logo

logo

logo

logo

logo

البيئة البرية وصونها

بييه بريه وصونها

-

البيئة البرية وصونها

 سهيل نادر – محمد العودات

البيئة البرية السهوب
أنواع البيئات البرية التوندرا tundra
العوامل المؤثرة في البيئة البرية السافانا Savanna
أحياء البيئات البرية ومواطنها الصحارى
الماكي maquis (البطاح) الأهمية الاقتصادية والبيئية لمنظومة البيئات البرية
الغاريك garrigue (مراح) صون البيئة البرية
الفريغانا phryganas  

 

 

تتميز الكرة الأرضية من بقية كواكب المجموعة الشمسية بكثير من الصفات والخصائص، أهمها وجود الحياة على الأرض التي توفرت مقومات ظهورها منذ ملايين السنين؛ وتطورها واستمرارها حتى الآن، وتتكون البيئة من عناصر حية تشمل جميع الكائنات الحية النباتية والحيوانية والإنسان؛ وعناصر غير حية تشمل جميع أماكن ومقومات عيشها من مياه وهواء وطاقة وعناصر معدنية وترب وصخور.

تقسم البيئة من وجهة نظر فيزيائية وكيميائية إلى نوعين رئيسين من البيئات:

  • البيئة القارية (بيئة اليابسة) أو البيئة البرية terrestrial ecology: يُقصد بها القشرة الأرضية بجميع مواصفاتها الطبوغرافية والمناخية ومكوناتها وفعالياتها وأحيائها وجميع النشاطات التي تتم في إطارها.
  • البيئة المائية aquatic ecology: تشمل بيئات جميع الأوساط المائية ( السواقي والأنهار وصولاً إلى البحار والمحيطات؛ مروراً بالبحيرات والسبخات والمستنقعات حتى الجليديات).

    ومنهم من يضيف نمطاً ثالثاً هو البيئة البرمائية؛ وأبرزها مناطق المدّ والجزر وضفاف الأنهار الكبيرة ومجاري المياه الموسمية.

    البيئة البرية

    هي بيئة اليابسة أو بيئة الطبقة الخارجية من القشرة الأرضية؛ المتمثلة بالصخور الأم وكل ما ينتج من تجويتها من ترب مختلفة بصفاتها الفيزيائية والكيميائية؛ إضافة إلى كل ما تؤويه وتحمله من النباتات والحيوانات والبشر؛ مضافاً إليها تأثير هذه الكائنات الحية فيها ولاسيما نشاطات الإنسان.

    تشغل البيئة البرية ما يقارب 1.53 مليون كم2 (31% من مساحة الكرة الأرضية)، ومع أن كل جزء منها يحتوي على المكونات البيئية ذاتها؛ بيد أن هذه المكونات تختلف ليس فقط من منطقة إلى أخرى بل من موقع إلى آخر، وحتى ضمن الموقع الواحد من وقت إلى آخر، مما يؤكد التنوع البيئي المفرط.

    ومنذ نشوء علم البيئة على يد إرنست هيكل (1866) تركّز الاهتمام بدراسة البيئة البرية نظراً لسهولة الحركة والوصول إلى أي منطقة من اليابسة مقارنة بالبيئة المائية.

    أنواع البيئات البرية

    تؤكد الدراسات المناخية لمناطق الكرة الأرضية وجود اختلافات كبيرة جداً أحياناً بين منطقة وأخرى وموقع وآخر (وضمن الموقع الواحد بحسب الزمن) في عوامل الطقس والمناخ، كما أثبتت الدراسات الجيولوجية للمناطق ذاتها وجود تباين كبير جداً في نوعية التربة وطبيعتها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية.

    يُضاف إلى ذلك ما أظهرته المسوحات والدراسات الطبوغرافية من أن سطح الأرض يتمتع بتضاريس معقدة جداً بوجود الجبال والوديان والهضاب والتلال والسهول وتوزعها، والارتفاعات عن سطح البحر، واتجاهات السفوح وانحداراتها. يؤدي الترابط الشديد بين عناصر المناخ والتربة والطبوغرافيا إلى وجود بيئات برية متنوعة جداً على سطح الأرض، وهذا يؤثر مباشرة في الكائنات الحية التي تعمر هذه البيئات فيجعلها شديدة التنوع.

    أمام هذا التنوع البيئي البري الكبير والمتعدد اعتمد البيئيون على عدة معايير لتقسيم هذه البيئة الضخمة super environment إلى عدة مستويات يمثل كل منها بيئة كبيرة macro environment:

  • بحسب درجات العرض: تؤثر درجات العرض مباشرة في عناصر الإضاءة والحرارة والرطوبة وحركة الهواء، ممّا يؤثر في بقية عناصر البيئة. وتم نتيجة لذلك تمييز عدة بيئات نطاقية تأخذ شكل أشرطة محصورة بين درجتي عرض وهي: البيئة الاستوائية أو المدارية، البيئة المعتدلة، البيئة الباردة، البيئة القطبية.
  • بحسب العناصر الطبوغرافية: تعدّ العناصر الطبوغرافية الأكثر تأثيراً في المناخ المحلي، وتم تحديد البيئات البرية التالية: بيئة الجبال، بيئة الهضاب، بيئة التلال، بيئة السهول، بيئة الصحارى.
  • بحسب الغطاء النباتي: اعتمد بعض الباحثين على طبيعة الغطاء النباتي وهيئته العامة بوصفهما محصلة نمو النباتات وتطورها في ظل عناصر البيئة البرية، مما سمح بتمييز البيئات البرية التالية: بيئة الغابات وما ينتج من تدهورها من البِطاح maquis والمراح garrigue والفريغانا phrygana، وبيئة الأدغال weeds environment، وبيئة المانغروف mangrove environment، وبيئة السهوب أو المراعي steppe environment، وبيئة السافانا savannas environment، وبيئة التايغا taïga environment، وبيئة التوندرا tundra environment.
  • بحسب الرطوبة: يمكن تمييز: البيئات الرطبة وشديدة الرطوبة، البيئات شبه الرطبة، البيئات متوسطة الرطوبة، البيئات الجافة وشديدة الجفاف، البيئات الصحراوية.

    العوامل المؤثرة في البيئة البرية

    تمثل البيئة البرية وسطاً مفتوحاً أمام جميع المؤثرات، ويعود ذلك إلى استوائها وطبيعتها الفيزيائية والكيميائية التي تكسب هذه البيئة سرعة التأثر قياساً بالبيئة المائية؛ ولاسيما بالضوء والحرارة والرطوبة والرياح. يضاف إلى ذلك أنها تمثل مسرحاً للحياة البشرية والنباتية والحيوانية، إضافة إلى نشاطات هذه الكائنات؛ ولا سيما الإنسان منذ اكتشافه النار والزراعة وصولاً إلى استخدامه للوقود الأحفوري واختراع الآلة؛ وما أضافه التطور العلمي والتقني في مجالات الزراعة والصناعة والعمران والسياحة وغيرها.

    يمكن تصنيف العوامل المؤثرة في البيئة البرية عامة في مجموعتين كبيرتين:

    1- مجموعة العوامل الطبيعية: تشمل جميع العوامل والحالات؛ حتى الحوادث التي تتم في إطار سطح الأرض لأسباب كونية جيولوجية مناخية طبيعية، وليس للإنسان أي دور في حدوثها. وتشمل:

    أ- الكوارث والحوادث الطبيعية: من براكين وزلازل وانزلاقات أرضية وتسونامي وفيضانات وجفاف وأعاصير وزوابع وصقيع وحرائق.

    ب- العوامل المناخية: تشمل جميع الفعاليات الجوية التي يبديها الغلاف الجوي المحيط بالبيئة البرية وبخاصة المياه الجوية (أمطار وندى وضباب وسحاب وبَرَد وثلج ورطوبة جوية) والرياح والأعاصير والزوابع وكهرباء الجو (الصاعقة).

    جـ- العوامل الطبوغرافية: وتشمل جميع تضاريس سطح الأرض، والارتفاع عن سطح البحر، وسفوح الجبال ودرجات انحدارها واتجاهاتها نحو الشمس.

    د- العوامل الترابية: تتمثل بنوعية الصخور الأم وجميع الترب الناتجة منها بخصائصها الفيزيائية (العمق، البنية، التركيب الحبيبي، المسامية، الحرارة، الرطوبة، التهوية) والكيميائية (المعادن بأنواعها وأملاحها، الـباهاء pH، الدبال بأنواعه والناقلية الكهربائية).

    هـ- العوامل الحيوية: هي العلاقات القائمة بين الكائنات الحية من جهة وتأثير هذه الكائنات وعلاقاتها بالأوساط التي تسكنها وتمارس فيها نشاطاتها، ولها عدة أنماط:

    - العلاقات بين الكائنات مثل: التنافس، التعلق البيئي، التعلق الغذائي (تطفل وتعايش)، التعلق الميكانيكي، السمية الموجهة والجاذبية الموجهة.

    - العلاقات بين الحيوانات ومنها: التنافس والقنص والافتراس والتعلق بأنواعه والتعاون.

    - العلاقات القائمة بين النباتات والحيوانات.

    - الإنسان وأثر نشاطاته في البيئة.

    2- مجموعة العوامل غير الطبيعية: هي مجموعة النشاطات والأفعال والسلوكيات التي قام بها الإنسان أو تسبِّب بها وتركت تأثيرات ضارة في المواصفات الطبيعية للبيئة، ومن أهمها:

    أ- التلوث بجميع أنواعه وأشكاله ومسبباته ودرجاته، والذي لم يحل في مكان إلا وأفسده.

    ب- التصحر الذي أدى إلى اختفاء النباتات والحيوانات وتخريب التربة.

    جـ- إنهاك الموارد البيئية الطبيعية المتجددة وغير المتجددة واستنفادها.

    د- الرعي الجائر للنباتات والقطع والجمع العشوائي للعديد منها، والصيد الجائر للحيوانات.

    هــ- افتعال الحرائق لأغراض متنوعة قضى على مساحات كبيرة من الغابات.

    و- الاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة والمخصبات ما يجرد التربة كثيراً من أحيائها الدقيقة، وقطع الحلقة الرئيسة في دورة العناصر وانتقالها في الطبيعة، وحرم البيئة من منظفيها.

    ز- إفساد الأمطار الحامضية الناتجة من التلوث كلَّ الأوساط البرية والمائية التي وصلتها؛ حتى المياه الجوفية لم تسلم منها.

    ح- ارتفاع درجة حرارة الأرض والاحتباس الحراري بسبب زيادة تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون الناتج من استخدام النفط ومشتقاته، وتخريب طبقة الأوزون الجوية، وما ينتج من ذلك من جفاف وفيضانات وكوارث متنوعة.

    ط- اعتماد الزراعة والصناعة والحياة عموماً على مواد عدوة للبيئة.

    ي- النزاعات والحروب التي تلتهم الحجر والشجر والبشر.

    أحياء البيئات البرية ومواطنها

    مهما تكن الطريقة المعتمدة في تقسيم البيئة البرية إلى أنظمة بيئية مختلفة في مستواها وخصائصها؛ فإن أفضل سبيل لعرض أحيائها هو الاعتماد على طبيعة الغطاء النباتي وهيئته العامة؛ لأن النباتات ثابتة ولا تتنقل من مكانها فهي المعبّر الحقيقي عن واقع البيئة وخصائصها.

    يُعَدّ علم الهيئة النباتية من العلوم الحديثة التي تهتم بدراسة المظاهر المختلفة للنباتات، والعوامل المختلفة المؤثرة فيها. ويتميز كل فرد من نوع نباتي معين بهيئة أو مظهر يميزه من غيره من أفراد الأنواع الأخرى. وتصنف الهيئات النباتية المعروفة على المستوى الفردي إلى: شجرة وشجيرة وجنبة وجُنيبة وعشبة. وتؤلف كل من هذه الهيئات الفردية عند اجتماعها أنماطاً رئيسة من هيئات جماعية تتمثل في الغابة وكل ما ينتج من تدهورها والمروج والبِطاح والمَراح والسهوب، والبراريّ والفريغانا (الشكل 1) والسافانا والتايغا والمانغروف والتوندرا والصحراء.

    الشكل (1) فريغانا في مصياف - سورية.

    الغابات:

    هي أرقى أشكال أنماط الغطاء النباتي وأعقدها (الأوج climax)، وهي تمثل المرحلة التطورية النهائية لأي غطاء نباتي. يختلف مفهوم الغابة forest بحسب معايير عديدة ومتنوعة أهمها: عدد الأنواع المكونة لها (غابة نقية وحيدة النوع أو مختلطة، مخروطية أو عريضة الأوراق)، ونوعية النباتات وطبيعتها (غابة دائمة الخضرة أو متساقطة الأوراق أو من النمطين)، والموقع الجغرافي (غابة استوائية أو مدارية، متوسطية، سهلية أو جبلية أو نهرية). يتصدر التقسيم الجغرافي للغابات جميع أشكال التقسيمات؛ ويبدو الأكثر استخداماً وسهولة، وأبرز الأنماط الجغرافية للغابات:

    1- الغابات الاستوائية المطيرة tropical rain forests:

    تُعدّ هذه الغابات أرقى أنواع الغابات على الإطلاق، تنمو في مناخ هو الأفضل على سطح الكرة الأرضية، تنتشر على جانبي خط الاستواء ومنها غابات الأمازون (الشكل 2)، ومن أهم خصائصها:

    - اختلاف مناخها الدقيق كثيراً عن المناخ الخارجي.

    - الغنى الكبير بالتنوع الحيوي: يراوح عدد الأنواع النباتية بين 40 و 100 نوع/الهكتار.

    - الغنى الكبير بالنباتات الفوقية: تشمل النباتات المتسلقة التي ترتبط مباشرة بالتربة كاللبلاب Hedera helix، والنباتات العالقة كبعض أنواع السحلبية Orchidaceae واللوفية Araceae وغيرها، النباتات شبه العالقة كبعض أنواع الفصيلة القيقبية Aceraceae.

    الشكل (2) منظر من غابات الأمازون.

    أما حيوانات هذه الغابات فهي غزيرة ومتنوعة (بسبب قدم أنظمتها الإحيائية التي تطورت منذ الحقب الثالث من دون تغيِّر المناخ)، وتتوفر لها ظروف غذائية كافية، وتتميز أيضاً بتنوع مساكنها مما يسمح لها بتشكيل العديد من الأعشاش البيئية. هناك العديد من الأنواع ساكنات الأشجار من الثدييات كالقرود والليموريات والقواضم وبعض المنامل، ومن اللواحم النمر الأمريكي ودببة جوز الهند. للطيور ألوان براقة، وعلى سطح الأرض تعيش الثدييات كالظباء وفرس النهر. أما اللافقاريات فهي كبيرة وملونة كالحلازين الإفريقية التي يمكن أن يزن الفرد منها 1 كغ، وتظهر فيها أكبر الفراشات في العالم (30 سم).

    2- الغابات المدارية:tropical forests

    يؤدي الابتعاد عن خط الاستواء إلى تدرج متناقص وواضح للرطوبة، ممّا يسهم في تشكيل عدة أنماط من الغابات المدارية متساقطة الأوراق؛ وأبرزها الغابات المدارية شبه دائمة الخضرة tropical semi- evergreen forests، وهي تنمو في المناطق التي لا يتجاوز فيها فصل الجفاف ثلاثة أشهر، وقد سُميت بهذا الاسم؛ لأن الأشجار المكونة للطوابق العلوية فقط تفقد أوراقها، أما أشجار الطوابق السفلية وشجيراتها فتحتفظ بأوراقها، ويمكن تمييز شكلين من هذه الغابات:

    أ- غابات مدارية رطبة متساقطة الأوراق وتُعرف بالغابات الموسمية كغابات الهند.

    ب- غابات مدارية جافة متساقطة الأوراق وتنتشر في المناطق صيفية الأمطار، ويكون الشتاء جافاً لذلك تعرف بالغابات الموسمية الجافة، وتسيطر فيها أنواع من القمبريطية Combretaceae وأجناس بتروكاربوس Pterocarpus والأكاسيا (السنط) Acacia وبعض أشجار الباوباب Adansonia digitata التي تكثر على الحدود مع السافانا.

    3- الغابات قاسية الأوراق في المناطق الشتوية الأمطار sclerophytes forests:

    تنتشر هذه الغابات على شواطئ البحر المتوسط وتمتد في المناطق الجبلية وصولاً إلى أفغانستان، كما تنتشر في أمريكا الشمالية (وسط كاليفورنيا وجنوبيها) ووسط تشيلي بأمريكا الجنوبية، ومنطقة الكاب بإفريقيا وصولاً إلى جنوب شرقي أستراليا. وتُعدّ الغابات المتوسطية النموذج الحقيقي للغابات قاسية الأوراق؛ وأوج الفلورا المتوسطية وجهها الأبرز والأرقى، تتمتع الفلورا المتوسطية بجملة من الخصائص أبرزها:

    أ- التنوع النباتي الكبير: 71 فصيلة و1649 جنساً و19934 نوعاً نباتياً.

    ب- تعدد الأصول الوراثية: يؤلف العنصر المتوسطي أكثر من 50% من الأنواع.

    ج- الغنى الكبير بالأنواع المتوطنة التي تؤلف ما يقارب 40% من مجموع الأنواع، وذلك نتيجة تنوع البيئات الدقيقة وتعددها بسبب ظاهرة الانعزال وتنوع الأتربة وتعقد التضاريس.

    د- المعاناة الكبيرة من جميع عوامل التراجع الكبير والتبدل السريع في الغطاء النباتي؛ ولاسيما في السهول الساحلية والارتفاعات والمناطق الهامشية ولاسيما مناطق الغابات.

    هـ- حيواناتها أقل من حيوانات الغابات الاستوائية (الطيور والثدييات)، لكن بالمقابل الحشرات فيها كثيرة.

    4- الغابات متساقطة الأوراق deciduous forests

    تنتشر هذه الغابات في المناطق المعتدلة ذات المناخ المحيطي وعلى نطاق محدود في المناطق المتوسطية، يقابلها في المنطقة ذات المناخ القاري الغابات المخروطية إبرية الأوراق التي تنمو في أوربا الغربية وتمتد شرقاً حتى روسيا الأوربية.

    يتميز مناخها بصيف دافئ وأمطار في كل الفصول ولاسيما فصل الصيف، كما تتصف بفقرها بالأنواع؛ ومن أبرز أنواعها: الزان الحرجي Fagus sylvatica، الشرد القضباني Carprinus betulus، بلوط خُزانه Quercus robur، بلوط بترائي Quercus petraea، الدردار العادي Fraxinus excelsior، القيقب الدُلبي Acer platanoide، القيقب الدُلبي الكاذب
    A. pseudoplatanus، الغرغار Ulmus scabra، البرقوق Prune. تسقط أوراق هذه الغابات بالخريف لعدم قدرتها على تحمل البرودة في الشتاء (الشكل 3).

    الشكل (3) غابة متساقطة الأوراق.

    تزدهر هذه الغابات أيضاً في حوض المتوسط على السفوح الشمالية؛ الشرقية والغربية وفي الأماكن الرطبة وتحديداً في الطابق فوق المتوسطي supra- méditerranéen حيث تتوزع بشكل متقطع على السفوح (الشكل 4)؛ ومن أهم أنواعها: البلوط Quercus pubescens، العذر Quercus cerris، الكستنا، الدردار، القيقب، الجوز، الغرغار وغيرها.

    الشكل (4) الفرنلق غابة متوسطية في سورية.

    الحيوانات فيها متنوعة جداً. يلاحظ أن الأعشاش البيئية للطيور تكون متباعدة بفضل تطبقها بالارتفاع؛ إذ يبحث كل نوع عن غذائه ويعيش في منطقة محددة. وعموماً، ومن الحيوانات الأرضية في هذه الغابات الحشرات والثدييات والفطور والطيور وغيرها.

    5- الغابات المختلطة mixed forests: تشغل هذه الغابات منطقة انتقالية فاصلة بين الغابات متساقطة الأوراق والغابات المخروطية، وتتكون من أنواع عريضة الأوراق وأخرى إبرية الأوراق، تنتشر في أمريكا الشمالية حيث تكثر أشجار أتسوغة Tsuga والعرعر Juniperus والصنوبر والبلوط. أما في الجنوب الغربي من اسكندنافيا فينتشر البلوط والزان Fagus sylvatica والغرغار والقيقب والزيزفون تيلياقلبي Tilia cordata والدردار.

    6- الغابات المخروطية coniferous forests: تتكون هذه الغابات من الأنواع النباتية التي تأخذ أعضاؤها التكاثرية شكلاً مخروطياً؛ وغالباً ما تكون هذه الأنواع ذات أوراق إبرية، تشغل مساحات واسعة في نصف الكرة الشمالي وتغيب تماماً عن النصف الجنوبي من الكرة الأرضية لعدم توفر الشروط المناخية اللازمة لنموها، وتمثل حدودها الشمالية نهاية حدود الغابات؛ فتنتشر في شمالي أوراسيا وأمريكا الشمالية وتسود قطاعات ارتفاعية مختلفة في الجبال المتوسطية. تعرف الغابات المخروطية في المناطق الشمالية باسم التايغا Taiga (الشكل 5) التي تتميز بسيادة الأنواع المحبة للظل مثل البيسي التنوبي Picea abies والتنوب الأبيض Picea obovata والصنوبر السويسري (سيمبرا) Pinus cembra، وتشكل هذه الأنواع ما يعرف باسم الغابة المظلمة نظراً لشدة كثافتها. أما الغابات المخروطية المتوسطية فتتركز في الطوابق السفلية والمتوسطة للجبال المتوسطية. ومن أبرز أنواعها: الصنوبر الثمري Pinus pinea، والعرعر الفينيقي Juniperus phoenicea في الجزء الغربي، والصنوبر البروتي Pinus brutia في الجزء الشرقي. وتضم الغابات المخروطية المتوسطية في الطوابق العلوية- إضافة إلى أنواع من الصنوبر Pinus ولاسيما الصنوبر الجبلي Pinus montana- الأرز اللبناني Cedrus libani في الشرق، والأرز الأطلنطي Cedrus atlantica في الغرب، والبيسيه Picea والتنوب Abies cilicica وأنواعاً من العرعر مثل Juniperus Excelsa، يضاف إليها البربريس Berberis. أما في القمم العالية للجبال المتوسطية فتغيب تماماً الغابات المخروطية حيث يسود هناك بعض النجيليات من الأجناس العلفي Bromus والكلئي Poa والفستوكة (الهشيم) Festuca.

    الشكل (5) غابة مخروطية (التايغا).

    7- غابات المانغروف mangrove forests: تمثل هذه الغابات نمطاً من البيئات الانتقالية، وتنمو على سواحل المحيطات والبحار والخلجان الضحلة المياه في كثير من المناطق الاستوائية والمدارية حيث تحتاج إلى درجات حرارة وملوحة مرتفعتين (الشكل 6). تنتشر غابات المانغروف في سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، وتتكون على نحو رئيسي من أشجار الشورى Avicennia marina يرافقها المص Rhizophora mucronata، ويتميز نبات الشورى بصفات عديدة أهمها: جذوره التنفسية، أوراقه العصيرية، نتحه الضعيف، وتمثل بيئة المانغروف وسطاً ملائماً لتكاثر الأسماك واختبائها، كما أن العديد من الطيور البحرية تستخدم تلك الأشجار للتعشيش.

    الشكل (6) إحدى أشجار المانغروف.

    الماكي maquis (البطاح):

    هي نمط من التشكيلات النباتية المتوسطية، وتتكون من أشجار قليلة وشجيرات قاسية وكثيفة مما يجعل التوغل والتجول فيها أمراً صعباً، تنتج مباشرة من تراجع الغابات المتوسطية القاسية دائمة الخضرة والغابات المخروطية التي كانت تعد الممثل الحقيقي للمنطقة المتوسطية (الشكل 7).

    الشكل (7) ماكي متوسطية، طرطوس ـــ سورية.

    يعد الجزء الشرقي من حوض المتوسط المكان النموذجي لهذه التشكيلات، وتتكون نباتاته من بقايا أشجار وشجيرات لا يتجاوز ارتفاعها 5م وأهمها: الخرنوب Ceratonia siliqua، الآس الشائع Myrtus communis، القطلب بنوعيه Arbutus andrachne، A. unedo، الغار النبيل Laurus nobilis، البطم اللانتيسكي Pistacia lentiscus، البطم الفلسطيني Pistacia palaestina، وبعض أنواع السنديان Quercus والزعرور Crataegus.

    الغاريك garrigue (مراح):

    يمثل هذا النمط من التشكيلات النباتية مرحلة متراجعة للماكي المتوسطية، يتألف من شجيرات قصيرة متقزمة، يبرز فيها النمط الشائك؛ إضافة إلى أعشاب حولية ومعمرة، وتكاد تختفي فيها الأشجار العالية، كثافتها منخفضة مما يسمح بالتجول والتوغل والرعي بسهولة تامة بداخلها؛ وكذلك ممارسة جميع النشاطات من قطع وجمع واستصلاح وغير ذلك (الشكل 8). تنتشر الغاريك على نحو واسع في حوض المتوسط ولاسيما في الأماكن التي تراجعت فيها الغابات والماكي وتكشفت التربة؛ وتحولت بعد تعرضها لعوامل الحت والتعرية إلى صخور متكشفة. ينتمي معظم الأنواع المشكلة للغاريك إلى فصائل عدة: كالوردية Rosaceae والشفوية Labiatae والقرنية Fabaceae والمركّبة (النجمية) Compositae والحلابية Euphorbiacae، إضافة إلى العديد من الأعشاب الحولية.

    الشكل (8) الغاريك (المراح).

    الفريغانا phryganas:

    هو نمط من التشكيلات النباتية المتوسطية الناتجة من التراجع الشديد والمستمر للغابات وأشباهها من الماكي والغاريك المتوسطية، يصادف هذا النمط حيث توجد أو كانت توجد الغابات أو شبيهاتها، يزداد نموها من غرب المتوسط إلى شرقه وذلك بسبب تفاقم العوامل المؤذية للغطاء النباتي. عُرفت الفريغانا بأسماء عديدة مثل فريتسيه Fruticée في فرنسا، وماتورال Matorral في إيطاليا، توميلاريس Tomillaris في إسبانيا، ونباتات التنور في الشرق الأوسط، تنتشر أنواع الفريغانا في أرجاء حوض المتوسط. تؤكد الدراسات الأولى أن أشجاره تنتمي إلى صف واحد هو cisto–micromerietea ورتبة واحدة هي cisto–micromerietalia. أما الأنواع المميّزة للفريغانا فهي متنوعة وتسود فيها النباتات الشائكة والمتقزمة والحولية والمعمرة والموبرة والقاسية، ومنها مثلاً: القندول الزغابي Calycotome villosa، والبلان الشائك poterium spinosum، والجُعدة Teucrium polium، القبار المشوك Capparis spinosa.

    السهوب:

    عُرفت السهوب بأسماء عديدة: ستيب steppe في آسيا وأوربا، وبراريّ prairie في أمريكا الشمالية، وبامبا Pampa في أمريكا الجنوبية. تتكون على نحو أساسي من أعشاب جفافية xerophytes قادرة على تحمل الجفاف، كثافتها متبدلة، يتخللها قليل جداً من الأشجار، تكثر في الاتحاد السوفييتي (سابقاً) والصين وأمريكا الجنوبية. الأعشاش البيئية للحيوانات متنوعة؛ إذ يصادف من الفقاريات العواشب الحفَّارة التي لها مساكن داخل التربة وتتغذى تحت سطح الأرض أو تعيش على السطح مثل القداد وكلاب المراعي في أمريكا، وبعض العواشب مثل الظباء والحمير البرية والحصان البري، وبعض اللواحم الراكضة كالذئب والثعلب، وهناك الزواحف والحشرات (الجراد)، ومن الطيور الحباري.

    التوندرا tundra:

    تنتشر التوندرا رئيسياً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وإلى الشمال من منطقة الغابات المخروطية، تتميز بمناخ قاسٍ وغياب الأشجار وسيادة الأشُن lichens والحزازيات mousses إلى جانب بعض الشجيرات والأعشاب الحولية والمعمرة، وتغيب تماماً الأعشاب عميقة الجذور. تكون الأشن والحزازيات أليفة للضوء بخلاف غابات المناطق المعتدلة، وتعمل تجمعاتها الكثيفة على حماية براعم النباتات وجذورها. ينتشر على الحدود الفاصلة بين التوندرا والغابات المخروطية عدد قليل من الأشجار المتباعدة مثل التنوب Picea abies والبتولا الشجرية والشُجيرية Betula nana.

    أما حيوانات التوندرا فهي ممثلة بالثدييات (القواضم مثل السناجب والمرموط، واللواحم مثل السمور والدب الأسمر والذئب، والحافريات مثل الرنة والثور الممسك)، وقد تكيَّفت تلك الثدييات مع البرودة من خلال التكيف الغذائي، حيث يكون غذاؤها غنياً بالفيتامين A الذي يسهم في حفظ فعالية طبيعية لتلك الكائنات؛ وهناك تكيفات أخرى كتنظيم الحرارة (الفرو). أما الطيور فهي عابرة أو مهاجرة تأتي لتعشش في الصيف مثل حجل الثلج وبومة الثلج وغيرها، يتغذى نحو ثلثها من اليابسة والباقي من البحيرات. أما الزواحف والبرمائيات فهي نادرة.

    السافانا Savanna:

    تعني بمفهومها الواسع الغطاء النباتي ذا المميزات الجفافية، تنتشر في المناطق المدارية ذات الأمطار الصيفية بمحاذاة منطقة الغابات الاستوائية المطيرة، حيث تشكل الحشائش طبقة سائدة متجانسة وكثيفة تتخللها أشجار وشجيرات متباعدة (الشكل 9). يتوقف تشكّل السافانا على عوامل طبيعية مناخية بالدرجة الأولى؛ علماً أن هناك أنماطاً من السافانا تنمو نتيجة عوامل غير طبيعية؛ نتيجة تدخل الإنسان -كإزالة الغابات وتحويلها إلى أراضٍ زراعية، وكذلك القطع والحرق والرعي الجائر- وقد سمَّى والتر (1971) هذه الأنماط بالسافانا الثانوية التي قُسمت إلى نمطين: سافانا جافة تسيطر فيها الأعشاب القصيرة والمعمرة، وسافانا رطبة تسود فيها الأعشاب النجيلية الطويلة (1-3 أمتار). يتكون الغطاء العشبي من نجيليات طويلة جفافية؛ أوراقها وسيقانها قاسية، وأبرز أنواعها من الأجناس التالية: التمام Panicum، السفون Andropogon، كلوريس (حوريه) Chloris، إضافة إلى بعض الأشجار من الباوباب Adansonia digitata ومن أنواع الأكاسيا ولا سيما الطلح Acacia seyal.

    الشكل (9) منظر عام للسافانا.

    الصحارى:

    تشغل الصحارى deserts ما يقارب 25 % من مساحة اليابسة، وتتركز في المنطقة شبه المدارية شمال خط الاستواء وجنوبه، وتمتد في آسيا وأمريكا الشمالية بعيداً داخل المنطقة المعتدلة، ومن أشهرها: الصحراء الكبرى، والصحراء العربية (الشكل 10)، وصحراء أمريكا الوسطى، والشمالية، وصحراء آسيا الوسطى.

    الشكل (10) الصحراء العربية.

    تتميز المناطق الصحراوية بقلة أمطارها التي لا تزيد على 150 ملم/العام؛ وبحرارتها المرتفعة جداً صيفاً والمنخفضة شتاءً؛ إذ تكون شدة التبخر والنتح عالية جداً. أما رطوبة الهواء فمنخفضة جداً ولا تزيد على 25 % في الفترة الرطبة، والأنواع النباتية مبعثرة ومتنوعة جداً وذات كثافة منخفضة؛ وتتمتع بتكيّفات متنوعة جداً لتفادي الجفاف ومقاومته، وتتجلى تكيفاتها من خلال:

    أ- تقصير دورة الحياة والسرعة في إنجازها (10-15 يوماً).

    ب- حصر النشاطات الحيوية في فترة توفر الرطوبة وموت الأوراق وسقوطها في الفترة الجافة، ويمكن أن يشمل ذلك جزءاً من الفروع الفتية كما هو عند الشيح Artemisia وسميرنوفا التركستاني Smirnova turkestanica لاريا ديفاريكاتا Larrea divaricate.

    ج- رفع الضغط الأسموزي وتجميع كل المواد والمركبات أليفة الماء لتقييده ومنعه من التبخر وزيادة النسج القاسية.

    د- امتلاك جملة جذرية متطورة.

    هـ- تحور الأوراق إلى حراشف أو غيابها كلياً أو جزئياً الإفدرا (العلند) Ephedra والأرطي Calligonum comosum وغيرها.

    و- التخلص من الفروع الخضراء كبعض أنواع الخس البري Lactuca؛ وقد تحمل بعض النباتات أوراقاً صغيرة خلال الفترة الرطبة؛ تسقط مع حلول الجفاف مثل الرتم Lygos raetam أو مع اكتمال النمو مثل السلة Zilla spinosa.

    ز- التفاف الأوراق وغياب الثغور عن السطح الخارجي وانفتاحها على الوجه الداخلي للأوراق الملتفة ( غُفة Aristida pungens)، وقد تكون الثغور موجودة في أجواف خاصة على الوجه السفلي للأوراق ومفتوحة على الوسط الخارجي ومحمية بالأوبار كأوراق الدفلة Nerium oleander، أو أن تكون الثغور في أثلام عميقة في مستوى القشيرة محمية بالأوبار والقشيرات الثخينة كالرتم Retama raetam.

    ح- القشيرات ثخينة ومن طبيعة شمعية وذات ترسبات سيليسية؛ تقلل من الحرارة والنتح كما هو عند الإفدرا.

    ط- اختزان الماء وادخاره بالأوراق والجذور (بعض أنواع النخيل Phoenix).

    الحيوانات في الصحراء قليلة ولا سيما ذات القامة الكبيرة والتي تتمثل بالظباء والقواضم. أهم طيورها تكون راكضة، أما الحشرات فهي ممثلة ببعض غمديات الأجنحة، وهناك بعض الأفاعي. والبكتريا فيها ذات نشاط ضعيف لندرة المياه.

    الأهمية الاقتصادية والبيئية لمنظومة البيئات البرية:

    آ- الفوائد الاقتصادية: تشمل عدة قطاعات زراعية وطبية وصناعية، وأهم تلك الفوائد:

    1- تمثل الأنواع الحية مصدراً أساسياً لغذاء الإنسان وعلف الحيوان والوقود والألياف.

    2- تعدّ الغابات وأشباهها أهم المصادر الطبيعية المتجددة ولاسيما للأخشاب متعددة الاستعمالات وكل ما يشتق منها: كالورق والفحم وأخشاب التقطير.

    3- إنتاج الثمار الجافة والطرية بجميع أنواعها وأشكالها وطبيعتها ومواسمها وكل ما يشتق من النباتات من الزيوت والسمن النباتي والصمغ والمواد الدباغية.

    4- إنتاج الأعلاف في المراعي الطبيعية والمزروعة وإمداد المزارعين بالغراس البرية التي تمثل الأصول الوراثية للنباتات المزروعة.

    5- تساعد على تثبيت المناخ وحماية مناطق توزيع المياه وصون التربة وتحسين صفاتها وما يترتب على ذلك من أهمية للنشاط الزراعي وإنتاج الغذاء.

    6- الاستفادة من الموارد الوراثية في الطبيعة عن طريق الهندسة الوراثية في تعضيد تقلص قدرة الموارد الوراثية للمحاصيل الرئيسية.

    7- اعتماد الإنسان على الموارد الوراثية في الطبيعة للأنواع النباتية والحيوانية المختلفة في مواءمتها مع البيئة؛ والإقلال من استخدام المبيدات والمخصبات الكيميائية عن طريق استحداث سلالات من مناطق مختلفة.

    8- تكوِّن منتجات التنوع الحيوي ولا سيما النباتية منها الأساس في صناعة الأدوية والعقاقير، وتُعدّ الغابات من أفضل الأماكن لإقامة المشافي نظراً لمناخها الصحي والنظيف.

    ب- الفوائد الطبيعية والبيئية:

    يمثل التنوع الحيوي في البيئة البرية من خلال أنواعه وتجمعاته أحد أهم مكونات النظم البيئية وعامل استقرار وتطور لجميع البيئات.

    1- يعدّ الغطاء النباتي الرئة الحقيقية للأرض التي تتنفس بها، وهو أحد أضخم المصانع الطبيعية التي تحول الطاقة الضوئية الشمسية بعملية التركيب الضوئي إلى طاقة كيميائية عن طريق امتصاص ثنائي أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين الغاز الذي لا بد منه للحياة .

    2- تخفف النباتات من شدة وقع المطر على التربة وتحول دون الانسيال السطحي لمياه الأمطار إلى حد كبير فتمنع حدوث السيول والانجراف، وتعمل على انتظام تدفق المياه وتسهِّل تسربها داخل التربة لتغذية المياه الجوفية، فهي تقوم بدور منظم وموجه للمياه.

    3- تقوم النباتات بدور مصفاة طبيعية للغبار والدخان والكثير من الغازات وغيرها من الملوثات، وللغابة دور في تخفيف الضجيج.

    4- زيادة خصوبة التربة وتحسين مواصفاتها من خلال الدبال الناتج من تفكك بقاياها وتحللها وتشارك في تشكل التربة وتطورها واستقرار خصائصها.

    5- تلطيف المناخ ورفع الرطوبة الجوية من خلال النتح الذي ينتج منه انطلاق كميات كبيرة من بخار الماء في الجو، كما أن مناخ الغابات يميل دوماً إلى الاعتدال بالنسبة إلى المناخ خارجها.

    6- توفير المأوى والمرعى للحيوانات البرية التي تعيش فيها كالخنازير والطيور وغيرها، كذلك توفير المرعى للحيوانات الأليفة كالأغنام وغيرها.

    7- قيام الحشرات بدور مهم في عملية التلقيح؛ وقيام بعض الكائنات الحية بأداء خدمات جليلة في المحيط الحيوي لخدمة الإنسان، تلك الكائنات هي الأعداء الطبيعيون للآفات.

    ج – الفوائد الاجتماعية والسياحية: تمثل الغابات أماكن للراحة والانتعاش والتمتع بالطبيعة الخلابة والترويح عن النفس؛ ومبعثاً للأمل والإلهام لكل من يرتادها، كما تساعد مناظرها الخلابة على الاستفادة من أوقات الفراغ حيث تنمِّي الذوق الفني في الشعر والرسم والموسيقى. تجذب بيئة الغابات الزوار إليها في الصيف للاصطياف؛ وفي الشتاء للتزلج على الثلوج وممارسة الرياضة واصطياد الحيوانات، وبذلك تساهم في تنشيط السياحة ومن ثمّ تشغيل الأيدي العاملة.

