logo

logo

logo

logo

logo

مفاهيم أساسية في علم الوراثة

مفاهيم اساسيه في علم وراثه

-

مفاهيم أساسية في علم الوراثة

Basic concepts in genetics

غالية أبو الشامات

المتلازمة Syndrome الحمض النووي Nucleic Acid
 المتوالية Sequence  الجين Gene
 الترابط  Association  المجين  Genome
 مبادئ الوراثة المندلية Mendelaoin inheritance principles الصبغي  Chromosome
  الطفرة Mutation

 

 

 

أولاً - الحمض النووي Nucleic Acid:

جزيء بيولوجي مكون من سلسلة من النكليوتيدات يُرِّمز قسم منه (يسمى الجينات) المعلومات الوراثية الموجودة على شكل شيفرة (راموز code)؛ تبنى على أساسه بروتينات الجسم التي تمنحه مظاهره البنيوية والشكلية.

1 - الحمض النووي المنقوص الأكسجين (الدنا)  Deoxy Ribonucleic Acid  , DNA:

يُعَدُّ جزيء الدنا المادة الوراثية في جميع الكائنات الحيّة (عدا بعض الكائنات كالڤيروسات) ومخزناً للمعلومات الوراثية الضرورية لبناء عضوية من نوع أبويها؛ وهو المُسَلّمة المركزية في الوراثة central dogma، فوظيفته تخزين المعلومات الوراثية وتمريرها من جيل إلى آخر ومن خلية إلى أخرى بوساطة عمليات ثلاث هي: التضاعف duplication والنسخ transcription والترجمة translation.

-       بنية الـحمض الريبي النووي منقوص الأكسجين، الدنا DNA

الوحدة الأساسية في تركيب جزيء الـ DNA هي النكليوتيد منقوص الأكسجين، المكوّن من اجتماع سكر الريبوز المنقوص الأكسجين ومجموعة فوسفات وأساس آزوتي. وهناك أربعة أنماط رئيسة من الأسس الآزوتية: الأدينين adenine (A) والغوانين guanine (G) والتايمين thymine (T) والسيتوزين cytosine (C)  (الشكل1). يتكون جزيء الدنا من طاقين two strands يلتحم أحدهما بالآخر بوساطة الأسس الآزوتية بالنواتين ويرتبط التايمين بالسيتوزين.

الشكل (1): البنية الكيميائية للأسس الآزوتية الأربعة في جزيء الــ DNA.

  2 - الحمض الريبي النووي (الرنا) Ribonucleic Acid, RNA

يوجد الرنا RNA في معظم الكائنات الحيّة بشكل سلسلة مفردة خطية، وهو جزيء متعدد النكليوتيد مع عمود فقري مكون من تتالي جزيئات من سكر الريبوز والفوسفات. ترتبط مجموعة الفوسفات بذرة الكربون 5 من سكر الريبوز للنكليوتيد الأول وبذرة الكربون 3 من سكر الريبوز من النكليوتيد المجاور (الشكل 2). والاختلاف الرئيس بين جُزَيء الـ DNA وجزيء الـ RNA هو في جزيء السكر الذي يكون في الرنا سكر الريبوز، في حين يكون في الدنا ريبوز منقوص الأكسجين؛ إذ تغيب ذرة الأكسجين من الكربون رقم 2. كما أن الأسس الآزوتية في جزيء الدنا تتألف من الأدينين والتايمين والغوانين والسيتوزين، أما في الرنا فهناك اليوراسيل عوضاً من التايمين الذي يختلف عنه بوجود زمرة متيل (الشكل 3).

الشكل (2): البنية الكيميائية لجزيء الـ RNA.

الشكل  (3): مخطط يوضح الفروق الرئيسة بين الحمضين الريبيين النوويين DNA وRNA.

-       الأنماط الرئيسة للرنا RNA:

ثمة أنماط مختلفة وعديدة من الرنا التي تؤدي وظائف متنوعة في الخلية، ويمكن تصنيف هذه الأنماط ضمن مجموعات رئيسة هي:

أ‌-   الرنا RNA بوصفه مادة وراثية: تتميز أنواع معينة من الڤيروسات بأن مادتها الوراثية هي من الرنا، مثل فيروس التهاب الكبد C وڤيروس الإيدز HIV. وقد تكون سلسلة الرنا بشكل أحادي الطاق single-stranded,ssRNA كڤيروس الحصبة الألمانية Rubella virus أو بشكل ثنائي الطاق double-stranded,dsRNA مثل الڤيروسات العَجَلية rotavirus التي تسبب التهاب الأمعاء الحاد في البشر.

ب‌-   الرنا الـمرسال (Messenger RNA ,mRNA): تتمثل الوظيفة الرئيسة لـلرنا الـمرسال بنقل الشيفرة الوراثية اللازمة لتركيب البروتين من النواة إلى الجسيمات الريبية، وهي مواقع تركيب البروتين في السيتوبلازما، حيث تتم ترجمتها إلى تتالٍ معين من الحموض الأمينية حين تركيب البروتين (الشكل 4). يؤلف هذا النمط من الرنا قرابة 5% أو أقل من الكمية الإجمالية للرنا الموجودة في الخلية، ويُعدّ هذا الجزيء غير مستقر أو غير ثابت استقلابياً.

الشكل (4): بنية جزيء الـ RNA المرسال : لجزيء الـ RNA بنية أحادية السلسلة تتألف أسسه من A,G,C,U يمكن أن تنثني وتتشافع الأسس المتقابلة مشكلةً بنية ثانوية تشبه عرى دبوس الشعر.

ج - الرنا النقال Transfer RNA, tRNA: يؤلف قرابة 15% من كمية الرنا في الخلايا، يتألف من سلسلة أحادية واحدة طويلة، مؤلفة من قرابة 75 نكليوتيداً، ونظراً لتشافع الأسس الآزوتية فيما بينها فإن الجزيء يلتف ليأخذ بنية تشبه هيئة ورقة نبات البرسيم التي تشتمل على عرى ومناطق حلزونية مزدوجة ترتبط بالرابطة الهدروجينية، كما يملك الرنا النقال مواقع وظيفية مهمة (الشكل 5). لهذا النمط من الرنا شأن في أثناء عملية الترجمة؛ إذ يُعَدُّ عامل نقل واصطفاء للحموض الأمينية فهو يقوم بقراءة الكودون codon (الرامزة) على جزيء الرنا المرسال mRNA ؛ ويحمل الأحماض الأمينية الموافقة التي ستدرج في البروتين المتشكل. تجدر الإشارة إلى أن نسخ جزيئات الرنا النقال يتم ابتداءً من التسلسلات المرمزة إليها على جزيء الدنا بوساطة إنزيم بُوليميِراز الرنا III (RNA polymerase III).

الشكل (5): Aبنية جزيء الـ tRNA النقال.

د - الرنا الريباسي Ribosomal RNA, rRNA)): يؤلف قرابة 80% من كمية الرنا الموجودة في الخلية. ثمة أنواع مختلفة من جزيئات الرنا الريباسي rRNA يشار إليها عادة وفق مُعامل الترسيب الخاص بها الذي يدعى وحدة سڤيدبرغ Svedberg، ويرمز إليها بـ (S). ترتبط هذه الجزيئات بعديدات ببتيد محددة لتشكيل وُحيدات الجسيمات الريبية؛ ففي الخلايا حقيقيات النوى تكون الجسسيمات الريبية مؤلفة من أربعة أنماط مختلفة من الرنا الريباسي rRNA وقرابة 80 نوعاً من عديدات الببتيد، ويتم نسخ معظم جزيئات الرنا الريباسي في النوية بوساطة إنزيم RNA polymerase I؛ كما توجد مئات النسخ من التسلسلات المرمزة إلى جزيئات الرنا الريباسي موزعة ضمن الجينوم (الشكل 6) و (الشكل 7). لجزيئات الرنا الريباسي أدوار مهمة في الخلية حيث تشكل جزءاً رئيساً من بنية الجسيمات الريبية، كما لها شأن تحفيزي بتشكيل الرابطة الببتيدية بين الأحماض الأمينية.

الشكل (6): مخطط يوضح تركيب الجسيم الريبي في الكائنات حقيقيات النوى.

 

الشكل (7): شكل تخطيطي يوضح مراحل تركيب الجسيمات الريبية في حقيقيات النوى.

 

هـ - الرنا النووي الصغير Small nuclear RNA, (snRNA):

يُعدّ الرنا النووي الصغير أحد صنوف جزيئات الرنا  في الخلية. يبلغ الطول التقريبي لهذا الرنا قرابة 150 نكليوتيداً، ويتميز بوفرة وجود اليوراسيل؛ لذلك يُعرف أيضاً بـ U-RNA. هناك عدة مئات مختلفة من هذه الجزيئات وتشاهد ضمن نقاط التضفير (splicing speckles) في نوى الخلايا حقيقيات النوى حصراً حيث لها شأن مهم في أثناء عملية قطع الإنترونات وتشكيل الرنا المرسال الناضج messenger RNA.

كما توجد أنماط أخرى من جزيئات الرنا النووي الصغير في الخلية مثل الرنا المكروي  miRNAs والرنا التداخلي الصغري siRNAs (Small interfering RNA) التي لا يتجاوز طولها 20-25 شفعاً من الأسس، وتعمل على تنظيم التعبير الجيني والدفاع عن الجينوم من الأحماض النووية الغازية. تعدّ هذه الجزيئات مصدر اهتمام الباحثين في الآونة الأخيرة؛ ولا سيما فيما يختص بفهم مسببات المرض والعلاج.

ثانياً - الجين Gene

الجين بالتعريف هو الوحدة الوظيفية والفيزيائية الأساسية للمعلومات الوراثية؛ وهو قطعة من الدنا مؤلفة من تسلسل النكليوتيدات؛ تحوي الشيفرة الوراثية genetic code المحددة لاصطناع البروتين أو نسخ جزيء الرنا دون الترجمة إلى بروتين. استخدم العالِم  johansen مصطلح الجين أول مرة عام 1909. والجينات وفق المفهوم المدرسي (الكلاسيكي) تحتل مكاناً محدداً على الصبغي يدعى "موضع"locus ، وهي مسؤولة عن الترميز encoding إلى نمط ظاهري محدد phenotype. يحمل الصبغي الواحد العديد من الجينات، ويؤدي تغير تسلسل الجين إلى تغير الصفة أو النمط الظاهري الذي ترمز إليه. ولكل جين أليلانalleles . وتورث الجينات من الآباء إلى الأبناء، ويُعدّ الجين وحدة انتقالtransmission  وانفصال segregation من خلال عملية الانقسام المنصف mitosis والتعابر crossing over، كما قد تتعرض الجينات للتطفير mutation تحت تأثير عوامل وظروف محددة.

يمكن تمييز نوعين من الجينات: جينات بنيوية  structural: تنتسخ إلى جزيئات رنا مرسال mRNA ؛ تُترجم لاحقاً إلى عديد ببتيد مثل الجين المرمز إلى إنزيم محدد أو بروتين بنيوي ما. وجينات لا بنيوية Nonstructural: وهي التي تنتسخ إلى أحماض رنوية لا تترجم إلى عديد ببتيد كالجينات المرمزة إلى الرنا الريباسي rRNA والرنا النقال tRNA.

1-  بنية الجين

أ‌_ بنية الجين في الكائنات حقيقيات النوى

تتميز الجينات في حقيقيات النوى بوجود مناطق مرمِّزة تدعى إكزونات exons تتخللها مناطق غير مرمِّزة تدعى إنترونات introns. يُقرأ الجين بالاتجاه 5' 3' حين نسخ الرنا المرسال mRNA. ترمز كل ثلاثة نكليوتيدات إلى حمض أميني محدد، وتدعى الرامزة الوراثية codon. تلاحظ روامز محددة توافق بداية التسلسل المرمِّز؛ إذ تبدأ معظم السلاسل الببتيدية في حقيقيات النوى بالحمض الأميني الميتيونين methionine, MET؛ لذا فإن الرامزة المشفرة للميتيونين - وهي الـ ATG - تشكل بداية التسلسل المرمز إلى أي بروتين، وتدعى رامزة البدء start codon. والأكزون الأخير من التسلسل المرمز بروامز يدعى رامزة التوقف stop codons، أو الرامزة عديمة المعنى nonsense codons؛ ذلك لأنها لا ترمز إلى أي حمض أميني؛ وهي : TGA /TAA / TAG . ويدعى التسلسل النكليوتيدي المكون من رامزة البداية ورامزة النهاية أو التوقف الذي يحصر سلسلة طويلة من الروامز الثلاثية إطار القراءة المفتوح open reading frame, ORF. يقع قبل التسلسل المرمز لأول حمض أميني، وبعد نهاية التسلسل المرمز من الجين في الاتجاهين 5' و3' تسلسل من النكليوتيدات يدعى المنطقة غير المترجمة  untranslated region, (UTR). تتميز هذه المنطقة بأنها تُنسخ لكنها لا تترجم إلى حموض أمينية، فالترجمة تبدأ من رامز البداية وتنتهي عند رامز التوقف فقط. تمتلك جميع الجينات مواقع تنظيمية (Cis-acting elements عناصر مقرونة) تسهم في تنظيم عملية التعبير الجيني. تتعرفها العناصر المشاركة في عملية النسخ Transcription factors. ومن المواقع المنظمة:

المُحَضِّض أو المِعْزاز promoter: هو تسلسل من الأسس يتوضع بالقرب من نقطة بداية النسخ بالاتجاه 5‘يرتبط به إنزيم بوليميراز الرنا II وعناصر الانتساخ الأخرى من أجل استهلال عملية نسخ الرنا المرسال mRNA، غالباً ما يتميز المحضض بوجود تسلسلات مميزة ضمنه هي: TATA-box، أو CG box, أو CAAT box  (الشكل 8).

الشكل (8): رسم توضيحي لبنية الجين في الكائنات حقيقيات النوى.

تُعدّ منطقة المحضض ذات أهمية كبيرة في تنظيم التعبير عن أي جين، وتستخدم وتختار بعناية في الهندسة الوراثية وإنتاج الكائنات المعدّلة وراثياً لضمان تعبير هذا الكائن عن الصفة المرغوبة.

من المناطق التنظيميّة أيضاً المعزِّز Enhancers: وهو تسلسل قصير من الأسس قرابة(20-30 bp)  ؛ يبعد عن المحضض آلاف الأسس، ترتبط به عوامل انتساخ محددة وتهييء توضع معقد الانتساخ المفعل على المحضض. تكون أغلب المعزِّزات نشطة في أنماط خلوية محددة فقط، ولها شأن رئيس في تنظيم التعبير الجيني التفاضلي، مما  يجعل التعبير الجيني منظماً على نحو دقيق وفقاً للزمان والمكان (وفق النمط الخلوي – مرحلة النمو).

ب- بنية الجين في بدائيات النوى procaryote

تختلف بنية الجين في الكائنات بدائيات النوى عنها في حقيقيات النوى، إذ تكون الجينات مجتمعة على شكل أوبيرونات (مَشَاغل) operons. والأوبيرون: هو وحدة وظيفية من صبغي الجرثوم، يتألف من مجموعة من الجينات التي تكون مسؤولة عن الترميز إلى الإنزيمات اللازمة لتوفير خط استقلابي محدد؛ أو إلى مجموعة من البروتينات المترافقة. يشتمل الأوبيرون على مُحضِّض (مكان ارتباط إنزيم بوليميراز الرنا)، ومُشَغِّل operator يمثل مكان ارتباط البروتين الكابح. ويتم التحكم بعملية التعبير الجيني بوساطة جين يقع خارج الأوبيرون يدعى الجين المنظم regulatory gene يقوم بالترميز إلى بروتين يدعى البروتين الكابح repressor protein. يرتبط هذا البروتين بالمُشغّل، ومن ثم يمنع عمل المحضض؛ أي يوقف عملية النسخ، وبذلك يتم التحكم بآلية عمل الأوبيرون وتعبيره (المَشَغَل) (الشكل 9). من أبرز الأمثلة عن الأوبيرونات "أوبيرون" اللاكتوز الذي يُعدّ مثالاً جيداً على مقدرة الجراثيم على تنظيم عملية الاستقلاب بحسب الظروف البيئية المحيطة.

الشكل (9): رسم تخطيطي لبنية الجين في بدائيات النوى.

2- النمط الجيني Genotype:

يشير هذا المصطلح الوراثي إلى التركيبة الجينية التي أنتجت صفة في الكائن الحي. يتكون النمط الجيني من أليلين لكل صفة؛ لكن قد تحتاج الصفة (النمط الظاهري) إلى تدخل أكثر من جين.

3- النمط الظاهري Phenotype :

من الأمثلة على الأنماط الظاهرية: الطول ولون الشعر ولون العيون، كما تشمل الأنماط الظاهرية أيضاً الخصائص التي يمكن ملاحظتها وقياسها في المختبر؛ مثل مستويات الهرمونات أو تركيز بعض الإنزيمات في الجسم.

4- الخلّة  Trait:

 تُعرف الخلة بأنها الصفة التي تعود إلى فرد معين، وهي سمة محددة وراثيّاً. فالنمط الظاهري لأي فرد هو سمةٌ مميزة ملحوظة لديه مثل لون العيون أو فصيلة الدم. يتم تحديد بعض الصفات من النمط الجيني.

5- الأليل  Allele:

الأليل هو نسخة بديلة للجين. ولكل جين أليلان في الفرد الواحد، يقعان في الموضع الجيني ذاته (genetic locus) على الصبغي. يمثل كل زوج من الألائل النمط الجيني لجين محدد، وتسهم الألائل في إظهار النمط الظاهري للكائن الحيّ (الشكل 10).

الشكل  (10): رسم توضيحي يشرح مفهوم الأليل.

وتُعرف الأنماط الجينيّة بأنها متماثلة الألائل homozygote إذا وجد أليلان متماثلان في الموقع الجيني ذاته، في حين تكون الأنماط الجينيّة متخالفة الألائل heterozygote  إذا اختلف أليلا الموقع الجيني الواحد.  وقد تكون الأليلات متنحية recessive أو سائدة dominant. وتسمية الأليل بأنه سائد لا يكون بسبب قهره للأليل المقابل له؛ فليس ثمة سيادة أليل على الأليل المقابل له، كما أن تصنيف الجينات المتقابلة جينات سائدة أو متنحية يعتمد كلياً على وظيفة منتج الجين أو طريقة تأثيره (الشكل 11).

الشكل  (11): تحديد الزمر الدموية ABO لدى الإنسان  بواسطة الأليلات المتعددة.

ثالثاً- المجين  Genome:

المجين أو الجينوم هو المجموع الوراثي الكلي للكائن الحيّ؛ أي مجموع الدنا DNA الكلي الموجود في خلية محددة أو في الفرد، ويشمل الصبغيات ودنا DNA المتقدرات، وكذلك دنا الصانعات الخضراء في الخلايا النباتية.

أ- المجين  في بدائيات النوى procaryote:

تُظهر الكائنات بدائيات النوى تنوعاً كبيراً في تنظيم المجين لديها؛ فيكون المجين في بعضها مؤلفاً من صبغي وحيد حلقي مؤلف من دنا عارٍ يرتبط به عدد قليل نسبياً من البروتينات؛ إضافة إلى حلقات صغيرة مضاعفة السلسلة  من الدنا DNA  بطول عدة آلاف زوج من الأسس تدعى البلازميدات Plasmids (الشكل 12). تتضاعف البلازميدات على نحو مستقل عن تضاعف الصبغي الحلقي، وهي غير أساسية لحياة الجرثوم وتكاثره، بيد أنها تمنح الجرثوم صفات إضافية مثل مقاومة المضادات الحيوية. ولها على العموم أهمية تطبيقية كبيرة بسبب امتلاكها جينات مهمة، وتستعمل نواقل في مجال الهندسة الوراثية.

Figure 2.3. Plasmids are small circular DNA molecules that are found inside some prokaryotic cells.

الشكل (12): تنظيم المجين في أحد الجراثيم عصوية الشكل.

ولكن المجين يكون لبعض الكائنات بدائيات النوى الأخرى أكثر تعقيداً، فمثلاً يتألف مجين الجرثوم  Borrelia burgdorferi B31 المسبب لداء لايم Lyme disease من صبغي خيطي linear chromosome بطول 911 kb ويحمل 853 جيناً؛ فضلاً عن 17 أو 18 من جزيئات الـ DNA الحلقية والخيطيّة بطول إجمالي 533 kb  وقرابة 430 جيناً. تجدر الإشارة إلى أنّ المجين متعدد الأجزاء Multipartite genomes أصبح معروفاً في العديد من الأنواع الأخرى من الجراثيم و العتائق  archaea.

ب - المجين  في حقيقيات النوى:

يتألف الجزء الأكبر من مجين الكائنات حقيقيات النوى من المجين النووي؛ وهو مجمل الصبغيات داخل نواة الخلية؛ فضلاً عن جزء أصغر بكثير يقع في المتقدرات وفي الصانعات الخضراء في الخلايا النباتية والمكون من حلقات ثنائية الطاق  من الدنا.

هناك مفارقات ملحوظة في مجين الكائنات حقيقيات النوى، فلسنوات عدة أنتج عدم وجود علاقة دقيقة بين درجة تطور الكائن الحيّ ودرجة تعقيده وبين حجم مجينه مفارقة أو ما يشبه اللغز بالنسبة إلى العلماء؛ إذ يختلف حجم المجين في الكائنات الحيّة (الشكل 13)، ويراوح بين 10-100.000  Mb؛ فمثلاً يبلغ حجم مجين الإنسان 3.4×10 9 bp؛ في حين يبلغ حجم مجين نبات البصل Allium cepa  1.5×10 10 0bp ومجين المتحول Amoeba dubia 6.8×10 11 bp. ومن الملاحظ أيضاً أنّ درجة تعقيد الكائن الحيّ لا ترتبط بعدد الجينات التي يملكها؛ فمجين الخميرة S. Cerevisiae مثلاً البالغ (12 Mb) يؤلف 0.004 من حجم مجين الإنسان، ومن ثم من المتوقع أن تملك الخميرة قرابة 140 جيناً ولكنها في الحقيقة تملك 5800 جين، وقد نسب العلماء السبب إلى المسافات بين الجينات؛ إذ تكتظ الجينات بعضها بالقرب من بعض في الكائنات الأقل تعقيداً (الشكل 14). بالمقابل لا يرتبط عدد الصبغيات لدى الفرد بسماته البيولوجية ودرجة تطوره؛ فمثلاً تمتلك الخميرة آنفة الذكر 16 صبغياً؛ في حين تمتلك ذبابة الفاكهة 8 صبغيات، أما الإنسان فيمتلك 46 صبغياً؛ في حين تمتلك الأسماك الذهبية 94 صبغيّاً. ولوحظ عدم وجود ارتباط بين عدد الصبغيات وحجم المجين؛ فمثلاً تمتلك بعض أنواع السلمندر مجيناً أكبر بثلاثين مرة من حجم مجين الإنسان لكنها موزعة على نصف عدد صبغيات الإنسان. إنّ هذه المفارقات والمقارنات بين مجين الكائنات الحيّة هي محط اهتمام الباحثين الذين لم يتوصلوا إلى حلها حتى الآن.

الشكل (13): شكل بياني يوضح الفروق بين أحجام المجين في الكائنات الحية المختلفة.

 

الشكل (14): رسم توضيحي يوضح الفروق في الكثافة المورثية بين الكائنات الحية

ج‌-  المجين في الإنسان

يتألف مجين الإنسان كما في باقي الكائنات حقيقيات النوى من المجين النووي والمجين المتقدري (الشكل 15). ويتكون مجين المتقدرات من حلقة واحدة أو عدة حلقات صغيرة من الدنا (16.5 kb) يملك كل منها (37) جيناً مرمزاً (24) منها ترمز إلى اصطناع جزيئات من الرنا النقال mt rRNA والرنا الريباسي   mt tRNA و(13) إلى اصطناع بروتينات المعقدات التنفسية respiratory complex وإنزيمات الفسفتة التأكسدية. يتميز المجين المتقدري بأن 93% منه مرمِّز؛ وبعدم وجود إنترونات؛ ويكون نمط توريثه أمومياً Maternal inheritance.

Figure 1.1. The nuclear and mitochondrial components of the human genome.

الشكل (15): رسم تخطيطي يوضح أنماط الجينوم في البشر.

أما المجين النووي في الإنسان فيتكون من صبغيات خيطية، وهي22  شفعاً من الصبغيات الجسدية somatic وزوجاً من الصبغيات الجنسية تحمل قرابة 20 إلى 30 ألفاً من الجينات المرمزة وعناصر تحكم وراثية؛ منها نحو 6 آلاف جين ترمز إلى اصطناع أنواع مختلفة من جزيئات الرنا RNA.

