الإثبات ب-الوسائل الإلكترونية
-
محمد سعيد إسماعيل
ماهية المستندات الإلكترونية |
الشروط الواجب توافرها في المستندات الإلكترونية |
الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية |
أصبحت التجارة الإلكترونية مؤخراً وسيلة شائعة متزايدة سواء للأفراد أم الشركات التجارية لشراء السلع وبيعها أو الخدمات، غير أن هذه الممارسات التقليدية التي تتطلب إجراءات تعاقدية لتوثيق المعاملات التجارية في مستندات أو وثائق مكتوبة باتت تشكل تحدياً للصفقات التجارية الإلكترونية التي تتم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة كالبريد الإلكتروني و«الفاكس» و«التلكس» والهاتف النقال أو عن طريق التبادل الإلكتروني للبيانات (electronic data interchange) لإبرام العقود الإلكترونية بشكلها ومضمونها الجديد.
وفي الواقع فإن واحدة من أهم المزايا التي رسختها ممارسة الأعمال التجارية عن طريق استخدام الوسائط الرقمية المتعددة هي الاستغناء التام عن الحاجة لنقل الأوراق وتخزينها، وبذلك فإن العقود الإلكترونية أصبحت هي القاعدة، وإن استخدام المستندات الورقية لتوثيق هذه المعاملات تراجعت أهميته في ظل هذه البيئة التجارية الجديدة.
وإذا كان بعضهم يشكك في إمكانية العقود الإلكترونية على الصمود في المجتمع التقليدي الورقي فإنه وعلى نطاق واسع هناك اتجاه آخر يدعو إلى التوسع في الشروط القانونية التي تتطلب توثيق المستندات الورقية المكتوبة والموقعة خطياً لتشمل المستندات المكتوبة والموقعة إلكترونياً. وإن هذا الرأي الأخير كان بمنزلة القوة الدافعة وراء الجهود التي بذلتها الهيئات الدولية والتشريعات الوطنية لصياغة القواعد القانونية التي من شأنها تقرير الاعتراف القانوني بالمستندات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني لإزالة العقبات القانونية وخلق المزيد من اليقين القانوني للمعاملات والتجارة الإلكترونية.
وفي سورية صدر مؤخراً قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة (رقم/4/تاريخ 19/2/2009) بعد انتظار دام طويلاً. ويُعد هذا القانون الثاني على مستوى الدول العربية بعد قانون التوقيع الإلكتروني المصري (رقم/15/تاريخ 21/4/2004)، ويبدو أن المشرع المصري ومن بعده السوري قد استقى أحكام قانون التوقيع الإلكتروني من القواعد القانونية التي تضمنها قانون «الأونسيترال» النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية عام 2001، ولا ريب في ذلك ما دام أن هذا القانون النموذجي قد تضمن قواعد تشريعية موحدة تتضمن معايير قانونية وعملية يمكن أن تقاس على أساسها الموثوقية التقنية للتواقيع الإلكترونية.
وجاء قانون التوقيع الإلكتروني نتيجة اهتمام الجمهورية العربية السورية بالتجارة الإلكترونية وازدياد استخدام الوسائل الإلكترونية في إتمام الصفقات التجارية، وسيكون لهذا القانون دور كبير في تذليل الكثير من التحديات القانونية التي تتمحور في معظمها حول أثر استخدام وسائل الاتصال الحديثة في إبرام العقود الإلكترونية. ويُعد هذا القانون نافذاً بعد ستة أشهر من تاريخ نشره الموافق لـ 25/2/2009.
أولاً ـ ماهية المستندات الإلكترونية
قبل البدء في دراسة ماهية المستندات الإلكترونية لابد من الإشارة إلى أن قانون التوقيع الإلكتروني تضمن في المادة الأولى منه التعريف ببعض التعابير التي سترد في معرض تطبيق أحكامه، ومنها:
الوثيقة الإلكترونية (electronic document): وعرفها بأنها:
«وثيقة تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل - كلياً أو جزئياً - بوسيلة إلكترونية، وتكون قابلة للاسترجاع بصورة يمكن إدراكها».
وكذلك الوسائل الإلكترونية (electronic means): عرفها بأنها:
«وسائل إلكترونية أو كهربائية أو مغنطيسية أو كهرطيسية أو ضوئية أو رقمية أو أي وسائل مشابهة تستخدم في تبادل البيانات أو المعلومات أو معالجتها أو حفظها أو تخزينها».
يبدو أن المشرع السوري استخدم تعبير الوثيقة الإلكترونية بدلاً من المستند الإلكتروني، في حين أن قانون التوقيع الإلكتروني المصري استخدم كلمة المحرر الإلكتروني وهذا يناسب ما ورد في قانون الإثبات المصري (رقم/25/لسنة 1968) حيث استخدم عبارة المحررات الرسمية والمحررات العرفية. وإذا كان قانون البينات السوري قد استخدم تعبير الأسناد الرسمية والأسناد العادية فإن تعبير المستند الإلكتروني يبدو منطقياً وأكثر دقة من الوثيقة الإلكترونية. وخصوصاً أن قانون التوقيع الإلكتروني تضمن في الفقرة (ج) من المادة الثانية أنه:
«تطبق في شأن إثبات صحة الوثائق الإلكترونية الرسمية والعادية والتواقيع الإلكترونية - فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون - وفي النواظم والضوابط التي يصدرها الوزير بناء على قرار من مجلس إدارة الهيئة الأحكام المنصوص عليها في قانون البينات».
وبذلك فإن قانون التوقيع الإلكتروني يحيل إلى قانون البينات كل ما لم يرد بشأنه نص فيه، فيما يتعلق بإثبات صحة الوثائق الإلكترونية الرسمية والعادية. وتبنى المشرع السوري مفهوماً واسعاً للوثيقة الإلكترونية لتشمل كل الرسائل التي تُنتج من المعاملات الإلكترونية وتنفذ بوسائل إلكترونية، بما في ذلك كل مخرجات الحاسب الإلكتروني لتشمل أيضاً السجلات الإلكترونية. ويبدو ذلك واضحاً من استخدام عبارة «وسائل مشابهة» في تعريف الوسيلة الإلكترونية حيث يمتد مفهومها ليشمل كل الوسائل التكنولوجية الجديدة التي تفرزها التطورات التقنية في المستقبل، والوثيقة الإلكترونية تشمل كل الرسائل التي تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل إلكترونياً، أي في شكل غير ورقي. أما عبارة «كلياً أو جزئياً» فإنها تدل على أن المشرع أفسح المجال لبعض الحالات التي يشترط فيها القانون استخراج الوثيقة الإلكترونية وإفراغ محتواها على وثيقة ورقية، وهذا طبعاً لن يؤثر في الطبيعة القانونية للمستند بعده وثيقة إلكترونية.
ثانياً ـ الشروط الواجب توافرها في المستندات الإلكترونية
تبنى قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية قواعد أساسية ومهمة، من أهمها مبدأ النظير أو المكافئ الوظيفي، ويقصد به عدم التمييز ضد استعمال النظائر الوظيفية للمستندات الورقية التقليدية في رسائل البيانات الإلكترونية متى استوفت الشروط المطلوبة للقيام بالوظائف نفسها التي تقوم بها المستندات الورقية التقليدية. لذلك فإن المستندات الإلكترونية لكي تكتسب الحجية الكاملة في الإثبات ومساواتها بالأدلة الخطية يجب أن تتوافر فيها على الأقل الشروط المطلوبة في المستندات الورقية التقليدية. وهذه الشروط يمكن تحديدها على النحو الآتي:
1- الكتابة: تُعد الكتابة وسيلة هامة لتقديم دليل مادي للتعبير عن نية الأطراف للالتزام بالشروط التي وردت في العقد. وبالتالي فإن الكتابة الموجودة على وثيقة ما يجب أن تكون مقروءة لجميع الأطراف ومدونة على سجل يسمح بالحصول على نسخة منها للمصادقة عليها من قبل الأطراف بالتوقيع، ويمكن حفظها واسترجاعها في أي وقت من دون تعديل أو تغيير، وقد تكون الكتابة خطية أو مطبوعة بأي وسيلة كالطباعة بالآلة الكاتبة، أو التصوير الفوتوغرافي أو أي وسيلة أخرى تكون فيها الكلمات واضحة. وتضمن قانون التوقيع الإلكتروني السوري تعريفاً للكتابة الإلكترونية بأنها: «حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخرى تثبت على حامل إلكتروني، وتعطي دلالة قابلة للإدراك».
ويبدو من التعريف السابق أن قانون التوقيع حدد المقصود بالكتابة الإلكترونية بما يلي:
أ - أن يتضمن الدليل كتابة بأي شكل من الأشكال سواء عن طريق حروف أم أرقام أم أي علامات أخرى في إشارة منه إلى الكتابة الإلكترونية المشفرة التي تظهر على شكل إشارات أو حروف أو أرقام.
ب - أن تكون الكتابة الإلكترونية واضحة وتعطي دلالة قابلة للإدراك: أي أن تكون مفهومة للطرفين المتعاقدين وللغير، فإذا كانت الكتابة الإلكترونية مشفرة فإنها تعد دليلاً واضحاً متى أصبحت مفهومة لدى الأطراف وكان بالإمكان استخدام وسائل فك الشيفرة للتعرف إلى الرموز والأرقام والكلمات التي تتضمنها هذه الكتابة الإلكترونية.
ج - حفظ محتوى الكتابة الإلكترونية على حامل إلكتروني: يُعرف الحامل الإلكتروني (electronic medium) في قانون التوقيع الإلكتروني بأنه:
«وسيط مادي يستخدم الوسائل الإلكترونية لتبادل أو حفظ أو تخزين البيانات أو المعلومات، مثل الأقراص المدمجة أو الأقراص الضوئية أو الأقراص الممغنطة، أو الذاكرات الإلكترونية أو أي وسيط آخر مشابه».
ويتضح من تعريف الحامل الإلكتروني أن المشرع تطلب إفراغ محتوى الكتابة الإلكترونية في دعامة مادية بوسيلة إلكترونية تسمح بالتبادل الإلكتروني للمعلومات وتمكن من حفظها وتخزينها على نحو آمن. ولم يحدد المشرع وسائل إلكترونية معينة وإنما عدد بعضها على سبيل المثال ليترك المجال واسعاً أمام كل الوسائط الأخرى المشابهة.
2- التوقيع:
يُعرف التوقيع التقليدي بأنه: «علامة أو إشارة تميز شخصية الموقع، وتعبر عن إرادته في الالتزام بمضمون السند الموقع وإقراره». ويلاحظ أن التوقيع الخطي يؤدي إلى سهولة تمييز الشخص الذي وقع السند وتحديد هويته، ونسبة المستند إلى شخص الموقع، والموافقة على ما تضمنه السند من محتوى وقبوله به. وبذلك فإنه يُعد إشارة إلى نية على التزام المحتوى.
وتضمن القانون تعريفاً للتوقيع الإلكتروني (electronic signature) بأنه:
«جملة بيانات تدرج بوسيلة إلكترونية على وثيقة إلكترونية وترتبط بها، وتتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو أي شكل آخر مشابه، ويكون لها طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره وينسب إليه وثيقة إلكترونية بعينها».
يبدو من التعريف أن المشرع لم يحدد طريقة معينة لإنشاء توقيع إلكتروني، فقد يتم بأسلوب التوقيع الرقمي الذي يعتمد على تقنية التشفير باستخدام زوج من المفاتيح هما (المفتاح الخاص والمفتاح العام)، أو المعادلات الرياضية المعقدة، أو الخوارزميات واللوغاريتمات لتشفير رسالة البيانات الإلكترونية، أو استخدام القياسات الحيوية الفريدة لدى الإنسان وتسمى بالتواقيع البيومترية (مثل التوقيع باستخدام قزحية العين أو الصوت أو بصمة الإصبع الإلكترونية).
وتضمنت المادة الثالثة الشروط الواجب توافرها في التوقيع الإلكتروني، وهي:
أ - أن يكون مصدقاً من مزود خدمات التصديق الإلكتروني، ومعتمداً بشهادة المصادقة الإلكترونية.
ب - ارتباط التوقيع بالموقع وحده دون غيره، للتعريف بهوية الشخص الموقع على الوثيقة الإلكترونية.
ج - سيطرة الموقع وحده دون غيره على منظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني المستخدمة.
د - ارتباط التوقيع بالوثيقة الإلكترونية بطريقة تمنع أي تعديل أو تبديل على الوثيقة.
وتضمنت الفقرة (أ) من المادة الثانية الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني ومنحه الحجية ذاتها المقررة للتوقيع التقليدي إذا روعي في إنشائه وإتمامه الأحكام الواردة في هذا القانون. وبذلك فإن المشرع السوري أخذ بمبدأ النظير الوظيفي من حيث الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني بعدّه نظيراً وظيفياً للتوقيع الخطي.
3- التصديق الإلكتروني:
عرف قانون التوقيع الإلكتروني مزود خدمات التصديق الإلكتروني بأنه:
«جهة مختصة مرخص لها بإصدار شهادات التصديق الإلكتروني، وتقديم أي خدمات أخرى تتعلق بذلك».
وعرف شهادة التصديق الإلكتروني بأنها: «شهادة اعتماد تصدر عن جهة مختصة مرخص لها، الهدف منها إثبات عائدية توقيع إلكتروني إلى شخص طبيعي أو اعتباري معين، سنداً للارتباط بين الموقع وبيانات إنشاء التوقيع الإلكتروني المعتمدة الخاصة به».
ويقوم مزود خدمات التصديق الإلكتروني بدورٍ مهم، بعدّه طرفاً ثالثاً مؤتمناً وموثوقاً به للتحقق من صحة البيانات التي تتضمنها المستندات الإلكترونية والمصادقة على التوقيع الإلكتروني عن طريق الشهادات التي يصدرها، وتتضمن هذه الشهادات قاعدة بيانات إلكترونية توفر جميع المعلومات الضرورية لأطراف المعاملات الإلكترونية، وتُعتمد هذه الشهادة من الجهة التي أصدرتها لتصبح بذلك شهادة مصدقة من قبل سلطات التصديق المختصة والمرخص لها بإصدار شهادة تصديق إلكتروني. ولابد من الإشارة إلى أن سلطات التصديق ستقوم بالمصادقة على التوقيع الإلكتروني والمستندات الإلكترونية أيضاً.
4- حفظ المستندات الإلكترونية وإمكانية الاسترجاع للمحتوى بصورة يمكن إدراكها:
يتم حفظ المستندات الإلكترونية على وسيط مادي يستخدم الوسائل الإلكترونية في عملية تبادل البيانات أو حفظها أو تخزينها، وهذا ما أطلق عليه قانون التوقيع الإلكتروني اسم الحامل الإلكتروني. غير أنه يشترط أن يتم حفظ المعلومات وتخزينها بطريقة تسمح بالاسترجاع للبيانات في أي وقت وبصورة يمكن فهمها وإدراكها بوضوح. وإن الوسائل الإلكترونية المستخدمة للاحتفاظ بالمستندات الإلكترونية لا يمكن تعدادها على سبيل الحصر، وإنما يمكن التعرف إلى أهم هذه الوسائل، وهي:
- مخرجات الحاسوب الإلكتروني: يستخدم الحاسوب الإلكتروني لتخزين المعلومات بعد تحويلها إلى بيانات في لغة مفهومة للحاسوب فقط، وعندما نرغب في استرجاع المعلومات التي قمنا بتخزينها لدى الحاسوب فإنه سيقوم بإعادة تحويل البيانات إلى معلومات في صورة لغة يفهمها الإنسان حتى يمكن الاستفادة منها. لذلك فإن الحاسوب الإلكتروني له استعمالات كثيرة، أهمها:
- أنه وسيلة هامة لنقل المعلومات.
- وهو وسيلة لتخزين المعلومات.
- كما أنه وسيلة للوفاء أو الدفع الإلكتروني، مثل الدفع باستخدام النقود الإلكترونية.
وتنقسم مخرجات الحاسوب الإلكتروني إلى عدة أنواع:
النوع الأول - المخرجات المثقبة: وهي بطاقات مثقبة، أو شرائط مثقبة، ويبدو أن هذه المخرجات لم تعد تستخدم كثيراً لانتشار وسائل أكثر أهمية.
أ- البطاقات المثقبة: وهي عبارة عن بطاقة كرتونية رقيقة، يبلغ طولها 18.7 سم وعرضها نحو 8.7 سم، وتتكون من 80 عموداً و12 سطراً، ويمكن لكل عمود أن يحتوي حرفاً أو رقماً أو رمزاً يستعمل في المعالجة الإلكترونية. وتتم طباعة المعلومات على هذه البطاقة بوساطة ما يسمى بالطابعة التنقيطية، حيث يتم تثقيب البطاقة بهذه الطابعة، ويلاحظ أنه عند تثقيب البطاقة فإنه لا يمكن تثقيبها مرة أخرى.
ب- الشرائط المثقبة: وهي شريط ورقي ملفوف على بكرة، ويبلغ عرض الشريط حوالي 2.5سم وتثقب فيه المعلومات على 8 قنوات. ويستخدم هذا الشريط مع أجهزة التلكس.
النوع الثاني - المخرجات الممغنطة: وهي عبارة عن الشريط المغناطيسي، أو الأسطوانة الممغنطة.
أ- الشريط المغناطيسي: وهو شريط من البلاستيك أو البوليستر مغطى بطبقة معدنية قابلة للمغنطة وقادرة على تخزين البيانات في شكل نقط ممغنطة على امتداد الشريط. وتمتاز هذه الأشرطة بطولها وقدرتها على تخزين كمية كبيرة من البيانات مدة طويلة مع إمكانية منع مسح الشريط بوضع حلقة معدنية خلف بكرة الشريط حيث لا يمكن مسح البيانات أو تعديلها بعد التسجيل.
ب- الأسطوانة الممغنطة: وهي قطعة معدنية دائرية الشكل، ويبلغ قطرها 14 بوصة، مطلية بطبقة رقيقة من أكسيد الحديد يمكن شحنها مغناطيسياً بسهولة.
النوع الثالث – الميكروفيلم(COM) (computer output microfilm):
يقصد بذلك الميكروفيلم الذي يمثل في نظام يقوم بقراءة المعلومات بطريقة غير مباشرة من شريط ممغنط مستخرج من الحاسوب أو بطريقة مباشرة من الحاسوب، ثم يقوم بعد ذلك بتسجيلها على أفلام ملفوفة أو شرائح.
ويمتاز الميكروفيلم بقدرته على تخزين كمية كبيرة من المعلومات في حجم صغير جداً، وإمكانية الاحتفاظ بها مدة طويلة، وتحقيق أمن للمعلومات من خلال حفظها من الضياع والسرقة. والميكروفيلم هو محصلة معالجة البيانات معالجة إلكترونية، ولا يقصد به الميكروفيلم العادي الذي هو مجرد نسخ تصويري أو فوتوغرافي بمقياس مصغر لمستند ورقي.
وظهرت مؤخراً وسائل تكنولوجية حديثة تمتاز بالسرعة الفائقة في نقل المعلومات والقدرة على حفظها وتخزينها بسهولة، وتمنع إدخال أي تعديل أو تغيير فيها من دون أن يتم كشفها وخصوصاً باستخدام الترميز والتشفير للبيانات عن طريق المفتاح العام والخاص، وتمكن هذه الوسائل أطراف المعاملات الإلكترونية من استرجاع المعلومات بفك التشفير بسهولة ويسر، ومن أهمها: (الفاكس والتلكس والبطاقات ذات الشريط المغنطيسي والإنترنت عبر صفحات الويب والبريد الإلكتروني والبطاقات الذكية والفلاشات وغيرها). ويضيق المجال هنا لاستعراض كل هذه الوسائل الحديثة لنقل المعلومات وتخزينها، ولكن يمكن القول إن انتشار هذه الوسائل دليل على قدرتها على الحفاظ على المستندات الإلكترونية وفقاً للشروط التي تتطلبها التشريعات الوطنية.
ثالثاً - الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية
1- منح الوثيقة الإلكترونية الحجية الكاملة في الإثبات:
أقرَّ قانون التوقيع الإلكتروني السوري مبدأً أساسياً في الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية، ومفاده منح الوثيقة الإلكترونية الحجية ذاتها المقررة للأدلة الكتابية في أحكام قانون البينات، فقد نصت الفقرة (أ) من المادة الثانية منه على أنه:
«أ - للتوقيع الإلكتروني المصدق المدرج على وثيقة إلكترونية - في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية - ذات الحجية المقرة للأدلة الكتابية في أحكام قانون البينات، إذا روعي في إنشائه وإتمامه الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون…».
ويستفاد من النص السابق الاعتراف القانوني بالحجية الكاملة للوثيقة الإلكترونية المطابقة للشروط المنصوص عليها في هذا القانون، وبالتالي فإن الوثائق الإلكترونية سيطبق عليها ما يطبق على الأدلة الكتابية في قانون البينات، ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الوثائق الإلكترونية:
النوع الأول - الوثيقة الإلكترونية الرسمية الصادرة عن موظف رسمي مختص، ومن شأنها أن تتمتع بالحجية نفسها المقررة في قانون البينات للأسناد الرسمية وتكون حجة على الأطراف وعلى الغير ولا يجوز الطعن بها إلا بالتزوير في الأحوال المقررة قانوناً.
النوع الثاني - الوثيقة الإلكترونية العادية الموقعة من ذوي الشأن، وسيكون لها حجية فيما بين الأطراف الموقعة عليها، وتكون حجة على الغير إذا كان لها تاريخ ثابت.
النوع الثالث - الوثائق الإلكترونية غير الموقعة سيكون لها حجية محدودة في الإثبات ويمكن أن تُعد مبدأ ثبوت بالكتابة إذا تحققت فيها الشروط المطلوبة.
2- شروط صحة الوثائق الإلكترونية:
يخضع إثبات صحة الوثائق الإلكترونية للشروط الواردة نفسها في قانون البينات وذلك بحسب نوع الوثيقة الإلكترونية، مع إمكانية إضافة بعض الشروط الخاصة بالوثائق الإلكترونية في النواظم والضوابط التي ستصدر في اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني.
وأضفى قانون التوقيع الإلكتروني للصورة المنسوخة على الورق من الوثيقة الإلكترونية الحجية ذاتها المقررة في الإثبات لهذه الوثيقة، بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل م(2/ب). ويستفاد من ذلك أن المشرع اشترط لمنح الصورة الورقية للمستند الإلكتروني حجية الأصل ما يأتي:
أ - وجود المستند الإلكتروني الذي يُعد مستنداً أصلياً.
ب - مطابقة الصورة الورقية للوثيقة الإلكترونية الأصلية.
ويبدو أن الصورة المنسوخة على الورق للوثيقة الإلكترونية هي نسخة أصلية وليست صورة، فلو أن المشرع اشترط في الوثيقة الإلكترونية الرسمية إفراغها في وثيقة ورقية لتقديمها إلى جهة مختصة فهل يمكننا القول إن الوثيقة الورقية هي صورة أم أصل أم نسخة طبق الأصل. وإن الأقرب إلى المنطق القانوني هو عدّ الصورة الورقية للمستند الإلكتروني نسخة أصلية وليست صورة وبالتالي فإنها تحوز حجية الوثيقة الإلكترونية نفسها عند تحقق الشرطين المذكورين. ويمكن تطبيق ذلك على صورة الفاكس التي يتم استخراجها في شكل وثيقة ورقية فإنها ستمثل أصلاً وليست صورة بطبيعة الحال.
وأخيراً… يلاحظ أن المشرع المصري أيضاً منح المحررات الإلكترونية الحجية ذاتها المقررة للمحررات الرسمية والعرفية في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية متى استوفت الشروط المنصوص عليها في قانون التوقيع الإلكتروني م(15)، في حين اكتفى المشرع الأردني في قانون البينات (رقم/30/لسنة/1952/ والمعدل سنة/2001/) بأن تكون لمخرجات الحاسوب المصدقة أو الموقعة من حيث الإثبات قوة الأسناد العادية م(13/ج)، وكذلك الأمر في قانون التجارة الإلكترونية البحريني (الصادر في/14/سبتمبر/2002/) حيث أقر المشرع البحريني بأن للسجلات الإلكترونية الحجية ذاتها المقررة في الإثبات للمحررات العرفية م(5/1)، وبالتالي فإن بعض المشكلات القانونية ستبقى موجودة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمحررات الإلكترونية الرسمية التي ستحوز على حجية المحررات العرفية دون المحررات الرسمية مما يدل على أن التكافؤ بين المستندات الإلكترونية والمستندات الورقية لا يتحقق على النحو الذي صاغته القواعد القانونية لقانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية، ولا يكون للمحررات الإلكترونية الحجية الكاملة في الإثبات. غير أن المشرع السوري في قانون التوقيع الإلكتروني كان أكثر تطوراً ممن سبقه في هذا المجال عندما أضفى على المستندات الإلكترونية الحجية ذاتها المقررة للأدلة الكتابية في قانون البينات. وهذا يتفق مع النهج الذي اتبعه المشرع السوري في تطوير التشريعات التجارية التي صدرت مؤخراً وتحديثها، والتحول التدريجي نحو مستقبل الحكومة الإلكترونية.
مراجع للاستزادة: - السيد محمد السيد، المبادئ الأساسية في الحاسبات الإلكترونية (دار المعارف، القاهرة 1891). - المطالقة حمد فواز، النظام القانوني للعقود الإلكترونية المبرمة عبر الإنترنت، رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة الدول العربية، قسم الدراسات القانونية (القاهرة 2004م). - الملاحي علي فلاح علي، مفهوم الحاسب الآلي، الطبعة الأولى (الكويت 1982م). |
- التصنيف : القانون الجزائي - النوع : القانون الجزائي - المجلد : المجلد الأول، طبعة 2009، دمشق مشاركة :