الإنارة التزيينية
اناره تزيينيه
Decorative lighting - Eclairage décoratif
غيث ورقوزق
المصابيح المستخدمة في الإنارة التزيينية
طرق التحكم في الإنارة التزيينية
وسائل التحكم في الإنارة التزيينية
استخدم الإنسان خلال تطوره عدة طرق للإنارة حتى يتلمس طريقه ليلاً؛ بدءاً من نار الموقد وصولاً إلى استخدام جلود الحيوانات المشبعة بالزيوت في العصور الحجرية؛ مروراً بالمصباح الزيتي ومصباح الكيروسين لأبي بكر الرازي في العصور الوسطى، حتى أمكنه الوصول إلى اختراع مصباح القوس الكهربائي (الجد الأكبر للمصباح الكهربائي المعروف حالياً) من قبل همفري داڤي Humphry Davy عام 1809.
كانت فكرة الإنارة في البداية مبنية على الحاجة إلى إنارة مكان وجود الإنسان وما حوله، ثم تجاوزت ذلك مع التقدم التقني والثقافي لتصبح مظهراً من مظاهر الرفاهية والحضارة في المدن الحديثة وفق ما يعرف بالإنارة التزيينية decorative lighting.
تعدّ الإنارة التزيينية جزءاً مكملاً للتصميم المعماري والديكور الداخلي والفني للشيء المنار، حيث تضيف وضوحاً إلى خطوط التصميم، كما تُبرز بعض التفاصيل التي تزيد من الناحية الجمالية لهذا الشيء.
لا يقتصر استخدام الإنارة في الوقت الحاضر على المناطق الخارجية: الأبنية الأثرية (قلاع، جسور، بوابات)، أو الحدائق العامة، أو الأبنية الحكومية، بل تعدى ذلك إلى استخدامها داخلياً في ردهات الفنادق وصالات العرض في المتاحف وفي بعض الأماكن الطبيعية كالمغارات والكهوف (الشكل 1)، حيث تشكل عنصر إبهار بصري يستطيع المصمم من خلاله إضافة أجواء معينة، خصوصاً عند دمجها مع بعض المؤثرات الصوتية والحركية مثل المياه المتراقصة (الشكل 2).
![]() |
الشكل (1) إنارة المغارات. |
![]() |
الشكل (2) المياه المتراقصة. |
الفرق بين الإنارة التزيينية والإنارة الضرورية
يقوم المصمم عند تصميم منظومات الإنارة الضرورية في أماكن العمل والأماكن العامة (طرق، حدائق، مكاتب...) - مع اختلاف وظائفها- بدراسة سويات الإنارة والشدَّات الضوئية للمصابيح المستخدمة، بحيث يجب تحقيق سويات إنارة وفقاً لمعايير عالمية وشروط نظامية لا يجوز تجاوزها؛ مثل المواصفة العالمية لجمعية هندسة الإنارة (IES)Engineering Society Illuminating . كذلك يَعدُّ المصمم عند تصميم إنارة تزيينية أن العامل الجمالي الإبداعي هو العنصر الأهم في عملية التصميم (الشكل3)، يليه من حيث الأهمية الشروط الفنية للغرض المُنار بحيث لا يتأذى من الضوء المسلط عليه.
![]() |
الشكل (3) الفرق بين الإنارة الداخلية الضرورية والخارجية التزيينية. |
يجب عند تصميم نظام إنارة تزييني أخذ النقاط الآتية في الحسبان:
• تحديد فكرة تصميمية متناغمة مع الغرض وطبيعة العنصر المُنار (بناء، لوحة أو حيوان).
• تحديد نوع أجهزة الإنارة المناسبة لهذا الغرض من حيث الحجم ولون الضوء وكمية الحرارة المنتشرة منها.
• تحديد طرق التحكم في أجهزة الإنارة المستخدمة.
المصابيح المستخدمة في الإنارة التزيينية
تتوفر في الأسواق العالمية مجموعة كبيرة من أجهزة الإنارة يمكن تصنيفها عموماً بحسب طبيعة المادة المكونة لهذه المصابيح و طريقة الحصول على الضوء:
• مصابيح التنغستين.
• مصابيح الفلورسانت (مصابيح الإنارة الاقتصادية، موفرة للطاقة).
• مصابيح بخار الزئبق.
• مصابيح بخار الصوديوم.
• أنصاف النواقل الضوئية ذات الألوان المتعددة (الديودات الضوئية LED).
• الأضواء الليزرية.
يمكن عموماً استخدام مثل هذه الأنواع من أجل الإنارة التزيينية الخارجية والإنارة الخارجية الضرورية (مصابيح بخار الزئبق، المصابيح الموجهة والليزرية)، لكن من أجل الإنارة التزيينية الداخلية يجب الانتباه لثلاث نقاط رئيسية في المصباح هي:
• حجم جهاز الإنارة.
• إمكان التحكم في شدته الضوئية.
• درجة حرارة لون الضوء.
• المردود الطاقي للمصباح.
ومثال على ذلك: لا يجوز استخدام مصابيح بخار الزئبق أو الصوديوم - المستعملة واسعاً في إنارة الطرق العامة- في صالات عرض اللوحات الفنية النادرة؛ لأن الضوء الناجم عنها يؤدي إلى تفاعلات كيميائية مع ألوان اللوحة مسبباً تخريبها مع الزمن.
العوامل الرئيسية لاختيار مصابيح الإنارة التزيينية
1 - حجم جهاز الإنارة والمصباح: نظراً لكون الناحية الجمالية هدفاً أساسياً من نظم الإنارة التزيينية، حيث من الأفضل أن يتم إخفاء جهاز الإنارة ودمجه في البيئة المحيطة.
2 - إمكان التحكم في شدة الإنارة: يجب أن يكون المصباح قابلاً للتحكم فيه، سواء من أجل الناحية الفنية أم من أجل توفير استهلاكه للطاقة الكهربائية، ويمكن حالياً التحكم في أجهزة الإنارة عن طريق الحاسوب، أو عن طريق دارات تحكم مبرمجة، أو باستخدام تقنيات الذكاء الصنعي، كما يمكن استخدام منابع تغذية مقادة من الترياك والترانزستور للتحكم في توتر التغذية وبالتالي سوية الإنارة.
3 - درجة حرارة لون الضوء الصادر عن المصباح: بما أن معظم استخدامات الإنارة التزيينية هو لإضفاء أجواء معينة على الغرض المنار؛ فإنه يجب اختيار لون مناسب لضوء المصباح، لكن يجب الانتباه في هذه الحالة لما يسمى درجة حرارة اللون color temperature؛ وتُعَرَّف بأنها مؤشر مهم لتبيان مدى ظهور اللون الأبيض دافئاً (مدروجات اللون الأصفر) أو بارداً (مدروجات اللون الأزرق). يُقدَّر هذا المؤشر بالكلڤن Kelvin. تقدم الشركات المنتجة للمصابيح معلومات فنية من ضمنها درجة حرارة اللون ودرجة حرارة اللون النسبية (CCT) correlated color temperature ، وهي مقياس يبين درجة حرارة اللون الناتج من المصباح وليس درجة اللون للغرض المنار. يعطي المصباح ذا درجة حرارة اللون المنخفضة لوناً أصفر دافئاً، ويعطي المصباح ذو درجة حرارة اللون المرتفعة لوناً أزرق بارداً، ويعدّ المصباح ذو اللون الأبيض مرحلة متوسطة بين تلك الحالتين. يبين الشكل (4) منابع مختلفة للضوء وبدرجات حرارة لون مختلفة.
![]() |
الشكل (4) منابع إنارة مختلفة ودرجة حرارة اللون الموافق لها. |
ويبين الجدول (1) درجات حرارة الألوان ومناطق استخدامها.
|
|||||||||||||||||||||
4 - المردود الطاقي للمصباح: يجب أن يكون المصباح (وجهاز الإنارة) المستخدم ذا مردود عالٍ، أو ما يسمى موفراً للطاقة، وذلك لكونه سيستخدم لفترات طويلة، ومن أكثر أنواع المصابيح توفيراً للطاقة المستخدمة حالياً هو الديودات الضوئية (LED) Light- Emitting Diode (الشكل 5)؛ وذلك لامتلاكها العوامل الأربعة السابقة إضافة إلى الوثوقية والأمان وتكاليف الصيانة المنخفضة.
![]() |
الشكل(5) استخدام ديودات ضوئية LED في الإنارة التزيينية الداخلية. |
طرق التحكم في الإنارة التزيينية
تختلف طرق التحكم في الإنارة التزيينية بحسب الغرض المنار، حيث يمكن:
• التحكم في سوية الإنارة فقط (على نحو متزايد أو متناقص)، ويتم ذلك باستخدام تجهيزات تُسمى مُخَفِّتات dimmers،حيث تساعد هذه التجهيزات على تغير التوتر المطبق على المصباح ومن ثم تغير سوية الإنارة الناتجة (الشكل 6). تُستعمل هذه الطريقة من أجل إضفاء أجواء خاصة وتخفيض الاستهلاك الطاقي للمصباح إضافة إلى إطالة عمر المصباح.
![]() |
الشكل (6) سويات التوتر المطبق على المصباح عن طريق الـمخفّت. |
يمكن استعمال هذه الطريقة للإنارة التزيينية الداخلية (حيث الاستطاعات الكهربائية للمصابيح صغيرة بحدود 100 واط)، حيث تتحكم مباشرةً في التوتر المطبق على المصباح، وذلك عن طريق مقاومة أومية متغيرة (الشكلان 7،8)
![]() |
الشكل (7) مبدأ عمل الـمخفّت. |
![]() |
الشكل(8) الشكل الخارجي لـلمخفت. |
كما يمكن استعمال مُخَفِّتات من أجل الاستطاعات العالية في المسارح والمناطق الخارجية، لكن في مثل هذه الحالات يجري تغيير توتر المصباح على نحو غير مباشر، حيث تقوم دارات رقمية بالتحكم في تشغيل عناصر إلكترونية وفق تردد معين يؤدي في النهاية إلى تشكيل توتر ذي مطال متغير يطبق على المصباح (الشكل 9).
![]() |
الشكل(9) لوحة التحكم في الإنارة التزيينية ذات استطاعات عالية. |
• التحكم في لون الضوء الصادر عن المصباح؛ وذلك باستعمال متحكمات ومصابيح خاصة قادرة على إعطاء ألوان مختلفة هي الأزرق والأخضر والأحمر (درجات حرارة الألوان هي: الأزرق 6500 والأخضر 4000 والأحمر 2700 كلفن) إضافة إلى اللون الأبيض (الديود الباعث للضوء الأكثر استعمالاً لمثل هذه الحالات).
يصدر الضوء في الديودات الباعثة الضوئية بصورة مباشرة (نتيجة حركة الإلكترونات عند تطبيق توتر في الوصلة P-N، حيث تحرر هذه الإلكترونات فوتونات ضوئية نتيجة تموضعها في الثقوب المتوفرة في الطبقة P ذات السوية الطاقة الأدنى من الإلكترونات (10) أو عن طريق التحول الفسفوري. ويتحدد لون الضوء الصادر في الطريقة الأولى عن طريق كمية الطاقة المتحررة، وفي الطريقة الثانية عن طريق نوع الفسفور المستخدم.
يمكن تشكيل اللون الأبيض من الديودات الباعثة للضوء (LED) بطريقتين: إما عن طريق دمج الألوان الثلاثة الرئيسية؛ أحمر وأخضر وأزرق (RGB) بعضها مع بعض أو استعمال اللون الأزرق مع الأصفر (الشكل 11).
![]() |
الشكل(10) إصدار الضوء في الديود الباعث للضوء |
![]() |
الشكل (11) تشكيل اللون الأبيض في الديود الباعث للضوء. |
وسائل التحكم في الإنارة التزيينية
يمكن التحكم في الإنارة التزيينية وفق عدة وسائل منها:
• التحكم عن بعد remote control حيث تتألف المنظومة من جهازي إرسال واستقبال، ويجري تغيير الألوان وطريقة تشغيل المصابيح يدوياً عن طريق جهاز التحكم عن بعد، ويمكن أيضاً برمجته ليعمل آلياً.
• التحكم عن طريق الصوت sound to light controller حيث تضم المنظومة محسات صوتية يستطيع المستخدم عن طريقها تشغيل أجهزة الإنارة عند سماع إشارة صوتية معروفة مسبقاً، كما يمكن اختيار عدة سويات إنارة تتم برمجتها وتخزينها في ذاكرة النظام.
• التحكم المبرمج programmable Digital MultipleX (DMX) controller تربط منظومة نظام الإنارة بالحاسوب عن طريق برامج خاصة، حيث يستطيع المستخدم اختيار سويات الإنارة والألوان، أو تصميمها، وفق ما يعرف بالسيناريو الضوئي. كما يستطيع برمجته ليعمل تلقائياً وفق جداول زمنية معينة، ويمكن ربطه بالشابكة (الانترنت) عن طريق كبل إثرنت ethernet بحيث يمكن تشغيل المنظومة عن بعد باستخدام وسائط الاتصال الذكية أيضاً (كالهواتف والألواح الرقمية).
• التحكم المحوسب المبرمج المستقلstand alone computer programmable DMX control يشبه هذا النظام التحكم المبرمج من حيث الخصائص؛ لكنه يفضله بقدرته على التكيف مع الوسط المحيط به عن طريق محسَّات لضوء النهار day light sensors ولوجود الأشخاص، بحيث يقوم بتحديد سويات الإنارة وتشغيل الإنارة أو إيقافها بحسب الحاجة والسيناريو الضوئي المطلوبين.
مع تزايد الطلب على الطاقة أصبح من الضروري الحد من استهلاكها على مختلف الصعد، وينطبق ذلك على مجال الإنارة التزيينية أيضاً، حيث تستخدم حالياً المنابع الضوئية التي تعتمد على الطاقة الشمسية؛ وذلك بكون جهاز الإنارة لاقطاً شمسياً (خلية كهرضوئية) ومدخرة مع نظام تحكم، بحيث تُشحن المدخرة من ضوء الشمس خلال النهار وتستخدم طاقتها ليلاً (الشكل 12)؛ كما تُظهر بعض التصاميم الحديثة استخدام ضوء النهار في الإنارة الداخلية التزيينية عوضاً من الإنارة الكهربائية (الشكل 13).
![]() |
الشكل (12) جهاز إنارة LED مع خلية شمسية. |
![]() |
الشكل(13) استخدام ضوء النهار في الإنارة التزيينية. |
كما تُستخدم حالياً تقانات الذكاء الصنعي في وسائط التحكم في الإنارة التزيينية وخصوصاً الداخلية منها، حيث يدرس النظام سلوك المستخدم داخل المنزل، ثم يقوم بالتحكم بالسيناريو الضوئي داخل المنزل تلقائياً بحسب ما تعلمه مسبقاً. والميزة الرئيسية في هذه الوسائط هي قابلية التعلم المستمرة لسلوك المستخدمين.
مراجع للاستزادة: -R. Ganslandt, H. Hofmann, Handbook of Light Design, ERCO Edition, 1992. -Philips, Lighting A to Z, the Lighting Solution Reference Guide .,2012 -US Department of Energy, Energy Efficiency and Renewable Energy, Building Technologies Program ‘Solid-State Lighting Technology Fact Sheet, 2012. |
- التصنيف : الهندسة الكهربائية - النوع : الهندسة الكهربائية - المجلد : المجلد الثالث، طبعة 2017، دمشق مشاركة :