logo

logo

logo

logo

logo

التأكل

تاكل

Corrosion -

تأكل المعادن

 استقرار المعادن ترموديناميكياً  أنواع التأَكّل
 تفاعلات عمليّة التأَكّل  الأثر الاقتصادي للتأَكّل
 سرعة التأَكّل  الحماية من التأَكّل
 سلبية المعادن والخلائط passivity of metals and alloys  خلائط الفولاذ المقاوم للتأَكّل

 أحمد هيثم الكاتب

 

تأَكّل المعادن corrosion metals شكل من أشكال تحلل المعادن بسبب تفاعلها مع الوسط المحيط بها الذي تتعرض له سواء كان غازاً أم محلولاً إلكتروليتياً أم غير إلكتروليتي، كما يمكن أن تتأَكّل المعادن بسبب ميكانيكي. يعرّف التأَكّل أحياناً بأنه عملية عكسية لاستخلاص المعدن من خاماته. والصدأ rust نوع من أنواع التأَكّل، وهو عيب يصيب سطح المعدن بسبب عوامل كيميائية بحتة أو عوامل كيميائية تساعدها عوامل ميكانيكية في الوسط المحيط أو الوسط الذي يستعمل فيه المعدن؛ وهو خاص بالحديد وخلائطه.

يحدث الصدأ نتيجة تفاعل كيميائي أو كهركيميائي للمعدن مع الغازات الجافة والسوائل أو نتيجة نشوء تيار كهربائي بسبب تفاعل المعدن مع الماء أو الجو الرطب. يسبب الصدأ خسائر كبيرة للاقتصاد الوطني حيث يدمر أعداداً كبيرة من المنشآت والآلات المعدنية سنوياً.

يُعرف بعض العلماء عملية التأَكّل بأنها جميع العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تنفصل فيها تدريجياً دقائق من سطح المعدن أو خلائطه إلى الوسط المحيط الخارجي، ويتداخل في هذه الحالة مع مفهوم التعرية erosion. كما عُرِّف التأَكّل بأنه عملية ترموديناميكية ناتجة من فعالية الإلكترونات وقابلية الفلزات minerals لتكوين خلايا كهركيميائية electrochemical cells تؤدي إلى انتقال الإلكترونات والإيونات بين المصعد والمهبط خلال المعدن والمحيط الخارجي؛ مما يتسبب في تحطيم التركيب البلوري للمعدن أو السبائك وذوبانها في محيطها.

وقد ينجم عن التحولات التي يمر بها المعدن أو السبيكة، بوصفهما عنصراً صرفاً، إلى حالة الاتحاد مع العناصر الأخرى مكوناً نواتج غازية أو سائلة أو صلبة بحسب درجة الحرارة، بما في ذلك تفاعلات المعدن مع الغازات أو السوائل أو معهما في الوسط المحيط.

استقرار المعادن ترموديناميكياً:

إن تحويل المعادن من معادن خام بشكلها الطبيعي إلى معادن حرة (نقية) يتطلب تعريضها لمعالجات حرارية أو ميكانيكية تؤدي إلى إضافة طاقات تتجمع داخل المعدن بشكل طاقات كامنة؛ مما يدل على أن مستوى طاقة المعدن في الخام أقل منها في المعادن الحرة أو الخلائط التي تتكون منها أصلاً. لذلك تميل المعادن جميعها إلى الحصول على أقل مستوى من الطاقة المعروفة بطاقة الحالة الأرضية ground state (gr.st.)، وهي الأكثر استقراراً من الناحية الترموديناميكية، لذلك فإن الخلائط التي تحمل طاقة كامنة في أثناء عملية التصنيع تميل إلى فقدها للوصول إلى مستوى مستقر من الطاقة.

فالحديد -على سبيل المثال- يوجد في الطبيعة على شكل أكسيد الحديد (III) أو كبريتيد الحديد FeS (II)، وبحالة الطاقة الأرضية، حيث وصل إلى هذا التركيب خلال آلاف السنين، وفقد أكبر قدر ممكن من الطاقة الكامنة. ولكن المعدن لا يصلح في حالته هذه للاستخدام في تصنيع المعدات؛ لأنه هش وخواصه الكيميائية والفيزيائية والميكانيكية لا تصلح للاستخدام المباشر، وللاستفادة منه يضاف إليه طاقات كامنة عند تحويله إلى معدن حر أو خلائط.

فإذا وجد الحديد في وسط مؤكسِد أو مشبع بالأكسجين فإنه يتخلص من طاقته الكامنة، ويتحول إلى أكسيد الحديدFe2O3 (III). أما إذا كان الوسط مائياً وخالياً من الأكسجين فإنه يتحول إلى أكسيد الحديد FeO (II) وقد يتحول أو إلى طبقة من أكسيد الحديد المغنطيسي أي المغنتيت magnetite، وهو أكسيد شديد الالتصاق على سطح المعدن، ولا يذوب في الماء؛ ممّا يؤدي إلى إيقاف عملية التأَكّل نتيجة الحماية الذاتية (حالة الخمول passive state). أما عندما يحتوي الوسط الخارجي على إيونات الكلور فان الناتج يكون كلوريد الحديد (III) أو كلوريد الحديد (II) الذي يذوب في الماء، ولا تتكون طبقة عازلة للحماية الذاتية. تُعدّ نواتج التأَكّل مشابهة في تركيبها للفلزات المعدنية minerals الموجودة في القشرة الأرضية، وبمعنى آخر فإن تفاعلات التأَكّل تعيد المعادن إلى خامتها الطبيعية.

تفاعلات عمليّة التأَكّل:

التأَكّل عملية كهركيميائية: فعندما تتعرض قطعة من الحديد للرطوبة فإنها تصدأ بسرعة، وبسرعة أكبر في حال كانت الرطوبة من ماء مالح. ويتعلق معدل الصدأ بالعملية الكهركيميائية التي تشكل فيها قطرة الماء خلية كهربائية بتماسها مع المعدن، ويبين (الشكل 1) خلية كهركيميائية.

الشكل (1) خلية كهركيميائية تساعد على استمرار عملية التأكل.

إن قطرة الماء تزود الحديد المؤكسَد بالإلكترونات عند أطرافها، وتسحب الأكسجين من الهواء، ويؤدي سطح الحديد داخل القطرة دور المصعد anode في الخلية كما في المعادلة (1).

تتحرك الإلكترونات خلال معدن الحديد حتى حدود تماس القطرة معه؛ لتتحد مع الماء والأكسجين لتوليد الهدروكسيد كما في المعادلة (2).

وضمن القطرة تتحرك إيونات الهدروكسيد نحو الداخل؛ لتتفاعل مع إيونات الحديد القادمة من منطقة الأكسدة، ويترسب هدروكسيد الحديد، فيتشكل الصدأ بسرعة بأكسدة الترسبات (المعادلتان 3 و4).

ولهذا لا يمكن منع صدأ الحديد المعرّض للهواء والرطوبة؛ لأنه نتاج عملية كهركيميائية. ولكن يمكن استثمار هذه العملية في تقديم الحماية لبعض المعادن الأخرى ضد التأَكّل، فيمكن على سبيل المثال استخدام قضبان المغنزيوم لحماية أنابيب الفولاذ المدفونة في التراب بعملية تدعى الحماية المهبطية.

سرعة التأَكّل

 إن معدل التأَكّل هو سرعة تدهور المعدن في جو محيط محدد. فالمعدل (أو السرعة) يعتمد على الشروط الجوية المحيطة وعلى نوع المعدن وخواصه. فيحسب معدل التأَكّل في الولايات المتحدة عادة باستخدام واحدة ميلز في السنة (m/y)، ويمكن تحويل هذه الواحدة إلى ما يعادلها من الوحدات المترية أي مليمتر في السنة (mm/y) وفق المعادلة (5):

ويحسب معدل التأَكّل من المعادلة (6):

حيث:

= W الفقد الوزني (انخفاض وزن المعدن خلال مدة محددة ) (مغ).

D = وزن واحدة الحجوم من المعدن (غ/ سم 3).

A = المساحة (المساحة الكلية لقطعة المعدن) ( سم2).

T = الزمن (المدة المحددة ) (سا).

سلبية المعادن والخلائط passivity of metals and alloys

اكتشف العالم الإنكليزي جون كار John Karr سلبية المعادن عام 1890؛ حين وجد أن معدن الحديد يتأَكّل بشدة في الحالة النشطة في محلول حمض الآزوت (النتروجين) المركز، ويتحول فجأة إلى الحالة السلبية، حيث يتوقف التأَكّل، ولا يظهر بعدها. تمكن العلماء في الستينيات من القرن العشرين من إثبات وجود طبقة أكسيد سماكتها عدة نانومترات على سطح المعادن بحالتها السلبية.

إن استخدام مصطلح سلبية المعادن في الكيمياء الفيزيائية والهندسة يعني أنها أقل تأثراً بالعوامل الجوية مثل الهواء والماء. تتضمن السلبية تشكل طبقة حماية أكسيدية سطحية قاسية وخاملة، تتشكل تلقائياً في الطبيعة، وتعني تكنولوجياً توليد طبقة رقيقة على سطح المعدن لحمايته، وتغطيته بواقٍ ضد التأَكّل لزيادة مقاومة المعدن والحفاظ على مظهره، ويتم ذلك ضمن شروط خاصة.

يعتمد انخفاض معدل التأَكّل على نوع المعدن والجو المحيط به، فعلى سبيل المثال يحصل انخفاض ملحوظ في معدل التأَكّل لكل من الألمنيوم والزنك والتيتانيوم والسليكون في الهواء عند درجة حرارة الغرفة. فطبقة الأكسيد أو النتريد الخاملة تمنع استمرار التأَكّل في المعدن وتراوح سماكتها بين أنغستروم واحد للمعادن النبيلة مثل البلاتين، و15 أنغستروماً للسليكون وما شابه وحتى 50 أنغستروماً للألمنيوم خلال عدة سنوات.

أنواع التأَكّل:

هنالك عدة طرائق لتصنيف أشكال التأَكّل في المعادن، أهمها التصنيف على أساس السبب الكيميائي، ويجب الانتباه إلى أن شروطاً جوية معيّنة يمكن أن تؤدي إلى عدة أشكال من التأَكّل على القطعة المعدنية الواحدة.

1- التأَكّل المنتظم: uniform corrosion

التأَكّل المنتظم هو أكثر أنواع التأَكّل شيوعاً في الطبيعة، ويعرف أيضاً بالتأَكّل العام، ويحصل نتيجة تفاعل كيميائي أو كهركيميائي ينجم عنه تدهور كامل للسطح المكشوف من المعدن حتى الانهيار. يُعدّ التأَكّل العام المسؤول الأول عن تدهور أكبر كمية من المعدن في الطبيعة، ولكنه يُعدّ أيضاً الشكل الآمن من التأَكّل لإمكان معرفته وإدارته وتفاديه (الشكل 2).

الشكل (2) التأَكّل المنتظم.

2- التأَكّل الموضعي: localized corrosion

يهاجم التأَكّل الموضعي منطقة محدودة من المنشأة المعدنية، ويصنف كأحد الأنواع الثلاثة التالية:

- تأَكّل النخر pitting corrosion:

وهو تأَكّل موضعي يُحدِثُ عيوباً مكروية على سطح المعدن. حيث يوجد النخر تحت الترسبات السطحية المتشكلة من تراكم منتجات التأَكّل. ينتج النخر عندما تتشكل فجوة صغيرة أو نخر في المعدن ناجم عن إزالة السلبية في مساحة صغيرة، فتغدو هذه المنطقة مصعداً، في حين يصبح جزء من المعدن المتبقي مهبطاً، ويحدث تفاعل غلفاني موضعي يتغلغل التدهور في هذه المنطقة الصغيرة من المعدن، ويمكن أن يؤدي إلى انهياره. ويصعب الكشف عن هذا النوع من التأَكّل في معظم الأحيان؛ لأنه صغير نسبياً ومخفي أحياناً ومغطى بمركّبات نواتج التأَكّل (الشكل 3).

الشكل (3) تأَكّل النخر.

- تأَكّل التصدّع: crevice corrosion

تأَكّل التصدّع: يشبه النخر، يحدث في موقع معيّن، وغالباً ما يحدث في البيئة المكروية الراكدة stagnant micro-environment، مثل تلك الأماكن الموجودة تحت موانع الإحكام والمرابط وحلقات الإحكام والمثبتات (الشكل 4).

الشكل (4) تأَكّل التصدّع.

- التـأكّل التشعبي filiform corrosion:

يحدث هذا النوع من التأَكّل على السطوح المدهونة أو المطلية عندما تتغلغل الرطوبة تحت الغطاء، وتتمدد نواتجه خارج منطقة التأَكّل الأصلية، وتسبب تخريب الغطاء الواقي (الشكل 5).

الشكل (5) التـأكل التشعبي

3- التأَكّل الغلفاني: galvanic corrosion

ويحدث عندما يتلامس معدنان مختلفان في وسط ناقل كهربائياً، فتتشكل مزدوجة غلفانية بين المعدنين، ويشكل أحد المعدنين القطب الموجب والآخر القطب السالب. يتأَكّل القطب الموجب (M)، ويتدهور على نحو أسرع مما لو كان وحده، في حين يتدهور القطب السالب (C) ببطء أكثر مما لو كان منفرداً (الشكل 6).

 

الشكل (6) التأَكّل الغلفاني

ثمة ثلاثة شروط يجب أن تتحقق لحصول التأَكّل الغلفاني:

- وجود معدنين مختلفين.

- أن يكون المعدنان في حالة تماس.

- وجود محلول ناقل كهربائياً.

4 - تأَكّل الخلية المركزة: concentration cell corrosion

يحدث تأَكّل الخلية المركزة عندما تتعرض منطقتان أو أكثر من سطح المعدن إلى وسط فيه محلول إلكتروليتي يحتوي على شوارد مختلفة أو تركيزين مختلفين (الشكل 7).

 

الشكل (7) تأَكّل الخلية المركزة.

5- التأَكّل الحبيبي intergranular corrosion:

هو تفاعل كيميائي أو كهركيميائي عند حدود بلّورات المعدن. غالباً ما يحدث بسبب الشوائب في بنية المعدن بتركيزٍ عالٍ بالقرب من حدود البلّورات التي تكون أكثر عرضة للتأَكّل من كتلة بلّورة المعدن نفسه (الشكل 8).

 
الشكل (8)  

6- التشققات المناخية:

التشققات المناخية: هي عملية تأَكّل تنتج عن اجتماع الشروط المناخية المؤثرة في المعدن مثل الكيمياء والحرارة والإجهاد، وينجم عنها الأنواع التالية من التأَكّل المناخي:

- تشققات تأَكّل الجهد: Stress Corrosion Cracking (SCC)

 

تظهر هذه التشققات بسبب التأثير المشترك لإجهاد الشد ومحيطٍ آكلٍ معيّن. ينتج الإجهاد عن الحمل المطبق أو الإجهاد المتبقي في المعدن عن عملية التصنيع أو كليهما (الشكل 9).

 

الشكل (9) تشققات تأَكّل الجهد.

- تأَكّل التعب corrosion fatigue:

هو حالة خاصة من التأَكّل الإجهادي ناجم عن التأثير المشترك لإجهاد دوري ووسط آكل. وليس ثمة معدن غير معرَّض لانخفاض مقاومته تجاه الإجهاد الترددي في حال وجوده في وسط آكل (الشكل 10).

 

الشكل (10) تأَكّل التعب.

  • التلف بالهدروجين hydrogen damage:

    هي مشكلة تُصادَف في الفولاذ العالي القساوة والتيتانيوم وبعض المعادن الأخرى. يمكن السيطرة عليه بالتخلص من الهدروجين في الجو المحيط أو باستخدام خلائط مقاومة (الشكل 11).

     

    الشكل (11) التلف بالهدروجين.

    7- التأَكّل الحتّي: fretting corrosion

    يعرّف بالتأَكّل السريع، ويحدث عند نقاط التماس بين سطوح المعدن المحمّلة بأحمال كبيرة وتتعرض لحركة اهتزازية صغيرة (الشكل 12) .

     

    الشكل (12) التأكّل الحتّي.  

    يمكن تخفيف التأَكّل الحتّي إلى درجة كبيرة بتزييت السطوح المتماسة على نحو جيد كما هي الحال في سطوح التماس في سطوح الانزلاق ومنع التماس المباشر مع الهواء.

    8- تأَكّل التعرية (الحتّ) erosion corrosion:

    يمكن أن تسبب حركة السوائل الكيميائية السريعة ضمن الأنابيب في اقتلاع أجزاء من الطبقة السطحية أو الترسبات عليها التي توفر الحماية من التأَكّل. إن ترقق سماكة الطبقة السطحية أو إزالتها بسبب حركة التيار تدعى تأَكّل التعرية، وتظهر على شكل نخر وتجاويف حدوة الحصان أو تموج أو نُقَر على شكل حبيبات مقعرة على سطح المعدن. تتسارع هذه العملية عند الانحناءات وعند أي جزء من المنشأة يتغير فيه اتجاه التيار أو سرعته؛ وهذا ما يزيد من هيجانه ليشكل دوامات موضعية (الشكل 13).

    الشكل (13) تأَكّل التعرية (الحتّ). 

    9 - تفكك الخلائط dealloying:

    تفكك الخلائط هو نوع نادر من التأَكّل يظهر في خلائط النحاس والحديد الصب الرمادي وبعض الخلائط الأخرى. يحدث تفكك الخلائط عندما تخسر الخليطة المركّبات الفعّالة في المعدن، وتحتفظ بأكثر المركّبات مقاومة للتأَكّل؛ فيتحول سطح المعدن إلى سطح مسامي مثل الإسفنج (الشكل 14).

    الشكل (14) تفككك الخلائط.

    10 - التأَكّل في الخرسانة: corrosion in concrete

    يستعمل الإسمنت على نطاق واسع مادة للإنشاء، وغالباً ما يدعم بقضبان الفولاذ الكربوني، فيسمى خرسانة مسلحة، وهي من أكثر مواد البناء انتشاراً في العالم؛ لأنها لا تحتاج إلى خبرةٍ فنيةٍ عالية للتنفيذ، وتدوم طويلاً، ويمكن إطالة عمرها إذا تم تحسين خصائص الخرسانة بربطها بالكبول اللاحقة الشد أو الأسلاك المسبّقة الإجهاد. تعدّ ظاهرة التأَكّل في الخرسانة ولا سيما الصدأ الذي يلحق بتسليحها من أكثر العوامل التي تؤدي إلى قصر عمرها، ويأتي خطر الصدأ من إمكان تطوره حتى يخرّب التسليح كاملاً. وعلى سبيل المثال، تقدر الكلفة السنوية لإصلاح الجسور المتضررة نتيجة الصدأ في الولايات المتحدة الأمريكية فقط بنحو 10مليارات دولار (الشكل 15).

     

    الشكل (15) التأَكّل في الخرسانة.

    11- التأَكّل الجرثومي (المكروبي) microbial corrosion

    ويدعى أيضاً التأَكّل بفعل الأحياء الدقيقة Microbiologically - Influenced Corrosion (MIC) (الشكل 16)، إذ يؤدي نشاط أنواع البكتريا اللاهوائية المرجِعة (المختزلة) للكبريتات sulfate-reducing bacteria إلى تأَكّل المعدن. علماً أنها من التفاعلات التي تجري بصورة طبيعية، ولا يمكن التحكم فيها، فالتفاعلات التي تحدث بين الماء والحديد تساعد على تنشيط أنواع من البكتريا فتتوضع على سطح المعدن وتكون طبقة من الخلايا المتجمعة، أو ما يعرف بالرقاقة الحيوية biofilm، بعضها مؤكسد للحديد iron oxidizers وأخرى مختزلة للكبريتات sulfate reducers، وتترافق مع تفاعلات أخرى بصورة طبيعية، وتؤدي دوراً في عملية تأَكّل المعادن.

     

    الشكل (16) التأَكّل المكروبي.

    الأثر الاقتصادي للتأَكّل

    إن تأَكّل المعادن مكلف جداً ففي عام 1980 قدّرت الخسائر الناجمة عن التأَكّل في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 70 مليار دولار، وتقدر حالياً بـ 276 مليار دولار سنوياً. أما في بريطانيا فيتحول 1طن من الحديد الصلب تماماً إلى صدأ كل تسعين ثانية؛ إضافة إلى خسارة الطاقة التي استهلكت في إنتاجه، وقد قدّرت تكاليف التأَكّل بنحو 1,4مليار جنيه إسترليني عام 1971؛ أي نحو 3% من الناتج الوطني. أما في بلجيكا فقد قدّرت كمية الحديد التي أتلفها التأَكّل بربع الإنتاج السنوي أو ثلثه.

    الحماية من التأَكّل

    تستعمل في الصناعة طرائق مختلفة لحماية المنتجات والمنشآت المعدنية مثل الجسور وناطحات السحاب والسفن وغيرها من التأكل وفقاً لأسباب حدوثه وشروطه.

    يمكن تقسيم طرائق مقاومة الصدأ إلى المجموعات التالية:

    - وقاية المعادن من الصدأ بإضافة عناصر خليطة: مثل إضافة عناصر الكروم والنيكل إلى الفولاذ؛ لتزيد من صلابته وتشكيل الفولاذ غير القابل للصدأ stainless steel ، تمنع هذه العناصر الصدأ أو تخفف منه.

    - التغطية بالأكسدة أو الفسفتة: هي تشكيل طبقة واقية على سطح الأجزاء المعدنية بالأكسدة أو الفسفتة تقي المعدن من الصدأ جيداً، وتُعدّ أساساً جيداً لطلاء المنتجات وتلوينها. وتتحقق الأكسدة بغمس المنتجات المعدنية في محاليل مؤكسدة قوية مثل المحلول المائي للصودا الكاوية أو أملاح أخرى (ملح البارود). على سبيل المثال؛ في عملية باريت Barret يتم تعريض الحديد المسخن للبخار لتشكيل طبقة من أكسيد الحديد المغنطيسي . وكذلك أكسدة المنتجات المصنوعة من الألمنيوم بتشكيل طبقة من أكسيد الألمنيوم التي تعمل مانعاً وحامياً جيداً من التأَكّل بما يسمى حماية مصعدية anodizing. أما الفسفتة فتتم بغمس المنتجات المعدنية في محاليل ساخنة من ضروب الفسفات الحامضية.

    - الوقاية بمعالجة الوسط الخارجي: تتلخص هذه الوقاية إما بإزالة المركّبات الضارة التي تسبب الصدأ (كأن يزال الأكسجين من الماء لمنع الصدأ)؛ وإما بأن يضاف إلى الماء عامل يقلل من فعاليته مثل ثنائي كرومات البوتاسيوم بنسبه % 0,05، وتستعمل هذه الطريقة في منظومات التبريد في محركات الاحتراق الداخلي.

    - الوقاية بالطلاء بالمعادن: يستعمل الطلاء على نطاق واسع في الصناعة، وذلك بتغطية المعدن بمعدن آخر بحيث يختلف جهد المعدن المطلي أو الأساسي عن جهد معدن التغطية، ويجب التمييز بين نوعين من أنواع الوقاية: المهبطية والمصعدية.

    - الوقاية المهبطية: يكون فيها جهد معدن التغطية أعلى من جهد المعدن الأساسي. وشرط الوقاية أن تكون التغطية كثيفة غير مسامية. وينجم عن عدم تحقق هذا الشرط حدوث خدوش تسبب الصدأ؛ إذ إن المعدن الأساسي (المحمي) يشكل مصعداً في المزدوجة الغلفانية المتكونة، فيتأَكّل. من المعادن المستعملة في التغطية المهبطية القصدير والرصاص والنحاس والنيكل.

    - الوقاية المصعدية: يكون فيها جهد معدن التغطية أصغر من جهد المعدن الأساسي. وتحمي التغطية المعدن كهركيميائياً؛ إذ إن المعدن الأساسي سيقوم بدور المهبط عند تكوّن المزدوجة الغلفانية، ويقوم معدن التغطية بدور المصعد، فيتأَكّل. ومن معادن التغطية المصعدية الزنك والألمنيوم والكلسيوم والبوتاسيوم. وثمة طرائق مختلفة للتغطية بالمعدن في الصناعة، منها الغمر في المعدن المنصهر والتغطية الغلفانية والتغطية الانتشارية والتغطية بالبخ وطريقة ضغط طبقة واقية على سطح المعدن.

    - التغطية الغلفانية: يُعلق المنتج مهبطاً في حمام إلكتروليتي من محلول مائي لأحد أملاح المعدن المرسَّب. وتُعد الخواص الواقية للتغطية الغلفانية جيدة وبسيطة تكنولوجياً.

    - التغطية الانتشارية: تنفذ بتغطية المنتج بطلاء ألميني أو كرومي أو التلبيس بالكروم أو الغلفنة بطبقة واقية تحمي المعدن الداخلي من التأَكّل.

    - التغطية بالبخ: تتلخص في تحويل المعدن المصهور بوساطة الهواء المضغوط من جهاز بخ على سطح المعدن الأساسي الذي يجب أن ينظف قبل عملية البخ. يغذى الجهاز البخاخ بالمعدن على شكل سلك يصهر بلهب غازي أو بقوس كهربائية، أو يغذى به على شكل مسحوق powder. وتكون التغطية بهذه الطريقة مسامية، وهي أقل جودة من التغطية الغلفانية لهذا السبب، ويغطى الحديد صناعياً بهذه الطريقة بالزنك أو الكادميوم أو خلائطهما.

    - التغطية بضغط طبقة واقية: وتتلخص بلصق طبقة واقية على معدن المنتج من معدن آخر ليكوّن غلافاً متيناً، ومن ذلك مثلاً تغطية الحديد بطبقة من نحاس.

    - الوقاية بالتغطية غير المعدنية: تتم بطلاء سطح المنتج المعدني بطلاء أو دهان لدن أو عضوي، ويستعمل على نطاق واسع لبساطته، وهو في متناول اليد. وأكثر أنواع الطلاء انتشاراً الطلاء الزيتي والمينا. ومن عيوب التغطية بالطلاء تشقق طبقة الطلاء نتيجة التقادم وتسرب الرطوبة منها.

    - الوقاية الكهربائية: وتستعمل على نطاق واسع في حماية الخزانات والأنابيب (أنابيب النفط أو الغاز) والجسور الحديدية. وتتلخص الوقاية الكهربائية بوصل المنتج إلى القطب السالب -مهبط- في شبكة تيار مستمر يغذى من مولد أو بطارية، ووصل صفيحة حديدية أو قطع رصاص بالمصعد، وهي تُستهلك وتُستبدل من وقت إلى آخر.

    - الوقاية بمعدن واقٍ: تتلخص هذه الطريقة بوصل قطعة من معدن أو خليطة واقية ذات جهد كهربائي سالب أعلى بالمنشأة المراد وقايتها ذات الجهد الأخفض، فيصبح المعدن الواقي مصعداً، ويتأَكّل في حين تكون المنشأة مهبطاً، وتُحفظ من التأَكّل. تستعمل هذه الطريقة في حماية الجزء السفلي المطمور بالماء من السفن والمنشآت التي تعمل في البحر وكذلك أنابيب المياه المدفونة في التربة والطائرات المائية والمضخات وغيرها.

    خلائط الفولاذ المقاوم للتأَكّل:

    تتكون هذه الخلائط من فولاذ كربوني مضافاً إليه المغنزيوم، وهو عالي المتانة ومقاوم للتأَكّل، ويستعمل لصناعة الأجزاء المعرضة للتأَكّل الشديد مثل قضبان السكك الحديدية وريش (أقلام) الثقب والأدوات الحادة العالية التقنية. تتكون خليطة الفولاذ الكربوني من الحديد والكربون، وتراوح نسبة الكربون فيها بين
    2 و30%، وكلما زادت نسبة الكربون زادت صلابة الفولاذ، وتستخدم هذه الخلائط في صناعة البراغي والمسامير الفولاذية ومناشير الخشب والمعادن ومحركات السيارات.

    مراجع للاستزادة:

    - Z. Ahmad, Principles of Corrosion Engineering and Corrosion Control, Butterworth-Heinemann, 2006.

    - E. McCafferty, Introduction to Corrosion Science, Springer; 2010.

    - P. Pedeferri, Corrosion Science and Engineering (Engineering Materials), Springer; 2019.

    - B. N. Popov, Corrosion Engineering: Principles and Solved Problems, Elsevier; 2015.

    - H. Uhlig, W. Revie, Corrosion and Corrosion Control, Wiley, 2008.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 563
الكل : 29608615
اليوم : 63531