إخلاء السبيل La mise en liberté هو صورة لانقضاء التوقيف الاحتياطي [ر] بإطلاق سراح الموقوف إنهاءً لمفعوله. إذ يخلى سبيل المدعى عليه الموقوف بمذكرة توقيف إذا زالت المبررات التي دعت إلى إصدارها.

"/>
اخلاء سبيل
release - mise en libérté

إخلاء السبيل

صفاء أوتاني

تعريف إخلاء السبيل
نوعا إخلاء السبيل
شروط إخلاء السبيل الجوازي
السلطة المختصة بتقدير إخلاء السبيل
الطعن بقرار إخلاء السبيل
 

أولاً- تعريف إخلاء السبيل:

إخلاء السبيل La mise en liberté هو صورة لانقضاء التوقيف الاحتياطي[ر] بإطلاق سراح الموقوف إنهاءً لمفعوله. إذ يخلى سبيل المدعى عليه الموقوف بمذكرة توقيف إذا زالت المبررات التي دعت إلى إصدارها.

ثانياً- نوعا إخلاء السبيل:

قد يكون إخلاء السبيل وجوبياً أو جوازياً، فالأول هو إخلاء السبيل بحق، أما الثاني فإخلاء السبيل بناء على طلب الموقوف.

ويفترق إخلاء السبيل الوجوبي عن الجوازي بأنه في حال توافر بعض الحالات التي نص عليها القانون كان محتماً إطلاق سراح المدعى عليه الموقوف، لذا أطلقت عبارة إخلاء السبيل بحق، لأنه حق للمدعى عليه.

أما إخلاء السبيل الجوازي فمرهون بتقدير سلطة التحقيق، فهو تقديري لها، ومحله تقديرها أن مصلحة التحقيق لم تعد تقتضيه، وصفته التقديرية تقابل الصفة التقديرية للتوقيف الاحتياطي. فإخلاء السبيل الجوازي -بخلاف إخلاء السبيل الوجوبي - ليس حقاً للمدعى عليه الموقوف.

1- إخلاء السبيل بحق (إخلاء السبيل الوجوبي): هو التزام سلطة التحقيق إخلاء سبيل الموقوف احتياطياً من دون أن يكون لها تقدير ملاءمته، ومحل إخلاء السبيل الوجوبي حالات قدّر المشرع أن علة التوقيف الاحتياطي قد زالت على نحو لا شك فيه، ومن ثم يتعين انقضاؤه حتماً.

وهناك عدة حالات لإخلاء السبيل الوجوبي:

الحالة الأولى: نصت عليها المادة 117/2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث يتوجب إخلاء سبيل المدعى عليه الموقوف، وذلك بعد استجوابه بخمسة أيام دون أن يكون هناك حاجة إلى تقديم طلب من المدعى عليه إذا توافر الشرطان التاليان:

أ- أن تكون الجريمة من نوع الجنحة، ويكون الحد الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة.

ب- أن يكون للمدعى عليه موطن في سورية، شريطة ألا يكون قد حكم عليه قبلاً بجناية، أو بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر بدون وقف التنفيذ.

الحالة الثانية: نصت عليها المادتان 132 و149/1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإذا قرر المحقق (سواء قاضي التحقيق أو قاضي الإحالة) منع محاكمة المدعى عليه؛ لأن الفعل لا يؤلف جرماً، أو لا دليل على ارتكابه إياه وجب إطلاق سراحه حالاً، ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر.

الحالة الثالثة: نصت عليها المواد 133 و135 و149/2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإذا تبين لقاضي التحقيق أو الإحالة أن الفعل مخالفة يطلق سراح المدعى عليه الموقوف.

كما يطلق سراحه إذا كان الفعل جنحة لا تستوجب الحبس، ولكن يجب على المدعى عليه في هذه الجنحة أن يتخذ له موطناً في مركز المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى إذا كان مقيماً خارجها.

الحالة الرابعة: ونصت عليها المادة 215/2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإذا كان المدعى عليه موقوفاً، وقضت محكمة الدرجة الأولى بالبراءة، أو بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ، أو بالغرامة أطلق سراحه فور صدور الحكم وبالرغم من استئنافه.

وكذلك إذا قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهم، فتطلق سراحه في الحال ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر، وذلك عملاً بالمادة 312 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. 

2- إخلاء السبيل الجوازي: يحق للمدعي عليه الموقوف -في غير إخلاء السبيل- بحق طلب تخلية سبيله في جميع أدوار التحقيق والمحاكمة، وأياً كان نوع الجرم المسند إليه.

والجهة القضائية التي يقدم إليها طلب إخلاء السبيل ليست ملزمة الموافقة عليه، بل لها سلطة تقدير إخلاء سبيله أو الامتناع عن ذلك، وهي تتخذ قرارها بالسلب أو الإيجاب بعد تقدير المبررات التي استدعت إصدار مذكرة التوقيف، على ضوء تقدير الوقائع والأدلة والظروف وأثر الجريمة في الهيئة الاجتماعية.

ثالثاً- شروط إخلاء السبيل الجوازي:

1- بناء على طلب: لا يكون إخلاء السبيل الجوازي إلا بناء على استدعاء من قبل الموقوف نفسه، بموجب أحكام المادة 121 من قانون أصول المحاكمات الجزائية يقدم طلب تخلية السبيل بموجب استدعاء. وينظر المرجع القضائي بطلب إخلاء السبيل المقدم إليه في غرفة المذاكرة في جميع الأحوال.

2- تعهد المدعى عليه: ويجب أن يتضمن طلب الإخلاء تعهداً بحضور جميع المعاملات التحقيقية كلما طلب منه ذلك، وبإنفاذ الحكم عند صدوره.

3- اختيار موطن: يجب على المدعى عليه أن يختار موطناً له في مركز دائرة التحقيق أو المحكمة التي قررت إخلاء سبيله، يُبلَّغ فيه القرارات الصادرة عن المحقق. والحكمة من هذا الشرط تسهيل الأعمال التحقيقية.

4- استطلاع رأي النيابة العامة: على الجهة القضائية التي قدم إليها طلب إخلاء السبيل أن  تستطلع رأي النيابة العامة.

ولكن الجهة القضائية غير مرتبطة بهذا الرأي، فلها أن توافق عليه، أو أن تقرر خلافه؛ لأن إخلاء السبيل جوازي في كل الأحوال.

5- ألا يكون المتهم بجناية فاراً: إذا كان المتهم فاراً من وجه العدالة وصدر بحقه حكم غيابي من محكمة الجنايات فإنه إذا قبض عليه، أو سلم نفسه بعد ذلك تعاد محاكمته من جديد، فلا يجوز في هذه الحالة إخلاء سبيله.

6- تقديم  كفالة: وهنا لا بد من التمييز بين حالتين:

فيما يخص محكمتي الجنايات والنقض، لا يجوز إخلاء سبيل المتهم إلا بكفالة نقدية أو مصرفية. أما إخلاء السبيل من غير هاتين المحكمتين فإنه متروك لرأي القاضي، وهو حر في تقدير لزوم الكفالة لإخلاء السبيل فيحدد مقدارها، أو عدم لزومها فيقرر إخلاء السبيل من  دون كفالة.

وتضمن هذه الكفالة قسمين:

القسم الأول: حضور المدعى عليه معاملات التحقيق والمحاكمة ومثوله لإنفاذ الحكم عند صدوره.

القسم الثاني: تأدية المبالغ الآتي ذكرها بالترتيب التالي:

أ- الرسوم والنفقات التي عجلها المدعي الشخصي.

ب- الرسوم والنفقات المتوجبة للدولة.

ج- الغرامات.

رابعاً- السلطة المختصة بتقدير إخلاء السبيل:

هناك قاعدتان في تحديد السلطة المختصة بتقدير إخلاء السبيل:

القاعدة الأولى: إن السلطة التي تختص بإخلاء السبيل هي السلطة التي أمرت بالتوقيف الاحتياطي، مادامت تباشر التحقيق، فالمبدأ الذي قرره المشرع أن ثمة تقابلاً بين السلطة التي تأمر بالحبس والسلطة التي تأمر بإخلاء السبيل.

وعلة هذا التقابل أن السلطة التي قدرت ملاءمة الحبس هي الأقدر من غيرها على إعادة وزن اعتبارات الملاءمة، وتقرير الإفراج بناء على ما طرأ عليها من تغير.

بالتالي يقدم المدعى عليه الموقوف استدعاء تخلية سبيله في جميع أطوار التحقيق والمحاكمة، إما إلى قاضي التحقيق وإما إلى قاضي الصلح المفوض خطياً بالتحقيق، وإما إلى قاضي الإحالة بحسب الحال، وفي أثناء المحاكمة إلى المحكمة الناظرة في الدعوى.

مع الإشارة إلى أنه في القضايا الجنائية، بموجب أحكام المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية فإن المتهم - أي الذي قرر قاضي الإحالة اتهامه بالجناية وإحالته إلى محكمة الجنايات - يحال موقوفاً بموجب مذكرة قبض.

ولكن المتهم الذي لم يكن قد تقرر توقيفه أثناء التحقيق، أو تقرر إخلاء سبيله أثناء التحقيق أو المحاكمة يجب عليه أن يسلم نفسه قبل موعد الجلسة بيوم واحد على الأقل، ويبقى موقوفاً حتى صدور الحكم، على أنه يجوز لمحكمة الجنايات أثناء النظر في القضية أن تخلي سبيل المتهم إذا استدعاها وفقاً لقواعد إخلاء السبيل.

القاعدة الثانية: أنه ليس لقاضي التحقيق أو قاضي الإحالة بعد إصدار قرار الظن أو الاتهام ولا للمحكمة بعد الحكم بالدعوى النظر في تخلية السبيل.

ويعود هذا الأمر للمرجع الذي رفعت إليه الدعوى. والمرجع القضائي بمعناه المطلق يدل على كل مرجع وضع يده على الدعوى لينظر فيها، سواء كان قاضي الإحالة بالنسبة لقاضي التحقيق، أم محكمة الاستئناف بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى، أم محكمة النقض بالنسبة للدوائر القضائية الأخرى.

وثمة استثناء واحد يجيز للجهة القضائية - بعد أن رفعت يدها عن الدعوى - البت في طلب تخلية السبيل، ويتمثل في حالة ما إذا صدر عن جهة التحقيق أو الحكم قرار بعدم اختصاصها، فإن المشرع رأى أن يرفق بالمدعى عليه خشية أن يطول أمر البت في الاختصاص، فقرر أن يترك للقاضي الذي قرر عدم اختصاصه حق البت في أمر إخلاء السبيل، حتى يفصل في قضية الاختصاص.

خامساً- الطعن بقرار إخلاء السبيل:

أجاز القانون الطعن بالقرار الصادر بشان إخلاء السبيل، سواء كان بالإيجاب أم بالرفض أمام المرجع القضائي الأعلى من المرجع الذي صدر منه، من قبل الذي يدعي الضرر من القرار. وبمطلق الأحوال يجب أن يقدم الطعن بواسطة المرجع الذي أصدر القرار المستأنف إلى المرجع الأعلى.

فإذا كان القرار صادراً عن قاضي التحقيق أو من ينوب عنه فإن الاستئناف يقدم بواسطته إلى قاضي الإحالة، وإذا كان القرار صادراً عن محاكم الدرجة الأولى (محكمة صلحية في مادة جنحية أو محكمة بدائية) فإن الاستئناف يقدم بواسطتهما إلى محكمة الاستئناف. ويجوز الطعن بالنقض بالقرار الصادر بشأن إخلاء السبيل عن محاكم الدرجة الأخيرة.

وقد حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية ميعاداً قصيراً للطعن 24 ساعة تبدأ:

بحق النائب العام من تاريخ وصول القرار إلى قلمه للمشاهدة.

أما المدعي الشخصي (إذا تقرر إخلاء السبيل) فمن تاريخ التبليغ.

أما المدعى عليه (إذا رد القاضي طلب إخلاء السبيل) فمن تاريخ التبليغ.

مراجع للاستزادة:

- حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية- الجزء الثاني (المراحل الإجرائية التي تمر بها الدعوى)، الطبعة التاسعة (منشورات جامعة دمشق، 2003-2004).

- عبد الوهاب بدرة، دعوى الحق العام- التحقيق الابتدائي، الجزء الثاني، الطبعة الأولى (حلب 1988).

- عبد الوهاب حومد، أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الرابعة (المطبعة الجديدة، دمشق 1987).

- علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2002).

- محمد الفاضل، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الأول، الطبعة الرابعة (مطبعة الإحسان، دمشق 1977).

- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الثانية (دار النهضة العربية، القاهرة 1988).


- التصنيف : القانون الجزائي - النوع : القانون الجزائي - المجلد : المجلد الأول، طبعة 2009، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 96 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق