تقانات حيويه صناعيه
Industrial Biotechnology -

التقانات الحيوية الصناعية

بشيرعرنوس

تطوير العمليات الحيوية

 توسعة العمليات في التقانات الحيوية الصناعية

أدوات التقانات الحيوية الصناعية

منتجات التقانات الحيوية الصناعية

التحديات والفرص الجديدة للتقانات الحيوية الصناعية

 

تعرَّف التقانة الحيوية الصناعية industrial biotechnologyبأنها الاستخدام والتطبيق الحديث لإنتاج المواد الكيميائية والصناعية والوقود من مصادر متجددة renewable sources، باستخدام الخلايا الحية النباتية والحيوانية والأحياء الدقيقة، أو بعض مكوناتها، مثل الإنزيمات enzymes. وتُعرف اليوم بالتقانة الحيوية البيضاء، القادرة على إنتاج المنتجات المفيدة صناعياً في العديد من القطاعات كالمواد الكيميائية والأدوية والأغذية والأعلاف والمنظفات والورق والمنسوجات والبوليمرات والوقود الحيوي biofuel.  

تطورت التقانة الحيوية الصناعية في القرن العشرين بتسارع ملحوظ مع التقدم الكبير في مجال إنتاج الكائنات المعدلة وراثياً genetically modified organisms والتخمر الصناعيindustrial fermentation ؛ مما عزز التنوع في التطبيقات والجدوى الاقتصادية لهذه التقانة (الجدول1).

 

الجدول (1) التطور التاريخي لأهم المنتجات في التقانة الحيوية الصناعية.

ما قبل 1940

المُحلات العضوية solvents، خميرة الخبز baker yeast، الحموض العضوية organic acids، الحموض الأمينية amino acids.

ما قبل 1980

البوليمرات الحيوية biopolymers، الصادات الحيوية antibiotics، بروتين مفرد الخلية single cell protein، الإنزيمات، اللقاحات vaccines، البروبيوتيك probiotics، عوامل خفض التوتر السطحي الحيوية biosurficants.

ما بعد 1980

الجزيئات الحيوية الصيدلانية biopharmaceuticals، المركبات النباتية الفعالة حيوياً bioactive plant compound، الوقود الحيوي، البروتين المؤشب  recombinant protein، الأضداد antibodies، اللقاحات المؤشبة recombinant vaccines.

ازداد الاهتمام بالتقانة الحيوية الصناعية مع التقدم التقني والفهم الأعمق والأشمل للاستقلاب الخلوي وعلوم المواد لإنتاج طيف واسع من المركبات المهمة في المجال الطبي والصناعي، وكذلك لارتباط هذا المجال بانخفاض استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة greenhouse gases emissions وتوليد النفايات، وقد يمكّن ذلك التحول من الاعتماد المطلق على الوقود الأحفوري إلى إنتاج المواد الكيميائية ذات القيمة المضافة على أساس حيوي (الشكل 1)؛ إذ تحول المواد الخام raw materials - بما في ذلك المحاصيل والمنتجات العضوية الثانوية من المصادر الزراعية - إلى سكريات يمكن تحويلها بسهولة عن طريق الأحياء الدقيقة أو الإنزيمات المصممة خصوصاً إلى المنتج المطلوب.

الشكل(1) العمليات المتسلسلة للتقانة الحيوية الصناعية.

ازدهر فرع الهندسة الكيميائية الحيوية Biochemical engineering، وهو أحد التخصصات المهمة في مجال التقانة الحيوية الصناعية؛ إذ يتعامل مع تصميم العمليات الحيوية والمعدات اللازمة لتصنيع المنتجات الحيوية المختلفة وتطويرها. تمتاز عمليات التقانة الحيوية بالتعقيد وصعوبة السيطرة عليها، لكنها خاضعة لقوانين الكيمياء والفيزياء، وبالتالي فهي قابلة للتحليل الهندسي. تشمل الجوانب الهندسية المطلوبة في التقانة الصناعية الحيوية: تصميم المفاعلات الحيوية bioreactors وتشغيلها، المعقمات sterilizers، ومعدات تصنيع المنتجات واستعادتها product recovery equipments، تطوير الأنظمة لأتمتة العمليات والتحكم فيها، إنشاء صناعات التقانة الحيوية الفعالة والآمنة، كما تشمل تحسين إنتاجية المنتج النهائي على المستوى الصناعي مع الحفاظ على جودته.

تطوير العمليات الحيوية

 مع التطور العلمي في مجال الوراثة genetics والبيولوجيا الجزيئية molecular biology بدأ التقدم الكبير بالتقانة الحيوية؛ إذ أصبح من الممكن التعامل مع الحموض النووية  nucleic acids وهندسة البروتين protein engineering والاندماج الخلوي، لتقديم منتجات وخدمات ثورية جديدة في مجال الصناعات الغذائية والكيميائية والصيدلانية، عن طريق دمج التقانة الحيوية مع تطوير العمليات الحيوية في الخلايا المِكروبية والحيوانية والنباتية ومكونات الخلايا كالإنزيمات. تعود بدايات استخدام الأحياء الدقيقة لإنتاج الأطعمة المخمرة fermented foods (العجين، المشروبات الكحولية، وغيرهما) إلى العصور القديمة، ومنذ ذلك الحين طُورت العمليات الحيوية لكثير من المنتجات التجارية، بدءاً من المواد البسيطة الرخيصة، مثل الكحول الصناعي والمذيبات العضوية إلى المركبات الكيميائية المتخصصة باهظة الثمن، كالصادات الحيوية والبروتينات العلاجية واللقاحات.

ولأن العمليات الحيوية تستخدم الخلايا الحية أو الإنزيمات فهي تتميز بالعديد من المزايا مقارنة بطرائق الإنتاج الكيميائية التقليدية، ومن هذه المزايا ما يأتي:

-         تتطلب عادة درجة حرارة وضغطاً ودرجة حموضة (باهاءpH) أقل.

-         يمكن استخدام الموارد المتجددة renewable resources مواد خام للصناعة.

-         يمكن إنتاج كميات أكبر من المنتجات باستهلاك كمية أقل من الطاقة.

 يمكن للإنزيمات أن تنتج مركبات معينة بسرعة وإنتاجية عالية، ولكنها تحتاج غالباً لتطوير معين يجعلها مناسبة للاستخدام في العمليات الصناعية، وأمكن ذلك بواسطة التقنيات الجديدة مثل: هندسة البروتين، الخلط المورثي gene shuffling، التطور الموجه directed evolution؛ مما يجعلها أكثر ملاءمة للاستخدام في العمليات الصناعية. ويتوجه العمل حالياً إلى دمج العمليات الحيوية في البيئات الصناعية مع الكيمياء التقليدية، وهذا ما يطلق عليه "عمليات التحفيز الحيوي" biocatalytic process الذي يمكنه زيادة كفاءة عمليات الإنتاج بالشكل الأمثل. ومن أهم مجالات التحفيز الحيوي يمكن ذكر:

-   توسيع نطاق الإنزيمات للتطبيقات الصناعية.

استعمال آخر أبحاث المسارات الحيوية الكيميائية biochemical pathways والإنزيمات للبحث عن المحفزات catalysts القادرة على إجراء تحويلات كيميائية جديدة.

الفهم العميق للتفاعلات بين الإنزيم enzyme والركيزة substrate لتمكين التطبيقات الجديدة للإنزيم، أو إنتاج المنتجات الحيوية الجديدة.

التكامل المباشر بين إنتاج الإنزيم وعمله بما في ذلك المعالجة النهائية للمركبات المستهدفة.

تطوير تصميم المفاعلات الحيوية المعيارية ومتعددة المراحل.

تطوير الأجهزة الدقيقة والنانوية للتحليل الكيميائي والكيميائي الحيوي، بما في ذلك المحسات الحيوية biosensors للكشف الجزيئي والخلوي والمراقبة.

أتاحت التقانة الحيوية الحديثة مجالات كثيرة للبحث، مثل: الأدوية المتطورة، زراعة الأنسجة والأعضاء البشرية، الرقائق الحيوية لأجهزة الكمبيوتر الحديثةbiochips for new-age computers ، المبيدات الحشرية pesticides المتوافقة مع البيئة، المِكروبات الفعالة في تفكيك الملوثات، وبالتالي فإن للبيولوجيا دوراً رئيسياً في الثورة الصناعية، لكن المشكلة الأساسية تكمن في إنتاج هذه المنتجات الجديدة المصممة جزيئياً في المختبر على المستوى الصناعي؛ لذلك أصبح من الضروري تطوير العمليات الحيوية bioprocess development في التقانة الحيوية الصناعية.

المعالجة الأولية

تتضمن المعالجة الأولية upstream processing جميع العوامل والعمليات التي تؤدي إلى إنجاز التخمير (الشكل 2). تتكون المعالجة الأولية من ثلاثة مجالات رئيسية:

‌أ-  المجال المرتبط بالأحياء الدقيقة المنتجة: يشمل استراتيجية التخمير، الحصول على الأحياء الدقيقة المناسبة، تحسين السلالة strain improvement لتعزيز الإنتاجية والمنتج، والحفاظ على نقاء السلالة، إعداد اللقاح inoculum المناسب، التطوير المستمر للسلالة المختارة لزيادة الكفاءة الاقتصادية للتخمير. يبدأ هذا المجال بتطوير السلالة بواسطة التقانات الحيوية المختلفة، أو عزل كائن حي قادر على إنتاج الجزيء المطلوب. يجري تحسين السلالة المعزولة عن طريق مولدات الطفرات mutagenesis، الانتقاء selection والهندسة الوراثيةgenetic engineering . تسمح التقنيات الوراثية الجديدة بهندسة السلالات عن طريق العمل على المورثات المسؤولة عن إنتاج مستقلب metabolite معين، وتُجرى هندستها وحدها من دون باقي الجينوم بواسطة الطفرات أو الحذف deletion أو الإفراط في التعبير المورثي over-expression. إن التحكم في التعبير عن هذه المورثات يحدد الإنتاجية (كفاءة تحويل الكربون) وتركيز المنتج النهائي، والنتيجة هي كائن حي مصمم على نحو مثالي للعملية وإنتاج المادة المطلوبة. عند تطوير سلالة المنتج المرغوبة يجب الحفاظ عليها كزراعة تخزينية stock culture للاستخدام المستمر واللاحق، وذلك بشروط تحميها من التغيرات الوراثية. والطريقة المثلى هي تخزين السلالات الخلوية أو الجراثيم في أمبولات محكمة الإغلاق بدرجة حرارة منخفضة جداً في الآزوت السائل liquid nitrogen.

‌ب- المجال المرتبط بوسط التخمير: يشمل اختيار مصدر الكربون والطاقة المناسب والفعال من حيث التكلفة المنخفضة، إلى جانب توفر العناصر الغذائية الأساسية. يعد تحسين أوساط الاستنبات جانباً حيوياً في تطوير العملية لضمان زيادة المنتج والأرباح الاقتصادية. تحتاج الأحياء الدقيقة جميعها للماء ومصادر الطاقة والكربون والآزوت والعناصر المعدنية والأكسجين إذا كان استقلاب الكائن الدقيق هوائياً aerobic. من السهولة نسبياً توفر هذه المتطلبات إذا كان الوسط على نطاق ضيق small scale، لكن وسط النمو نفسه قد يكون غير مناسب للاستعمال في عملية واسعة النطاق. ولإيجاد مصادر للآزوت تستعمل عادة أوساط على أساس: مولاس قصب السكر cane molasses، ومولاس الشوندر beet molasses، الحبوب cereal grains، النشاء starch الغلوكوز، السكروز واللاكتوز مصدراً للكربون، أملاح الأمونيوم، اليوريا، النترات، محلول الذرة corn steep liquor، دقيق فول الصويا soya bean meal، ومخلفات المسالخ slaughter-house waste وبقايا التخمير، تستعمل المواد السابقة حالياً على نطاق واسع أوساطاً للتخمير؛ لأنها رخيصة الثمن، ويمكن اختيار أوساط نقية أكثر تكلفة إذا كان من الممكن تقليل التكلفة الإجمالية للعملية الكاملة. في بعض الحالات تساعد بعض مكونات وسط النمو على تنظيم التخمر بدلاً من دعم نمو الأحياء الدقيقة، وتضاف إلى الوسط للتحكم في العملية كلها، وتشمل هذه الإضافات المثبطات inhibitors والمحفزات inducers وطلائع المركبات precursors.

‌ج-المجال المرتبط بشروط التخمير: يُنفذ التخمير بشروط صارمة طُورت لتحسين نمو الكائن الحي، أو إنتاج المنتج المِكروبي المطلوب. إن عمليات التخمير الصناعية هي تفاعلات كيميائية تُحوَل فيها المواد الخام إلى منتجات، وتنطبق عليها شروط هذه التفاعلات من عمليات أكسدة oxidations وإرجاع reductions (بسيطة ومعقدة)، والتحول الشكلي transformations والبلمرة polymerizations والتحلل المائي hydrolyses والتشكيل الحيوي المعقد complex biosyntheses وتكوين الخلايا formation of cells. كما يجب الانتباه للحرارة والأكسجين ودرجة الحموضة التي يمكن أن تتغير مع تقدم عمليات التخمير، وأضيف حالياً وحدات التحكم الآلية التي تنظم وتضبط كل هذه الشروط على نحو دقيق ومستمر.

الشكل (2) مخطط يوضح مراحل المعالجة الأولية.

المعالجة النهائية Downstream Processing( DSP)

تشمل هذه المرحلة عزل isolation المنتج وتنقيته purification إلى الشكل المناسب للاستخدام المطلوب، وتضم جميع العمليات التي تلي التخمير. الهدف الأولي يشمل الكفاءة وأمان المنتج المستهدف والمواصفات المطلوبة (النشاط البيولوجي biological activity والنقاء purity وغير ذلك) مع زيادة عائد المنتج لأقصى حد وتقليل التكلفة. يمكن الحصول على المنتج النهائي عن طريق معالجة الخلايا أو وسط الاستنبات medium باعتماد كون المنتج داخل خلوي intracellular أو خارج خلوي extracellular. كما يُحدَد مستوى النقاء المطلوب للمنتج النهائي بواسطة الاستخدام اللاحق للمنتج.

تعتمد المعالجة النهائية على بروتوكول التخمير، ويؤثر فيها العديد من العوامل، مثل: خصائص الأحياء الدقيقة الداخلة بالتخمر، خواص التشكل، حجم الخلية وصلابة جدارها الخلوي. لهذه العوامل تأثيرات مباشرة في قابلية ترشيح المنتج filterability وترسيبه sedimentation وتجانسه homogenization. إن الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمنتج، وكذلك تركيزه هي عوامل رئيسية في تحديد خطوات الفصل الأولية واستراتيجية التنقية الشاملة؛ فقد تكون الخلايا بأكملها هي المنتج المستهدف، أو يمكن أن يكون المنتج مادة داخل خلوية، أو يمكن أن يكون داخل عضية organelle، أو على شكل أجسام متضمنة inclusion bodies. كما يمكن أن يكون المنتج المستهدف قد أُفرز في حيز السيتوبلاسما المحيطية periplasmic space أو وسط التخمير. فالمعالجة النهائية هي عملية متعددة المراحل مكونة من سلسلة من العمليات المرتبطة بعضها ببعض لتحقيق تنقية المنتج (الشكل 3). كما يجب أن يبقى عدد المراحل عند الحد الأدنى، مما يخفض من التكلفة المادية، كما ويمنع الخسائر الإجمالية في أثناء عملية التنقية متعددة المراحل.

توسعة العمليات في التقانات الحيوية الصناعية

تبدأ جميع العمليات الحيوية للتقانات الصناعية scale-up of bioprocesses في المختبر، وفي حال نجاحها تنتهي في مصنع الإنتاج. عند نقل العملية من نطاق المختبر إلى نطاق الإنتاج من المحتمل مواجهة مشاكل كثيرة يجب التغلب عليها. في البداية تُجرى تجارب أولية في مستوى حجم إرلينة معايرة (حوجلة) في المختبر Erlenmeyer flask، إذ يراوح حجم المزرعة في المختبر بين 100 و1000 مل، ويصل في نطاق الإنتاج إلى حجم يراوح بين 25000 و1000000 لتر؛ لذا يجب الانتقال من المختبر إلى المصنع بخطوات عدة، ومراحل منفصلة تتضمن عدداً  من المقاييس المختبرية والمصنعية التجريبية.

تمر العمليات الحيوية بعدة تحديات، أهمها:

1. تطوير اللقاح inoculum development: إن منتجات التخمر هي مستقلبات ثانوية  secondary metabolites تنتجها الأحياء الدقيقة في مرحلة الثبات phase stationary من النمو المِكروبي، وبذلك فإن اللقاح هو الأحياء الدقيقة التي تقوم بالعمليات الحيوية المؤدية إلى إنتاج المنتج المطلوب. تُستخدم كميات كبيرة من اللقاح في المخمر (قد تصل 10%)، وذلك لتقصير مرحلة النمو الأولية والدخول بسرعة في مرحلة الإنتاج.

2. تعقيم الوسط medium sterilization: تستخدم عادة مكونات خام لوسط التخمير، وذلك لأسباب اقتصادية؛ مما يجعل تعقيم الوسط أمراً لا بد منه، ويمكن للتعقيم أن ينتج منه تحديات مثل تداخل الشوائب impurities الموجودة في المواد الكيميائية في أثناء التعقيم. يستغرق التعقيم وقتاً طويلا ً (3-6 ساعات) مع المعالجة الحرارية الشديدة، وقد يؤدي إلى تحلل العناصر الغذائية الأساسية وتكوين مركبات سامةtoxic compounds ، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية.

3. التهوية والخلط aeration-agitation: تُجرى عمليات التخمير وعلى نطاق الإنتاج في أوعية أسطوانية مهواة  تحوي شفرات تحريك وخلط لإيصال الهواء لجميع مكونات وسط التخمير.

 

الشكل (3) مراحل المعالجة النهائية.

تمر عملية التخمير بمراحل متدرجة من حيث الحجم وضبط الشروط، هي بالترتيب:  

1.    الإرلينة في المختبر بسعة 50-1000 مل.

2.    المخمر في المختبر بسعة 5-20 لتر.

3.    المخمر التجريبي بسعة 50 - 5000 لتراً.

4.    المخمر الإنتاجي بسعة 25 - 1000 م3.  

تصميم المفاعل الحيوي bioreactor design: طُور المفاعل الحيوي عن طريق الاستفادة من علم الأحياء الدقيقة microbiology، والكيمياء الحيوية biochemistry، والوراثة، والهندسة الكيميائية chemical engineering. واستفاد البشر منذ القدم (ما قبل التاريخ) من نتائج التخمر بإنتاج الخبز والجبن والنبيذ والبيرة من دون معرفة آلية التخمر، حتى اكتشف الكيميائي وعالم الأحياء الدقيقة لويس باستور Loius Pasteur في عام 1875، أن التخمر يحدث نتيجة للنشاط البيولوجي للخميرة yeast، فكان هذا الاكتشاف أساس المفاعلات الحيوية المعروفة. تطور نطاق الهندسة الحيوية من علم الأحياء الدقيقة البسيط لزجاجة نبيذ أو تخمر العجين إلى تصنيع البيرة والنبيذ والجبن ومنتجات الألبان، ووصل إلى منتجات التقانة الحيوية الأحدث، كالصادات الحيوية والإنزيمات والهرمونات الستيروئيدية steroidal hormones والفيتامينات والسكريات والأحماض العضوية والمستحضرات الصيدلانية الحيوية biopharmaceuticals.

المفاعل الحيوي هو وعاء أسطواني مختلف الحجم ومصنع من الستانلس ستيل تُزرع فيه الأحياء الدقيقة برقابة صارمة لإنتاج منتج أو كتلة حيوية، أو لإجراء تفاعلات معينة. يستعمل مصطلح التخمير لوصف هذه الأوعية، وعلمياً التخمير هو التنفس اللاهوائي anaerobic respiration، في حين أن النسبة الكبرى من التخمير تُستعمل للعمليات الهوائية aerobic processes، وبالتالي فإن المفاعل الحيوي يصف تلك الأوعية التي تنمو فيها الأحياء الدقيقة في ظل الظروف الهوائية أو اللاهوائية.

تختلف المنتجات النهائية لعملية التخمر، وتُصنَف وفقاً لثلاثة أنواع من العمليات:

1. المنتجات الخلوية: وتكون إما مركبات خارج خلوية (الكحوليات أو حمض الليمون)، وإما مركبات داخل خلوية (مستقلبات أو إنزيمات).

2. العمليات التي تنتج كتلة خلوية: خميرة الخباز baker’s yeast، وبروتين مفرد الخلية single cell proteins.

3. العمليات التي تعدِّل مركباً يضاف إلى وسط التخمير، وتسمى التحولات الحيوية biotransformations.

صممت المفاعلات الحيوية لدعم الأحياء الدقيقة والتفاعلات الحية والتأثير في المسارات الاستقلابية الخلوية ومراقبتها، لذلك تمتلك درجة كبيرة من التحكم في الشروط المختلفة وبعيدة كل البعد عن التلوث؛ إذ إن الأحياء الدقيقة حساسة جداً وأقل استقراراً من المواد الكيميائية (الشكل 4). يجب ضبط الظروف البيئية ضمن المفاعل ومراقبتها بدقة واستمرار، كضغوط الغازات المختلفة (كالهواء، الأكسجين، الآزوت، ثنائي أكسيد الكربون)، وكذلك معدلات التدفق، ودرجة الحرارة، ودرجة الحموضة، إضافة إلى مستويات الأكسجين المذاب، وأيضاً معدل سرعة التحريك (الخلط agitation) إذ يعد الخلط داخل المفاعل الحيوي جزءاً لا يتجزأ من كفاءة نقل الحرارة والكتلة في أثناء مراحل الإنتاج. تُستعمل حالياً المستشعرات probes and sensors ونظم التحكم الآلية auto-control systems في أوعية المفاعلات الحيوية الصناعية حيث تتحكم في تكوين الرغوة foam والتهوية والتحريك وإضافة الوسط باستمرار، وإنتاج الغازات، والتحكم في منفذ سحب العينات والمنتج، وإزالة المنتجات الثانوية.

 

الشكل (4) الشكل التخطيطي لمفاعل حيوي نموذجي.

أدوات التقانات الحيوية الصناعية

ترتبط التقانة الحيوية الصناعية نتيجة التقدم الحاصل بمجموعة واسعة من الأدوات البيولوجية وأهمها:

1.  الهندسة الوراثية: تُعرف بتقنية الحمض النووي المؤشب (rDNA) recombinant DNA، وتتضمن دمج مورثة مطلوبة من كائن حي إلى كائن آخر حيث يمكن التعبير المورثي عنها. يمكن أن تجرى هذه العملية في الوسط الحي In vivo وذلك باستعمال الفيروسات آكلات الجراثيم (العاثيات) bacteria phages، التي تحمل المعلومات الوراثية من صبغيات chromosomes أحد الكائنات الحية وتصيب به آخر بعد دمج المعلومات الوراثية القادمة من المضيف الأول. كما يمكن أن تُجرى في الزجاج (الوسط الصنعي) in vitro، وتعتمد على النواقل vectors التي تحمل المعلومات من الخلية وتدمجها في خلية أخرى. في البداية تُدخل المورثة في الناقل ضمن المختبر، ومن ثم يُدخل الناقل والحمض النووي الإضافي المرتبط به (المورثة المطلوبة) في الخلية المتلقية التي هي غالباً جرثومية، بعد الاندماج يبدأ التعبير المورثي expression of gene وإنتاج المنتج المطلوب. أكثر التطبيقات شهرة لتقانة الحمض النووي المؤشب هي: إنتاج سلالات جرثومية قادرة على تصنيع البروتينات الأجنبية، البروتين الأول التجاري المنتج بهذه التقنية هو هرمون النمو البشري (HGH)Human Growth Hormone  المستخدم في علاج التقزم الناجم عن قصور الغدة النخامية hypopitutary، ومن ثم تتالت المنتجات المكروبية المؤشبة على المستوى الصناعي ووصلنا اليوم إلى تشكيلة كبيرة من هذه المنتجات ومنها: هرمون الإنسولين، الإنترفيرون والإريثروبويتين، الإنزيمات، الحموض الأمينية، اللقاحات، المضادات الحيوية، وغير ذلك.

2.     هندسة البروتين protein engineering: يجري الحصول على الإنزيمات (البروتينات) من الكائنات الحية في الطبيعة، وهذه الإنزيمات تكون غير مناسبة للعمليات الصناعية؛ لذلك هناك حاجة لهندسة أداء الإنزيمات وتحسينها من حيث النشاط والانتقائية، والعمل على الركيزة والمنتج لتكون العملية الإنزيمية قابلة للتطبيق التجاري. هناك طريقتان لهندسة البروتين:

أ.التصميم العقلاني rational design: لابد من فهم بنية تحفيز البروتين (الإنزيم) ووظيفته وآليته جيداً؛ لإجراء التغييرات المرغوبة عبر التطفير mutagenesis الموجه للمواقع الفعالة المحددة للبروتين.

ب.التطور الموجه directed evolution: يتطلب نهج التطور الموجه معرفة تسلسل البروتين؛ مما يسهِّل إخضاعه لدورات متكررة من الطفرات العشوائية، أو إعادة تركيب المورثات والبحث عن الطفرات الإيجابية واختيارها.

بعد الحصول على البروتينات المطلوبة، تخضع  تلك البروتينات لفحص خاص بطرق الامتصاص الإشعاعي (الأشعة فوق البنفسجية UV-absorption أو المتفلورة fluorescence)، للتحقق من البروتينات التي تمتلك الخصائص المطلوبة واختيارها كأفضل قالب للجولة التالية من الطفرات، وتكرر العملية للتأكد من الحصول على البروتين الهدف النهائي.

3.      الهندسة الاستقلابية metabolic engineering: تعتمد الهندسة الاستقلابية على فهم عمليات التمثيل الغذائي المِكروبي microbial metabolism؛ مما يتيح الفرص لتعديل استقلاب الجراثيم والخمائر والفطريات الأخرى وتطويرها؛ لإنتاج منتجات جديدة أو زيادة الناتج لبعضها، أو الحصول على مسارات استقلابية جديدة. تعتمد هذه التقنية على تقنية الدنا المؤشب (rDNA) بواسطة التلاعب بوظائف الإنزيمات والنقل والتنظيم الخلوي.

يمكن بواسطة الهندسة الاستقلابية للمكروبات إنتاج كميات كبيرة من المستقلبات القيمة التي يصعب استخلاصها من مصادرها الطبيعية، أو تلك التي يكون إنتاجها مكلفاً جداً عن طريق الاصطناع الكيميائي. مثال: مركب تاكسول Taxol (مضاد فطري يستخدم في علاج سرطان المبيض والثدي)، كان يستخرج وينقى من لحاء نبات  الطقسوس Taxus brevifolia وبإنتاجية منخفضة جداً (يلزم 9000 كغ من اللحاء لإنتاج 1 كغ من التاكسول النقي)، أصبح يُنتج مؤخراً من الخميرة بفعل الهندسة الاستقلابية.

4.  بيولوجيا المنظومات systems biology: تعمل بيولوجيا المنظومات على تحليل الشبكات الاستقلابية الخلوية المعقدة وتحسينها لتطبيقها في تطوير السلالات المِكروبية والعمليات الحيوية. وذلك عن طريق تكامل تفاعلات المورثات والبروتينات والاستقلاب الخلوي المباشر وغير المباشر عبر الشبكات الاستقلابية والتنظيمية والمحاكاة الحاسوبية computer simulation. وهكذا ظهرت مجموعة متنوعة من التخصصات الحديثة، مثل علم الجينوم genomics وعلم الميتاجينوم metagenomics (دراسة التفاعلات الوظيفية لمجموعات كاملة من المورثات ومنتجاتها)، وعلم النسخ transcriptomics (النسخ والتعبير الجيني لـ mRNA على مستوى الجينوم كله)، وعلم البروتينات proteomics (بنية البروتينات ووظيفتها وتفاعلاتها)، وعلم الاستقلاب الغذائي metabolomics (قياس تركيز المستقلبات من مرحلة التنبيه حتى الوصول إلى الاستجابة الاستقلابية الكاملة)، وعلم التدفق fluxomics (دراسة التدفقات في المستقلبات عبر شبكات التفاعل الاستقلابي). توفر الأساليب السابقة مجموعة كبيرة من البيانات؛ مما يتيح فهماً أكثر اكتمالاً للخلية في البيئات المختلفة، وبالتالي استكمال جهود الهندسة الاستقلابية والبروتينية لتحسين سلالات الأحياء الدقيقة فيما يخدم التقانة الحيوية الصناعية.

منتجات التقانات الحيوية الصناعية

يمكن للتقانة الحيوية أن تحل مكان العمليات الكيميائية، مما يسمح بإنتاج منتجات جديدة، وهناك الكثير من هذه المنتجات في مجالات مختلفة، كالمواد الكيميائية الغذائية والأدوية والمنظفات والورق والمنسوجات والطاقة والبوليمرات وغير ذلك (الجدول 2).

 

الجدول (2) بعض المنتجات الرئيسية بالتقانة الحيوية الصناعية.

المنتج

التطبيق الرئيسي

الأحياء الدقيقة

حمض الليمون Citric acid

الغذاء

الرَّشَّاشِيَّةُ السَّوداء

Aspergillus niger

الإيتانول  Ethanol

الوقود

السُّكَيراءُ الجِعَوِيَّة

Saccharomyces cerevisiae

الغلوتامات  Glutamate

مواد النكهة

الوَتَدِيَّةُ الحُبَيبِيَّة (البْرُوبْيُونِيَّةُ الحُبَيبِيَّة)

Corynebacterium glutamicum

حمض اللبن  Lactic acid

الغذاء- اللدائن (البلاستيك)

المُلبِّنَة

Lactobacillus sp.

الليسين  Lysine

التغذية

الوَتَدِيَّةُ الحُبَيبِيَّة (البْرُوبْيُونِيَّةُ الحُبَيبِيَّة)

Corynebacterium glutamicum

البنسلين  Penicillin

الأدوية

المِكْنَسِيَّةُ العَسْجَدِيَّة

Penicillium chrysogenum

صمغ الزانتان  Xanthan gum

الغذاء – التنقيب عن النفط

المُسْتَصْفِرَة

Xanthomonas campestris

يمكن تلخيص أهم المنتجات للتقانة الحيوية الصناعية بالآتي:

1. الحموض العضوية والبوليمرات: هناك الكثير من الحموض العضوية التي تنتج بالتقانة الحيوية الصناعية من الأحياء الدقيقة، ومنها: حمض الخل، حمض الليمون، حمض الغلوكونيك، حمض اللاكتيك، حمض الفوماريك، وغير ذلك.

2. الكحول: تشمل المواد الكيميائية العضوية التي تندرج ضمن هذه الفئة والتي تُنتج عن طريق التخمير: الإيتانول، البروبانديول، البيوتانول، الأسيتون والغلسرين.

3. الحموض الأمينية: تُنتج جميع أنواع الحموض الأمينية بالطرق البيولوجية ما عدا الميثيونين ينتج كيميائياً. تضم الحموض الأمينية: الشكل Lمن حمض الغلوتاميك (غلوتامات أحادية الصوديوم)، ليزين، فينيل ألانين، حمض الأسبارتيك، ثريونين، تريبتوفان، أرجينين، سيترولين، غلوتامين، هستيدين، آيزوليوسين، ليوسين، أورنيثين، برولين. تختلف طرائق الاصطناع  البيولوجية لهذه الحموض؛ فيمكن أن تكون بالتخمير أو بالاستخلاص extraction من المصادر الطبيعية، أو بالاصطناع الإنزيمي enzymatic synthesis، ويمكن عزلها من المنتجات الثانوية الصناعية، أو استخلاصها من الأنسجة النباتية أو الحيوانية، أو تصنيعها بوسائل عضوية أو إنزيمية أو مِكروبيولوجية.

4. الفيتامينات والمستحضرات الصيدلانية: يمكن للكائنات الحية الدقيقة تصنيع الكثير من الفيتامينات ذات الأهمية الطبية، ومعظم الفيتامينات في السوق التجارية اليوم هي ناتج التقانة الحيوية المِكروبية، ومن أهمها: حمض الأسكوربيك (فيتامين ج (C))، المجموعة د(D) (إرغوستيرول،  D3, D2)، حمض الفوليك، فيتامين ه(E) ، فيتامين السيانوكوبالامين (B12)، الإينوزيتول، الريبوفلافين (B2).

5. الصادات الحيوية antibiotics: اكتُشف أكثر من 10000 صاد حيوي من الأحياء الدقيقة. يُنتج عدد من الصادات الحيوية الطبيعية عن طريق الأحياء الدقيقة كما في الجدول (3). والكثير من الصادات الحيوية الأخرى التي ينتج معظمها بالتخمير أو بالتحولات الحيوية.

 

الجدول (3) بعض الصادات الحيوية المنتجة عن طريق الأحياء الدقيقة.

الأحياء الدقيقة

الصادات الحيوية المنتجة

المُتَسَلْسِلَةُ العَقِدَة

 Streptomyces nodosus

الأمفوتريسين ب

 Amphotericin B

رَأْسِيَّةُ الأَبْواغ

 Cephalosporium sp.

السيفالوسبورين

 Cephalosporins

Saccharopolyspora erythrae

إرثرومايسين

 Erythromycin

البَوغانَةُ الأُرْجُوانِيَّة

Micromonospora purpurea

الجنتامايسين سي

 Gentamicin C

المِكْنَسِيَّةُ العَسْجَدِيَّة

Penicillium chrysogenum

البنسلين

Penicillin

المتَسَلْسِلَةُ الصَّادَّة

 Streptomyces ambofaciens

الستربتومايسين

Streptomycin

6. المستحضرات الصيدلانية الحيوية biopharmaceuticals: تضم المستحضرات الصيدلانية الحيوية الجزيئات الكبيرة (البروتينات) التي صنعت بالتقانة الحيوية الصناعية لتمييزها من الأدوية التقليدية ذات الجزيئات الصغيرة. تشمل هذه المستحضرات المنتجة عن طريق التخمر المِكروبي (الجراثيم أو الخمائر) الإنسولين Insulin، هرمون النمو البشري HGH، لقاح المستضد السطحي لالتهاب الكبد- Bhepatitis B، الإنترفيرون Interferon ألفا وبتا وغاما، والإنترلوكين -2 nterleukin-2، والكثير من المستحضرات الأخرى.

7. الإنزيمات: تُنتج الإنزيمات من الأحياء الدقيقة بدائية النواة (موجبة وسالبة الغرام) والأحياء الدقيقة حقيقية النواة كالخمائر والفطريات. في ستينيات القرن الماضي جرى تسويق الغلوكوأميلاز glucoamylase الذي يحفز إنتاج الغلوكوز من النشاء بكفاءة كبيرة مقارنة بالتحلل المائي الحمضي الكيميائي، وكذلك بدأ إنتاج المنظفات detergents التي تحتوي على الإنزيمات. ومع تطور الهندسة الوراثية أُنتجت الإنزيمات الجديدة وجرى تسويقها، وكذلك التطور في علم الكيمياء التحليلية وكيمياء البروتين، والمعلومات البيولوجية المتاحة من البرامج الوراثية والتقنيات الجزيئية الحديثة، كلها وسائل تؤثر في دراسة بنية الإنزيمات ووظيفتها ومعالجتها. ويُنتج عدد كبير من الإنزيمات تجارياً باستخدام أنواع مختلفة من الأحياء الدقيقة، مثل: الأميلاز amylases، الغلوكوأميلاز glucoamylase، البولولاناز pullulanases، الزيلاناز xylanases، السليولاز cellulases، الليباز lipases، البكتيناز pectinases، الإنوليناز inulinases، البروتياز proteases، وغيرها.

8. المبيدات الحيوية biopesticides:  تتركب المبيدات الحيوية من مواد طبيعية تمنع أو تقلل من هجوم الآفات التي تقلل من إنتاجية كثير من المحاصيل ذات الأهمية الاقتصادية، وتتكون على نحو رئيس من كائنات كاملة، كالجراثيم أو مستخلصات فطرية أو نباتية أو حيوانية. تختلف المبيدات الحيوية عن الكيميائية بكونها نوعية وصديقة للبيئة؛ لأنها قابلة للتحلل الحيوي biodegradable، ولا تسبب كثيراً من المخاطر.

تُصنع مبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات بالتقانة الحيوية الصناعية عن طريق الهندسة الوراثية وتقنية الحمض النووي المؤشب. المثال الأكثر شيوعاً هو العَصَوِيَّةُ التُّورِنْجِيَّة Bacillus thuringiensis القادرة على القضاء على العديد من الحشرات، وقد دُمج السم الموجود فيها مباشرة في النباتات عن طريق الهندسة الوراثية. ومن المبيدات الحيوية المصنعة بالتقانة الحيوية الصناعية: الكيتوزان Chitosan، والسبينوزاد Spinosad، والقلويدات Alkaloids، والتربينات terpenoids والفينولات phenols، وجميعها مستقلبات ثانوية للنباتات.

9. الوقود الحيوي والطاقة الحيوية bioenergy: يمكن للوقود الحيوي biofuels المصنّع من تخمير السكريات لعدد من المحاصيل الغذائية أن يحل بديلاً أو على الأقل أن يقلل من اعتماد الوقود الأحفوري fossil fuel. بالتقانة الحيوية الصناعية أمكن الحصول على الوقود الحيوي من مواد النفايات السلولوزية، كالقش straw وأكواز الذرة corn cobs وعدد من المصادر النباتية والطحالب البحرية marine algae، مما يوفر المحاصيل الغذائية للإنسان والحيوان، كما تُستعمل الكتلة الحيوية biomass والنفايات الزراعية والحيوانية لتوليد الغاز الحيوي biogaz بمفاعلات حيوية خاصة (المخمر الحيوي biofermenter) في المزارع والمناطق الريفية لرفع المستوى المعيشي لهذه المناطق والتنمية المستدامة وإنتاجها لغاز الميتان methane، ويمكن أن تكون مصدراً للهدروجين في المستقبل.

10. مواد جديدة: يمكن للتقانة الحيوية الصناعية أن تكون مصدر إلهام لإنتاج مواد جديدة وعمليات تصنيع مستقبلية كالخلايا الشمسية solar cells. ومن الآفاق الواعدة المواد النانوية المتميزة بخصائصها الفائقة وتطبيقاتها الواسعة، وتُنتج الجزيئات النانوية nanoparticles بالتآزر بين الفيزياء والكيمياء والتقانة الحيوية. ومن تطبيقات التقانات النانوية:  مجال توليد الطاقة ومحولاتها، التخصيب الحيوي ومعالجة المخلفات، تحسين الغطاء النباتي، الوقود الحيوي، معالجة المياه.

التحديات والفرص الجديدة للتقانات الحيوية الصناعية

إن انتشار التقانة الحيوية الصناعية لم يحدث كما كان متوقعاً، فكان يعتقد أن إنتاج المواد الكيميائية الحرة والوقود الحيوي والبوليمرات والمواد الكيميائية باستخدام الأحياء الدقيقة أو الإنزيمات سيوفر منتجات منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة لتحل محل المنتجات البتروكيميائية، لكن ذلك لم يتحقق بسبب العديد من العوامل، منها:

1.    سعر النفط المنخفض نسبياً (المصدر الرئيس للعديد من المواد الصناعية).

2.    الارتفاع المستمر لأسعار المواد الخام الزراعية الضرورية للتقانات الحيوية الصناعية.

3.    ما تزال المعالجة الحيوية غير فعالة مقارنة بالمعالجة الكيميائية في العديد من المنتجات؛ مما يرفع تكلفة المنتجات الحيوية.

4.    تتطلب المعالجة الحيوية كمية كبيرة من المياه العذبة؛ مما يعرض العديد من المناطق لنقص المياه.

5.    تتطور الصناعة الكيميائية تطوراً تنافسياً مع الصناعات الحيوية (صداقة البيئية واستخدام الموارد المتجددة).

6.    الاستثمار الاقتصادي الكبير؛ إذ تحتاج التقانة الحيوية الصناعية لمبالغ مالية كبيرة جداً.

مازالت التقانة الحيوية الصناعية مجالاً جديداً وواسعاً، وتتطور سريعاً مع التقدم العلمي في المجالات المختلفة الحيوية والصناعية والتقانية؛ مما يحقق الأهداف الرئيسية لبرامج البحث والتطوير وإنتاج منتجات مبتكرة جديدة بطريقة فعالة من حيث التكلفة والبيئة باستخدام المواد الخام المتجددة.

 

مراجع للاستزادة:

-   D. Das, S. Pandit , Industrial Biotechnology, CRC Press, 2021.

-   S. Ram, P. Ashok, L.Christian,  Advances in Industrial Biotechnology, I K International Publishing House, 2013.

C. WittmannJ. C. Liao, Industrial Biotechnology: Products and Processes, WileyVCH Verlag GmbH & Co. KGaA, 2017.


- التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية - النوع : الوراثة والتقانات الحيوية - المجلد : المجلد التاسع، طبعة 2025، دمشق مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1