتقال النسغ الكامل:

يتشكل النسغ الكامل- أو ما يسمى عصارة الِلحاء phloem sap- في الأوراق النباتية نتيجة لعملية التركيب الضوئي؛ وقد جمعت عينات من النسغ الكامل بوساطة حشرات المن التي تتغذى به، وتم تعرف تركيبه الكيميائي بعد إجراء عملية التحليل، فتبين أنه يتكون بصورة رئيسة من الماء والهرمونات والسكريات والدسم وغير ذلك. وينتقل النسغ هابطاً بأوعية الِلحاء باتجاه الأسفل لتغذية الساق والجذر؛ وباتجاه الأعلى لتغذية البراعم والأزهار والثمار وغير ذلك.

تم إثبات حركة النسغ الكامل وانتقاله بالاتجاهين بتقديم جزيئة CO2 المحتوية على الكربون المشع في نبات الفول في أثناء عملية التركيب الضوئي، وبمتابعة مسار حركة السكاكر المتشكلة في النبات والحاملة للكربون المشع تبين أنها تنتقل من أماكن صنعها في الأوراق بالاتجاهين: أعلى النبات وأسفله.

تعاني عصارة الِلحاء تبدلات مهمة على الرغم من أنها تسهم على نحو أو آخر في الحفاظ على النشاط النباتي وتغذيته لدى تحركها وانتقالها داخل الأعضاء المختلفة للنبات، ونتيجة للتبدلات تتحلل مكونات العصارة وتنفصم عناصرها؛ لتتشكل ارتباطات جديدة معطية مكونات متنوعة مثل السكاكر والنشاء والصموغ ومنتجات نباتية أخرى.

وإلى جانب وظيفة تغذية الأعضاء النباتية بمكونات العصارة تتحقق وظيفة ادخار الغذاء المنقول في الِلحاء بأشكال مختلفة منها:

- بشكل سكروز saccahrose: وهو سكر ثنائي يتم ادخاره بكثرة في درنات الشوندر السكري وقصب السكر، لذلك يسمى سكر القصب.

- بشكل نشاء starch: وهو عديد السكريد، يدخر في درنات البطاطا وغير ذلك.

- بشكل مركبات معقدة: كالدهون fats، والبروتينات، والسكريات، كما في بعض البذور.

ثمة فرضيتان لتفسير آلية نقل النسغ الكامل في النبات:

1 - فرضية تدفق الكتلة الحلولية:

إن ارتفاع تركيز الغذاء المصنَّع في خلايا الورقة بسبب تراكمه فيها - مقارنة بالتركيز المنخفض لخلايا الجذر- يؤدي إلى نشوء قوة تدفع الغذاء من أوعية الورقة ونسج الِلحاء فيها إلى خلايا الجذر بسبب اختلاف الضغط الحلولي، وبالنتيجة يتولد ضغط تدفق pressure flow داخل الأوعية الغربالية sieve tubes ؛ يساعد على دفع مكونات الغذاء إلى أماكن الاستهلاك والتغذية أو الادخار(الشكل 9).

الشكل (9) مخطط فرضية الضغط التدفقي عبر أوعية الغربال في الِلحاء

2 - فرضية الدوران السيتوبلازمي:

يعرف للسيتوبلازما حركة دورانية داخل الأوعية الغربالية تحمل معها جزيئات المواد المنحلة؛ ناقلة إياها من خلية إلى أخرى عبر الصفائح الغربالية sieve plates. بهذا الأسلوب تتحرك جزيئات السكروز داخل الِلحاء حركة دائرية باتجاه حركة الهيولى، ثم تنتقل إلى الأوعية الغربالية محمولة على الخيوط السيتوبلازمية عبر الواصلات plasmodesmata المتوضعة على جدران الأوعية. وتسهم الخلايا المرافقة companion cells في الِلحاء المزودة بالأدينوزين ثلاثي الفسفات ATP في عملية النقل النشط active transport للسكريات إلى أماكن التغذية والادخار. ويرى معارضو هذه النظرية أن الحركة الدورانية السيتوبلازمية لا تلاحظ إلا في الأوعية الغربالية الناضجة ومكتملة النمو.

مراجع للاستزادة:

- فهد صهيون، أساسيات فيزيولوجيا النبات، جامعة البعث، 2004.

- روبرت م. ديفلين، فيزيولوجيا النبات، ترجمة محمد عبد المنعم الأعسر، الدار العربية للنشر، 1998.

- N. A. Campbell and J. B. Reece, Biology, Pearson Education, 2007.

-N. A. Campbell and J. B. Reece, Biology with Mastering Biology, Pearson Education, 2009.


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 545
الكل : 29603463
اليوم : 58379