logo

logo

logo

logo

logo

البيئة الجبلية

بييه جبليه

Mountain Ecology -

البيئة الجبلية

عبد الله أبو زخم

أنواع الجبال المناخ المحلي
الجبال ومنظوماتها البيئية الرطوبة الجوية
نباتات الجبال الغطاء الثلجي
حيوانات الجبال الرياح
مناخ الجبال الأهمية البيئية والاقتصادية
 

تختص البيئة الجبليةmountain ecology بالمناخ والعوامل البيئية التي تغدو باردة وتزداد برودة مع زيادة الارتفاع عن سطح البحر. فالجبال تصنف في طبقات وفق ارتفاعاتها، تشتمل عادة على غابات عند الارتفاعات المتوسطة، غير أن زيادة الارتفاع تجعل مناخ الجبل أشد قساوة وتتحول المجتمعات الغابية إلى أراضٍ عشبية أو من نوع التوندرا.

أنواع الجبال

الجبال مساحات من اليابسة تعلو عما حولها لارتفاعات تراوح بين مئات الأمتار وآلافها، وهي مظهر تضاريسي تتميَّز بقاعدتها الواسعة وقممها الضيقة، وتحتل 24 % من مساحة اليابسة، وقد تشكل بعضها عبر العصور الجيولوجية نتيجة حركات القشرة الأرضية والطبقات التكتونية التي أحدثتها الزلازل. وتُعدّ الجبال موطناً لكثير من سكان العالم.

يمكن تقسيم الجبال عامة والعربية منها خاصة إلى خمسة أنواع؛ بحسب نشأتها وتطورها:

1- جبال التعرية: وهي بقايا مرتفعات قديمة خضعت للتعرية والانجراف الريحي والمائي لفترات زمنية طويلة؛ أدت مع مرور الزمن إلى حت قممها وتكورها، ومن أمثلتها جبال الحجاز ومرتفعات تاسيلي ودارفور والعوينات، ولا يتجاوز ارتفاع معظمها 1000 م.

2- جبال إلتوائية حديثة: نشأت خلال الحركات الألبية التي بدأت في أواخر العصر الجيولوجي الثاني، ومنها جبال الألب والبيرينيه شمال المتوسط، وجبال الأطلس وزغروس وطوروس وأرارات وجبال عُمان.

3- جبال إنكسارية وبركانية: أصلها أقواس مرتفعة ازدادت علواً نتيجة نشاط الحركات الألبية، وأصاب بعضها الهبوط، ومن نتائجها تشكل الأخدود الإفريقي العظيم الذي يمتد من البحر الأحمر؛ فاصلاً قارة آسيا عن إفريقيا، ويستمر عبر وادي عربة وغور الأردن مروراً بالبحر الميت وسهل البقاع ووادي العاصي، ويفصل بين جبال لبنان الشرقية والغربية؛ وكذلك الجبال الساحلية والداخلية السورية.

4- السلاسل الجبلية: حيث تشكلت السلاسل الجبلية العالمية نتيجة التغير البطيء والمستمر لسطح الأرض منذ أقدم العصور، وتظهر حتى في المحيطات، وتسبب نشوء جزر جديدة وانزياح كتل هائلة مثل ما أحدثه زلزال شيلي عام 2011، ومنها سلسلة الجبال الأمريكية التي تمتد على طول 19000 كم بدءاً من آلاسكا مروراً بالجبال الصخرية rocky mountains في أمريكا الشمالية وجبال أنديز Andes في أمريكا الجنوبية؛ تتخللها براكين وخطوط زلازل عديدة، وتسمى أرض النارterre de feu في جنوبيّ القارة، ومنها أيضاً سلاسل جبال لبنان الشرقية والغربية التي تشكلت نتيجة الانهدام الكبير، وكتلة جبال هيمالايا التي ترتفع قمة إفرست فيها حتى 8884 م.

5- الجبال البركانية: تساهم البراكين في إعادة تشكيل سطح الأرض محلياً، وتعرف بعض المناطق بأرض النار منذ ما قبل التاريخ، ويعود أصل جزر هاواي إلى ثورات بركانية متتالية وحالية. ويُعدّ جبل العرب في محافظة السويداء من سورية خير مثال على هذه الجبال (الشكل 1)، وتبقى الصبات البازلتية في غربيّ حمص والجولان دليلاً على براكين قديمة.

الشكل (1) جبل العرب في محافظة السويداء.

الجبال ومنظوماتها البيئية

تمتاز الجبال عامة بالتطبق stratification، ويلاحظ تزايد الرطوبة والهطل حتى ارتفاع 3000 – 4000 م، وقد قُسِّمت الجبال الداخلية السورية وخاصة جبال لبنان الشرقية إلى عدة طوابق جيومناخية (الجدول 1).

الجدول (1) الطوابق الجيومناخية في الجبال الداخلية السورية.

الطابق الجيومناخي

الارتفاع (م)

أكثر من

الصفات المميزة

الأنواع الدالة

أعالي الجبال

2000

رياح شديدة، حرارة منخفضة، ثلوج دائمة.

شداد حرموني

Astragalus hermoneus

جرود متوسطة

1800

أمطار غزيرة، ثلوج شتوية، صقيع ربيعي.

زلوع حرموني

Ferula hermonis

غابات مخروطية

1700

غابات اللزاب والأنواع المرافقة.

اللزاب Juniperus excelsa

مروج جبلية

1600

مواقع مستوية مغمورة، مراعٍ صيفية.

مروج نجيليات وبقوليات معمرة.

غابات نفضية

1200

أنواع السنديان واللوز والإجاص.

سنديانيات Quercus spp.

هضاب الزعرور

1000

الزعرور وأشجار متفرقة.

الزعرور Crataegus spp.

هضاب البلان

800

إقليم البلان وجبل قاسيون.

بلان شوكي

Poterium spinosum

نباتات الجبال

تمتاز معظم الجبال بتنوع حيوي مدهش وغطاء نباتي نموذجي أوجي، ويمكن عدّ الجبال العربية عامة وجبال بلاد الشام خاصة منظومات بيئية فريدة وهشة في الوقت نفسه، ومع ذلك تعدّ مصدراً مهماً للأصول الوراثية لمعظم الأشجار المثمرة وعدد من المحاصيل المزروعة، إضافة إلى النباتات الطبية والعطرية، وخير مثل على ذلك الزيتون البري والآس والقمح.

يتألف الغطاء النباتي الحالي من باقات متفرقة من بقايا غابات دائمة الخضرة أو متساقطة الأوراق من الصنوبريات والسنديانيات التي تدهورت تدريجياً تحت ضغط جميع أشكال النشاط الإنساني المستمر منذ عشرات القرون وفق مراحل التتابع التراجعي التالي: غابات > براح الماكي >بطاح الكاريك > سهوب > بوادٍ > أرض جرداء > توسع عمراني، ومازالت غابات الأرز اللبناني والشوح الكيليكي واللزاب والعدريش والعرعر ماثلة في هذه الجبال، وهناك دلائل تاريخية تشير إلى سيادة بعض الأنواع وغزارتها فوق مساحات واسعة سميت باسمها مثل إقليم التفاح وإقليم الخرنوب ووادي الجوز وعين اللوز وإقليم البلان الذي يدل على تدهور هذه الغابات، وتُعدّ من الأنواع المتوطنة والمتبقية الإجاص السوري والكرز البري والمحلب والخوخ واللوز البري والبطم والسويد وكذلك الحور الفراتي والحموي. يبين الجدول (2) أهم الأنواع النباتية الدالة على الجبال السورية على سبيل المثال لا الحصر وفق أهميتها ووفرتها.

الجدول (2) بعض أنواع النباتات في الجبال السورية.

أنواع الشداد

Astragalus Spp.

عنصلان صغير

Asphodeline taurica Pall.

شيح الربيع

Erigeron aucheri D.C.

ذنيبة لبنانية

Eremurus libanoticus Boiss.

زفراء رهيفة الورق

Haphophyllum bougai L.

رقيقة صغيرة الزهر

Minuartia Parviflorum Mout.

بطباط عقدي

Polygonum stosum Jacq.

صعتر بري

Thymus alfreadae Post

توليب لونيي

Tulipa lawnii Baker

أرز لبناني

Cedrus libani

شوح كيليكي

Abies cilicica

لزاب

Juniperus exelsa

صنوبر بروتي

Pinus brutia

سنديان وبلوط وملول

Qurcus Spp.

دردار سوري

Fraxinus syriaca

غار نبيل

Laurus nobilis

تنمو بقايا هذه الغابات، وتكتنفها أنواع كثيرة من الطيور والحشرات، ويشكل التنوع النباتي بساطاً أخضر تزينه أزهار الربيع.

تشكل الجبال مسطحات استقبال الهطل وأحواض صبابة تغذي الينابيع والأنهار الدائمة نتيجة ذوبان ثلوجها، وعلى الرغم من فقدان معظم مياه السيول الغزيرة في البحر من الجبال الساحلية؛ تبقى الجبال الداخلية أكثر فائدة، وخير مثال على ذلك جبل الشيخ الذي تكلله الثلوج شبه الدائمة لتشكل مخزوناً لا ينضب لأنهار الأردن وبانياس والحاصباني واليرموك وبردى والأعوج.

حيوانات الجبال

تشهد الأوابد التاريخية على التنوع الحيواني المدهش في سورية الطبيعية، وتدل الأساطير والحكايات الشعبية على العلاقة بين الإنسان والحياة البرية، وقد تغنّى الشعراء بالفروسية ومقارعة الوحوش الضارية، كما ورد ذكر أسد الفرات والدببة والنمور البائدة.

وتبقى الجبال موئلاً مثالياً لأعداد كبيرة من الأنواع البرية وملاذاً أخيراً لحيوانات مفترسة وطيور جارحة متوطنة أو مهاجرة، وقد عاش الدب والنمر والضبع والذئب والثعلب بأعداد قليلة نظراً لندرة الفرائس بحيث أصبحت تُعدّ خطراً على الإنسان والحيوانات الأهلية، ومن الأنواع المتوطنة والتي أضحى بعضها نادراً ومهدداً، الضبع Hyanea، الذئب Canis، الثعلب Vulpes، النمس Mustela، الأرنب البري Lepus، القنفذ Naceus، الشيهم Hystrix.

وهناك أنواع أخرى من الثدييات والقوارض والطيور الآبدة والمهاجرة صارت مهددة بالانقراض نتيجة تدمير الموائل ومنافسة الإنسان وحيواناته، وقد تساعد المحميات الطبيعية على إنقاذ ما تبقى منها مثل محميات التليلة الوطنية في البادية السورية، ومحمية الأرز وأم الطيور في الساحل السوري واللزاب وجَبلَي بشري وعبد العزيز ومحميات الحراج الجبلية والمراعي في البادية والتي تحتاج إلى برامج فعالة ومشاركة شعبية ومتابعة علمية وصولاً إلى الأهداف المرجوة في الحفاظ على التنوع الحيوي وإعادة بعض الأنواع المميزة لبيئاتها الأصلية سواء النباتية أم الحيوانية؛ لأنها تُعدّ تراثاً لا يعوض، وذلك على الرغم من موجات الجفاف والقحط.

مناخ الجبال

يتأثر مناخ الجبال بالارتفاع والانحدار والتوجه وخط العرض والقرب أو البعد عن المحيطات، كما يتأثر أيضاً بالحركة العامة للرياح ومناطق الاستقرار والاضطراب الجوي. ويبقى مناخ الجبال العام صعب الدراسة والتنبؤ والتحليل على الرغم من التقدم العلمي في مجال الدراسات المناخية التفصيلية؛ حيث لا يمكن عدّ الجبال جزراً منعزلة عما حولها، بل لا بد من أخذ المساحات التي تغطيها واتجاهاتها ومواقعها الجغرافية بالحسبان، والتي تؤثر مجتمعة أو منفردة في تباين عناصر المناخ وخاصة الحرارة والضغط الجوي والرياح. وعلى سبيل المثال تسود الغابات الاستوائية حول جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، وتحل مكانها تدريجياً غابات استوائية جافة جبلية؛ على الرغم من تزايد الهطل مع الارتفاع، ويتناقص عدد الأنواع لتغيب الأنواع الشجرية فوق خط الغابات timberline؛ حيث الغيوم المنخفضة الارتفاع التي يتولد منها رطوبة عالية مستمرة تقريباً؛ تساعد على نمو الأعشاب في المروج الجبلية، وغابات مختلطة من الطحالب والأشنيات على الصخور. تليها مناطق مرتفعة تقل رطوبتها تدريجياً مع تناقص الهطل؛ وصولاً إلى طابق الجفاف عند ارتفاع يزيد على 4000 م.

يتأثر المناخ المحلي للجبال بالغطاء النباتي الطبيعي، ويُعدّ مناخ الجبال عامة مناخاً متوسطاً، حيث شدّدت الدراسات والأبحاث المناخية العالمية على خصوصية المناخات الجبلية؛ لذلك يبدو مناخ الجبال القريبة من السواحل متوسِّطي المعالم، في حين يزداد تأثير المناخ القاري على الجبال كلما بعُدت عن البحر، ويكون للبرودة واستمرار الصقيع دور حيوي في تحديد سمات المناخ الجبلي. تساهم دورة الماء وخاصة معامل الجريان السطحي وتشكل السيول والفيضانات في تحديد شروط الزراعة والحياة في الجبال والأودية والهضاب المجاورة ومجاري الأنهار.

اقتُرِح تقسيم الجبال المتوسطية خاصة والجبال عامة إلى فئتين، هما:

- فئة الجبال الجفافية dry mountains: تمتاز بأوساط جافة تميل نحو صفات الصحارى الجافة، وتشمل جبال المناطق المدارية في بلاد المغرب العربي والجزيرة العربية وبلاد الشام وصولاً إلى العراق وجنوبيّ تركيا حتى إيران، وفيها يسجل سيادة فترات جفاف طويلة جداً تكون خلالها كمية الهطل الشهري المتوسطة (P) أقل من ضعف متوسط درجات الحرارة (T) للشهر الجاف 2T < P .

- فئة الجبال الرطبة wet mountains: وتسودها مناخات متوسطة رطوبية تكتسب رطوبتها من قربها النسبي من البحار والمحيطات، ولا يلاحظ فيها عادة فترات جفاف، وقد تخضع استثنائياً لفترات جفاف قصيرة جداً، وتنتشر في جبال أوربا ذات المناخ المعتدل.

يبقى الضغط الجوي العامل الأساس الذي يتحكم بمعظم العوامل المناخية الأخرى؛ ولو بدرجات متفاوتة، حيث يكون 760 مم زئبق على مستوى سطح البحر، وينخفض إلى 595 مم زئبق على ارتفاع 2000 م عن سطح البحر، و يتناهى إلى 180 مم زئبق على ارتفاع 10000 م.

يظل التركيب الكيميائي للهواء الجوي ثابتاً تقريباً؛ فهو لا يتغير عملياً باستثناء تناقص تدريجي للأكسجين مع تزايد الارتفاع، ويسجل التأثر المباشر للإنسان بهذا التناقص، كما يلاحظ تأثر الحيوانات ذات الدم الحار؛ حيث يبقى انتشارها في أعالي الجبال محدوداً مقارنة ببعض أنواع الحشرات ونباتات أعالي الجبال. ويتطلب استقرار البشر في الأعالي تأقلم الأفراد وظهور آليات تكيف متتالية تؤهل الجسم بنتيجتها للتزود بحاجته من هذا الغاز الحيوي خاصة عند تسلق الجبال وحمل الأثقال، وذلك عن طريق زيادة إيقاع التنفس نتيجة تعرض الرئتين لتزايد تركيز غاز ثنائي أُكسيد الكربون، ويحصل هذا التغير سريعاً بعد عدة أيام من إقامة سكان السهول في الجبال العالية، وتؤدي مع مرور الزمن إلى رفع عدد الكريات الحمراء في الدم من 5 إلى 7 ملايين كرية/مم3 .

أما سكان الجبال الدائمون في جبال الأنديز والهيمالايا مثلاً؛ فقد اكتسبوا صفة التأقلم سابقة الذكر، ويبدو ذلك واضحاً على لون الوجنات شديد الحمرة والذي صار صفة بيئية تورث عبر الأجيال المتعاقبة مقارنة بسكان السهول المجاورة، كما لوحظ أن بعض الثدييات الجبلية مثل اللاما وغزال المسك musk deer وثور الياك yak تمتاز بالصفات السابقة نفسها؛ حيث يمكن لخضاب الدم الاستفادة من أكبر كمية من الأكسجين مقارنة مع ثدييات السهول.

المناخ المحلي

تؤدي زيادة تخلخل الهواء وندرته مع الارتفاع إلى التأثير في عدة عوامل مناخية مثل الإشعاع الشمسي ودرجات الحرارة والرطوبة النسبية؛ حيث تُسجل زيادة شدة الإشعاع مع الارتفاع، وتزايد نسب الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء؛ إذ تصل إلى أكثر من نسبها عند مستوى سطح البحر بـ 4 – 5 مرات، كما تزيد مدة الإشعاع بنسبة تصل 10% مقارنة بالسهول. ومن الثابت عملياً تناقص درجات الحرارة مع الارتفاع بمعدل قدره0.5°س لكل 100 م، وهي تراوح بين 0.44°س في جبال الألب و0.56°س في جبال الأطلس بالمغرب العربي، وقد أثبتت الأبحاث في جبال الألب تسجيل درجات حرارة 42 - 50°س تحت العشب عند الساعة 14 (الظهر الحقيقي midi vrai ) و60 – 80°س على سطوح الصخور السوداء الغرانيتية غير المعرضة للرياح مباشرة في قمة Pic du midi في جبال البيرينيه pyrénées، وقد ثبت أن تسخين سطح الأرض عامة بالإشعاع الوارد يرفع حرارتها أكثر من حرارة الهواء المجاور لها، وهكذا وُجد أن المعدل السنوي لدرجة حرارة سطح التربة يزيد بمعدل 2 - 3°س على درجة حرارة الهواء على ارتفاع 1800 م.

سُجِل أن ارتفاع 1 كم في الجبال يعادل نظرياً من حيث انخفاض الحرارة الاتجاه 1 كم شمالاً. ويسجل ذوبان الثلوج سنوياً في الجبال العالية فوق ارتفاع 2500 م بدءاً من شهر حزيران نتيجة ارتفاع درجة الحرارة فوق الصفر المئوي؛ لذلك لا تستمر فترة النمو النشيط للنباتات الجبلية لأكثر من ثلاثة أشهر، وتعادل مثيلاتها في المراعي القطبية أو التوندرا tundra بعد ذوبان الثلوج فوق خط العرض 70°. ويوضح الجدول (3) مقارنة نباتات الجبال وتوزعها بحسب الارتفاع مع تغير الأحزمة النباتية وفق خط العرض.

الجدول (3) نباتات الجبال وتوزعها بحسب الارتفاع مع تغير الأحزمة النباتية وفق خط العرض.

الارتفاع (م)

خط العرض (º)

الغطاء النباتي

أقل من 1000

حتى °15

غابات استوائية

حتى 1500

>°30

سهوب وصحارى

حتى 2000

>°45

غابات جافة

حتى 2500

>°55

غابات معتدلة نفضية

حتى 3000

>°45

غابات مخروطية جبلية

حتى 4000

>°65

غابات التايغة Taiga والتوندرا الجبلية

حتى 5000

>°70

حدود الأشجار مروج جبلية

حتى 6000

°75

التوندرا القطبية tundra arctique

حدود الغلاف الحيbiosphere حتى 8884

حتى °90

ثلوج دائمة permafros

من الصعب تمييز الفصول بوضوح في أعالي الجبال، ويبقى المدى السنوي amplitude annuelle لدرجات الحرارة أو الفرق بين متوسط درجات حرارة الشهر الأكثر برودة ومتوسط درجات حرارة الشهر الأشد حرارة محدوداً عملياً، ويلاحظ تناقصه مع الارتفاع في الجبال المتوسطية، ويسجل تزايد الفروق الحرارية بين الليل والنهار في الجبال عامة، نتيجة التبريد الليلي الواضح الذي قد يؤدي إلى حدوث الصقيع وتجمد المياه حتى في فصل الصيف، وتؤدي هذه الفروق دوراً مهمّاً في حياة النبات ونشاط الحيوان بحيث تغير بعض الأنواع النباتية الجبلية مواعيد إزهارها وإثمارها حتى شكل أوراقها، ويلاحظ ذلك في دورة حياة الحشرات ونشاط الزواحف والقوارض حتى الثدييات الجبلية أيضاً.

الرطوبة الجوية:

يمكن عدّ نسب الرطوبة على ارتفاع 2000م ضعف نسبها على ارتفاع 4000م، ويؤدي التعرض دوراً مهمّاً في قيم درجات الحرارة التي تصل حدها الأعلى فوق السطح المعرض للشمس مقارنة بالسطوح المحمية من الأشعة المباشرة لفترة طويلة من النهار. تبقى السفوح الشرقية والجنوبية الشرقية أدفأ من السفوح الشمالية والشمالية الغربية، ونتيجة لذلك يسجل وصول الثلوج الدائمة إلى مستوى 150 - 500م على السفوح الشمالية أعلى من السفوح الجنوبية التي تتعرض ثلوجها للذوبان بسرعة.

التدرج المطري: تتزايد كميات الهطل في مناطق الجبال مع الارتفاع، وذلك حتى حدّ معيّن، ويراوح التدرج المطري في الجبال المتوسطية بين 50 - 200 مم/100م ارتفاعاً، ويختلف الارتفاع الأمثل أو الأعظمي للهطل بحسب الموقع الجغرافي.

الغطاء الثلجي:

الثلج في الجبال أحد أهم عوامل البيئة؛ حيث يحمي التربة من الصقيع كما يزود الأرض بالمياه الناجمة عن ذوبانه التدريجي، في حين يتسبب ذوبانه السريع في فيضانات وكوارث إنسانية، كما يحمي الثلج الزرع من الصقيع الشتوي والربيعي؛ حيث سجل بمحطة دافوس بسويسرا درجة حرارة متوسطة -0.6°س تحت مترٍ واحدٍ من الثلج، بينما وصلت إلى -33.7°س على سطح الثلج المعرض للرياح الباردة. وتقع حدود الثلوج الدائمة على ارتفاع 2500م في جبال الألب، وترتفع حتى 5000م في الجبال المدارية، وقد تعرضت بلاد الشام عام 1992 لأشد عاصفة ثلجية شهدها القرن الماضي حيث غطى الثلج معظم المناطق وصولاً إلى شمال الجزيرة العربية. يستمر الغطاء الثلجي فوق الجبال لفترات متفاوتة تتعلق بدرجات الحرارة وسماكته، وقد يبقى فوق القمم من عام لآخر.

الرياح:

الرياح من العوامل المحددة لجميع أشكال الحياة والنشاط الإنساني في الجبال العالية، وتؤثر شدة الرياح خاصة في الشتاء وفوق القمم والمنحدرات، وتتأثر بدورها بالطبوغرافيا والتضاريس، وهي تساهم في تعديل المناخ الجبلي وتحديد طبيعة الغطاء النباتي وتركيبه حتى ضمن المنطقة الواحدة، وتختلف الرياح بحسب شدتها ومصدرها، ويُعدّ النسيم أحد أنواعها، ويميز بين نسيم الوادي والجبل. ومن الرياح التي تهب على حوض البحر المتوسط، وتؤثر كما تتأثر بمناخ الجبال: رياح السيروكوSirocco التي تهب على جنوب البحر وخاصة على المغرب العربي ورياح المسترال Mistral الشمالية التي تهب على طول وادي الرون ورياح البورا Bora البلقانية التي تتجه من أواسط أوربا نحو شمال البحر المتوسط وشرقه، ورياح الخماسين Khamasin الحارة جنوبية المنشأ التي تهب من الصحراء نحو شمال حوض المتوسط وشرقه.

الأنواع النباتية: ثبت تجريبياً أن مظاهر الأنواع الجبلية البرية والمزروعة تتأثر بالارتفاع بدرجات متفاوتة ؛ حيث يزداد المجموع الجذري كثافة وتعمقاً، وتكثر أنواع النبت وسادية الشكل بسبب تأثير الرياح والثلوج، وتغطى سوق بعض الأنواع وأوراقها بالأوبار، وتكون سميكة أو شمعية وقاسية sclerophytes تتحمل البرد والجفاف، كما تصغر الأوراق في بعض الأنواع مقارنة بمثيلاتها في السهول التي تنمو بحجمها الطبيعي، وتكون أزهار بعض الأنواع الجبلية زاهية اللون وكبيرة الحجم مقارنة بمثيلاتها في التلال والسهول المجاورة، وتلاحظ ظاهرة العلم Flag على الأشجار في الجبال العالية نتيجة ضعف نمو الأغصان في جهة هبوب الرياح الدائمة.

تقسَّم الجبال المتوسطية الأوربية إلى الطوابق الجيومناخية الواردة في الجدول (4).

الجدول (4) الطوابق الجيومناخية في الجبال المتوسطية الأوربية.

اسم الطابق

المجتمع النباتي

الارتفاع

متوسطي حار Thermo-Mediterranean

 

زيتون وخروب

+100 م

المتوسطي Mediterranean

متوسطي متوسط

Average Mediterranean

مجتمع سنديان أخضر

+300 م

متوسطي مرتفع

high Mediterranean

غابات متساقطة مختلطة

+400 م

متوسطي جبلي

Oro-Mediterranean

غابات مخروطية

 
 

تحت المتوسطي

Sub Mediterranean

مجتمع نباتي انتقالي

+ 500 م

الجبلي Montagnard

 

أنواع جفافية شوكية

+ 1000 م

تحت الألبي Subalpin

 

مروج جبلية

+ 2000 م

الألبي Alpin

   

+ 3000 م

أعالي الجبال

ثلوج دائمة

 

+ 4000 م

خضع الغطاء النباتي الطبيعي في الجبال إلى ضغط مستمر وتأثير جائر من قبل سكانها سواء لتوفير حطب الوقود أم كسر الأراضي أم الرعي الجائر والمستمر، وتشهد أشجار الزيتون المعمرة في فلسطين وأشجار الأرز واللزاب التي يزيد عمرها على مئات السنين أن معظم هذه الجبال كان مكسوّاً بمثل هذه الأشجار، وتُبذل جهود استثنائية لإعادة تشجير مناطق جبلية تعرف باسم الأرز واللزاب والدفران.

الأهمية البيئية والاقتصادية:

تختلف الأهمية البيئية لكل جبل بحسب موقعه الجغرافي ومساحته ومناخه والتأثيرات المتبادلة مع ما حوله، وتبقى الأشعة والحرارة والضغط الجوي والهطولات وتبايناتها أهم العوامل المحددة للبيئات الجبلية المتعددة والجبال.

يعتمد النشاط الاقتصادي التقليدي في الجبال على الزراعة وتربية الحيوان على رغم محدودية الموارد المتاحة، وتُعدّ السياحة والاصطياف وتسلق الجبال واكتشاف المغاور موارد اقتصادية مهمّة وحيوية للسكان، كما تحتوي الجبال على كثير من الثروات المعدنية حيث المقالع والمحاجر والمرامل والتنقيب عن الثروات المعدنية.

للجبال دور مهم في تشكل الغيوم ونزول الأمطار، وهي مصدر مهم للمياه العذبة التي تغذي الأنهار والأودية والمياه الجوفية اللازمة للحياة. وتمتاز الجبال بالتنوع الحيوي والأنواع المتوطنة الفريدة والأصول الوراثية المتعددة للأشجار والمحاصيل والحيوانات، وتتعرض الجبال للمناخ القاسي والعواصف والسيول المدمرة وحرائق الغابات وانجراف الترب، وتكتنف الجبال مناظر فريدة خلابة وروائع تاريخية تشهد على حضارات غابرة مسجلة في التراث العالمي، وتحافظ الجبال النائية على خصوصيتها ومناظرها الطبيعية، نظراً لبعدها ووعورة مسالكها وانعزالها، وتبقى معظم البيئات الجبلية نظماً بيئية هشة وحساسة تستحق المزيد من الدراسة والحماية والتنمية المستدامة.

مراجع للاستزادة:

- J. Gerrard, Mountain Environments, SOS Free Stock, 1993.

- S. Hill, R. Barrenche, R. Macfarlane, J. Jordan & N. Parrado, Mountain: Portraits of High Places, Rizzoli, 2011.

- Ch. Körner, Alpine Plant Life: Functional Plant Ecology of High Mountain Ecosystems, Springer, 1999.

- J. E. Milne, J. LeMense & R. A. Virginia, Mountain Resorts: Ecology and Law in Modern Society, 2009.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 579
الكل : 30967781
اليوم : 23582