التمر
تمر
-
محمد منذر البابا
التمر dates (الرطب) والبلح ثمرتا أحد أنواع النخيل Phoeneaفي آخر مراحل نضجها، ويُصنَّف هذا النوع في جنس dactyliferaPhoenix، وهي شجرة اقتصادية بجميع أجزائها ومنتجاتها. وتعرف ثمرة النخيل نباتياً بأنها ثمرة عنبة berry وهي ثمرة بسيطة، أحادية البذرة، يختلف شكلها وحجمها بحسب الصنف، وتتألف من الأجزاء التالية:
- جدار الثمرة الخارجي pericarp، ويتمثل بالغشاء الرقيق الذي يحيط بها.
- جدار الثمرة المتوسط mesocarp، ويتمثل بالطبقة اللحمية، ويشكل معظم حجم الثمرة.
- قمع الثمرة fruitcarp، وهو بقايا غلاف الزهرة.
- البذرة seed وتبلغ عادة 7-10% من وزن الثمرة. تتكون البذرة من النقير (رشيم البذرة)، والقطمير (غشاء رقيق يحيط بالبذرة)، والفتيل (خيط سلّولوزي رفيع يشغل شق البذرة)، والنواة أو البذرة، وتختلف من صنف لآخر، وتؤدي دوراً مهماً في التصنيف.
يستغرق نضج ثمرة النخيل (التمرة) من مرحلة التلقيح حتى مرحلة النضج التام نحو 200 يوم، وتختلف هذه المدة بحسب الصنف والموقع الجغرافي، وتمر الثمرة فيها بعدة مراحل (الشكل 1).
![]() |
الشكل (1) مراحل نمو ثمرة النخيل. |
وتتميز كل مرحلة بمواصفات شكلية وحيوية، وهي:
1- مرحلة الحبابوك Hababouk stage: وهي المرحلة الأولى من تطور الثمرة، وتبدأ بعد حصول الإلقاح وعقد الثمار مباشرة، وتكون كروية الشكل، لونها أصفر مخضر أو أخضر كريمي. وهذه المرحلة قصيرة تمتد 4-5 أسابيع، ومعدل نمو الثمار فيها بطيء.
2- مرحلة الجمري (الكمري) Kimri stage: وهي المرحلة الخضراء، وأطول فترة تمر بها الثمار، وفيها يزداد حجم الثمرة حتى يصل للحد الأقصى مع نهاية هذه المرحلة (الشكل 2). وتتميز الثمار بهذه المرحلة بلونها الأخضر، وقلة نسبة السكريات، وارتفاع نسبة الرطوبة والألياف والمواد التانينيةtannins .
![]() |
![]() |
الشكل (2) |
3- مرحلة الخلال (البسر) Khalal stage: وهي المرحلة الملونة (الشكل 3)، حيث تكتسب الثمار اللون الأصفر المميز لمعظم الأصناف أو ألواناً أخرى، مثل الوردي، الأحمر، الأرجواني، الكهرماني، وذلك بحسب الصنف. ويتم مع تغير اللون انتقال سريع للسكروز sucrose المخزن في الجذع إلى الثمار. ويزيد وزن الثمرة من دون الحجم، ويبلغ حده الأقصى. تكون نسبة الرطوبة في الثمرة نحو 80%، كما تزيد المادة الجافة وصلابة الثمار، وتنخفض نسبة المادة التانينية القابضة ويظهر الطعم الحلو للثمرة بنشاط إنزيمات النضج.
![]() |
الشكل(3) طور الخلال (البسر). |
4- مرحلة الرطب Rutab stage: تبلغ نسبة الرطوبة في هذه المرحلة 27-33% بحسب الصنف. ويبدأ في هذه المرحلة ترطيب أنسجة الثمرة، وتصبح رخوة تدريجياً بدءاً من طرف الثمرة حتى قاعدتها عند منطقة اتصالها بالقمع (الشكل4). وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- استمرار انتقال السكروز إلى الثمرة، ولكن بنسبة وسرعة أقل.
- تحدث التحولات الإنزيمية في الثمرة؛ ونتيجتها يتحول نسيج الثمرة الحي الصلب إلى نسيج لين وميت، خالٍ من المواد التانينية القابضة.
- تفقد الثمرة اللون الخارجي لمرحلة الخلال وتكتسب لوناً بنياً أو رمادياً أو أسود بحسب الصنف.
- تفقد الثمرة جزءاً من رطوبتها، ويبدأ حجمها بالتقلص والانكماش، وتزداد كثافة النسيج اللحمي.
- تتميز الثمار بالنكهة الجيدة والحلاوة العالية. وتعد مرحلة الرطب هي مرحلة اكتمال النضج، ويمكن قطفها واستهلاكها. وإذا لم تقطف الثمار بهذه المرحلة تتحول إلى التمر.
![]() |
الشكل (4) طور الرطب. |
5- مرحلة التمر Tamr stage: تبلغ نسبة الرطوبة 15-25%، وهي المرحلة الأخيرة من مراحل نضج الثمرة، وفيها يتحول اللون الزاهي المميز للرطب إلى اللون الغامق القاتم، ويقل وزن الثمرة، ويتقلص حجمها وتنكمش نتيجة فقدان الماء وتوقف انتقال السكر (الشكل 5). وأهم مميزات هذه المرحلة:
- ثبات نسبة السكر والمادة الجافة والرطوبة وحجم الثمرة ووزنها.
- تصبح الثمار قابلة للجني والنقل والتعبئة والتخزين.
- تكون الثمار ذات حماية ذاتية ضد الإصابات بالكائنات الحية الدقيقة التي تسبب العفن والتخمر للثمار؛ وذلك بسبب النسبة العالية للسكريات فيها.
وبصورة عامة تدخل ثمار النخيل مرحلة البلوغ أو اكتمال الحجم في مرحلة الخلال التي تعد مرحلة اكتمال النمو، وتصبح ناضجة في مرحلة التمر.
![]() |
الشكل(5) طور التمر. |
الصفات الكيميائية والفيزيائية لأطوار نضج التمور
تقسم أصاف الثمار كيميائياً قسمين:
- التمور ذات السكروز: وهي تحتوي على نسب عالية من السكروز، مثل صنف "دقلة نور".
- التمور ذات السكر المختزل: وهي التي يكون سكرها من النوع المختزل عادة (غلوكوز – فركتوز). ومعظم أصناف التمور من هذا القسم.
حدد العالم ريغ Rygg في دراسة تشريحية عام1977 سبع مراحل للنمو والنضج في ثمار نخلة التمر، وهي:
1. تبدأ بعد الإخصاب وعقد الثمار، وتتضخم فيه الثمرة ببطء نتيجة انقسام الخلايا في جميع أجزائها.
2. تظهر منطقة مرستيمية عند اتصال الثمرة بالقمع (قاعدة الثمرة)، ويستمر فيها انقسام الخلايا في قاعدة الثمرة، على حين يتوقف انقسامها في النصف الطرفي للثمرة.
3. يتسارع فيها النمو بتوسع الخلايا، وتتوسع الثمرة توسعاً كبيراً، ويستمر انقسام الخلايا في قاعدة الثمرة.
4. يتوقف فيها انقسام الخلايا تدريجياً عند قاعدة الثمرة، ويزداد وزن الثمرة الطازج بأقصى سرعة.
5. يزداد فيها توسع الخلايا في قاعدة الثمرة ازدياداً كبيراً، وفي نهاية هذه المرحلة تصبح الثمرة كاملة الاستطالة، ويبدأ لونها بالتحول من الأخضر إلى اللون المميز للصنف (أصفر، أحمر ...).
6. تحدث في هذه المرحلة معظم التغيرات التي تتعلق بتركيب الثمرة، ويبدأ المخزون السكري بالتحرك من الجذع إلى الثمار، فيزداد الوزن الجاف لها من دون أي تغير في حجمها.
7. تفقد فيها الثمرة، الماء ويصبح قوامها طرياً، ويزداد وزنها الجاف.
إن أهم التحولات الإنزيمية التي تحدث في الثمرة خلال مرحلتي الخلال (البسر) والرطب انحلال السكروز sucroseوتحوله إلى سكريات مختزلة أحادية التركيب الغلوكوز glucose والفركتوز fructose. ويتم تفعيل إنزيم الإنفرتيز invertase. ونشاط هذا الإنزيم وفعاليته هما الأساس الذي قسمت على أساسه التمور إلى ثلاثة أقسام، هي:
أ. التمور الطرية soft dates: وتمتاز هذه المجموعة بارتفاع المحتوى الرطوبي فيها حيث يراوح ما بين 25 و35%. والنسبة العليا للسكريات فيها هي السكريات الأحادية (المختزلة) غلوكوز وفركتوز، وتمثل 95-98% من السكريات الكلية مع نسبة قليلة من ثنائي السكر السكروز. وتمتاز بطراوة الثمار، وتستهلك فيه الثمار بمرحلتي الخلال والرطب.
تنتشر أصناف هذه المجموعة في العراق وإيران ودول الخليج العربي وسورية والمناطق الساحلية في شمالي إفريقيا: البرحي، الزغلول (الشكل6)، اللولو (الشكل7)، الخنيزي الخضراوي (الشكل8)، الساير، السماني، وقد تختلف التسميات من بلد إلى آخر.
وتعود طراوة الثمار في هذه الأصناف إلى تحلل السكروز إلى غلوكوز وفركتوز، وتحلل البكتين والسلّولوز، وتهتك جدر الخلايا، وإنتاج جزيئات الماء الزائدة بالثمار.
![]() ![]() |
الشكل (6) صنف الزغلول. |
![]() |
![]() |
الشكل (7) صنف اللولو. |
![]() |
![]() |
الشكل (8) صنف الخضراوي. |
ب. التمور شبه الطرية أو شبه الجافة semi-dry dates: تراوح نسبة الرطوبة في تمور هذه المجموعة بين 15 و25% في مرحلة التمر، وتتصف بارتفاع نسبة السكريات الأحادية، ونسبة السكريات الثنائية (السكروز) فيها أعلى من المجموعة السابقة. ومن أصناف هذه المجموعة: الزهدي، والمجهول (الشكل9)، والخلاص (الشكل10)، والمكتوم (الشكل11)، ودقلة نور.
![]() |
![]() |
الشكل (9) صنف المجهول. |
![]() |
![]() |
الشكل (10) صنف الخلاص. |
![]() |
![]() |
الشكل (11) صنف المكتوم. |
جـ. التمور الجافة: سهلة النقل والخزن، نسبة الرطوبة فيها أقل من 15%، وتمتاز بصلابة الثمار عند النضج، ونسبة السكريات الثنائية فيها عالية مقارنة بالسكريات الأحادية، وتصل ثمارها إلى مرحلة التمر من دون المرور بمرحلة الرطب. وتنتشر أصنافها جنوبي مصر وفي السودان والمغرب والجزائر وليبيا والعراق والسعودية. ومنها الأصناف: برتمودا، وبركاوي، والديري، والأشرسي.
إن درجة صلابة الثمار في أصناف التمور أو طراوتها لها صلة وثيقة بنسبة السكريات المختزلة إلى نسبة السكروز في الثمرة، فالثمار الطرية تخلو من السكروز أو تكون نسبته فيها قليلة جداً، والنسبة العالية فيها للسكاكر المختزلة (غلوكوز وفركتوز). أما الأصناف الجافة القوام فالحالة فيها معكوسة؛ مما يكسبها القوام الصلب.
ويتحكم عاملان رئيسان في انحلال السكروز إلى غلوكوز وفركتوز هما درجة الحرارة ونسبة رطوبة الثمرة؛ إذ لوحظ علاقة خطية عكسية بين الزمن المستغرق لتحول السكروز إلى سكريات أحادية وبين درجة الحرارة في حال كون الرطوبة ثابتة، وكذلك الحال مع نسبة الرطوبة إذا كانت درجة الحرارة ثابتة.
ويرافق انحلال السكروز في الثمرة إلى غلوكوز وفركتوز إنتاج جزيئات ماء زائدة في الثمار؛ مما يسبب طراوتها. ويكون نشاط إنزيم الإنفرتيز أكبر في الأصناف الطرية مقارنة بالأصناف الجافة، ويكون وسطاً في الأصناف نصف الطرية (شبه الجافة)، ويتوقف في مرحلة التمر مع بقاء السكروز والمواد البكتينية والسلّولوزية من دون تحلل (أي بقاء أنسجة الثمار على وضعها)، وبالتالي بقاء الثمرة صلبة.
تعد ثمار النخيل ناضجة ومكتملة النمو عند بلوغها مرحلة الخلال، مع ملاحظة أن ثمار العذق الواحد لا تنضج جميعها في وقت واحد، وقد يتكامل النضج في الأصناف المبكرة خلال فترة 3-4 أسابيع، أما في الأصناف المتأخرة فتمتد من 8 إلى 10 أسابيع. وترتبط درجة النضج بالصنف والظروف الجوية السائدة ورغبة المستهلك؛ إذ تقطف ثمار بعض الأصناف في مرحلة الخلال (مرحلة التلون)، وهي الأصناف التي تخلو ثمارها من المواد التانينية القابضة، مثل أصناف البرحي والزغلول والحلاوي والبريم وحلوة المدينة. وهناك أصناف أُخرى تصبح صالحة للاستهلاك عند وصولها إلى طور الرطب، وتخلو معظم أصناف النخيل من الطعم القابض في هذه المرحلة، مثل أصناف الخلاص والساير والخضراوي والرزيز واللولو والخنيزي، وغيرها.
ومن المعروف أن الثمار في مرحلتي الخلال والرطب تتميز بزيادة نسبة الرطوبة فيها؛ مما يعرضها للتلف بسرعة؛ لذلك يجب الاهتمام بتحديد موعد القطف الواحد من 3 إلى 4 أسابيع، على حين هنالك العديد من أصناف التمر التي تستهلك ثمارها وهي جافة أو نصف جافة (التمر). وثمار هذه الأصناف تتحمل التخزين وتسلم من التلف، ومن هذه الأصناف: الزهدي ودقلة نور والديري والشيشي والعمري، وغيرها. وهذه يكون لحمها ليناً عند النضج.
أما الأصناف الجافة مثل السكوتي والبرتمودا والمكابي فإن ثمارها تفقد جزءاً كبيراً من رطوبتها، فتغدو جافة يابسة. ويمكن قطف ثمار الأصناف الجافة ونصف الجافة قبل بلوغها مراحل نموها النهائية وتهيئتها صناعياً؛ وذلك عند الرغبة في تجنب ظروف البيئة غير الملائمة، كسقوط الأمطار المبكرة أو التقليل من نفقات الجني بتقليل عدد مرات القطاف.
تختلف طرائق جني الثمار باختلاف المرحلة التي ستقطف فيها، حيث يتم لقط الثمار في مرحلتي الخلال والرطب لقطاً يدوياً، أو بهز العذق باليد فتتساقط الثمار الناضجة، ويبقى الخلال ملتصقاً بالعذق. ومن الضروري فرش الأرض تحت الشجرة بالحصير أو النايلون لتجنب تلوث الثمار بالأتربة.
وتعتمد الطريقة الأخرى للقطف قطع العذوق بالكامل دفعة واحدة، حيث يربط العذق بالحبل وينزل إلى الأرض بشكل سليم وبهدوء. أو يوضع العذق داخل سلة وينزل بالحبل أو ترمى العذوق إلى الأرض مباشرة إذا فرشت الأرض بالحصير أو النايلون. ويتم الارتقاء إلى تاج الشجرة بعدة طرائق:
1. الطريقة البدائية: حيث يتم ارتقاء النخلة من دون أي واسطة، بل يتم تسلقها، ويحمل المتسلق معه حبلاً يثبت به جسمه على الجذع عند وصوله إلى قمة النخلة.
2. استعمال المرقاة: وهي حبل من الأسلاك الحديدية الرفيعة المفتولة مربوط من أحد طرفيه بحزام عريض من نسيج ليفي متين، والطرف الآخر من الحبل ينتهي بقبضة خشبية ذات رأسين قصيرين، حيث يحيط الحبل السلكي بجذع النخلة والحزام الليفي بظهر العامل.
3. السلالم المعدنية: وهي سلالم من الألمنيوم قابلة للارتفاع حتى 20 متراً، وتمتاز بأنها خفيفة الوزن، وسهلة النقل بين أشجار النخيل.
4. استعمال المنصات المحمولة في قمة برج يرتقيها العامل لتوصله إلى قمة النخلة.
5. الروافع الميكانيكية: ويمكن استعمالها في البساتين الكبيرة التي تعتمد الزراعة المنتظمة، وتربط هذه الرافعات على جرارات لسحبها.
يلي جنيَ الثمار تجميعُها ثم فرزها قبل تعبئتها. وهناك عدة طرائق لفرز الثمار بحسب الجودة واستبعاد المشوه منها والمصاب بالأمراض. بعض هذه الطرائق بدائية ويقوم بها عمال مدربون، وبعضها طرائق حديثة تستخدم فيها آلات خاصة للفرز على أساس حجم الثمار، وذلك بعد غسلها وتجفيفها ميكانيكياً. وهناك آلات تعمل على نزع البذور من الثمار.
بعد فرز الثمار يتم إجراء عملية التبخير، حيث تغطى الثمار بغطاء غير نفوذ للغازات من البولي إتيلين، ومن ثَم تدخل غازات التبخير تحت الغطاء. ومن أكثر المواد استعمالاً في عملية التبخير ميتيل البروميد methyl bromide، وهو مبيد حشري ممتاز، سريع القتل، غير قابل للاشتعال، وغير منفجر، وقليل الذوبان في الماء، ولا يسبب تأكل المعادن ما عدا الألمنيوم، ويتطاير بسرعة من خزان التبخير بعد التهوية، ولكنه شديد السمية للإنسان عندما يستخدم بتراكيز غير مناسبة، وتركيزه الآمن هو 17 ppmفي الهواء. ويمكن التبخير باستعمال أقراص الفوستوكسين مدة ثلاثة أيام بمعدل 1 إلى 5 أقراص لكل 2 متر مكعب.
تُعبأ الثمار بعد التبخير بصناديق خشبية أو بصناديق من الكرتون أو بأكياس السلوفان أو بأكياس نايلون مفرغة من الهواء. ويمكن أن تحشى الثمار منزوعة البذور بالمكسرات، أو تغطس بالشوكولا.
تخزن الثمار الطرية بدرجة حرارة أقل من الصفر (من -1 إلى -º18س). أما الأصناف نصف الجافة فتخزن ثمارها عند درجة الصفر سلسيوس، ويفضل أن تنخفض درجة التخزين عن الصفر كلما زادت نسبة الرطوبة في الثمار أو زادت فترة التخزين.
يعد التمر منتجاً له استعمالات عديدة ومتداخلة طبقاً لدرجة إنضاج الثمرة، ويمكن إدراجها في تقسيم الفواكه التي يتم تناولها مع الوجبات، أو عدها مصدراً غذائياً يومياً، خاصة في البلاد المنتجة للتمور.
كما يدخل التمر مكوناً أساسياً في بعض المستحضرات الغذائية، مثل الحلويات ومثلجات (آيس كريم) التمر، وبسكويت التمر، ومنتجات المخابز، وفي إعداد الأغذية الجافة بديلاً عن السكر الصناعي، كما تُستخدَم بذوره في صناعة علف الحيوانات.
من أهم الصناعات المعتمدة على ثمار النخيل:
1.عسل التمر (الدبس): سائل سكري مركز، يُستخلص من ثمار بعض أصناف التمور، يستهلك مباشرة أو يستعمل في صناعة الحلويات والمعجنات.
مراحل إنجازه: تنظيف التمر وغسله، استخلاص العصير السكري بالماء، تنقية العصير السكري وتكثيفه إلى دبس، ومن ثَمّ التعبئة.
يستخلص السكر من التمر بالماء الحار نسبياً (º55س)، أو باستخدام الحرارة العالية (نحو º90س) باستعمال بخار الماء المباشر.
تؤدي الطريقة الأولى إلى استخلاص السكر والمواد الغذائية من التمور من دون تلفها، والحصول على عصير سكري ذي لون طبيعي فاتح. ومن مساوئها بقاء المواد البكتينية والبروتينية بنسبة عالية في العصير؛ مما يسبب صعوبة الترشيح، كما أن العصير يكون عكراً. ويكون قوام الدبس في هذه الحالة قليل السيولة هلامياً يشبه المربى. وبالترشيح يمكن تحطيم المواد البكتينية الكبيرة والتخلص منها، وذلك باستخدام إنزيمات خاصة بعد ضبط درجة الحرارة ودرجة الحموضة ضبطاً مناسباً.
أما الطريقة الثانية في الاستخلاص فتستعمل درجة الحرارة العالية، وهي تضمن استخلاص أكبر كمية من السكر بمدة زمنية أقصر من الطريقة الأولى، كما أن المواد البكتينية والبروتينية ستترسب بفعل الحرارة، ويمكن عندئذٍ ترشيحها وفصلها بسهولة. لكن العصير المستخرج بهذه الطريقة يكون أغمق لوناً لأسباب عدة، منها احتراق قسم من السكر وتحوله إلى الكراميل. إن لكل من نسبة الماء المضافة إلى التمر في أثناء الاستخلاص ودرجة الحرارة المستعملة وفترة الاستخلاص تأثيراً مباشراً في درجة الاستخلاص وفي نوعية العصير المستخلص، وبالتالي نوعية الدبس المنتج. يبين الجدول (1) المكونات الكيميائية للدبس.
الجدول (1) المكونات الكيميائية للدبس. | ||||||||||||||
|
2. إنتاج خميرة الخبز: يمكن استعمال أي محلول سكري مادة أولية لإنتاج الخميرة، ولكن يقتصر الاستعمال ولأسباب اقتصادية على عدد قليل من المواد التي يشترط فيها أن تحتوي على نسبة عالية من السكريات ونسبة قليلة من الشوائب غير السكرية الذائبة ورخيصة الثمن؛ ولهذا تستعمل التمور قليلة الجودة أو المصابة بالآفات مادة أولية في إنتاج الخميرة لرخص ثمنها.
3. صناعة البروتين النباتي: من الوسائل الحديثة لإنتاج البروتين استعمال الأحياء الدقيقة (الخمائر والفطريات) التي لها القدرة على تحويل المركبات الكربوهدراتية إلى بروتينات بعملية التخمر الهوائي.
ونظراً لقدرة الخمائر في النمو السريع على الثمار الغنية بالسكريات فقد استعمل عصير التمر وسطاً ملائماً لإنتاج بروتين الخلايا المفردة باستعمال خمائر التخمر الكحولي.
4. صناعة الخل والكحول والمشروبات الكحولية: ينتج من التخمرين الكحولي والخلي للمادة النشوية أو السكرية الكحول والخل. وهناك عدة طرائق لإنتاجهما من التمور، سواء منها التقليدية أم الصناعية الحديثة.
5. صناعة حمض الليمون: استُعمل عصير التمر المعدل في عناصره المعدنية وأملاحه لإنتاج حمض الليمون، حيث يتم تعديل نسب النحاس والتوتياء والحديد والكبريت والآزوت عن طريق المبادلات الإيونية وإضافة الأملاح.
6. صناعة الريون (الحرير الصناعي): وتتطلب صناعته بداية إنتاج حمض الخليك من التمور، ثم يخلط مع القطن لتكوين عجينة الأسيتات باستعمال الأسيتون، ثم تُعزل خيوط الحرير الصناعي من المزج الناتج.
7. صناعة مربى التمر: وهو غذاء لزج، نسبة المواد الصلبة الذائبة فيه 65-68%.
8. مخلل التمر.
للتمور أهمية استراتيجية في الأمن الغذائي نظراً لقيمتها الغذائية، العالية ودخولها في العديد من الصناعات الغذائية في الدول المنتجة لها، واعتماد نسبة كبيرة من سكان البوادي والمناطق الصحراوية عليها في الغذاء والتجارة. وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن عدد أشجار النخيل في الوطن العربي يبلغ نحو 90 مليون نخلة تمر، تنتج ما يزيد على أربعة ملايين طن من التمور، وهذا يمثل نحو 70% من إنتاج التمور في العالم. وكانت آخر إحصائيات النخيل في سورية تشير إلى وجود زهاء 1 مليون شجرة نخيل، تنتج نحو خمسة آلاف طن من التمور، علماً أن معظم أشجار النخيل في سورية لا تزال في بداية طور الإنتاج؛ لأن مشروع تطوير النخيل في سورية بدأ متأخراً نوعاً ما.
انتعشت تجارة تصدير التمور عالمياً في الآونة الأخيرة، وتمكنت الأقطار المصدرة الرئيسة من تصريف كل إنتاجها، وكان المشترون الرئيسيون هم: الصين وروسيا والهند وأمريكا والسوق الأوربية المشتركة ودول شرقي آسيا.
تعد الجزائر في إفريقيا من أكبر البلدان المصدرة للتمور، خاصة صنف "دقلة نور". تليها تونس، وتصدر أيضاً صنف "دقلة نور" الفاخر والمرغوب جداً في فرنسا وإسبانيا. وفي آسيا كانت العراق من أكثر الدول المصدرة للتمور، وحديثاً تعد السعودية وعُمان والإمارات وإيران من أهم الدول المصدرة للتمور. ومن أهم الأصناف المصدرة صنف برجي في طور الخلال المرغوب للمستهلك الأوربي، إضافة إلى الأصناف الصالحة للنقل والتخزين، مثل الحلاوي والساير الذي تصدره العراق وإيران، والخلاص والسكري والبرني والصقعي الذي تصدره عمان والسعودية والإمارات.
وتعد صناعة إنتاج التمور في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية جديرة بالاهتمام بسبب إنتاجيتها العالية واعتمادها على التقانات الحديثة، محققة عائدات تجارية مرتفعة. ويمكن تفسير ذلك في أنها تنتج تموراً فاخرة "مثل صنفي المجهول أو المجدول ودقلة نور".
تمتاز جميع أنواع التمور بقيمتها الغذائية، ويبين الجدول (2) القيمة الغذائية لتمور دقلة نور مثلاً، وذلك وفق وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
الجدول (2) | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
وفيما يخص السعرات الحرارية للتمر الجاف يبين الجدول (3) المقارنة ببعض الثمار الجافة المشابهة.
الجدول (3) | ||||||||||
|
تحوي ثمار التمر نسبة عالية من الألياف التي تساعد على تخليص الجسم من الفضلات، وبالتالي تقي من أمراض سوء الهضم والإمساك وأمراض القولون. كما تحوي نسبة عالية من البكتين، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن للبكتين أثراً في نسبة الكولسترول بالدم، وبالتالي فهو يقي من تصلب الشرايين.
ونظراً لانخفاض محتوى التمور من السكروز، وارتفاع محتواه من السكريات الأحادية سريعة الامتصاص: مثل الغلوكوز والفركتوز -التي لا تحتاج إلى أنسولين عند استخدامها في إنتاج الطاقة- يمكن للتمور أن تدخل في النظام الغذائي لمريض السكر بمعدل (5) خمس ثمرات باليوم، ويفضل الرطب منها بديلاً عن أنواع الحلويات الصناعية الضارة بمريض السكري.
أما فيما يخص تغذية الأطفال فالتمر ضروري جداً من مرحلة الرضاعة حتى مرحلة المراهقة؛ لغنى التمور بعنصر الحديد الذي يفتقر إليه حليب الأم وباقي أنواع الحليب الأخرى. ويعدُّ التمر مع الحليب (اللبن) غذاء كاملاً.
والتمر غذاء مهم لاحتوائه على السكريات الأحادية السريعة الامتصاص، وعلى أملاح معدنية وفيتامينات التي تقضي على الخمول الجسدي وتنشط الذهن، كما أنه مصدر للقلوية لاحتوائه على الكلسيوم والحديد والبوتاسيوم والمغنسيوم، وهي عناصر قلوية مهمة لمعادلة الحموضة بالمعدة ومنع أعراض التخمة الغذائية.
وهو ضروري للنساء الحوامل وبعد الولادة خاصة لوجود الصوديوم الذي له علاقة وثيقة بجميع الحركات اللاإرادية للعضلات. وقد أثبتت الدراسات الطبية الحديثة احتواء الرطب (التمر) على الأكسيتوسين الشبيه بمادة هرمون (تيروسين) Tyrosine الذي يعمل قبل الولادة على تقوية عضلات الرحم، وفي أثناء الولادة يعمل على تنظيم الانقباضات العضلية، ويزيد من الطلق، ويمنع النزيف بعد الولادة، ويقي من حمى النفاس.
وتعالج التمور فقر الدم لوجود الحديد وحمض الفوليك الذي يساعد على امتصاص الحديد وسرعة الاستفادة منه، وكذلك وجود الكلسيوم الذي يعوض جسم الأم عما فقده من امتصاص الجنين له خلال فترة الحمل، كما يخفف حمض البانتوثينيك من الإجهاد، وله دور مهم ضد التهاب الجلد.
وهو يحفظ رطوبة العين ويمنحها البريق والتألق، ويكافح الغشاوة ويقوي الرؤية، وهو مضاد للقلق، مهدئ للأعصاب، منشط للغدة الدرقية.
أما زيت نوى التمر فيُستعمل مرهماً لعلاج بعض الأمراض الجلدية كالروماتيزم وداء النقرس وآلام المفاصل. أما مغلي نوى التمر المجروشة فيفيد بعلاج الرمل والحصى والتهاب المسالك البولية والكلى.
مراجع للاستزادة: - عبد الباسط عودة إبراهيم، نخلة التمر شجرة الحياة، أكساد، 2008. - B. Bolduc, Date Palm: Composition, Cultivation and Uses, Nova Science Pub Inc 2020. - A. Manickavasagan et al., Dates: Production, Processing, Food, and Medicinal Values (Medicinal and Aromatic Plants - Industrial Profiles, CRC Press 2012. |
- التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية - المجلد : المجلد العاشر، طبعة 2025، دمشق مشاركة :