logo

logo

logo

logo

logo

بيئة الأحياء الدقيقة

بييه احياء دقيقه

-

بيئة الأحياء الدقيقة

عدنان علي نظام

الأحياء الدقيقة وبيئاتها

التآثر بين الأحياء الدقيقة وبيئاتها

أخطار الأحياء الدقيقة

الأهمية الاقتصادية والبيئية للأحياء الدقيقة

 

يُعنى علم بيئة الأحياء الدقيقة microbial ecology بدراسة انتشار مجموعات الأحياء الدقيقة في بيئاتها الطبيعية والصُّنعية وسلوكها ونشاطاتها؛ إضافة إلى التآثرات بين الأحياء الدقيقة وبيئتها والأحياء الأخرى، وبين الأحياء الدقيقة وبيئاتها؛ سواء أكانت أفراداً أم جماعات.

الأحياء الدقيقة وبيئاتها

تتباين الأحياء الدقيقة بأسلوب تغذيها وقدرتها على استعمال مصادر مختلفة جداً من المركّبات؛ ما يُيسّر لها الانتشار في جميع البيئات؛ فالطحالب والبكتريا الزرقاء والبكتريا الخضراء ذاتية التغذية الضوئية photoautotroph، وبكتريا النترجة والكبريت والحديد ذاتية التغذي الكيميائية chemoautotroph، والبكتريا اللاكبريتية الحمراء غيرية التغذي الضوئية photoheterotroph، وبدائيات النواة والأوالي الحيوانية والفطريات غيرية التغذية الكيميائية chemoheterotroph، ويمكن أن تعيش هوائياً أو لاهوائياً أو اختيارياً، وتتمكّن من الحياة في غياب الأحياء الأخرى الأكثر رقياً، والعكس غير صحيح؛ ففي غيابها لا تتمكّن الأحياء الراقية من البقاء، وللأحياء الدقيقة دور أساسي في المنظومات البيئية، ويمكن توجيه نشاطاتها واستغلال قدراتها في حل كثير من المشكلات البيئية والصحية وتحسين نوعية البيئة وحياة الإنسان.

1- بيئة الهواء: لا يُعَدُّ الهواء وسطاً لنمو الأحياء الدقيقة؛ فهو حامل أو ناقل للجُسيمات الدقيقة كالغبار والرماد والغازات والأبخرة التي تحمل بدورها وتنقل الأحياء الدقيقة وأبواغها.

2- بيئة التربة: تتميز التربة بخواص تسمح بانتشار أعداد هائلة من الأحياء الدقيقة تفيد في تكوينها، ويكون المحيط الجذري rhizosphere موئلاً لمجموعات هائلة ونشطة من الأحياء الدقيقة نتيجة تأثرها بمفرزات الجذور وتأثيرها في خصوبة التربة والإنتاج الزراعي، وتختلف أجناسها السائدة باختلاف نوع التربة والنبات وعمره، وتكون المفرزات سامة أو مثبِّطة لنموّ الفطريات والبكتريا، وقد تستنفد البكتريا الهوائية الأكسجين بنشاطها، فتثبّط استطالة الجذور وامتصاص الماء والمغذيات، وقد تفرز مواد محرّضة ومنظّمة للنمو النباتي كالجبريلينات gibberelins. وتتآثر الأحياء الدقيقة والنباتات في فرشة الغابة (المهاد) litter المكوّنة من البقايا النباتية والماء؛ حيث يُعاد توزيع الكاتيونات في مقطع التربة مع زيادة تركيز بعض العناصر على السطح، ويتغيّر النظام الحراري والمائي وقيم باهائها pH (درجة حموضتها)، وتتراكم المادة العضوية المغذية أو السامة، وتغتني بعناصر غذائية مهمة، وتوفّر المعدنة mineralization السريعة أو المديدة للعناصر غير المتاحة للنباتات، وقد تكون فعالية بعض المواد السامة نفسها للأحياء الدقيقة والنباتات والحيوانات.

3- بيئة المياه العذبة: تزخر المياه القاريّة بمجموعات متنوّعة جدّاً من الأحياء الدقيقة بسبب تباين صفاتها؛ ففي المياه الجارية يتأثر توزع الأحياء الدقيقة وتنوُّعها بغزارة المياه وصفاتها الفيزيائية والكيميائية وطبيعة الأرض وسرعة التيارات وصِغَر المجرى المائي، وفي منابع الأنهار ومجاريها العليا تسود المنتجات من أنواع المياه النظيفة كالطحالب الخضراء الكبيرة والعوالق النباتية phytoplankton والطحالب الخضراء والسوطيات الصباغية والمشطورات الملتصقة بمواد هلامية أو بسويقات على القاع، وتسود البكتريا في المناطق الدنيا والمصبّات بسبب تأثير العوامل الطبيعيّة وأنشطة الإنسان، وتزداد أعدادها ابتداءً من المنبع إلى المصب، ويراوح العدد الإجمالي للبكتريا في الأنهار بين بضع مئات من الألوف وبضعة ملايين كائن في المليلتر، ويتعلق توزيع الطحالب بالعكارة، وتوجد الأعفان المائية على البقايا النباتية والحيوانية، ويتطفل بعضها على الطحالب والأوالي الحيوانية أو الأسماك. وتغتني الرواسب بمجموعات متباينة من الأحياء الدقيقة النشطة في تفكيك البقايا النباتية والمواد العضوية واللاعضوية. وتتباين أعداد البكتريا وفقاً لنمط تغذية البحيرات، وترتبط ارتباطاً شديداً بكمية المادة العضوية؛ فهي غزيرة جداً في البحيرات الغنية بالمغذيات eutrophic؛ وقليلة جداً في الفقيرة بها oligotrophic، وتغزر الأعداد في المنطقة المضاءة euphotic للبحيرات بتأثير النموّ الشديد للعوالق النباتية، وتنتشر من غيريات التغذي في الرواسب - البكتريا المرجعة للكبريتات والبكتريا الكبريتية والبكتريا المفكّكة للسللوز والبكتريا المؤكسدة للنفط والبكتريا المؤكسدة للفينول.

وتُلفى البكتريا في المياه الجوفية بأعداد قليلة نسبياً، ويمكن أن تؤدي إلى تكوين طبقة بيضاء من المواد الكبريتية المؤكسَدة عند مخارج المياه المعدنية الكبريتية، وتؤكسد كبريت الهدروجين إلى حمض الكبريت، ويحوّل بعضها النشادر إلى النتريت فالنترات، وتتكوَّن الحموض الموافقة في المياه، وتنتشر تجمّعاتها المخاطية بلون ذهبيّ بنيّ في مخارج المياه الحديدية، وتطلق الميتان في غياب الأكسجين.

4- بيئة البحار: تبدو البحار أوساطاً غير ملائمة لانتشـار الأنواع البريّة مـن الأحياء الدقيقة أو لوجود الأعفان والشُّعِّيات Actinobacteria، ولذلك تكون غزارتها قليلة مقارنة بالتربة والمياه العذبة، وترتبط غزارة البكتريا ارتباطاً وثيقاً بوجود المادة العضوية سهلة التفكك، وتميل إلى الانخفاض بوضوح مع الابتعاد عن الشواطئ؛ وإلى الازدياد بالاتجاه نحو المنطقة الجغرافية الأكثر دفئاً، وتكون المناطق القطبيّة وتحت القطبية فقيرة بالبكتريا غيريّة التغذية، ويعود الفقر النسبي بالأحياء الدقيقة في البحر الأسود مثلاً إلى وفرة كبريت الهدروجين. وتتحمّل ساكنات المصبّات من الأحياء الدقيقة التقلّبات الواضحة والطارئة نتيجة الحركيّة وعدم الاستقرار. وعلى عمق أمتار أو مئات الأمتار أو آلافها تحت سطح الماء تُلفى بكتريا قزمة تقتنص الطاقة اللازمة من التفاعلات الكيميائية اللاعضوية التي تتضمّن الحديد والكبريت، ولا يصلها الكربون من السطح.

التآثر بين الأحياء الدقيقة وبيئاتها

تنتشر الطحالب والبكتريا ذاتية التغذية الضوئية في الطبقة السطحية في إضاءة قويّة تزيد على ثلث الإضاءة عند سطح المياه، وتوجد البكتريا الأرجوانية والخضراء وبعض المشطورات أليفة الظلام في الأعماق في إضاءة ضعيفة، وتنمو البكتريا أليفة البرودة في درجة حرارة °10 إلى °25س، وأليفة الحَرّ thermophilic في درجة حرارة °40 إلى °90س، وأليفة الحرارة المعتدلة في درجة متوسطة، وتبدو الأنواع المتساهلة مع الحرارة عالمية الانتشار، ويحدث تعاقب لمجموعات العوالق النباتية؛ فتسود المشطورات في الربيع وبداية الصيف، والطحالب النارية والبكتريا الزرقاء في الصيف والخريف، والبكتريا الزرقاء هي الجماعة ذاتية التغذية الضوئية الوحيدة تقريباً أو السائدة في الينابيع الحارّة في درجة حرارة °75س، وتوجد البكتريا في المنافذ الحرارية thermal vents البحرية في درجة حرارة °110س أو أعلى، وهنالك مجموعات فريدة في المياه مفرطة الملوحة.

تميل الفطريات والخمائر إلى تحمّل درجة pH  بين 3 و6 بخلاف البكتريا التي تنتشر في وسط معتدل ومائل إلى القلوية (6.5 - 8.5)؛ وإن وُجدت الأنواع أليفة الحموضة، مثل: Thiobacillus thiooxidans في مياه الينابيع الكبريتية الحارّة ذات درجة باهاء 1.6 -3، وبعضها الآخر يتحمل pH  أكبر من 8.

تكون التآثرات الحيوية biological interactions إيجابية أو سلبية؛ فهي تعاونية ضمن الجماعة الواحدة؛ حيث تلتصق الخلايا معاً أو بالسطوح في الرقاقة الحيوية biofilm، وترتبط البكتريا الزرقاء ذات الحويصلة المغايرة heterocyst مع البكتريا المحرومة منها بعلاقة حتمية؛ فالبكتريا تقلّل مستوى الأكسجين في منطقة الحويصلة المغايرة، فتنشط إنزيمات الآزوتاز المثبِّتة للآزوت والحساسة له. ومن العلاقات الإيجابية يذكر التعايش symbiosis، والمساكَنة commensalism كالتصاق الطحالب على النباتات المائية أو وجودها على ظهور السلاحف، وهي علاقة موئل غير إجبارية عادة، والتكافل mutualism وهي علاقة إجبارية مفيدة للطرفين تتطلب قرباً فيزيائياً محكماً بين الجماعات، والتعاون الأولي protocooperation وهو ارتباط غير حتمي، والتعلق syntrophism هو علاقة بين طرفين يوفر كل منهما للآخر احتياجاته الغذائية، فالنوع Enterococcus faecalis يستعمل حمض الفوليك الذي تنتجه المُلبِّنة الحمِضَة Lactobacillus acidophilus؛ وهذا الحمض يتطلب بدوره فينيل الآلانين الذي ينتجه النوع الأول، فينموان معاً جيداً، وتؤدي التآثرات السلبية بين الجماعات إلى تحديد كثافة الجماعة، وتتداخل المجتمعات، فتتآثر سلبياً، وتنشأ المنافسة عند استعمال الموارد ذاتها كالمغذِّيات المحدودة أو المكان، حيث يرافق انخفاض غزارة العوالق النباتية "ازدهار" كبير للبكتريا التي ربّما كانت تنافسها العوالق النباتية أو تثبّطها، وفي التضاد antagonism تُستعمل أنواعٌ معيّنة مركّباتٍ سامة مثبِّطة أو مبيدة، مثل حموض اللبن أو الخل أو الكبريت أو الآزوت، والأكسجين والأمونيوم والإتانول، والسموم أو الصادات الحيوية antibiotics كالبنسلين، وفي التطفل parasitism يعيش الطفيلي على الثوي أو داخله، ويستهلك المادة الحيّة أو مخلّفاتها من دون أن يؤدّي إلى هلاكه.

