الشركات المدنية
شركات مدنيه
civil companies - sociétés civiles
هيثم الطاس
عرف عقد الشركة منذ أقدم العصور ولاسيما في بلادنا وبلاد بابل واليونان، وفي الحقوق الرومانية كانت الشركة عقداً من العقود الرضائية الأربعة إلى جانب البيع والإجارة والوكالة. ومن الوجهة التاريخية فقد انبثقت الشركة عن الملكية الشائعة، كما توضحه الدراسات الحديثة في الحقوق الرومانية مثلاً، إذ كانت أموال التركة ملكية مشتركة بين الورثة عند وفاة رب الأسرة، فإذا اتفق الورثة على إدارة الأموال المشتركة تحولت الملكية الشائعة إلى شركة تبقى فيها أموال التركة ملكاً شائعاً بين الورثة لانتفاء الشخص الاعتباري الذي يمكنه تملك أموال التركة، إذ لم تكن الشركة سوى عقد بين الشركاء يولد التزامات متقابلة ولا ينشأ منه شخص اعتباري مستقل عن الشركاء، على أن هذا الوضع ما لبث أن تحول بدخول روما معترك التجارة، فأخذ الناس يؤسسون الشركات بمعزل عن أي تركة، وعندما شاع تلزيم الضرائب إلى المتعهدين أخذ هؤلاء يؤسسون فيما بينهم شركات يتعاونون فيها على جباية المبالغ الضخمة التي تمثلها الضرائب، فكانت هذه الشركات والشركات بين الصيارفة ـ القريبة من شركات الأموال في عهدنا الحاضرـ نواة الشخص الاعتباري المتميز عن الشركاء. أما في الفقه الإسلامي فقد عرفت الجزيرة العربية أنواعاً من الشركات أكدتها الأحاديث النبوية الشريفة وشرحها فقهاء الشريعة وتناولتها مجلة الأحكام العدلية إلى أن وضع قانون التجارة العثماني في 8 شعبان 1266 للهجرة فتبنى أحكام قانون التجارة الفرنسي لعام 1807. والشركات نوعان: شركات مدنية وأخرى تجارية، وفيصل التفرقة بينهما يكمن في الغرض الذي تستهدف الشركة تحقيقه، وعليه تلحق الشركة الصفة التجارية إذا كان الغرض الذي قامت من أجله تجارياً، أما إذا كان الغرض مدنياً فإن الشركة تعدّ مدنية، ويعدّ الغرض تجارياً متى كان موضوع الشركة القيام بأعمال تجارية، أما إذا كان موضوعها هو القيام بالأعمال المدنية، كالاستثمار الزراعي مثلاً، فإنها تعد شركة مدنية.
أولاً ـ ماهية الشركات المدنية:
ظل مفهوم الشركات المدنية مغيباً عن الوجود في القانون السوري وفي الممارسة العملية إلى أن أبصر النور مع صدور قانون الشركات رقم /3/ لعام 2008 والذي أفرد له نصاً خاصاً أحال بموجبه على أحكام القانون المدني وأحكام القوانين الخاصة باختصاص الشركاء وعقود تلك الشركات وأنظمتها الداخلية.
1ـ مفهوم الشركات المدنية:
نصت الفقرة السادسة من المادة (6) من قانون الشركات على أن الشركات المدنية هي الشركات التي تؤسس بين شركاء من ذوي الاختصاص والمهن الفكرية أو التي يكون موضوعها مدنياً وتخضع لأحكام القانون المدني وأحكام القوانين الخاصة بها وعقودها وأنظمتها الداخلية، وهي بذلك أطلقت الروح في نصوص المواد (474 ـ 505) من القانون المدني التي كانت شبه معطلة إلا فيما سكت عنه قانون التجارة رقم /149/لعام 1949.
أ ـ التعريف بالشركة المدنية وتمييزها عن التجارية:
عرَّف نص المادة السادسة من قانون الشركات فقرة /6/ الشركات المدنية بعبارات دقيقة تناولت أشخاص الشركات المدنية وموضوعها والعمل الرئيسي الذي تزاوله، وهو الأساس الذي يُستند إليه للتفرقة بين الشركة المدنية والشركة التجارية، وتتحدد طبيعة موضوع الشركة وعملها في عقد تأسيسها، مما يجعل تحديد الصفة المدنية أو التجارية للشركة أكثر سهولة مما هي عليه للأفراد، ومن ثم إذا كان موضوع الشركة القيام بأعمال تجارية مما نصت عليه المواد (6ـ8) من قانون التجارة فتكون الشركة تجارية، أما إذا كان موضوع الشركة هو القيام بأعمال مدنية، كالأعمال الزراعية أو الأعمال الأدبية أو الفنية أو المهنية أو غير التجارية، فتكون الشركة مدنية، وقد يحصل أن يعين موضوع الشركة بصورة عامة جداً أو أن يكون لها أكثر من غرض أو موضوع، ويكتفى في هذه الحال بأن يكون أحد أغراض أو مواضيع الشركة تجارياً حتى ينفي الصفة المدنية عنها، وكذلك إذا كانت الشركة مدنية وقامت على وجه الاستمرار بأعمال تجارية فتكتسب الطبيعة التجارية، وتطبق عليها نظرية التاجر الفعلي بحيث يجوز إشهار إفلاسها وتلزم بمسك الدفاتر التجارية وغيره من الواجبات المفروضة على التجار.
