الرحبة (قلعة-)
رحبه (قلعه)
-
يعرب العبدالله
الوصف المعماري |
أقسام القلعة السفلية |
أعمال الترميم في القلعة ومحيطها |
تقع قلعة الرحبة على الضفة اليمنى لنهر الفرات ما بين مدينة دير الزور في الشمال والصالحية في الجنوب، وتبعد مسافة ٥ كم إلى الغرب من مدينة الميادين باتجاه البادية السورية، ونحو٤٥ كم عن مدينة دير الزور، ويطلق عليها رحبة الشام أو رحبة مالك بن طوق. وقد ذكر البلاذري أنه لم يكن للرحبة أثر قديم وقد أحدثها مالك بن طوق بن عتاب التغلبي في خلافة المأمون، وبقيت في يده ويد أولاده من بعده حتى استولى عليها القرامطة سنة ٣١٥هـ/٩٢٧م. ثم انتقل حكمها إلى ناصر الدولة الحمداني، وبعد وفاته سنة ٣٥٨هـ/٩٦٩م انتقلت إلى يد ابنه أبو تغلب فأعاد بناء أسوارها، وبقيت تحت حكم الحمدانيين حتى سنة ٣٦٨هـ/٩٧٨م، إذ انتقلت إلى حوزة عضد الدولة البويهي.
كان للرحبة شأن كبير في الصراع بين الأمراء الإقطاعيِّين في العصر السلجوقي حتى استولى عليها عماد الدين زنكي سنة ٥٠١هـ/١١٠٧م. وفي سنة ٥٥٩هـ/١١٦٤م وهبها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي لأسد الدين شيركوه الذي بنى بالقرب منها الرحبة الجديدة على بعد ثلاثة أميال منها، وقد ظلت الرحبة الجديدة في حكم أسرة شيركوه قرناً من الزمان. وفي العصر الأيوبي كانت الرحبة محطة مهمة للقوافل القادمة من العراق إلى الشام، وكان يحكمها الأمراء الأيوبيّون من أسرة شيركوه ملوك حمص إلى أن احتلها المغول في حملة قازان خان على الشام في سنة ٧٠٢هـ/١٣٠٢م. ويبدو أن رحبة مالك تهدمت وهُجرت ولم يبق منها إلى اليوم سوى القلعة التي أدت دوراً بارزاً في صد جيوش الترك والمغول التي كانت تحاول غزو دولة المماليك في الشام ومصر. وقد توسعت القلعة في العصر المملوكي وذلك بإضافة منشآت عمرانية أخرى إلى أسوارها وداخلها.
![]() | ![]() |
صورة جوية للقلعة | منظر عام |
تشمخ القلعة على مرتفع صخري بارتفاع ٤٢م، وهي محاطة بسور خارجي مخمس الشكل بأبعاد مختلفة مدعم بأبراج في زوايا المخمس وفي بنية الأضلاع، ولها سور داخلي مخمس أيضاً مشيد بالحجارة. وتتألف القلعة من ثلاثة طوابق تحتوي على غرف ومستودعات. ويظهر للزائر الحالة الإنشائية السيئة للقلعة نتيجة هجمات التتار وعامل الزمن والإهمال والبناء اللاحق الذي أثقل البناء الأساسي.
المدخل الرئيسي للقلعة: للقلعة مدخل وحيد من الجهة الشمالية الغربية من السور الخارجي، وكان يُصعد إليه بوساطة جسر خشبي متحرك لم يعد له أثر بالوقت الحالي. والمدخل على شكل قنطرة مدببة ارتفاعها ٢م وبطول قدره ٢.٨٠م وعرض ٢.٧٣م. وتنفتح البوابة على ممر طويل طوله ١٩م وعرضه ٥م، مُشيّد بالآجر على شكل قنطرة ارتفاعها ٩م. وعلى يمين الممر باب جانبي يؤدي إلى غرفة الحراسة، وعلى يساره مدخل مهدم يتلوه مدخل آخر رئيسي يؤدي إلى الطوابق السفلية الثلاثة للقلعة.
![]() |
المدخل الرئيسي للقلعة |
غرفة الحراسة: تقع في الجهة الجنوبية من الممر الرئيسي، ولها مدخل معقود مشيد بالآجر يؤدي إلى غرفة مستطيلة تنفتح على غرفة الحراسة الكبيرة. وهي في غاية الإبداع الهندسي ومشيّدة بالآجر أيضاً على شكل دائرة قطرها ٨م وترتفع قبتها نحو ١٠م، ولها دعائم متينة، ترتكز على جداري البرج الجنوبي الغربي للقلعة.
