logo

logo

logo

logo

logo

عقد إعادة التأمين

عقد اعاده تامين

reinsurance contract - contrat de réassurance

 عقد إعادة التأمين

عقد إعادة التأمين

جمال مكناس

ماهية عقد إعادة التأمين

طرق إعادة التأمين وصوره

التزامات أطراف عقد إعادة التأمين

انقضاء عقد إعادة التأمين

 

أولاً ـ ماهية عقد إعادة التأمين:

لبيان ماهية عقد إعادة التأمين لا بد من التعرض لنشأة نظام إعادة التأمين وفوائده ثم تعريف عقد إعادة التأمين وتوضيح أبرز خصائصه.

1ـ نشأة نظام إعادة التأمين:

بدأ ظهور إعادة التأمين مصاحباً التأمين نفسه، وظهرت أول وثيقة إعادة تأمين عام 1370 مع انتشار التأمين الذي حدث نتيجةً لازدهار التجارة البحرية بين دول البحر الأبيض المتوسط، ولكنها لم تكن تقوم على أسس فنية صحيحة، بل كانت أقرب إلى الرهان، إذ كان إعادة التأمين محرماً في إنكلترا حتى عام 1864، وترتب على ذلك أن تطور التأمين المجزأ أو التأمين بالاكتتاب الذي كانت تباشره هيئة اللويدز منذ مدة طويلة.

ومع مطلع القرن التاسع عشر بدأت فكرة إعادة التأمين طريقها إلى الوضوح والاستقرار، بعد أن انتشر التأمين انتشاراً مطَّرداً بمدة طويلة. ولم تكن هناك في بادئ الأمر شركات متخصصة في إعادة التأمين بل كانت شركات التأمين تنشئ فروعاً فيها لإعادة التأمين؛ وأول شركة مستقلة متخصصة في إعادة التأمين كانت شركة ألمانية أسست في كولونيا عام 1853. ثم انتشرت شركات إعادة التأمين المتخصصة في ألمانيا وسويسرا وبلجيكا والنمسا. وأصبحت فكرة إعادة التأمين تأخذ شكل الخدمة الفنية لمعاونة شركات التأمين المباشر على زيادة طاقتها الاستيعابية ودعم توسعها الاقتصادي. وانحصر النشاط الرئيس لتلك الشركات التي تتبادل إعادة التأمين فيما بينها في بادئ الأمر، في نطاق الأسواق المحلية لتغطية الأخطار المحلية، ثم تطورت نشاطاتها لتمتد إلى خارج نطاق الحدود الإقليمية وتمارس أعمال التأمين وإعادة التأمين في أسواق دول أخرى لتتحول أسواق إعادة التأمين مع مرور الزمن إلى أسواق دولية.

وبسبب الحرائق الضخمة التي حدثت في بعض بلدان أوربا في نهاية القرن التاسع عشر، اضطرت شركات التأمين إلى اللجوء إلى إعادة التأمين على نطاق واسع. ومع بداية القرن العشرين توسع انتشار إعادة التأمين على المستوى الدولي، وبرز دوره كوسيلة فعالة للوصل بين نشاطات أسواق التأمين الدولية. وترتب على ذلك زيادة ضخمة في أسناد إعادة التأمين، واستقرت نتائجها وأسفرت عن مكاسب لشركات إعادة التأمين، وهذا ما دعا شركات التأمين المسندة خلال الحرب العالمية الأولى إلى الاعتقاد بأن إعادة التامين أصبحت تشكل عبئاً باهظ التكاليف لا يمكن تسويغه اقتصادياً.

وبعد الحرب العالمية الثانية تجلت فكرة إنشاء هيئات لإعادة التأمين تملكها الدولة، كما تمت عمليات اندماج بين شركات التأمين لأسباب ترجع إلى ارتفاع مصاريف الإدارة وتكاليف الإنتاج، وقد أخذت هذه العمليات تتزايد بدرجات تفوق كل توسع في حجم الأعمال.

ثم ظهر اتجاه نحو إنشاء هيئات إقليمية لإعادة التأمين، ومن هذا الاتجاه ما قرره الاتحاد العربي للتأمين المنعقد في تشرين الثاني عام 1969 بتكوين "شركة الاتحاد العربي لإعادة التامين". وفي مطلع عام 1980 أسست ثلاثون شركة تأمين عربية مجموعة عربية للتأمين أطلق عليها "الصندوق العربي للتأمين" للقيام بأعمال التأمين وإعادة التأمين، وذلك كرد فعل مباشر لقيام هيئة اللويدز بفرض رسوم إضافية للتأمين ضد مخاطر الحرب على الملاحة البحرية في منطقة الخليج.

أما في سورية فقد كانت المؤسسة العامة السورية للتأمين تمارس، بصورة حصرية، نشاط التأمين وإعادة التأمين وكانت تبرم عقود إعادة تأمين مع شركات تأمين دولية لتغطية الأخطار والعقود ذات الأهمية الكبيرة، ولاسيما مع هيئة اللويدز والصندوق العربي لإعادة التأمين. وبعد صدور المرسوم التشريعي رقم /68/ تاريخ 26 أيلول 2004 المتضمن إحداث هيئة الإشراف على التأمين والمرسوم التشريعي رقم (43) تاريخ 7 أيار 2005 المتضمن تنظيم سوق التأمين وإعادة التأمين، وأجاز إنشاء شركات تأمين وإعادة تأمين مساهمة في الجمهورية العربية السورية، أصبح نشاط التأمين وإعادة التأمين غير محصور في القطاع العام، وإنما شمل القطاع الخاص وبات مجال الاستثمار فيه مهماً، كما تتجلى فيه المحافظة على الادخار العام والاقتصاد الوطني.

2ـ فوائد نظام إعادة التأمين:

يحقق نظام إعادة التأمين لشركة التأمين إمكانية مواجهة أي خطأ يقع من قبلها في تقدير احتمالات الأخطار وما قد ينجم عن هذا الخطأ من فروق حسابية، وبذلك تطمئن شركة التأمين إلى قدرتها على مواجهة التزاماتها تجاه المؤَمنين (المؤمن لهم). وبالمقابل يحقق هذا النظام اطمئناناً مماثلاً لجمهور العملاء من حيث ملاءة شركة التأمين، وأن حقوقهم قبلها باتت مكفولةً بطريقة شبه يقينية.

كما تحقق إعادة التأمين فوائد أخرى لشركة التأمين، منها مثلاً، أنه قد ترغب شركة التأمين في التوقف عن أعمالها كلياً أو عن بعض أنواع التأمين، قبل أن تكون قد أوفت بالتزاماتها تجاه المؤَمنين. في مثل هذه الحالة، تنقل شركة التأمين مسؤوليتها عن هذه العقود إلى شركة تأمين أخرى، ويتم ذلك غالباً عن طريق إعادة التأمين لاعتبارات خاصة بالشركة المحلية أو بناءً على رغبة الشركة المحال إليها حتى لا تفقد أي عقد من العقود التي أبرمتها الشركة الأولى قبل انتهاء مدته، فإن احتفاظ الشركة الأولى بصفتها كمؤمن مباشر يحرم المؤَمنين (المؤمن لهم) من طلب إنهاء وثائقهم إذا لم يريدوا نقلها إلى شركة التأمين الثانية.

وكذلك تحقق إعادة التأمين ربحاً صافياً لشركة التأمين، لأن الفائدة التي تحصل عليها تكون أكثر من الأقساط التي تدفعها لشركة إعادة التأمين، كما لا يخفى ما لإعادة التأمين من فائدة لشركات التأمين الصغيرة التي تنقصها الخبرة، ولذلك إذا قامت هذه الشركات الصغيرة بإعادة التأمين فإنها سوف تحصل على الخبرة والنصيحة والتقدير الصحيح للأخطار المؤمنة من الشركات الأكبر والأكثر خبرة ودراية.

3ـ تعريف عقد إعادة التأمين وخصائصه:

أ ـ تعريف عقد إعادة التأمين:

يمكن تعريف عقد إعادة التأمين على بأنه: عقد تلتزم بموجبه شركة إعادة التأمين بتغطية الأخطار المؤمنة في عقود التأمين التي تبرمها شركات التأمين المباشر مقابل أقساط محددة تدفعها هذه الأخيرة، ولقاء تعويضها عما دفعته لعملائها المؤَمنين من كامل التعويض أو لجزء منه.

من خلال هذا التعريف يتضح أن العلاقة التعاقدية في عملية إعادة التأمين تنشأ بين شركة التامين المباشر وشركة إعادة التأمين، ومن ثم لا توجد علاقة مباشرة بين المؤَمن المعيد والمؤمنين (المؤمن لهم)، وإنما تقتصر هذه العلاقة المباشرة في حالة التأمين بين المؤمن المباشر وبين شركة إعادة التامين. على أن إعادة التأمين قد تأخذ شكل سلسلة بين المؤمن المباشر والمؤمن المعيد الأول، والمؤمن المعيد الأول والمؤمن المعيد الثاني، وهكذا.

كما أن شركة إعادة التأمين تغطي الكوارث والأخطار التي أبرمت شركة التأمين عقوداً بشأنها مع عملائها المؤمنين، لقاء أقساط تدفعها شركة التأمين المباشر، وتلتزم شركة إعادة التأمين بتعويض شركة التأمين المباشر لا المؤمن لهم، عما دفعته من تعويض عند تحقق الأخطار المؤمنة وحدوث الكوارث المؤمنة.

ب ـ خصائص عقد إعادة التأمين:

لا شك في أن لعقد إعادة التأمين من الخصائص القانونية ما تشابه عقد التأمين المباشر. فعقد إعادة التأمين ـ شأنه في ذلك شأن عقد التأمين ـ يتمتع بالخصائص التالية:

(1) ـ عقد إعادة التأمين من العقود الملزمة للجانبين: فهو يرتب التزامات متقابلة على عاتق كل من شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين، بحيث يعد التزام كل طرف سبباً لالتزام الطرف الآخر. فشركة التامين تلتزم بدفع بدل إعادة التأمين إلى شركة إعادة التامين التي تلتزم بتعويض شركة التأمين المباشر عما دفعته من تعويض للمؤمنين عند تحقق الكوارث.

(2) ـ عقد إعادة التامين عقد احتمالي: بمعنى أن أطرافه لا يعرفون وقت انعقاده مقدار ما يأخذ كل منهم ومقدار ما يعطي. ذلك أن تحديد مقدار ما يأخذ ويعطي كل من المؤمن المباشر والمؤمن المعيد هو أمر لا يمكن معرفته عند إبرام العقد، بل إن ذلك يتحدد في المستقبل وفقاً لأمر، هو الخطر المؤمن ضده، وهو غير محقق الوقوع أو غير معروف وقت وقوعه. فاحتمال الكسب والخسارة قائم عند إبرام العقد في جانب طرفيه، ويتوقف تحديد الجانب الذي سيربح أو سيخسر على الحظ والصدفة.

(3) ـ لا يعد عقد إعادة التامين من عقود الإذعان للمؤمن المباشر، وذلك لأن المتعاقدين المؤمن المباشر والمؤمن المعيد يحتلان في الغالب مركزاً اقتصادياً واحداً، كما أن لديهما المعلومات الكافية التي تمكن كل واحد منهما من مناقشة شروط الاتفاق عن دراية وبحرية.

(4) ـ عقد إعادة التأمين من العقود الزمنية: ذلك أنه يعقد لفترة زمنية معينة ويتدرج تنفيذه لزمن معين، فالزمن فيه يعد عنصراً جوهرياً. إذ تأخذ شركة إعادة التأمين على عاتقها الخطر المؤمن لمدة زمنية من قبل شركة التامين، ابتداءً من تاريخ محدد إلى نهاية تاريخ معين. أما المؤمن المباشر فإنه يلتزم للمدة نفسها التي تلتزم بها شركة إعادة التامين، ويوفي التزامه أقساطاً متتابعة على مدى هذه المدة، ويمكن له أن يوفي التزامه بدفع البدل دفعة واحدة، ولكن يراعى في تقدير هذه الدفعة الزمن المتعاقد عليه. وتلتزم شركة إعادة التأمين بتغطية الخطر المغطى بعقد التأمين المباشر، من حيث الزمن وفقاً للاتفاق الأصلي.

(5) ـ عقد إعادة التأمين هو عقد تجاري لطرفي العقد: ذلك أن المشرع السوري عد مشاريع التأمين بأنواعه عملاً تجارياً بحكم ماهيته (المادة 6 من قانون التجارة)، ويسري على مشاريع إعادة التأمين ما يسري على الـتأمين. كما حصر المشرع نشاط التأمين وإعادة التامين في الشركات المساهمة، التي تعد أصلاً شركات تجارية شكلاً، أياً كان موضوع عملها؛ ومن ثم تعد عقود إعادة التأمين التي تبرمها شركات التأمين وشركات إعادة التأمين من الأعمال التجارية بحكم ماهيتها من جهة وبالتبعية من جهة أخرى لصدورها عن تاجر في معرض قيامه بتجارته وذلك لطرفي العقد.

ثانياًـ طرق إعادة التأمين وصوره:

1ـ طرق إعادة التأمين:

يتضمن نظام إعادة التأمين نقلاً لجزء من الخطر الذي تتحمله شركة التأمين المباشر إلى عاتق مؤمن آخر هو شركة إعادة التأمين، وتتخذ عملية النقل هذه طرقاً مختلفة من أهمها: إعادة التأمين الاختيارية وإعادة التأمين الإجبارية وإعادة التأمين المختلطة.

أ ـ إعادة التأمين الاختيارية:

يطلق اصطلاح إعادة التأمين الاختياري على عمليات إعادة التأمين التي لا يوجد فيها إذعان أو إلزام قانوني يجبر شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التامين على قبول الأخطار وإعادة التأمين عليها بنسب معينة أو أحجام معينة.

وتتم إعادة التأمين الاختيارية عند اتفاق شركة التأمين المباشر مع شركة إعادة التأمين على إعادة التأمين على وثيقة تأمين معينة بالذات أو ضد كل خطر على حدة ولوقت معين، وذلك بالشروط التي يقرها طرفي عقد إعادة التأمين. ولا تكون شركة التأمين المباشر ملزمةً بأن تحيل الخطر كله أو جزءاً منه إلى شركة إعادة التأمين، كما أن من حق شركة إعادة التأمين أن تقبل أو ترفض تغطية هذه الأخطار بموجب إعادة التامين.

وبذلك فإنه لا يوجد التزام مسبق على أي طرف بعرض أو قبول إعادة التأمين بل يتوجب التوصل إلى اتفاق قائم بذاته ومستقل بشأن كل خطر يراد إعادة التأمين على جزء منه.

وتستعمل إعادة التأمين الاختيارية عادة في التأمين البحري، على أنه ليس هناك ما يمنع من استعمالها في التأمين البري إذا تعلق الأمر بخطر كبير القيمة، ففي التأمين من الحريق، تقبل شركات التأمين مخاطر مرتفعة القيمة لا تشملها اتفاقات إعادة التأمين الإجبارية، لذلك تلجأ هذه الشركات إلى إعادة التأمين الاختيارية، لتعيد التأمين على القدر الزائد على طاقتها مضافاً إليه القدر الذي تغطيه اتفاقات إعادة التأمين.

ومن مزايا طريقة إعادة التأمين الاختيارية، أن هذه العملية تتم لكل خطر على حدة، ومن ثم فإن شروط عقد إعادة التأمين تناسب عادة الخطر موضوع العقد، الأمر الذي لا يوجد في إعادة التأمين الإجبارية، كما أنها تساعد على حصول شركة التامين المباشر على المزيد من الأرباح، لأن باستطاعتها أن تقبل جميع الأخطار أياً كان نوعها ما دامت ستعيد التأمين على جزء من هذه الأخطار.

أما مساوئ هذه الطريقة، فتتجلى في أن هذا التأمين يتم لكل حالة على حدة، وبذلك لا تستطيع شركة التأمين المباشر  البت السريع في عمليات التأمين التي تعرض عليها، خاصةً إذا تعلق الأمر بخطر كبير يحتاج إلى إعادة التأمين، ومن ثم عليها الانتظار حتى تجد شركة إعادة تأمين وتتفق معها.

كما قد تأخذ المفاوضات مدةً طويلةً قد يكون المؤمن معرضاً خلالها للخطر وقد تتحقق الكارثة. إضافةً إلى أن هذه الطريقة تؤدي إلى زيادة نفقات التأمين ما دامت إعادة التأمين ستكون لكل حالةٍ على حدة.

ب ـ إعادة التأمين الإجبارية:

خلافاً لإعادة التأمين الاختيارية، تكون عملية إعادة التأمين إجباريةً إذا وجد نص أو التزام قانوني يلزم كلاً من شركات التأمين المباشر وشركات إعادة التأمين بقبول إعادة التأمين على الأخطار في حدود معينة وبنسب أو حصص معينة. كما تكون إعادة التأمين إجباريةً إذا وجد اتفاق عام أو إطاري بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين، تتعهد بمقتضاه الأولى بأن تحيل إلى الثانية جزءاً من طائفة معينة من الأخطار، في حين تلتزم شركة إعادة التأمين بقبول هذا الجزء. ويترتب على ذلك أنه كلما أبرمت شركة التأمين المباشر وثيقة تأمين على خطر يدخل في النوع المتفق عليه، فإن هذه الوثيقة تدخل تلقائياً في نطاق اتفاق إعادة التأمين.

ومن مزايا هذه الطريقة أنها تؤدي إلى تغطية الأخطار التي أعيد التأمين بصددها بأسلوب آلي ومن دون حاجة إلى اتفاق جديد. كما أن مسؤولية شركة إعادة التأمين تبدأ من لحظة إبرام عقد التأمين بين شركة التأمين والمؤَمن. كما تمكن شركة التأمين من قبول الأخطار الزائدة على طاقتها مادامت هذه الزيادة ستكون على عاتق شركة إعادة التأمين.

أما مساوئ هذه الطريقة فتتجلى في أن اتفاق إعادة التأمين الإجباري قد لا يغطي إلا جزءاً من الخطر الزائد، الأمر الذي ستلجأ معه شركة التأمين إلى الوسيلة الأخرى وهي إعادة التامين الاختيارية لتنقل إلى شركة إعادة تامين أخرى الجزء الذي لم يغطه اتفاق إعادة التأمين الإجبارية.

ج ـ إعادة التأمين المختلطة:

بموجب هذه الطريقة من إعادة التأمين يكون لشركة التأمين مطلق الحرية في أن تعرض أو لا تعرض الخطر على شركة إعادة التأمين، وتكون شركة إعادة التأمين ملزمة بقبول تغطية الخطر طالما أنه يدخل في نطاق الاتفاق.

2ـ صور إعادة التأمين:

تتم عملية إعادة التأمين في صور متعددة، نبين فيما يأتي أكثرها انتشاراً.

أ ـ إعادة التأمين بالمحاصة "الحصص":

في هذه الصورة من إعادة التأمين، تلتزم شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين بأن تكون إعادة التأمين على شكل محاصة، أي أن تشترك شركة إعادة التأمين مع شركة التأمين بنسبة مئوية موحدة في جميع عمليات التأمين التي تقوم بها شركة التأمين، أو مجموع العمليات الخاصة بنوع معين من أنواع التأمين التي تباشرها شركة التأمين، وتكون النسبة بالنصف أو بالربع أو بأي نسبة أخرى، وتكون نسبة الأقساط المستحقة بنسبة توزيع عمليات التأمين نفسها.

وعليه، فإن إعادة التأمين بالمحاصة عهي اتفاق بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين التي تتولاها على قبول الخطر أو الأخطار المتفق عليها، أو الحصة التي تحصل عليها شركة إعادة التأمين في صورة نسبة من الأقساط التي تتقاضاها من شركة التأمين المباشر، ولكن بعد حسم عمولة شركة التأمين المباشر إضافة إلى المصروفات التي تكبدتها الأخيرة في سبيل إصدارها لوثيقة التأمين. وفي المقابل تلتزم شركة إعادة التأمين بالاشتراك في دفع التعويض للمؤمَن مع شركة التأمين المباشر وبالحصص المتفق عليها.

وتتميز إعادة التامين بالمحاصة بمزايا عديدة يأتي في مقدمتها: البساطة والتلقائية في التطبيق من جهة، وتعويض شركة التأمين المباشر عن نقص الخبرة والمعرفة من خلال الخبرة والمعرفة التي تتمتع بها شركة إعادة التأمين من جهة أخرى.

ب ـ إعادة التأمين فيما يجاوز حد الطاقة:

ويطلق على هذه الطريقة اتفاقيات الفائض، وبموجبها لا تقوم شركة التأمين بإعادة التأمين على جميع وثائق التأمين التي تبرمها حتى لنوع معين، وإنما يتم الاتفاق بين شركة التأمين وشركة إعادة التامين على أن تحيل الأولى إلى الثانية الجزء الذي يزيد على طاقتها الخاصة بكل خطر أو بكل فرع من فروع التأمين وتضمن هذه الصورة الأخطار الصغيرة لشركات التامين المباشر، وهي الأخطار التي تتسع لها طاقة هذه الشركات وقدراتها.

وعليه، تتحدد طاقة كل من شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين في قبول الأخطار، ويجوز لشركة إعادة التأمين  إعادة التأمين إلى شركة إعادة تأمين ثانية إذا تجاوز ما تم الاتفاق عليه من قبول الأخطار حداً معيناً؛ كما يجوز لشركة إعادة التأمين الثانية أن تعيد التأمين على جزء من الأخطار التي أحيلت إليها، وهكذا تتوالى حلقات إعادة التأمين إلى أن يذوب الخطر ويتشتت بين شركة التأمين المباشر وشركات إعادة التأمين، بحيث يتحمل كل منها جزءاً بسيطاً تستطيع تغطيته عند تحققه. وتجد هذه الصورة استخداماً لها في التأمين من الحريق وفي التأمين الفردي من الإصابات الجسيمة.

ج ـ إعادة التأمين فيما يجاوز حداً معيناً من الكوارث:

وهو صورة من إعادة التأمين فيما يجاوز حداً معيناً من التعويض الفعلي الذي تدفعه شركة التأمين لكل وثيقة إذا ما تحققت الكارثة، ويسمى هذا الحد المعين بالجزء الواجب الدفع أولاً، وقد يكون هذا الحد المعين نسبة مئوية من مبلغ التأمين. وبعبارة أخرى، وبموجب هذه الصورة من إعادة التأمين، يتوقف ما يحال إلى شركة إعادة التأمين على قيمة الكارثة، أي المبلغ الذي ستدفعه شركة التأمين المباشر تعويضاً للكوارث التي تتحقق، إذ تلتزم شركة إعادة التأمين بدفع التعويض المستحق عند تحقق خطر معين يزيد على حد يتفق عليه. وبذلك فإن هذه الصورة تعتمد على تحديد قيمة الكارثة، في حين ترتكز صورة إعادة التأمين فيما يجاوز حد الطاقة، على تحديد قيمة الخطر عند التعاقد.

والجدير بالملاحظة أن هذه الصورة من صور إعادة التأمين تمثل خطورة على شركة إعادة التأمين في التزامها بدفع التعويض الذي يزيد على الحد المعين في الاتفاق، وهذا التعويض قد يكون كبيراً جداً، مما قد يدفع شركة التأمين المباشر إلى قبول التأمين على التأمين. ولتفادي هذه الخطورة تشترط شركة إعادة التأمين اشتراك شركة التأمين المباشر معها بنسبة معينة في دفع هذه الزيادة. وتستعمل هذه الصورة من إعادة التأمين في التأمين من المسؤولية، إذ تحدد شركة التأمين المباشر حداً أعلى لما تلتزم بدفعه من تعويض.

د ـ إعادة التأمين فيما يجاوز حداً معيناً من الخسارة:

وبموجب هذه الصورة من إعادة التأمين يتم الاتفاق بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين على أن تتحمل الأخيرة الخسارة التي تزيد على نسبة معينة من مجموع الأقساط التي تحصلها شركة التأمين من جميع الوثائق التي تصدرها في فرع معين من فروع التأمين. فإذا تجاوزت التعويضات التي تدفعها شركة التأمين المباشر حداً معيناً أو نسبة مئوية معينة، فإن الزائد يكون على عاتق شركة إعادة التأمين، وبذلك يكون الزائد على عاتق شركة إعادة التأمين أو يتحدد الحد الأقصى الذي تتحمله شركة التأمين المباشر هنا بالنظر إلى نسبة مئوية يتفق عليها من قيمة الأقساط المدفوعة في فرع التأمين الذي ينصب عليه اتفاق إعادة التأمين.

وبمقتضى هذه الصورة يمكن لشركة التأمين الحد من خسارتها بأن تلقي المسؤولية على عاتق شركة إعادة التأمين. وتستعمل هذه الصورة بصفة خاصة في عمليات التأمين التي تخشى فيها شركة التأمين المباشر وقوع كوارث كبيرة تتفاوت في آثارها من عام لآخر، مثل التأمين من الصقيع. كما تستعمل هذه الصورة في مجال التأمين من المسؤولية المدنية والتامين على الحياة.

هـ ـ إعادة التأمين التبادلي أو التعاوني:

في هذا النوع من صور إعادة التأمين يكون كل عضو شركة تأمين مباشر وشركة إعادة تأمين في الوقت نفسه. إذ يتم تجميع شركات التأمين في رصيد مشترك، فتتفق على تجميع المخاطر التي تؤمنها ليعاد توزيعها عليها من جديد وفقاً لنسب معينة تراعى فيها طاقة كل شركة تأمين، فكل خطر تقبل شركة التأمين تغطيته يقسم بين جميع شركات التأمين الأعضاء في هذا الرصيد المشترك بنسبة الحصص المتفق عليها، وتتقاضى كل شركة تأمين نسبة من الأقساط المتجمعة تعادل النسبة التي تتحملها من المخاطر ويتم التوزيع بواسطة مكتب مركزي. والجدير بالذكر، أن العميل المؤمَن لا يتعاقد إلا مع شركة تأمين واحدة فقط من أعضاء هذا التجمع، وليست له أي علاقة ببقية الأعضاء.

ويختلف هذا التجمع عن شركة إعادة التأمين في الأمور التالية:

ـ يتولى إدارة شركة التأمين بصفتها شركة مساهمة مجلس إدارة يمثل مجموع المساهمين، في حين يتولى إدارة هذا التجمع مدير فني يعينه الأعضاء.

ـ لا يتمتع هذا التجمع بالشخصية الاعتبارية، ذلك أن كل شركة عضو في التجمع تكون مسؤولة مسؤولية كاملة عن التزاماتها المترتبة على ما يخصها من نصيب في عمليات التجمع من دون تضامن في المسؤولية مع بقية الأعضاء.

ـ توزع أغلب أموال التجمع على الأعضاء، فيتولى كل عضو إدارة عملية استثمار تشكل نصيبه منها.

ثالثاً ـ التزامات أطراف عقد إعادة التأمين:

تقدم أن أطراف عقد إعادة التأمين هم شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين. على أنه قد ترى شركة إعادة التأمين نفسها في حاجة إلى إعادة التأمين عند شركة إعادة تأمين ثانية، وذلك بأن تحدد أولاً طاقتها في إعادة التأمين، وفيما يتجاوز حدود هذه الطاقة تعيد التأمين عليه لدى شركة إعادة تأمين ثانية، وبمقتضى هذا العقد تقوم شركة إعادة التأمين الأولى بتحويل جزءٍ من المخاطر التي تحملت إعادة تأمينها إلى شركة إعادة التأمين الثانية، وذلك لقاء مقابل معين يتفق عليه.

وفي جميع الأحوال وفي إطار الالتزامات المتبادلة بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين، فإن عقد إعادة التأمين يرتب التزامات تقع على عاتق شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين.

1ـ التزامات شركة التأمين المباشر:

يقع على عاتق شركة التأمين المباشر التزامان أساسيان هما الالتزام بدفع الأقساط والالتزام بتقديم قوائم دورية.

أ ـ الالتزام بدفع الأقساط:

تلتزم شركة إعادة التأمين بدفع أقساط إعادة التأمين المتفق عليها. ويختلف مقدار قسط إعادة التأمين أو مجموعه حسب صورة إعادة التأمين المتفق عليه. ففي اتفاق إعادة التأمين بالمحاصة الذي تتحدد على أساسه حصة شركة إعادة التأمين التي تتولاها في قبول الخطر أو الأخطار المتفق عليها، تتحدد الحصة التأمينية التي تحصل عليها شركة إعادة التأمين في صورة نسبة من الأقساط التي تتقاضاها شركة التأمين المباشر كالربع أو النصف أو أي نسبة أخرى، ولكن بعد حسم عمولة شركة التأمين المباشر إضافةً إلى ما تحملته من مصروفات في سبيل إبرام عقود التأمين.

ب ـ الالتزام بتقديم قوائم دورية:

تلتزم شركة التأمين المباشر بتقديم قوائم دورية إلى شركة إعادة التأمين. وتوضح شركة التأمين المباشر في هذه القوائم التي تسمى قوائم التطبيق، البيانات الخاصة بكل خطر قبلت التأمين عليه وقسط التأمين المتفق عليه مقابل تغطية هذا الخطر؛ وبموجب هذه القوائم تتمكن شركة إعادة التأمين من تحديد التزاماتها وفق شروط اتفاق إعادة التأمين، ولاسيما لجهة ما يقع على عاتقها من حصة في التعويض عن الكوارث.

2ـ التزامات شركة إعادة التأمين:

يمكن حصر التزامات شركة إعادة التأمين التعاقدية في ثلاث التزامات هي التعويض عن الكارثة، ودفع العمولة وتقديم وديعة.

أ ـ التزام شركة إعادة التأمين بالتعويض عن الكارثة:

تلتزم شركة إعادة التامين بدفع نصيبها في تعويض الكوارث طبقاً لما وقع عليه الاتفاق في عقد إعادة التأمين. وقد يتجلى هذا الاتفاق، إما في التعويض عن نسبةٍ معينة من التعويض الذي دفعته شركة التأمين المباشر، كالنصف أو الربع أو أي نسبة أخرى. أو قد تلتزم شركة إعادة التأمين بدفع ما يجاوز حداً معيناً من التعويض الفعلي الذي تدفعه شركة التأمين المباشر لكل وثيقة عند تحقق الكارثة، ومثال ذلك أن تدفع شركة إعادة التأمين ما يزيد على المئة ألف ليرة سورية من مبلغ التعويض الفعلي.

وقد يتمثل التزام شركة إعادة التأمين في دفع التعويض لشركة التأمين المباشر إذا تجاوزت تعويضات الكوارث التي دفعتها مبلغاً معيناً، يمثل في الواقع نسبة مئوية من الأقساط التي حصلت عليها شركة إعادة التأمين عن نوع التأمين المتفق على إعادة التأمين بشأنه، وهنا يكون تدخل شركة إعادة التأمين والتزامها بالتعويض مقتصراً فقط على الحد من الخسارة التي لحقت بشركة التأمين المباشر، بتعويضها لهذه الأخيرة ما يجاوز الحد المتفق عليه من الخسارة التي نزلت بها خلال سنة وفي فرع معين من فروع التأمين.

ب ـ التزام شركة إعادة التأمين بدفع عمولة:

تلتزم شركة إعادة التأمين بأن تدفع لشركة التأمين المباشر عمولة إعادة التأمين التي تعد مقابل المصروفات الإدارية التي أنفقتها شركة التأمين المباشر، ويتم عادة تحديد هذه العمولة على أساس نسبة مئوية معينة من أقساط إعادة التأمين. وبما أن شركة التأمين المباشر هي من يتقاضى أقساط التأمين من المؤَمنين لتقوم بدفع أقساط إعادة التأمين  فإنها تقتطع عمولتها من هذه الأقساط عند تنفيذ التزامها بدفع بدل إعادة التأمين.

ج ـ التزام شركة إعادة التأمين بتقديم وديعة:

تلتزم شركة إعادة التأمين بأن تنشئ تحت يد شركة التأمين المباشر وديعة كضمان لالتزاماتها نحو هذه الأخيرة. وتدخل شركة التأمين المباشر هذه الوديعة، سواء أكانت نقدية أو قيمية، ضمن الاحتياطيات الفنية بالشكل الذي يجعلها كافية لتسوية التزامات شركة التأمين تجاه المؤمنين أو المستفيدين من عقود التأمين، أي بتعويضهم عن الخطر المغطى بموجب عقد التأمين عند تحقق الكارثة.

رابعاًـ انقضاء عقد إعادة التأمين:

ينقضي عقد إعادة التأمين بالأسباب العادية لانقضاء أي عقد أو بالأسباب غير العادية لانقضاء العقود ولاسيما فسخ العقد.

فبموجب الأسباب العادية لانقضاء عقد إعادة التأمين ينقضي العقد بانقضاء المدة التي أبرم لأجلها وكذلك التزامات شركة إعادة التأمين بتغطية الوثائق التي أبرمتها شركة التأمين المباشر مع المؤَمنين، ومن ثم يرتبط عقد إعادة التأمين بعقد التأمين المباشر من حيث انقضاؤه بحلول أجل هذا الأخير. كما قد ينقضي عقد إعادة التأمين بانقضاء التزام شركة إعادة التأمين فيما لو كان التزامها يقوم على تغطية خطر معين، وتحقق هذا الخطر وعوضت شركة التأمين المباشر عن الكارثة وفقاً لما هو متفق عليه في عقد إعادة التأمين.

أما الأسباب غير العادية لانقضاء عقد إعادة التأمين فإن فسخ العقد يعد أحد أبرز هذه الأسباب. ويكون سبب فسخ العقد طبقاً للأحكام العامة للعقود امتناع أحد طرفي عقد إعادة الـتأمين عن تنفيذ التزاماته التي يرتبها العقد. فإذا تخلفت شركة التأمين المباشر عن تنفيذ التزامها بدفع الأقساط أو بتقديم قوائم التطبيق الدورية، جاز لشركة إعادة التأمين بعد إعذار شركة التأمين المباشر أن توقف العقد أو تقرر فسخه إذا لم تستجب شركة التأمين المباشر للإعذار وتنفذ ما يقع على عاتقها من التزامات تجاه شركة إعادة التأمين.

وبالمقابل تستطيع شركة التأمين المباشر فسخ عقد إعادة التأمين إذا امتنعت شركة إعادة التأمين عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية، كأن تمتنع عن دفع العمولة المقررة لشركة التأمين المباشر أو أن تتخلف عن تقديم وديعة ضمان تنفيذ التزاماتها، التي تدخلها شركة التأمين المباشر ضمن احتياطياتها الفنية، لتسوية التزاماتها تجاه المؤًمنين أو المستفيدين من عقود التأمين، بتعويضهم عن الكارثة عند تحقق الخطر المؤًمن.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد شرف الدين، أحكام التأمين في القانون والقضاء (جامعة الكويت، الكويت 1983).

ـ توفيق حسن فرج، أحكام الضمان (التأمين) في القانون اللبناني، الجزء الأول (بيروت 1975).

ـ رمضان أبو السعود، أصول التأمين، دراسة لعقد التأمين من الناحيتين الفنية والقانونية (1992).

ـ سامي عفيفي حاتم، التأمين الدولي (الدار المصرية اللبنانية، 1988).

ـ سلامة عبد الله سلامة، الخطر والتأمين، النظرية والتطبيق، الطبعة الخامسة (دار النهضة العربية، القاهرة 1986).

ـ عبد الودود يحيى، مقال عن «إعادة التأمين»، منشور في مجلة القانون والاقتصاد، حزيران 1962.


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 241
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 590
الكل : 31783789
اليوم : 59250