ب ـ أشكال الشركات المدنية:
عددت المادة الخامسة من قانون الشركات رقم /3/ لعام 2008 الأشكال القانونية للشركات وصنّفتها في خمسة أشكال:
1ـ شركة التضامن 2ـ شركة التوصية 3ـ شركة المحاصة 4ـ الشركة المحدودة المسؤولية 5ـ الشركة المساهمة.
ومن ثم جاءت المادة السادسة لتعدد أنواع الشركات، وكان من بينها الشركات المدنية، مما يوحي ابتداء وفق ظاهر النص أنه يمكن للشركات المدنية أن تتخذ أي شكل من الأشكال الخمسة المنصوص عليها سابقاً، إلا أن المشرع عاد واستثنى الشركة المحدودة المسؤولية في نص الفقرة الثانية من المادة (55) وكذلك الشركة المساهمة في نص المادة (87) من قانون الشركات، وجعل أمثال هاتين الشركتين شركات تجارية حكماً وتخضع أعمالها لقانون التجارة، وبذلك تكون الشركات المدنية قد اقتصرت على الأنواع الثلاثة الأخرى، وهي شركة التضامن وشركة التوصية وشركة المحاصة.
ويلاحظ أنه من الممكن تأسيس شركة مدنية تخرج عن هذه الأشكال الثلاثة وتستمد أحكامها من نص العقد المنشئ لها ومن أحكام القانون المدني دونما ضرورة لاتباع الشكليات الخاصة بأنواع الشركات الثلاث الآنفة الذكر.
ثانياً ـ أركان الشركة المدنية:
فكما أن للشركة التجارية أركاناً تقوم عليها، فمن الطبيعي أن يكون للشركة المدنية مثل ذلك أيضاً وإن اختلفت بعض الشيء عن أركان الشركة التجارية، وهذا ما يقود إلى تحديد الطبيعة القانونية التي بنيت عليها هذه الشركات والغاية الرئيسية منها.
1ـ الطبيعة القانونية للشركات المدنية: عرّفت المادة (473) من القانون المدني الشركة بأنها "عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهما في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة".
ويمكن استخلاص مقومات الشركة من هذا التعريف وتوفيق هذه المقومات مع الشركات المدنية:
فهي عقد له أركان العقد المعتادة: التراضي والمحل والسبب، أما الأهلية فيكتفى فيها بالأهلية المدنية ولا تشترط الأهلية التجارية، كما هو الحال في الشركاء الذين يكتسبون الصفة التجارية في أوضاع معينة في الشركات التجارية، ولا بد أن يشترك أكثر من شخص واحد في الشركة شأنها في ذلك شأن أي عقد آخر، إلا أن الشركة تختلف عن العقود الأخرى في أن أطراف العقد، وهم الشركاء، تتحد مصالحهم بعد تكوين الشركة ولا تتعارض.
ولا بد أن يسهم كل شريك بحصة في رأس مال الشركة، وهذه الحصة هي التي تحدد عادة نصيبه في أرباحها وخسائرها، أما الشركة التي لا يحدد فيها لكل شريك حصته من رأس المال فإنها تكون شركة باطلة. وفي الشركات المدنية يقتصر رأس المال على الجزء الثابت منه وهو العقار المتخذ مقراً للشركة وبعض التجهيزات التي يحتاج إليها المقر، كالتجهيزات الطبية في شركة الأطباء وبعض الكتب القانونية في شركة المحامين وما شابه… وذلك لأن هذا النوع من الشركات ليس فيه أموال تقدم ابتداءً، إذ يقدم الشركاء خلاصة دراستهم وخبرتهم العملية، وهذا ما يرتبط بالأفكار، وهو مما يصعب تقويمه مالاً، وقد يشترط من يقدم مقر الشركة أن يسترد مقره عيناً عند انقضاء الشركة إذا لم يترتب للغير التزامات في ذمة الشركة، وهذا الشرط لا غبار عليه، وإذا لم يشترط ذلك أو قدم الشركاء ابتداءً ثمن المقر لصاحبه أو اشتروه معاً فإنه يبقى ملكاً للشركة ويتقاسمونه عند انتهاء عقد الشركة وفقاً للقواعد المقررة لذلك، وقد نص القانون المدني على أشكال وطرق مختلفة لتقديم رأس المال في الشركة، ولا بد في الشراكة من أن تتوافر عند الشركاء نية الاشتراك في النشاط الذي أسست من أجله الشركة، ويبغون من ورائه الربح كما أنه قد يجر عليهم الخسارة، وإن وجود هذه النية عند الشركاء تدل عليه بوجه خاص طبيعة النشاط الذي اشتركوا فيه، وهو مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، ويستتبع هذه النية، تقاسم الأرباح والخسائر، فإذا أعفي أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح، أو حرم من مقاسمته للأرباح مع تحمله للخسائر كانت الشركة باطلة، ومن أهم خصائص عقد الشركة أنه من العقود الشكلية؛ لأنها لا تنعقد إلا بالكتابة، وتبعاً لذلك تكون باطلة كل شراكة لا ينظمها عقد باستثناء عقد شركة المحاصة الذي يمكن للشركاء في الشركة المدنية إثباته وفقاً لقواعد الإثبات في الأمور المدنية، فإن تجاوزت قيمة الشركة خمسمئة ليرة سورية لا يصح إثباتها إلا كتابة، أو تبعاً للطبيعة الخاصة لها، كوجود مانع أدبي بين الشركاء أو وجود مبدأ ثبوت بالكتابة أو….
كما أن الشركة عقد من العقود الملزمة لجميع أطرافها، فكل شريك يلتزم نحو الشركة والشركة تلتزم نحو كل شريك بالتزامات معينة، وهي من عقود المعاوضة، إذ يقدم كل شريك حصة في رأس المال ويستولي نظيرَ تقديمه لهذه الحصة على نصيبه في أرباح الشركة إذا كانت هناك أرباح وهي عقد محدد، وليست بعقد احتمالي.
2ـ تأسيس الشركات المدنية وشخصيتها الاعتبارية:
يمكن تأسيس شركات مدنية تتخذ شكل شركة التضامن أو التوصية أو شركة المحاصة، كما يمكن تأسيس شركة مدنية تتخذ شكلاً خاصاً يأتلف وطبيعة نصوص القانون المدني من دون الحاجة إلى إضفاء تسمية خاصة على هذا النوع من الشركات، ويمكن للشركاء فيها أن يكونوا أشخاصاً طبيعيين ويمكن أن يكونوا أشخاصاً اعتباريين مدنيين أو تجاريين بشرط أن تكون نشاطات الشركة وأعمالها مدنية بحتة وأن لا تتخذ شكل الشركة المحدودة المسؤولية أو المساهمة فتعدّ شركة أموال تجارية مهما كان نوع الأعمال التي تزاولها، وإذا قامت الشركات المدنية بأعمال تجارية مستمرة وليس لها صفة العرضية فإنه من الممكن معاملتها معاملة الشركات التجارية وخضوعها لنظام الإفلاس، أما الصلح الواقي فلا مجال لخضوعها له لأنه نظام يمنح للتاجر والشركات التجارية المسجلين بهذه الصفة، ولا يمكن من ثم للشركات المدنية الاستفادة من مزية منحها القانون للتجار ذوي السلوك التجاري الحسن والذي تعرض مركزهم المالي لتعثر يمكن أن يودي بهم إلى الإفلاس، فإن الشركة المدنية حينما تتعاطى التجارة تكون قد خالفت موجبات حسن النية وقواعد تأسيسها ولا يمكنها من ثم الاستفادة من مزية الصلح الواقي المقررة للتجار.
فإذا توافرت أركان الشركة في عقد تأسيسها أو نظامها الأساسي وانعقدت الشركة صحيحة كانت شخصاً اعتبارياً (معنوياً) بمجرد تكوينها، ويترتب على ثبوت الشخصية المعنوية للشركة المدنية نتائج مهمة هي التي تترتب على الشخصية المعنوية بوجه عام، فالشركة المدنية يكون لها نائب يعبر عن إرادتها وهي فوق ذلك لها ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشركاء وأهلية في كسب الحقوق واستعمالها وحق التقاضي وموطن خاص وجنسية معينة.
ولا يحق للشركات المدنية الاحتجاج بشخصيتها الاعتبارية حيال الغير ما لم تقم بتسجيل نفسها في السجل الخاص بالشركات المدنية الذي أوجب قانون التجارة إحداثه لدى أمانة السجل التجاري في كل محافظة وفقاً للطرق والآليات المحددة في المادتين (27) و(28) من قانون التجارة، كما أوجب قانون التجارة نفسه تسجيل الشركات المدنية التي يقع مركزها خارج سورية وتريد أن تعمل في سورية بفرع أو حتى بوكالة في سجل خاص تابع لسجل الفروع والوكالات العائدة للمؤسسات والشركات القائمة خارج سورية، وذلك وفق أحكام القانون رقم /34/ لعام 2008 الخاص بفروع الشركات الخارجية، ولم يوفق المشرع في قانون الشركات وقانون التجارة على السواء حين أحدث سجلاً خاصاً بالشركات المدنية أو فروعها لدى أمانة سجل التجارة، إذ تفقد بذلك الشركات المدنية أهم خصائصها وهي أنها مدنية عندما تسجل في أمانة سجل التجارة، وحقيقة الأمر أن الشركات المدنية هي أشخاص مدنية وليست أشخاصاً طبيعية بل أشخاص معنوية اعتبارية ومن المستحسن تسجيلها في سجل خاص يتم إحداثه لدى أمانة السجل المدني أو أن يكون لها سجل خاص شبيه بالسجل العقاري، كما ألزم قانون التجارة الشركات المدنية المؤسسة في سورية أو فروع الشركات المدنية غير السورية بإيداع صك تأسيسها ونظامها الأساسي ديوان محكمة البداية المدنية في مركزها، وإن شرط تسجيل الشركة أو الفرع المدنيين في سجل خاص وإيداع صك التأسيس والنظام الأساسي في ديوان محكمة البداية