    صون البيئة البرية

    أصبحت البيئة الإطار العام الذي يعيّن الحد الأقصى للتنمية، وصار صونها conservation أو المحافظة عليها وإعادة استقرارها (توطيدها) recreatability جزءاً لا يتجزأ من مسعى الدول إلى التنمية على أسس قابلة للاستدامة، فقد كانت التنمية في السابق مبنيةً على عدم محدودية الموارد، أما الآن، وبسبب الزيادة السكانية غير المسبوقة وزيادة الاستهلاك، وبفعل العولمة وثورة المعلومات فإن نمط التنمية الحالي لم يعد مستداماً ونجمت عنه أزمات بيئية خطرة مثل فقد التنوع البيئي، وتقلص مساحات الغابات، وتلوث الماء والهواء، وارتفاع درجة حرارة الأرض، والفيضانات المدمرة، واستنفاد الموارد غير المتجددة، مما دفع إلى الدعوة إلى مفهوم التنمية المستدامة sustainable development التي تُعرَّف بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحالي من دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وينظر إليها على أنها وسيلة لتحسين نوعية الحياة الإنسانية مع العيش ضمن حدود القدرة الاحتمالية للأنساق الحيوية للأرض.

    أهم إجراءات صون البيئة:

    1- حماية الغابات:

    تتطلب حماية الغابات وتحسينها جهوداً على المستوى القومي لحماية ما تبقى منها وإعادة تلك المتدهورة أو التي دمرت إلى سابق عهدها. وأهم إجراءات حماية الغابات هي:

    أ- إعادة تشجير ما أمكن من المناطق التي كانت مغطاة بالغابات وخاصة على السفوح المنحدرة والأماكن صعبة المنال والوعرة، والتي دمرت غاباتها لأسباب مختلفة، وعند إعادة التشجير لابد من زراعة عدد من الأنواع الشجرية والشجيرية وخاصة المتكيفة مع الظروف البيئية والتي كانت تنمو في المنطقة قبل تدهور الغابات، والابتعاد ما أمكن عن الاعتماد على زراعة نوع واحد من الأشجار.

    ب- وقف قطع الغابات ووقف زحف المدن باتجاهها، والتحول من استعمال الأخشاب إلى مواد أخرى بديلة بغية الحفاظ على الثروة النباتية الطبيعية.

    ج- ترك بعض الغابات مناطق محمية ومنع الدخول إليها إلا للمختصين لدراسة البيئة ودراسة هذه الغابات وتطويرها وتركيبها وطرائق زيادة إنتاجها، ومقارنتها بالغابات غير المحمية التي تخضع للاستثمار من قبل الإنسان (الشكل 11).

    الشكل (11) محمية الأرز المطلة على سهل الغاب في منطقة صلنفة.

    د- عدم إنشاء الصناعات الملوثة بالقرب من الغابات وعدم شق الطرق عبرها.

    هـ- مكافحة حريق الغابات واتخاذ الاحتياطات كافة التي تحول دون حدوثه أو انتشاره في حال حدوثه، مثل ترك مساحات غير مشجرة داخل الغابات واستعمالها مراعي أو أراضي زراعية وغيرها.

    و- وقف تربية الحيوانات الضارة بالأشجار ومنع الرعي الجائر والمبكر.

    ز- حماية الغابات من الحشرات الضارة والأمراض وذلك بالمراقبة الدائمة لظهور الحشرات والآفات المختلفة، واستعمال الطرائق الحيوية في مكافحة الحشرات ما أمكن، مثل تربية الطيور والحشرات المفترسة وغيرها، واستعمال المبيدات الكيميائية ضمن خطة متوازنة مع المكافحة الحيوية.

    2- حماية المراعي:

    أدى استغلال المراعي غير الرشيد إلى تدهور الغطاء النباتي الطبيعي وزيادة النباتات غير المرغوبة وتخريب التربة، وازدياد موجات الغبار والعواصف الترابية وغيرها، الأمر الذي يستدعي اتخاذ الإجراءات الممكنة لوقف التدهور من جهة، ومحاولة إعادة الغطاء النباتي الطبيعي المتوازن مع ظروف البيئة والقادر على صيانة التربة من جهة أخرى، وحفظ المياه وتنظيمها وتوفير الغذاء للحيوانات البرية والمستأنسة. وأهم إجراءات حماية المراعي هي:

    أ- وقف الرعي الجائر والمبكر وتطبيق دورات للرعي، وخاصة في السنوات شديدة الجفاف، وذلك لضمان استمرار تجدد النباتات الرعوية.

    ب- وقف فلاحة المراعي ووضع حدود واضحة بين مناطق المراعي ومناطق الزراعة غير المروية.

    ج- إنشاء المحميات في كل منطقة من مناطق المراعي، وإجراء الدراسات فيها لمعرفة الحمولة الرعوية في كل منطقة، ومتى يكون الإنتاج النباتي في حده الأقصى، وتحديد المدة المناسبة للرعي في كل منطقة بحيث لا يؤثر ذلك في تدهور الغطاء النباتي أو في إنتاجه.

    د- زراعة الأنواع المحلية والمستوردة القادرة على النمو في كل منطقة من مناطق المراعي، على أن تتوفر في هذه الأنواع القيمة الغذائية والإنتاجية العاليتان والمقدرة على تحمل الظروف البيئية السائدة.

    هـ- تأمين الماء الكافي للري وسقاية القطعان عن طريق تجميع مياه الجريان السطحي أو حفر الآبار وغيرها، وتوزيع مصادر المياه بالتساوي في مناطق المراعي كافة، وذلك تحاشياً لتجمع الرعاة وقطعانهم حول مراكز محدودة للمياه، الأمر الذي يقود إلى تدهور الغطاء النباتي في الأماكن المحيطة بهذه المصادر.

    و- توفير مصادر وقود للرعاة، وآلات سهلة الاستعمال ورخيصة الثمن، وذلك للحد من الاحتطاب، والتشدد بمنعه.

    3- حماية التربة:

    يعد منع تدهور التربة وإيقاف تصحرها أكثر فعالية واقتصاداً من تجديد الأرض المتدهورة. وإعادة توازن النظم البيئية في الأراضي المتدهورة يزداد صعوبة كلما كان التدهور أشد، ويتطلب مدة زمنية تطول أو تقصر تبعاً للأثر الذي أحدثه الاختلال: ومن أهم إجراءات صون التربة:

    أ- تثبيت الكثبان الرملية، وذلك لما لحركة الرمال من تهديد دائم ومستمر وخاصة للأراضي الزراعية، ويجري تثبيت الرمال عادة على مرحلتين:

  • التثبيت المؤقت وذلك بإقامة الحواجز المختلفة، أو إقامة مصدات الرياح الصغيرة أو الكبيرة، أو تغطية الرمال بمواد بترولية أو نباتية أو كيميائية أو غيرها.
  • التثبيت والتشجير الدائم وذلك بزراعة النباتات التي تقوم بتثبيت حبيبات الرمل ومنع انتقالها.

    ب- الحفاظ على المراعي الطبيعية وتطويرها.

    ج- وقف توسع الزراعة البعلية في المناطق التي تقل كمية الهطل فيها عن 200 مم، أو على حساب المراعي الطبيعية، واتباع الدورات الزراعية والزراعة المختلطة التي تدخل ضمنها المحاصيل البقولية التي تغني التربة بالآزوت، وتحسين الطرائق الزراعية باستعمال الآلات المناسبة لظروف التربة، والعناية بأسلوب توقيت حرث التربة، وغير ذلك من الإجراءات.

    د- وقف الاحتطاب، وزراعة الأشجار والشجيرات والنباتات المناسبة بالقرب من مناطق الاستقرار وحول الآبار ومسالك الحيوانات، لكونها أكثر الأراضي تعرضاً للتدهور.

    هـ- ضبط الزراعة المروية وإعادة النظر في أساليب الري والصرف بما يحقق استعمالاً أمثل للمياه، وإعادة تقنين المياه المستعملة في الري بحيث تناسب كمية المياه المستعملة الحاجة الفعلية للمحاصيل، وذلك حتى لا يؤدي الإسراف في استعمال المياه إلى تملح التربة وغدقها.

    و- حماية التربة من الانجراف وخاصة في المنحدرات، وذلك باستعمال:

    - الفلاحة مع خطوط التسوية بأثلام عريضة تناسب كمية الهطل وغزارته بهدف وقف جريان الماء، وزراعة الأثلام بالنباتات التي تشكل عوائق في وجه السيول.

    - تخفيف انحدار الأرض بإنشاء المصاطب لحفظ الماء وتعويق تشكل الأخاديد التي تزيد من انجراف التربة.

    - حراثة الأرض في أول فصل الأمطار، وبذلك تزداد قدرة التربة على امتصاص الماء والتخفيف من الانجراف.

    - تشجير الأخاديد وأطراف الأودية وإنشاء البرك والبحيرات في طريق الأخاديد لوقف جريان الماء، وإقامة السدود السطحية للتقليل من قوة السيول.

    - الحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي وإحاطة الحقول والأراضي الزراعية المعرضة للانجراف بالمصدات من الأشجار والشجيرات.

    4- حماية التنوع الحيوي:

    تشير معطيات تدهور الأنظمة البيئية الطبيعية في كثير من مناطق العالم إلى أن كثيراً من أنواع الكائنات الحية لا يمكن إنقاذها، وللحيلولة دون زوال هذا الإرث الوراثي واختفائه ولإعادة الاستقرار البيئي (التوطيد) إلى حالة التوازن يتعين الحفاظ على أكبر عدد من أنواع الحيوانات في حدائق الحيوان وإنشاء حدائق للنبات، وغير ذلك مما يمكن تسميته "ببنوك الأصول الوراثية"، بيد أن أفضل مكان للحفاظ على التنوع الحيوي للأرض أن يكون داخل الأنظمة البيئية الحيوية التي تعيش فيها. وإن من أهم إجراءات حماية التنوع الحيوي ما يأتي:

    أ- إنشاء المحميات: وهي مساحات كبيرة أو صغيرة تضم أنظمة بيئية طبيعية تُصان للحفاظ عليها، ويوقف في حدودها أي نشاط للإنسان يمكن أن يقود إلى تدهورها، ويجب أن تمثل سائر المناطق الطبيعية في كل بلد، وأن تؤمن حماية مكونات النظم البيئية، وخاصة الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض. ويُراعى أن تكون بعيدة عن سكن الإنسان وطرق المواصلات البرية والمائية وعن المصانع والمزارع.

    ونظراً لأن المناطق المحمية توفر آلية لحفظ التنوع الحيوي، ازدادت مساحة الأراضي المحمية في العالم -مثل المتنزهات العامة والمحميات- من 2.78 مليون كم2 عام 1970 لتصل إلى 18 مليون كم2 في عام 2010، وتغطي المحميات على اليابسة أكثر من 11% من مساحتها.

    ب- إنشاء الحدائق الوطنية: وهي مناطق طبيعية تحتل مساحات كبيرة قد تحتوي على عدة أنظمة بيئية، وتكون فيها النباتات والحيوانات محمية من التعديات كافة، تعيش فيها وكأنها في وسطها الطبيعي، ولا يسمح فيها بالاستثمار التجاري، إنما يمكن للمواطنين زيارتها للراحة والاستجمام.

    جـ- المحافظة على بيئة الأحياء البرية وأعشاش الطيور وجحور الحيوانات، بل صنع الأعشاش الخشبية للطيور وتعليقها على الأشجار وتوفير الغذاء لها في الأوقات التي لا تتمكن فيها من توفير غذائها.

    د- منع صيد الطيور والحيوانات المائية والبرية المهددة بالانقراض والنادرة وتحريم الصيد في مرحلة تكاثر الحيوانات، وتحديد الأوقات التي يسمح فيها بالصيد، إضافة إلى تحديد أعداد الحيوانات المسموح بصيدها وطرائق الصيد، وتحريم استعمال المواد المتفجرة في صيد الأسماك أو تجفيف البرك، وتحديد نوعية الشباك وأبعاد ثقوبها بحيث لا تحجز الأسماك الصغيرة.

    هـ- الحفاظ على المستنقعات والأراضي الرطبة wetlands إذ تعد الأراضي الرطبة من أكثر الأنظمة البيئية إنتاجاً وتنوعاً حيوياً وأهمية اقتصادية.

    و- وللحفاظ على التنوع المائي لابد من مراقبة المسطحات المائية للأنهار والمياه الساحلية ورصد تلوثها واتخاذ الإجراءات كافة لحمايتها من التلوث الكيميائي وخاصة المبيدات الكيميائية صعبة التفكك، والمركبات المعدنية السامة التي يمكن أن تتراكم في أنسجة الكائنات الحية، والمواد العضوية المختلفة والعناصر السمادية التي تسرع عملية التشبع الغذائي، وعدم صرف مياه المخلفات البشرية السائلة غير المعالجة أو المياه الحارة إلى المسطحات المائية.

    مراجع للاستزادة:

    - سهيل نادر، بيئة الجماعات النباتية، كلية العلوم، جامعة دمشق 2014.

    - M.S. Adl, The Ecology of Soil Decomposition, CABI, UK 2003.

    - D.C. Colemanand, et al., Fundamentals of Soil Ecology, Academic Press, 2004.

    - P. Landsberg, Physiological Ecology of Forest. Hardbound, 2010.

    - FAO. State of World’s Forest. FAO, Rome, 2011.

    - UNDP, Protected Areas in Today&https://www.arab-ency.com.sy/tech/details/837/6#39;s World. Convention Biological Diversity. CBD Technical Series No. 36. 2008.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 571
الكل : 31756699
اليوم : 32160