وتشارك الأحياء الدقيقة في تفكيك المركّبات الكيميائية، فتدور العناصر الكيميائية كالآزوت والكربون والفسفور والكبريت وغيرها بين المكونات اللاحية والحية في الدورات البيوجيوكيميائية biogeochemical cycles، وتجري العمليات الحيوية بتأثير الإنزيمات الخارجية والداخلية؛ ففي دورة الكربون يجري تثبيت الكربون الجوي وإنتاج السكريات والمواد العضوية المعقدة وتفكيك مركّبات الكربون العضوية وإطلاق الكربون بفعل الأحياء الدقيقة، ويتطلَّب استعمال الآزوت الغازي تثبيته إلى الصيغة العضوية بفعل البكتريا، ويتفكك الآزوت العضوي إلى الأمونيوم بعملية النشدرة، ويتحوّل الأمونيوم إلى نتريت فنترات بعملية النترجة بفعل بكتريا النترجة على مرحلتين (نترتة ونترزة)، وقد تُرجع البكتريا غيرية التغذية النترات إلى نشادر، وتحدث عملية نزع الآزوت denitrification لاهوائياً بفعل البكتريا، وهكذا يدور الحديد والفسفور والكبريت والبوتاسيوم والسيليسيوم والزرنيخ والنحاس والكلسيوم والألمنيوم والزئبق وغيرها من العناصر بمشاركة مهمة من الأحياء الدقيقة.

أخطار الأحياء الدقيقة

تنتشر العوامل الممرضة في المخلفات السائلة، وتخلّ بالتوازن البيئي، وتخلق العديد من الأمراض للنباتات والحيوانات والإنسان؛ فالشخص السليم يطرح عدداً كبيراً من البكتريا المعوية بين إلى خلية في الغرام الواحد من البراز، بما فيها مجموعة الكوليفورم، وأهمّها الأشريكية القولونية، ومن أهمّ المشكلات الصحية أمراض الهيضة cholera بفعل ضُمات الكوليرا Vibrio cholerae، وداء الشيغلات بفعل الشيغلة الزُّحارية Shigella dysenteriae، والحمى التيفية (التيفوئيد) typhoid بفعل أنواع السلمونيلا. ويطرح الإنسان في البيئة نحو مليون فيروس في الغرام الواحد من براز الشخص المصاب، وتزداد أعداد الفيروسات في الصيف عما في الشتاء. وتبقى الأنواع الممرضة من الأوالي الحيوانية في البيئة فترات طويلة، وتقاوم الكلور، ويمكن أن يؤدي بقاؤها في الترب الرطبة إلى تكوين مخزون بيئي كامن لنشر العوامل المعدية، ويطرح الأشخاص المرضى أو حاملو العامل الممرض أعداداً هائلة من الطفيليات المعويّة، كالمتحوِّلة الحالَّة للنسج Entamoeba histolytica وبيوض ديدان الأسكاريس Ascaris lumbricoides، ومن أكثر المخاطر الناجمة عن اسـتعمال المخلّفات السائلة المنزلية وجود الديدان الطفيلية المعويّة، إضافة إلى أنّ بيوضـها مقاومة للكلور، وتبقى فترة طويلة في التربة، ويقدّر تركيز أكياس cysts الأوالي الحيوانية التي يطرحها الإنسان في البيئة بنحو مئة ألف كيس؛ وبيوض الديدان المعوية بنحو عشرة آلاف بيضة في الغرام الواحد من براز الشخص المصاب.

تتميز البحيرات وبعض الشواطئ النهرية والبحرية بظاهرة التتريف (الإثراء الغذائي) eutrophication التي تزداد خلالها مستويات المغذّيات من قيم منخفضة إلى أخرى مرتفعة، وهي من العوامل الطبيعية الرئيسـة التي تعمل على تعويض النقص الناشئ في كمية المغذيات بسبب استهلاك الأحياء المائية المزدهرة، وتكون أكثر وضوحاً في البحيرات المتطبِّقة بطيئة الجريان، وتساعد أنشطة الإنسان على تسريع نشوئها على نحو غير مباشر نتيجة تسرب كميات زائدة من الأسمدة الكيميائيّة في الأعمال الزراعية، ووصول المواد العضوية كالمنظفات والمخلفات السائلة المنزلية مع التيارات الملوثة.

يتعرّض الإنسان والحيوانات أحياناً إلى مشكلات صحيّة ومخاطر تسبّبها سميّة الأحياء الدقيقة، مثلاً يؤدّي النموّ المفرط للسَّوطيات الدوَّارة إلى نشوء ظاهرة المَدّ الأحمر الخطرة على سواحل المحيطات في أوربا وبيرو واليابان والسواحل الجنوبية والشرقية لشبه الجزيرة العربية وغيرها، كالنوع Gymnodinium veneficum القاتل للمحار ومفصليّات الأرجل وقنفذ البحر، ويؤدي العديد من البكتريا الزرقاء البحرية كالنوع Lyngbya aestuarii الذي تتغذّى به الأسماك إلى التسمم، ويتعرّض الإنسان للتسمّم أحياناً عند تناوله بلح البحر في حال تغذّيه ببعض أنواع طحالب Gonyaulax السوطية.

تتأكّل الأحواض المعدنية المعرَّضة لأشعة الشمس بفعل البكتريا الزرقاء، مثل نموّات Oscillatoria، ويمكن أن تؤدي الكبريتيدات الناجمة عن إرجاع الكبريت بفعل البكتريا الكبريتية إلى تأكّل الأحجار والخرسانة؛ ولاسيّما في الأحواض اللاهوائية المستعملة لمعالجة المخلفات السائلة المنزلية. وتؤدي الأحياء الدقيقة إلى تلوّن المياه المعدّة للمصانع أو مياه المنشآت والشبكات، وإلى انسداد شبكات توزيع المياه، ويرتبط ذلك بإمكانات نموّها وتكاثرها وتكوين كتل وإنتاج هلام؛ إذ تؤدي إلى تغطية أنابيب المكثّفات في أنظمة التبريد الصناعية بالمواد الهلامية، وتعمل البكتريا إلى تكوين مواد هلامية عند نموّها في الأجزاء غير المضاءة من شبكات توزيع المياه، وتقاوم الطحالب تأثير الكلورين، وينمو عدد قليل منها في ظلام شبكات توزيع المياه، وتكون الطحالب مسؤولة عن حالات تلوّن مياه الشرب في المنازل، أو تكوّن أشكالاً حلقية جدارية ملوّنة على سطح المياه في أحواض السباحة. وتؤدّي الأحياء الدقيقة إلى عرقلة التصفية الكيميائية للمياه، فتسبب الأمراض للإنسان والحيوانات، وتلوّن المياه المعالجة، وتسدّ شبكات مياهها، وتزيد المشطورات انسداد المرشحات البطيئة، وتؤدّي إلى إخراج المرشحات السريعة من العمل، وتعرقل البكتريا الزرقاء عمل المرشحات، وتؤدي الأحياء الدقيقة إلى نشوء طعوم وروائح غير مستحبة في المياه المصفاة بسبب تفكّك الطحالب غالباً في محطات معالجة مياه الشرب بفعل الفطريات والبكتريا، وربّما تنتج رائحة من مركّبات انتقالية، أو من مواد خاصة تنتجها خلايا الأحياء الدقيقة.

الأهمية الاقتصادية والبيئية للأحياء الدقيقة

تتصف حقيقيات النوى بقدرة محدودة على استعمال مركّبات الآزوت، ولكن يمكن لبدائياتها استعمال الصيغ المتباينة للآزوت؛ فالبكتريا الزرقاء تثبّت الآزوت الجوي N2 إلى النشادر NH3 بعملية تثبيته في خلية متخصصة (الحويصلة المغايرة)، فهي لا تحتاج في نموها سوى إلى الضوء والماء والآزوت وثنائي أكسيد الكربون وبعض المعادن، فتزوّد الجسم كله بالآزوت وكذلك البيئة والنباتات، ويمكنها استعمال الصيغ الاعتيادية الأخرى، والاستفادة من ذلك في تصنيع المخصبات.

ويمكن استعمال الأحياء الدقيقة في عمليات الإنتاج الصناعي للصادات الحيوية والفيتامينات والحموض الأمينية؛ وكذلك في إنتاج الإنزيمات.

وتفيد الطحالب ولاسيما البحرية كمصدر للغذاء، وتُستعمل المواد السكرية في الجُدر الخلوية للطحالب (الألجينات alginates في الطحالب البنية والآغار agar والكاراغينان carrageenan في الطحالب الحمراء) في تكثيف العديد من الأطعمة المصنعة للحلوى والمثلّجات وخلطة توابل السلطة، وتفيد في صناعة الأغذية: منتجات التخمر والخمائر المستعملة في الأغذية واستزراع الطحالب.

ويمكن استعمال الأحياء الدقيقة في التعدين لاستخلاص المعادن من الخامات بالغسل leaching، مثل Thiobacillus thiooxidans وThiobacillus ferrooxidans الأليفة للحموضة، فقد أمكن استخراج النحاس والرصاص والزنك واليورانيوم والذهب وغيرها، واستعمالها كذلك في الرصد البيئي؛ ولاسيما كدالات حيوية bioindicator، والإصلاح الحيوي bioremediation، وإزالة السمية detoxification.

وتُستعمل الأحياء الدقيقة في المعالجة الثانويّة لمياه الصرف المنزلي، فالأحياء الدقيقة -ولاسيما البكتريا الهوائية- تفكك المواد العضوية، وهنالك طرائق عديدة: حقول البكتريا، والمرشِّحات النضّاضة العادية والسريعة، والحمأة المنشَّطة activated sludge، والمرشحات الرمليّة المتقطّعة، وبحيرات الأكسدة، ويمكن الاستفادة من الحمأة والقمامة في الحصول على الطاقة بإنتاج الغاز الحيويّ biogas وفيه 60 إلى 70% من الميتان، وإنتاج الهدروجين الحيوي، واستخراج العناصر الثقيلة أو تثبيتها، والتخلص من كل ما يمثّل خطراً على الصحّة العامّة من ملوثات عضوية وكيميائية وعناصر ثقيلة وأحياء ممرضة؛ ومن الرائحة واللون والعكارة.

ويمكن تصنيع الكمبوست هوائياً أو لاهوائياً، وتفكيك النِّفط والمشتقّات النفطية والمركّبات الكيميائية الصناعية السامة كالمبيدات والمركّبات ثنائية الفينيل عديدة الكلور والصباغ والمذيبات الكلورية، ويمكن استزراع الطحالب لإنتاج البيوديزل واستخراج الإتانول الحيوي بمشاركة البكتريا.

ويمكن التخلص من الأحياء الدقيقة المفسدة للأغذية وتطهير disinfection المياه بطرائق مختلفة، مثل الكلورة واستعمال الأوزون أو الأشعة فوق البنفسجية، والتسخين واستعمال الكروم واليود أو الموجات فوق الصوتية وغيرها.

مراجع للاستزادة:

- عدنان علي نظام، ميكروبيولوجيا المياه، منشورات جامعة دمشق، كلية العلوم، 2004.

- L. L. Barton, Robert J. C. McLean, Environmental Microbiology and Microbial Ecology, Wiley-Blackwell, 2019.

 - D. L. Kirchman, Processes in Microbial Ecology, Oxford University Press 2018.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 521
الكل : 31276360
اليوم : 24548