المدنية شرطان موجبان لتمكين هذا النوع من الشركات من الاحتجاج بشخصيتها الاعتبارية تجاه الغير، فيحدث أحياناً أن تؤسس شركة مدنية تقوم بأعمال الوكالات القضائية (المحاماة) ويأتي أحد الأشخاص ليتعامل مع هذه الشركة ويوكلها بأعمال قضائية خاصة به فإذا لم يدفع مثلاً هذا الشخص الأتعاب المتفق عليها لشركة المحاماة يكون من المتيسر لهذه الشركة مقاضاته بوصفها شركة مع وجود نائب قانوني لها بالطبع، ولا يقتصر حق مقاضاة الموكل الذي لم يسدد الأتعاب على محامٍ معين أو جميع المحامين الذين أدرجت أسماؤهم في عقد الوكالة، إذ يكتفى في عقد الوكالة القضائية أن يذكر أن الموكل وكل الشركة الفلانية للمحاماة حتى تنصرف هذه الوكالة إلى جميع المحامين الأعضاء في شركة المحاماة، ويكون لكل منهم منفرداً أو بالاجتماع مع زملائه أن يتابع الأعمال القضائية الخاصة بالموكل حسب نص الوكالة، وبذلك تتمكن شركة المحاماة من مقاضاته واستيفاء كامل أتعابها منه.
وقد عدد قانون التجارة السوري رقم /33/ لعام 2007 في المواد (30ـ42) تحت عنوان الشركات المدنية بعض الموجبات التي تقع على عاتق الشركات، منها ما ينصرف إلى الشركات المدنية ومنها ما ينصرف إلى غيرها، وهذه الموجبات يلزم اتباعها كاملة حتى تتمكن الشركات المدنية من العمل في بيئة قانونية سليمة، وإذا لم تتبع الشركات المدنية هذه الإجراءات المقررة لها من شهر وإيداع وكل موجب فرضه قانون التجارة وقانون الشركات عليها أبقت نفسها في حالة تخبط تمكن الغير أن يحتج إما بوجود الشركة وشخصيتها الاعتبارية، وإما بعدم وجودها وأحقية مقاضاة كل شريك على حدة أو أحدهم الذي عادة ما يكون محل الثقة والملاءة المالية وهذا كله حسب مصلحة الغير الذي تعامل مع هذه الشركة، أما بين الشركاء فتعدّ الشركة المدنية قائمة ولا يعتد أو يحكم ببطلانها إلا يوم يطلب أحد الشركاء الحكم ببطلانها في حال مخالفة إجراءات الشهر والإيداع المقررة قانوناً.
ثالثاً ـ أحكام الشركة المدنية:
بعد عرض نشوء الشركة المدنية وتأسيسها ومنحها الشخصية الاعتبارية حتى وصلت إلى مرحلة الاكتمال والنضوج لا بد من البحث في سير هذه الشركة وإدارتها وانقضائها بطريقة الحل والتصفية وقسمة الأموال الناتجة من تصفية هذا النوع من الشركات.
1ـ إدارة الشركة المدنية:
أ ـ تعيين من يدير الشركة:
قد يعين الشركاء بالاتفاق فيما بينهم من يدير الشركة المدنية، فإما أن يكون هذا التعيين في عقد تأسيس الشركة فينتدبون أحدهم للإدارة، أو يقع الاختيار على أجنبي غير شريك، وإما أن يتم تعيين المدير باتفاق لاحق لعقد التأسيس، فيتفق الشركاء جميعاً على شريك أو أجنبي واحد أو أكثر لإدارة الشركة ويكون المدير أو المديرون بأجر أو بغير أجر.
ويفيد نص المادة (484) من القانون المدني أن مدير الشركة إذا كان أجنبياً يجوز عزله كما يجوز عزل الوكيل أما إذا كان المدير شريكاً فإن كان معيناً في اتفاق لاحق لعقد تأسيس الشركة فكذلك يجوز عزله، كما يجوز عزل الوكيل، وإن كان معيناً في عقد تأسيس الشركة لم يجز عزله إلا بمسوغ للعزل من خيانة أو سوء إدارة أو عجز أو تقصير كبير، ذلك أن تعيينه في عقد تأسيس الشركة يجعل هذا التعيين جزءاً من نظامها له قوة الثبات والاستقرار، وهذه الأحكام جميعها ليست من النظام العام، ويجوز الاتفاق على خلافها. أما عزل الشريك المنتدب للإدارة في عقد تأسيس الشركة لمسوغ من مسوغات العزل، فيجوز أن ينفرد بطلبه أحد الشركاء فيرفع الأمر إلى القضاء تاركاً له تقدير مدى كفاية المسوغ للعزل، وفي هذه الحالة تبقى الشركة قائمة على الرغم من العزل، وللشركاء الاتفاق على تعيين مدير آخر.
أما عزل الشريك المنتدب للإدارة باتفاق لا حق، فشأنه شأن عزل الأجنبي سواء عين ابتداء أم باتفاق لاحق، ولا حاجة فيه إلى رفع الأمر للقضاء. ويتضمن نظام التأسيس نصاً خاصاً يبين هل يقع العزل بالإجماع أو بالأغلبية أو بقرار واحد، وفي حال سكوت النص فالراجح أن يصدر القرار بالأغلبية المطلقة، وإذا كان المدير شخصاً واحداً فله الانفراد في الإدارة وفق سلطاته المحددة في نظام الشركة وإلا فعليه الالتزام بنصوص القانون المدني، فله القيام بأعمال الإدارة وبالتصرفات التي تدخل في غرض الشركة من دون غش، وتخرج من صلاحياته الأعمال التي لا تلزم لتحقيق غرض الشركة، ولا يجوز له تفويض جميع سلطاته في الإدارة لوكيل عنه، وله التفويض ببعض صلاحياته على أن يكون مسؤولاً عن أعمال من يفوضه أمام الشركة. وفي حال تعدد المديرين يلتزم كل منهم باختصاصه الذي حدده له نظام الشركة ولا يجاوزه إلى اختصاص غيره من المديرين الآخرين، وإذا لم ينص نظام الشركة على تحديد اختصاص كل من المديرين ولم ينص على وجوب كون القرارات بالأغلبية أو بالإجماع، كان لكل واحد من المديرين حق إدارة الشركة منفرداً والقيام بجميع أعمال الإدارة وأعمال التصرف التي سبق بيانها، ويكون لكل من المديرين الآخرين حق الاعتراض على هذه الأعمال قبل تمامها، ويستثنى من ذلك أن يكون هناك أمر عاجل يترتب على تفويته خسارة جسيمة لا تستطيع الشركة تعويضها، فعندها يكون لأي مدير الانفراد بالقيام بهذا الشأن العاجل ويعتبر في هذه الحالة فضولياً يلزم عمله الشركة.
وإن الأغلبية المعتبرة في أي تصويت هي الأغلبية العددية للمديرين أو الشركاء لا أغلبية الحصص ما لم يوجد نص مخالف، وليس لأي شريك لم يكن من المديرين التدخل في أعمال الإدارة ولا الاشتراك فيها، وليس له الاعتراض على أعمال المديرين إلا في الحدود التي يرجع فيها إلى الشركاء، ولكن يجوز له أن يعترض على أعمال الإدارة التي تجاوز أغراض الشركة أو تخالف نظامها أو تعارض القانون، وله أن يرجع في ذلك إلى سائر الشركاء، بل له مراجعة القضاء، ويكون من حق الشريك غير المدير في الشركة المدنية أن يطلب من المديرين حساباً عن إدارة أعمال الشركة، وله الاطلاع بنفسه على دفاتر الشركة ومستنداتها وأوراقها وهو حق شخصي له فلا تجوز الإنابة فيه وهو حق من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافه.
ب ـ عدم تعيين من يدير الشركة:
إذا لم يعين من يدير الشركة، فلكل من الشركاء أن ينفرد بالقيام بأعمال الإدارة وأعمال التصرف الداخلة في أغراض الشركة، وتكون هذه الأعمال نافذة في حق الشركة وفي حق الشركاء جميعاً ما دامت غير مخالفة لنظام الشركة ولا للقانون، أما أعمال التصرف التي لا تدخل في نطاق أغراض الشركة فهي محرمة على أي شريك، ولا بد فيها من إجماع الشركاء، كذلك لا يجوز لأي شريك أن يدخل أي تغيير أو تجديد فيما للشركة من أشياء من دون موافقة جميع الشركاء حتى لو رأى أن أعمال التغيير أو التجديد هذه مفيدة للشركة، إلا أن تكون هذه التغييرات داخلة في أغراض الشركة أو كانت من قبيل أعمال الإدارة الحسنة المقصود بها تسهيل انتفاع الشركة بأموالها، فإذا أراد الشريك القيام بعمل ما داخل في أغراض الشركة واعترض على العمل قبل إتمامه شريك آخر، وجب وقف العمل وعرض الأمر على جميع الشركاء، ويبقى الاعتراض قائماً، والعمل المعترض عليه موقوفاً، حتى ترفض أغلبية الشركاء ـ إلا إذا وجد في نظام الشركة المدنية ما يخالف ذلك الاعتراضـ فإن رفضته الأغلبية أمكن الشريك القيام بالعمل المعترض عليه. وإذا لم توجد أغلبية من الشركاء ترفض العمل ـ حتى لو تساوى الجانبانـ بقي الاعتراض قائماً ولم يجز القيام بالعمل، فإذا قام الشريك بالعمل المعترض عليه قبل زوال الاعتراض، بأن لم يعرض الأمر على الشركاء، أو عرضه ولم يرفض الاعتراض أغلبية منهم، فإن العمل يكون باطلاً في حق من تعامل معه الشريك إذا كان سيئ النية؛ أي يعلم بالمعارضة القائمة وبعدم زوالها.
2ـ انقضاء الشركة المدنية:
تنقضي الشركة المدنية لأسباب ترجع إلى محلها، وهي انتهاء الميعاد أو انتهاء العمل الذي أنشئت من أجله أو هلاك رأس المال، كما تنقضي الشركة المدنية لأسباب ترجع إلى الشركاء وهي إما موت أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه وإما انسحاب أحد الشركاء أو إجماع الشركاء على حل الشركة. ووفيما يلي شروط حل الشركة إما بإجماع الشركاء وإما بحكم من القضاء.
أ ـ حل الشركات المدنية وأسبابه:
(1)ـ الحل بإجماع الشركاء:
سواء كانت مدة الشركة المدنية معينة أم غير معينة، يجوز للشركاء أن يجمعوا على حلها (م497/2 قانون مدني)، وهو حكم بديهي، فإن الشركاء هم الذين أنشؤوا الشركة باتفاقهم فإذا كانت الشركة معينة المدة، كان لهم أن يحلوها قبل انتهاء هذه المدة، إذ يستطيعون باتفاقهم أن يقصروا أجل الشركة، كما يستطيعون أن يمددوا هذا الأجل، وإذا كانت الشركة غير معينة المدة، فإن انسحاب أحد الشركاء كاف لحلها، فأولى أن تحل بانسحاب جميع الشركاء والإجماع على حل الشركة هو تفاسخ من الشركاء، ويثبت وفقاً لقواعد الإثبات.
(2)ـ أسباب حل الشركة بحكم من القضاء:
قد تحل الشركة بحكم من القضاء ويتحقق ذلك في حالتين:
الحالة الأولى ـ طلب أحد الشركاء من القضاء حل الشركة لسبب يبرر ذلك:
إن المادة (498) من القانون المدني السوري تنص على إمكان حل الشركات المدنية بطلب أحد الشركاء لسبب يبرر ذلك وقد يطلب هذا الشريك الحل لسبب يرجع إلى خطأ شريك آخر ويكون هذا بمنزلة الفسخ القضائي للشركة، كأن لا يفي الشريك المخطئ بتعهداته نحو الشركة وهذا حق مقرر لكل شريك في الشركة المدنية عدا المخطئ؛ لأنه ليس للمرء أن يحتج على الغير بفعله الشائن، ومن هذا الباب يمكن لأي شريك طلب حل الشركة إذا ثبت على أحد الشركاء غش أو تدليس أو خطأ جسيم يبرر حل الشركة وتقدير كفاية السبب لحل الشركة متروك لتقدير قاضي الموضوع، فإذا رأى حلها جاز له الحكم على الشريك المخطئ بالتعويض، وإن هذا الحل يعتبر فسخاً للشركة المدنية، ولكن لا يكون له أثر رجعي لطبيعة عقد الشركة الزمني، وهذا الحق الممنوح للشريك في طلب الحل القضائي هو من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافه ولا التنازل عنه قبل حدوثه، وهو حق من الحقوق الملاصقة لشخصية الشريك والتي تعود لتقديره الخاص فلا يجوز لدائنيه استعماله بطريق الدعوى غير المباشرة.
الحالة الثانية ـ حل الشركة المدنية بفصل أحد الشركاء أو طلب أحدهم إخراجه من الشركة:
أكدّت المادة (499) من القانون المدني السوري هذا المبدأ عندما أجازت لأي شريك أن يطلب فصل الشريك المخطئ من الشركة على أن تبقى الشركة قائمة بين بقية الشركاء وهو أمر متروك لسلطة القاضي، وقد يكون سبب الفصل غير الخطأ من الشريك المراد فصله، كعدم موافقته على مد أجل الشركة. فإذا قدر القاضي فصل الشريك واستمرار الشركة فيصفى عندها نصيب الشريك المفصول ويقدر نصيبه بحسب قيمته يوم الفصل ويدفع نقداً ولا يكون له نصيب في العمليات اللاحقة للشركة المدنية إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على الفصل، كما أن المادة (499) أتاحت لأي شريك أن يطلب إخراجه من الشركة المدنية متى استند في ذلك إلى سبب معقول والقضاء هو الذي يقدر ما إذا كانت الأسباب الموجبة معقولة أم لا، وإذا قرر القضاء إخراج هذا الشريك صفى له نصيبه يوم القضاء بالإخراج وأوجب تسديده له نقداً، ويترتب في حال فصل شريك أو إخراجه أو انسحابه حل الشركة المدنية، ولكن يجوز مع ذلك لبقية الشركاء أن يتفادوا حل الشركة بالاتفاق على استمرارها فيما بينهم وحدهم.
ب ـ تصفية الشركة المدنية وقسمة أموالها:
(1) ـ التصفية وأحكامها:
أولى المشرع في المادة (500) من القانون المدني السوري إرادة الأطراف في التصفية والطريقة المتبعة بشأنها أهمية كبرى وجعلها في المقام الأول، إذ غالباً ما يتضمن نظام تأسيس الشركات المدنية طريقة التصفية عند انتهاء الشركة، وقرر قواعد واجبة الاتباع في حال اختلاف إرادة الأطراف على طريقة التصفية، فقرر انتهاء سلطة المديرين بانقضاء الشركة وتولي المصفي أعمال التصفية، ولما كانت طبيعة التصفية تقتضي بقاء الشخصية المعنوية للشركة، كاستيفاء حقوقها من الغير ودفع ديونها أيضاً، فقد صرح القانون ببقاء الشخصية المعنوية للشركة طول مدة التصفية وهو ضمان لدائني الشركة فلولاه لأصبح مال الشركة مالاً شائعاً بين الشركاء لا مملوكاً للشركة ولكان للدائنين الشخصيين للشركاء حق التنفيذ عليه فزاحموا دائني الشركة على أن بقاء الشخصية المعنوية للشركة في طور التصفية مقصور على أعمال التصفية فقط وبالقدر اللازم لها، فليس للمصفي القيام بأعمال أخرى غير أعمال التصفية.
وقد حددت المادة (502) من القانون المدني السوري طريقة تعيين المصفي، فإما أن يكون الشركاء قد اتفقوا عليه ابتداءً في عقد الشركة أو يتفق عليه لاحقاً بالأكثرية المطلقة للشركاء، الذين من الممكن اتفاقهم على قيامهم بالتصفية جميعاً ولا يشترط في المصفي أن يكون شريكاً، وإذا تعدد المصفون المعينون من الشركاء فيعملون بالإجماع أو بالأغلبية حسب اتفاق الشركاء، وفي حال غياب الاتفاق يكون لكل مصفٍ العمل منفرداً ويحق لكل مصف آخر الاعتراض على العمل قبل إتمامه، وللمصفيـن الآخريـن حق رفض الاعتراض فإن تساوى الجانبان كان الرفض من حق أغلبية الشركاء جميعاً.
وقد يتم تعيين المصفي من القضاء أيضاً بناء على طلب الشركاء، ويتم تعيينه إما من الشركاء أو الغير، وهو حق محجوب عن دائني الشركة لأن المصفي وكيل عن الشركة والشركاء لا عن دائني الشركة، والقضاء هو من يعين مصفي الشركة الفعلية سواء اتفق الشركاء أم لم يتفقوا عليه، وهو الذي يحدد الطريقة التي تتم بها التصفية من دون الرجوع إلى أحكام عقد الشركة الباطل.
وإن الجهة التي تعين المصفي هي التي تملك عزله لأسباب تسوغ ذلك، وقبل تعيين المصفي وبعد حل الشركة يكون للمديرين أحكام المصفين تماماً ويلتزمون بها من دون تعد لصلاحيات المصفين.
وقد حددت المادة (503) والفقرة /1/ من المادة (504) من القانون المدني السوري كيفية تصفية مال الشركة، فقررت أن المهمة الأساسية للمصفي هي تصفية أموال الشركة لا إدارتها وهو يملك القيام بأعمال محدودة هي الأعمال الضرورية أو المستعجلة وتلك التي بدأت قبل الحل ولم تنتهِ، ولكن ليس للمصفي القيام بأعمال جديدة من أعمال الإدارة فهو بوجه عام يبدأ بأعمال تمهيدية للتصفية فيستوفي ما لها عند الغير ويفي ما على الشركة من ديون للغير وقد يبيع أموال الشركة بالقدر الضروري للتصفية، وتشمل الأعمال التمهيدية للتصفية جرد أموال الشركة وتحرير قائمة بالجرد ووضع كشف تفصيلي يبين ما للشركة من حقوق وما عليها من ديون مستنداً على دفاتر الشركة وأوراقها ومستنداتها بمعاونة مديري الشركة قبل الحل.
ويقوم بجميع الأعمال اللازمة لاستيفاء ديون الشركة، ومنها مقاضاة المدينين واتخاذ الوسائل التحفظية على هذه الحقوق، كالحجز الاحتياطي وطلب الحراسة وما شابه، وينفذ على المدينين، ولكن ليس له عقد صلح أو تحكيم إلا باتفاق جميع الشركاء ولا التخلي عن تأمينات إلا مقابل تأمينات أخرى معادلة ولا إبراء ذمة المدينين، ويقوم مصفي الشركة المدنية أيضاً بوفاء ما على الشركة من ديون فيحضر دائني الشركة وما لهم من حقوق في ذمتها وينشر الإعلانات اللازمة لدعوة الدائنين للتقدم بمستنداتهم، ولا تحل الديون المؤجلة بالتصفية كما تحل بالإفلاس، بل تبقى على آجالها، وإذا كان لدائني الشركة الرجوع بما لهم من حقوق على أموال الشركاء في حال عدم كفاية أموال الشركة، وجب على المصفي أن يطلب من كل شريك أن يقدم من ماله الخاص ما هو ملتزم به لوفاء ديون الشركة، وللمصفي بيع أموال الشركة المدنية عقارات أو منقولات بالمزاد أو بالممارسة إذا كان هذا البيع ضرورياً لأعمال التصفية.
وللمصفي بيع منقولات الشركة وعقاراتها لغير وفاء الديون في حالة كون عين من أعيان الشركة غير قابل للقسمة عيناً، فيبيعها المصفي حتى يوزع ثمنها بين الشركاء، وإذا كانت سلطة المصفي تسمح له فيبيع جميع أموال الشركة من منقولات أو عقارات ويقوم بتوزيعها نقداً على الشركاء.
