logo

logo

logo

logo

logo

بيئة الغابات (علم-)

بييه غابات (علم)

Forest ecology -

بيئة الغابات (علم -)

أحمد الحاج أحمد

المنظومة البيئية الغابية

دينامية المجتمع الغابي

التوازن البيئي الغابي

منتجات المنظومات البيئية الغابية وخدماتها

 

يُعنى علم بيئة الغابات (الحراج) forest ecology بدراسة العلاقات المتبادلة بين النبت الغابي والوسط المحيط، وهو واحد من الفروع التطبيقية لعلم البيئة العام الذي يتعامل مع بيئة الغابات بدءاً من مستوى الشجرة الواحدة والجماعة ثم المجتمع الغابي؛ فالمنظومة الغابية.

البيئة الغابية تتضمن مجموعة العوامل المناخية وعوامل التربة والطبوغرافيا والعوامل الأحيائية التي تؤثر في النبت الغابي؛ حيث يتفاعل بعض هذه العوامل مع بعضها الآخر ليكوّن البيئة الغابية أو الوسط الحراجي المميَّز.

يوفر علم بيئة الغابات ركيزة أساسية وخلفية علمية لعمليات تربية الغابات وتنميتها واستثمارها وأعمال المشاتل والتشجير الاصطناعي بغية ضمان انسجام العمليات الحراجية وقوانين الطبيعة، كما يُعد أساسياً في معرفة عمل المنظومات الغابية وفهم العمليات والتداخلات المختلفة فيها. وينظر علم البيئة الغابية إلى الغابة كبنية معقدة مؤلفة من وحدات نبتية مؤلفة من كائنات حية تتفاعل بعضها مع بعض ومع البيئة المحيطة بها، وتختلف كل وحدة عن الأخرى باختلاف عوامل البيئة.

يسعى علم بيئة الغابات إلى فهم مكونات النظم الإيكولوجية للغابات من حيث التركيب والوظيفة وآلية عملها، وكيفية تطوير استراتيجيات لإدارة مستديمة قائمة على أساس علمي لها تحافظ على سلامتها وتأخذ في الحسبان مقدرات هذه المنظومات والطلب على منتجاتها وخدماتها. وإضافة إلى ارتباط علم بيئة الغابات بعلم البيئة العام؛ فهو يعدّ الأساس للعديد من العلوم التطبيقية المرتبطة بعلوم الغابات forestry؛ التي تُعنى بالمحافظة على المنظومات الغابية واستثمار منتجاتها وخدماتها على نحو مستديم، ومن هذه العلوم: إدارة الغابات forest management، وتربية الغابات silviculture وتنميتها، وإدارة الحياة البرية wildlife management وغيرها.

يعتمد علم بيئة الغابات على علم البيئة العام في المفاهيم والأسس العامة التي تتحكم في انتشار الأنواع ومعيشتها؛ لكنه يكتسب خصوصية نظراً لوجود الأشجار الضخمة التي تعمر مئات وآلاف السنين، مما يحتم اتباع منهجيات مختلفة في دراسة المنظومات البيئية للغابات. ويُقسم هذا العلم إلى:

1- علم بيئة الغابات الذاتي forest autecology: هو العلم الذي يدرس مجموعة العوامل البيئية التي تؤثر في نبات غابي معين، كدراسة علاقة عوامل البيئة مع نوع نباتي معين كالشوح الكيليكي Abies cilicica، ويدرس انتشار الأنواع الغابية من حيث الصفات الفينولوجية والفيزيولوجية والمورفولوجية والسلوكية والصفات الوارثية التي تمكن النوع من استيطان موقع ما؛ وتأثير عوامل البيئة في النوع وأفراده.

2- علم بيئة الغابات الاجتماعي forest synecology: يدرس مجموعة العوامل البيئية التي تؤثر في المجتمعات الغابية أو الغابات، كدراسة علاقة العوامل البيئية مع غابة الصنوبر البروتي Pinus brutia كمجتمع حراجي؛ أي: دراسة تركيب المجتمعات الغابية وتطورها والتوزع الجغرافي لها وعلاقتها بالبيئة.

المنظومة البيئية الغابية

تتألف المنظومة البيئية الغابية (الشكل 1) من أربعة مكونات هي:

1- المكونات غير الحية: تشمل المركبات الأساسية من البيئة غير العضوية كالماء والهواء ومكونات التربة المعدنية والعضوية الناتجة من بقايا الكائنات الحية الميتة.

2- الكائنات المنتِجة وهي الكائنات الحية الذاتية التغذية؛ أي النباتات بمختلف أنواعها.

3- الكائنات المستهلكة (المستهلكون الكبار): هي الكائنات الحية غير ذاتية التغذية، وتضم آكلات الأعشاب وآكلات اللحوم بمستوياتها الغذائية المختلفة.

4- الكائنات المفككة (المستهلكون الصغار) أو الرُّميّون: هي كائنات حية غير ذاتية التغذية، وتشتمل على أنواع من الفطريات والبكتريا وبعض الأوليَّات الأخرى، وتقوم بتفكيك بقايا الكائنات الحية النباتية وتحولها إلى مركبات بسيطة تستفيد النباتات منها في تغذيتها.

الشكل (1) المنظومة البيئية الغابية في موقع الفرنلق، سورية.

تتفاعل الكائنات الحية المكونة للمنظومة البيئية الغابية بعضها مع بعض بحيث يرتبط وجودها معاً، كما تتفاعل مع عوامل البيئة بحيث يؤلف المجموع كلاً متوازناً ومستقراً. تقوم نباتات الغابة بتثبيت الطاقة الشمسية وصنع المواد الكربوهِدراتية على حساب ثناني أُكسيد الكربون، وهذه المواد هي المواد الأولية لصنع المادة الحية في جسم الكائن الحي، وبوساطة هذه العملية يدخل الكربون وتدخل الطاقة قي الحلقة الحياتية. تنتقل الطاقة التي تثبتها النباتات إلى الحيوان والإنسان عن طريق أكلهما للنباتات الخضراء أو لحيوانات تتغذى بالنباتات. كما تقوم الكائنات المفكِكة بتفكيك جثث الكائنات الحية أو بقاياها وتحولها إلى مواد بسيطة تستعملها في تغذيتها وفي تكوين جسمها، وللكائنات المفكِكة أهمية أساسية في كل منظومة بيئية؛ إذ تسمح بإعادة استعمال المواد الغذائية باستمرار وتوفر بذلك استمرار الحلقة الغذائية وبالتالي ديمومة المنظومة البيئية.

وهكذا تتميز المنظومة البيئية بوجود سلسلة غذائية بين مكوناتها المختلفة؛ ففي الغابة توفر هذه السلسلة تحلل البقايا النباتية المتراكمة فوق سطح التربة، وتحرر العناصر المعدنية التي تمتصها جذور الأشجار وتساعدها على نموها، ثم تعود هذه العناصر من جديد إلى التربة عن طريق تحلل الأوراق المتساقطة والأغصان الميتة وهكذا.

دينامية المجتمع الغابي

المجتمع الغابي forest community تجمع للجماعات النباتية والحيوانية التي تستوطن بقعة جغرافية ما، ويتفاعل بعضها مع بعضها الأخر ومع الوسط الذي تعيش فيه، كما تتفاعل مكونات الوسط الحيوية وغير الحيوية، وتتداخل بعلاقات غذائية وغير غذائية ينتج منها ارتباط وثيق بين مختلف الأحياء والوسط مكوِّنة شبكة معقدة من العلاقات في المجتمع وبين المجتمع والوسط الذي يعيش فيه، ويعرف الأخير بالمنظومة البيئية الغابية forest ecosystem، وهي وحدة شديدة التعقيد مؤلفة من أشجار وشجيرات وأعشاب وحشائش مختلفة وطحالب وفطور وبكتريا وأوليات ومختلف الأحياء اللافقارية والفقارية على اختلاف حجومها وأنواعها، إضافة إلى الماء وعناصر الهواء المختلفة والعناصر الغذائية والمواد الميتة وكل شيء موجود في أرض الغابة.

يُعَبر عن مجموعة الخطوات والمراحل المتتالية التي بموجبها يحتل مجتمع حراجي ما ذو متطلبات بيئية خاصة موقع مجتمع حراجي آخر عبر الزمن حتى الوصول إلى مرحلة المجتمع الحراجي المتوازن بالتعاقب الحراجي forest succession، ويُدعى الأخير مجتمع الأوج community climax. ويرافق التغيرَ في المجتمع الحراجي تبدل في المجتمع الحيواني الذي يعيش في الموقع أيضاً، وتسمى المجتمعات التي توالت على موقع معين للوصول إلى مرحلة الأوج بمجموعة المجتمعات العرضية أو الانتقالية sere communities. وتشكل كل مرحلة من هذه المراحل مجتمعاً قائماً بذاته قد يدوم قليلاً أو كثيراً. ويكون المجتمع الحراجي الأوجي في حالة توازن ديناميكي مع البيئة المحيطة حيث لا يمكن أن يظهر مجتمع آخر أكثر تقدماً منه على الموقع نفسه.

ويعد المناخ العامل المحدد لاتجاه التعاقب عموماً ما عدا بعض الحالات التي تنشأ فيها مجتمعات أوجية نتيجة تأثير التربة أو شكل الأرض. يرافق التطور في النبت الحراجي تطور مماثل في التربة الحراجية. من التعاقب ما هو أولي ويحدث على أرض بكر لم يسبق أن غزتها النباتات من قبل، وآخر ثانوي وهو غزو النباتات لموقع ما سبق أن وجدت فيه مجتمعات أوجية أو عَرَضية وتهدمت لسبب ما كما في حالة حرائق الغابات (الشكل 2). مع التقدم باتجاه الأوج تزداد الكتلة الحية في المنظومة البيئية الغابية، ويتعقد الشكل المظهري للنباتات، ويزداد تنوع الأنواع، وتصبح الموائل البيئية أكثر ضيقاً وتخصصاً.

الشكل (2) بعض نباتات مجتمع اللزاب الأوجي المتدهور في جبال القلمون، سورية.

التوازن البيئي الغابي

هو الاتزان وعدم حدوث اضطراب في مجمل الدورات الغذائية الأساسية والمسالك المتداخلة للطاقة داخل منظومة غابية ما، وهذا يتطلب أن تكون جميع نواحي عمل المنظومة الغابية في توازن؛ لذا لا بد أن يكون هناك توازن بين عمليات الإنتاج والاستهلاك والتحلل داخل المنظومة الغابية. يتحقق التوازن في عمليات التنظيم داخل المجتمعات النباتية والحيوانية عن طريق التغذية الراجعة feedbac mechanism والتنظيم الذاتي self–regulation. وتستطيع المنظومة البيئية الغابية الاستجابة للتغيرات البيئية عن طريق جماعاتها النباتية والحيوانية (العوامل الحية)، ويتم ذلك عن طريق تعديل فيزيولوجية هذه الكائنات أو سلوكها بما يتناسب مع الوضع الجديد.

تعتمد المنظومة البيئية في تحقيق التوازن الطبيعي على مرونتها resiliency ومقدرتها على مقاومة التغير resistance. والمرونة هي مقدرة المكونات الأحيائية لمنظومة ما على امتصاص التغير والبقاء والاستعداد للعودة إلى الوضع الطبيعي عند تحسن الظروف، ويتمثل ذلك بتأرجح حجم الجماعات تحت تأثير الضغوط؛ بحيث تستجيب بسرعة لزوال المؤثر؛ ما يعني الفرصة لاسترداد عافيتها، في حين تعود مقاومة التغير إلى مكونات المنظومة البيئية نفسها من حيث مقدرتها الحيوية العالية والموارد المخزنة فيها التي تساعد على البقاء. ولا شك في أن معظم المنظومات البيئية الغابية تتصف إما بالمرونة وإما بالمقاومة، ونادراً ما تتصف بالميزتين معاً، وعادة ما تكون المنظومة البيئية المقاومة قليلة المرونة والمنظومة المرنة قليلة المقاومة. كما أن المنظومات البيئية لها القدرة على التنظيم الذاتي ضمن مدى احتمالها، ولكن إذا حدث تجاوز لهذه الحدود فلن تبقى قادرة على تأدية وظائفها، وعندئذ قد تعاني مختلف أنماط التغير والتضرر والاضمحلال (الشكلان 3 و4).

الشكل (3) نمو النباتات الألبية Acantholimon libanoticum في قمم جبال القلمون وتحملها الظروف البيئية القاسية.

الشكل (4) شجرة لزاب في أعالي جبال القلمون.

منتجات المنظومات البيئية الغابية وخدماتها

تؤدي المنظومات البيئية الغابية مجموعة من الخدمات والوظائف، فهي توفر المنتجات الأساسية من الخشب وأيضاً المنتجات الثانوية؛ فضلاً عن الخدمات التي توفرها الغابات كتنظيم المناخ وحماية التنوع الأحيائي والحد من التعرية، وحماية مساقط المياه وتنحية الكربون carbon sequestration (بعزله أو إزالة ثنائي أكسيد الكربون Carbon Dioxide Removal (CDR) أو التقاطه أو عزله على المدى الطويل من الجو لإبطاء أو عكس تلوث ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري أو عكسها. وهذه القيم بالغة الأهمية؛ فعلى سبيل المثال تُقدر قيمة اختزان الكربون في الغابات السورية بنحو 2.6 مليون يورو/سنة بحسب بروتوكول كيوتو Kyoto Protocol -وهو خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي- ويُعَدُّ معاهدة بيئية دولية خرجت للضوء في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية The United Nations Conference on Environment and Development (UNCED)، ويعرف باسم قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، في الفترة من 5-14 حزيران/يونيو 1992. هدفت المعاهدة إلى تحقيق تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل بشري خطير في النظام المناخي.

إن خدمات المنظومات البيئية الغابية ضرورية للحفاظ على المنافع التي يحصل عليها البشر من هذه المنظومات؛ ولاغنى عنها لصالح البشر كافة، وهي تشمل خدمات الإمداد بما يلزم المنظومات من التنظيم والتمتع بالخدمات الثقافية التي لها تاثير مباشر في حياة البشر، وخدمات الدعم اللازمة للحفاظ على هذه الخدمات والظروف التي توفرها البيئة الطبيعية؛ من إتاحة ما يكفي من الغذاء والماء وتنظيم حياة النواقل والآفات والمُمرضات الشكل (5).

الشكل (5) خدمات المنظومات البيئية الغابية.

مراجع للاستزادة:

- علياء خاتوغ - بوران، محمد حمدان أبو داية، علم البيئة. دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان 2000.

- كمال حسين شلتوت، علم البيئة النباتية. المكتبة الأكاديمية، القاهرة 2002.

- أكرم الخوري، محمد عبيدو، البيئة العامة، جامعة دمشق، 1989.

- محمد عبيدو، علم البيئة الحراجية، جامعة دمشق، 2000.

- إبراهيم نحال، أديب رحمة، ومحمد نبيل شلبي، الحراج والمشاتل الحراجية، جامعة حلب، 1989.

- إبراهيم نحال، أساسيات علم البيئة وتطبيقاته، جامعة حلب، 1988.

- J. P. Kimmins, Forest Ecology, Benjamin Cummings, Toronto, 2003.

- P. Thomas, J. Packham, Ecology of Woodlands and Forests: Description, Dynamics and Diversity, Cambridge University Press, London, 2007.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 491
الكل : 31644827
اليوم : 79682