المدخل الرئيسي للطوابق السفلية: يقع هذا المدخل في نهاية الممر الرئيسي وفي أسفل الجدار الجنوبي للقلعة الداخلية، شيد بالحجارة على شكل قوس، ارتفاعه حالياً ٢م، وعرضه ٣م، يؤدي إلى الطوابق الأرضية.
![]() |
المسقط العام للقلعة |
الطابق السفلي الأول: يحتوي على مجموعة من الغرف والمستودعات المغطاة بالقبوات المتقاطعة المبنية بالآجر، مرتكزة على صفين من الدعائم في الوسط وعلى الجدران الأربعة للقلعة الداخلية المبنية بالحجارة الكبيرة المنحوتة.
![]() |
مسقط الطابق السفلي الأول |
الطابق السفلي الثاني: يشتمل على مجموعة من الغرف والمستودعات أيضاً، تستند إلى صف من الدعائم في الوسط وإلى الجدران الحجرية للقلعة الداخلية.
![]() |
مسقط الطابق السفلي الثاني |
الطابق السفلي الثالث: وهو خزان ضخم لجمع الماء وحفظه، ويؤلف الجزء النهائي للقلعة، وهو مبني بالآجر بشكل مستطيل، تصل إليه المياه عبر بعض القنوات من باحة القلعة.
![]() |
مسقط الطابق السفلي الثالث |
ويشغل السور الخارجي للقلعة عدد من الأبراج بعضها ما يزال قائماً وبعضها الآخر تهدّم:
البرج الجنوبي الغربي: وقد شُيِّد قسمه الخارجي بالحجارة ثم أضيف إليه توسعات من الداخل بالآجر. وتظهر الغرف الصغيرة وفتحاتها المثلثة الشكل (المزاغل) لرمي النبال والمراقبة.
البرج الوسطي للسور الشمالي: وهو برج مهدم، أساساته مربعة الشكل ومبنية بالحجارة. وهو قائم على طابقين ويحتوي، على غرفة مراقبة في الطابق العلوي.
البرج الجنوبي الشرقي: ويقع في زاوية السور ويربط الجدار الجنوبي للقلعة بالجدار الشرقي، وهو مشيّد بالآجر.
![]() |
الزاوية الشمالية الغربية للسور الخارجي |
المستودعات الكبيرة في باحة القلعة:
في باحة القلعة أربعة مستودعات تستند إلى الضلع الشمالية لسور القلعة الداخلية، وهي من أجمل المستودعات المقبية بالآجر، وتقع بعضها إلى جانب بعض وتتجه مداخلها إلى الجهة الشمالية.
أعمال الترميم في القلعة ومحيطها:
قامت البعثة السورية– الفرنسية المشتركة بين سنتي ١٩٨١ و١٩٩٧م بأعمال تنظيف في معظم أجزاء القلعة وترحيل الأتربة المتراكمة، والكشف عن الأجزاء التي كانت مطمورة تحت الردم والأتربة، إضافة إلى أعمال تدعيم العناصر الحاملة وترميمها للحفاظ على استقرار المنشأة، وقد تضمنت الأعمال تدعيم غرفة الحراسة بعد التخلص من الأتربة والحجارة المتداعية التي كانت تمثل ثقلاً كبيراً على سقف الغرفة المشيد بشكل قبة كبيرة من الآجر، كما تمّ إظهار الفجوات الجانبية للأبراج. وقد توقفت أعمال الترميم سنة ٢٠٠٣م.
مراجع للاستزادة: - جاسم الهويدي، رحبة الميادين تاريخ قلعة ومدينة (دار المناهج، دمشق 2012م). - عبد الرزاق إبراهيم عبدالله، رحبة مالك، معلومات عن رحبة مالك بن طوق التغلبي (مطبعة الاتحاد، دمشق). - عبد القادر ريحاوي، «لمحة عن حضارة الجزيرة والفرات في العهد العربي الإسلامي»، مجلة الحوليات الأثرية، العدد ١٩، ج ١+٢، دمشق ١٩٦٩م، ص ٤٩-٧٥. - M. O. Rousset, La ville de Rahaba-Mayadin et sa region, du XIe au XIVe siècle- Bulletin D’ Etudes Orientales– Tome II- Damas 2000. |
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :