logo

logo

logo

logo

logo

الإنتاش

انتاش

Germination - Germination

الإنتـاش

عبد الجبار الضحاك

 الشروط الضرورية لإنتاش البذور

 العوامل الضرورية للإنتاش

إنتاش بذور النباتات ثنائية الفلقة

إنتاش بذور النباتات أحادية الفلقة

معدل إنتاش البذور

 

الإنتاشgermination هو مجموعة التحولات الحيوية المؤدية إلى بداية نمو بذرة ناضجة أو بوغةspore أو برعمbud بعد انتهاء مرحلة الحياة البطيئة المعروفة بالسباتdormancy والدخول في مرحلة الحياة النشيطة لتكوين بادرةseedling - في حالة بذور النباتات الراقية- تعطي بنموها وتناميها نباتاً قادراً على إعطاء بذور تضمن استمرار دورة حياة تلك النباتات. أما العملية التي تتعلق بإنتاش البذور؛ فإنها تبدأ بجملة خطوات، أهمها تشرّب الماء؛ الذي يؤدي إلى تمزق غلاف البذور، وبزوغ الجذير radicle (أو الجذر الجنيني embryonic root ) (الشكل1)، وبزوغ الرويشة (السويق) الممثلة للأجزاء الهوائية، وتصحب هذه المظاهر الشكلية بانقسام الخلايا المرستمية واستطالتها بفضل زيادة النشاط الاستقلابي من امتصاص للماء والأملاح وبعض الغازات؛ مترافقة بحلمأة مركّبات حيوية أساسية واصطناعها، التي يمكن أن تبدأ قبل تشقق الغلاف وبزوغ الجذير بفترة كافية.

الشكل (1): إنتاش بذور نبات الفول، حيث تنتفخ وتتشقق أغلفتها الخارجية مع بزوغ الجذير الناجم عن نشاط الانقسام الخلوي.

أما فيما يخص إنتاش الأبواغ؛ فيتحقق ببزوغ خلية بدءاً من بوغة راقدة resting spore؛ مؤدية إلى تشكل خيط فطري hypha، أو مشرَّة كما في الفطريات والطحالب وبعض النباتات، في حين تحقق الغبيرات (الأبواغ الكونيدية) conidia التكاثر اللاجنسي asexual reproduction دون اللجوء إلى اندماج للأعراس؛ وبذلك تعطي هذه الأبواغ أنابيب إنتاش germ tubes سرعان ما تنمو لتعطي خيوط المشرة. وهناك نمط آخر من الخلايا تعرف باسم الكونيديا متفاغرة الأنبوب conidial anastomosis tube، وهي تختلف عن أنبوب الإنتاش؛ لكونها أدق وأقصر مع وجود فروع هزيلة محدودة النمو، يتجه كل منها باتجاه الآخر لتشكيل جسر يسمح باندماج محتويات الكونيديا (الشكل 2).

الشكل ( 2 ): أ : أبواغ منتشة، ب: اندماج خيوط مشرّة عن طريق الأنابيب المتفاغرة.

هناك نوع آخر من الإنتاش يتحقق في عريانات البذور gymnosperms والنباتات الزهرية، يتمثل بإنتاش حبوب الطلع pollen grains بعد عمليات التأبير pollination. وكما هو الحال بالنسبة إلى البذور، تفقد حبوب الطلع كميات كبيرة من مائها قبل انطلاقها من المئبر؛ ليسهل انتقالها من نبات إلى آخر. وما إن تصل حبة الطلع إلى ميسم stigma مدقة الزهرة حتى تحصل على الماء وتبدأ بالإنتاش، حيث تتطاول الخلية الأنبوبية داخل الأنبوب الطلعي pollen tube ، الذي ينمو باتجاه المبيض، فتتحرر النطاف لإلقاح البويضة؛ ذلك أن حبة الطلع المنتَشة تمثل العناصر الذكرية لهذه النباتات (الشكل 3). وتجدر الإشارة هنا إلى أن غالبية النباتات تحمل أعضاء التكاثر الذكرية والأنثوية في أزهار خنثوية تنمو على النبات نفسه؛ وبالتالي هناك احتمال حدوث تأبير ذاتي self-pollination ، وهذا نوع من التربية الداخلية أو زواج الأقارب inbreeding غير مرغوب فيه. إضافة إلى ذلك يمتلك العديد من النباتات آليات خاصة للتحكم في عملية إنتاش حبوب الطلع كطريقة لمنع التأبير الذاتي، وذلك من خلال إشارات جزيئية molecular signaling بين الميسم وحبة الطلع؛ بحيث تسمح للميسم بالتمييز بين حبوب الطلع القادمة من النبات نفسه أو من نبات آخر، وبالتالي تحول دون السماح بحدوث التأبير الذاتي من خلال الحيلولة دون إنتاش الحبوب القادمة من النبات نفسه.