وعلى المصفي، باعتباره وكيلاً عن الشركاء، أن يقدم لهم حساباً عن أعمال التصفية وتزويد الشركاء بما يطلبونه من معلومات حول التصفية وإطلاعهم على الدفاتر والأوراق والمستندات المختصة بالتصفية، وإن كان المصفي معيناً من الشركاء بأغلبيتهم فيجب النص على أجره، أما إذا عين بحكم قضائي فإن الحكم المعين للمصفي يحدد أجره ويبقى بذلك له حق امتياز من الدرجة الأولى على جميع أموال الشركة كون أجره من المصروفات القضائية، وتنتهي الشخصية المعنوية للشركة بإتمام التصفية، ويصبح المال المتبقي بعد وفاء ديون الشركة مملوكاً على الشيوع للشركاء كل منهم بقدر نصيبه في الشركة ويعاد إلى كل شريك مساهمته في رأس المال من المال المتبقي حتى إذا تبقى شيء عد أرباحاً ووزع على الشركاء كل بقدر حصته في الأرباح وما نقص عن هذه الحصص فهو خسائر توزع بين الشركاء بالنسبة المتفق عليها في توزيع الخسائر.
وغالباً ما تكون حصة كل شريك معينة في عقد التأسيس وإلا وجب على المصفي تقديم هذه الحصص وقت تسليمها للشركة من الشركاء وذلك تحت رقابة القضاء حكماً، وإذا كانت حصة الشريك عملاً فقط، وهو ما يغلب في الشركات المدنية، فتقدر هذه الحصة لتقدير النسبة التي يساهم فيها الشريك في الأرباح والخسائر وكذلك إذا اقتصرت حصة الشريك على منفعة شيء معين سواء أكان الحق شخصياً أم عينياً فتطبق عندها القواعد نفسها وذلك كله حسب نص الفقرات /2/ و/3/ و/4/ من المادة (504) من القانون المدني السوري.
(2)ـ قسمة أموال الشركة المدنية:
أما بشأن قسمة أموال الشركات فقد أحالت المادة (505) من القانون المدني السوري على أحكام قسمة المال الشائع وهي إما قابلية القسمة عيناً في حال كانت أموال الشركة المدنية قابلة للقسمة عيناً وإما أن تكون بطريقة التجنيب مع المعادل المالي، إذ يمنح كل شريك في الشركة المدنية جزءاً من مال الشركة غير النقدي بحيث لا يتأتى عن ذلك انتقاص كبير من قيمة المال ويجبر ضرر من أخذ أقل الأنصبة بطريق المعادل المالي الذي يقدمه بقية الشركاء.
أما إذا لم تتمكن المحكمة من القسمة العينية فيقرر القاضي أو من يقوم مقامه، كالمحكم، بيع المال بالمزاد العلني وتقتصر المزايدة على الشركاء في الشركة المدنية إذا طلبوا هذا بالإجماع، ولا محل للحديث عن تدخل الدائنين في قسمة أموال الشركات المدنية؛ لأنه يتم بعد التصفية التي يفترض أنها وفت جميع حقوق الدائنين. وإذا كانت القواعد المقررة في قسمة المال الشائع هي من اختصاص محكمة الصلح فإن هذا الأمر لا يستقيم في قسمة الشركات فتبقى المحكمة الواضعة يدها على حل الشركة وتصفيتها هي المختصة بذلك، وهي محكمة البداية المدنية غالباً، وهي تملك القيام بمثل هذه الإجراءات انطلاقاً من قاعدة «من يملك الأكثر يملك الأقل» وقاعدة «قاضي الأصل هو قاضي الفرع».
ذلك كله يوجب تنظيم الشركات المدنية على نحو أكثر دقة، مما أتى عليه قانون الشركات رقم /3/ لعام 2008 وقانون التجارة رقم /33/ لعام 2007، إذ ترك العديد من الثغرات والتناقضات التي تفسح مجالاً واسعاً لاضطراب العمل المشترك في بلادنا وهذا ما لا تحمد عقباه، فلا بد من تنظيم هذا النوع من الشركات في القوانين الجديدة، لعلها تكون فاتحة تطوير يحتاج إلى جهد إضافي كبير.
مراجع للاستزادة: |
ـ جاك يوسف الحكيم، الحقوق التجارية (منشورات جامعة دمشق، الطبعة الرابعة، 2005).
ـ محسن شفيق الوسيط في القانون التجاري، الجزء الأول (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1957).
ـ إدوار عيد، الدكتورة كريستيان عيد، الوسيط في القانون التجاري، الجزء الثاني (منشورات صادر الحقوقية).
ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، العقود التي تقع على الملكية، الجزء الخامس.
ـ القانون المدني السوري الصادر بتاريخ 18/5/1949 وتعديلاته.
ـ قانون التجارة السوري رقم /33/ لعام 2007.
- التصنيف : القانون التجاري - النوع : القانون التجاري - المجلد : المجلد الرابع، طبعة 2010، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 300 مشاركة :