ومن الملاحظ أن قرابة 1.5% من الدنا النووي فقط يرمز إلى اصطناع بروتين، في حين لا يملك ما تبقى وظيفة ترميزية وتسلسلات فريدة تكرارية؛ فقرابة 3% من جينوم البشر يتألف من تسلسلات دنا تكراري DNA repetitive تختلف فيما بينها في طول التكرار، تُميز منها العناصر التكرارية الترادفيّة Tandemly repetitive والمنتشرة أو المبعثرة Interspersed (الشكل 16). ومن التسلسلات الترادفيّة يمكن تمييز سواتل الدنا Satellite DNA التي تحوي السواتل الصغيرة minisatellite والسواتل المكروية microsatellite. تنتشر السواتل المكروية على طول المجين وتستخدم في تتبع توريث الألائل المرضية المرتبطة بها على نحو ٍوثيق، وتُعد واسمات جزيئية في الدراسات الوراثيّة للجماعات. يتركز وجود سواتل الدنا على نحو عام قرب القُسَيمات المَرْكَزِيّة centromeres والقُسَيمات الطرفية telomeres، وثمة قرابة عشرة أنواع منها في البشر تستخدم عادة لتحديد البصمة الوراثية للأفراد. ويسبب خلل التكرارات الترادفية بعض الأمراض الوراثية الشهيرة مثل متلازمة الصبغي X الهش Fragile X Syndrome ومرض هنتنغتون Huntington's Disease.

الشكل (16): شكل تخطيطي يوضح التسلسلات التكرارية الملاحظة في مجين البشر.

أما العناصر التكرارية المبعثرة فهي منتشرة على نحو عشوائي في جميع أنحاء المجين؛ يبلغ طول الواحد منها بين 100-1000 bp؛ منها العناصر النووية المبعثرة الطويلة long interspersed nuclear elements, LINES التي يصل الطول التقريبي لها قرابة 800  bp وتؤلف نحو 20% من المجين. وهناك أيضاً نحو مليون نسخة من التكرارات القصيرة التي تدعى العناصر النووية المبعثرة القصيرة short interspersed nuclear elements , SINES. يعرف منها نوعان Alu (قرابة 300  bp) و MIR (قرابة 130 bp). تستخدم تسلسلات Alu في الطب الشرعي لتحديد الرئيسات، وبالمقابل تميّز تسلسلات MIR الحمض النووي في الثدييات. تُعد التكرارات الطويلة والقصيرة SINES, LINES من العناصر النقولة  transposable elements، ويؤدي الخلل في بعضها إلى ظهور مجموعة من الأمراض الوراثيّة مثل الورام العصبي الليفي Neurofibromatosis؛ أو أورام خلية شوانShwann cell tumors ؛ وكذلك عدة أنواع من السرطان؛ بما في ذلك ساركوما أيوينغ Ewing sarcoma؛ وسرطان الثدي؛ وابيضاض الدم النقوي الحاد acute myelogenous leukaemia.

تبلغ نسبة اختلاف المجين البشري بين الأفراد 0.1 %، وعلى الرغم من أن هذه النسبة تبدو صغيرة فإنها مسؤولة عن الكثير من التنوع والاختلافات بين البشر، ويقدر معدل التغيرات بما يقارب 302×10 6   تغير للمجين الواحد. وتعود أسباب هذا التنوع إلى وجود التسلسلات التكرارية المتنوعة والمنتشرة في المجين؛ وكذلك إلى التعدد الشكلي على مستوى النكليوتيد الواحد single nucleotide polymorphism,SNP.

رابعاً- الصبغي  Chromosome:

جاء مصطلح الصبغي أو الكروموزوم chromosome من اليونانيّة، وهو مؤلف من كلمتين هما: chroma وتعني التلون؛ و soma وتعني الجسد، فالصبغيات هي جُسيمات قابلة للتلوّن الشديد. ويعرّف الصبغي بأنّه جزيء عملاق مفرد يُشكل الدنا  DNAالوحدة الأساسية فيه، ويحتوي على الجينات في ترتيب خطي. لذا تُعرّف الصبغيات بأنها نواقل الجينات؛ لأنّها تحمل المعلومات الوراثية لتكوين الإنسان؛ ولهذا تدعى باسم الحقيبة الوراثيّة البشريّة.

يلتف دنا الصبغي حول نوى من البروتينات الهيستونيّة histone` ضمن هندسة محددة تبدو بالمجهر على شكل صبغيات متميّزة هندسياً في الطور التالي metaphase من الانقسام الخلوي (الشكل 17).

الشكل (17) : رسم تخطيطي مبسط يوضح البنية الدقيقة للصبغي.

تُعَدُّ عملية لف الدنا DNA ورزمه حول الهيستونات في غاية الأهمية؛ وذلك من أجل السماح لجزيء الدنا    DNA  الطويل جداً (2 متر) بأن يتناسب مع حجم النواة التي لا يتجاوز قطرها بضعة ميكرونات. يؤدي التفاف جزيء الدنا  DNA حول الهيستونات إلى تشكيل خيط الكروماتين بقطر 30 نانومتراً. تتحول خيوط الكروماتين حينما تدخل الخلية مراحل الانقسام الخلوي إلى عدد من الخيوط المستقلة القصيرة والثخينة المميزة تحت المجهر الضوئي؛ وتعرف عندها باسم الصبغيات.

عدد الصبغيات في الإنسان 46 صبغياً موزعة ضمن أزواج، ويتمثّل كل زوج صبغي بنسختين واحدة جاءت من الأم والأخرى من الأب، بحيث تُمثّل كل مجموعة منها (23 صبغياً) بكتاب يحمل المعلومات الوراثيّة الآتيّة من الأم والكتاب الآخر يحمل المعلومات الوراثيّة الآتيّة من الأب، وهذا معنى الصيغة الضعفانية Diploid. كما تُصَنّف الصبغيّات في صبغيّات جسديّة autosomes  مؤلفة من 22 زوجاً من الصبغيات من الرقم 1 إلى الرقم 22 - وهي نفسها في المرأة وفي الرجل- وزوج جنسي يكون  XX  في المرأة  و XY  في الرجل.

يتألف صبغي الطور التالي metaphase من شقين متآخيين sister chromatids متطابقين بحملهما المعلومات الوراثيّة نفسها ومرتبطين معاً بالقُسيم المركزي. يقسم القسيم المركزي كل صبغي إلى ذراعين؛ يرمز إلى الذراع العلوية بـ  p (مأخوذة من الفرنسيّة petit  أي صغير)؛ ويرمز إلى الذراع السفلية بـ q مأخوذة من الكلمة الفرنسية queue ؛ أي الذيل.

تدعى الصبغيات التي يقع فيها القسيم المركزي في المنتصف الصبغيات مركزية القسيم المركزي metacentric، ويكون للصبغي ذراعان متساويتان تقريباً. في حين تدعى الصبغيات التي يتوضع فيها القسيم المركزي بالقرب من منتصف الصبغي الصبغيات قرب مركزية القسيم المركزي submetacentric. أما الصبغيات التي يتوضع فيها القسيم المركزي بالقرب من نهاية الصبغي فتدعى طرفية القسيم المركزيacrocentric ،  وتكون إحدى ذراعي الصبغي فيها قصيرةً جداً.

خامساً- الطفرة Mutation

تُعَرّف الطفرة بأنها تغير في تسلسل أسس مجين الكائن الحيّ، وهو تغير دائم في المادة الوراثية.

قد يحدث هذا التغير في المناطق المرمِّزة إلى تركيب سلسلة ببتيدية، مما يفضي غالباً إلى تعديل أو اضطراب في وظيفة البروتين الناتج، أو يحدث هذا التغير في المناطق غير المرمِّزة إلى تركيب البروتين.

تختلف الطفرات في حجمها، فقد يكون التغير في أساس واحد فقط من الأسس المكونة للدنا DNA، أو يشمل قطعة كبيرة من الدنا.

1 - أسباب حدوث الطفرات:

تحدث الطفرات بسبب التعرض للعوامل المُطَفِّرة (المطفرِّات Mutagenic) مثل بعض المواد الكيميائية - كالملونات الصنعية والصباغات التي تضاف إلى الأطعمة - والتدخين والتعرض للأشعة كالأشعة السينية X-ray أو الأشعة فوق البنفسجيةUV light ؛ أو بسبب تأثير العديد من العوامل البيئية الخارجية والداخلية، بيد أنّ أغلب الطفرات تظهر على نحو تلقائي في أثناء عملية تضاعف الدنا. فمن الممكن أن يقوم إنزيم بوليميراز الدنا بارتكاب خطأ ما في أثناء إضافة النكليوتيدات إلى السلسلة المتشكلة (وهذا يحدث بمعدل مرة كل 100.000.000  أساس)، غالباً ما يتم إصلاحه بوساطة إنزيمات خاصة تدعى نوكليزات داخليّة endonuclease، ولكن إذا لم يصلح الخطأ فتظهر الطفرات المختلفة (الشكل 18).

الشكل (18): رسم توضيحي لآلية إصلاح الأخطاء في سلسلة الـ DNA.

2- الطفرات الموروثة والمكتسبة:

تدعى الطفرات التي تورث من أحد الأبوين الطفرات الموروثة، أو طفرات الأعراسgermline mutations  بسبب وجودها في أعراس أحد الأبوين وأورثها لأبنائه، ولذلك فإنّ هذا النمط من الطفرات يصيب جميع خلايا الجسم؛ ويكون موجوداً في أثناء حياة الفرد. أما إذا حدثت طفرة في أثناء تشكل الأعراس؛ أو مباشرة بعد الإلقاح (في البيضة الملقحة) فإن هذه الطفرة تدعى الطفرة الجديدة de novo mutation؛ أي إن الطفل يحمل الطفرة؛ في حين لا يحمل أي من أبويه تلك الطفرة.

 وقد تحدث الطفرة في أثناء حياة الفرد وتدعى الطفرة المكتسبة أو الطفرة الجسدية Acquired or somatic mutation، ويجب تذكر أنّ الطفرات المكتسبة التي تظهر في الخلايا الجسدية لا يمكن أن تورث إلى الأبناء، فهي تظهر في الخلايا الجسدية (اللاجنسية) ولا تورث إلى الذرية. أما الطفرات الموروثة فتحدث في أعراس أحد الأبوين فتنقل لذلك إلى الذرية.

تجدر الإشارة إلى أن الطفرات ليست كلها ضارة بل قد يكون بعضها عديم الأثر مثل الطفرات الصامتة (silent mutations) حيث لا تسبب الطفرة تغغيراً في الحمض الأميني ومن ثم لا يحدث أي تغير في البروتين الناتج. وتؤدي بعض الطفرات إلى إنتاج أنماط جديدة من البروتينات من شأنها أن تعطي ميزة البقاء على قيد الحياة للكائنات التي تملكها؛ فيكون لها لذلك تأثير مفيد في الكائن حاملها، من أمثلتها طفرة إزاحة الإطار التي لوحظت في أحد أنواع الجراثيم التي تدعى جراثيم النايلون Nylon Bacteria التي تعيش في مكب النفايات؛ إذ أدت هذه الطفرة إلى إنتاج إنزيم (Nylonase) قادرٍ على حلمهة جزيئات النايلون من النفايات والحصول منها على مصدر جديد للطاقة لإبقائها على قيد الحياة.

سادساً - المتلازمة Syndrome:

تُحدث معظم الطفرات في الجينات أو الشذوذات في الصبغيات اضطراباً على مستوى البروتينات المتشكلة، التي قد تفقد وظيفتها أو تُركَّب بأعداد كبيرة؛ مما يؤثر في نمو الفرد ويفضي إلى ظهور ما يدعى المتلازمة الوراثيّة genetic syndrome.

يمكن تعريف المتلازمة بأنها مجموعة من الأعراض والسِمات stigma التي تظهر وتشاهد معاً في الفرد. ومن ثم فإنّ للمتلازمة الواحدة أكثر من عَرَض أو سِمة واحدة مميزة؛ ولكل متلازمة وراثية محددة العديد من السِمات النموذجية؛ اعتماداً على الجانب المتأثر أو مرحلة النمو المتأثرة.  

قد يولد الطفل مع تشوهات واضحة في الجسم؛ واختلال في وظيفة أحد أجهزته كالقلب أو الدماغ؛ أو يُظهر اضطرابات عصبيّة محددة، غير أنّ العديد من المتلازمات الوراثية لا تظهر مباشرة بعد الولادة؛ بل تظهر الأعراض في وقت لاحق من الحياة.

سابعاً - المتوالية Sequence:

تحدث المتواليّة  حين يسبب عيب أولي مفرد في أثناء نمو الجنين الباكر شذوذات متعددة بعمليّة شلّالية لأخطاء تَخَلّق ثانوية وثالثيّة، تفضي بالنتيجة إلى مجموعة من العيوب المُعَبر عنها بنسب مختلفة تعود إلى الحدث الأصلي. فعلى سبيل المثال إنّ العيب الأساسي في مُتَلاَزِمَةُ بيير روبين Pierre Robin syndrome (تشوهات الحنك) هو نقص تنسج الفك السفلي mandibular hypoplasia، مما يؤدي إلى إزاحة اللسان إلى الخلف، مما يحول دون إغلاق الأقواس الحنكية.

ثامناً - الترابط  Association:

مجموعة من التشوهات التي تحدث معاً على نحو أكثر تواتراً من المصادفة وحدها، وقدلا يُعرف لها مسبب مشترك؛ إذ لم يتم تحديد المسبب الأولي ولم يُعَرف إذا كان نمط التشوه يعود إلى متلازمة أم إلى متوالية.

من الأمثلة السريرية المهمة ترابط VATER  الذي يشمل شذوذات في العمود الفقريVertebral anomalies ورتقاً شرجياً Anal atresia وناسوراً مريئيّاً رغامياً Tracheo-Esophageal fistula وعيوباً كلوية Renal anomalies.

تاسعاً - مبادئ الوراثة المندلية Mendelaoin inheritance principles:

تعتمد الوراثة المندلية على مكتشفات العالم مندل في أثناء أبحاثه على نبات البازلاء؛ والتي عُرفت فيما بعد بمبادئ مندل أو قوانين مندل في الوراثة, وهي ثلاثة مبادئ يمكن تلخيصها على النحو التالي:

   أ- قانون مندل الأول (الانفصال segregation,انفصال أليلَي الجين الواحد): لكل خِلَّة (صفة) جين (مورثة) مؤلف من زوج من الألائل؛ كل واحد منهما محمول على صبغي (الصبغيات على شكل أزواج في الخلايا الجسدية). ينفصل أليلا الجين في أثناء تشكل الأعراس بحيث يحصل كل عرس على نسخة واحدة من الجين، ويعود كلا أليلي الجين الواحد إلى الاجتماع على نحو عشوائي في أثناء عملية الإلقاح وحصول البيضة الملقحة؛ أي الفرد (الشكل 19). 

lew25278_04_05.jpg

الشكل (19): يبين قانون مندل الأول، وهو قانون انفصال الألائل في أثناء تشكل الأعراس وعودتهما في أثناء الإلقاح.

ب‌- قانون مندل الثاني (التفارز المستقل للألائل independent assortment ): لكل صفة جين خاص بها، وله موضع خاص به في صبغي معين. في أثناء تشكل الأعراس تنفصل ألائل الجينات المتوضعة على صبغيات مختلفة على نحو مستقل الواحد عن الآخر, وحين الإلقاح تجتمع هذه الألائل على نحو عشوائي بحيث يكون هناك احتمال ظهور صفات لم تكن موجودة في الآباء، وتظهر نسب ثابتة بين الأنماط الظاهرية في الذرية (الشكل 20).

single sum2.JPG

الشكل (20): يبين قانون مندل الثاني, لكل صفة جين مكون من أليلين محمولين على زوج صبغي مستقل.

تنفصل ألائل الجينات المختلفة على نحو مستقل الواحد عن الآخر، كما أنها (أي الألائل التابعة للجينات المختلفة) تعود حين الإلقاح على نحو عشوائي. في الشكل يتوضع جين ملمس البازلاء Rr على الصبغي 5، وجين لون البازلاء Yy على الصبغي 8. عند تشكل الأعراس تنفصل ألائل كلا الجينين R و r و Y و y (بحسب قانون مندل الأول) كلٌ وحده بحيث يحصل كل عرس على أليل واحد من كل جين (RY أو rY أو RY أو ry)، حين الإلقاح وتشكل البيضة الملقحة تلتحم الأعراس مشكلة صفات الوالدين وصفات لم تكن موجودة سابقاً وبنسب محددة وثابتة.

ج- قانون مندل الثالث, مبدأ السيادة والتنحي بين الصفات: يعد العالم مندل أول من كشف مبدأ السيادة والتنحي بين الصفات, فقد لاحظ غياب إحدى الصفات (لون ثمرة البازلاء الأصفر سائد بالنسبة إلى الأخضر أي إذا اجتمع أليل يعود إلى جين صفة اللون الأصفر مع أليل يعود إلى جين اللون الأخضر فإن اللون الأصفر هو الذي سيظهر على نبات البازلاء الناجم عن الإلقاح)، وتعود الصفة المختفية في الجيل الحالي (الذي يكون هجيناً) إلى الظهور من جديد في الجيل اللاحق (الشكل 21).

lew25278_04_12.jpg

الشكل (21): يبين مبدأ السيادة والتنحي بين الصفات, حيث تختفي صفة في جيل وتعود إلى الظهور في الجيل التالي.

وقانون التوزع المستقل للألائل يرمز إلى جين البازلاء بـ Rr؛ وإلى جين لون البازلاء بـ Yy. الأليل R يعطي صفة الأملس، وهو سائد بالنسبة إلى الأليل r الذي يعطي اللون الأخضر. عند حصول الإلقاح بين بزرتين نقيتين من البازلاء RRYY (ملساء صفراء) و rryy (مجعدة خضراء) يكون جميع أفراد الجيل الناجم عن هذا الإلقاح ملساء صفراء لأنها الصفات السائدة. لكن أفراد هذا الجيل هجينة (RrYy)، فإذا حدث إلقاح بين أفراد هذا الجيل الهجين؛ تكون سبب الأنماط الظاهرية فيما بين أفراد الجيل الجديد على الشكل التالي: 1: 3: 3: 9، وتقرأ من اليسار إلى اليمين، فأعلى نسبة (9) تعود إلى البازلاء الصفراء الملساء؛ (3) إلى البازلاء الخضراء الملساء، (3)، إلى البازلاء الصفراء المجعدة؛ (1)، إلى البازلاء الخضراء المجعدة.

بتطبيق علم الوراثة ومبادئ مندل على الأمراض ظهرت مجموعة من الأمراض سُميت الأمراض الجينية المندلية لاتباعها مبادئ مندل الثلاثة المذكورة أعلاه؛ وهي التي تنجم عن طفرة في جين واحد، وقسمت إلى أمراض صبغية جسدية وأمراض مرتبطة بالصبغيات الجنسية، وفي كلا الحالتين قد تكون هذه الأمراض سائدة أو متنحية، وأُضيفَت إلى الأمراض المندلية الأمراض الناجمة عن طفرة في جين متقدري.

د‌-    مميزات المرض الناجم عن طفرة سائدة متوضعة على صبغي جسدي (كمرض فرط كولستيرول الدم العائلي، الورام الليفي العصبي (ڤون ركلنكهاوزن von recklinghausen)، متلازمة مارفان والوَدانة achondroplasia، التصلب الحدبي، داء هنتينغتون Huntington، داء السلائل القولونية، متلازمة نونان، متلازمة إهلر – دانلوس، حثل التأثر العضلي، تكون العظم الناقص).

تنتقل من الوالد المصاب (أب أو أم) إلى الجنين.

احتمال أن ينتقل الأليل الطافر السائد من الوالد المصاب إلى الجنين 50%.

يتساوى احتمال إصابة الجنين الذكر والأنثى (الشكل 22).

الشكل (22): شجرة نسب نموذجية لمرض وراثي صبغي جسدي سائد. تشير الدائرة الغامقة إلى أنثى مصابة والمربع الغامق إلى ذكر مصاب, والخط الأفقي الواصل بين دائرة ومربع إلى الزواج. يلاحظ انتقال المرض من الوالد المصاب إلى أبنائه, ويلاحظ ظهور المرض في أكثر من جيل متعاقب.

ه- مميزات مرض ناجم عن أليل طافر متنحٍ متوضع على الصبغي الجسدي: (كمرض فقر الدم المنجلي، والتالاسيميا، والتليف الكيسي، وفرط التنسج الكظري الخلقي (المتلازمة الكظرية التناسلية)، ورنح فردرايخ، والغالاكتوزيميا، وأدواء اختزان الغليكوجين، ومتلازمة هيرلر، والمَهَق الجلدي العيني، وبيلة الفينيل كيتون، وداء تاي ساكس، وداء وردينغ - هوفمان) (الشكل 23).

يكون الوالدان في هذه الزمرة من الأمراض حَمَلة (أي أإن كلاً منهما يحمل الأليل الطافر المتنحي نفسه الذي لا يكفي وحده لإظهار المرض في كل منهما).

ويكون احتمال أن يولد للوالدين طفل مصاب 1 من 4 (أي 25%) في كل حمل.

واحتمال أن تنجب الأم طفلاً سليماً 1 من 4.

واحتمال أن ينجب الوالدان (الحَمَلة) طفلاً حاملاً للطفرة المتنحية 2 من 4 (أي 50%).

لا فرق في الاحتمالات السابقة بين الذكر والأنثى.

 

الشكل (22): شجرة نسب نموذجية تُظهر عائلة لديها مرض صبغي جسدي متنحٍ. يرمز المربع الغامق إلى ذكر مصاب بالمرض و الدائرة الغامقة إلى أنثى مصابة. أما الدائرة الصغيرة الغامقة في المربع والدائرة فتشير إلى أنثى وذكر حاملين للطفرة المتنحية على الترتيب. تشير الأرقام الرومانية إلى رقم الجيل.

ترفع الزيجات بين ذوي القربى احتمال إصابة الأبناء بهذه الزمرة من الأمراض؛ لأن الوالدين أخذا الأليل الطافر نفسه من الجد المشترك بينهما.

و‌-   مميزات مرض ناجم عن طفرة متنحية محمولة على الصبغي الجنسي X: (كمرض الفُوال، وعمى الألوان، والناعور، والحثل العضلي لدوشين، ومتلازمة هنتر) (الشكل 23).

تكون الأم حاملة للطفرة على إحدى الصبغيين X عندها، وزوجها سليم عادة.

ويكون احتمال أن تنجب طفلاً مصاباً 25%، ويكون ذكراً.

واحتمال أن تنجب طفلاً سليماً 75%، وقد يكون ذكراً أو أنثى.

واحتمال أن تنجب أنثى سليمة 100% .

الشكل (23): شجرة نسب تُظهر عائلة مكونة من أربعة أجيال, مصابة بمرض جينه مرتبط بالإكس متنحٍ كالناعور A, ينتقل المرض من الأب المصاب إلى أبنائه الذكور بطريق بناته الحاملات.

ز- مميزات مرض مرتبط بالصبغي X سائد(مثل متلازمة الصبغي X الهش,الرَّخد rickets ناقص فوسفات الدم و يسمى أيضاً الرخد المقاوم على الڤيتامين د) (الشكل 24):

لا ينتقل المرض من ذكر إلى ذكر.

تكون الأنثى متخالفة الألائل مصابة.

نسبة الإناث المصابات بالمرض ضعف نسبة الذكور.

تكون إصابة الذكور أشد من إصابة الإناث.

الشكل (24): شجرة نسب تبين عائلة مكونة من أربعة أجيال لديها مرض مرتبط بالإكس سائد. يصاب به الذكور والإناث اللواتي يكن متخالفات الألائل، وتكون أعراضهن أقل شدة من الذكور.

 

ح- مميزات مرض مرتبط بالصبغي Y (أمراضه نادرة جداً): (الشكل 25)

تنتقل حصرياً من الذكر إلى الذكر.

تسبب معظم أمراض الصبغي y   العقم عند الذكر ولا تنتقل إلى الأبناء بسبب عقم الأب.

الشكل (25): شجرة نسب نظرية تبين طراز انتقال مرض مرتبط بالصبغي Y.

لاحظ انتقال المرض من الأب المصاب  إلى ابنه الذكر فقط وعدم وجود إناث مصابات.

  ط- مميزات مرض متقدري mitochondrial :( مثال, اعتلال العصب البصري الوراثي لـ ليبر Leber):

الشكل (26): شجرة نسب تبين عائلة لديها مرض متقدري. تشير الدائرة السوداء إلى أنثى مصابة والمربع الأسود إلى ذكر مصاب. العائلة مؤلفة من ثلاثة أجيال. الأنثى فقط التي تنقل الطفرة إلى الذرية.

المتقدرات عُضيات هيولية تحوي مجينها الخاص الذي يضم 37 جينا،ً وهي العُضيات المُنتِجة للطاقة الرئيسة و تنتقل مع البيضة؛ لذلك ينتقل المرض من الأم المصابة إلى جميع أبنائها الذكور والإناث، ولا ينقل الذكر المصاب المرض إلى أبنائه لا الذكور و لا الإناث. 

الشكل (27( شجرة نسب تبين عائلة لديها مرض متقدري.تشير االدائرة السوداء الى انثى مصابة والمربع الأسود الى ذكر مصاب .العائلة مؤلفة من ثلاثة أجيال .فقط التي تنقل الطفرة الى الذرية

 

 

 


التصنيف : الأمراض الوراثية
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40525702
اليوم : 55517