الشكل (3): إنتاش حبة الطلع وتشكل الأنبوب الطلعي والخلايا الذكرية.

الشروط الضرورية لإنتاش البذور

قد لا تنتش بذور بعض الأنواع النباتية على الرغم من وضعها في ظروف مثالية من حيث الرطوبة ودرجة الحرارة وتوفر الأكسجين وغيرها، ويعود ذلك إلى عوامل ترتبط بالبذور نفسها، مثل وجود غلاف صلب كتيم للغاية يحيط بها، ويمنع وصول الماء والغازات إلى داخلها. وقد لا يصل الجنين إلى مرحلة النضج داخل البذرة ، إذ يحتاج إلى فترة ما بعد النضج؛ كما يمكن لبعض البذور أن تحتوي على مواد مثبطة للإنتاش وغير ذلك. تُعدّ البذرة بيضةً مخصبة (لاقحة) تحتوي جنيناً قادراً على تكوين نبات جديد عن طريق الإنتاش.

إن تشكل البذور من الصفات الأساسية للنباتات الراقية الممثلة أساساً بمغلفات البذور angiosperms وعرياناتها، وتتميز البذور بوجود غلاف أحادي أو مضاعف يحيط بكامل البذرة فيما عدا نقطة صغيرة تدعى الكوة micropyle (الشكل4)، وقد يؤدي هذا الغلاف إلى الحيلولة دون الإنتاش؛ نظراً لبقاء البذرة في حالة سبات.

الشكل (4): (أ) الكوة قبل تشكل البذرة (ب) وبعدها.

هناك ثلاثة أنواع من السبات، هي: السبات الأولي primary dormancy ؛ وهو عدم مقدرة البذور على الإنتاش في زمن ما يتغير بتغير الأنواع المدروسة والظروف المحيطة بالبذور، والسبات الثانويsecondary dormancy المتمثل بفقدان البذرة قدرتها على الإنتاش مؤقتاً ريثما تتوفر لها ظروف مناسبة كما في حالة بعض نباتات المناطق الجافة والقاحلة، حيث تبين أن مثل هذه النباتات تنتش وتنمو وتتنامى خلال فترة قصيرة بعد سقوط المطر؛ مما يوفر مراحل النمو بما في ذلك تشكل البذور لاستمرار دورة حياتها. أما النوع الثالث؛ فهو السبات المفروض enforced أو المطبق صنعياً للحيلولة دون إنتاش البذور والإبقاء عليها كذخيرة وراثية إلى حين الحاجة، حيث تنتش عندئذ بمجرد وضعها في ظروف مناسبة، ويمكن مصادفة السبات الأولي والثانوي في آن واحد .

لا تتمكن بذور النباتات من الإنتاش؛ على الرغم من توفير جميع متطلباته، ويعود ذلك إلى أسباب داخلية مرتبطة بالبذور نفسها، كوجود مثبِّطات كيميائية كامنة فيها، وهي التي تعطيها إمكانية البقاء في التربة لفترة زمنية كافية من دون أن تنتش؛ كيلا تتعرض النباتات الفتية لظروف قد تكون مميتة. وبانتظار الوقت المناسب للنمو تحدث تبدلات مهمة في الوسط المحيط بالبذور يسمح لها بالإنتاش من دون أن تتعرض هذه النباتات لخطر التجلد أو الجفاف.

يمكن للمثبطات أن تكون كامنة في غلاف بذور بعض الأنواع النباتية كما هو الحال في بذور الإجاص والتفاح، وفي لحافات بذور الملفوف والخس، وهي- في أغلب الأحيان- حموض عضوية يؤدي زوالها إلى انتقال الجنين من حالة إلى أخرى. ومن هذه المثبطات الكيميائية ما تُحرر بتفككها حمض سِيانيد الهدروجين HCN كما في الخوخ Prunus واللوز المر Amygdalus.

استعمل العلماء والتقنيون طرائق عدّة لحث البذور على الإنتاش، وأبسط هذه الطرائق وأكثرها استعمالاً ما يأتي:

1- الخدش أو التشطيب scarification مثل حكّ البذور بورق الزجاج يدوياً مع الحرص على عدم الإضرار بمحور البذرة كما في بذور بعض أنواع شجر الميموزا Mimosa. ويتم اللجوء أحياناً إلى نزع الغلاف كلياً إذا كان شديد القساوة ومتخشباً، أو معالجته بمحلول حمضي كثيف أو ممدد من 1-60 دقيقة لإزالة عدم نفوذية الغلف الصماء كما في حالة بذور القطن .

2- حضن البذور في درجات حرارة منخفضة (صفر- 5) درجات مئوية لمدة 3-10 أيام، ثم وضعها في حرارة مناسبة؛ لتنتش كما في الخردل Brassica campestris.

3- المعالجة بالضوء، حيث تتطلب بذور بعض النباتات إنارة دائمة أو دورية كما في بذور الخس Lactuca sativa، التي تتطلب أشعة ذات أطوال موجات محددة (660 nm)؛ مما يؤكد تدخل الفيتوكروم في هذه الحالة.

4- طريقة المعالجة بمنظِّمات النمو والمركّبات الكيميائية الأخرى مثل حمض جِبرِليك gibberellic acid والكينِتين kinetin والإتلين وغير ذلك، وقد تبين من هذه التجارب أن نسبة الإنتاش كانت أفضل بوجود حمض جِبرِليك بتركيز 1250 جزءاً من مليون وبوجود نترات البوتاسيوم بتركيز 3,0% حجم /حجم.

العوامل الضرورية للإنتاش

تحتاج البذور إلى بعض الظروف الخاصة بالوسط المحيط بها؛ كي تتمكن من الإنتاش، في مقدمتها توفر الرطوبة والحرارة الملائمتين، إضافة إلى توافر الضوء بالنسبة إلى بعض الأنواع، أما ما يخص الأكسجين فإن أغلب البذور تتطلب توفره لتحقيق عملية الإنتاش:

1 - الماء: يتمثل الطور الأول من امتصاص الماء- في أثناء عملية الإنتاش- بظاهرة فيزيائية بحتة؛ ذلك أن جميع البذور الجافة تمتص الماء سواء كانت حيّة أم ميِتة، ويطلق على هذه العملية اسم التشرب imbibition. غير أن لبعض البذور غلافاً خارجياً غير نفوذ يحول دون وصول الماء إلى داخل البذرة، لذا لا بد من إجراء بعض المعالجات الخاصة لإحداث التشرب وانطلاق عملية الإنتاش المتمثلة ببزوغ الجذر من البذرة، وتُصحب هذه المرحلة بزيادة امتصاص الماء مع نمو البادرة على نحو متسارع، فالتشرب عملية مرحلية في أثناء الإنتاش؛ غير أن البذور يمكن أن تغرقdrown في حال وجود كمية كبيرة من الماء، كما يمكن أن تتأذى إذا كان التشرب سريعاً؛ ولهذا يُستخدم الرمل والفرميكوليت vermiculite وسطين يوفران الماء الضروري للإنتاش دون اختناق البذور غرقاً. أما في المخابر فيتم غالباً استعمال أوراق ترشيح مبللة بالماء وموضوعة في علب بتري المخصصة لهذا الغرض .

يؤدي الماء في الطور الثاني من الامتصاص دوراً أساسياً في عمليات الاستقلاب، التي تتم داخل البذرة، ولاسيما الحلمأةhydrolysis ، التي تحفزها مجموعة من الإنزيمات، أهمها الأميلاز amylase في حالة البذور النشوية كالقمح والذرة والشعير وغيرها، حيث يقوم بتحويل النشاء إلى سكر الشعير maltose، وهو بدوره يتدرك إلى سكر الغلوكوز، الذي سيُستعمَل في عمليات الاستقلاب التنفسي للحصول على الطاقة على هيئة أدينوزين ثلاثي الفسفات (ATP) الضروري للتركيب الحيوي في هذه المرحلة من حياة الجنين الذي سيتحول إلى بادرة مكتملة.

2– الأكسجين: تتميز بذور بعض النباتات المائية بمقدرتها على الإنتاش من دون توفر الأكسجين؛ لكن بذور أغلب النباتات تحتاج إليه كي تتمكن من ذلك، وبالفعل فإن نسبة الإنتاش تتراجع في الأوساط الفقيرة بالأكسجين، وكذلك الحال لدى زيادة تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2 على نسبة وجوده في الجو الطبيعي. أما بذور بعض النباتات (الرز مثلاً) التي تعيش في الأراضي الرطبة المستنقعية؛ فقد تكيفت للإنتاش في تلك الترب الفقيرة بالأكسجين.

3- الحرارة: تُنشِّط الحرارة عمليات الاستقلاب الضرورية لحدوث الإنتاش، ويمكن أن تنتش بذور بعض النباتات في درجات مختلفة من الحرارة؛ إلا أن هناك دوماً حدوداً لذلك، حيث يكون لبذور النوع الواحد درجة حرارة صغرى ودرجة حرارة قصوى لا يمكنها الإنتاش بوجودهما. ودرجة الحرارة المثلى للإنتاش هي تلك التي تضمن الإنتاش في جميع البذور في أقصر مدة ممكنة. وتنتش بعض البذور إذا وُضعت في ظروف تتبدل فيها درجات الحرارة على نحو كبير، كما هي حال البذور التي تكون قريبة من سطح التربة؛ الأمر الذي يعرضها لحرارة مرتفعة نهاراً ومنخفضة جداً ليلاً كما في حالة البذور الصغيرة والتي لا يمكن نثرها في أماكن عميقة في التربة؛ نظراً لمحدودية مدخراتها المخزنة وعدم كفايتها لتوفير متطلباتها من الطاقة اللازمة؛ كي يتمكن الجنين من إعطاء بادرة تستطيع اختراق سطح التربة والمباشرة بعملية التركيب الضوئي. ولهذا السبب يَستخدم «البنك الألفي للبذور» Millennium Seed Bank حاضناتٍ incubators ذات درجات حرارة تراوح بين 10 درجات سلسيوس ليلاً ( 8 ساعات) و25 درجة نهاراً (16 ساعة) لبذور نباتات المناطق المعتدلة، و20 درجة ليلاً و35 درجة نهاراً لبذور نباتات المناطق المدارية. كما يستخدم البنك المذكور ضوء النيون الأبيض البارد لمدة 8-12 ساعة لتحسين الإنتاش من دون تغير درجة الحرارة. أما في العمل الحقلي فلا بد أن تكون البذور الصغيرة قريبة من سطح التربة، وتكون البذور الكبيرة على أعماق أكبر، وخاصة في الإنتاش تحت الأرض ذلك أن وضع البذور الكبيرة بالقرب من سطح التربة يُعرضها للجفاف كلياً؛ وبالتالي موت البادرة عاجلاً أو آجلاً. وتجدر الإشارة إلى أن لتلك الاختلافات أهمية كبيرة للتنوع الحيوي biodiversity وأن من الطبيعي توفير درجات حرارة مرتفعة نسبياً لبذور النباتات التي تعيش في مناطق دافئة؛ كي تنتش بالشكل الأمثل؛ ودرجات حرارة منخفضة للنباتات التي تعيش في المناطق الباردة، وتبدو البذور قريبة إلى حد ما من سطح التربة.

4-الضوء: تنتش أغلب البذور بوجود الضوء أو بغيابه، ويعتقد بعض الباحثين أن نسبة الإنتاش تزداد في الظلام، وهذا يخص في الواقع عدداً من الأنواع التي تحيا في مناطق جافة جداً، وإن وجود البذور قريبة من سطح التربة يعرضها للجفاف وموت البادرات، أما في حالة النباتات التي تعيش داخل الغابات؛ فإن بذورها لا تنتش إلا إذا توفرت لها إنارة كافية؛ إذ يوفر الضوء للبذور نوعين من الميزات؛ فهو يحول دون تعفن البذور الموجودة على أعماق كبيرة نسبياً من جهة، ويمنع الإنتاش عندما تكون في منطقة مغطاة بالنباتات المجاورة؛ مما سيؤدي إلى موتها في حال إنتاشها في مثل هذه الظروف، ومن هنا أهمية منع الإنتاش ريثما تتوفر الظروف الضوئية الضرورية لبقاء البادرات على قيد الحياة. ويؤدي الضوء- أو بعض أطوال الموجات الضوئية- دوراً في تنشيط صبغ الفيتوكروم الذي يكون خاملاً في الأشعة الحمراء الفاتحة (660 nm) أو تثبيطه، ويتحول إلى صبغ نشيط بالأشعة الحمراء الغامقة (730nm)؛ الأمر الذي يؤهله لأداء دور مهم في التناوب الضوئي ونباتات النهار الطويل والنهار القصير والمحايدة كما في حالة حبة البركة وبذور البصل ( الشكل5).

الشكل (5): إنتاش بذور البصل ونمو البادرة

 

5- العوامل الحيوية biotic factors: يمكن للعوامل الحيوية أن تكون داخلية المنشأ مرتبطة بالنبات نفسه، كما في حالة البذور التي لا تنتش ما بقيت داخل الثمرة، ومثالها البندورة (الطماطم) ، وهذا دليل على الدور المثبِّط لبعض المركّبات الحيوية المتوفرة في عصارة الثمرة لإنتاش البذور. وفي حالات أخرى تؤدي العوامل الحيوية دوراً منشِّطاً للإنتاش، وقد تم ملاحظة ذلك في حالة بعض الأعشاب الضارة weeds وبعض النباتات المتطفلة كنبات الهالوك Orobanche من الفصيلة الأوروبانشية orobanchaceae، التي تتطفل على نباتات العديد من أنواع الخضراوات والمحاصيل كالعدس والبطاطا والبندورة والباذنجان وغيرها؛ إذ تبين أن جذور النبات المُضيف تفرز مواد كيميائية خاصة تدعى ستريغولاكتونات strigolactones تُنَشِّط إنتاش بذور الهالوك من خلال إشارات كيميائية chemical signaling تسمح لبذور النبات المتطفل أن تنمو وتعيش على حساب النبات المضيف مما يؤدي إلى إضعافه وربما موته ( الشكل 6).

الشكل (6): تنشيط مادة الستريغولاكتون التي تفرزها جذور النبات المضيف لبذور النبات المتطفل ( أ)، وإنتاش تلك البذور (ب،ج،د) لإعطاء نبات جديد

تُعدّ هرمونات النمو من العوامل المهمة في عملية إنتاش البذور، سواء كان ذلك عن طريق كسر السبات وتنشيط الإنتاش باستعمال حمض الجِبرِليك، أم بفعل الهرمون المعروف باسم حمض القطع أو حمض الأبسيسيك abscisic acid ، حيث إن لهذا الهرمون تأثيراً مثبطاً لعملية فك الشيفرة الوراثية في الحمض الريبي النووي المرسالmessenger ribonucleic acid (mRNA)، وهي مرحلة أساسية من مراحل اصطناع البروتينات الضرورية لبدء عملية الإنتاش. ويتطلب إنتاش البذور توفر بعض الحموض الأمينية مثل الأرجينين arginine والغلايسينglycine وغيرها؛ نظراً للدور الذي تؤديه في نمو الجذر والأجزاء الهوائية للبادرة. وهناك الدور التعايشي الذي يلاحظ في نباتات الفصيلة السحلبية orchidaceae، حيث يقوم الفطر المتعايش مع نبات السحلب بتحريض إنتاش البذور عن طريق مدِّها بعناصر القلة أو الندرة oligoelements الضرورية لنمو النبات.

إنتاش بذور النباتات ثنائية الفلقة

إن الجزء الذي يبزغ من البذرة - في ثنائيات الفلقة dicotyledons- هو الجذر الجنيني أو (الجذير)، وهو الذي يسمح للبادرة بامتصاص الماء، وبعد تلك المرحلة تبدأ الأجزاء الهوائية بالبزوغ من البذرة ممثلة بالفلقتين cotyledons أو أوراق البذرة والمحور تحت الفلقي hypocotyl والمحور فوق الفلقي epicotyl . ويختلف ظهور الأجزاء الهوائية وفقاً لنوع النبات؛ فهناك نباتات تتميز بإنتاش فوق أرضي epigeous، حيث يتطاول المحور تحت الفلقي مشكلاً ما يشبه الخطافhook ، الذي يسحب الفلقتين والمرستِم القمي عبر التربة بدلاً من دفعها، وبمجرد اختراقه سطح التربة يستقيم، ويدفع الفلقات وقمة الساق في الهواء (مع بقايا غلاف البذرة في بعض الأنواع)، كما في بذور الفول والفاصوليا والبابايا والتمرهندي وعباد الشمس وغيرها ( الشكل 7).

الشكل ( 7): إنتاش فوق أرضي في بذور الفول.

تتصف نباتات أخرى بإنتاش تحت أرضي hypogeous، حيث تبقى الفلقات تحت سطح التربة حتى تستهلك مدخراتها وتتفكك كلياً، كما في حالة بذور البازلاء، ويبين الشكل (8) الفروق الأساسية بين نمطي الإنتاش الأرضي وتحت الأرضي في ثنائيات الفلقة وأحادياتها.

الشكل ( 8): الإنتاش تحت الأرضي والإنتاش فوق الأرضي في أحاديات الفلقة وثنائياتها .

إنتاش بذور النباتات أحادية الفلقة

يختلف إنتاش بذور أحاديات الفلقة monocotyledons عن ثنائياتها، حيث تكون الفلقة مغطاة بغمد خاص يسمى كوليوبتيل coleoptile، ويُغطى الجذير بغمد يسمى كوليوريزا coleorhiza، وهو أول جزء ينمو خارج البذرة متبوعاً بعد ذلك بالجذير. أما الكوليوبتيل فينمو بسرعة مخترقاً سطح التربة، وحينئذٍ يتوقف عن النمو لتبدأ الورقة الأولى بالبزوغ من الغمد المتشقق كما هو الحال في القمح والشعير والشوفان والذرة وغيرها من نباتات أحاديات الفلقة (الشكل 9).

الشكل ( 9 ): الإنتاش في أحاديات الفلقة

أ- حبوب القمح، ب- حبة الذرة مع مقطع طولي ، ج- مراحل إنتاش حبة الذرة، د- الكوليوبتيل والكوليوريزا في حبة الذرة المنتشة

تتبع بعض النباتات من أحاديات الفلقة أسلوباً خاصاً في الإنتاش، كما هو الحال في بذور نخيل التمر Phoenix dactylifera، حيث تتألف البذرة من سويداء عاجية، ويتم الإنتاش ببزوغ الجذير أولاً، يليها انغراس البادرة في التربة نتيجة لنمو حبل فلقي، متبوعاً بتحرر البريعم الذي يمزق الغمد الفلقي (الشكل 10).

الشكل ( 10): إنتاش بذور نخيل التمر ( بزوغ الجذير).

معدل إنتاش البذور

يولي العاملون في مجالات الزراعة والحدائق أهمية كبيرة لما يعرف بمعدل الإنتاش، أو عدد البذور القادرة على الإنتاش من نوع معيّن، وتستخدم عادة النسب المئوية، كأن تكون 85% على سبيل المثال؛ وبالتالي يؤخذ هذا المعدل بالحسبان لدى حساب كمية البذار اللازمة لمساحة محددة من الأرض. وهي عملية ضرورية لتأثيرها الكبير في المحصول. وقد ظهرت في العقود الأربعة الماضية صناعة استنبات البذور seed sprouting، حيث شاعت هذه «الصناعة» بالنسبة إلى بذور نبات فول الصوياsoybean ، وأصبحت بادرات هذا النبات تُعد جزءاً من النظام الغذائي لمئات ملايين الأشخاص في جميع فصول السنة؛ ولاسيما في دول شرقيّ آسيا وأوربا وغيرها. وكذلك الحال بالنسبة إلى استنبات بذور الحبوب والنجيليات وغيرها لزيادة الطلب عليها لأغراض متعددة؛ الأمر الذي مكَّن الإنسان من تقليد الطبيعة بهدف الحصول على أفضل النتائج وبأقل التكاليف.

مراجع للاستزادة:

- روبرت م ، ديفلين، فسيولوجية النبات، ترجمة عبد الحميد بن حميدة، محمد الجيلاني، حازم الألوسي، 1993.

- روبرت م، ديفلين، فرانسيس هـ ، ويذام ، فسيولوجية النبات (Plant Physiology)، ترجمة محمد محمد شراقي، عبد الهادي خضر، المجموعة العربية للنشر، 1985.

- W. G. Hapkin, P. A. Norman, Introduction to Plant Physiology, Wiley, 2008.


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40542306
اليوم : 72121