logo

logo

logo

logo

logo

عقد التأمين الجوي

عقد تامين جوي

air insurance contract - contrat d'assurance d’aviation

 عقد التأمين الجوي

عقد التأمين الجوي

أحمد محمد طوزان

التعريف بعقد التأمين الجوي وخصائصه

التزامات المؤمن له والمؤمن

اقتضاء التعويض في عقد التأمين الجوي

 

شهد القرن العشرون تزايداً مطرداً قي استعمال الطائرات في مجالات عدة على رأسها النقل الجوي للركاب والبضائع إضافة إلى مجالات أخرى في ميادين الزراعة والبناء والتصوير والمساحة والاستطلاع والبحث والإنقاذ… إلخ، وهذا النشاط شأنه شأن أي نشاط بشري يحمل معه احتمالات تمخضه عن أضرار بشرية أو مادية قد تنجم عما تتعرض له تلك الطائرات من حوادث في أثناء قيامها بعملياتها الجوية، وحرصاً على توفير موجبات الاطمئنان والأمان في هذا الميدان شهد التأمين تطوراً واكب تطور استعمال الطائرات. ويعتقد أن أول وثائق التأمين الجوي قد صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1911م، وخلال الفترة ذاتها اهتمت عدد من وكالات التأمين في لندن Lloyds of London بالتأمين من الخطر الجوي، وكانت شركات التأمين تتولى فقط تأمين الأضرار المادية التي تلحق بالطائرات، ومع تزايد أرقام الأضرار حيث كان الطيران ما زال يمارس رياضة أقلعت تلك الشركات عن هذا النوع من أنواع التأمين، واهتمت بمجالات أخرى من الأعمال إلى أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حيث تم تسريح أعداد كبيرة من الطيارين والملاحين الجويين في ظل تطور ملحوظ في صناعة الطيران آنذاك وهو ما هيأ ظروفاً مناسبة لتطور الطيران التجاري. وبدأ التأمين الجوي بالانتشار، وفي العام 1934م أنشئ الاتحاد الدولي لتأمين الطيران (IUAI)، واستمر التطور في هذا المجال حتى أصبح التأمين الجوي في الوقت الراهن أمراً ملزماً في مختلف مجالات الطيران، وذلك من خلال عقد تبرمه شركات التأمين مع مشغلي الطائرات تحت مسمى عقد التأمين الجوي أو عقد تأمين الطيران.

أولاًـ التعريف بعقد التأمين الجوي وخصائصه Aviation insurance:

بخلاف عقود التأمين البحري والبري التي خصها المشرع السوري بأحكام خاصة به في كل من قانون التجارة البحرية وقانون السير، خلت التشريعات السورية من أي نصوص خاصة بعقد التأمين الجوي ليبقى ذلك العقد خاضعاً للأحكام العامة للعقود الواردة في نصوص القانون المدني، ولأحكام عقد التأمين التي وردت بنصوص المواد (713 حتى 737) من القانون المدني باعتباره واحداً من أنواع التأمين، إضافة إلى الأعراف التأمينية الخاصة بالتأمين الجوي التي استقر العمل بها في هذا الميدان. وقد عرّف المشرع عقد التأمين بنص المادة (713) من القانون المدني بأنه: «عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك لقاء قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن». وانطلاقاً من ذلك التعريف يمكن تعريف عقد التأمين الجوي بأنه «ذلك النوع من عقود التأمين الذي يغطي المخاطر التي تتعرض لها الطائرة أو الحمولة والناتجة عن حوادث تشغيل أو صيانة أو إصلاح أو صنع الطائرات أو حوادث النقل الجوي والمسؤولية عنها». وتشير وثائق التأمين الجوي المتداولة في سوق التأمين إلى أن هذا العقد يغطي بصورة رئيسة الأخطار الآتي بيانها:

> التأمين على جسم الطائرة: ويشمل الأضرار التي قد تلحق بهيكل الطائرة أثناء الطيران أو تجوالها أو وقوفها داخل المطار، حيث تتحمل شركة التأمين دفع تعويض محدد مسبّقاً في بنود عقد التأمين تحت مسمى القيمة المتفق عليها Hull policy، ويستثنى عادة من التغطية بهذا التأمين الأخطار التي تصيب هياكل الطائرات نتيجة العمليات الحربية أو تعرض الطائرة للاختطاف ما لم يتم الاتفاق على شمولها بالتأمين بعقد مستقل.

> تأمين المسؤولية المدنية تجاه الركاب: ويغطي الأضرار التي قد تلحق بالمؤمن له في ماله نتيجة التزامه قانوناً تجاه ركاب الطائرة في حال وفاة أحدهم أو إصابته في أثناء وجوده على متن الطائرة. وتغطي بعض عقود التأمين الجوي تلك الأخطار من وقت قيام المسافر بتأكيد سفره على الطائرة حتى تسلمه أمتعته في مطار المقصد، ويتم تحديد الحد الأقصى للتعويض عن كل راكب ضمن وثيقة العقد.

> تأمين المسؤولية عن الشحنات الجوية: ويغطي المبالغ التي قد يلتزم الناقل الجوي المؤمن له بأدائها قانوناً نتيجة أي فقد أو تلف للشحنات الجوية بسبب حادث في أثناء عمليات التحميل والنقل أو التفريغ من وإلى الطائرة.

> تأمين المسؤولية المدنية تجاه الطرف الثالث: حيث يتم تعويض المؤمن له عن كل المبالغ التي يلتزم بسدادها قانوناً بوصفها تعويضات تجاه الطرف الثالث من غير ركاب الطائرة عما قد يلحق بهم من وفاة أو أضرار جسدية أو مادية، بسبب حادث ناجم عن الطائرة سواء كان مباشراً أم نتيجة سقوط شيء منها، ويستثنى عادة من هذا التأمين الأضرار الناجمة عن صوت الطائرة.

> تأمين المسؤولية المدنية لمشغلي المطارات: ويغطي هذا التأمين الأضرار التي قد تلحق بمشغلي المطارات نتيجة التزامهم بالتعويض عن الأخطار التي قد تتسبب بها النشاطات المختلفة التي تتم في المطارات.

وهناك إضافة إلى ما سبق بيانه أنواع أخرى من التأمين الجوي تغطي أخطاراً استثنائية، كتأمين فقد رخص الطيارين، وكتأمين الحوادث الشخصية التي قد تلحق بطاقم الطائرة أو الركاب داخل الطائرة. ويتسم عقد التأمين الجوي بخصائص يشترك فيها مع باقي عقود التأمين وتتلخص بما يلي:

1ـ الرضائية: فهو يبرم من حيث المبدأ بمجرد تبادل الإيجاب والقبول بين شركة التأمين وطالب التأمين، ولكن إثبات العقد يتم عادة بوثيقة مكتوبة تتضمن بيان أطراف العقد وشروطه.

2ـ عقد ملزم لجانبين: حيث يرتب العقد التزامات متقابلة على كل من طرفيه، فيلتزم المؤمن له بدفع ثمن التأمين والإعلان عن الخطر، في حين تلتزم شركة التأمين بالمقابل بدفع التعويض المتفق عليه بالعقد في حال تحقق الخطر.

3ـ عقد احتمالي: تحمل علاقة شركة التأمين بالمؤمن له احتمال الربح والخسارة بالنسبة إلى كل من الطرفين، فإذا لم يتحقق الخطر محل التأمين تكون شركة التأمين قد حصلت على بدلات التأمين من المؤمن دون أن تلتزم بأي أداء مالي مقابل، أما لو تحقق الخطر فيحصل المؤمن له على قيمة التأمين بغض النظر عن مقدار مدفوعاته من بدل التأمين.

4ـ عقد إذعان: حيث يتم إبرام العقد عادة وفقاً لنماذج مطبوعة مسبقاً تعرضها شركات التأمين على طالبي التأمين الجوي، وهو ما يجعل تلك الشركات الجانب الأقدر على فرض شروطه بموجب ذلك العقد من دون مناقشة جدّية من قبل المؤمن. ومع ذلك فإن المشرع قد تدخل لتخفيف وطأة هذا الاختلال لمصلحة شركات التأمين حيث قضى المشرع بنص المادة (716) من القانون المدني ببطلان عدد من الشروط التي قد تتضمنها عقود التأمين بوجه عام ـ بما فيها عقد التأمين الجوي ـ كالشرط الذي يقضي بسقوط الحق بالتأمين بسبب مخالفة القوانين والأنظمة إلا إذا انطوت هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية، والشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخره في إعلان الحادث المؤمن منه إلى السلطات، أو في تقديم المستندات إذا تبين من الظروف أن التأخر كان لعذر مقبول.

5 ـ عقد زمني: إذ تتولى شركات التأمين ضمان الخطر المؤمن منه مدة محددة تبدأ وتنتهي بتاريخ محدد، وهو عادة يرتبط بتاريخ بدء الرحلة الجوية وتاريخ انتهائها، ويلتزم المؤمن بأداء بدل التأمين عن تلك الفترة.

6ـ عقد من عقود حسن النية: تعتمد شركات التأمين في تقييمها للخطر المؤمن منه على البيانات التي يزودها بها المؤمن له عن ذلك الخطر، كما يقع على المؤمن له واجب إجراء ما يلزم لتجنب وقوع الخطر المؤمن منه، وبالتالي فإن أي سوء نية أو تحايل قد يقع من المؤمن له في هذا المجال يعني بالضرورة إلحاق خسارة غير مقبولة بشركة التأمين التي تفترض ـ من حيث المبدأ ـ حسن النية في جانب المؤمن له.

ثانياًـ التزامات المؤمن له والمؤمن:

1ـ التزامات المؤمن له: ينشئ عقد التأمين الجوي بذمة المؤمن له ثلاثة أقسام من الالتزامات؛ القسم الأول يجب عليه وقت إبرام العقد؛ والثاني ينفذ أثناء سريان العقد؛ أما القسم الثالث فيكون بعد تحقق الخطر المؤمن منه. ويمكن إيجاز تلك الالتزامات بالآتي:

أ ـ الإعلان عن البيانات المتعلقة بالخطر: يتوجب على طالب التأمين الجوي أن يزود شركة التأمين بجميع البيانات التي تتعلق بالخطر المؤمن منه والتي من شأنها أن تتيح لشركة التأمين الوقوف على حقيقة الخطر الذي ستؤمنه وتقدير البدل المناسب له، ويتم هذا الأمر في سياق عملية إبرام عقد التأمين الجوي. وتتضمن تلك البيانات عادة بيانات عن الطائرة من حيث جهة الصنع وسنته والنوع وعدد المقاعد، وأماكن التسجيل وبيانات عن نوع محركاتها وعددها وجهة  صنعها وسنته، والقيمة الإجمالية للطائرة، والغرض الذي تستخدم لأجله، والنطاق الجغرافي الذي سيتم تشغيلها فيه، وجميع البيانات الأخرى ذات الصلة.

ب ـ الإعلان عن الظروف المستجدة التي تزيد من الخطر خلال مدة العقد: تم تكريس هذا الالتزام في مجال التأمين الجوي من خلال وثائق  التأمين المبرمة وعقوده وبعض نصوص تشريعات التأمين الوطنية كالتشريعين اللبناني والفرنسي، وبموجب هذا الالتزام يتوجب على المؤمن له أن يعلم شركة التأمين مسبقاً بكل ما من شأنه أن يزيد الأخطار المؤمن منها سواء كان ناجماً عن فعله أم لا، وتكون شركة التأمين مخيرة بين فسخ العقد أو زيادة بدل التأمين، مع احتفاظها بحقها بالمطالبة بالتعويض عما تكون قد تكبدته من نفقات في حال كون زيادة المخاطر ناجمةً عن فعل المؤمن له.

ج ـ دفع بدل أو قسط التأمين: يلتزم المؤمن له بأداء بدل التأمين لشركة التأمين بالصورة التي تم الاتفاق عليها في العقد، وعادة ما يكون مقابل التأمين على الركاب وهياكل الطائرات ومعداتها أقساطاً دورية سنوية، أما التأمين على الشحنات الجوية فيما يتصل بمسؤولية الناقل فيكون مقابله عادة مبلغاً إجمالياً يناسب قيمة الشحنة المنقولة جواً ويسمى القسط الوحيد. وإذا امتنع المؤمن له عن أداء هذا الالتزام فإن وثائق التأمين المعمول بها تعطي الحق لشركة التأمين بوقف التزامها بالضمان بموجب عقد التأمين بعد إعذارها المؤمن له لتنفيذ التزامه بهذا الخصوص وامتناعه عن ذلك خلال مهلة محددة.

د ـ التصريح عن تحقق الخطر المؤمن منه: ينبغي على المؤمن له في حال تحقق الخطر محل التأمين أن يصرح بذلك إلى شركة التأمين ويوجه التصريح إلى الشركة في مقرها الرئيس أو لأقرب فرع أو وكالة لها. والتصريح يحمل عادة صيغة الإخطار المتضمن جميع البيانات التي توافرت لدى المؤمن له عن الحادث من حيث وقت وقوعه والمكان الذي وقع فيه والظروف والملابسات التي رافقته، وتنص وثائق التأمين الجوي وغيرها عادة على ضرورة التصريح عن وقوع الخطر المؤمن منه أو الكارثة خلال مهلة محددة من تاريخ حصولها، ويترتب على تأخر المؤمن له في تقديم التصريح عن المهلة المحددة إمكانية قيام شركة التأمين بتخفيض قيمة التعويض المستحق بمقدار الضرر الذي لحق بها نتيجة التأخير، ولكن هذا الجزاء لا يخل بحقوق الغير بالنسبة إلى حالات تأمين المسؤولية المدنية؛ إذ لا يحق لشركة التأمين الاحتجاج في مواجهة المتضررين بحصول التأخير للانتقاص من التعويض المستحق لهم باعتبار أن حق المتضرر ينشأ في هذه الحال من لحظة وقوع الكارثة ولا ينبغي أن ينتقص منه تخلف المؤمن له عن تنفيذ التزاماته بعد ذلك.

هـ ـ تقليل الخسائر: يلاحظ في العديد من وثائق التأمين الجوي وخاصة تلك التي تتناول النقل الجوي أنها تضع على عاتق المؤمن له اتخاذ كل التدابير المعقولة بغية تفادي الخسائر أو تقليلها إلى حدها الأدنى، مع الاحتفاظ له بحق تحصيل أي مصاريف قد يتكبدها في سبيل تحقيق ذلك الالتزام بصورة صحيحة ومعقولة، مع التعويض المستحق له بموجب عقد التأمين.

2ـ التزام شركة التأمين (المؤمن): ينشأ التزام شركة التأمين وفقاً لما سبق بيانه بمجرد تحقق الخطر محل التأمين حيث يصبح التعويض أو مبلغ التأمين المتفق عليه واجب الأداء، ويكون محل التزام شركة التأمين مبلغاً من النقود، وفي الحالات التي يغطي فيها التأمين الأضرار المادية كالأضرار التي تلحق بهياكل الطائرات ومعداتها أو بممتلكات الغير لا يجوز أن يتجاوز مبلغ التعويض بحال من الأحوال قيمة تلك الأضرار، ويختلف الأمر إذا كان التأمين يغطي الأضرار الجسدية حيث يكون مبلغ التأمين عادة محدداً مسبقاً في عقد التأمين. ويسبق أداءَ شركة التأمين لالتزامها في هذه الأحوال قيامُ الشركة بإجراء كشف وخبرة فنية على الطائرة المتضررة أو المنكوبة وعلى مكان الحادث للتحقق من دخول الضرر في نطاق العقد المبرم بينها وبين المؤمن له وتقدير قيمة الأضرار. ومن المتعارف عليه في حالات التأمين على الأضرار التي يستثنى منها الأضرار الناجمة عن الحرب الخارجية أو الداخلية أو التمرد أو العصيان أو أي أخطار أخرى، افتراض عدم علاقة الأضرار بأي خطر من الأخطار المستثناة ما لم تثبت شركة التأمين أن تلك الأضرار قد نجمت عن أحد الأخطار المستثناة من العقد.

ثالثاًـ اقتضاء التعويض في عقد التأمين الجوي:

يصبح التعويض مستحقاً للمستفيد منه بموجب عقد التأمين الجوي بمجرد تحقق الخطر محل التأمين، ويخضع تقدير التعويض الناشئ من تحقق الخطر المؤمن منه في عقد التأمين الجوي لاعتبارات تختلف بحسب نوع التأمين وفقاً للآتي:

1ـ عقد تأمين جسم الطائرة: تشير الوثائق التأمينية إلى نوعين من التغطية التي تشملها تلك العقود، التغطية الكلية للخسائر حيث يتم تعويض المؤمن له عن الخسارة الكلية للطائرة محسوماً منها أي نسبة متفق في العقد على تحملها من قبل المؤمن له نظير تخفيض قسط التأمين «شرط الخصم»، والتغطية الجزئية حيث يتم تعويض المؤمن له عن الخسارة الجزئية التي تلحق بالطائرة على أساس ما يتطلبه إصلاح الضرر. وقد يتضمن العقد شرطاً يسمى «شرط النسبة» حيث يتحمل المؤمن له الخسارة بنفسه إذا نقصت عن نسبة معينة، في حين تتحملها شركة التأمين بالكامل إذا زادت نسبة الخسارة على النسبة المتفق عليها.

2ـ عقد تأمين المسؤولية المدنية: يرتبط تقدير التعويض عن تأمين مسؤولية الناقل الجوي بتقدير مسؤولية الناقل وفقاً لأحكام عقد النقل الجوي حيث تخضع عقود النقل الجوي الدولي لاتفاقية وارسو الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي لعام 1929م وتعديلاتها، إضافة إلى الشروط العامة للاتحاد الدولي للنقل الجوي المعروفة اختصاراً IATA. ووفقاً لتلك الاتفاقية فإن مسؤولية الناقل الجوي عن تعويض وفاة الركاب أو إصابتهم أو عن الأضرار المادية التي قد تلحق بالأمتعة والبضائع في أثناء الرحلات الجوية الدولية تكون محدودة بحد أقصى للتعويض ما لم يثبت تقصير الناقل الجوي في بيان محدودية مسؤوليته في وثائق السفر، أو رجوع الضرر إلى غشه أو خطئه الجسيم. أما فيما يتصل بالنقل الجوي الداخلي فقد لجأت العديد من التشريعات الوطنية إلى إحالة الأحكام الخاصة بعقود النقل الجوي الداخلي لأحكام اتفاقية وارسو آنفة الذكر، ومنها قانون الطيران المدني السوري الصادر في العام 2004 والذي نصت المادة (136) منه على إخضاع مسؤولية الناقل في مجال النقل الجوي الداخلي لأحكام اتفاقية وراسو وتعديلاتها وغيرها من الاتفاقيات التي قد تنضم سورية إليها مستقبلاً. أما تعويض تأمين المسؤولية المدنية تجاه الطرف الثالث فيتم تقديره بعد تقييم مسؤولية مشغل الطائرة وفقاً للقوانين الوطنية في حالة حوادث الطائرات الداخلية، أو وفقاً لأحكام الاتفاقية الخاصة بالأضرار التي تلحقها المركبات الهوائية الأجنبية بالغير على سطح الأرض المبرمة في روما بتاريخ 7/10/1952م فيما يتصل بالطائرات الأجنبية.

ويسبق دفعَ شركة التأمين للتعويض عادة قيامُ الشركة بإجراء التحريات والكشوف الفنية اللازمة للتحقق من ظروف الحادث وأسبابه وفيما إذا كان الخطر الذي سبب الضرر واحداً من الأخطار المستثناة بموجب عقد التأمين. وقد تلجأ بعض شركات التأمين إلى دفع التعويض في إطار تسوية ودية مع المؤمن له أو المستفيد من التأمين، في حين أن المؤمن له أو المستفيد قد يضطر في أحوال أخرى إلى إقامة دعوى على الشركة لإلزامها بتنفيذ التزامها تجاهه بموجب عقد التأمين. وقد أفرد المشرع السوري نصوصاً خاصة بتقادم دعاوى المطالبة بالتعويض تجاه شركة التأمين حيث نصت المادة (718) من القانون المدني على سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من وقت علم ذوي الشأن بوقوع الحادث المؤمن منه، أو من يوم علم المؤمن له بوقوع الخطر المؤمن منه في حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عنه. وذلك مع مراعاة الأحكام الخاصة بوقف التقادم وانقطاعه، إذ تنص المادة (379) من القانون المدني على وقف التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه ولو كان المانع أدبياً، أما انقطاع التقادم فيكون وفقاً لنص المادة (380) من القانون المدني بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه والحجز وتعيين خبير عقب وقوع الحادثة سواء كان التعيين ودياً أم قضائياً، وتقادم الدعاوى الناشئة من التأمين يستند إلى قواعد النظام العام وهو لا يقوم على قرينة الوفاء.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سامي عفيفي حاتم، التأمين الدولي (الدار المصرية اللبنانية، 1988).

ـ جمال مكناس، التأمين (منشورات جامعة دمشق، دمشق 1995).


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 259
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 592
الكل : 31778551
اليوم : 54012