حوارته (موقع)
Huarte -

 حوارته

حوارته (موقع -)

البازيليكا الجنوبية

البازيليكا الشمالية

المعمودية

معبد ميترا

 

يقع موقع حوارته Houarte في جبل شحشابو على بعد ١٥ كم إلى الشمال من موقع أفامية الأثري. وتتوزع بقايا القرية على تلة ترتفع ٥٠م عن الطريق الواصل من أفامية. وتتربع البقايا المعمارية على كتفي التلة الجنوبية والغربية في حين في الطرف الشرقي تقع منطقة المدافن، وقد بلغ عدد مدافنها نحو٤٠ مدفناً محفوراً في الصخر بطريقة الأركوسوليوم Arcosolium.

بدأ الاهتمام بالموقع بدءاً من عام ١٩٦٥م، بعدها أجرت بعثة فرنسية بإدارة بيير كانيفيه Pierre Canivet وماريا تيريزا كانيفيه Maria Teresa Canivet بعض الأسبار فيه سنة ١٩٦٨م، لتبدأ الحفريات النظامية في عام ١٩٦٩م وتستمر نحو عشر سنوات، توقفت بشكل متقطع. وقد تم اكتشاف مجمع معماري كبير يتألف من كنيستين متوازيتين ومعمودية يتقدمها رواق ودرج صرحي إضافة إلى غرفة دفن تحت إحدى الكنيستين اللتين بنيتا وفق مخطط البازيليكا المعروف في المنطقة خلال الفترة البيزنطية.

 

البازيليكا الجنوبية:

يرجع تأسيسها إلى عام ٤٨٣ م، يطلق عليها اسم كنيسة فوتيوس Photius، وهو أحد أساقفة أفامية الذي ذُكر اسمه في نقش يوناني وجد بقرب الباب الغربي للكنيسة. وهي بناء مستطيل يبلغ طوله ٢٦,٥٠م وعرضه ١٥,٦٠م، تتألف في الداخل من ثلاثة صحون يفصل فيما بينها صفان من الأعمدة ذات تيجان كورنثية، كما يفصل منطقة قدس الأقداس عن الصحن الرئيسي والصحنين الجانبيَّين حاجز، وينتهي قدس الأقداس بحنية داخلية نصف كروية مغلقة بالجدار الشرقي للكنيسة. وقد عثر في شرقي الصحن الرئيسي أمام قدس الأقداس على بقايا مقعد Ambon كما يسمى باليونانية. يحيط بالحنية ملحقان معماريان؛ الملحق الشمالي غرفة الشهادة التي يبلغ طولها ٥,٤٠م وعرضها ٢,٦٠م، ومن هذه الغرفة وباتجاه الشمال يتم الوصول إلى غرفة أخرى تمثل كنيسة صغيرة طولها ٥.٤٠م وعرضها ٣.٢٠م في وسطها بقايا لمكان طاولة كانت مخصّصة للطقوس الكهنوتية؛ ويتألف الملحق الآخر- إلى الجنوب من الحنية- من صالة كانت أرضيتها الخشبية تشكل سقفاً لصالة أخرى، جزء منها محفور في الصخر.

وتبلط الكنيسة أرضية فسيفساء موزعة بحسب المواضيع في الحنية والصحن الرئيسي والجنوبي والشمالي وغرفة الشهادة؛ حيث زين فسيفساء الحنية غصنا كرمة ينبثقان من مزهرية في الأسفل، تضم ضمن تعرجات الأغصان مجموعة من الحيوانات الأليفة. أمّا بالنسبة إلى فسيفساء الصحن الرئيسي فهي مزينة بمشهد طبيعي مؤلف من أشجار وحيوانات مفترسة تلاحق أو تهاجم حيوانات أليفة، ضمن خلفية مزينة بزهور. كذلك وجد في فسيفساء الصحن الجنوبي مشهد طبيعي مع حيوانات تتصارع. أما في الصحن الشمالي وغرفة الشهادة فالفسيفساء فيهما مزينة بزخارف هندسية، مع وجود نقش يوناني في غرفة الشهادة، تُؤرَّخ الفسيفساء إلى سنة ٤٨٣/٤٨٤م. وقد عثر تحت أرضية القسم الجنوبي من الصحن الرئيسي على أرضية ثانية يعود تاريخها إلى سنة ٤٥٠م بحسب الدراسات؛ ممّا يدل على أن الكنيسة قد بنيت فوق مبنى من القرن الرابع، وقد تمَّ ترميمها أكثر من مرة في القرن الخامس.

البازيليكا الشمالية:

بنيت هذه الكنيسة في فترة بناء البازيليكا الجنوبية ذاتها، وهي بناء مستطيل الشكل تبلغ أبعاده (١٢×٢٠م)، مؤلف من ثلاثة صحون مفصولة بصفين من الأعمدة، في كلِّ صف ثلاثة أعمدة تعلوها تيجان كورنثية. وينتهي بناء الكنيسة في الشرق بحنية محاطة بملحقين مغلفين بالجدار الشرقي للكنيسة نفسه؛ يمثل الملحق الشمالي الكنيسة الصغرى، حيث وجد في الوسط مكان مخصّص لطاولة الطقوس الكهنوتية، وهي مبلطة بفسيفساء مزينة بغصن كرمة يتفرع ليشكل جامات تحتوي على صور طيور وسلال وأقفاص.

يكوّن الملحق الجنوبي غرفة الأضاحي، وهو مفصول عن الرواق الجنوبي بباب. وهذه الغرفة مبلطة بأرضية من الفسيفساء المزينة بأشكال هندسية مؤلفة من شبكة مضلعات.

هناك ثلاثة نقوش يونانية ضمن لوحة الفسيفساء؛ اثنان منها يشيران إلى البازيليكا على أنها مخصَّصة للملَك ميكائيل.

يتقدم الكنيسة من الغرب بناء يشكل مدخلاً لها ويطلق عليه اسم نارتكس Narthex. وقد بنيت الكنيسة فوق صالة جنائزية تتألف من غرفة مربعة تقريباً أبعادها٦.٨٠م و٧.٢٠م، نحت جداراها الشرقي والشمالي في الصخر. وتضم هذه الصالة سبعة نواويس محفورة في الصخر ذات سقف مقوس وفق نموذج الأركوسوليوم، وكان قد عثر عليها محفورة ومنهوبة.

تبلط أرضية الصحون الجنوبية والشمالية لوحةُ فسيفساءٍ تحتوي على مشهد طبيعي يتضمن صور حيوانات متوحشة في حالة تعقب أو هجوم على فرائسها. أما بالنسبة إلى فسيفساء الصحن الرئيسي فهي مدمرة في جزء كبير ولم يبق محفوظاً منها سوى الجزء الشرقي الذي يحتوي على تمثيل لنبي الله آدم وهو جالس على كرسي العرش، معرف بنقش يوناني، وحوله حيوانات متوحشة واليفة. وهذا تصوير رمزي يشير إلى السيد المسيح الذي سينشئ العالم الجديد بحسب العهد الجديد.

وتزين الحنية أرضية فسيفساء تحوي تصويراً لمزهرية محاطة بغزالين متناظرين، ينبثق منها غصنا كرمة يكونان جامات تحوي طيوراً منوعة.

المعمودية:

تقع إلى الغرب من المجمع المعماري، على امتداد الكنيسة الشمالية ويفصلها عنها درج صرحي. وهي مبنى مربع طول ضلعه ٨م، في الوسط يقع حوض المعمودية؛ وهو دائري الشكل من الخارج ومصلب من الداخل، ويحيط به أربع دعامات تحمل أقواساً. هناك ممر فاصل بين هذه الدعامات والجدران الشمالية والغربية والجنوبية؛ في حين يوجد في الفراغ المحصور بين الدعامات والجدار الجنوبي للمعمودية مكان في الوسط كان مخصَّصاً لطاولة الطقوس الكهنوتية، ويبدو أن هذه الطاولة كانت تتركز على أربعة أعمدة صغيرة أو دعامات. ويبلط الممر أرضية فسيفسائية تحوي أشكالاً متعددة؛ حيث وجدت حول الحوض صور لأسماك وطيور، وفي الأطراف ثمة مشهد طبيعي يصور أشجار الفواكه ومجموعة من الحيوانات الأليفة.

عثر تحت الأرضية الفسيفسائية على قنوات مياه فخارية كانت توصل المياه من خزانات مياه خارجية إلى الحوض.

وهناك نقش في الفسيفساء يذكر اسم مطران أفامية، وهو بحسب قارئي النقوش إما استيفانيوس الذي كان أسقفاً في عام ٥١٥م وإمّا إييفانيوس الذي كان بدوره أسقفاً بين عامي ٤٥٥- ٤٧٠م.

وقد عثر نتيجة أعمال التنقيب على العديد من الكسر الحجرية والرخامية التي تعود إلى طاولات كانت تستخدم للطقوس الكهنوتية، وأيضاً أجزاء من ألواح حجرية كانت تزين الحواجز التي تفصل بعض الأماكن في الكنائس، كما عثر على العشرات من السرج الفخارية.

معبد ميترا:

في عام ١٩٩٦م تم الكشف عن مغارة تحت أرضية البازيليكا الجنوبية التي تسمى كنيسة فوتيوس Photius، جزء من المغارة محفور في الصخر وجزء آخر مبني، كانت جدرانها تحمل رسوماً جدارية سرقت بعض أجزائها من قبل لصوص الآثار. وفي عام ١٩٩٨ قامت بعثة بولونية بالتنقيب في الموقع واستخراج ما تبقى من لوحات جدارية وصيانتها وعرضها في متحفي دمشق وحماة.

ونتيجة تنظيف المغارة تم اكتشاف غرفة مستطيلة تقع تحت مستوى أرضية الكنيسة بـ ٣.٥٠م، وهي تتجه شمال جنوب، ويبلغ طولها٧.٢٠م وعرضها ٤.٨٠م؛ يوجد في الجدار الشمالي حنية صغيرة أمامها مصطبة- أضيفت في فترة لاحقة- ومذبح ملحق بالمصطبة، وقد عثر في المصطبة على كمية كبيرة من المسكوكات التي ساعدت على تأريخ البناء. وقد تم تحديد تاريخ وضع المصطبة بعد عام ٣٦٠م، أي إن تاريخ بناء المعبد يعود إلى النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي.

اللوحات الجدارية في معبد ميترا

وبعد التنقيب ظهر أن المغارة تحوي عدة غرف؛ ممّا يعني أن هناك صالات أخرى في المعبد؛ ولكن كان من الصعب التنقيب فيها لأن ذلك سيؤدي إلى تدمير منزل حديث مجاور. وظهر أن جدران الغرفة مطلية بعدة طبقات من الجص بشكل متعاقب، وقد بقي قسم لابأس به من الزخارف على الطبقة السطحية.

تتألف هذه الزخارف من إطار مزخرف بمعينات وأشكال صدفية، يحيط بلوحة يبلغ ارتفاعها ١.١٠م تحوي سلسلة من المشاهد المصوّرة ويفصلها عن السقف شريط أحمر عريض. وقد تمَّ تأريخ اللوحة في النصف الثاني من القرن الرابع. ويقع في الجدار الشمالي- إلى اليمين من الحنية الصغيرة - مشهد مؤلف من وحشين أسطوريَّين يهاجمان الشخصية الرئيسية في الوسط، والتي ينبغي أن تمثل الإله زيوس، وفي مكان آخر من المشهد شوهد هذا الإله جالساً على عرشه.

شوهد تمثيل أسطورة الإله ميترا في الجدار الشرقي، حيث ظهر مشهد ولادة الإله من الصخرة وهو يمسك بيده القبعة الإفريجية. كما شوهدت صورة لصبي عار، وشجرة سرو معلق على أحد أغصانها قبعة إفريجية، إضافة إلى صورة إله الشمس يزين رأسه تاج مشع ويداه مرفوعتان إلى السماء. وبحسب الباحثين فإن كلَّ هذه الصور هي تجليات مختلفة للإله ميترا على أغلب الظن.

وفي مشهد آخر ظهر الإله ميترا يلبس ثياباً شرقية وهو يستلم التاج المشع من إله الشمس الجاثي أمامه؛ في حين يمسك بيده اليسرى شعلة مضيئة، وفي الجدار الجنوبي المقابل للحنية مشهد الإله ميترا وهو يمسك بالثور المعدّ للتضحية. وفي مشهد آخر ظهرت مجموعة من الحيوانات التي تعدو وتظهر خلفها بقايا بعض الرسوم، ربما تعود إلى الصيادين الذين يتعقبون الحيوانات. وهناك في مشهد مجاور تمثيل لسور مدينة مزود بأبراج، توجد فوقه سبعة رؤوس بشرية مشوهة، وهي تمثل -على الأغلب- الشياطين التي تحاول الإمساك بمدينة الظلام لتمنع تجلي الإله.

في الجزء الظاهر من الممر غير المكشوف تمثيل لأسدين متقابلين وهما يمزقان رؤوس أشخاص ذوي لون أسود بمخالبهما. وفي الجدار المقابل تمثيل لفارس واقف أمام حصانه الذي يرفع رجله أمام مذبح يلتف حوله ثعبان، ويمسك الفارس عصا بيده اليسرى؛ في حين يمسك بيده اليمنى سلسلة معدنية تقيد يدي مخلوق غريب على شكل طفل أسود ذي رأسين جاثياً أمام الفارس.

كميت عبد الله

 

مراجع للاستزادة:

- J. Balty,La Peinture Syrie, ARchéologie et histoire de Syrie, Sarrbruken, 1989.

- M. Gawlikowsk, Le mithraeum de Haouarte (Apaméne),Topoi.11/1, ,2001.


- التصنيف : آثار كلاسيكية - المجلد : المجلد السادس، طبعة 2020، دمشق مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق